الوقف النسوي في صحراء الجزائر (وادي مزاب نموذجا) إبداعات الماضي ورهانات المستقبل
الباحث المراسل | د. محمد بن موسى باباعمي | مدير معهد المناهج، والمشرف على المعالي للتمكين الحضاري |
Date Of Publication :2025-03-09
توطئة:
يقوم الاقتصاد في الإسلام على جملة من القيم والأسس والمصارف؛ أبرزُها التجارة، والصدقات، والزكاة، والوقف، والميراث... ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم مثالا في كلِّ ذلك وأسوة([1])؛ ثم جاء الصحابة والصحابيات على إثره فأثروا هذه المجالات باجتهادٍ وإبداعٍ منقطع النظير([2])؛ حتى غدت الأمَّة الإسلامية من أكثر الأمم ثراء ورخاء وتآزرا بين طبقات المجتمع؛ ولا تزال هذه المجالات "صمَّام الأمان" في حالات الشدَّة والعوز والتخلُّف؛ ولولاها لأصاب الناسَ عنتٌ شديدٌ؛ فحين غيابِ السلطة القادرة على تأمين الحياة الكريمة للناس، تقوم الزكاة والوقفُ وغيرها بديلا ومُغيثا؛ وليس أدلَّ على ذلك من العهد الاستعماري في الجزائر، والذي دام قرنا وثلث قرن من الزمان([3]).
ذكر الخصَّاف عن محمد بن عبد الرحمن عن أسعد بن زراة رضي الله عنه قال: "ما أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بدرٍ من المهاجرين والأنصار إلاَّ وقد وقف من ماله حبساً، لا يُشترى، ولا يورث، ولا يوهب، حتى يرث الله الأرض ومن عليها"([4])
ثم إنَّه مع توسُّع رقعة بلاد الإسلام، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، ازدادت حاجاتُ الناسِ، وازدادت معها صيغُ الصدقاتِ، بخاصَّة الأوقاف؛ وتأسَّس ما يُعرف بـ"ديوان الأوقاف" باقتراح من القاضي على مصر "توبة ابن نمير" في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (71-125ه/691-743م)([5])؛ ولا تزال الأوقاف تنمو في جميع بلاد الإسلام إلى عصرنا هذا([6])، ولقد تقوى أو تضعُف حسب الظروف، ولكنها لا تضمر ولا تغيض؛ بل إنها أحيانا تقوى حين الشدائد والمحن، من مثل الاستعمارات والكوارث والأوبئة.
ومن الأمثلة على قوَّتها وقت المحن في الجزائر بخاصَّة، ما ذكره الباحثان أوزايد وبوسليم: "ويرجع سببُ هذا الانتشار الكبير لهذه المؤسَّسات الوقفية إلى شغف الجزائريين بحبسِ أموالهم في سبيل الله؛ حيث كانت هذه المؤسَّسات تُدار بمهارة وكفاءة؛ بواسطة إدارة أهلية؛ ولم يكن أحدٌ يشكو يومئذ فقرًا...لدرجة وجدت فيها إدارة الاحتلال الفرنسي عند دخولها البلادَ صعوبة كبيرة في جرد وحصر الأملاك الوقفية".([7])
ولا ريب أنَّ "بلاد الشبكة"، أو "وادي مزاب" الواقعة في صحراء الجزائر، والتي تقع في منطقة صحراوية تعرف بالواحات([8])؛ ليست بدعا من البلاد الإسلامية في مسألة الوقف، موضوع دراستنا؛ وإن كان لها جملة من الخصائص المتوارثة عبر التاريخ، بخاصَّة في مستوى التنظيم الاجتماعي([9])؛ القائم على فكرة "نظام العزَّابة"؛ هذا النظام الذي حافظ على قيم المجتمع، ووفَّر حاجات الناس، ونظَّم الحياة الاجتماعية لعشرة قرون كاملة.([10])
وضمن نظام العزابة هيئة "تمسردين" (العزابيات)، وهي التي تنظم مصالح النساء في مزاب، ومن ذلك الأفراح والأطراح، وكذا الأوقاف والصدقات([11])؛ وأوَّل مجلس نسائيٍّ برز في تاريخ العزابة كان بعد تأسيس قرى مزاب، أي في القرن 9ه/15م؛ ورد في "معجم مصطلحات الإباضية" عن هيئة تمسردين: "وقد ذُكر لأوَّل مرة في اتفاقيات المجالس العامة لمزاب سنة 811هـ/1409م"([12])
الأوقاف غالبا شفوية، وأوَّل وقف مدوَّن في محكمةٍ رسمية يعود إلى عام 1215ه/1801م([13])؛ وبعد ذلك انتشرت ثقافة التدوين؛ بخاصَّة على صيغة عقودٍ، أو وصايا؛ ولقد أعدَّ الباحث عيسى بوراس رسالة في "توثيق الوقف العقاري، في الفقه الإسلامي والقانون الجزائري، وقف سيدي بنُّور نموذج تطبيقي"([14])؛ كما نشر وكيل وقف "سيدي بنُّور" بالجزائر العاصمة كتابا هاما بعنوان: "الحقيقة بالوثيقة: عقود وخرائط ووثائق سيدي بنُّور"([15])
وتشرف على مؤسَّسات الوقف (الأحباس، الحبُس) في وادي مزاب حلقات العزَّابة غالبًا، وكذا هيئة عمي سعيد؛ ولها ناظر معيَّن من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، يسمَّى: "ناظر الأوقاف الإباضية"؛ أمَّا في التل الجزائري (الشمال) فالغالب أنَّ الإشراف يكون تحت مسؤولية الجماعات الإباضية، ولقد استُحدثت مؤخَّرا ما يعرف بـتنسيقية الأوقاف: وسط الجزائر، وشرق الجزائر، وغرب الجزائر؛ كلُّها تندرج ضمن هيئة عمي سعيد، تنطلق منها لتعود إليها([16])
يقول المفكّر الجزائري مالك بن نبي عن قرى وادي مزاب: "إنَّ هذه الـقـرى تـكـوّن مـجـتـمـعـًا مـتـمـاسـكًـا؛ وهذا الـتـكـوُّن لا يـعـود إلـى الـخـصـائـص الـديـنـيـة فـحـسـب، وإنـَّمـا يـعـودُ إلـى الإجـمـاع الـذي يقــعِّــد كــلَّ عــلاقــات الأفـــراد مــع الـمـجـمـوعـة والــعــكــس، ومــن ثـمَّ فـإنَّ الـميـزابـيـين يـكـوِّنـون مـجـتـمـعًـا روحـيًّـا بـأتـم مـعـنـى الـكـلـمـة...
ولـــم أرَ أية علامة للانحطاط الأخلاقي الاجـتـمـاعـي، كأن يـكـون الـمـرء فـي رحـمـة السؤال وطـلـب الـصـدقـة، وإني لم أر مـتـسـوًلا ً واحــدا طـيـلـة إقـامـتـي، وبـتـعـبـيـر آخر نقول: إنَّ الوسط الميزابي يـحـقّـق بــقــوَّةٍ الــشــروط الـنـفـسـيـة والاجـتـمـاعـيـة لبناء حضارة مصغَّرة (micro-civilisation)...
إنَّ الـمـوضـوع يـسـتـحـقُّ دراســـة اجـتـمـاعـيـة مـفـصـَّلـة غـنـيـة بـالـمـعـلـومـات، إنَّ أبـنـاء مـيـزاب الـذيـن يـزاولـون بـكـثـرة الـيـومَ "الـتـعـلـيـم الـعـالـي" يـنـبـغـي عـلـيـهـم أن يـخـصّـصـوا بـعـض الأطـروحـات الأكـاديـمـيـة لـهـذا الـمـوضـوع"([17])
ولقد كانت المرأة المزابية شقيقة الرجل، بل إنها بالتعبير المزابي "اَتَّرْسَلْتْ أَنْوَغْلان" (ركيزة مزاب) ([18])؛ وكان لها الدور الرئيس في التوازن الاجتماعي؛ وفي تنظيم المجتمع حتى يصل إلى حالة حضارية مصغَّرة، بحيث لا يُرى فيها متسوّلون في الشوارع، ولا من يتقدَّم إلى الزواج ولا يجد الأسبابَ لذلك، أو من يقع تحت طائلة الفقر فيجوع أو يَعرى، أو يمرض ولا دواءَ له، أو يبقى أبناؤه دون تمدرسٍ وتحصيل علمٍ؛ وتحاول هذه الورقة رصد جملة من الأوقاف التي وقفتها المرأة، سواء في ذلك ما كان في العصر القديم أو الحديث، أو ما كان فرديا أو جماعيا، أو ما كان قليلا أو كثيرا([19]).
ولعلَّ التصنيف المواتي لهذه الورقية البحثية، حسب المادة المتوفرة لدي، هو: الوقف غير المعيَّن، والوقف المعيَّن:
أمَّا غيرُ المعيَّن، فهو الذي يتكرَّر غالًبا، وقد يكون مما عمَّ في كامل قرى مزاب، وإذا ما ذكرتُ اسما فهو للتمثيل لا للحصر؛ ومثال ذلك: وقف العراجين، ووقف تنوبا (الكسكس للمقابر).
أمَّا الوقف المعيَّن، فهو الذي يُنسب إلى اسمٍ معيَّن، في موقوفٍ معيَّن، وتاريخه غالبا يكون معلومًا؛ ومثال ذلك وقف "لالة عشو" لساحة السوق في بني يزقن، ووقف نساء من آل باعمارة قطعة أرضَ كبيرة في سيدي بنُّور بالجزائر العاصمة، ووقف مامَّة بنت سليمان بباز لمكتبة من المخطوطات.
والوقف النسوي في هذه الورقة له ثلاث دلالات:
الأولى، أنَّ الذي وقفه امرأة سواء في ذلك ما ورد فيه وثيقة أو ما تنوقل مشافهة وهو الغالب؛
والثانية أنَّه وقفٌ مشتركٌ فيه نساءٌ ورجالٌ، فهي بالتالي شريكة في الوقف ولها فيه نصيبٌ؛
والدلالة الثالثة للوقف النسوي أنه الوقف الذي يقفه رجلٌ وينْويه لامرأةٍ من رحمه من مثل أمّه وزوجته، نيةً معلنة ومصرَّحا بها، لا على التعميم والتكثير من الأجر فقط.
صيغ من الوقف غير المعيَّن:
- تنوباوين: جمعٌ، والمفرد "اتْـنُوبَا" صدقة على سبيل الوقف، تدوّن في سجلاّت العزَّابة غالبا، كما أوقفها الموقّف على عقار أو نخلة أو غير ذلك من الممتلكات. وينسحب أساسا في الاستعمال السائد على الطعام الذي يُتصدّق به لقُراء القرآن في مواسم معيّنة. تُعدّه الأسرة في مزاب ووارجلان، وفق مقادير محدّدة. ولا ريب أنَّ الكثير من "تنوباويين" واقفها من النساء([20]) وتُوزَّع غالبا في مناسبات "المكابر" (المقابر) للطلبة التالين للقرآن الكريم، يوم الجمعة، طلبا للأجر، وخدمة لكتاب الله تعالى، ونفعا للفقراء. ومن الدارسين من يُرجعها إلى عهد مؤسس نظام العزابة، أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي (ق5ه/11م)، ولكن لا دليل على ذلك في كتب السير. ولا يزال هذا النوع من الوقف قائما في أغلب قرى مزاب، بل إنَّه انتقل إلى مدن التل الجزائري، وخارج الجزائر، حيث تكثر كثافة المزابيين، مثل الجزائر العاصمة، ووهران، ومرسيليا في فرنسا.
- وقفُ الأعراس:
- وقف الحلي للمناسبات: يقوم المجتمع المزابي على فكرة المساواة النسبية بين الناس، بخاصَّة أوان المناسبات مثل الأعراس والمآتم؛ ولذا يتولَّى العزابة تقنين نوع اللباس غالبا، بحيث يقلُّ التمايز بين الغني والفقير، وعند النساء يكون هذا الأمر أكثر أهمية، ولذا تخصّص بعض النساء الغنيات الفضليات "حليًّا" على صيغة الوقفِ، عند الحياة ويبقى كذلك وصية ووقفا لما بعد الوفاة؛ من مثل "الصارمية"، و"الشاركة"؛ والحرصُ كلُّ الحرص على العروس أن لا تظهر بحليٍّ أقلَّ قيمة وجمالاً من عديلاتها، ولذا لا يَعرف أحدٌ هل ما تلبسه هو ملكٌ لها، أم هو إعارةٌ على سبيل الوقف؛ فتُحفظ الكرامة بذلك، ويُنال الأجر جرَّاء ذلك.
- وقف اللباس للعروس والعريس: توقِف بعض النساء الملابس الخاصة بالعروس من مثل البرنوس، والحذاء وغيره؛ وللعريس من مثل تجربيت، وتملحفت؛ والكثير منها ملك لعائلة أو امرأةٍ، يعرف الناس أنها تهبه لمن يطلبه، مع تحديد تاريخ العرس، وتاريخ استرجاعه لعرسٍ آخر؛ وبهذا يتفادى الناس شراء اللباس الخاص بالعروس وبالعريس، وهو نادر وغالٍ جدا؛ ففي بني يزقن مثلا، يلبس العروس ما كان يلبسه جنود بني الأحمر في الأندلس، من لباس الجندية، وقلَّ من الحرفيين من يصنعه، ولذا كان ثمنه باهظا([21])
- وقف الماعون في البيوت وللأعراس:
- وقف الماعون للبيوت- الماعون في اللغة العربية (وبالمزابية كذلك) "اسمٌ جامعٌ لِمَنافع البيت كالقِدْر والفأْس والقَصْعة ونحو ذلك، مما جرت العادةُ بإِعارته"([22]). ومما كان يوقف "الرحى" (الرَّحايَتْ)، و"الغربال" (بوسيار)، و"الوعاء من سعف النخل" (تندونت) ([23])؛ بل إنَّ من جماليات العمارة في مزاب أنَّ "الرحايت أنوضْغا" (الرحى الحجرية) تثبت وراء باب الدار؛ لتتمكن النساء من الجيران أن يأتين بالقمح أو بغيره للرحيِ، دون أن يـُحرجن أهل الدار؛ فمجرَّد أن تستأذن، تجلسُ إلى الرحى، وتتمُّ عملها، ثم تنصرف، دون أن تحرج ولا أن تحرَج؛ وقد لا يعرف أهل الدار حتى من هي، وإنما تكفي بعض الكلمات للطمأنينة والتثبت.
- وقف الماعون للأعراس: حين يقوم أحد للعرس يحتاج إلى مستلزمات جماعية كثيرة، مثل الأفران، والقصع، والأفرشة، وخزانات الماء وغيرها؛ وفي المدن الكبرى ثمة شركات لكراء هذه المستلزمات؛ غير أنه في مزاب توقف هذه الوسائل بكثرة، فإذا ما كان العرس في دار العشيرة، فإنها تكون مجهَّزة بكل هذه الوسائل، وإذا ما كان العرس في بيت المعنيّ، فإنَّ ثمة من يهبها وقفًا، والكثيرُ من هذه هي وقفٌ ووصيةٌ من امرأة، أو ينويها الأبناء وقفا على آبائهم وأمهاتهم؛ ولقد يكون في ذلك شيءٌ من المبالغة والإسراف، على حساب مجالات أخرى من الحياة، من مثل مجال العلم؛ وهذه الأوقاف اليومَ تجد نقدا ومراجعة، أحيانا معقولة، وأحايين غير معقولة.
- وقف آلة النسج "أزطا": آلة النسج هي الآلة المحورية والرئيسة لعمل المرأة في وادي مزاب لقرونٍ؛ حتى إنه يقال إنَّ مزاب إنما نشأ على آبار الزراعة في البساتين للرجال، وآلات النسج في البيوت للنساء "تِرَسْت أنوَرْجَاز، دُوزَطا نَتْمَطُّوت"؛ ولقد سمي المزابيون بجزء من هذه الآلة "آتْ إِغَرْسَان"، وَ"إغَرْسي" هو لحمة النسيج. ولذا لم يكن بيت يخلو من آلة للنسج أو أكثر؛ ولقد تحتاج النساء إلى آلات أخرى لإعداد اللحمة أو السدى؛ تحويلا من الصوف إلى الخيط (إنشِي، إمَرْوَد، الفَوَّانَت، لَحْوادق)، أو صبغا بألوان معينة محلية الصنع... الخ. ورغم التطور الكتنولوجي إلاَّ أنَّ "الآلة" تطورت، وتحولت من آلة خشبية إلى آلة من حديدٍ، مُتقنة الصنع أبدعها بخاصَّة "المهندس تزقغين"، و"الحداد علوي" ثم تنوقلت عنهما وانتشرت؛ وبقي وقف هذه الآلات من النساء للنساء غالبا، ولا تنتقل بالميراث، بل تندرج ضمن الوصية، التي هي من حق صاحب الوصية بعد وفاته.
- وقف المياه: الطبيعة الصحراوية والحجرية لوادي مزاب تفرض عناية خاصَّة بالماءِ لندرته؛ استخراجا، وتوزيعا، وحفاظا... ولذا ثمة الكثير من أوقاف المياه، بداية من "قِربٍ" توزَّع في مناسبات مثل مجالس التلاوة، أو ترسل إلى الفقراء([24])؛ ثم استحدثت "حنفيات" مياه الشرب، التي يجلب ماؤها غالبا من البستان إلى القصر (سَلْغَابت لُوغَرم)؛ وللمرأة دورٌ رئيسٌ في مثل هذه الأوقاف. وفي الطرقات غالبا ما تكون هنالك أعينٌ لشرب المارة، تملأ يوميا، بخاصة في الصيف "لمجابية"
- وقف العراجين والنخيل: "بلاد النخيل" هي الصفة البارزة لوادي مزاب وصحراء الجزائر، من مثل بسكرة، ووادي سوف، والمنيعة، ووارجلان؛ والتمر هو الطعام الرئيس للناس، عليه مدار جميع الغذاء؛ يؤكل رطبا جنيا، وتمرا مصبَّرا، ويُطبخ بأنواع الطبخ، من مثل "أوشُّو انتيني" (كسكس التمر)، أو "تِفَتِّيتين"... وغيره. وكثير من بساتين واحات مزاب بها عراجين تمرٍ موقوفة للمسجد، أو للفقراء، أو لجهة معيَّنة؛ وتعلن في العقد غالبا، ثم توضع على النخلة علامة ليعرفها الناس، وليحرصوا على إخراجها يوم الصرم والحِصاد (أنكَاد انتيني). وقد تكون في بستانٍ نخلةٌ كاملة وهي وقف من فلان أو فلانة، يسقيها صاحبُ البستان، وهو من الذرية غالبا؛ ويخدمها، وينفق عليها؛ ثم إذا جاء يوم حِصادها حوَّل الغلَّة إلى المسجد، والمسجد بدوره يوزعها في المناسبات، وعلى الفقراء والمحتاجين؛ ولا يُعرف مسجدٌ عتيق في مزاب ليس له مقدار من التمر كبيرٍ، يأتيه من أوقاف العراجين والتمر؛ بل والبساتين أحيانا، ومثال ذلك بساتين في وارجلان موقوفة لمسجد بني يزقن. ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في وصية السيدة لالة بنت عبد الله بن بافو من آل ابن ناصر، بعبارة: "وفي كل واحدة [أي من النخل الموروثة] عرجون للمَحاضر"([25])
- الوقف للدواب والحيوانات: في التراث الإسلامي أمرٌ مؤكَّد بالاعتناء بالدواب والحيوانات، بل فقهٌ عزيزٌ في وجوب الرفق بها؛ ولعلَّ حديث المرأة والهرَّة التي حبستها (متفق عليه)، وكذا حديث البغيّ التي تاب الله عليها لأنها رحمت كلبا (رواه البخاري ومسلم)؛ تقف نماذج وأمثلة نادرة المثال في تاريخ البشرية؛ ومن ثم قنَّن الناس في مزاب قوانين، ووقفوا أشياء تدخل في هذا الحكم؛ ومن الأمثلة على ذلك: وقف مواجل لشرب الدواب في طريق البستان؛ ولقد كانت إلى عهد قريب َترسم معالم القرية، وتدل على حضارة مصغَّرة، كما سماها مالك بن نبي؛ حيث لا يضيع فيها حتى الحيوان، ولا يغفل فيها عن أبسط حاجاته؛ وللمرأة نصيب وافر من هذه الأوقاف، التي زالت اليوم، ولم تعد نافعة، لاستبدال الناس الدراجات والسيارات بالدواب والبغال والحمير.
- وقف المراحيض العمومية في البساتين: اهتمَّ الباحث الدكتور ياسين دادي عدون بفكرة "المراحيض العمومية المجانية في واحات وبساتين وادي مزاب"؛ وتنبَّه إلى أنها سابقة للمراحيض العمومية مدفوعة الأجر في الغرب؛ ذلك أنَّ كلَّ بساتين قرى مزاب بها مراحيض عمومية موقوفة؛ ولا ريب أنَّ بعضا منها من وقف نساء لهنَّ بساتين، ويقُمن بتمويل حاجاتها، ومن يخدمها؛ بخاصَّة أنَّ السماد نفسه يحوَّل إلى تطعيم النبات؛ "فلا شيء يُحدَث، ولا شيء يضيع، كلُّ شيء يتحوَّل" حسب قانون لافوازييه (lavoisier citation). غير أنَّ الرفاه، وتحوُّل طباع الناس، قلَّل من هذه القيمة، واهترأ الكثير من هذه المراحيض، ولم يوجِد الناس بديلا لها، لا في الشكل ولا في المحتوى([26])
- وقف دور العشائر: يقوم التنظيم الاجتماعي في وادي مزاب على ركيزتين: الركيزة الدينية، وتمثلها حلقة العزابة؛ والركيزة الاجتماعية، وتمثلها العشيرة؛ ومن ثم نجد لكل عشيرة دارا خاصة بها، أو أكثر من دار؛ والغالب أنها تسخَّر لاجتماعات أبناء العشيرة في المناسبات، ولإحياء أعراسهم؛ والواقفون لها هم أبناء العشيرة عبر العقود من الزمن؛ وضمن الواقفين الكثير من النساء؛ ذلك أنَّ المرأة لا تغيب عن نشاطات العشيرة إلاَّ نادرا؛ ولها وظائف تجلُّ وتقلُّ حسب القرى، وحسب العشائر، وحسب المرحلة التاريخية؛ وهذه الدور تغني عن كراء القاعات الكبرى، من مثل ما يقع في المدن، وهي باهظة الثمن، مكلفة إلى حد الإعنات، وهي علامة من علامات الرفاه والفوارق الاجتماعية غالبا. ولقد شرع في بناء دور للعشائر حتى في مدن التل الجزائري، من مثل العاصمة وضواحيها.
- الوقف الذري (أمرشيدو): عرِّف الوقف الذري "أمرشيدو" في معجم مصطلحات الإباضية، بما يلي: "هو وقف يوصى به للأبناء الذكور وأبنائهم من بعدهم ما تناسلوا. ويسمَّى أيضا الوقف الأهلي، وفي مزاب يسمَّى: "أمَرْشِيدُو"([27]) ولقد وجدت أوقاف ذرية وقفتها نساء، أو كانت تحت مسؤولية نساءٍ؛ وأذكر أنَّ حفيدة القطب اطفيش عزة لالة نبراهيم، وهي معلمة للقرآن الكريم، ضريرة وصاحبة همة، مطَّلعة على أهم مسائل القطب في الفقه، بخاصَّة فقه النساء؛ كانت تحت تصرفها دار موقوفة إلى جوار مسجد بني يزقن، لآل اطفيش، على أن يترك الباب مفتوحا في رمضان، بين المغرب والعشاء، لسماع دروس رمضان؛ ولقد أفتى لها الشيخ ناصر المرموري رحمه الله بأن تبيعها، وتودع ثمنها وقفا لمسجد البلدة، على أن يخصص لبناء جانب النساء في المسجد الجديد ببني يزقن (مسجد طالمت)؛ معتمدا في فتواه على ثلاث قواعد: لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال، اعتبار نية الواقف، يراعى في الوقف الأصلح([28])
صيغ من الوقف المعين:
- وقف المكتبات:
- وقف زوجة قطب الأيمة الشيخ اطفيش سَتّي نْعُمر: تزوَّج قطب الأيمة الشيخ اطفيش من السيدة سَتي بنت عمر، فأوقفت له خزانة كتبٍ ودارٍ ورثتهما، ثم أشهدت طلبته في مجلسٍ خاصٍّ، وقالت: "ألا فاشهدوا أنني قد وهبتُ خزانة الكتب، وهذه الدار للقطب، فهُما ملك له، سيكتب وثيقة الملك لتشهدوا له، فكتب الشيخ وشهدوا، وكانت خزانة كبيرة من الكتب" ثم بعد وفاة القطب انتهت وقفا للعلم. وكتب الشيخ محمد علي دبوز معلقا: "لورع الشيخ وعِلمه وهبه الله زوجةً صالحة، ومكتبة غزيرة بالعلم، ودارا كبيرة في أحسن حي ببني يزقن حي طالمت"([29])
- وقف زوجة القطب ابنت الشيخ ازبار لمكتبة والدها: ولقد تزوج القطب كذلك من ابنة الشيخ العالم محمد بن عيسى ازبار، ووضعت خزانة كتبه تحت تصرف القطب، وهي غالبا كتب مشرقية من عُمان، حيث كان يدرُس والدها لسنوات؛ وهي بمثابة وقفٍ، تحوَّل بعد ذلك إلى مكتبة عشيرة آل خالد، وهي عشيرة الشيخ ازبار([30]).
- وقف مكتبة دار العلم لـِمامَّة نسلمان: من أغنى المكتبات بالمخطوطات في وادي مزاب مكتبة "درا العلم" بغرداية؛ وأصلها وقف للسيدة العالمة مامة بنت سليمان بباز، من عشيرة آل يونس (1280-1349ه/1863م-1931م) ولقد كتبت في وصيتها أنها حبست كلَّ كتبها([31]) ونص الوصية كما ورد "وحبست جميع الكتب التي لها مع الصندوقين المعدين لها، وآلة الكتابة كالأقلام والدواة والألواح كلها لسبيل الأجر لمن يقرأ، وهو بيد ابني"([32])
- وقف المخطوطات: أنجزت جمعية التراث دليلا لمخطوطات وادي مزاب، ثم واصلت العملية مؤسَّسةُ عمي سعيد؛ واليوم يفهرس هذا الدليل لأكثر من عشرة آلاف عنوانٍ؛ وكثير منها يحتوي على بيانات الملكية، والوقفُ، والإعارة، والهدية... وعددٌ منها موقوفٌ من نساء؛ إمَّا وراثة من الوالد غالبًا، أو من الزوج؛ بخاصة إذا كان عالما؛ ثم تنويه وقفا لمكتبة أو لعالم أو لمدرسةٍ؛ ومن الأمثلة على ذلك نورد: وقف مخطوطات على يد السيدة حنة بنت إبراهيم ببهون([33])
وقد أنجز الأستاذ يحيى بوراس "مكلّف بفهرسة المخطوط في مؤسسة عمي سعيد" - جوابًا على رسالتي - قائمةً بأسماء نساءٍ فُضليات "قمن بتحبيس كتب العلم للاستفادة العامَّة، رجاء الأجر والثواب...أقدمهنَّ ترجع إلى القرن 11هـ/ 17م، وأحدثهنّ من اللواتي أدركن ثلاثينات القرن 14هـ/ أوائل القرن 20م"، ومن بين هؤلاء الفضليات:
- شاشة بنت بابَ: أوقفت مخطوطات بمكتبة آل افضل بني يسجن،
- شيخة بنت عبد الرحمن بن بُهونْ الكَعْبُوشْ: أوقفت مخطوطات في خزانة آل اسكوتي بمليكة،
- عَرْبية بنت إبراهيم بن عمرو بن علي: لها مخطوطات موقوفة في خزانة القاضي ببكر الغرداوي،
- عرْبية بنت سليمان: لها مخطوطات موقوفة في خزانة دار التلاميذ بغرداية،
- لالَّ حمّو بَعَزِّ: أوقفت مخطوطات في خزانة دار التعليم لآل موسى وعليّ بغرداية؛
- لالة بنت أحمد بن عامر: لها وقف مخطوطات في خزانة آل اسكوتي بمليكة،
- ونانة بنت صالح بنت القاضي ببكر الغرداوي: تركت مخطوطات موقوفة في خزانة دار التعليم لآل موسى وعليّ في غرداية([34])
- وقف معهد عمي سعيد: معهد عمي سعيد معهدٌ عريق في مزاب، نسبة إلى الشيخ سعيد بن علي بن يحيى الجربي الخيري، الشهير بالشيخ عمي سعيد (ت: 927هـ/1521م) ([35])، صاحب النهضة العلمية والاجتماعية بوادي مزاب في أواخر القرن 09 وأوائل القرن 10هـ، تأسَّست في غرداية عاصمة وادي مزاب سنة 1377هـ/ 1958م النواةُ الأولى لـ: مؤسسة الشيخ عمي سعيد. والأرض التي بني عليها المعهد وقفٌ من امرأة من آل حواش. وعن الاعتناء بالتعليم وبالشباب في صرف الأوقاف، نشير إلى بحث الدكتور رباحي؛ بخاصة فيما سماه "مظاهر التجديد، والآفاق المستقبلية"([36])
- وقف مراكز البحث:
- المطياف القرآني في بني يزقن: المطياف القرآني مركز للبحث العلمي، بأحدث وسائل العصر؛ تأسس عام 1997م؛ في حي باحنينوح ببني يزقن؛ بإشراف ثلة من الأساتذة والفاعلين؛ وتعزز بتبرعات وهبات وجهود متكاثفة من العاملين والمنفقين؛ وأصله دارٌ وقفها السيد الحاج يوسف فضلي (ت. 1401ه/1981م)، وسعى في تنفيذ الوصية مع إضافات كبيرة منه، ابنُه سليمان بن الحاج يوسف فضلي (قيد الحياة)؛ وحين وفاة والدته أي زوجة السيد الحاج يوسف، السيدة لالة بنت بنوح معروف (ت. 1418ه/1998م) ضمَّ ثلث وصيتها للوقف، بعد بيع الدار، وشراء أرض كبيرة خارج صور البلدة، وبنائها بأحدث الوسائل؛ تحولت إلى دار للصلاة، بنفس المسمَّى "المطياف"؛ وقد تطور المشروع، وصار محور مؤسَّسات تعليم الصلاة في البلدة إلى اليوم. وفي المركز تخرج العشرات من الأساتذة والباحثين في شتى فون العلم، وفي دار الصلاة تخرج الآلاف من المصلين الجدد.
- معهد المناهج في الجزائر العاصمة: في الجزائر العاصمة وقفت عائلة السيد قاسم سليمان بوعصبانة رحمه الله، عمارة كبيرة في حي من أكثر الأحياء كثافة وحركية؛ والعائلةُ مكوَّنة من والدةٍ وأبناءٍ عشرةٍ، منهم بناتٌ وبنون؛ وجهّز المركز ليكون معهدا خاصًّا تحت مسمَّى "معهد المناهج"، وفيه يدرُس الطلبة في تخصُّصات مختلفة، ويواصلون الدراسات العليَا، ثم يناقشون بحوث الماجستير والدكتوراه؛ وفي المركز كذلك مكاتب مؤسسة "وسام العالم الجزائر"، ودار نشر "كتابُك"، و"متحف الزمن والوقت"... الخ([37])
- مقر جمعية التراث في القرارة: هو مركز علميٌّ، ومكتبة كبيرة، ومعتكَف للباحثبن والدارسين؛ أصله أرض ملك السيد حميد أوجانة بكير بن الحاج أحمد المعروف بالإمام (1341- 1425ه/1923-2005م)، ثم ورثها ابنه الدكتور عيسى، ونواها وقفا لعيادة طبية تابعة لجمعية الحياة؛ غير أنه حين لم يتحقق المشروع؛ وقفها لجمعية التراث باقتراح من رئيسها الدكتور محمد ناصر بوحجام، وأمين المال السيد أحمد جهلان، وأمينها العام الأستاذ محمد جهلان؛ ثم سلّم الدكتور عيسى الوقفَ لجمعية للتراث بتاريخ (1435ه/2014م) بعد أن نواه لوالده ولوالدته السيدة فخار مسعودة بنت الحاج عومر (1345-1435ه/1927-2014م)، التي زارته ودعت الله فيه قبل وفاتها؛ وشرع في النشاط بعد البناء والتجهيز بعد حفل رسمي يوم الجمعة 04 ربيع الأول 1436هـ/ 26 ديسمبر 2014م.؛ والمركز حاليا وقف ثلاثي من الوالدين والولد، إضافة إلى أوقاف على صيغة مكتبات وتكاليف للتسيير... وغيرها. وهو منارة للعلم به تؤلف أكبر الموسوعات العلمية في التراث الإباضي المعاصر، ويأتي معجم أعلام الإباضية على رأسها([38])
- وقف ساحة السوق لالة عشو: في أواسط ق13ه/19 عرف قصر بني يزقن عدَّة توسيعات تدريجية مستمرَّة، تمَّ نقلُ ساحة السوق القديمة التي كانت إلى جوار المسجد العتيق، إلى الساحة الحالية "لالة عشو"؛ وهي ترجع إلى امرأة تسمى بهذا الاسم، وقفت هذه الساحة الموجودة في قلب القصر؛ لاستعمالها كسوق للتجارة بالمزايدة (أدلل)؛ وهو اليوم أشهر سوق للدلالة في وادي مزاب([39]).
- وقف خزَّانات الماء للمسجد العتيق: عائشة بنت الحاج قاسم سليمان بوعصبانة (معاصرة)، زوجة السيد يحيى بن بالحاج سليمان بوعصبانة؛ أوقفت خزان مياه الأمطار في المسجد العتيق بالقرارة؛ وهو مقدر بآلاف المترات المربعة؛ يكفي المسجد لشهور وأكثر؛ ويكلف أموال باهظة.
- وقف النقل للتعليم: مدرسة الحاج عمر بن الحاج مسعود في القرارة، ثاني مدرسة حرة من حيث الأهمية في القرارة؛ وهي حاليا تعمل بفروعها؛ ولقد وقفت امرأة من مالها ما به تدفع تكاليف النقل السنوية للتلاميذ، والمبلغ مقدر بـسبعة ملايين دينار جزائري؛ وهو مبلغ معتبر تدفعه من الوقف سنويا.
- وقف دار العرش في سيدي مخلوف: هو وقف خاصٌّ تحت مسمَّى "نير نوبريد" (مشكاة الطريق) أوقفه السيد صالح بن الحاج يحيى الواهج، وهو خاصٌّ لعابري سبيل الطريق الوطني رقم 1، من المسافرين المزابيين، وهم يُعدُّون في كلِّ يوم بالمئات؛ وقد وقفه على روح والديه: الحاج يحي بن حمو الواهج (1317-/1900-1412-1995) ([40])، ومنَّة بنت قاسم موسلمال (1349-1416ه/1931-1996م) ([41])؛ وضع قيد الاستعمال شهر رمضان من عام 1438ه/2017م؛ ثم عُيِّنت له مؤسسة خاصَّة تشرف على تسييره، وتحرص على نظامه ونظافته وصيانته؛ وكلُّ المرافق لها جناح للنساء وآخر للرجال: قاعة الصلاة، مرافق الوضوء، قاعات للنوم، قاعات كبيرة لاستقبال وفود الرحمن من الحج والعمرة، وغرف خاصة لذوي العاهات والحاجات الخاصَّة والعجزة. ورغم أنَّ للمزابيين في كثير من الطرق الوطنية دورا للعرش، تستقبل المسافرين، إلاَّ أنَّ هذه الدار "نير نوبريد" هي أكثرها نشاطا، ونظاما، وحيوية([42])
- وقف المساجد في إفريقيا: مؤسَّسة "سبيلي" الخيرية طورت صيغ الوقف استجابة لمتطلبات العصر، ووسَّعته جغرافيًّا ونوعيًّا؛ ومن بين الأوقاف التي بادرت لها بناء مسجد قرية كيهانغا- ولاية مكامباكو - محافظة نجومبي؛ وقصة بناء المسجد كما ذكر رئيس المؤسسة الأستاذ سليمان بوعصبانة ياسين: "قصة بناء المسجد أتت بعد أن أنهينا مشروع حفر بئر لأهل المنطقة، وقد فتح الله بالمشروع إسلام 42 مسلما جديدا، وبمجرد أن سمعت إحدى الفاضلات بالقصة في ليلة إسلام هذا الجمع من إخوانه [أبلغها بالخبر أحد الناشطين في الجمعية بالهاتف، وهي من وادي مزاب]، قرَّرت أن تنفق مبلغا معتبرا لبناء مسجد صغير يذكر فيه اسم الله في تلك الربوع، ويساهم في تثبيت المسلمين وحفظ هويتهم في ظل تحديات الحملات التبشيرية وقوة الكنيسة في المنطقة"([43]) ثم ذكر الأستاذ ياسين أنَّ المسجد "اليوم أصبح مركزا متكاملا والحمد لله، بعد أن أضيفت له مدرسة قرآنية + بيت المشرف... وبعض المرافق لخدمة المسلمين".
- وقف سقيا الماء في صحراء الجزائر وإفريقيا: ضمن نفس المشروع الخيري العصري، تمكنت مؤسسة "سبيلي" الخيرية أن تحفر آبارا في الجزائر ومالي وأوغندا؛ وتتمثل في مشاريع الآبار بمختلف أنواعها، ومنها: الآبار السطحية والمتوسطة (أكثر من 16 بئرا)، الآبار الارتوازية العميقة بئران (02)، تركيب مضخَّات وألواح الطاقة الشمسية للآبار في الصحراء الجزائرية، بناء أحواض المياه المرافقة للآبار الصحراوية لتسهيل سقى الماء للناس، والحيوانات أيضا. وللنساء حضور كبير في الإنفاق والوقف لهذا المشروع.
- طالبات ثانويات يبادرن للوقف: من بين النماذج الجميلة للوقف النسوي المعاصر وقفٌ لطالبات إحدى الثانويات في الجزائر، حيث نظَّمن حملة تبرعاتٍ لبئر خصَّصنه كصدقة جارية لزميلتهن المتوفاة في حادث مرور؛ والثانوية نفسُها مع الأستاذات والأساتذة، ساهموا في بئر في مالي هذا العام 1444ه/2013م، واسم المتوفاة "روميصاء" فسمَّين البئر باسمها "بئر روميصاء"؛ ونفس الثانوية – ثانوية المنار للبنات - تبنَّت طالباتها تكلفة ترميم مدرسة التقوى وقفا وصدقة جارية، وذلك في مدرسة قرآنية في قرية موهورو- إكويريري- جنوب تنزانيا([44])
- أوقاف تعليمية وقفية نسوية: وتتمثل في تشييد فصول دراسية لبعض المساجد، أو دعم بعض المدارس القرآنية بفصول جديدة، أو تجهيز بعض مدارس القرى بالطاولات والمستلزمات التعليمية الضرورية. ويمكن إضافة مساهمات بعض الفاضلات في إحدى مشاريع مؤسسة "سبيلي" التعليمية والمتمثل في تأليف مقرر للغة العربية للمدارس القرآنية بشرق إفريقيا، تستفيد منه حاليا قرابة 100 مدرسة وكُتّاب؛ إضافة إلى "وقف المصاحف" الكثير الانتشار، وللنساء فيه نصيب وافر، ومباردات قيمة.
خاتمة:
هذا عرض وورقة بحثٍ حول "الوقف النسوي في صحراء الجزائر" حاولت فيه أن أرصد تجربة "وادي مزاب" نموذجا، من ق5ه/11م أي عصر تأسيس نظام العزابة، على يد أبي عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي؛ إلى عصرنا هذا، حيث تعقَّدت أساليبُ الحياة، وتوسَّعت الرقعة الجغرافية لحاجات الناس واهتمامهم؛ فتوسَّعت على إثره سبلُ صدقاتهم، ونفقاتهم، وأوقافهم.
ولقد حاولتُ أن أعرض للوقف النسوي في وادي مزاب واصلا بين "إبداعات الماضي" و"رهانات المستقبل"؛ ولا ريب أنَّ ثراء التجربة وجدَّتها، استلزم التواصل مع العديد من الباحثين، والاجتهاد في جمع المعلومات مشافهةً، وتجميع المخطوطات من مظانها، وتصوير نصوص الوصايا، والوثائق المبثوثة بين أرفف المكتبات، وكذا البحوث الجامعية، والدراسات، والمقالات التي عالجت الموضوع من مختلف جوانبه.
ولا ريب أنَّ المطلوب هو الاعتماد على النصوص الأصلية المعروضة، وإضافة تحليلات ومقارنات، حسب المعطيات والمتطلبات؛ وذلك جهد علميٌّ آخرُ، أوفّره لوقت آخر، أو لباحثين آخرين؛ مُقرا بثراء هذا الموضوع، وتشعبه، شاكرا "مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي، بجامعة نزوى" أن وفَّر لي هذا الوقت الثمين، وهذه الفرصة السانحة لثني الركبة والبحث والتحرير.
والحاجة الملحة إلى نشر ما يمكن تسميته: "موسوعة الوقف في وادي مزاب" عبر التاريخ، ومنه سنتبين أوقاف وحبوس المرأة من أوقاف الرجل وحبوسه، وسنقارن ونحلل، ونخرج بنتائج لا شك أنها ستكون مفيدة وهادفة، أصيلة وعريقة؛ أصالة وادي مزاب، وعراقة الوقف في التراث الإسلامي.
والله ولي المتقين، وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
المصادر
الكتب والدراسات والمقالات
- ابن منظور، محمد بن مكرم أبو الفضل: لسان العرب؛ دار صادر، بيروت، لبنان؛ 1414هـ.
- اسماوي، صالح بن عمر: العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بميزاب؛ المطبعة العربية، غرداية، ولاية غرداية.؛ 1426ﻫ/2005م.
- اطفيش، امحمد بن يوسف: شرح النيل وشفاء العليل؛ مكتبة الإرشاد جدة؛ ودار الفتح بيروت؛ 1392ه/1972م.
- أمين، علي محمد محمد: تاريخ الأوقاف في مصر في عصر سلاطين المماليك (1250 -1517م)؛ جامعة القاهرة، كلية الآداب، مصر؛ 1972.
- أوزايد بالحاج، وبوسليم صالح: الأوقاف الإباضية بوادي مزاب ودورها الاجتماعي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين؛ مجلة الواحات للبحوث والدراسات، مجلد 14، عدد 02، 2021م.
- باشطح؛ فوزية: أوقاف المرأة في الحضارة الإسلامية: الوقف العلمي؛ مركز المسبار للدراسات والبحوث، السعودية؛ 8 مارس 2023م.
- البخاري، محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري؛ حققه محمد صبحي بن حسن حلاق؛ نشر دار ابن كثير، دمشق؛ 2021م.
- بوراس، عيسى بن محمد: توثيق الوقف العقاري، في الفقه الإسلامي والقانون الجزائري؛ وقف سيدي بنُّور نموذج تطبيقي"؛ سلسلة بحوث منهجية مختارة رقم 18، نشر جمعية التراث، القرارة، الجزائر 1433ه/2012م.
- بورقيبة، فاطمة بنت صالح: ترجمة منة بنت قاسم موسلمان، مقال، مصور، 2019م.
- الجعبيري، فرحات: نظام العزابة عند الإباضية الوهبية في جربة؛ وزارة الشؤون الثقافية، المعهد القومي للآثار والفنون؛ تونس؛ 1975م.
- الحاج سعيد، يوسف: بلدة بني يزقن، من خلال المجتمع المدني؛ مطبعة الآفاق، الجزائر؛ 2013م.
- الحاج سعيد، يوسف: تاريخ بني مزاب: دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية؛ نشر وزارة الثقافة، الجزائر؛ 2006م.
- الحاج عشور، الناصر بن إبراهيم: الحقيقة بالوثيقة، عقود وخرائط ووثائق ملكية سيدي بنور؛ نشر جمعية التراث، 1444ه/2022م.
- الخصاف، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني: أحكام الأوقاف؛ مطبعة بولاق الأميرية، 1322ه
- الخليلي، أحمد بن حمد؛ الفتاوى؛ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، عمان؛ 1421ه/2002م.
- دبوز، محمد علي: نهضة الجزائر الحديثة؛ المطبعة التعاونية، مصر؛ 1385ه/1965م.
- رباحي، مصطفى: الأوقاف الإباضية، دراسة حالة الأوقاف الإباضية بوادي ميزاب، غرداية؛ ماجستر، علم الاجتماع، جامعة الجزائر، قسم علم الاجتماع؛ إشراف الدكتور محفوظ سماتي؛ 2006-2007م.
- زياني، الطاهر: الوقف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، تطوره ومظاهره وأدلة مشروعيته؛ مقال، موقع الألوكة، 1435هـ/2014م (https://www.alukah.net/)
- سعد الله، أبو القاسم: تاريخ الجزائر الثقافي أو الموسوعة الثقافية الجزائرية؛ دار البصائر، الجزائر؛ 2007م.
- سمراء نصرات وسندس منصوري ومريم حسان: الإسهامات الوقفية للمرأة في العهد العثماني، نماذج مختارة؛ ماستر في العلوم الإسلامية، جامعة حمة لخضر، وادي سوف؛ إشراف د. إبراهيم خالد وصيف؛ 1444ه/2022م.
- السهلي، هيبة بنت عبد الرحمن: الوقف في الحضارة الإسلامية، الأوقاف في عهد العمرين رضي الله عنهما؛ بحث مستقل، مصور. د.ت.
- القحطاني، منى بنت حسين بن سهلان: أوقاف المرأة المسلمة في الأندلس، في العصر الأموي (138-422هـ/756-1031م)؛ مجلة عصور، عدد 37، 2017م.
- لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: دليل مخطوطات وادي مزاب، مكتبة الشيخ ازبار؛ مصور، 2004م.
- لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية؛ نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان؛ 1999م.
- لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: معجم مصطلحات الإباضية؛ نشر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، 1429ه/2004م.
- مالك بن نبي: ندوات مزاب؛ تقديم محمد باباعمي؛ نشر معهد المناهج، الجزائر 2023م.
- مسلم بن الحجاج: صحيح مسلم؛ تحقيق عبد الباقي؛ طبعة الحلبي، 2010م.
- مؤسسة الشيخ عمي سعيد: فهرس مخطوطات خزانة دار العلم، مصوَّر؛ منه نسخة ورقية؛ 1428ه/2007م.
- الواهج يوسف: ترجمة الحاج يحي بن حمو بن عيسى الواهج؛ مقال، مصور، 2023م.
- GOICHON A.-M.; La vie féminine au MZAB, études de sociologie musulmane; préface William Marcais ; librairie orientaliste Paul Geuthner ; PARIS ; 1922
- BENYOUCEF BRAHIM : Pour une approche socio spatiale des waqf ; Séminaire international sur les Waqf. Alger, mai 2001
- Marcel Mercier ; Etude sur le Wakf Ibadhite et ses applications au MZABE ; ed Bastide Jourdan ; Alger ; 1927
الوثائق، والمخطوطات، والحوارات، والمراسلات
- بكاي، سليمان، حوار 1991م؛ في بستانه ببني يسجن.
- بوراس، يحي بن عيسى (مكلف بالمخطوطات في مؤسسة عمي سعيد، غرداية)؛ فضليات من قصور مزاب حبّسن كُـتبا للأجر؛ ملف ملحق، 5 صفحات؛ بتاريخ 29 محرم 1445ه/16 أوت 2023م
- حميد أوجانة، عيسى مراسلة بتاريخ 27 محرم 1445ه/ 14 أوت 2023م ، وتأكيد المراسلة مع الدكتور محمد ناصر بوحجام، والأستاذ محمد جهلان في نفس التاريخ.
- حنة بنت إبراهيم ببهون، وقف مخطوطات؛ نص الوصية، 1398ه/1978م.
- دادي عدون ياسين (مقيم في الولايات المتحدة)؛ مراسلة عبر واتساب، حول المراحيض العمومية في وادي مزاب؛ أوت 2023م.
- سليمان بوعصبانة ياسين، رئيس مؤسسة سبيلي الخيرية، حوار ومراسلة بتاريخ 28 محرم 1445هـ/15 أوت 2023م.
- لالة بنت عبد الله بن بافو من آل ابن ناصر، وصية، مخطوط، مكتبة جمعية التراث، القرارة، غرداية؛ 1313ه
- مامة بنت سلميان بباز، وصية؛ مخطوطة، حوالي 1863ه/1920م؛ مكتبة جمعية الشيخ أبي إسحاق، غرداية.
- معهد المناهج؛ وقف السيد سليمان بوعصبانة قاسم وأولاده؛ إلى غاية 2050م؛ إدارة معهد المناهج؛ نص موثق، عام 2021م.
- وصية، وقف أواني بيد امرأة، مخطوط، مكتبة جمعية التراث، القرارة، غرداية؛ نسخ عام 1348ه/1929م
- يوسف الواهج، رسالة حول وقف سيدي مخلوف؛ 29 محرم 1445ه/15 أوت 2023م.
[1] - زياني، الطاهر: الوقف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، تطوره ومظاهره وأدلة مشروعيته؛ مقال، موقع الألوكة، 1435هـ/2014م (https://www.alukah.net/)
[2]- السهلي، هيبة بنت عبد الرحمن: الوقف في الحضارة الإسلامية، الأوقاف في عهد العمرين رضي الله عنهما؛ بحث مستقل، مصور. د.ت.
[3]- سعد الله، أبو القاسم: تاريخ الجزائر الثقافي أو الموسوعة الثقافية الجزائرية؛ دار البصائر، الجزائر؛ 1427ه/2007م.
[4] - الخصاف، أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني: أحكام الأوقاف؛ مطبعة بولاق الأميرية، 1322ه/1904م
[5]- أمين، علي محمد محمد: تاريخ الأوقاف في مصر في عصر سلاطين المماليك (1250 -1517م)؛ جامعة القاهرة، كلية الآداب، مصر؛ 1391ه/1972م،ج1/ص49.
[6]- القحطاني، منى بنت حسين بن سهلان: أوقاف المرأة المسلمة في الأندلس، في العصر الأموي (138-422هـ/756-1031م)؛ مجلة عصور، عدد 37، 2017م؛ ص148-169. وباشطح؛ فوزية: أوقاف المرأة في الحضارة الإسلامية: الوقف العلمي؛ مركز المسبار للدراسات والبحوث، السعودية؛ 1444ه/2023م.
[7]- أوزايد بالحاج، وبوسليم صالح: الأوقاف الإباضية بوادي مزاب ودورها الاجتماعي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين؛ مجلة الواحات للبحوث والدراسات، مجلد 14، عدد 02، 1442ه/2021م؛ ص718-752.
[8]- الحاج سعيد، يوسف: تاريخ بني مزاب: دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية؛ نشر وزارة الثقافة، الجزائر؛ 1426ه/2006م.
[9]- Marcel Mercier ; Etude sur le Wakf Ibadhite et ses applications au M’zab; ed Bastide Jourdan ; Alger ; 1927 ; p97
[10]- الجعبيري، فرحات: نظام العزابة عند الإباضية الوهبية في جربة؛ وزارة الشؤون الثقافية، المعهد القومي للآثار والفنون؛ تونس؛ 1975م.
[11]- اسماوي، صالح بن عمر: العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بميزاب؛ المطبعة العربية، غرداية، ولاية غرداية.؛ 1426ﻫ/2005م.
[12]- لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: معجم مصطلحات الإباضية؛ نشر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، 1429ه/2004م؛ ج1/ص155.
[13]- Mercier ; Etude sur le Wakf ; p105
[14]- بوراس، عيسى بن محمد: توثيق الوقف العقاري، في الفقه الإسلامي والقانون الجزائري؛ وقف سيدي بنُّور نموذج تطبيقي"؛ سلسلة بحوث منهجية مختارة رقم 18، نشر جمعية التراث، القرارة، الجزائر 1433ه/2012م.
[15]-الحاج عشور، الناصر بن إبراهيم: الحقيقة بالوثيقة، عقود وخرائط ووثائق ملكية سيدي بنور؛ نشر جمعية التراث، 1444ه/2022م.
[16]- BENYOUCEF BRAHIM : Pour une approche socio spatiale des waqf ; Séminaire international sur les Waqf. Alger, mai 2001
[17] - مالك بن نبي: ندوات مزاب؛ تقديم محمد باباعمي؛ نشر معهد المناهج ومؤسسة كتابك، الجزائر 1444ه/2023م؛ ص8-9.
[18] - GOICHON A.-M.; La vie féminine au MZAB, études de sociologie musulmane; préface William Marcais ; librairie orientaliste Paul Geuthner ; PARIS ; 1922 ; p10
[19] - سمراء نصرات وسندس منصوري ومريم حسان: الإسهامات الوقفية للمرأة في العهد العثماني، نماذج مختارة؛ ماستر في العلوم الإسلامية، جامعة حمة لخضر، وادي سوف؛ إشراف د. إبراهيم خالد وصيف؛ 1444ه/2022م. بخاصة النماذج ص38 وما بعدها.
[20] - لجنة البحث العلمي: معجم مصطلحات الإباضية، ج1/ص159.
[21] - بكاي، سليمان، حوار 1411ه/1991م؛ في بستانه ببني يسجن. كان يتولى تعليم العرس، وإلباسهم، وله ثقافة واسعة في التراث المزابي.
[22] - ابن منظور، محمد بن مكرم أبو الفضل: لسان العرب؛ دار صادر، بيروت، لبنان؛ 1414ه/1994م ـ. ج13/ص410.
[23] - وصية، وقف أواني بيد امرأة، مخطوط، مكتبة جمعية التراث، القرارة، غرداية؛ نسخ عام 1348ه/1929م.
[24] - أوزايد وبوسليم: الأوقاف الإباضية؛ ص729.
[25] - وصية لالة بنت عبد الله بن بافو، من آل ابن ناصر، مخطوط، مكتبة جمعية التراث، القرارة، غرداية؛ 1313ه/1895م.
[26] - دادي عدون ياسين (مقيم في الولايات المتحدة)؛ مراسلة عبر واتساب، حول المراحيض العمومية في وادي مزاب؛ 1445ه/أوت 2023م.
[27] - لجنة البحث العلمي: معجم مصطلحات الإباضية؛ ج2/ص1092. من المحير أنَّ المحققين من العلماء حرموا هذا النوع من الوقف، ورغم ذلك نجده في بعض قرى وادي مزاب معمولا به، وهو من بقايا عصور مضت؛ لكنَّ الناس اليوم لا يوصون به، ولا يجيزونه، إلا ما شذَّ. قال القطب: "وأما ما يحبسه الإنسان على ذكوره مثلا، فباطل"، ويقول الخليلي: "وليس الوقف على الذرية إلا نوعا من أنواع الإعراض عن حكم الله". وانظر فتوى قطب الأيمة الشيخ اطفيش، وفتوى سماحة الشيخ الخليلي. اطفيش، امحمد بن يوسف: شرح النيل وشفاء العليل؛ مكتبة الإرشاد جدة؛ ودار الفتح بيروت؛ 1392ه/1972م. ج3/ص17 وغيرها. والخليلي، أحمد بن حمد؛ الفتاوى؛ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، عمان؛ 1421ه/2002م. ج4/ص133 وغيرها.
[28] - عن أمرشيدو انظر- أوزايد وبوسليم: الأوقاف الإباضية؛ ص727.
[29] - دبوز، محمد علي: نهضة الجزائر الحديثة؛ المطبعة التعاونية، مصر؛ 1385ه/1965م؛ ج1/ص304.
[30] - لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: دليل مخطوطات وادي مزاب، مكتبة الشيخ ازبار؛ مصور، 1414ه/2004م، مقدمة.
[31] - مؤسسة الشيخ عمي سعيد: فهرس مخطوطات خزانة دار العلم، مصوَّر؛ منه نسخة ورقية؛ 1428ه/2007م.
[33] - حنة بنت إبراهيم ببهون، وقف مخطوطات؛ نص الوصية؛ 1398ه/1978م.
[34] - بوراس، يحي بن عيسى (مكلف بالمخطوطات في مؤسسة عمي سعيد، غرداية)؛ فضليات من قصور مزاب حبّسن كُـتبا للأجر؛ ملف ملحق، 5 صفحات؛ بتاريخ 29 محرم 1445ه/16 أوت 2023م
[35] - لجنة البحث العلمي، جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية؛ نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان؛ 1419ه/1999م.
[36] - رباحي، مصطفى: الأوقاف الإباضية، دراسة حالة الأوقاف الإباضية بوادي ميزاب، غرداية؛ ماجستر، علم الاجتماع، جامعة الجزائر، قسم علم الاجتماع؛ إشراف الدكتور محفوظ سماتي؛ 1426ه/2006-2007م.
[37] - معهد المناهج؛ وقف السيد سليمان بوعصبانة قاسم وأولاده؛ إلى غاية 1472ه/2050م؛ إدارة معهد المناهج؛ نص موثق، عام 1442ه/2021م.
[38] - حميد أوجانة، عيسى مراسلة بتاريخ 27 محرم 1445ه/ 14 أوت 2023م ، وتأكيد المراسلة مع الدكتور محمد ناصر بوحجام، والأستاذ محمد جهلان في نفس التاريخ.
[39] - الحاج سعيد، يوسف: بلدة بني يزقن، من خلال المجتمع المدني؛ مطبعة الآفاق، الجزائر؛ 1434ه/2013م؛ ص31.
[40] - الواهج يوسف: ترجمة الحاج يحي بن حمو بن عيسى الواهج؛ مقال، مصور، 1445ه/2023م.
[41] - بورقيبة، فاطمة بنت صالح: ترجمة منة بنت قاسم موسلمان، مقال، مصور، 1440ه/2019م.
[42] - يوسف الواهج، رسالة حول وقف سيدي مخلوف.
[43] - سليمان بوعصبانة ياسين، رئيس مؤسسة سبيلي الخيرية، حوار ومراسلة بتاريخ 28 محرم 1445هـ/15 أوت 2023م.
[44] - سليمان بوعصبانة، نفسه.