مبادئ الحوكمة للوقف النسائي

الباحث المراسلد. سامي الصلاحات المعهد الدولي للوقف الإسلامي

Date Of Publication :2025-02-25
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

المقدمة

يشكل الوقف عند المسلمين والمسلمات أهمية كبرى، بل لا يخفى على ذي بال أنه كان المحرك الرئيسي في نهضة الأمة الإسلامية، وكما يقول القرافي 684هـ:" كثيرة الفروع مختلطة الشروط، متباينة المقاصد، فينبغي لكاتبها أن يكون حسن التصرف في وقائعها، عارفاً بفروعها وقواعدها" ، حيث أنه أسهم كنظام اجتماعي اقتصادي في تعبئة الموارد تجاه المتطلبات الرئيسة للمجتمع في ظل اشتغال الدولة بالفتوحات والتوسعات الجغرافية لصالح نشر الإسلام خارج نطاق الدولة، فكان منه أن أسهم من خلال الجهد المجتمعي الأهلي في دعم حركة التعليم وإنشاء المساجد والرباط ثم لاحقاً اهتم بالمؤسسات التعليمية والصحية والثقافية والبحثية وغيرها على مدار التاريخ الإسلامي.
وعلى الرغم من مشاركة المرأة في هذا النظام الاجتماعي الاقتصادي مع الرجل يدا بيد، تأسس نظام الوقف عند المسلمين على الأمانة والنزاهة كما هو حال المسلمين الأوائل، والتزام من عمل بالوقف بالمحسوبية والدقة في الأداء كمنهجية شرعية حيث إن الوقف ما هو إلا قربة شرعية.
ولكن مع مرور الأيام وتنوعت المواقع والأماكن، بدأت الممارسات تختلف من تجربة لأخرى، بل صارت بعض المواقع محلاً للتجاوزات الإدارية وبعضها مالي واستثماري، ما جعل من المهم العمل على استكمال أدوات الرقابة والشفافية، والحد من أي ظاهرة تطعن في هذا النظام الاجتماعي الاقتصادي.
وعلى أهمية مبادئ الحوكمة Governance في عصرنا الحاضر، والتزام كافة الدول والمحافل الدولية بها، والمناداة لتعزيز الشفافية وإدارة الحكم الرشيد فإن هذا يعد محفزاً لنا كمسلمين الرجوع إلى أهمية العمل على تعزيز المبادئ والأحكام الشرعية التي تدعو إلى الضبط الإداري ومنع أي ممارسات خاطئة تجاه هذا النظام الاجتماعي الاقتصادي.
وأهمية أن تربط الحوكمة بالمؤسسات الوقفية بسبب انسجام الحوكمة مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وفيه مصالح قد تحتاجها كل الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وهي تكشف للعاملين في قطاع الوقف المعالم الرئيسية التي يجب التنبه إليها خلال الأداء العملي، كما أنها دافع لتحسين الأداء الوقفي في عمل المؤسسات الوقفية وتعزيز النتائج المالية والاستثمارية، وتكشف أهمية البحث عن أفضل المصالح التي يحتاجها الوقف، فالوقف يدور مع المصلحة وجودًا وعدما، ولها أهمية واضحة من خلال تعزيز النمو وتحد من ظاهرة الفساد المالي والإداري، The Absence of Governance is the Emergence of Financial and Administrative Corruption.
كما أن تعدد وتنوع المثالب وأوجه القصور في الأداء الوقفي بسبب عدم وجود نظام ضبط وحوكمة في المؤسسات الوقفية يشير إلى ى تطبيق الحوكمة فيها، في ظل قلة الدراسات والأبحاث المتخصصة في جانب حوكمة الأوقاف.
وإذا تحدثنا عن الأوقاف النسائية نرى من الضروري الملائمة ما بين الحوكمة والنظام المالي الإسلامي، وهذا يتضح من خلال النماذج الوقفية، لا سيما تلك التي تخص المرأة. 
ولعل هذه الأهمية تشرح لنا جملة من أهداف هذه المقالة، فهي تشير إلى أهمية تحديد المفاهيم الصحيحة لحوكمة المؤسسات الوقفية وكل ما يتعلق بها، وتثبت مدى الانسجام والتقبل في استعمالات ومجالات الحوكمة في عمليات الوقف، وأن مبادئ الحوكمة تشكل ضرورة لا ترف للمؤسسات الوقفية النسائية.
واليوم، ونحن نرى تشعب الأداء الوقفي في المجتمعات والدول، ومنه الأداء الوقفي النسائي، نرى أهمية ضبط هذا الأداء الذي يعد في بعض المواقع من أكبر الموارد المالية في العالم الإسلامي، ولكنه للأسف لا يقدم نتائج مالية صحيحة يعبر عن ضخامته بطريقة صحيحة، بسبب أخطاء إدارية ومالية صاحبت عملية الإدارة الوقفية، ولا يمكن أن نغفلها في ظل تطبيق نظام حوكمة وسياسات رشيدة.
وفي مقالتنا هذه، سنبحث في المبادئ الرئيسة لحوكمة الوقف النسائي، ونحاول التعريج على بعض الأمثلة من واقع الأوقاف النسائية، وهل يمكن تطوير الأداء الوقفي النسائي، والذي يهتم بالمرأة المسلمة كواقفة أو ناظرة أو عاملة في المؤسسة الوقفية، أو الأوقاف التي تخص النساء في مجال المصارف النسائية والتي تهم المرأة.
ويمكن التعرض لهذا الأمر من خلال:
 المطلب الأول: بيان المبادئ الرئيسة لحوكمة الوقف النسائي.
 المطلب الثاني: تطبيقات من واقع الأوقاف النسائية
 التوصيات والنتائج

 

 

 

 

 


المطلب الأول: بيان المبادئ الرئيسية لحوكمة الوقف النسائي
هناك عدة مبادئ رئيسة هامة في ضبط الأداء الوقفي المؤسسي، وهذه المبادئ بعضها ممارس منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإن لم يذكر ما هو محدد في عصرنا الحاضر، ولكن روح هذه المبادئ المتعلقة بالحوكمة والتي أشرنا إليها في عدة دراسات نشرناها سابقا ، وقد عرفت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) الحوكمة من أنها:" النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها" . 
قد ورد في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على أعمال نجاعة العمل المؤسسي القائم على الحوكمة والنزاهة والبعد عن الفساد، ففي صحيح البخاري، وعن أبي حميد الساعدي: قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً، ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت، بصر عيني، وسمع أذني" .
وسوف نستلهم من هذا الحديث المبادئ الرئيسية لضبط الأداء الحوكمي للوقف باعتبار أن المؤسسة الوقفية هي مؤسسة مالية استثمارية اجتماعية، فكان لا بد أن تضبط بمبادئ رئيسة أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أثبتنا في التقرير الاستراتيجي الذي صدر عام 2021م من أن أهم المعايير الرئيسة لتطور المؤسسة الوقفية هو معيار الحوكمة، كما يظهر في الشكل التالي :

كما أنه وفي دراسة أخرى فإن عن الوزن الذي يعيره المستثمرون لأهمية تأثير كل مكونات الحوكمة على مستوى الشركة، يتبين أن معيار الشفافية يأخذ الأولوية في اهتمام المستثمرين، فضلاً عن باقي المعايير والمبادئ والمكونات، كما هو موضح في الشكل التالي :
(هوامش)
 

وهذا ما يجعل أن من الأهمية أن استخدام الحوكمة في قطاع الوقف سوف يساهم بتأصيل الأوقاف اجتماعياً، واحترام شرط الواقفين، وضمان حقوق الموقوف لهم، كما أن يقوم على جذب المستثمرين في المشاركة بمشاريع الأوقاف الاستثمارية، ويقلل أي مخاطر محتملة، ويُساهم في زيادة القيمة السوقية، ويرفع مستويات الأداء المؤسسي فيها، كما في الشكل التالي :

وهذه المبادئ الرئيسية سوف نشير إليها من خلال ما تم طرحه في حديث البخاري، وهي:
أولاً: الشفافية Transparency 
ففي الحديث السابق، أن ابن اللتبية، قال:" هذا مالكم، وهذا هدية"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً، ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه .
ففي النص إشارة من الصحابي عندما كشف عما لديه من أموال، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من سأله، وفي كل الحالتين فإن النص يشير إلى أهمية الكشف والإفصاح والبيان المالي، أو ما نسميها بالسلامة المالية.
فالشفافية هي:" الإفصاح السليم والصحيح في الوقت المناسب عن كافة الموضوعات الهامة المتعلقة بالشركة بما في ذلك المركز المالي، والأداء وحقوق الملكية، وحوكمة الشركة" . 
وقد يعبر عنها بالإفصاح وهو " عملية إظهار المعلومات التي تؤثر على المركز المالي خلال الفترة سواء أكانت كمية أم وصفية في القوائم المالية أم الهوامش والملاحظات والجداول المكملة في الوقت المناسب" ، أو " شمول التقارير المالية على جميع المعلومات اللازمة لإعطاء مستخدم هذه التقارير صورة واضحة وصحيحة عن الوحدة المحاسبية" . 
فلو تطرقنا إلى الشفافية في مجال القوائم المالية، نجد أنه يجب على هذه القوائم أن تختص بالقابلية للفهم، والقدرة على الملائمة ما بين المعلومات واحتياجات متخذي القرارات، وأن يكون لدى القوائم المالية أهمية نسبية.
والمؤسسة الوقفية يلزمها معيار الشفافية بالقطع، لأنها باختصار تملك أصولا وقفية لأناسٍ، بعضهم حي، والآخر ميت له ورثة، وهذه الأصول أمانات، فالأصل أن يفصح عن هذه الأصول للواقفين أو ورثتهم، ومدى تنميتها واستثماراتها ومصارفها، ضمن سجلات محاسبية وعرض للقوائم المالية بكل حيادية ونزاهة.
هذا المعيار يجب توفره في مؤسسة الوقف، وأن مؤسسة وقفية لا تخضع له تكون مساءلة، وعليها محاسبة شرعاً وقضاء، والواقع أن قطاع مؤسسات الوقف في العالم الإسلامي يُعاني من القصور في أداء هذا المعيار بنسب متفاوتة.
خلافاً للتجربة الغربية في مجال إدارة الأوقاف واستثماراتها، حيث يتبين لنا مدى الالتزام الدقيق لهذه المؤسسات التي تُدير أصولاً وقفية ضخمة، حيث تنشر تقاريرها المالية السنوية بعد خضوعها للتدقيق الداخلي، ثم اعتماد المراجع الخارجي، وتصديق مجلس الإدارة ومجلس الأمناء عليه، ضمن عملية شفافة.
وإذا اخذنا نموذجا من هذه النماذج، وهي جامعة هارفارد، لنرى الشفافية في عرض التقارير المالية.
لقد زادت شركة هارفارد HMC المشرفة على أوقاف جامعة هارفارد Harvard قيمة الوقف لعام 2022م، وتعتبر هي الأولى عالمياً بأصول مالية تقدر بــ 50.8 مليار$، وتملك أكثر من 13000 صندوق وقفي، ومع أن أغلب طلبتها من الطبقة المقتدرة مالياً، إلا أن 70٪ منهم تلقوا مساعدات مالية من الأصول الوقفية لها، كما هو موضح في الشكل التالي :

بل يمكن القول إن استخدام جامعة هافارد لمبدأ الشفافية والإفصاح في ظل خسائرها في بعض السنوات كان سبباً في استقطابها أصولا كبيرة لصالح الأوقاف، فلو دققنا النظر في الأصول الوقفية للجامعة في الأعوام [1974-2015م] نجد أنه ما بين 2007-2009م كان هناك خسائر كبيرة في أصول، وكانت تقدر الخسائر بما يقارب 22% من قيمة أصولها الوقفية، ثم عاد المؤشر للعودة للأعلى من جديد كما هو موضح في بالشكل التالي :

والذي يعزز الشفافية في الجامعة هو وجود مجلس المشرفين Board of Overseers هو أحد مجلسي إدارة جامعة هارفارد، والذي يعمل بجانب الإدارة التنفيذية منذ عام 1642م، يقوم بعملية التقييم الخارجي الدوري من خلال مجموعة لجانه الدائمة، ويقدم مجلس الإدارة المشورة لقيادة الجامعة بشأن الأولويات والخطط والمبادرات الإستراتيجية، وينتخب الأعضاء الجدد في مجلس الإدارة من قبل حاملي شهادات هارفارد.
وهذا ما جعل العديد من المؤسسات الوقفية في الغرب تمارس الشفافية بكل الوسائل المتاحة، ومنها وسيلة التقنية الحديثة كالإنترنت والخدمات الإلكترونية لغرض تعزيز مبدأ زيادة الشفافية لجميع أصحاب المصالح، ويساعد في تحسين جودة الخدمات الوقفية، وقد ثبت أن هذا أدى إلى زيادة نمو الإيرادات، وقلل الكلف المادية، وغيرها من الفوائد.
وهذا بسبب حيوية وديناميكية نظام ووظيفة الحوكمة الإلكترونية  Technological dynamism  ، دور كبير في تحقيق مبدأ الشفافية، وهذا ما تتجه إليه العديد من المؤسسات في ممارسة الحوكمة من خلال وسائل التقنية الإلكترونية لإثبات خلوها من الفساد، بل صار من المهم إدراك أن المؤسسات التي لا تستخدم الوسائل الإلكترونية وهي قادرة عليها، تكون تكمن في طياتها فساد.
ثانياً: المساءلة Accountability   
فمن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام بالمساءلة لــ ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً" .
فالمساءلة ظهرت من خلال " إمكان تقييم وتقدير أعمال الإدارة التنفيذية ومتابعتها للتأكد من قيامها بتنفيذ المهمات التي من شأنها ضمان القيام بالأعمال بدقة من قبل بقية الموظفين بالمؤسسة، وذلك بتقديم تقارير دورية عن نتائج الأعمال، ومدى نجاحهم في تنفيذها" .
فالمساءلة معيار لا بد منه كي نقلل من أخطاء مؤسسة الوقف، وكي نضمن تقييم وتقويم التولية والنظارة على حد سواء، وتشمل الواقف نفسه إذا اشترك في النظارة، فإنه ملزم أيضاً بالمساءلة، لأن الوقف لم يعد ملكاً له، كما يقول الشافعية" الموقوف ملك لله تعالى، أي ينفك عن اختصاص الآدمي كالعتق، فلا يكون للواقف ولا الموقوف عليه" .
فعلاقة الواقف بملكية الوقف قد انتهت، وعلى حد تعبير الحنابلة " يزول ملك الواقف عن العين الموقوفة بمجرد الوقف" ، فيكون حاله كحال أي ناظر خاضع للمساءلة والمحاسبة.
ولأن الناظر وكيل عن الواقف ، يحق له مساءلته ومراجعته، كما يقول ابن مفلح 763هـ من الحنابلة عندما تعرض لإمكانية مساءلة الناظر حال التقصير، فقال:" ليس له أن يستأجر الوقف زيادة على شرط الواقف، ولا يغيره لمصلحة نفسه، بل إذا غيره لمصلحة نفسه، ألزم بإعادته إلى مثل ما كان، وبضمان ما فوته من غير منفعة، وعلى ولاة الأمر إلزامه بما يجب عليه، فإن أبى، عُوقب بحبسٍ وضرب، ونحوه" .
ومثله ذكر الونشيريسي في ناظر أراد أن يدفع للمؤذن من غلة حوانيت أوقاف المسجد، فقال:" لا يُزاد مؤذن على ما جرت به العادة، كما لا يزاد في مرتب، وإن فعل الناظر شيئاً مما منع منه ضمن ما دفع" .
ومن المساءلة أيضاً، متابعة الناظر أو المتولي لحركة السوق التجارية وتقلباتها، مثل موضوع التضخم Inflation ، وعدم ضبط الأسعار، ما يعرض القيمة الشرائية لمستحقي الوقف إلى عنت ومشقة، وهذا بسبب عدم تدبير الأمور بطريقة احترافية، فقد تقع المساءلة.
والمساءلة تتوفر بداية عند استشعار وقوع حالات غش، سواء أكانت من الإدارة أو الأفراد، ويمكن رسم إطار الغش الذي يستدعي المساءلة كما في الشكل التالي :

ولهذا تلحظ أن معيار المساءلة يشمل كل أوجه المساءلة في القضايا الأخلاقية والقانونية والإدارية والسياسية، والبيئيـة، وأيضاً الجوانب المالية، والتي قد تنحصر بالمبدأ القادم.
والمسائلة تكون للإدارة التنفيذية من قبل مجلس الإدارة، وتكون لمجلس الإدارة من قبل مجلس الأمناء أو المساهمين.
ثالثاً: المحاسبة  Accounting
بعدما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلب الشفافية ثم المساءلة للرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً، ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت، بصر عيني، وسمع أذني" .
وهنا المحاسبة تختص بالجوانب المالية فقط، خلافاً للمساءلة التي تشمل كل الجوانب ، وهذا المعيار أشار إليه صلى الله عليه وسلم في الحديث، وهي محاسبة كل من تكلف بمسؤولية عامة، وبناء عليه قام القضاة عندما تسلموا مهمة الإشراف على الأوقاف في محاسبة النظار المقصرين، وتوسع الفقهاء في موضوع المحاسبة وعزل الناظر حال وقع منه تقصير واضح تجاه إدارة الوقف وتنميته بالطريقة السليمة .
وحوكمياً تعد المحاسبة والتدقيق من غايات الحوكمة Internal Controls and Internal Auditors، وعملياً تستخدم المؤسسات الوقفية في الغرب مبدأ المساءلة والمحاسبة لغرض كسب ولاء واقفين جدد، ويكون لديها الشجاعة في نشر التحقيقات والمساءلة لموظفيها ومعاقبتهم لغرض كسب دعم مالي ومعنوي .
والمحاسبة لا تنحصر فقط في الناظر، بل من يتعد على الوقف فهو محاسب أيضاً، كما يقول المالكية:" ومن هدم وقفاً تعدياً فعليه إعادته على ما كان عليه" .
وقد استفاض الفقهاء المتقدمون في ذكر أحكام محاسبة النظار، وكما يقول الشيخ محمد أبو زهرة أن جل هذه الأحكام قام " على حسن الظن كما علمت، وقد دفع إلى حسن الظن حرصهم على ترغيب الناس في إدارة الأوقاف، لعزوفهم عن إدارتها، ولأنهم كانوا يظنون الخير في المتولين لأمور الأوقاف، ويغلبون رجاء الخير فيهم على توقع الشر منهم، ومع أن العظات قد وعظتهم والحوادث قد أنبأتهم على النظار، بغير ما يعتقدون استمرت الأحكام الفقهية في هذا الباب على أساس الثقة" .
وقد كثرت أقوال الفقهاء وتأكدت على محاسبة النظار - وهو مبدأ من مبادئ الحوكمة في عصرنا الحاضر-  وقد سبق الفقهاء في تجلية هذا المبدأ بصورة واضحة، إذ جاء عندهم في محاسبة الناظر إذا ظهرت خيانته، قولهم:" أن الناظر في الحبس إذا بان تقعده على فوائده، وكذبه فيما يدعيه من صرفها في مصرفها، فواجب عزله وتبديله بمن يرضى، وأخذه بما دخل بيده من الفوائد إلا أن يبدو  لصرفه وجهاً يعرف" . 
رابعاً: المسؤولية The Responsibility  
وهذا المعيار أيضاً اتضح من تصرف النبي صلى الله عليه وسلم مع عامله على الصدقات، حيث أنه مارس دوره كمسؤول وراع للمسلمين، فقام بدوه تجاه حفظ أموال الرعية، وهذا ما تؤكد الحوكمة من أنها نمط من أنماط تقاسم السلطة، Governance as pattern of power-sharing. 
ويمكن القياس على دور ومسؤوليات المستويات الإدارية المتباينة في مؤسسة الوقف من استعمال حقها كمسؤولة عن الأداء، [ مجلس الأمناء، مجلس النظارة، التولية أو الإدارة التنفيذية]، مجلس الواقفين أو الجمعية العمومية، مجلس الإدارة، لجان مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية. 
وأعضاء هذه المستويات الإدارية المتباينة يجب أن يتحلوا بـالرقابة الذاتية Self-Regulation، كي يتحقق لديهم معنى الشعور بالمسؤولية، وهذا ما كان يشير إليه من يعمل بقطاع الوقف عندما قال:" عليكم بالشعور بالمسؤولية، وفروا من الواوات!" ، وأنشد بعضهم يقول  :
احذر من الواوات أر  بعة فهن من الحتوف
واو الوكالة والولا  ية والوصاية والوقوف
لقد تباحث الفقهاء سابقاً في الترتيبات الإدارية وإن كان لغتهم تناسب عصرهم، وهذه الترتيبات وإن كانت قد أخذت طابعاً فقهياً، إلا أنها تنسجم كلياً مع روح نظام الحوكمة، فعلي سبيل المثال لا الحصر، حديثهم عن النظارة والتولية، قد يفهمها البعض على أنها ذات المعنى، ولكن الصحيح أنهما إذا اجتمعا تمايزا، وعلى حد وصف المحقق الحنفي ابن عابدين 1252هــ أنه" إذا كان الناظر والمتولي لفظين مترادفين بمعنى واحد، فإن الواقف لو شرط لوقفه متولياً وناظراً عليه، فإنه يريد بالناظر المشرف على الوقف، ويريد بالمتولي من يقوم بتنفيذ اشتراطات الوقف" .
وإذا أردنا تنزيل المعنى الفقهي على الترتيبات الإدارية المعاصرة، يكون التالي:
 الواقف يمثله مجلس الملاك أو المساهمين أو بحد أبعد مجلس الأمناء، حال كان الواقف غائباً أو متوفى.
 النظارة، وهذه يمثلها مجلس الإدارة، ويتم تعيينه من الواقف مباشرة، أو إذا كان الواقف غائباً أو متوفى يمكن أن يتم انتخابهم من قبل مجلس الأمناء.
 التولية، وهي هي الإدارة التنفيذية لمؤسسة الوقف في مفهومنا المعاصر، فهي من يقول بالأعمال التنفيذية، وعلى حد وصف الإمام النووي قوله:" وظيفة المتولي العمارة، والإجارة، وتحصيل الغلة وقسمتها على المستحقين، وحفظ الأصول والغلات" .
وقد نلحق في هذه الترتيبات الإدارية أصحاب المصالح، فهم أيضاً قد يكون لهم دور في ضبط الحوكمة في الأداء المؤسسي الوقفي، كما في الشكل التالي :

خامساً: حفظ حقوق الواقفين Preserving the rights of the Founders or Donors
لقد كان الهدف من إشارة النبي لهذا العامل هو أن هذه الأموال يجب أن يتم الحفاظ عليها، حفاظاً على حقوق الآخرين والأجيال القادمة، فالمعيار الخامس يتعلق بحقوق المساهمين، - الذين هم الواقفين- على الرغم من أن " الوقف إذا صح، زال به ملك الواقف عنه" ، كما يقول ابن قدامة 620هـ، إلا أنه حقه قائم في تتبع مآل وقفه، وحالة مركزه المالي، وهو بهذا يتشارك مع مفهوم المساهمين.
حيث أكدت دراسات الحوكمة على أهمية حفظ حقوق المساهمين في الشركات، باعتبارهم أصحاب حق في تأسيس الشركة، ولولاهم ما قامت هذه الشركة، إذ من غايات الحوكمة الحفاظ على حقوق المساهمين واحتياجات أصحاب المصالح، Recognition and preservation of needs of shareholders. 
والأمر نفسه، يمكن قياسه على مؤسسة الوقف، حيث إن الواقفين هم من كانوا سبباً في تأسيس هذه الوقفيات، أو المؤسسات الوقفية، فيلزم ذلك الحفاظ على حقوقهم المتمثلة في الأصول والمساهمات المالية.
ومن حفظ حقوق الواقفين، تنفيذ شرطه كما يقول الفقهاء:" الناظر منفّذ لما شرطه الواقفُ" ، وأيضاً مراعاة الوقف إذا تهالك، لأن مطلوب ممن يملك النظر فيه العمل على حفظه، ولو أدى هذا إلى تغيير شكله أو مكانه، كما يقول الحنفية:" إذا صار الوقف بحيث لا ينتفع به المساكين، فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره، وعلى هذا فينبغي أن لا يفتى على قوله برجوعه إلى ملك الواقف وورثته بمجرد تعطله وخرابه" . 
وأيضاً مثله من المالكية ما قالوا:" فيجوز بيعه وصرفه في مصالحه، الأصح فالأصح، وبقاؤه لا فائدة فيه، بل في إبقائه تعريض لضياعه" ، وهذا الاستثناء لا يعمم إلا للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
إذا طبقنا معايير الحوكمة الوقفية [ الشفافية، المساءلة، المحاسبة، المسؤولية، حفظ حقوق الواقفين]، سوف نصل إلى مرحلة الإدارة عــلى المكشــوف Open Book Management، وتهدف هذه الإدارة على تدريب العاملين على فهم الأرقام والتعامل معها بحرفية ومسئولية، وإبلاغ كل العاملين بالموقف المالي للمنظمة كل أسبوع، وكشف كل المعلومات لجميع العاملين، وتدريب العاملين على التفكير والتصرف كرجال أعمال لا كموظفين، وتتبع أسلوب فريق العمل لإنجاز المهام بشـكل يرتكـز عـلى الأهـداف المحـددة والتنسيق والتعاون، وإشراك الآخرين في صنع القرارات، كما تدعو هذه الإدارة إلى إعطاء الموظفين حصة من أسهم المنظمة، فهي إدارة تدعو إلى تطبيق نظام حـوافز بكل دلالات الشفافية والمكاشفة والمصارحة والمساءلة .
مرحلة الإدارة على المكشوف نموذج قائم في العديد من المؤسسات التي تستخدم الأوقاف كما تستخدم غيرها من الأصول والاستقطابات الأخرى كالصناديق الاستثمارية والمنح وغيرها لغرض تعزيز مجال معين، كالتعليم مثلاً، أو الصحة والخدمات الأخرى، كالتجربة الماليزية في مجال التعليم العالي، حيث تستقطب هذه الأصول المتنوعة من خلال إدارة على المكشوف مع العملاء والشركاء وأصحاب المصالح، كما في الشكل التالي :

هذه هي معايير الحوكمة التي يمكن لمؤسسة الأوقاف الاعتماد عليها والتركيز فيها، وإن كانت هناك بعض المبادئ للحوكمة مثل مبدأ الإنصاف Fairness، أو التعامل مع المساهمين بالتساوى، أو حماية حقوقهم، وعدم التساهل مع المخالفات من أي مستوى إداري قد تطرقنا إليها ضمن حديثنا على معايير الحوكمة الوقفية.
في كل هذه المعايير لا يمكن أن تحوكم والسياسات الرشيدة مالم يكن هناك استخدام واضح وحسن لتنفيذ الحوكمة، وليس سوء استخدام لها Abuse of Governance أو محاباة للآخر .

 

 

 

المطلب الثاني: كيفية تطبيق مبادئ الحوكمة على واقع الأوقاف النسائية
بعدما تعرفنا على أهم مبادئ الحوكمة التي يمكن أن نمارس فيها العمل الوقفي المؤسسي، نرى من الأهمية ضرورة توجيه هذه المبادئ على واقع الأوقاف النسائية، من خلال بيان بعض النماذج التاريخية أو المعاصرة، والتي يمكن أن تؤكد فعالية هذه المبادئ في دعم المؤسسة الوقفية النسائية.
أولاً: كيفية تطبيق الشفافية
هناك عدة خصائص نوعية للبيانات المالية التي يجب على المؤسسة الكشف عنها، منها المصداقية والموثوقية والحيادية وغيرها .
وهذه الخصائص تشكل داعماً قوياً لأي مؤسسة لبيان دور الشفافية والإفصاح في أعمالها، فيجب على أي مؤسسة تريد أن تطور أصولها وريعها فيجب عليها أن القيام بالإفصاح لا سيما في مجال البيانات المالية، ولا سيما أن المؤسسة الوقفية ما هي إلا أصول وريع سواء كانت المؤسسة كبيرة أو متوسطة أو صغيرة.
وفي ظل عصرنا الحاضر، بدأ ما يسمى بالامتثال الالكتروني واستخدام الوسائل الإلكترونية التي أصبحت أيضاً قادرة على استقطاب أصول وقفية جديدة من خلال ضبطها، وممارسة معيار الشفافية في الحصول على التبرعات أمام الجمهور، ثم في الإفصاح عما تم إجراؤه واستكماله من أعمال ومنجزات، كما في تجربة وزارة التعليم العالي الماليزي عندما جعل الحوكمة الإلكترونية مدخلاً ابتكارياً خلال إنشاء أصول وقفية مستدامة لصالح التعليم في ماليزيا .

لهذا أصبحت الحوكمة الإلكترونية جزءاً مهماً من الإدارة العامة في المؤسسة الوقفية، وهي مكلفة بإنجاز الأعمال والإجراءات، وتسهل مبادئ الحوكمة من شفافية ومساءلة ومحاسبة ومسؤولية وحفظ حقوق.
بالمختصر، " الشفافية والمكاشفة من عناصر نجاح إدارة أي منظمة". ، ولأهمية هذا المبدأ في تنظيم المؤسسات والدول، تم تأسيس منظمة الشفافية الدولية International Transparency Organization، عام 1993 .
وفي عصرنا الحاضر، كان هناك مشاركة نسائية واضحة من خلال تقنيات التنظيم التكنولوجيا أو المساهمة في الدعم المالي.
وتاريخياً نرى أن هناك أوقافاً نسائية كانت مثالاً لظاهرة الشفافية من خلال قدرتها على الاستمرار والاستدامة، فعلى سبيل المثال من الأوقاف النسائية التي قامت وتأسست واستمرت وقف جامعة القاهرة، التي أوقفتها " ستة أفدنة خصتها لبناء دار جديدة للجامعة، هذا بخلاف 661 فدانا من أجود الأراضى الزراعية بمديرية الدقهلية، من ضمن 3357 فدانا خصصتها للبر والإحسان وجعلت للجامعة من صافى ريعها (ريع 3357 فداناً و14 قيراطا و14 سهما)... وقدر إيراد هذه الوقفية بميزانية الجامعة بمبلغ 4000 جنيها سنويا" ، وهذا الحجم الكبير من الأصول ما كان ليتم لولا قدرتها على الكشف عن أدائها في ظل نشأتها.
ثانياً: كيفية تطبيق المساءلة
ومن معايير الحوكمة الأساسية هي المساءلة، ولكي تكون فاعلة يجب عليها تفعيل وظائف الرقابة حيث يمكن بيانها بالتالي :
 رقابة وقائيةPreventive Controls  : ويقصد بها الإجراءات التي توضع لغاية منع أي أخطاء أو انحرافات أن تقع، ويتضح هذا من خلال أنظمة الضبط الداخلي، وتوجيه إدارة التدقيق الداخلي في كشف القصور، فهي تمنع وتقي قبل وقوع الخطأ، ولعل الالتزام بالقوانين واللوائح عند التنفيذ  هو الضامن الرئيسي لمنع الخطأ.
مثل الاتفاق على معايير سلامة الفنية للأبنية الوقفية بعد اعتماد المكتب الهندسي في مؤسسة الوقف، أو وضع سياسات الاستثمار في رفض صيغة مالية بعينها، لأن فيها مخاطرة عالية على أموال الوقف، كمنع المتاجرة بالعمل والبورصة لمظنة المخاطرة العالية.
 رقابة كاشفة Detective Controls : وتعنى الإجراءات التي تكون لاكتشاف الأخطاء عند وقوعها، مثل  اكتشاف الشيكات المسترجعة من العملاء، أو وجود تسجيل غير مكتمل للحجية الوقفية بسبب شرط معلق، أو وقف مجهول المصرف، أو ما يسميه الفقهاء " الحبس المبهم" ، فتأتي هذه الرقابة لغرض إزالة الخطأ، واستكمال المعاملة.
 رقابة تصحيحية  Corrective Controls:  هي الإجراءات المتأخرة والتي تهدف لتصحيح الأخطاء عندما يتم تكتشف، وهنا يقع التدقيق وتوجيه الإدارة التنفيذية باتخاذ اللازم لحل المعضلة، وقد لا تكتشف في الرقابة الداخلية، بل تكتشف لاحقاً من قبل مجلس النظارة، أو عند تدقيق المحاسب الخارجي، وهكذا.
هذه مراحل الرقابة تعزز مبدأ المساءلة، فلا يمكن أن يكون الناظر قادراً على التصرف بما يريد بدون أن يكون هناك رقابة ومساءلة له، تجنباً لوقوع الأخطاء أو الممارسات الخاطئة.
وإن كان الفقهاء قد أجازوا قديماً أن يكون الواقف ناظراً، أو أحد أبنائه كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عليه، فقد كان الوقفُ في يَدِه إلى أنْ ماتَ، ثم بِنتُه حَفصَةُ تولت هذا الوقف، إلى أنْ ماتتْ، ثم ابنُه عبدُ اللهِ" فقام عليه ورَعاه، ومهما بلغ قرب الناظر من الواقف نسباً وصهراً، إلا أنه يجب أن يخضع للمساءلة والمراقبة دائماً.
ثالثاً: كيفية تطبيق المحاسبة 
فهمنا من حديث ابن اللتبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاسبه: عندما قام خطيباً بالمسلمين وقال: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت، بصر عيني، وسمع أذني" .
وقد تعددت الحالات التي يضمن فيها الناظر حال تقصيره وتفريطه في العين أو فيما كان في الذمة، أو حال تعديه، كأن يتصرف في الوقف تصرفا يعود نفعه على نفسه، فإن هذا العمل يعد تعدياً، ويحسب للوقف ما فات عنه من مصالح .
لا سيما وقد تقع أخطاء إدارية مالية غير مقصودة أو مقصودة، مثل مسألة تضارب المصالح، ومن هنا جاءت بعض المؤسسات الوقفية وأشارت إلى أهمية التعامل الصارم مع هكذا مسائل، فقد نص قانون الهيئة العامة للأوقاف في السعودية على موضوع تضارب المصالح، " لا يجوز أن يكون لأي من أعضاء المجلس أو موظفي الهيئة أو أقاربهم حتى الدرجة الرابعة، وجميع من له علاقة بإدارة أعمالها، أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في أي مشروع أو اتفاق يعقد مع الهيئة، كما لا يجوز له أن يتعامل بالبيع أو الشراء أو غير ذلك لحساب نفسه أو لحساب الغير في أموال الأوقاف التي تكون الهيئة ناظرة عليها أو مديرة لها، ويكون باطلاً أي تصرف مخالف لأحكام هذه المادة" .
رابعاً: كيفية تطبيق المسؤولية 
عندما قام النبي صلى الله عليه وسلم بمساءلة ومحاسبة عامله على الصدقة، لم يكن يتعامل بصفته نبياً فحسب، بل كان هو رئيس الدولة بالمعنى المعاصر، وهذه هي المسؤولية التي يجب على من تولى الوظيفة العامة أن يقوم بها، وقس على هذا باقي الترتيبات الإدارية المعمول بها في المؤسسات الوقفية.
وأبرز مستوى يجب أن يحقق موضوع المسؤولية هو مجلس النظارة أو مجلس الإدارة ، أو بالتعبير مسؤوليات مجلس الإدارة [The Responsibilities of the Board]، حيث يجب أن يتم التعامل بعدالة مع جميع المساهمين، مع التوافق على القوانين والإشراف على متابعتها . 
إذ أن له خصائص تميزه عن باقي المستويات Board of Directors’s Characteristics ، خصوصاً إذا امتاز بالاستقلالية Non-Executive Director  ، وقضية الاستقلال من التحديات التي تواجه تأسيس المجالس عموماً، وهذا ما يجعلنا نقول إنه يجب أن تكون الاستقلالية في ثلث أعضاء المجلس.
والتخصصية وكفاءة المهارات المطلوبة كي يضع الإستراتيجية ويشرف عليها، فهو نقطة قوة للمؤسسة إذا كان لديها" مجلس إدارة مستقل، تحقق عوائد أعلى على الملكية، ولديها هامش ربح أعلى، وتمنح توزيعات أكبر، وتقوم بإعادة شراء الأسهم بشكل أكبر" ، هذه الامتيازات لمجلس الإدارة تلزمه بتحمل مسؤولياته.
وهذا يعزز أهمية أن يكون لدى مجلس الإدارة مدونة قواعد السلوك Code of Conduct، وهذه المدونة تُعنى بقواعد سلوك توضح توقعات مجلس الإدارة من أدوار أعضائه وفعاليتهم، من خلال القوانين واللوائح التي تعزز المشاركة الإيجابية لديهم.
وفوق هذا كله، يجب أن يكون هناك مبادئ أساسية يجب الالتزام بها لنجاح أعماله ، كالثقة من قبل الواقفين أو أصحاب الأملاك، وحضور الإجماع والانسجام بين أعضائه، وقوة قراراته ضمن القيم المؤسسية، والسيطرة على الأعمال المؤسسية.
هذه القوة في المجلس أو ما يمكن أن نسميها بــ " الكفاءة المهنية"، Professional Proficiency ، تمكنه من الرقابة على الإدارة التنفيذية وضبط الأعمال المؤسسية بشكل دوري أو غير دوري، أو على تعبير أحدهم بــ " الرقابة المفاجئة" .
والتوجهات العامة التي يمكن ملاحظتها في مجالس الإدارات للجامعات الأمريكية التي تعتمد الأوقاف كداعم للسياسات التعليمية هو التركيز على دور أعضاء مجالس الإدارات في تطوير الحوكمة في بنية هذه الأوقاف التعليمية.
كما أن هذه القوة التي يحوزها المجلس تعطيه الحصانة أمام تدخلات الدولة، كما يرى ابن تيمية 726هــ:" ليس للحاكم أن يولي ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص، إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله" .
فمجلس النظارة صاحب الولاية الخاصة على الوقف، وقاعدة الفقهاء تقول الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة  ، وما دام يمارس صلاحياته ويرى أن ما يعمله في الوقف " مصلحة" ، أو بعبارة الونشريسي من المالكية:" يفعل المتولي ما يراه صالحاً، ويستعين برأي غيره من أهل الفهم والدين والرأي" ، وهذا ما تعنيه النظارة، وهو " إطلاق التفويض للناظر، وذلك بأن يفوض الناظرُ بجميع أعمال النظارة" .
وعلى هذا، لا يمكن أن تتدخل الدولة أو سلطة القضاء في الوقف مالم يظهر خلاف مصلحة الوقف، وبعبارة فقية" أنه لا يعزله القاضي بمجرد الطعن في أمانته، بل بخيانة ظاهرة بينة" ، أو كما يقول علماء المالكية إن:" القاضي لا يعزل ناظراً إلا بجنحة، وللواقف عزله ولو بغير جنحة" .
إذا تطرقنا إلى هذا المعيار في قطاع الوقف نجد أن استعمالاته عند خبراء الحوكمة تتوافق مع نظرات وآراء الفقهاء سابقاً من أن المسؤولية تسعى إلى زيادة قيمة Worth  الشركة أو عند الفقهاء الأصول الوقفية، وضمان استمرارها أو ما يعرف بالاستدامة Sustainablility  ، وهو قريب من إجماع الفقهاء على أهمية التأبيد واستمرار الوقف، وهذا كله سيجعل الشركة أو الوقف يكبر ويتجه نحو التوسع Expansion.
وهذا ما تتجه إليه الأعمال في الدول والمؤسسات من إيجاد استدامة مالية قائمة على مصادر الوقف، لأن طبيعة الوقف التأبيد والاستمرار، وهذا لن يتحقق إلا بنظام الحوكمة، كما في المشروع الذي تديره دولة فهمت من الوقف الديمومة والاستمرار، كما في الشكل التالي :


إن معيار المسؤولية من المعايير الرئيسية التي يمكن من خلالها أن تنفذ مؤسسة الوقف خطتها الإستراتيجية والتنفيذية بكل قوة وحزم وإتقان. 
وعموماً كانت المرأة المسلمة على دراية ومسؤولية عندما فهمت المجتمع ومتطلباته واحتياجاته، وأسهمت في خدمته، وأسست أوقافاً كبيرة تلبي احتياجاته، فهي أول من أسس جامعاً يعتبر الأول بالأوقاف الجامعية، كما فعلت المحسنة الواقفة فاطمة بنت عبدالله الفهري الملقبة بأم البنين، التي أنشأت جامع القرويين، وهو أقدم أوقاف النساء في شمال أفريقيا ، وهذا ما كان لولا شعورها بالمسؤولية كواقفة، فضلاً عن أنها ناظرة وعاملة فيه.
ولعل التطوع والمبادرة من القضايا التي ترنو إليها العديد من النساء، بل في بعض الأحيان تسبق الرجل فيها بكل جدار، ولهذا نجد الكثير من أوقاف الإسلامية في بعض الدول تعود إلى نساء، لأن إيمان المرأة بالوقف والعطاء أكبر من الرجل عموماً، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نشرت دراسة تؤكد أن 80% من الموقفين هم من النساء في إمارة الشارقة في دولة الإمارات .
خامساً: كيفية حفظ حقوق الواقفات
ولكن مع حفظ حقوق الواقفين، لا يمنع هذا من صرف الزائد من ريع الأوقاف في مصارف تقارب شروط الواقفين، كما يقول شيخ الإسلام:" إن الواقف لو لم يشترط هذا فزائد الوقف يصرف في المصالح التي هي نظير مصالحه...وما فضل من ريع الوقف واستغني عنه، فإنه يصرف في نظير تلك الجهة، كالمسجد إذا فضلت غلة وقفه عن مصالحه صرف في مسجد آخر، لأن الواقف غرضه في الجنس، والجنس واحد، فلو قدر أن المسجد الأول خرب، ولم ينتفع به أحد، صرف ريعه في مسجد آخر. وكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء، فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه، ولا إلى تعطيله، فصرفه في جنس المقصود أولى، وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف" .
نخلص إلى التالي من أن حوكمة مؤسسة الوقف تتحقق بمجلس نظارة فعال ومستقل، وثقافة مؤسسية تتيح للبيئة الداخلية أن تمارس الحوكمة بطلاقة، ولجان حوكمة - وتدقيق وتعيينات وغيرها كما سيأتي - في المجلس تعزز مبادئ حوكمة، يقارنه إطار رقابي.
ومن النماذج الوقفية النسائية التي أسهمت في الإبداع والاستمرار المؤسسي، والابتعاد عن العفوية في الأداء، وحافظت على حقوق الواقفة إلى يومنا الحاضر، وقف زوجة الخليفة سليمان القانوني روكسلانة أو خاصكي سلطان، وتوفيت عام (965هـ/ 1558م)، والتي استمر وقفها مئات السنين بسبب الإبداع في الإدارة والاستثمار  ، وما زال إلى يومنا الحاضر قائماً.

 

 

 

 

 

 

 

 

النتائج والتوصيات

بعد الانتهاء من هذه المقالة مبادئ الحوكمة للوقف النسائي، نرى من الأهمية نلخص أهم النتائج والتوصيات:

 تشكل الحوكمة أبرز المعايير التي تؤثر في القطاع المؤسسي، والقطاع الوقفي محل الدراسة تحديداً، إذ تبين لنا ومن خلال دراسات موثقة أن معيار الحوكمة هو من يسهم في تطور الأداء المؤسسي للوقف.
 يشكل حديث البخاري الذي ذكرناه سابقاً عن ابن اللتبية وحواره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتكزاً شرعياً في بيان أهم المبادئ الحوكمية في الإشراف المؤسسي ومنع حالات الفساد، وقد أشار الحديث بمنطوقه ومفهومه إلى بيان مبادئ الحوكمة الوقفية: وهي الشفافية والمساءلة والمحاسبة والمسؤولية وحفظ حقوق الواقفات.
 تعتبر التجارب الوقفية الغربية محل إضافة نوعية في الكشف عن أدلة الحوكمة في المجال الوقفي، ويمكن الاستفادة منها في تطوير الأداء الوقفي المؤسسي.
 لا بد من بيان المسؤوليات الإدارية التراتبية التي تحكم الأداء المؤسسي الوقفي، بدءا من الواقفة أو النظارة أو التنفيذية للوقف النسائي، وهذا يأتي ضمن معيار المسؤولية والإشراف العام.
 لقد أثبت لنا التاريخ الإسلامي قدرة بعض الأوقاف النسائية التاريخية في إثبات الأداء المؤسسي الحسن لأوقافهن، كوقف زبيدة ووقف فاطمة بنت عبدالله الفهري الملقبة بأم البنين ووقف وخاصكي سلطان  وغيرهن، مما قدموا نماذج وقفية نسائية كانت محلاً واضحاً للأداء المؤسسي.
 يجب العمل على تحسين الأداء الوقفي النسائي من خلال بيان قدرة الوقف على الامتثال وتطوير الأداء الوقفي القائم على إدارة المخاطر، لأن الوقف النسائي كغيره من الأوقاف يجب أن يتحرى الامتثال فيه مع إدارة المخاطر كي يتم فيه الاستدامة.
 أحد مشكلات الأوقاف النسائية كغيرها من الأوقاف الخيرية هو حصرها في المجتمعات والدول، إذ تشكل هذه الأوقاف ثروة حقيقة للمجتمعات والدول، ولكنها تعاني من مشاكل شرعية وقانونية وإدارية قللت من فعالياتها وأثرها الإيجابي على المصلحة العامة.
 أخيراً، نُوصي أي وقف نسائي منذ أن يؤسس أن يسهم في إثبات دليل الحوكمة في بنيه التنظيمية والمؤسسية والاستثمارية، فضلاً عن الشرعية والقانونية من خلال أركان الوقف المعروفة، وهي: الوقف، والواقف، ومحل الوقف، والموقوف لهم، وضمن العمليات الوقفية الرئيسية وهي الاستقطاب والتسجيل والصيانة والصرف واستثمار جزء من الوقف.

المصادر والمراجع:
ابن الهمام، شرح فتح القدير، علق عليه: عبد الرزاق المهدي، ( بيروت، دار الكتب العلمية، 1995).
ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع: عبد الرحمن بن محمد، ( الرياض، دار عالم الكتب، 1991).
ابن قدامة، المغني، تحقيق: عبد الله التركي، عبد الفتاح الحلو، (الرياض، دار عالم الكتاب، ط3، 1997).
ابن مفلح، الفروع، تحقيق: عبد الله التركي، (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 2003).
أحمد أشرف، خصائص الشركات واستخدام التقارير المالية في إدارة الربحية، (مصر،المجلة المصرية للدراسات التجارية، 2007).
أحمد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، (دمشق، دار القلم، ط2، 1989).
الأميرة فاطمة إسماعيل ومشروع الجامعة، نقلاً عن جامعة القاهرة، [www. cu.edu.eg].
أمينة فداوي، دور ركائز حوكمة الشركات في الحد من ممارسات المحاسبة الإبداعية، (الجزائر، جامعة باجي مختار، رسالة دكتوراه، 2014).
البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، تحقيق: ابراهيم أحمد، (مكة المكرمة، دار عالم الكتب، 2003).
التقرير الاستراتيجي للأوقاف 2021-1996م، (عمان، المعهد الدولي للوقف الإسلامي، ط2، 2023م).
التقرير المالي للجامعة لعام 2019. [https://www.harvard.edu/sites/default/files/content/fy19_harvard_financial_report.pdf].  
حاشية ابن عابدين، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، (بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1994).
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1996).
حسين سمحان، الحوكمة في المصارف الإسلامية، (السعودية، مجلة عبد الرحمن السديري، 2011).
حياة أحمودة، حوكمة الشركات كأداة لضمان مصداقية القوائم المالية، (جامعة الشهيد حمه لخضر، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية، رسالة ماجستير، 2015).
خالد الشعيب، النظارة على الوقف، (الكويت، الأمانة العامة للأوقاف، 2006).
الرحيباني، مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى، ( دمشق، المكتب الإسلامي، ط.ت.).
سامي الصلاحات، الأوقاف الإسلامية ودورها في مواجهة التحديات الاحتلال الإسرائيلي، (بيروت، مركز الزيتونة للدراسات الإستراتيجية، ط1، 2011).
سامي الصلاحات، التجربة الوقفية في دولة الإمارات، إمارة الشارقة نموذجاً، (الكويت، مجلة الأوقاف، الأمانة العامة للأوقاف، أكتوبر 2003).
سامي الصلاحات، حوكمة الأوقاف وإدارة عملياتها الرئيسية، (الرياض، مؤسسة ساعي لتطوير الأوقاف، ط1، 2018).
سامي الصلاحات، حوكمة مؤسسات الوقف، (جدة، جامعة الملك عبد العزيز، إدارة الوقف العلمي، ط1، 2022).
سعيد الراشدي، الإدارة بالشفافية، (عمان، دار كنوز المعرفة، 2006).
سوزي النقودي، قواعد حوكمة الشركات وانعكاساتها على ممارسات إدارة الأرباح، (مصر، مجلة البحوث المالية والتجارية، العدد1، 2012).
الشرواني، حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي، ضبط: محمد الخالدي، (بيروت، دار الكتب العلمية، 1996).
عاصم صفي الدين، كيف تؤثر قوانين حماية المستثمرين والحوكمة في التنافس على الاستثمار (2017)، نقلاً عن الموقع [hbrarabic.com].
عبد القادر الشيخلي، دور القانون في مكافحة الفساد الإداري والمالي، (بيروت، المؤتمر العربي في القيادة الإبداعية ، 2002).
عبد الله ابراهيم، الحوكمة من منظور إستراتيجي، (السودان، جامعة أم درمان الإسلامية، رسالة ماجستير، 2012).
عبد الوهاب نصر وشحاته السيد، الرقابة والمراجعة الداخلية الحديثة، (الإسكندرية، الدار الجامعية، ط، 2006).
عثمان طوباش، العثمانيون، (اسطنبول، دار الأرقم، ط1، 2013).
العجيلي، حاشية الجمل على شرح المنهج، (بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1996).
العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (القاهرة، دار الريان للتراث. ط.ت، 1986)، 12/364، فتح باب احتيال العامل ليهدى له.
علي لطفي، الحوكمة في إدارة وتنمية الموارد البشرية والإجراءات الإدارية، (القاهرة، مؤتمر إدارة الأزمات والكوارث البيئية، 3-4 ديسمبر 2005).
غازي أبو قاعود، أثر أبعاد الحوكمة في عمليات الإصلاح المؤسسي في الإدارة الحكومية، (الأردن، مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد 26، 2011).
فؤاد العمر،قواعد حوكمة الوقف، نظارة مؤسسة الوقف نموذجاً، ( الرياض، جامعة الإمام، كرسي راشد بن دايل، 2014).
فوزية باشطح، أوقاف المرأة في الحضارة الإسلامية: الوقف العلمي، نقلاً عن موقع [www.almesbar.net] بتاريخ 8 مارس 2023.
قانون الهيئة العامة للأوقاف في السعودية، رقم المادة [24]، 1437هــــ، ص13.
القرافي، الذخيرة في فروع المالكية، (بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 2001م).
مجيد الشرع، المحاسبة في المنظمات المالية، المصارف الإسلامية، (عمان، إثراء للنشر، ط1، 2008).
محمد أبو زهرة، محاضرات في الوقف، (القاهرة، دار الفكر العربي ط2، 1971م). 
محمد السويداوي، الحاكمية المؤسسية وأثرها على مستوى الإفصاح في المعلومات المحاسبية (الأردن، جامعة الزرقاء، رسالة ماجستير، 2015).
محمد العبدلي، أثر تطبيق الحاكمية المؤسسية على جودة التدقيق الداخلي في الشركات الصناعية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، (الأردن، جامعة الشرق الأوسط، كلية الأعمال. رسالة ماجستير، 2012).
محمد العشماوي، آليات حوكمة الخزانة العامة، (المغرب، ملتقى حوكمة الخزانة العامة، يوليو 2007).
محمد المهدي، نظام النظارة على الأوقاف، النظام الوقفي المغربي نموذجاً، (الكويت، الأمانة العامة للأوقاف، 2011).
محمد قلعه جي، موسوعة فقه ابن تيمية، (بيروت، دار النفائس، ط1، 1998).
مدحت أبو النصر، الحوكمة الرشيدة، فن إدارة المؤسسات عالية الجودة، (القاهرة، المجموعة العربية للتدريب، ط1، 2015).
مصطفى الحسبان، مدى إلزامية الحوكمة على شركات المساهَمة وأثرها في ضوء إصدار قانون الشركات الإماراتي الجديد رقم ( 2) لسنة 2015، (مجلة جامعة القدس، المجلة الأول، العدد41، 2017).
منتدى قضايا الوقف الفقهية السادس،  (الكويت، الأمانة العامة للأوقاف، ط1، 2013).
    نوال بن عمارة، المراجعة والمراقبة في المصارف الإسلامية، (عمان، دار وائل للنشر، ط1، 2013).
النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، (بيروت، المكتب الإسلامي، ط3، 1991م).
هاشم الجزائري وهشام معروف، ماهية حوكمة الشركات، (العراق، مجلة العلوم الاقتصادية، عدد 25، المجلد 7، 2009).
الونشريسي، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب، (بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1981).

Ministry of Higher Education, (2017), Enhancing University Income Generation, Endowment and Waqf, First Printing, KL, Malaysia, P30.
Almaghrabi, Mohammad. (2010), The Need of Corporate Governance in Family Businesses in Saudi Arabia, UK, City University London.
Alsehibany, Raniya. (2011), The Relationship Between Corporate Governance & Firm Performance: Evidence from the UK, UK, Bangor University WALES.
finance.harvard.edu/files/fad/files/harvard_annual_report_2018_final.pdf, Fabrikant, Geraldine. (2008), Harvard Endowment Loses 22%,  Dec. 3, See: (www.nytimes.com).
James Lockhart, (2015), ICMLG2015-The 3rd International Conference on Management, Leadership and Goverance, 12-13 Feb 2015, New Zealand, P57.