السمات المعرفية والأخلاقية للعلوم الطبيعية عند العلماء العمانيين

الباحث المراسلد. محمد الأمين بابزيز

Date Of Submission :2024-01-15
Date Of Publication :2024-01-15
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

المقدمة: 

يُعتبر البحث العلميُّ أحدَ أبرزِ مظاهر التميز المعرفي والتفوق الحضاري، ويسعى هذا البحث إلى إبراز السمات المعرفية للعلوم التطبيقية لدى العلماء العمانيين؛ إذ ينطلق من سؤال محوري عن أهم المقومات المعرفية والأخلاقية للتراث العلمي العماني، ومدى ارتباطها بالنموذج العلمي الإسلامي، الذي ازدهر بين القرنين (السابع والرابع عشر الميلاديين)، على يد علماء فطاحل أمثال ابن الهيثم والبيروني والرازي وابن طفيل وابن سينا وغيرهم.

تنبع أهمية هذا البحث من ربط العلوم التجريبية لدى العلماء العمانيين بالنموذج المعرفي الإسلامي، وهنا لابد من التركيز على خطورة التمييز بين النماذج المعرفية، بحيث لا يكون هذا التمييز أيديولوجيا، بمعنى تعصُّبيا ومذهبيا، وإنما لا بد من البحث عن النموذج وفق آليات معرفية محضة، فهناك نماذج تؤطرها سمات معرفية وأخلاقية، ومن خلال هذه النماذج يمكن للخطوات العلمية والتصورات البحثية أن تتقدم وتتطور، وهكذا تعتبر النماذج بالنسبة للمعرفة حاضناتٍ وقوالبَ ترعى نمو المعرفة وتقدمها.

ظهرت فكرة النماذج المعرفية مع الفيلسوف الأمريكي توماس كوهن (ت1996م) ويعني بفكرة النموذج (البراديغم Paradigmالنمط الفكري الذي يؤطر فهوم العلماء ويوجهها نحو تجاوز المشاكل العلمية وحلها (كون، 2007، 117)، وهو نمط سائد لدى جماعة علمية ما، في زمان ومكان ما، فيما يبقى هذا النموذج عرضة للتحولات والثورات، في سبيل تأسيس نمط جديد ملائم للواقع الجديد.

وتحمل فكرة النموذج المعرفي خصوصية بالغة في الإطار الإسلامي؛ لأن النموذج الذي يتعرض للتحول، وهو ما يسمى بثورة البنية المعرفية، لا بد أن يحافظ على أصول ثابتة وقواعد مكينة، منبعها الصافي هو الوحي والأخلاق الإنسانية المشتركة، وقد تم التنظير للنماذج التفسيرية من مقاربة إسلامية من قبل العديد من المفكرين المسلمين المعاصرين، على شاكلة إسماعيل راجي الفاروقي (ت1986م) وأبو القاسم حاج حمد (ت2004م) وعبد الوهاب المسيري(ت2008م)... وغيرهم.

يَفترِض البحثُ تأسيسَ نموذج معرفي إسلامي، وفق أركانٍ أساسية، حددها المنظرون للمعرفة الإسلامية في: التوحيد، الوحدة الكونية، تعدد مستويات الحقيقة والمصدرية الإلهية للمعرفة (BAKAR, 2012, 3). ويستقي هذا النموذج المعرفي أصوله من الوحي القرآني والتوجيهات النبوية المتمثلة في سنته المشرفة، ويثريها بالتجارب الحضارية للثقافات البشرية، وقد سجل التاريخ انفتاح الفكر الإسلامي على التراث (اليوناني والهندي والصيني وغيرها)، وتشكل وفق الرؤى والتأويلات المتفاعلة ضمن المدارس التي أبدعها العلماء والفلاسفة والفقهاء المسلمون، فانبثقت عن ذلك خلاصةٌ حضارية إسلامية ذات طابع عالمي وأفق مفتوح.

يتعين على النموذج الإسلامي أن يخفف من الأزمات التي انتهى إليها النموذج الغربي، ولا يخفى على أحد، ما تطالعنا به الدراسات والنشرات من نتائج كارثية بيولوجية واقتصادية واجتماعية ونفسية وغيرها في كل المجالات، جرّاء ضياع بوصلة الأخلاق من يد العلم، واستقلالية المعرفية عن القيم، ولذا تعود الجامعات الآن إلى مقررات "أخلاقيات العلم"؛ لأن أفدح الضرائب المعرفية والأخلاقية تقع على عاتق الإنسان كإنسان، ما يلح بالعودة إلى الأصول الأخلاقية والدينية لحماية المجتمعات من الاغتراب والضياع.

يشير رشدي راشد إلى هذا البعد العالمي من اهتمام العلم العربي الإسلامي، إذ تميز عما سبقه بِسِمَة العالمية، ولا تعني العالمية مجردَ الانتشار الجغرافي، وإنما " بؤرة تواصل وتبادل لكل الحضارات التي ترعرعت حول هذا الحوض، مركز العالم القديم، وكذلك في أطرافه" (رشدي، 2011، 36)، فتولدت شبكةُ علاقاتٍ معرفية، يمكن اعتبارها النواة الأولى لتأسيس المراكز العلمية المفتوحة فيما يدعى راهنا بمؤسسات التفكير "Think Tank".

تنبع عالمية العلم العربي الإسلامي من عالمية الإسلام، فالإسلام جاء لكل البشر بشتى ألوانهم ومشاربهم وثقافاتهم، كما تجلت هذه الميزة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان فيهم العربي والرومي والفارسي، وأفادت التجربة الإسلامية من خبراتهم في الحياة وفي التخطيط للحروب، فكانت رسالة الإسلام نموذجا للتنوع الثقافي والتعدد الحضاري.

أنتجت الحضارة الإسلامية جهودا معرفية في شتى مجالات الحياة، أهمها على الإطلاق بناء الإنسان، إذ لم يعد الإنسان العربي ذلك الفرد الهائم على وجهه، كما كان عهده قبل أن ينزل عليه القرآن، بل أصبح يحمل فكرا ومنطقا غير معهود في بيئته، فأخذ من الشعر الفصيح خياله الخلاق، ومن صفاء الصحراء والبادية آفاق النظر والتأمل، ثم استلهم من القرآن الكريم روح البحث والانضباط والعمل ضمن فريق منضبط ووفق رؤية محددة.

أولا: النموذج الإسلامي للعلوم التجريبية.

أنتج النموذج الإسلامي عقولا جبارة انضبطت بما يسمى المنهجية العلمية scientific methodology، وتأسست على الملاحظة المنهجية systematic observation، والمزاوجة بين التجريب وبناء النظرية experimentation and theory building، ومن أهم مقومات نموذج العلم العربي الإسلامي ما يلي:

  1.  الروح العلمية وتأسيس التقليد المعرفي للعلم العربي الإسلامي.

يحدّد (BAKAR, 2012, 19) أهم تجليات الروح العلمية في الإسلام في حبّ الحقيقة واعتماد المناهج التجريبية لأجل التحقق من جوهر الأشياء وإدراك كنهها، وتحليل المفاهيم والأفكار دلاليا وبنائها منطقيا، وقد أبدع العلماء المسلمون آليات معرفية تجسدت في دراساتهم الفقهية والحديثية كما تجلت في إسهاماتهم التجريبية والفلسفية. وهذه الإسهامات منطلق لتأسيس تقليد إسلامي خاص، ينبغي تتبع روافده وتمثلاته في التراث الإنساني، ومقارنته مع النماذج المتمايزة عنه.

تأسست مدارس فكرية عديدة وعريقة في تاريخ المسلمين، من قبيل مدارس الكندي وقسطا وحلفائهم، وتكفلت هذه المدارس بتجهيز مكتبات معرفية ذات صيت وشهرة في التاريخ، تعكس هذه المكتبات رؤى متنوعة لأصول المعارف البشرية، "احتوت على النتاج العلمي والفلسفي لتقاليد متعددة الأصول واللغات... وأصبحت جزءًا من حضارة واحدة لغتها العلمية العربية" (رشدي، 2011، 38). وأنتج هذا التواصل والتفاعل مناهجَ جديدة وحقولا معرفية غير مسبوقة؛ مثل الجبر والإسقاطات الهندسية وغيرها.

ولم ينحصر السلوك العلمي والمنهجي على البحث والتأليف، بل ساد في وعي وسلوك المسلمين، وميّزهم بذلك اجتماعيا وحضاريا، إذ أصبح التنقل والسفر نهجا معتادا لدى المسلم لتحقيق رسالة طلب العلم، وبرز فرع أدبي جديد على يد العلماء والطلبة المسلمين، وهو المراسلات العلمية، كما انتشرت المراكز العلمية الشاملة لكل التخصصات من علوم الحديث والقرآن إلى الفلسفة فالهندسة والكيمياء والطب، فأسهمت في فتح معابر جديدة تسهّل الاتصال بين المراكز المنتشرة بين المغرب والمشرق (رشدي، 2011، 40).

  1.  مرجعية الوحي للعلوم التجريبية في الإسلام.

تجدر الإشارة إلى دور (التأمل/ التعقل) في الإسلام، ليس فقط كوسيلة لاستكناه ظواهر الطبيعة كما هو الأمر مع النموذج الغربي، وإنما كأداة (للتقرب) إلى الله تعالى، لذا يُعتبر البحث العلمي من صور العبادة في الإسلام، ويتكامل مع الوحي، في سبيل تحقيق فهم أبلغ للنصوص الدينية وتوليد معانيها وحفظ مقاصدها. 

تولدت العلوم التطبيقية في العقل الإسلامي عبر قراءات واعية ومتكاملة بين ظواهر الكون ونصوص الوحي، إذ انبرى ثلة من العلماء المسلمين في شتى ميادين المعرفة، تأسيسا لميادين معرفية لم يسبقوا إليها، وتوسيعا لمفاهيم وأبعاد أسهموا فيها، كتأسيس ابن الهيثم للبصريات وابن خلدون لعلم الاجتماع وإسهام ابن سينا في الطب والبيروني في مجالات عديدة، بناء على خطة تراعي الملاحظة النسقية والمنتظمة systematic observation، ثم التجريب وبناء النظرية (SARDAR, 2006, 108).

يمكن رسم إطار عام للنموذج الإسلامي في دراسة العلوم التطبيقية، من خلال السمات العامة التي تم رصدها في هذا المبحث، وفق النموذج الإسلامي، وقد سبق التلميح إلى أبرز السمات التي يتميز بها النموذج الإسلامي في البحث العلمي؛ نحو التوفيق بين الوحي والعقل والتكامل بين المعارف وخدمة الحاجات اليومية والواجبات الشرعية، وتجسير الحدود التخصصية والنزوع نحو العالمية، مما تجلّى في التراث العلمي الإسلامي، وسنسعى فيما يأتي إلى تفصيله عبر استعراض إسهامات العلماء العمانيين في العلوم التطبيقية.

ثانيا: تاريخ العلوم التجريبية في عمان.

يتفق معظم الباحثين على ضعف اهتمام العلماء العمانيين بالعلوم التجريبية، مبررين ذلك بأسباب عدة، منها انشغال الطلبة والمعلمين بالعلوم الدينية واللغوية أكثر من غيرها، ثم التقلبات السياسية والظروف المناخية القاسية، وعلى وجه عام، فإن الاشتغال بالعلوم التجريبية والطبية لم يكن أمرا متاحا وميسورا، ولا مشجعا في بيئة تعتبر أولى أولوياتها النهل من علوم الدين واللغة والشريعة (العبري، 2008م، 18).

يبدو أن مبرر الانشغال بالعلوم الدينية عن العلوم الحياتية غير سائغ أبدا، هذا إن سلمنا بهذه التقسيمات الفنية والاصطلاحية؛ لأن العلوم تجتمع كلها في غاية واحدة، تتمثل في تحقيق عبادة الله تعالى وتيسير حياة الإنسان لأداء عمارة الأرض والخلافة فيها؛ لذا فقد برز في التاريخ العلمي العماني مجموعة من الأعلام، ذاع صيتهم في مختلف العلوم التجريبية كالطب وعلوم البحار والهندسة وغيرها، بذلوا مهجهم وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل نفي الجهل عن أنفسهم وتنوير أمتهم.

  1.  أبرز العلماء التجريبيين العمانيين

نسعى هنا إلى استعراض مختصر لأبرز علماء عمان التجريبيين، والوقوف على أهم منجزاتهم المعرفية ومحفزاتهم الفكرية والاجتماعية، دون التوسع المفرط؛ لأن الغاية هنا استخلاص عوامل تفوق الأعلام في ميادينهم رغم الظروف الصعبة لبيئاتهم، دون إغفال إسهاماتهم المعرفية، واهتماماتهم في شتى الميادين العلمية.

أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري (ت 456ه).

هو أحد أبرز أعلام عمان والعارفين بصناعة الطب وفلسفتها وأنواع العلاج ومصادره، وقد أورد سيرته وأشاد به أكثر من واحد، يقول عنه القاضي صاعد الأندلسي (ت462ه/1070م) " كان كلفا بصناعة الكيمياء، مجتهدا في طلبها" (الأندلسي، 1998، 106-107).

ولد العلامة الأزدي في صحار، إحدى ولايات سلطنة عمان، وأثبت ذلك بنفسه في معجمه من خلال بيتٍ (الأزدي، 2015، 2/428) قال فيه: 

            بلادٌ بها شُدَّت عليَّ تمائِمي      وأوّلُ أرضٍ مَسَّ جِلدي ترابُها 

توفي العلامة الأزدي ببلنسية – إحدى حواضر الأندلس آنذاك- في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة 456 ه، مايو 1064م (الأندلسي، 1998، 106-107).

تتلمذ على يد الطبيب ابن سينا (ت427ه/1037م)، والتقى أبا الريحان البيروني (ت440ه/1048م) ونهل من علم الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170ه) (الأزدي، 2015، 1/55)، فاجتمعت في معجمه علوم اللغة والطب والصيدلة، وأهّله ذلك ليكون إضافة في قواميس اصطلاحات العلوم الطبية القديمة.

يعتبر معجمُ " الماء " أحدَ كنوز المعرفة بالطب التقليدي مما عده محققه – الدكتور هادي حسن حمودي- أول معجم لغوي طبي في التاريخ؛ إذ جمع بين المعاني اللغوية والطبية، وصدرت الطبعة الأولى منه 1416ه/1996م، والثانية 1436ه/2015م، وقد عُني الباحثون إثر صدور المعجم بالعلامة الأزدي وتراثه المفقود، فصدر كتاب " النباتات الطبية لأبي محمد الأزدي" للمؤلف داود سليمان داود، وعَقَد المجمّعُ العلمي للبحوث والدراسات بلندن ندوتين منفصلتين عن الكتاب، وتم تأسيس جمعية طبية باسم الأزدي " جمعية الأزدي الطبية "، للاهتمام بدراسة كتاب الماء دراسة علمية معاصرة، والتنقيب عن بقية تراث أبي محمد الأزدي وتراث الأطباء العمانيين (داود، 2005، 7).

رصد الدارسون لأبي محمد إسهامات معرفية في أكثر من ميدان، وقد أشار محقق المعجم – هادي حسن- إلى اهتمام الأزدي بمسألة " الذاكرة البصرية " (الأزدي، 2015، 1/25)، وهو ما لم يُسبق إليه من قبل أطباء العرب أو العجم، أمّا إبداعات عالم البصريات ابن الهيثم فكانت أساسا في دراسة أشعة الضوء وأثرها في تكوين الرؤية، وأشكال انتقال الضوء، وأمراض البصر، وبالتالي أبدع الأزدي وسبق إلى قضايا علمية على شاكلة الذاكرة البصرية، فأسهم في تأسيس علم تجريبي وفلسفي مكين.

يعلق الباحث صالح السيابي على إسهام الأزدي فيما يتعلق بالذاكرة البصرية أنه "وصف دقيق للغاية عرضه شخص عاش في ق5ه/ 11م، وبغض النظر عن قبوله اليوم في عالم التقنية والتصوير، فهو يؤكد قدرة هذا العالم على معرفة وظائف أجزاء دقيقة من جسم الإنسان، والعلاقة بين الدماغ والأعصاب وحاسة البصر والذاكرة" (السيابي، 2018، 104-105).

وأشاد بعض الباحثين بإنجاز آخر للأزدي، في ميدان الطب وتشريح البدن، سابقٍ لما اشتهر به العالِمُ الطبيب ابن النفيس، ويتلخّص في "وضع الأسس الأولى لفهم الدورتين الدمويتين الصغرى والكبرى، من قبل أن يتحدث ابن النفيس عن الدورة الصغرى بحوالي مائتي عام" (الأزدي، 2015، 1/31).

أحمد بن ماجد بن محمد السعدي النجدي العماني (ت906ه/ تقريبا 1500م). 

يعتبر البحار ابن ماجد أوسع الملاحين العرب شهرة، وأبقاهم ذكرا وأثرا، ومن فرط شجاعته أطلق عليه أحد الباحثين "أسد البحار" (بوحجام، 2015)، واشتهر لدى الملاحين البرتغال بلقب "الميرانتي Almirante"، ويعني باللغة البرتغالية " أمير البحر"، وذلك لسعة معرفته بطرق الملاحة وشجاعته في خوض غمار البحار وبالغ إفادته لمعاصريه ومن جاء بعده (إسلام، 1420هـ/1999م، 189).

يعد تطوير بعض الأدوات البحرية كالبوصلة أهم إنجاز لابن ماجد، فكان أول من استخدمها لغرض الاهتداء بها في الرحلات البحرية، وله مواقع بحرية ما زالت تسمى به في شواطئ الهند وأفريقيا (حمودي، 2000، 425)، كما طوّر (آلة الكمال) لتحديد القبلة ومواقع النجوم، وأدخل عليها بعض التحسينات بعد أن لاحظ بدائية الطريقة السابقة (القياس بالأصابع) ما عرف بعد ذلك باسم (الخشبات والألواح) (الغلاييني، 2015).

ومن أهم إسهاماته الميدانية ما اكتشفه من طرق بحرية لم يسبق إليها، فعبّد الطرق الملاحية لمن جاء بعده، وشهد له المتخصصون بذلك، إذ يؤكد أحد الباحثين بأن اكتشاف مسار " الاستدارة حول القارة الأفريقية" إنجاز يحسب لابن ماجد (كحيلة، 1410هـ، 68).

يستجمع الباحث ناصر بوحجام الخبرات التي تركها ابن ماجد للباحثين والربان الملاحين من بعده في قوله " وقد ساعدت هذه العلوم على اختصار الطرق الملاحية وقياساتها، ومواعيد السفر منها وإليها؛ مما ساعد على ازدهار التجارة بين البلدان، وسهل حركة التجارة بين القارات، وعمّق علاقات التواصل بين الشعوب" (بوحجام، 2015، 1/217).

ترك ابن ماجد مؤلفات قيمة ومفيدة، أحصاها بعض الباحثين في حدود ستة وأربعين 46 عملا، خمسة أعمال منها نثرية وواحد وأربعين 41 نظما، وما وصلنا من أعماله النثرية كتابه (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد) الذي ظل مرجعا للملاحين في المحيط الهندي حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي (عامر، 1426هـ، 78)، وطبع مرات كثيرة وترجم إلى لغات عديدة (الشيباني، 2015، 18)، كما وصلنا من تراثه المنثور ورقتان سميتا الفصول، ومن أعماله الشعرية أربعةً وعشرون 24 قصيدة وأرجوزة في أربعة آلاف وستمائة وثلاثة 4603 أبيات (خوري، 1991، 1/20).

تتوزع مخطوطات ابن ماجد في شتى المكتبات العالمية كالمكتبة الأهلية بباريس تحت رقم [95،2292ه] (عوض الله، 2005، 115)، كما تتوفر نسخ كتابه " الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" في البحرين والكويت وسورية والمملكة المتحدة وفرنسا (الشيباني، 1436هـ، 87)، وكذلك كتابه " حاوية الاختصار في أصول علم البحار" توجد نسخة منه في المملكة المتحدة وأخرى بباريس، و”الأرجوزة السفالية" توجد منها نسخة في روسيا (الشيباني، 1436هـ، 84-85) وأراجيز "السبعية" و"تحديد القبلة" و”الملعقية" و”هادية المعالم" توجد في باريس (الهاشمي، 1427هـ، 83)

وقد سار على هدي ابنَ ماجد خلفٌ من البحارة العمانيين، في مقدمتهم الملاح سليمان بن أحمد المهري من أهل ساحل بلاد المهرة، وهي المنطقة الممتدة من الشحر إلى مرتفعات ظفار الساحلية في عمان، وكانت له صولات وجولات في مجال الملاحة، كما ترك آثارا عديدة تعكس أصالة الملاحة العمانية، وتميّز الربابنة العرب (عامر، 1426هـ، 81).

راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف الهاشمي الرستاقي (ق10-11ه).

يعتبر الطبيب ابن عميرة سليلَ أسرة علم وفقه وطب، عائلة آل هاشم الرستاقية التي عاشت في القرون التاسع والعاشر والحادي عشر للهجرة، وتركت أثرا معرفيا وحضاريا بالغا في ميدان الطب، لا يزال الحاضر العماني مدينا لإسهاماتها، ولذلك يذهب بعض الباحثين إلى أنّ "ليس من قبيل المبالغة إن قلنا إن التراث الطبي الذي تركته أسرة آل هاشم الرستاقيين قد سد ثغرة في التراث العماني في الطب خاصة وفي العلوم التطبيقية عامة" (سلطان الشيباني ومحمد العيسري، 1436هـ، 202).

يعتبر الطبيبان الأخوان راشد بن خلف وثاني بن خلف (ق9-10ه) من سلف الطبيب ابن عميرة، وقد تركا إرثا علميا مشهودا، فألف الطبيب راشد منظومة لامية سماها "زاد الفقير وجبر الكسير" وغيرها من الإسهامات والمراسلات مع أطباء وأعلام زمانه، وكذلك الطبيب علي بن مبارك الذي كان مختصا في طب العيون مطلعا على علوم الفلسفة والصيدلة (السيابي، 2018، 108-113).

رَاكَمَ الطبيبُ ابن عميرة خبرات سلفه وزمانه، وتوسّع في استيفاء أدوات فنّه، فبزّ سابقيه ومعاصريه جميعهم، وأضحى أوسعهم تصنيفا وأكثرهم تدقيقا وتجريبا، فكان نموذجا للطبيب الذي جمع بين "اعتماد المصادر والتجربة والقياس والمشاهدة والسماع كآليات عمل يفيء إليهما في ممارسة الطب أو التأليف فيه" (الرستاقي، 1434هـ، 9).

جَمعت مُؤلَّفاتُه فوائدَ جَمّة، سجّل فيها الكثير من الخبرات، فكانت " تَشْرَحُ جسد الإنسان، وتصف وسائل الوقاية وطرق العلاج وتذكر الأدوية وكيفية تحضيرها وتبين قوانين الطبيب والشروط التي ينبغي أن يحققها من أراد ممارسة مهنة الطب، ومن خلال ذكر التجارب والمشاهدات، ومداواة الناس، بل إجراء العمليات الجراحية" (السيابي، 2018، 107). 

تُخلّد آثار التاريخ والجغرافيا عبقريةَ الطبيب ابن عميرة، من حيث اختيار موقع إقامته ومصحته بالقرب من عين الكسفة بالرستاق، والغرف المتنوعة ذات الكفاءة العالية بما يضاهي المصحات والمشافي المعاصرة، فهناك "غرفة للعلاج وأخرى لتنويم المرضى، ومكتبة لحفظ المصنفات الطبية، ومختبرا لطبخ الأدوية، كما يشتمل على حوض دقيق الصنع فوق ساقية الفلج، وآنية لسحق الأدوية" (الشيباني، الطبيب راشد بن عميرة حياته وآثاره العلمية، 1436هـ، 9).

تخصص ابن عميرة في علم التشريح خاصة العين، وتميزت تصانيفه بالرسومات؛ حيث تحتوي رسوما لأنواع المياسم الحديدية التي تستخدم في الكي حسب المرض، يذكر الدكتور ناصر العزري أنه كان "سباقا في التصنيف في هذا المجال لممارسة كانت موجودة لآلاف السنين، حيث عمل على توضيح ضوابطها وفوائدها ومضارها، ومتى يجب أن تستخدم أو لا تستخدم، كل ذلك مقرونا بصور توضيحية لكل آلة كي، ومواضع استخدامها، وهو مما لم أطلع على مثله في المؤلفات الطبية القديمة" (العزري، 2015، 7).

من خلال هذه الخبرات والإسهامات النوعية لأعلام عمان في ميدان العلوم التجريبية وفي مجالات حيوية متعددة كالطب والملاحة والصيدلة والتمريض وغيرها، وهناك مجالات أخرى لم نتطرق إليها على أهميتها لضيق المجال، ومراعاة لأشهر الأعلام وأبقاهم أثرا سواء على المستوى العماني أو العالمي وأوفرهم استكمالا للأدوات العلمية من التجريب والتأليف والتدريس والتطبيق، من المؤهلات التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الأعلام العمانيين كان لهم إسهام بالغ في شتى المجالات، وشاركوا عقول البشرية من كل الأجناس في دفع عجلة التقدم الحضاري والرقي المعرفي.

لا يخفى على الدارسين إقلال العلماء العمانيين من الاهتمام بالعلوم التجريبية مقارنة بالمجالات الأخرى كالدينية واللغوية وغيرها، على أن هذا لا يقتصر على عمان ولا يختص بها، وإنما يعود إلى ظروف ذاتية وخارجية مرت بها الأمة الإسلامية، من الجهل ونقص الوعي بأهمية العلوم التجريبية ودورها في تحقيق التمكين الحضاري، مما عكس تبعية للآخر فنتج عنه سطوة استعمارية على خيرات المسلمين وعقولهم وثمارهم، مما يلحّ على البحث في المقومات والعوامل التي أسهمت في ازدهار العلوم التجريبية في عمان، مع استحضار بعض الأمثلة الحية التي يمكن أن يُستضاء بها، في سبيل استئناف مسيرة الإسهام المعرفي والحضاري، والمضي في ريادة الأمم وحمل مشعل العلوم. 

ثالثا: السمات المعرفية والأخلاقية للعلوم التجريبية في عمان.

نستعرض سمات عديدة لربط التجربة العمانية بالعلم العربي الإسلامي، كرؤية تنزع نحو التكامل والتوفيق، وترتبط بمرجعية دينية، تؤسِّس عليها رؤاها ومنظوراتها، وتستفيد من مأثورات المناهج الوافدة، ثم تضيف وتنقد وتتجاوز وفق أسسها المعرفية والوجودية وعلى ضوء التجربة والواقع.

  1.  التكوين العصامي الجاد

قامت العلوم التجريبية على كاهل وهمم الأعلام العصاميين الجادين، في ظل غياب التكوين المدرسي المؤسَّس على التكامل بين العلوم الدينية والكونية، وهناك عوامل أخرى أسهمت في انتعاش العلوم التجريبية كالاستفادة من المؤلفات السابقة والمعاصرة لمواكبة تطور المعرفة، وكذلك التنقل والسفر لغرض الاحتكاك بكبار الأعلام ومشافهتهم، أو مراسلة بعضهم البعض لاستيضاح مفهوم أو إزالة إبهام، أو إعداد أجيال راغبة في العلم شغوفة به... وغيرها من المقومات التي سنضرب لها من الأمثلة ما يجلي مسار ازدهار تاريخ العلوم التجريبية في عمان. 

يعد التكوين العصامي تعويضا عن غياب التكوين المدرسي النظامي؛ لأن التعليم في الحقيقة مهمة عليا تتولاها هيئات متعاونة، تهيء للدارس سبل المعرفة وتغطي حاجاته الأساسية ليتفرغ لهدفه، ولا يمكن أن يتحقق التكوين العلمي المنشود في ظل الارتجالية، خصوصا في العلوم التجريبية، ومن الخطأ الاعتقاد أن " الشخص يمكنه أن يكون مهندسا مع قليل من التنظير وكثير من التطبيق والممارسة" (السيابي، 2018، 98)؛ لأن المجتمع العلمي هو من يحدد معايير المعرفة المقبولة.

  1. السند السياسي والدعم الاستراتيجي.

يعتبر الدعم السياسي للمدرسة عاملا حاسما لتمكين المعرفة في المجتمع، إذ يَسند طلاب العلم ويفرّغهم للدراسة، وبصدد الحديث عن دور الأئمة في تشجيع العلم يسجل التاريخ بشكل بارز دور الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي (ت 1091ه/ 1680م) ثالث أئمة اليعاربة، من خلال تشييده حصن جبرين (سنة 1086ه/1675م) وتهيئته بكل أسباب الراحة والتفرغ للعلم، ومن الناحية المعرفية فقد تم صياغة منظومة معرفية متكاملة، يتدرّج وفقها الطلاب وينهلون من شتى العلوم، ابتداء من الفقه والعقيدة وعلوم الدين إلى التاريخ والطب وعلوم الفلك، وقد شهد بإحكام الحصن وسخاء الإمام كلُّ من زاره، وتغنى به الشعراء والأدباء.

ينوه أحد الباحثين بجهود اليعاربة في تطوير الحياة العلمية فيقول: "وكان من جملة عوامل ازدهارها، الاهتمامات العلمية لأئمة اليعاربة، والرخاء الاقتصادي، والأمن والاستقرار والتسامح الديني، ولذلك فقد ظهر في عهدهم العلماء المتعددو التخصصات، ونسخت الكثير من الكتب" (السيابي، 2018، 97)

يرتقي البحث العلمي في ظروف الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويتقدم خطوات واسعة من خلال الدعم المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي، وحين تدعم الإرادة السياسية الجهود المعرفية تحصل المعجزات، وما أفلاج عمان سوى آيةٍ من آيات الإبداع والتميز التي لا تزال تنتفع منها الأجيال وتحفظ لسلفها الصالح الفضل والثناء، حتى عدها بعضهم عملا غير إنسي.

وحين نعود إلى العهود السابقة نجد أن التعاون الذي حصل من السيد برغش سلطان زنجبار إذ "أمر بإجراء الفلج، ودعا بالمهندس الشهير الشيخ محمد بن سليمان الخروصي العماني، فقام بالعمل خير قيام، وأجراه في سوق من الصاروج من مسافة تبعد عن البلد بأربعة أميال من المكان المسمى المتوني في شمال زنجبار، ووزعه في أنابيب من حديد، ودخل الفلج البلد سنة 1298هـ تقريبا 1881م، وفرح الأهالي بوصوله وعم نفعه جميع الناس" (المغيري، 2001، 336-337).

  1. التكامل المعرفي بين العلوم الشرعية والتجريبية.

تُحقّق المدرسة بناء معرفيا متكاملا بين العلوم الدينية والعلوم الحياتية والتقنية، بدل التركيز على جانب واحد من العلوم، وفي تاريخ عمان العلمي نجد طبيبا مبرَّزا كابن عميرة تعلم في مدرسة تهتم بجوانب متكاملة بين المواد الدينية وغيرها، ويسجل صاحب كتاب الرستاق عبر التاريخ أن ابن عميرة كان " يتعلم الخط والإملاء ومبادئ اللغة العربية، ومقدمات بسيطة في علمي العقيدة والفقه بما ينسجم مع عمر الطفل وقدرته الاستيعابية... ومعرفة الأيام وعدد الشهور القمرية ومبادئ الحساب وعلم المواريث ومعاملات البيع والشراء وحفظ الشعر" (الخروصي، 2002، 89).

نبغ وفق هذه الخطط والمناهج المدرسية ثلة من العلماء والفقهاء والمهندسين والأدباء والأطباء، كالشيخ علي بن عامر النزوي (1059ه/1649م) والشيخ القاضي ناصر بن سليمان بن مداد (1141ه/1729م)، وغيرهم في شتى المجالات المترابطة بين العلوم؛ كارتباط الفلك بالبحار والنبات بالطب، والهندسة بالقلاع والأفلاج، وقد تجلت البراعة العمانية في هندسة القلاع والأفلاج التي تعتبر سمة من سمات الحضارة العمانية.

وينوه العزري بتنوع المناهج النقلية والعقلية في المؤلفات العلمية التطبيقية (العزري، 2015، 3)، فالتراث العلمي العماني لم يقتصر على نصوص وخبرات موروثة عن السابقين، بل برز فيه أطباءُ تجريبيون سعو إلى توفير بيئات ملائمة للاختبار والتشريح ومارسوا مهمة الطب، كما لم يمنعهم التجريب من الغوص في مبادئ الطب وفلسفته، وهذا التناغم بين التجريب والتوسع في البحث ولّد مناهج ووفر مدارك واسعة لدى هؤلاء الأعلام، وأعطى قيمة علمية مضافة في تاريخ العلم، كما نلمس ذلك في إبداعات الأزدي وابن ماجد وابن عميرة وغيرهم مما سبق ذكره.

  1.  الجمع بين العلوم التقليدية والحديثة.

لا يخفى على المطلع في المصادر العلمية الإسلامية سمة الاتصال الفكري والحضاري بين المصادر والتجارب والأفكار، ومن تجليات هذا الاتصال ما تناقله الأطباء العمانيون من الاهتمام بالطب التقليدي مع الاطلاع على الطب الحديث، وما يسمى بتجبير الكسور التقليدي أوضحُ شاهدٍ على ذلك، ويمكن الاستدلال لذلك بسعي الكثير من المعاصرين لفتح نافذة على الطب البديل والتجارب التقليدية في العلاج.

يتواصل هذا البناء الفلسفي مع علماء تجريبيين ويثمر في مناهجهم لدراسة الطبيعة دراسة منتظمة وموضوعية، كاكتشاف ابن الهيثم لقوانين البصريات والبيروني الذي قاس أبعاد الأرض وتكلم عن دوران الأرض حول محورها، وغير ذلك من المنجزات التي حققت جوهر الوحي وأساس المنهج الإسلامي في بناء حقيقة عقلانية تجمع بين الوحي والعقل.

يقول رشدي راشد واصفا مسيرة تقدم العلم الإسلامي بأنه " تقدَّمَ مُحاطا بموكب من التحولات؛ تجددت العلاقات بين (التقاليد العلمية) الموروثة، فلم تعد على ما كانت عليه، وتغيرت محتويات (المكتبة العلمية) وإمكانياتها، وتوحدت بصورة ما (لغة العلم)، وزاد كثيرا عما كان عليه (تنقل) العلماء بين الأقطار" (رشدي، 2011، 42).

  1. تأثير المنهج النقلي على العلوم التجريبية.

انعكس المنهج النقلي التلقيني في العلوم الشرعية على العلوم التجريبية، وهذا الملمح قلما يُنتبه إليه، لأن المنهج في العلم أكثر أهمية من المضمون، وبالتالي أصبح المنهج النقلي والتلقيني غالبا على مضامين العلوم التجريبية، ومن دلالة ذلك ما ساد من تأثر العلوم التجريبية بالعلوم الشرعية أسلوبا ومضمونا.

إن الذهنية العلمية آنذاك كانت تعتمد الحفظ أكثر من التحليل كمعيار للعالِمية والصدارة المجتمعية، وبما أن النَّظْمَ أرسخُ حفظا وأيسر ترديدا من النثر، فإن العلماء سعو إلى صياغة منظومات تلقن مبادئ العلوم، وعلى أهمية الحفظ والتلقين لنقل المعارف، تتحول وسيلة الحفظ إلى غاية معيقة للفهم والتحليل، لذلك تتباطأ عجلة التطور والتنمية بسبب تحويل المكدسات المعرفية والنظريات الاجتهادية إلى نصوص محفوظة منقولة، وتؤول مخرجات هذه النصوص إلى قوالب وأنماط جاهزة تنتج المهنيين والحرفيين أكثر من الباحثين والمجتهدين.

وحين يترجح لدينا أن الخبرات البحرية والهندسية تم تناقل معظمها عبر المهنيين والحرفيين، دون تركيز وتدعيم من مؤلفات العلماء ودراساتهم، فإننا نتحفظ كثيرا في إطلاق مصطلح العلوم التجريبية على هذه الخبرات والتقاليد الحرفية، ولذلك ذكر مجموعة من الباحثين في كتاب (معدن الأسرار) المطبوع تحت إشراف وزارة الزراعة والثروة السمكية في وصفهم للعلوم التجريبية بأن " أغلبهم – أي العلماء- اكتسبها بالتلقين والتطبيق العملي.. أو مع ذوي الخبرة الطويلة والدراية.. ونسبة قليلة أخذت العلم عن الكتب والمراجع" (مجموعة من الباحثين، 1436هـ، 8).

  1. قلة التدوين والتراكم المعرفي في العلوم التجريبية.

يشير الباحث صالح السيابي إلى قلة الاهتمام بالتدوين في العلوم التجريبية مقارنة بالعلوم الدينية وأن علماء عمان " تركز اهتمامهم عليها – العلوم الشرعية النقلية- دون العلوم الكونية التجريبية، ودون غيرها من العلوم كالتاريخ والسير؛ ولذلك لم يدون العمانيون فيها كثيرا بالمقارنة مع العلوم الشرعية البحتة" (السيابي، 2018، 71)، مع اعتبار الحوادث التاريخية التي أتت على مكتبات ضخمة في تاريخ عمان، وما أتلفته أيادي الزمن من حملات تدميرية للحضارة العمانية، وبما أن التدوين من أهم عوامل مراكمة المعرفة وإخضاعها للدرس والفحص والنقد والتجاوز، فقد أسهم كثيرا في تقدم المعرفة وتجاوز اللاحقين لأخطاء السابقين.

هنا تكمن أهمية التراكم المعرفي والإضافة العلمية التي أسهم بها طبيب كابن عميرة على غرار ما برع فيه سلفه من أسرة آل هاشم في استيفائه للأدوات العلمية من التجريب والتأليف والسفر والاحتكاك بغيره، مما أهله ليترك أثرا غير مسبوق في الطب العماني، وهذا يعكس أهمية التجريب والخبرة الميدانية، والاستفادة ممن سبقه، بينما نجد الكثير من التراث الطبي يتراوح بين نَظْمِ المعارف العلمية لغرض تلقينها وتحفيظها أو نقل التجارب والتقاليد المتوارثة دون دراسة لها ونقدها على محك أسس العلم وضوابطه، والخلاصة أن العلوم العربية لا بد من تثمينها دون إهمال نقدها وتمحيصها.

  1.  السفر في سبيل العلم

يعتبر السفر عاملا فارقا في الانفتاح المعرفي والتزود، وهذا ما تميز به أبو محمد الأزدي الصحاري العماني إذ "غادر وطنه عمان في مقتبل شبابه ثم لم يرجع إليه إلى مماته، وقد أدركه الوعي الطبي من صغره" (الشيباني، أمالي التراث، 1435هـ، 1/302)، ولأن الأندلس كانت قبلة العلم والمعرفة خصوصا في مبتغاه من علوم الطب والنبات والصيدلة، فقد طوى الفيافي والأميال ليبلغ هدفه، وحفلت سيرته بلقاء أعلام زمانه ومجالستهم من ابن سينا والبيروني، واتسع أفقه المعرفي في علوم الطب والفلسفة واللغة والصيدلة وغيرها. 

وساهمت الرحلات العلمية في توسيع منظومة العلوم التطبيقية العمانية، فقد قصد الأزدي وابن ماجد وغيرهما بلدان عديدة لأجل التعلم، وقام الأزدي بالسفر إلى بلاد فارس حيث شافه البيروني في جرجان، وتعلم على يد ابن سينا.

  1. التبادل المعرفي وأدب المراسلات العلمية.

أسهم التبادل العلمي في إنشاء شبكة علاقات حضارية وبناء نظم سياسية وتشريعية على طول الحضارة الإسلامية العالمية، تمخض عنها وعي فردي وجماعي غير مسبوق، وتجلى في آليات التواصل المعرفية والمشاركة العلمية، عبر التراسل والحوار والإثراء (السؤالات والجوابات)، وربط الملاحظات العلمية بالعادات الاجتماعية، وترسيخ النظر التجريبي، وكما ورد عن الأزدي تنقله بين البلدان لمتابعة بحوثه الميدانية وجمع عينات من النباتات لإيجاد علاجات مناسبة للأمراض والمعضلات التي جابهها.

  1.  خدمة المجتمع وتسخير العلم للصالح العام.

لا يمكن إغفال البعد الإنساني في التجربة العلمية، ولاشك أن البعد الأخلاقي في الدين أكبر رافد له، وقد عرف علماؤنا ما يسمى اليوم بالقوافل الصحية، وكذلك المبادرات الفردية؛ فيروى عن علي عامر العقري [ق11/12هجري] ارتحاله بين القرى والبلدان لعلاج الناس، وسد حاجاتهم وإسعافهم " ففي التراث العماني شواهد على إقامته في بلدان عديدة من عمان لعلاج المرضى، يقيم في بلدة زمنا ثم ينتقل إلى الأخرى"، وقد أذكى هذا التفاني شعلة الإبداع في جهود العقري حتى وصل إلى أن "صنع بنجاح رجلا خشبية للفقيه الأديب المشهور خلف بن سنان الغافري [ت1125هـ] بعدما قُطعت رجله بسبب عاهة أصابتها" (الشيباني، الإنتاج العلمي، 2015، 13).

  1. التفاني المعرفي والإبداع في العلوم التطبيقية.

بلغ الاهتمام بالعلماء العمانيين حدودا كسرت قيود العجز، وعوّضت نقص التقنية، وقد سجل الشيباني الكثير من الملاحظات التي ينبغي التعمق فيها، إذ أومأ إلى أن العديد من حوارات الفزاري والعقري لا تعد مجرد سؤالات شخصية أو علمية، وإنما تعتبر مباحثات أو ربما هي تطلعات وآفاق معرفية كان يتشوف إليها البحث لتلبية حاجة البشرية وتجاوز حدود الطب والعلم، ولذلك فهي " تنم عن معرفة بالطب وأحوال المتطبب؛ وذلك أنه يصف الدواء زمانا ومكانا وحالا، ويفرق أحيانا بين الأدواء، وينقل تارة تشخيص المرض وما يعرفه من علاجات، ثم يوجه سؤاله إلى المسؤول عقب ذلك" (الشيباني، نوادر المخطوطات، 2015، 209)، كما ينبغي التنويه إلى أن الاستفاضة في بيان تفاصيل المتطبب والأدوية تجعل العالم ينظر إلى أبعاد متداخلة من البحث بداية من المرض العارض إلى الأبعاد الإنسانية والاجتماعية.

  1.  النَّظْم الأدبي للمعارف العلمية.

يبدو أن النظم عُرفٌ معرفي في الثقافة العمانية، وليس ذلك قصرا على علوم الشريعة والأدب بل طاول شتّى صنوف المعرفة، ففي الطب نظم الطبيب بشير بن عامر الفزاري، والشيخ خلف بن سنان الغافري، وراشد بن خلف الرستاقي صاحب زاد الفقير وجبر الكسير، وكذلك نظم ابن ماجد عالم البحار أكثر من عشرين أرجوزة.

ينبغي التنبيه إلى أن للنظم فوائد عديدة منها تسهيل الحفظ والتذكر وجمع المادة العلمية، بصورة أقرب إلى المنظومات الإلكترونية الحديثة، كما أنها تجمع بين أخلاق العلم والمادة العلمية المتخصصة، وكذلك بين الدعوة والتعليم، فتلمح بين تضاعيف العلوم ما يذكرك بعظمة الخالق وتجليه في خلقه وآفاقه.

  1. التزام الأمانة العلمية.

يسعى البحث الأكاديمي إلى تحقيق الأمانة وحفظ الجهود السابقة من خلال توثيقها وعزوها إلى أصحابها، وهذا مبدأ ديني وإنساني ومطلب معرفي، فقد عُرف عن علماء عمان مستوى عال من الأمانة، وكما ورد في كتاب الماء للأزدي ومؤلفات ابن عميرة وابن ماجد من ذكر للمدن، وتحقيق في أسماء الأدوية والنباتات وتشخيص للأمراض والعلاجات، وإحالتها إلى أصحابها وأماكنها، مما يعين على الفهم عبر التحديد (النسبي) للمعارف، ولذلك فإن عالما مثل الأزدي " لا يتقصد إلى ذكر المكان إلا إذا كانت ثمة ضرورة لذلك الذكر، كأن يكون أهل المدينة التي يطرأ عليها يسمون مرضا ما أو نباتا ما، بغير ما سمعه في مدينة أخرى" (السيابي، 2018).

  1. منهج الملاحظة والتجريب والمشاهدة.

 لا يزدهر العلم إلا على ضوء المنهج، وتختص العلوم التطبيقية بالصرامة والوضوح، وقد تقيد العلماء العمانيون بالمناهج العلمية، وتركوا إنجازات شاهدة على ذلك، فقد اعتمدوا على التجريب والملاحظة والتعميم والاستقراء. 

ورد أن الشيخ خميس بن سعيد الشقصي [ق11ه] ركز على منهج الملاحظة والمشاهدة وفسر ظاهرة الخسوف والكسوف واستفاد من التراكم المعرفي في ذلك (البراشدي، 2012، 196)، كما أن الشيخ العلامة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي " رصد طلوع الفجر لفترة طويلة قرابة عام كامل، فأدرك أن التغيير في وقت الفجر يعتمد على التقويم الشمسي، ووضع جدولا مبسطا سهل التذكر، مبنيا على الاعتدالين الربيعي والخريفي، وعلى الانقلابين الصيفي والشتوي" (الشيذاني، 2015، 18).

ودرس العديد من العلماء علم الفلك واستعملوه لخدمة الدين، ومنهم العلامة أبو المسلم البهلاني [ت1339ه] في كتابه نثار الجوهر حيث " شرح أنواع الخسوف والكسوف شرحا مستفيضا، موضحا آليات وأوضاع حدوث كل نوع، والخصائص الظاهرة في كل حالة" (الشيذاني، 2015، 11) وناقش مواقف العديد من العلماء من علم الفلك ونقض رأي من رد حجيته وشكك في أهميته.

واستخدم الطبيب راشد بن عميرة المنهج العلمي الرصين، في تشريح العين واتصالها بالدماغ، ليس اعتمادا على الخبرة وتوارث المهنة فقط، وإنما على التحليل والتقصي وإجراء التجارب. كما مارس ابن ماجد والمهري الافتراض والتنبؤ في رسم خرائط وتصور طرق جديدة للبحار، وقد سبق ابن ماجد إلى استشراف أهمية قناة السويس كمعبر بحري للعالم الجديد، وما سيفتح من علاقات ومنافع للتجارة والمواصلات.

  1. تطوير أدوات التجريب العلمي

ترك أحمد بن ماجد أثرا راسخا في علم البحار، وطور العديد من الأدوات البحرية، وتم اختياره رسميا من قبل اليونسكو ضمن قائمة العلماء المؤثرين لسنة 2021 ميلادي، وتماشى تطوير الأدوات العلمية لدى العلماء العمانيين بما يحقق المحافظة على البيئة واستخلاص موادها الطبيعية أو ما يطلق عليه حديثا بالتنمية المستدامة، كما استفاد العمانيون من العلوم الهندسية في تسليك القنوات المائية كإنشاء الأفلاج وطرق استخراج الماء من أعماق الأرض وفق معدات بسيطة وفعّالة، وطرق توزيع الماء عن طريق الشمس والنجوم، وفي العمران كنظام الحارات القديمة وبناء القلاع والحصون وغيرها مما يرتكز على قواعد علمية متقنة. 

يؤكد خليفة الحجي العبقرية الهندسية لدى الإنسان العماني " في هندسة هذه الأفلاج بأسلوب بارع ينبئ عن حذاقة الفكر العماني الأصيل" (الحجي، 2006، 177)، وشهد لذلك المستشرق ولكنسون حين قال عن استغلال العمانيين للأرض أنه " كان قائما على مستوى مرتفع من المهارة في كيفية استخدام المياه" (ولكنسون، 2003، 46).

  1. التأليف المعجمي والاعتناء بالمصطلح العلمي.

يعتبر التأليف المعجمي في الميادين العلمية عملا متقدما وغير معهود في العصور السابقة، كما هو الشأن اليوم في المعاجم المتخصصة في ميادين معرفية معينة، وتتطلب إلماما بتاريخ العلم وطبيعة التخصص وواقعه التجريبي، وهذا من المجالات التي برع فيها أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري، أحد أعلام عمان البارزين من خلال مؤلفه (الماء)، الذي عُدَّ أول معجم طبي لغوي في التاريخ. 

ولأهمية هذا المؤلف فقد عرضناه نموذجا للدراسة المعجمية المتخصصة عند العلماء التجريبيين العمانيين، وتناولنا منهجية مؤلفه كما فصلها الدكتور الحمودي محقق المعجم (الأزدي، 2015) ومنها: 

  • صناعة الأدوية وتعاطي الكيمياء، والنجاح في العديد من الخلطات التي ابتدعها من غير سابق.
  • الاهتمام بالتفاصيل التطبيقية، عبر التشخيص والتمييز والتفصيل، مثال ذلك ما أورده في الجذر (ب و ل)، إذ بين أسباب ألوان البول وأمراضه ودلالته على أمراض الأعضاء الأخرى.
  • توظيف سعة اللغة لإثراء المعجم الطبي، والتركيز على الدلالة الطبية مما لم تتطرق إليه المعاجم اللغوية غالبا.
  • استيعاب الأمراض النفسية وتأثيراتها على الأعضاء، مع ذكر تأثير سوء المزاج في حدوث الأمراض ومضاعفة ظواهرها.
  • الاعتماد على التجربة المخبرية بدل الاكتفاء بالنقل، مع حرصه على الاستفادة من السابقين ورد الفضل إليهم، على وجه الخصوص أستاذه ابن سينا والحكيم جالينوس.
  • الحسم في اختلاف الرؤى والمنظورات من خلال التجربة المخبرية، كما ذكر أنه "ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا عن طريق التجربة والقياس والمعاينة".
  • إلحاق الأعراض الجانبية بوصفات الأدوية، مع البحث عن أدوية لعلاج تلك الأعراض، والإشارة إلى من يمنع عليهم تعاطي ذلك الدواء كما هو الأمر في الوصفات العصرية.
 

 

الخاتمة: 

خلص البحث إلى مجموعة نقاط أهمها: 

  • عرف التراث العلمي العماني علماء فطاحل تركوا مآثر وإنجازات، كالطبيب الشيخ راشد ابن عميرة وعائلته آل هاشم وأسد البحار أحمد بن ماجد، والعالم الطبيب اللغوي أبو محمد الأزدي الصحاري.
  • التزم الجهد العلمي العماني بالنموذج الإسلامي، بجمعه بين التجربة والتنظير، وبين الوحي والعقل، وبين علوم النفس والروح والأبدان.
  • الأركان الأساسية للنموذج المعرفي الإسلامي هي: التوحيد، الوحدة الكونية، تعدد مستويات الحقيقة والمصدرية الإلهية للمعرفة.
  • أبرز سمات العلم العربي الإسلامي هي العالمية، وتعني مركزية التواصل بين الحضارات. ومن خلالها تم إنشاء مدارس عريقة ومراكز علمية رفيعة.
  • ميزة الروح العلمية في النموذج المعرفي الإسلامي ارتباطها بالوحي القرآني، وانضباطها بالمنهجية العلمية والتجربة الميدانية. 
  • أهم تجليات الروح العلمية في الإسلام الاهتمام بالحقائق العليا وتوسل الدليل التجريبي.
  • المعرفة الإسلامية تضرب بجذورها في أعماق الوحي، وتهدف إلى بناء قيم موضوعية للحقيقة، تدعى الخصائص الوصفية descriptive characteristics، للتدليل على أنها ليست أقل شأنا من الصفات الشكلية الأخرى كالشكل والحجم.
  • يتميز النموذج العربي الإسلامي بسمات عديدة، منها خدمة المجتمع وتلبية أوامر الشرع، تجاوز القطيعة بين الإنسانيات والعلوم التطبيقية، التوفيق بين الفلسفة اليونانية والوحي الإلهي.
  • خصائص العلوم التطبيقية عند العلماء العمانيين ثلاثة؛ منهج الملاحظة والتجريب والمشاهدة، تطوير أدوات التجريب والاعتناء بالمصطلح العلمي.

 

 

 

المصادر والمراجع

BAKAR, O. (2012). The history and philosophy of islamic science. Cambridge: The Islamic Texts Society.

SARDAR, Z. (2006). science and knowledge. In Z. SARDAR, How Do You Know? (pp. 90-215). London: Pluto Press.

إبراهيم خوري. (1991). أحمد بن ماجد منظر الملاحة العربية في بحر الهند في ق9ه/15م. الندوة العلمية لإحياء تراث ابن ماجد (صفحة 20). اللاذقية ، سورية: دار الحوار للنشر والتوزيع.

الرستاق عبر التاريخ. (2002). مسقط: المنتدى الأدبي.

جي رسى ولكنسون. (2003). الأفلاج ووسائل الري في عمان. (محمد أمين عبدالله،، المترجمون) مسقط: وزارة التراث والثقافة.

حسين العبري. (2008م). قراءة في ثلاث قصائد مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة. ندوة أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين (صفحة 18). مسقط: المنتدى الأدبي.

حمود بن حمد الغلاييني. (2015). العلوم البحرية وصناعة السفن في سلطنة عمان. إسهامات العمانيين في العلوم التطبيقية. مسقط: جامعة السلطان قابوس.

خليفة بن بدوي الحجي. (2006). نظام الأفلاج في سلطنة عمان بين معطيات الماضي وتحديات المستقبل. تأليف نوافذ على الماء والحضارة في بلاد العرب (صفحة 177). تونس: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.

داود سليمان داود. (2005). النباتات الطبية لأبي محمد الأزدي. لندن: دار الحكمة.

راشد بن عميرة الرستاقي. (1434هـ). منهاج المتعلمين. المحقق: عبد الله بن علي السعدي. مسقط: وزارة التراث والثقافة.

راشد رشدي. (2011). تاريخ العلوم فيما بين الإبستمولوجيا والتاريخ. لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية.

سعيد بن علي المغيري. (2001). جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار. مسقط: وزارة التراث والثقافة.

سعيد بن محمد الهاشمي. (1427هـ). بعض المخطوطات العمانية في المكتبات الأوروبية. مسقط: المنتدى الأدبي.

سلطان بن مبارك الشيباني. (1435هـ). أمالي التراث نظرات نقدية وقراءات جديدة في التراث العماني مخطوطه ومطبوعه. مسقط: مركز ذاكرة عمان.

سلطان بن مبارك الشيباني. (1436هـ). الطبيب راشد بن عميرة حياته وآثاره العلمية. الاحتفال بالذكرى المئوية الرابعة للطبيب والصيدلاني العماني راشد بن عميرة بن ثاني الهاشمي الرستاقي (صفحة 9). مسقط: اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم.

سلطان بن مبارك الشيباني. (1436هـ). مفتاح الباحث إلى ذخائر التراث الفكري العماني. مسقط: مركز ذاكرة عمان.

سلطان بن مبارك الشيباني. (27-1-2015). الإنتاج العلمي العماني. مسقط، عمان: وزارة التراث.

سلطان بن مبارك الشيباني ومحمد العيسري. (1436هـ). نوادر المخطوطات العمانية. مسقط: وزارة التراث والثقافة.

صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي. (1998). طبقات الأمم. المحقق: حسين مؤنس. القاهرة، مصر: دار المعارف.

صالح السيابي. (2018). العمانيون والعلوم التجريبية. بيروت لبنان: دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع.

صالح بن سعيد الشيذاني. (7 12, 2015). إسهامات العمانيين بعلم الفلك. إسهامات العمانيين في العلوم التطبيقية(جامعة السلطان قابوس)، صفحة 11.

عبادة كحيلة. (1410هـ). عن العرب والبحر. القاهرة: مكتبة مدبولي.

عبد الله بن محمد أبو محمد الأزدي. (2015). الماء: أول معجم طبي لغوي في التاريخ (الإصدار 2). المحقق: دكتور هادي حسن حمودي. مسقط عمان: وزارة التراث والثقافة.

عبد المنعم عامر. (1426هـ). عمان في أمجادها البحرية. مسقط: وزارة التراث والثقافة.

مجموعة من الباحثين. (1436هـ). معدن الأسرار في معرفة الصيادين والبحارة العمانيين بأحوال البحار. مسقط: وزارة الزراعة الثروة السمكية.

محمد بن قاسم ناصر بوحجام. (2015). أسد البحار العماني أحمد بن ماجد. سلطنة عمان: هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

محمد عوض الله. (2005). العلوم والفنون في الحضارة الإسلامية. مكتبة المتنبي.

موسى بن سالم بن حمد البراشدي. (2012). الحياة العلمية بعمان قي عهد اليعاربة. مسقط: النادي الثقافي/ دار الفرقد.

ناصر بن حماد العزري. (2015). إسهامات العمانيين في مجال الطب. إسهامات العمانيين في العلوم التطبيقية. مسقط عمان: جامعة السلطان قابوس.

ناصر بن سالم بن عديم البهلاني. (2004). نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر. مسقط: مكنتبة مسقط.

هادي حسن حمودي. (2000). علماء عمانيون عبر التاريخ. سلطنة عمان: وزارة الإعلام.