المهددات الطبيعية والبشرية للفن الصخري في ولاية العامرات بسلطنة عمان.

الباحث المراسلحبيب الهادي وزارة التربية والتعليم
سيف الأغبري محاضر زائر بكلية العلوم الشرعية وخبير مناهج بوزارة التربية والتعليم
سليمان الراشدي مدرب إدارة وثائق ومحفوظات وسريتها وأرشفتها

Date Of Submission :2022-12-07
Date Of Acception :2023-01-03
Date Of Acception :2023-01-03
Date Of Publication :2023-05-29
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

المهددات الطبيعية والبشرية للفن الصخري في ولاية العامرات بسلطنة عُمان
أ. حبيب الهادي.
أ. سيف الأغبري.
                        أ. سليمان الراشدي.
مقدمة:
 تعد دراسة الآثار من العلوم التي عنيت بالتعرف على مختلف جوانب النشاط البشري على مر العصور الزمنية، بحيث شملت كل شيء يصنعه أو يستعمله أو يتركه الإنسان بعد استخدامه نتيجة لتدخل الإنسان فيها بقدراته وأفكاره بما توفرت لديه من إمكانات قدمتها له بيئته أو تلك التي أبدعها عبر العصور من خلال تجاربه وخبراته التي عكست فنه ومهاراته في التعبير عنها (العيدروس، 2010).
 ويعد الفن مكونا رئيسيا في نسيج شخصية الإنسان التي جعلت منه أشكالا متعددة وأنماطا مختلفة؛ وعليه لا غرابة في أن يرسم الإنسان منذ فجر الإنسانية على جدران الكهوف والأسطح الصخرية. فالرسم إحدى امتدادات حاجة الإنسان الوجدانية والنفسية تعبيرا وإثباتا لذاته وطربا لأحاسيسه بالألوان وظلالها التي يقودها الخط المرسوم إبداعا؛ فالإنسان رسم ما شاهده، وما تفاعل معه في نطاق جغرافية البيئة التي عاش فيها، وكان هذا قدرا لا بد من الاستجابة له. فالخطوة الأولى رسم ما شاهده من أشياء ملموسة في رسوم تصويرية، وفي مرحلة لاحقة وامتداد لها، رسم الإنسان الأصوات، فكانت الكتابة (الماحي، 2015).
 وكمرحلة أولى لهذا الفن فقد عبر الإنسان خلال العصور الحجرية - قبل معرفته الكتابة - عن جوانب حياته وخصائص حضارته بالرسم والنقش على أسطح الصخور والأواني الحجرية والفخارية والرسوم الجدارية، وكانت هذه الرسوم بمثابة التعبير الذي أراد أن يسجل به الإنسان مظاهر حياته المتعددة، وأجواء بيئته وما تحويها، ونشاطه الاقتصادي، وأفكاره ومعتقداته، وأيضا أحواله السياسية ومعاركه وحروبه.
 ويمكننا من خلال تتبع هذه الرسوم والنقوش تكوين فكرة واضحة عن النشاط الإنساني خلال مرحلة العصور الحجرية، وهي المرحلة التي لم يكن الإنسان قد توصل فيها إلى معرفة الكتابة والتدوين ومن ثم تسجيل أحداثه وأفكاره ومعتقداته ومظاهر حياته في مجالات عديدة من خلال رسوم الإنسان البدائي الذي عبر عن حياته اليومية بنقوش حجرية ما زالت خالدة إلى يومنا هذا (جميلة، 2018).
 لقد انتشرت الفنون الصخرية انتشارا واسعا في مختلف أنحاء العالم، تزين الكهوف والأسطح الصخرية الممتدة عبر مجاري الأودية والسلاسل الجبلية، حيث أصبحت تلك اللوحات الفنية بمثابة متحف طبيعي مترامي الأطراف في العراء يروي لنا قصة الإنسان القديم بأفراحه وأحزانه، وصراعه المرير مع الزمن؛ من أجل العيش والبقاء.
 وقد ظهرت بواكير الفن الصخري في مختلف أصقاع العالم منذ آلاف السنين - وإن اختلفت أدواره الزمنية من منطقة لأخرى - حيث يعود تاريخ أقدمها إلى نحو ثلاثين ألف سنة قبل الميلاد تقريبا، والذي وجد في عدد من الكهوف الأوروبية منها (آهف لاسكو) بالجنوب الغربي من فرنسا، و(آهف التاميرا) بشمال شرق أسبانيا، جسد فيها الإنسان القديم بفنه الصخري صورة تاريخية متكاملة عن حياته في عصور ما قبل التاريخ بما تحويه من معاناة وأحاسيس مرهفة نابعة من صميم الوجدان والواقع المعاش حينذاك، وذلك من خلال استخدم الإنسان القديم أدواته المتواضعة المصنوعة من خامات البيئة في التعبير عن مشاعره وأحاسيسه حول ذلك في صورة نقوش ورسوم على الحجارة (الشريف، 2008).
 وتمثلت تلك الرسوم والنقوش في شتى مظاهر حياة الإنسان القديم، مثل: ممارسة القنص والالتقاط، واكتشاف الزراعة، وتدجين الحيوانات، واكتشاف المعادن وصقلها. كما أبدع الإنسان من خلال لوحات هذا الفن العريق، ليخلد بعضا من معتقداته وأنشطة حياته اليومية، الشيء الذي تعبر عنه لوحات تصور مشاهد الصيد والحرب، وليخلد كذلك حقائق حول الوسط الطبيعي الخصب الذي كان سائدا خلال هذه المراحل القديمة، وهذا الأمر تجسده بعض اللوحات التي تحتوي على حيوانات مختلفة، مثل: البقريات، والزرافات، والخيليات، ووحيدات القرن، والفيلة، والنعامات (أوموس، 2014).
 ولم تكن عُمان بمنأى عما يحدث في شتى أنحاء العالم، فقد عرف الإنسان العُماني القديم الرسم على الصخور منذ العصور الحجرية القديمة، وذلك قبل معرفته للكتابة، حيث كانت تلك النقوش مصدرا مهما من مصادر التاريخ العُماني القديم (الجرو، 2006)، فقد دونت تلك النقوشات والرسوم والكتابات أحداثا مختلفة عاشها سكان عُمان منذ القدم، والتي من خلالها نستطيع إعطاء ملامح عامة عن الجوانب الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية السائدة آنذاك.
الفن الصخري في عُمان:
 برز الاهتمام البحثي للفن الصخري بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، حيث كانت البداية في أوروبا؛ وذلك بحكم التقدم العلمي الذي شهدته أوروبا بعد الثورة الصناعية، فبدأ علماء الآثار بتجميع كتابات كثيرة عن فن ما قبل التاريخ، إلا أن الاهتمام بذلك في منطقة الشرق الأوسط تأخر كثيرا، حيث كان ظهوره مرتبطا بوصول الأوروبيين إلى المنطقة (معتد، 2017).
 لقد بدأت رحلات الاستكشاف والبحث عن الآثار في عُمان منذ القرن التاسع عشر الميلادي على شكل تقارير، أما التنقيب عن الآثار بشكل عملي فقد بدأ منذ منتصف القرن العشرين الميلادي، وذلك عندما ارتبطت الاكتشافات الأثرية في عُمان في بداياتها بالاكتشافات الأثرية في اليمن؛ لتقارب البلدين حضاريا، حيث قامت عليهما أقدم الحضارات في شبه الجزيرة العربية، إلا أن وجود الفن الصخري في عمان ذكر رسميا في الثلاثينات من القرن العشرين أثناء رحلة المستكشف البريطاني (بيرترام   توماس) في مناطق السلطنة الشمالية وأيضا الجنوبية، وقد كانت رحلته على الجمال (Fossati ، 2018) كما كان القرب الجغرافي والتشابه في خصائص السطح بين عمان واليمن عوامل مساعدة لهذا الارتباط. وبين عامي (1948-1989) م قام الرحالة البريطاني وليفرد ثيسجر (Wilfred Thesiger) برحلات لمناطق مختلفة في عُمان من شمالها إلى الجنوب، وقد سجَّل مشاهداته لمجموعة من النقوش على شواهد القبور والحوائط الأثرية، حيث أشار إلى أنها تحمل نقوشا وكتابات عربية قديمة (الجرو، 2006).
 ومن أهم البعثات التي قدمت إلى عُمان البعثة الأثرية المسماة (ببعثة فيلبس) من المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان، حيث بدأت بالتنقيب في محافظة ظفار عام 1952م واستمرت حتى عام 1962م، وقد كان الاهتمام منصبا على منطقة خور روري (سمهرم)، حيث قُدِّر عمر الآثار المنتشرة في هذا الموقع إلى (2300) عام (المنتدى الأدبي، 2012).
 كما أكد كل من الماحي والحراصي (2001) على أن ما يتوفر لدينا من دراسات متخصصة في الفن الصخري في عُمان خلال القرن الماضي يعد ضئيلا، وقد أشارا إلى أن تلك الدراسات هي دراسات كل من (Preston 1976)، (Clarke 1975)، (Jackli 1980)، (Alshahri 1988).
 وقد أشارت تلك الدراسات وما تبعها من مسوحات ميدانية إلى أن الفن الصخري يوجد في مواقع صخرية تتميز عن غيرها من التكوينات الصخرية بعدة مميزات من حيث: طبيعة الصخر، ونوعيته، وموقعه الجغرافي، وارتفاعه عن سطح الأرض، حيث يوجد الفن الصخري في الصخور الملساء خاصة التي تنتمي إلى الصخور الرسوبية ( الحجر الجبري) والمتحولة ( الشست)، كما يوجد في الأماكن المشاهدة والتي يستطيع الإنسان الوصول إليها بسهولة، مثل: الشرفات والملاجئ الصخرية التي كانت محل سكنى الإنسان، إضافة إلى الكهوف والمخابئ العميقة تحت الأرض، والتي كان الوصول إليها في عصور ما قبل التاريخ لا يتحقق إلا بصعوبة شديدة (معتمد، 2017).
 وبينما كان الفن الصخري في العصور القديمة ينتشر في الكهوف إلا أنه في العصور الأحدث منها - أي بعد العصور الحجرية - بدأت الرسوم تخرج للسطوح المكشوفة وعلى طرق القوافل (معتمد، 2017).
وفي عُمان ينتشر الفن الصخري على أنواع محددة من الصخور تتميز بوضوح الكتابة عليها، وبقائها لحقب زمنية طويلة بحيث لا تتأثر بعوامل التعرية المختلفة، حيث يوجد الفن الصخري في معظم البيئات العمانية وبالأخص في جبال الحجر وجبال ظفار؛ لتوفر الأسطح الصخرية النموذجية التي عبر فيها منتجوا الفن الصخري عن أنفسهم في صخور ملساء، ومن أهم تلك الصخور التي ينتشر فيها الفن الصخري: الحجر الجيري، وصخور الشست (Fossati, ، 2018) ويتضح ذلك من خلال (الشكلين 1 ، 2). 

شكل (1): نقوشات صخرية على الحجر الجيري من موقع الهبوة بولاية العامرات (تصوير: يوسف الأغبري)

شكل (2): نقوشات صخرية على صخور الشست من موقع الواديين بولاية العامرات (تصوير: يوسف الأغبري)
 ومن الصعوبة بمكان تحديد الفترة الزمنية التي بدأ فيه الإنسان العُماني بالرسم على الصخور؛ بسبب عدم توفر الدراسات حول ذلك، إلا أن هناك بعض الدراسات التي أجريت حول مكتشفات الفن الصخري في عمان أشارت إلى تحديد الفترة الزمنية لتلك المكتشفات، حيث أشار الحجري (2015) عند اكتشافه رسما صخريا قرب حصاة بن صلت بولاية الحمراء إلى أن خصائص هذا الرسم من مميزات رسوم العصر الحجري الحديث، أو ما يسمى بالعصر النيوليثي (9000- 4500) قبل الميلاد، إذ تتميز الرسوم الصخرية في هذا العصر بالواقعية من حيث أحجامها  التي تكون قريبا ومماثلة أو محاكية للواقع. وقريبا من هذه الرسوم توجد رسوم صخرية في وادي غول تعود إلى فترة أقدم من الألف الثالث قبل الميلاد، وامتداداً إلى الفترة الإسلامية (العدوي، 2018) .كما أشارت الدراسات الأثرية إلى أن عُمان تحتضن نوعين من الكتابات المسندية وقد كتبت منذ القرن الثالث قبل الميلاد (الجرو، 2018)، إضافة إلى ذلك فقد أشار الباحث الإيطالي (Fossati، 2018) إلى أن أغلب مشاهدات الفن الصخري في عمان يعود إلى فترة القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي. 
 أما النقوش الصخرية التي اكتشفت بسيح السعد بجعلان بني بو حسن - التي تقع بالقرب من الأحجار الثلاثية بالولاية نفسها – فقد أرخت لفترة ما بين حوالي القرن الأول قبل الميلادي إلـى الـقـرون الأولــى الميلادي من خلال تحليلها بواسطة (كربون 14) إلى أن هذه المواقد تميزت بطبقات حرق وهذا يعطي بعضا من الدلالات حول التأريخ الزمني لتلك الكتابات المنتشرة بالقرب من هذا الموقع الأثري (الجهوري، 2018).
 وفي مشروع نقوش ظفار تم التوصل إلى أن كل النقوش هي أشكال من الكتابة السامية الجنوبية القديمة التي كانت تستعمل في مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية، وبالتالي ربما كتبت قبل حوالي 2000  عـام (الجهوري، 2018)، وفي الغالب نجد بأن تطور الرسوم الصخرية ينتهى بظهور الكتابة عندما استطاع الانسان أن يكتشف الكتابة من خلال تلك الرسوم، بحيث يختزل الرسم الكبير في إشارات ورموز معينة حتى وصل في نهاية المطاف إلى الترميز بحرف ما يمثل حيوانا أو نباتا أو غيره، بينما تعود أقدم كتابة بالعربية الحالية عثر عليها في عُمان إلى القرن الثالث الهجري وكاتبها شاذان بن مالك (الخروصي، 2017).
 ويمكن القول من خلال مسح أدبيات ما قدمته الدراسات والمشروعات البحثية حول الفن الصخري في عمان بأن فترة ازدهار الفن الصخري كانت في الفترة الممتدة بين الألف الثالث قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي (Fossati, ، 2019).
جغرافية ولاية العامرات وطبيعة الفن الصخري فيها:
ولاية العامرات هي إحدى ولايات محافظة مسقط بسلطنة عُمان، تقع في نطاق سلسلة جبال حجر عُمان الشرقية، ويبلغ أقصى ارتفاع لها (2000م) في الجزء الجنوبي من الولاية (فضة وآخرون، 2016). ومن أبرز الظواهر الجغرافية في هذه المنطقة انتشار التكوينات الصخرية الأقدم على مستوى السلطنة (الجمعية الجيولوجية العمانية، 2011)، حيث تنتشر بها تلال جبلية تسمى محليا بـ (القرون أو السقوف)، كما تضم جبال الحجر الشرقي سلسلتين جبليتين رئيسيتين، هما: سيح حطاط والجبل الأبيض.
وتتميز طية حطاط بصخورها المتحولة والرسوبية، حيث تشكلت منحدرات ترتفع لمئات الأمتار تخترقها أودية عميقة كوادي عدي ووادي الميح ووادي السرين وغيرها من الأودية التي تصب في بحر عُمان (الكندي، 2018)، كما تنتشر في سيح حطاط المناظر الطبيعية الجبلية التي تشبه تلك الموجودة على سطح القمر (البلوشي، 2016)، إضافة إلى انتشار آثار ترسبات البحر وأحافير الحيوانات في حقبة الحياة القديمة، كما تبرز الطيات والصدوع الهائلة التي تكونت في العصر الطباشيري للعيان في وادي الميح وكذلك صخور الأفيوليت والصخور الجيرية (الكندي، 2018).


شكل (3): خطوط مستقيمة ومائلة في موقع آثار الأمواج المتحجرة في ولاية العامرات (الكندي، 2018)

شكل (4 ): جبال كربونات رمادية اللون تعود للعصر المتوسط في سلسلة جبال سيح حطاط وجبال العصر الثلاثي الجيرية الصفراء اللون في الجبل الأبيض بالقرب من قرية حيل الحريم (الكندي، 2018)
ومن الناحية المناخية فهي منطقة حارة صيفا ومعتدلة شتاء، تعاني من قلة الأمطار وبالتالي شح المياه الجوفية لذلك أغلب مناطقها جافة وقاحلة، ومعظم أفلاجها تعتمد على مياه الأمطار، ومن أشهر أفلاجها: الفلج الأسود بالحاجر، وفلج العامرات، وفلج البيرين، وأفلاج وادي الميح، وفلج المنظرية، كما توجد أفلاج دائمة الجريان وهي عبارة عن عيون تنبع من الجبال كأفلاج حيم وسمكت.
وقد كانت منطقة العامرات ونتيجة لأهميتها الجيوستراتيجية مسرحا مفتوحا للأحداث التاريخية ومركزا مهما ومؤثرا في عُمان؛ فمن الناحية الاقتصادية اشتهرت منطقة العامرات بأنها معبر تجاري وبشري من خلال الأودية الكثيرة التي تشق الجبال لتفتح منافذ بين الداخل والساحل، حيث يربط ممر قحزة غربا بين  العامرات من جهة ومحافظتي الداخلية وشمال الشرقية من جهة أخرى، كما يربط وادي مجلاص شرقا بين العامرات من جهة وقريات وما بعدها من بلدان الساحل الشرقي لعُمان من جهة أخرى، إضافة إلى أن الجبل الأسود جنوبا تتخلله معابر من خلالها ترتبط العامرات بوادي الطائيين بمحافظة شمال الشرقية.
واشتهرت العامرات بوجود مناجم التعدين منذ آلاف السنين، ومن أبرز المواد المستخرجة من هذه المناجم: (النحاس، الرصاص، اللاصف، الموميان) التي نشطت في العصور القديمة، ويؤكد ذلك مكتشفات التعدين في عدة مناطق من وادي الميح، ووادي عدي (البلوشي، 1996)، حيث أسهمت في قيام علاقات قديمة مع حضارات وادي الرافدين منذ 5000 ق.م (الخروصي، 2010). كما تدل النصوص التي تعود الى زمن الملك سرجون الأكدي (2340 - 2284ق.م) على أن مجان التي كانوا يستوردون منها أحجار الديورايت لنقش آثارهم عليها هي عُمان. 
ومن الناحية الزراعية والرعوية فقد كانت العامرات ومن خلال ما تتميز به بيئتها الجغرافية من تنوع فقد كان يمارس بها هاتان الحرفتان وما يتعلق بهما من صناعات عديدة كصناعة الجلود، والصناعات الصوفية، وصناعة السعفيات، وصناعة مشتقات الألبان وغيرها.
وقد أسهم التنوع الاقتصادي بالعامرات في العصور القديمة إلى إيجاد حراكا ثقافيا ودينيا نشطا ظهرت معالمه في الرسوم الصخرية التي تكثر في مناطق مرور القوافل التجارية ومحطاتها، حيث تزخر الولاية بالعديد من مواقع الفن الصخري التي تكثر بها الرسوم والنقوشات والكتابات. وتوجد هذه المواقع في الغالب على طرق القوافل البرية خاصة تلك التي تمر بالأودية المهمة لدورها في الترابط بين مناطق الاستقرار البشري، وتضمن هذه المواقع مجموعة كبيرة من لوحات الفن الصخرية التي تنتشر في عدة أودية، مثل: (وادي الميح، وادي عدي، وادي السرين، وادي حيم)، ومناطق أخرى في مدينة النهضة وقرية فؤاد وغيرها، وهذه الرسوم والنقوش تعطي صورة عن الواقع الذي كان يعيشه الإنسان في فترات تاريخية سحيقة حيث لم تكتشف الكتابة بعد. 
وتمثل هذه الرسوم والنقوش والكتابات أهمية حضارية كونها تعد جانبا من جوانب الإبداع عند الإنسان العُماني قديما، صور فيها الحالة الاجتماعية والدينية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع آنذاك، ومن نماذج تلك الرسوم رسمة للأفعى، حيث يذكر المختصون بأن لها رمزا دينيا خلال فترة الألف الثالث والثاني قبل الميلاد، وهناك رسوم لحيوانات مختلفة منها الوعل والخيل وبعض الحيوانات المفترسة، كما توجد رسوم للفيلة حيث يعتقد أنها عاشت في هذه المنطقة في العصور القديمة (الهادي، 2021).
وتقديرا لأهمية ما تركه الإنسان العُماني من آثار في مختلف المجالات فقد بذلت جهود ملموسة من قبل الجهات المعنية في السلطنة للتنقيب عن الآثار الحضارية في مختلف أرجاء السلطنة منذ فترة مبكرة من عصر النهضة العُمانية الحديثة. فقد أجريت عمليات التنقيب عن تلك الآثار سواء ما يتعلق منها بالفن الصخري أو غيرها، إضافة إلى رسم خطط وخرائط مستقبلية للبحث والتنقيب، والتنسيق مع مختلف البعثات المتخصصة، وإقامة دورات متعددة في هذا المجال.
أهمية البحث ومنهجيته:
على الرغم من الجهود المبذولة في سبيل التنقيب عن الفن الصخري وتوثيق مواقعه ولوحاته في مختلف مناطق السلطنة إلا أن هناك العديد من العوامل الطبيعية والبشرية التي تهدده سواء في ولاية العامرات محل البحث أو مناطق السلطنة الأخرى. لذلك فإن هذا البحث يحاول اسـتعراض تلك المهددات والمخاطر التي تتعرض لها مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات بسلطنة عمان؛ مـن أجـل لفـت الانتباه إليهـا، ومحاولــة التوصــل إلــى حلــول سواء على الأمد القصير أو تلك التي يتم إعدادها على الأمد الطويل والتي من شأنها المساهمة في الحد من مخاطر تلك المهددات، والمحافظة علــى مــا تبقــى مــن الفن الصخري. وسـيحاول البحـث تحقيـق هـذا الهـدف عـن طريـق عـرض أهم هـذه المهددات، ومواقع الفن الصخري التي تتعرض لها، مـع تدعيم ذلك ببعض الإحصاءات والصور التوضيحية كالأمثلة على تلك المخاطر في مختلف مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات، بهدف لفــت الانتباه علــى المســتويين المجتمعي والمؤسسي إلـى القيـم التـي يحملهـا الفن الصخري، ومـا يمكـن أن يحـدث فـي حـال فقـدان هـذا التـراث وخسارته، آملين أن تسـاعد نتائج هذا البحث الجهـات المعنيـة علـى وضـع ضوابـط وآليـات معينــة تســاعد علــى المحافظــة علـى الفن الصخري وصونـه وحمايتـه، واستثماره وتوظيفه كرافد من روافد التنمية المستدامة.
وقد اعتمد البحث في منهجيته على المعلومات والبيانات التي قامت الدراسة بتوثيقها ودراستها عن طريق استخدام المنهج الوصفي القائم على الزيارات والملاحظات الميدانية لمواقع الفن الصخري، وهو منهج شائع استخدامه في البحث العلمي أشارت إليه العديد من الدراسات العلمية (Cohen & Manion ، 1989) حيث يمكن توظيفه في جمع البيانات الوصفية والكمية من خلال استخدام أدوات جمع البيانات كالاستبانات والاستمارات ( Wallen & Fraenkel، 1991). ولغرض هذا البحث فقد تم تصميم استمارة لرصد المهددات الطبيعية والبشرية التي تتعرض لها مواقع الفن الصخري وما تحتويه من لوحات فنية. إضافة إلى الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها لتلك المهددات، والصور الجوية المتوافرة عبر برنامج جوجل إيرث (Google Earth). وفي الختام قدم البحث مجموعة من التوصيات التي يمكن أن تسهم في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الفن الصخري وتوظيفه في التنمية المستدامة.
مهددات الفن الصخري في ولاية العامرات:
  وقبل الخوض في المهددات الطبيعية والبشرية التي تهدد الفن الصخري في ولاية العامرات نبين هنا من خلال البحث الميداني أنه تم مسح وتوثيق الفن الصخري في جميع أرجاء ولاية العامرات، حيث تم حصر وتوثيق (7) مواقع عامة، هي: وادي الميح، ووادي عدي، وحيم، ومدينة النهضة، ووادي السرين، والخطم، والمنظرية، متضمنة جميعها (21) موقعا فرعيا (انظر الشكل 5)، خلال الفترة الزمنية من نوفمبر 2019م وحتى يناير 2021م، وقد أشارت الإحصاءات إلى أن جميع مواقع الفن الصخري محل البحث تضمنت (468) لوحة صخرية. ويعرض الجدول رقم (1) المواقع العامة للفن الصخري في ولاية العامرات، وعدد المواقع الفرعية، وعدد لوحات الفن الصخري، والنسب المئوية لها.



شكل (5): صورة جوية تضاريسية لمواقع الفن الصخري بولاية العامرات

 

جدول (1) المواقع العامة للفن الصخري وعدد اللوحات والنسبة المئوية لها
م المواقع العامة للفن الصخري عدد المواقع الفرعية نسبة المواقع الفرعية (%) عدد لوحات الفن الصخري نسبة لوحات الفن الصخري (%)
1 وادي الميح 10 47,62 313 66,88
2 وادي عدي 3 14,29 47 10,04
3 حيم 1 04,76 2 00,43
4 مدينة النهضة 3 14,29 62 13,25
5 وادي السرين 2 09,52 32 06,84
6 الخطم 1 04,76 5 01,07
7 المنظرية 1 04,76 7 01,49
المجموع 21 100 468 100

  كما يبين الجدول رقم (2) المواقع الفرعية وعدد لوحات الفن الصخري في كل موقع والنسب المئوية التي تمثله بالنسبة إلى العدد الكلي للوحات الفن الصخري في ولاية العامرات.

جدول (2) المواقع الفرعية للفن الصخري وعدد اللوحات والنسبة المئوية لها
م المواقع العامة للفن الصخري المواقع الفرعية للفن الصخري عدد لوحات الفن الصخري نسبة لوحات الفن الصخري (%)
1 وادي الميح مدخل الجام
وسط الجام
مخرج الجام
وادي الهبوة
الهبوة
المزرع الحدري
الجبتين
الرجع
الكور
حلحل 36
12
9
19
18
115
42
30
8
24 07,70
02,56
01,92
04,06
03,85
24,57
08,97
06,41
01,71
05,13
2 وادي عدي جبة الباب
المدخل
وادي الغبيرتين 7
24
16 01,49
05,13
03,42
3 حيم وادي صيد 2 00,43
4 مدينة النهضة قفل
وادي عمدة
وادي قزحة 25
7
30 05,34
01,50
06,41
5 وادي السرين مقيحفة
الرجع 26
6 05,56
01,28
6 الخطم وادي الثريمدي 5 01,07
7 المنظرية الواديين 7 01,49
المجموع 21 468 100

 لقد أكدت دراسة (الجهوري، 2016) إلى أن الفن الصخري يتعرض لتهديدات عديدة سواءً كانت مباشرة أو غير مباشرة، تعمل على تشويه هذا الفن، وفي بعض الأحيان تغيير ملامحه بالكامل، حيث أشارت إلى أن تلك العوامل يمكننا تقسيمها إلى نوعين هما:
أولا: العوامل الطبيعية:
 تعانـي الكثيـر مـن المواقـع الأثرية مـن خطـر عـدد مـن العوامـل والكـوارث الطبيعيـة التـي تحـدث ضمن النظـام البيئـي والجغرافي الـذي تقـع فيـه، وتتفـاوت هـذه العوامـل فـي تأثيرهـا في الشـواهد الأثرية حســب نوعيــة العامــل الطبيعــي، وقوتــه، وديمومته وتفاعلاتــه، وأيضــا حســب نوعيــة الأثر، وطبيعــة المــادة التــي صنـع منهـا، وظـروف حفظـه، وموضعـه فـي المجـال الجغرافي، وتتضمـن هـذه العوامـل الطبيعيـة الـزلازل، والبراكيـن، والسـيول الجارفــة، والفيضانــات، والمــد والجــزر البحــري، والتيــارات البحريــة، والعوامــل الجويــة والمناخيــة، ومنهــا الأعاصير، والريــاح، والزوابــع، والرمــال، والحــرارة، والرطوبــة النســبية المرتفعــة والمنخفضــة، والأمطار، والصواعــق، والحرائــق، والأملاح، والصــدوع، والهوابــط، وارتفــاع مناســيب الميــاه الجوفيـة وغيرهـا (الجهوري، 2016).
 وبما أن الأماكن العامة المفتوحة هي المسرح الكبير لهذا الفن فهي معرضة بشكل دائم ومستمر لعوامل الطبيعة، وبدورها تلعب هذه العوامل على تغيير ملامح هذا الفن، إذ تؤثر -على سبيل المثال- الرياح المحملة بالأتربة بشكل واضح على الرسومات الموجودة على اللوحات الصخرية، فنلاحظ أن الخطوط المكونة لهذه الرسومات يتغير لونها تدريجياً لدرجة عدم قدرة الباحثين على تميزها في بعض الأحيان، كما أنه عندما يكون فارق درجات الحرارة شاسعا بين الليل والنهار فتتعرض هذه الصخور إلى التشقق والتكسر (أوموس، 2014). وسـوف نتطـرق هنـا لبعـض أهـم هذه المهـددات الطبيعيـة علـى سـبيل المثـال لا الحصـر، فهـي كثيـرة لدرجـة أن كل مهـدد مـن المهـددات التـي سنسـتعرضها ينبثـق منه مهـددات أخـرى، ولكـن سـنكتفي بذكـر أهمهـا ومـا يؤثـر بطريقـة مباشـرة وكبيـرة فـي الفن الصخري بولاية العامرات، ويمكننا تلخيص العوامل الطبيعية المؤثرة على الفن الصخري في الآتي:
1 – التجوية والتعرية والتفتت الحبيبي:
 يلعب المناخ دورا كبيرا في تدمير النقوش الصخرية، إذ تسبب تقلبات درجات الحرارة في الصيف والشتاء إلى تصدع الصخور واتساع الشقوق، وهذا يسمح بتسرب المياه والرمال. ومع تكرار العملية تتجزأ الصخرة، فكلما ارتفعت درجة الحرارة والرطوبة ازدادت التجوية الكيميائية، وإذا انخفضت درجة الحرارة والرطوبة زادت حدة التجوية الميكانيكية. ويبرز تنوع أشكال التجوية وتفاوتها حسب كميات الأمطار ودرجات الحرارة (أوموس، 2014)، ويوضح الشكل (5) تأثيرات عوامل التجوية على الفن الصخري بالعامرات.
 كما تؤثر الرياح بشكل رئيسي في عملية حث وتعرية الصخور الحاملة للنقوش والرسوم الصخرية، ويختلف تأثيرها على الصخور باختلاف سرعتها، واختلاف صلابة الصخور ونوعيتها، وكذلك باختلاف مكان وجودها بالنسبة لاتجاه الرياح، حيث يزداد تأثير الرياح على الصخور في حالة غياب غطاء نباتي قادر على صد الرمال والحصى التي ترتطم بالواجهات الصخرية (أوموس، 2014).
 أما ما يتعلق بالتفتت الحبيبي للصخرة أو ما يسمى بالتجوية الكيميائية فهي عملية مجهرية، حيث تتعرض لتجزؤ دقيق، ناتج عن تحرر الجزيئات الصغيرة المكونة للصخور الرملية والذي ينجم عنه تفتت الواجهات الحاملة للنقوش والرسومات الصخرية، وهي عملية مدمرة للفن الصخري؛ بسبب إضعاف التماسك الموجود بين الحبيبات الرملية (أوموس، 2014)، ويوضح الشكل (6) تأثيرات التجوية الكيميائية على الفن الصخري بالعامرات.


شكل (6) تأثير التجوية والتعرية والتفتت الحبيبي على الفن الصخري بموقع مقيحفة (تصوير: يوسف الأغبري)

 ومن خلال نتائج المسح الميداني الذي قامت به الدراسة أن عوامل التجوية والتعرية وما ينتج عنهما من تفتت حبيبي أثرت بدرجات متفاوته على الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كانت بدرجة كبيرة في (11) موقعا من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (52,4%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (10) مواقع مثلت نسبة (47,6%)، والجدول (3) يبين تأثير هذه العوامل على مواقع الفن الصخري في العامرات.
جدول (3) تأثير التجوية والتعرية والتفتت الحبيبي على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها التجوية بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها التجوية بدرجة قليلة %
التجوية المزرع الحدري، الكور، حلحل، المدخل، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي، الواديين.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، وادي الهبوة، الهبوة، الجبتين، الرجع، جبة الباب، وادي الغبيرتين، وادي صيد. 
المجموع 11 52,4 10 47,6

2 – الرطوبة:
للرطوبة دورها في تلف الفن الصخري لما لها من تأثيرات فيزيائية، وكيميائية، وبيولوجية في عناصر الفن الصخري المختلفة، فهي تؤدي إلى تكون الفطريات والعفن عندما تلامس أسطح الصخور وتزيل طبقاتها، وتؤدي أيضاً إلى نمو الطفيليات والأعشاب بين المسامات والشقوق، وتبدأ في التمدد، فتزيد بذلك من مساحة التشقق والصدوع (الجهوري، 2016)، وتنتــج الرطوبــة عــن مجموعــة مــن المصــادر البيئــة مثــل ميــاه الأمطار، والميـاه تحـت السـطحية، وعمليـة الـتكاثــف. فالأمطار عنـد سـقوطها علـى أسطح الصخور تحـدث عمليـة تعريـة وإذابة، إضافة إلـى أنهـا تتجمـع فـي الثقــوب والفتحــات الصغيــرة ممــا يــؤدي إلــى نــزع الطبقــات الســطحية للصخور وحفــر قنــوات شــعرية، وإحــداث تعفــن ونمو فطريــات (الجهوري، 2016)، وقد وجدت الدراسة وجود نماذج عديدة من الفن الصخري بالعامرات متأثرة بعامل الرطوبة، خاصة تلك الواقعة في أخاديد جبلية أو قريبة من البحر، ويوضح شكل (7) تأثيرات الرطوبة على أحد مواقع الفن الصخري بوادي قحزة بالعامرات.  

شكل (7) تأثير الرطوبة على الفن الصخري بموقع وادي قحزة (تصوير: يوسف الأغبري)
 ومن خلال نتائج المسح الميداني وجدت الدراسة أن الرطوبة أثرت بدرجات متفاوته على الفن الصخري في ولاية العامرات وذلك راجع إلى البعد والقرب من المسطحات المائية كالبحر أو البرك المائية القريبة من مواقع الفن الصخري، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (7) مواقع من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (33,3%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (14) موقعا مثلت نسبة (66,7%)، والجدول (4) يبين تأثير الرطوبة على مواقع الفن الصخري في العامرات.
جدول (4) تأثير الرطوبة على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الرطوبة بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الرطوبة بدرجة قليلة %
الرطوبة المزرع الحدري، جبة الباب، قفل، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، الواديين.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، وادي الهبوة، الهبوة، الجبتين، الرجع، الكور، حلحل، المدخل ، وادي الغبيرتين، وادي صيد، وادي عمدة، وادي الثريمدي. 
المجموع 7 33,3 14 66,7

3 – الأملاح والرواسب الكلسية:
 تُعزى هذه الظاهرة إلى ترسّب الأملاح نتيجة تبخّر المياه التي تترسب داخل الصخور الأمر الذي يؤدي إلى تكوّن وتراكم البلورات الملحية لأملاح الصوديوم والكالسيوم والماغنيسيوم على السطح، ويؤدي تكرار ذوبان وتبلور الأملاح إلى إضعاف الواجهة الصخرية (المنقوش، 2019) مما يؤدي إلى انفصال الأجزاء الخارجية من الكتلة الصخرية في شكل قشور، ويحدث هذا بصفة خاصة في الصخور التي يوجد بها خطوط ضعف موازية للسطح؛ بسبب تأثير تتابع الحرارة والبرودة، وما يترتب على ذلك من تمدد وتقلص مواد الكتلة الصخرية، والذي يكون أقوى عند السطح منه في الأجزاء الداخلية، ولأن الصخور عموماً رديئة التوصيل للحرارة فإن الطبقة السطحية تنفصل بالتدريج عما تحتها على طول خطوط الضعف (المنقوش، 2019).
ومن خلال نتائج المسح الميداني يبين الجدول (5) تأثير الأملاح والرواسب الكلسية على الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (10) مواقع من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (47,6%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (11) موقعا مثلت نسبة (52,4%)، كما يبين (الشكل 8) مثال على ذلك.
جدول (5) تأثير الأملاح والرواسب الكلسية على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الأملاح والرواسب الكلسية بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الأملاح والرواسب الكلسية بدرجة قليلة %
الأملاح والرواسب الكلسية مدخل الجام، وادي الهبوة، المزرع الحدري، الجبتين، الرجع، حلحل، جبة الباب، المدخل، وادي عمدة، وادي قحزة، الرجع (وادي السرين).  وسط الجام، مخرج الجام، الهبوة، الكور ، وادي الغبيرتين، وادي صيد، قفل، مقيحفة، وادي الثريمدي، الواديين. 
المجموع 10 47,6 11 52,4


شكل (8) تأثير الأملاح على الفن الصخري بموقع المزرع الحدري (تصوير: يوسف الأغبري)
4 – الغبار والأتربة:
يمثل الغبار والأتربة الدقيقة المتطايرة في الجو أحد أهم العوامل الطبيعية التي تؤثر على الأسطح الصخرية والتي يؤدي تراكمها عبر الزمن إلى تكون طبقة من الغبار تتصلب فيما بعد من خلال تفاعلها مع عمليات الرطوبة والحرارة والتكاثف وغيرها من العمليات؛ مما يؤدي إلى تغير الصبغة الخارجية للصخر، وبالتالي يؤثر على ملامح الفن الصخري بل وانطماسه في بعض الأحيان.
وقد لاحظت الدراسة من خلال المسح الميداني أن معظم مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات تقع بمحاذات طرق ترابية غير معبدة مأهولة يستخدمها السكان والسواح بصورة كبيرة مما يؤدي إلى تطاير الأتربة والغبار وتراكمها على الأسطح الصخرية (الشكل 9)، ومن خلال نتائج المسح الميداني يبين الجدول (7) تأثير الغبار والأتربة على الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (19) موقعا من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (90,5%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (2) موقعين مثلت نسبة (9,5%)، وذلك يعزى إلى النشاطات البشرية خاصة الطرق الترابية المجاورة لمواقع الفن الصخري.

شكل (9) تأثير الغبار والأتربة على الفن الصخري بموقع وادي قحزة (تصوير: يوسف الأغبري)

جدول (7) تأثير الغبار والأتربة على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع يؤثر عليها الغبار والأتربة بدرجة كبيرة % مواقع يؤثر عليها الغبار والأتربة بدرجة قليلة %
الغبار والأتربة مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، وادي الهبوة، الهبوة، المزرع الحدري، الجبتين، الرجع، الكور، حلحل، المدخل، وادي الغبيرتين، وادي صيد، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، الواديين.  جبة الباب، وادي الثريمدي.

المجموع 19 90,5 2 9.5

6 – الغطاء النباتي:
إن نمـو النباتـات والأشجار فـي مواقـع الفن الصخري يشـكل خطـرا علــى مــا تحويــه مــن رسومات ونقوش وكتابات، فكلمــا نمــت الشــجرة أو النبتة تمددت وأخذت حيزا مكانيا أكبر، وبذلــك تعمــل علــى إزاحــة وهــدم وتشــقق الصخور وبالتالي التأثير على ما تحويه من فن، وقــد تغطــي وتخفــي بعضــا مــن هــذه الرسومات والنقوش لدرجــة يصعــب معهــا أحيان ّ تعـرف عليها. ولا يـكاد يخلـو أي موقـع مـن المواقـع الأثرية فـي عمـان مـن تهديـد الغطاء النباتي، فهـو جـزء لا يتجزأ مـن المنظومـة البيئيـة التـي توجـد فيهـا (الجهوري، 2016). (الشـكل 10).

شكل (10) تأثير الغطاء النباتي على الفن الصخري بموقع مقيحفة (تصوير: يوسف الأغبري)
وقد رصدت الدراسة من خلال نتائج المسح الميداني تأثير الغطاء النباتي على الفن الصخري بولاية العامرات، ويبين الجدول (8) أن تأثير الغطاء النباتي كان بدرجة كبيرة في (14) موقعا من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (66,7%)، بينما أثر بدرجة قليلة في (7) مواقع مثلت نسبة (33,3%).
جدول (8) تأثير الغطاء النباتي على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الغطاء النباتي بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الغطاء النباتي بدرجة قليلة %
الغطاء النباتي مدخل الجام، مخرج الجام، الهبوة، الرجع، المزرع الحدري، الجبتين، الكور، حلحل، جبة الباب، المدخل، وادي الغبيرتين، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة.  وسط الجام، وادي الهبوة، وادي صيد، قفل، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي، الواديين. 
المجموع 14 66,7 7 33،3


7 – الحيوانات البرية :
تمثل الحيوانات أحد العوامل التي تؤثر على الفن الصخري، فمثــلا هنــاك أنــواع معينــة من الثدييات كالأرانب البريـة، أو الزواحف كالضـب، والأفاعي، وغيرهـا تقـوم بحفـر جحـور لهـا فـي أماكـن كثيرة منها مواقع الفن الصخري مما يشكل تهديدا لطبيعة تلك المواقع وما تحويه من تراث حضاري مهم.
وإن الكثيــر مــن الحيوانــات البرية كالضباع والثعالب، والحيوانات الســائبة والمستأنسة كالحمير تتجول بحثا عـن طعـام ومرعـى لهـا، فهـي تشـكل تهديـدا لهذه المواقع، وذلـك لمرورهـا وحركتهـا فـوق الفنون الصخرية، ممـا يـؤدي إلـى تغييـر ملامحها أو الإضرار بها، إمـا بالفـرك أو بالإزاحة أو بالهـدم. وقـد تخلـف هـذه الحيوانـات روثهـا أثنـاء مرورهـا علـى الصخور، وهـذا يـؤدي بـدوره إلـى تغييـر التركيــب الكيميائــي لســطح الصخــور، ممــا يــؤدي إلــى تآكلهــا وطمــس وخــدش مــا تضمنته من فن صخري (الجهوري، 2016).
وقد بين البحث الميداني الذي أجرته الدراسة أن هناك تأثيرا بدرجة كبيرة للحيوانات على مواقع الفن الصخري في (9) مواقع من منطقة البحث، مثلت ما نسبته (42,9%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (12) موقعا مثلت نسبة (57,1%)، والجدول (9) يبين ذلك، كما يوضح (الشكل 11) أمثلة على تأثير الحيوانات على الفن الصخري، حيث توجد بالعامرات مناطق رعوية واسعة لرعي الأغنام والجمال، كما توجد حيوانات برية أخرى تنتشر في أودية وسهول العامرات ولها تأثير ملحوظ على مواقع الفن الصخري.
جدول (9) تأثير الحيوانات البرية على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الحيوانات البرية بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الحيوانات البرية بدرجة قليلة %
الحيوانات البرية وادي الهبوة، المزرع الحدري، الجبتين، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، الواديين.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، الهبوة، الرجع، الكور، حلحل، جبة الباب، المدخل ، وادي الغبيرتين، وادي صيد، وادي الثريمدي. 
المجموع 9 42,9 12 57,1


شكل (11) تأثير الحيوانات البرية على الفن الصخري بموقع وادي الهبوة (تصوير: يوسف الأغبري)
8 – الأعاصير والسيول والفيضانات:
 تعد الأعاصير من بين الظواهر الطبيعية المدمرة سواء في الماء أو اليابسة، وعادة ما يصاحبها رياح وأمطار رعدية وصواعق، وقد تتحول إلى تسونامي مدمر، وتقع سلطنة عمان ضمن منطقة الأعاصير، فهي تتأثر بتلك الأعاصير التي تحدث في بحر العرب والمحيط الهندي (الجهوري، 2016)، ولعل من بين أهم الأعاصير التي أحدثت ضرراً فادحاً ليس فقط بمواقع الفن الصخري بل أيضاً بالممتلكات الخاصة هو إعصار (جونو) عام 2007م، وإعصار (فيت) عام 2010م. 
 ويصاحب جريان السيول واندفاعها الكثير من عوامل الهدم والدمار، خاصة أنه لا يمكن التنبؤ بتوقيت حدوثها، ولا بدرجة قوتها، ولا بكميات المياه، وما تحمله معها من مواد تعمل على ترسيبها لاحقاً. وللسيول قوة دفع ميكانيكية وقوة تفاعل كيميائية، فالقوة الميكانيكية تتمثل في أنها تعمل عملية نحت، وتفتيت، وتجوية. بينما تتمثل قوة التفاعل الكيميائية في أنها تحلل وتذيب العديد من التركيبات الصخرية لتحملها القوة الميكانيكية ذاتها لتترسب بعيداً. وتكمن خطورة السيول في أنها تدمر ما تقابله أمامها، فالكثير من مواقع الفن الصخري في المناطق التي أجري فيها المسح الميداني تقع على ضفاف الأودية ومجاريها وبطونها مما يعرضها لخطر التعرية، والنحت، والترسيب الناتج عن جريان السيول والمياه واندفاعها بقوة، وعادةً ما تكون محملة بالأتربة والطمي، والحصى (الشكل 12، 13)، ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلى عمليات إزالة، وهدم، وجرف، ونحت للصخور ونقلها من مواضعها الأصلية، وترسيبها وطمرها في مواضع أخرى (الجهوري، 2016).

شكل (12) تأثير الأعاصير والسيول والفيضانات على الفن الصخري بموقع وادي الهبوة (تصوير: يوسف الأغبري)

شكل (13) تأثير الأودية على الفن الصخري بموقع جبة الباب (تصوير: يوسف الأغبري)

ويبين الجدول (10) تأثير الأعاصير والسيول والفيضانات على مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (17) موقعا من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (81%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (4) مواقع مثلت نسبة (19%)، ويعزى ذلك إلى مواقع الفن الصخري من المجاري المائية، فكلما كانت على ممر المياه أو في موقع برك مائية فإن التأثير أكبر وأسرع على وضوح الفن الصخري، بينما المواقع الواقعة في أماكن مرتفعة فإن تأثير مياه الامطار أقل.
جدول (10) تأثير الأعاصير والسيول والفيضانات على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الأعاصير والسيول والفيضانات بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الأعاصير والسيول والفيضانات بدرجة قليلة %
الأعاصير والسيول والفيضانات مدخل الجام، وسط الجام، وادي الهبوة، الهبوة، المزرع الحدري، الجبتين، الرجع، حلحل، جبة الباب، المدخل، وادي الغبيرتين، وادي صيد، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي.  مخرج الجام، الكور، قفل، الواديين. 
المجموع 17 81,0 4 19,0

ثانيا: العوامل البشرية:
بالرغم من تحمل الفن الصخري للمخاطر الطبيعية على مر السنين، وبقائها كل تلك السنوات بحالات أقرب إلى الحالة الأصلية، يبرز الخطر البشري الذي يُهدد ديمومتها للأجيال القادمة، وهذا الخطر أشد تأثيراً على الفن الصخري من العوامل الطبيعية إذ يُفقد هذا الفن رونقه بشكل كامل، ويمكننا تلخيص العوامل البشرية المؤثرة على الفن الصخري في الآتي:
1 - إمداد شبكات الطرق:
أحدثت عملية شق الطرق الداخلية في المناطق المأهولة بالسكان آثارا تدميرية على الكثير من الشواهد الأثرية كالفن الصخري وغيره، وصلت إلى حد تدمير جزء منها أو زوالها في بعض الأحيان (الجهوري، 2017)، ولعل ما يزيد الأمر سوءا أن معظم مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات تقع بمحاذات الطرق الترابية لدرجة أن تكاد تكون ملاصقة لا يبعد عنها رصيف الطريق سوى متر أو مترين، وهذا ما لاحظته الدراسة من خلال البحث الميداني خاصة في مواقع وادي الميح مثل، موقع مدخل الجام ومخرج الجام والرجع وحلحل، إضافة إلى مواقع وادي السرين كوادي عمدة ووادي قحزة (الشكل 14).


شكل (14) تأثير إمداد شبكات الطرق على الفن الصخري بموقع حلحل المقابل بالصورة (تصوير: يوسف الأغبري)

وتظهر خطورة مد شبكات الطرق في مواقع الفن الصخري ليس فقط في إزالة الصخور المتضمنة للرسومات والنقوش والكتابات وحسب بل فيما تخلفه حركة السيارات الدائمة من تطاير الأتربة والغبار إضافة إلى عملية الاهتزاز المترتبة على ذلك مما يؤدي إلى إحداث نوع من التخلخل والتفتت للصخور خاصة ذات التركيبة البنائية الضعيفة على المدى البعيد، ويظهر ذلك جليا في موقع مخرج الجام بوادي الميح.
ويبين الجدول (11) تأثير إمداد شبكات الطرق على مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (7) مواقع من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (33,3%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (14) مواقعا مثلت نسبة (66,7%).

جدول (11) تأثير إمداد شبكات الطرق على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع يؤثر عليها إمداد شبكات الطرق بدرجة كبيرة % مواقع يؤثر عليها إمداد شبكات الطرق بدرجة قليلة %
إمداد شبكات الطرق مدخل الجام، مخرج الجام، الرجع، حلحل، وادي عمدة، وادي قحزة، الرجع (وادي السرين).  وسط الجام، وادي الهبوة، الهبوة، المزرع الحدري، الجبتين، الكور، جبة الباب، المدخل، وادي الغبيرتين، وادي صيد، قفل، مقيحفة، وادي الثريمدي، الواديين. 
المجموع 7 33,3 14 66,7
2 – العبث والتخريب:
 تعدّ عمليات العبث والتخريب والتشويه من أبرز العوامل البشرية المؤثرة على الفن الصخري، وهذا الأمر ناتج عن قلة دراية ومعرفة بأهمية هذه الرسومات والنقوش والكتابات، وكذلك سهولة الوصول إليها من قِبل العابثين، وعدم المبالاة لدى الكثير من رواد هذه الأماكن، إضافة إلى رغبة الكثير منهم إلى ترك أثر لزيارتهم تلك الأماكن بداعي الذكريات. ونجد في مواقع الدراسة العديد من الرسومات الصخرية المتأثرة بخربشات العابثين، سواء بالرسم عليها بألوان زيتية، أو رسم رسوم تحاكي الرسوم الأصلية، أو بإضافة أحرف إنجليزية على لوحات الفن الصخرى؛ مما يشوه الفن الصخري في ظرف فترة زمنية بسيطة، بينما تأثير العوامل الطبيعية يحتاج لآلاف السنين حتى يظهر التأثيرات على تلك المواقع. الشكل (15).

شكل (15) تأثير العبث والتخريب على الفن الصخري بموقع الرجع (تصوير: يوسف الأغبري)
وقد بين المسح الميداني الذي أجرته الدراسة أن هناك تأثيرا بدرجة كبيرة لعمليات العبث والتخريب على مواقع الفن الصخري في (9) مواقع من منطقة البحث، مثلت ما نسبته (42,9%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (12) موقعا مثلت نسبة (57,1%)، والجدول (12) يبين ذلك.
جدول (12) تأثير العبث والتخريب على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها العبث والتخريب بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها العبث والتخريب بدرجة قليلة %
العبث والتخريب وادي الهبوة، الهبوة، المزرع الحدري، الرجع، الكور، حلحل، المدخل، وادي صيد، وادي عمدة.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، الجبتين، جبة الباب، المدخل، وادي الغبيرتين، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي، الواديين. 
المجموع 9 42,9 12 57,1

3 – الأنشطة السياحية:
 من بين موارد السياحة هو استثمار التراث الأثري بشتى أنواعه، أو ما يطلق عليه "السياحة الأثرية". فعناصر التراث الأثري عامة والمعماري خاصة من أهم عناصر الجذب للسياحة الداخلية والخارجية على حد سواء. ولأن السياحة مطلب أساسي في تلك الدول ذات الحضور الأثري الكبير على جغرافيتها فإن ذلك يشكل بطبيعة الحال ضغطاً كبيراً على الموارد الأثرية وأثر فيها، خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار الآلية المتبعة في التعامل معها من منظور سياحي. فهناك مواقع أثرية غير مؤهلة سياحياً لاستقطاب الزوار، فهي مفتوحة في الهواء الطلق ولا تتوافر بها عناصر الحماية، وبذلك فإن الزيارات المتكررة قد تؤدي إلى الإضرار بها (الجهوري، 2016)، ويصاحب هذه الحركة السياحية العديد من التصرفات المدمرة لهذه التحف الفنية، إذ يعمد بعض السياح على سرقة الصخور الصغيرة التي تحمل الرسومات الصخرية، وبعضهم يقوم بالتنقل بين المواقع الصخرية المختلفة بالمركبات، إضافة إلى أن البعض يقوم برياضة تسلق الجبال متناسين هذا الفن الصخري وأهميتها، وقد شاهد الباحثوون مجموعة كبيرة من السواح الزائرين يمارسون رياضة التسلق الجبلي في موقع وسط الجام بوادي الميح، وكل هذه الأنشطة بطبيعة الحال تؤثر على ديمومة هذه الرسوم الصخرية واستمراريتها.
 ويبين الجدول (13) تأثير الأنشطة السياحية على مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات، حيث كان تأثيرها بدرجة كبيرة في (5) مواقع من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (23,8%)، بينما أثرت بدرجة قليلة في (14) مواقعا مثلت نسبة (76,2%).
جدول (13) تأثير الأنشطة السياحية على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الأنشطة السياحية بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الأنشطة السياحية بدرجة قليلة %
الأنشطة السياحية وادي الهبوة، الهبوة، الرجع، جبة الباب، وادي الغبيرتين.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، المزرع الحدري، الجبتين، الكور، حلحل، المدخل، وادي الغبيرتين، وادي صيد، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي، الواديين. 
المجموع 5 23,8 16 76,2

4 – الرعي وحركة الماشية:
تكمــن خطــورة الرعــي فــي أن الرعــاة عندمــا يتجولــون أثنــاء رعـي مواشـيهم يعثـرون علـى بعض الشـواهد الأثرية كالنقوش، أو الكتابــات، أو الرســومات الصخريــة، فيقومــون إمــا بتقليدهــا علــى موضــع الشاهد نفســه، باســتخدام أدوات حــادة مــن الحجـر أو المعـدن، أو أنهـم يأخـذون بعضـا منهـا إلـى منازلهـم ممــا يــؤدي إلــى فقــدان أو طمــس معالــم هــذه الآثار القديمــة (الجهوري، 2016)، وإن مربــي الماشية يتركــون مواشــيهم ترعــى فــي المراعــي، وعندمـا تكـون هنـاك مواقـع أثريـة فـإن هـذه المواشـي تطؤهـا وتتحـرك فوقهـا باســتمرار؛ ممــا يســرع مــن وتيــرة تدهورهــا، وقد لاحظت الدراسة ذلك أثناء المسح الميداني في موقع وادي الهبوة وموقع الرجع بوادي السرين (الشكل 16).

شكل (16) تأثير الرعي وحركة الماشية على الفن الصخري بموقع الرجع بوادي السرين (تصوير: يوسف الأغبري)

وقد رصدت الدراسة من خلال المسح الميداني تأثير الرعي وحركة الماشية على الفن الصخري بولاية العامرات، ويبين الجدول (14) أن تأثير الرعي وحركة الماشية كان بدرجة كبيرة في (10) مواقع من مواقع الفن الصخري، مثلت ما نسبته (47,6%)، بينما أثر بدرجة قليلة في (11) موقعا مثلت نسبة (52,4%).
جدول (14) تأثير الرعي وحركة الماشية على مواقع الفن الصخري
المهدد الطبيعي مواقع تؤثر عليها الرعي وحركة الماشية بدرجة كبيرة % مواقع تؤثر عليها الرعي وحركة الماشية بدرجة قليلة %
الرعي وحركة الماشية وادي الهبوة، المزرع الحدري، وادي الغبيرتين، قفل، وادي عمدة، وادي قحزة، مقيحفة، الرجع (وادي السرين)، وادي الثريمدي، الواديين.  مدخل الجام، وسط الجام، مخرج الجام، الهبوة، الجبتين، الرجع، الكور، حلحل، جبة الباب، المدخل، وادي صيد. 
المجموع 10 47,6 11 52,4

5 – الوعي المجتمعي والمؤسسي:
علــى الرغــم مــن الجهــود الحاليــة المبذولــة مــن الجهــات المعنية بالتـراث الأثري ومن بينها الفن الصخري فـي السـلطنة لرفـع مسـتوى الوعـي لـدى السكان لأهمية هــذا التــراث ومــا يحملــه مــن قيــم، إلا أنــه لا يــزال كثيــر مــن شــرائح المجتمــع قليــلة الوعــي بأهمية الفن الصخري خاصة، خصوصــا فــي ظــل ضعف الخطــط والبرامــج التوعويــة في هذا المجال، وعلى الرغم من صدور المرسوم السلطاني رقم (35/2019) بإصدار قانون التراث الثقافي في سلطنة  عمان (وزارة الشؤون القانونية، 2019)، وسعي المعنيين نحو الحفاظ على التراث الأثري إلا أن الواقع يستدعي مضاعفة الجهود، وإيلاء هذا المجال مزيدا من الاهتمام  لرفع وعي المجتمع بأهميــة الحفــاظ علــى التــراث الأثري ومــا ٍ يمثلــه مــن قيــم حضاريــة، وثقافيــة، واقتصاديــة، واجتماعيــة، وعلميــة، وغيرهــا تداركا لفقــدان هــذا التــراث عــن طريــق الكثيــر مـن الممارسـات البشـرية التـي تضـر المواقـع الأثرية ومعالمهـا. 
ومــن بيــن مظاهــر التعــدي علــى الفنون الصخرية؛ نتيجــة لقلــة الوعــي هـو نقل بعض الصخور المتضمنة للنقوش والرسومات والكتابات من مواقعها الأصلية، وهذا ما لاحظته الدراسة في موقع مقيحفة بوادي السرين (الشكل 17). وقد بين المسح الميداني الذي أجرته الدراسة أن جميع مواقع الفن الصخري في ولاية العامرات لا تتضمن أية لوحات تهدف إلى توعية السكان والزائرين بأهمية التراث الأثري وإرشادات توجيهية وضوابط قانونية بكيفية التعامل مع مواقع الفن الصخري وكيفية التعامل مع رسوماته ونقوشه وكتاباته.

شكل (17) تأثير قلة الوعي المجتمعي والمؤسسي على الفن الصخري بموقع مقيحفة (تصوير: يوسف الأغبري)
 
خاتمة وتوصيات
يمكننا أن نستخلص من هذا البحث أن مواقع الفن الصخري بولاية العامرات تتعرض للعديد من المهددات والمخاطر التي تؤثر عليها سلبا على المديين القريب والبعيد، وقد تنوعت هذه المهدات بين عوامل طبيعية وعوامل بشرية عديدة ركز البحث على أهمها، فمن العوامل الطبيعية: التجوية والتعرية والتفتت الحبيبي، والرطوبة، والأملاح والرواسب الكلسية، والأمطار، والغبار والأتربة، والغطاء النباتي، والحيوانات البرية، والأعاصير والسيول والفيضانات. ومن العوامل البشرية: إمداد شبكات الطرق، والعبث والتخريب، والأنشطة السياحية، والرعي وحركة الماشية، والوعي المجتمعي والمؤسسي.
نظرا لما تشكله مواقع الفن الصخري من بُعد حضاري وثقافي يحكي ويوثق تفاصيل حياة الإنسان القديم، واستنادا إلى ما توصل إليه البحث من نتائج؛ فإن الفريق البحثي يوصي بجملة من التوصيات والمقترحات تتمثل في الآتي:
1 – نشر الوعي المؤسسي العام:
يعد الوعي المؤسسي العام من الركائز المهمة للحفاظ على الفن الصخري والحفاظ عليه، وهذا بطبيعة الحال يحتم وجود حاجة لرفع مستوى الوعي حول الفن الصخري لدى الجهات المعنية بحفظ التراث من وزارات وهيئات ومؤسسات، إضافة إلى إدراك المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها مواقع الفن الصخري والسعي نحن حمايتها والحفاظ عليها من خلال عمليات التخطيط السليمية، وتوفير الموازنات اللازمة لذلك، وسن قوانين وتشريعات للحفاظ عليها وحمايتها من العبث والتخريب.
2 – إيجاد نظام الإدارة الفاعلة:
إن توفير نظام إدارة فاعلة من الجوانب المهمة في إدارة مواقع الفن الصخري في سياقها الطبيعي، حيث يمكن أن تتيح الإدارة الفاعلة إبراز العديد من الجوانب ذات الصلة، مثل: تحديد أهمية مواقع الفن الصخري، وتطوير استراتيجيات الحفاظ عليها على المدى الطويل، كما يساهم نظام الإدارة الفاعلة في عملية التفاعل البناء بين مختلف الأطراف المعنية بإدارة المواقع كالمرشدين والحراس والمستثمرين وأهالي المجتمع المحلي، وغيرها من الجوانب.
3 – توفير نظام الحفظ المادي والثقافي:
من المرتكزات المهمة والأساسية لاستدامة الفن الصخري هو توفير نظام يحفظ الفن الصخري بمختلف مجالاته من رسومات وكتابات ونقوش وغيرها، سواء كان حفظا ماديا مرتبطا بالمكونات الحسية للفن الصخري وصيانته بصورة دورية وحمايته من المهددات الطبيعية والبشرية التي يتعرض لها، أو كان حفظا ثقافيا مرتبطا بالقيمة الثقافية للفن الصخري بمكوناته المعرفية والقيمية والحضارية بحيث يتم التعامل مع هذا الفن في إبراز أهميته وتفسيراته ومقارناته ودلالاته من قبل الخبراء المتخصصين في مجال الفن الصخري إضافة إلى الجهات المعنية به.
4 – إجراء الدراسات الميدانية:
نظرا للمواقع العديدة المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة ينبغي الحث على عمل دراسات علمية ومشاريع ميدانية لمواقع الفن الصخري والوقوف على المهددات والمخاطر التي تؤثر عليها بطريقة تساعد الجهات المختصة في الحفاظ على الكنوز الأثرية التي تحظى بها السلطنة.


5 – إعداد قاعدة البيانات: 
 من خلال توفير قاعدة بيانات حاسوبية شاملة ومتكاملة عن مواقع الفن الصخري وما تتضمنه من لوحات فنية يمكن الوصول إليها بطريقة سهلة وميسرة، سواء مواقع الفن الصخري بولاية العامرات التي تضمنها البحث الحالي أو غيرها من مواقع الفن الصخري في محافظات وولايات السلطنة الأخرى.
6 - التوعية المجتمعية: 
السعي نحو إعداد برامج توعية لأفراد المجتمع المحلي خاصة السكان القاطنين بالقرب من مواقع الفن الصخري حول أهمية الفن الصخري وطرائق الحفاظ عليه، إضافة إلى إظهار أفضل الممارسات وتوعية المجتمع بها عند التعامل مع الفن الصخري سواء تلك التي تخص المستكشفين لمواقع الفن الصخري أو الزائرين والسائحين الذين يرتادون تلك المواقع، ويمكن أن يتم ذلك من خلال إعداد برامج وكتيبات ودورات تدريبية حول حماية الفن الصخري وكيفية التعامل معه والحفاظ عليه.
7 - استدامة الفن الصخري كمواقع سياحية: 
جعل مواقع الفن الصخري مزارات سياحية وتزويدها بمرشدين سياحين، لشرح مدلولات مكونات هذا الفن، إذ أن الزيارات السياحية غير المقننة تؤثر بطريقة سلبية على هذه المواقع من خلال العبث والتشويه لهذه المواقع، وذلك من خلال دعم المشاريع السياحية القائمة على مواقع الفن الصخري، مما يتيح موردا ثقافيا واقتصادية لهذا الفن سواء لأفراد المجتمع العاملين في هذا المجال أو قطاع السياحة والجهات المعنية به.
8 – الجوانب التعليمية: 
استثمار الفن الصخري في مجال التعليم، من خلال تضمين بعض جوانب الفن الصخري في مقررات دراسية مرتبطة بمادة التربية الفنية، للإفادة من جماليات هذا الفن، وتقدير الحضارة الإنسانية ومنجزاتها، ونشر الوعي لدى المتعلمين حول أهمية هذا الفن والحفاظ عليه.

*تم تمويل هذا البحث الذي أدى إلى هذه النتائج من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بسلطنة عمان بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب بموجب برنامج التراث الثقافي العماني بالعقد البحثي رقم: (TRC/SRG/OCH/3/2020).

 


قائمة المصادر والمراجع العربية
أوموس، أحمد (2014). الفن الصخري بالمغرب: تراث ثقافي عريق، بين تحديات المحافظة ورهانات التنمية، وزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، المملكة المغربية، ص:1-18.
البلوشي، محمد بن علي (1996م). جيولوجيا عُمان جماليات ترفد ثراء المكان، مجلة نزوى، سلطنة عُمان، العدد (6)، ص:245-251.
الجرو، أسمهان (2006). النقوش والرسومات الصخرية مصدر من مصادر تاريخ عُمان القديم، مجلة الدراسات العمانية، وزارة التراث والثقافة.
الجرو، أسمهان (2018). الثراء اللغوي في سلطنة عُمان: ميلاد الأبجديَّة العربيَّة، أطروحة قدمت في جلسة حوارية بمؤسسة بيت الزبير، مجلة شرق غرب، العدد (18)، تاريخ الاسترجاع: 9/6/2021م على الرابط الاإلكتروني: http://sharqgharb.net/meelad-alabjde-att-alarbe-att/
الجمعية الجيولوجية العُمانية (2011م). الدليل السياحي الجيولوجي، سلطنة عُمان.
الجهوري، ناصر سعيد (2016). مهددات التراث الأثري في سلطنة عمان، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، المجلد (3)، العدد (1)، ص:243-281.
الجهوري، ناصر بن سعيد (2017). تأثيرالعوامل البشرية والطبيعية في المشهد الأثري في الجزء الغربي من إقليم جعلان، سلطنة عمان، المجلة الأردنية للتاريخ والآثار، المجلد (11)، العدد (2)، ص:119-158.
الجهوري، ناصر سعيد (2018). نقش حجري من منطقة جعلان بني بوحسن المنطقة الشرقية من سلطنة عمان، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، المجلد (9)، العدد (2)، ص:97-110.
الخروصي، حارث بن سيف (2017). الفن الصخري في عُمان، ورقة عمل قدمها بمتحف بيت الغشّام الأثري، جريدة عمان، تاريخ الاسترجاع: 9/6/2021م على الرابط الاإلكتروني:
  https://www.omandaily.om
الشريف، أحمد الريفي (2008) مفهوم الفن البدائي في ما قبل التاريخ وإطاره الجغرافي، مجلة جامعة سبها (العلوم الإنسانية)، المجلد (7)، العدد (1)، ص:12-17.
العدوي، علي بن سعيد (2018). نقوش صخرية في حصن وادي غول بالحمراء ترجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد، جريدة عُمان ، العدد: 14/10/ 2018م.
العيدروس، حسين أبو بكر (2010). الرسوم والنقوش الصخرية في وادي حضرموت (الألف الثاني قبل الميلاد إلى الألف الأول الميلادي)، دراسة أثرية تاريخية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة صنعاء، اليمن.
فضة، إياد بن حكم وآخرون ( 2016). التحليل المكاني للنمو السكاني والتوسع العمراني في محافظة مسقط باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، المؤتمر الدولي جيوماتكس الشرق الأوسط وشمال افريقيا التاسع، تاريخ الاسترجاع: 25/4/2020م على الرابط الإلكتروني:
https://www.researchgate.net/publication/303312257_althlyl_almkany_llnmw_alskany_waltws_almrany_fy_mhafzt_msqt_bastkhdam_tqnyat_alastshar_n_bd_wnzm_almlwmat_aljghrafyt
الكندي، محمد بن هلال (2018م). اكتشاف كهوف جديدة بين سيح حطاط والجبل الأبيض، مجلة الجمعية الجيولوجية العُمانية، سلطنة عُمان، العدد (24)، ص5-7.
الماحي، علي والحراصي، عبدالله (2001). صيد الوعل في الفن الصخري في عُمان، مجلة نزوى، العدد (27)، ص:10-20.
الماحي، علي التيجاني (2015). الإبل في الرسوم الصخرية في ظفار، عمان كيف ولماذا؟، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، مجلد (2)، العدد (7)، ص:101-114.
معتمد، عاطف (2017). كارتوجرافيا عصر ماقبل التاريخ – الفن الصخري، محاضرات في الفكر الجغرافي - المدخل الكارتوغرافي، بيت الجغرافيا.
المنتدى الأدبي (2012). مرباط عبر التاريخ، مسقط، سلطنة عمان، ط1.
المنقوش، وريدة علي محمد (2019). التقنيات المتبعة في إنجاز النقوش والرسوم الصخرية بالصحراء الكبرى، المجلة العلمية لكلية التربية، جامعة مصراتة، ليبيا، مجلد (1)، العدد (12)، ص: 28-46.
الهادي، حبيب بن مرهون (2021). التواصل الحضاري بين عمان والسواحل الآسيوية، مركز الدراسات العمانية، جامعة السلطان قابوس، ط1، مسقط، سلطنة عمان.
وزارة الشؤون القانونية (2019). الجريدة الرسمية، مرسوم سلطاني رقم 35/2019، قانون التراث الثقافي، مسقط، سلطنة عمان، العدد (1291)، ص:12-33.

REFRENCES
Fossati, Angelo. (2018). Rock Art of Al-Hajar Mountains. A Review and Update. Ministry of Heritage and Culture. Sultanate of Oman. P.494-499.
Fossati, Angelo. (2019). Messages from the Past: Rock Art of Al-Hajar Mountains (The Archaeological Heritage of Oman). Ministry of Heritage and Culture. Sultanate of Oman.
Cohen, L. & Manion, L. (1989). Research Methods in Education. Routeledge and Kegan Paul: London.
Wallen & Fraenkel. (1991). Educational Research: A Guide to the Process. New York, NY: McGraw Hill, Inc.
Wiersma, William. (1986). Research Methods in Education: An Introduction. Allyn and Bacon. Boston. 4th ed.