الآثار الإنسانية من وجهة نظر الشريعة الإسلامية.

الباحث المراسلتهاني الظفيري محاماة واستاذه في قسم القانون كلية الدراسات التجارية

Date Of Submission :2022-12-07
Date Of Submission :2023-01-16
Date Of Acception :2023-01-21
Date Of Publication :2023-05-29
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

تراث الإنسانية من وجهة نظر الشريعة الإسلامية
أ. تهاني الظفيري
محامية، وأستاذة في قسم القانون كلية الدراسات التجارية
مقدمة:
1- موضوع الدراسة :الآثار لها قيمة معنوية  كبيره دوليا لأنها الشاهد المادي  الملموس على الوجود الإنساني عبر الأزمان المختلفة ، فهي سر  تمركز الإنسان في الأرض  ، وبها تفك شفرته الوراثية لتحديد سلالته الأولية ،فهي قراءه فعلية لميلاده ونشأته وتطوره والتوثيق التاريخي له .
2- أهمية الدراسة :تتمركز أهمية هذه الدراسه المقدمة في بيان أهمية الآثار التي تعكس هوية المجتمعات وترسم الملامح الجغرافية البشرية الهامة ، وموقف الشريعة الإسلامية منها . حيث تتمحور أهميتها  خاصة في بلادنا العربية و الإسلامية التي تحوي العديد من الآثار لكونها أراضي خصبه لميلاد الحضارات المتعاقبة ، وبزوغ جماعات فكرية متشددة بين الحين والآخر تندد بإباحة هدر تلك المقدرات التاريخية بدعاوي تكفيريه لها .فكان لابد من إبداء دراسة تاريخية إسلامية تنهي ذلك الخلاف الفكري بالإقتداء بصاحب الرسالة المحمديه واتباع حاملين الراية الإسلامية  مما سبقونا .
3- أهداف الدراسة :تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على موقف الشريعة الاسلامية السمحه من الآثار والتراث الداعمة لحمايتها من الاعتداءات والنهب والمتاجرة فيها  .
4-إشكالية الدراسة :تكمن إشكالية هذه الدراسة في محاولة تصحيح نظرة مجتمعية فكرية سائدة من الجماعات الدينية المتشددة التي تحرم الآثار والتراث وتدعو لتدميرها دون اكتراث بأهميتها الحضارية والإنسانية البارزة .
5- منهجية الدراسة : الدراسة المقدمة دراسة  منهجية استردادية باسلوب نقدي نتناول فيها  أهمية التراث الإنساني ،  وماهية نظرة الاسلام منها كأحكام شرعية وتطبيقات عملية ، من خلال طرح المعلومات واسترجاع الأحداث الماضية وربطها بالواقع واستخلاص الاستنتاجات  . 
المطلب الأول : ماهية الآثار الإنسانية
نعيش اليوم بأنماط وسلوكيات وأسلوب حياة متطوره نتيجة تراكم الإرث الحضاري التي تتمتع به البشرية ، فمجموع تلك القصص  والانتصارات والانهزامات التي عاشوها أسلافنا وظلت خالدة في الأذهان أوجدت لدينا الحكمة والإصرار ، إلى جانب  الابتكارات الملهمة  من الأدوات والآلات  التي اخترعوها لتسهل عليهم المعيشه  اليوميه وتسعفهم على البقاء ، ونقلوها  للأجيال المتعاقبة ،والذين عملوا على تطويرها لتتناسب مع متطلبات كل حقبه  ، بالإضافة إلى الحس الجمالي والفني المدعم بفلسفة كل عصر من العصور، ورأيناها مجسده بما خلفوه من ورائهم أعمال فنية سواء  بالرسم، أوالنحت، أوالبناء، لتبقى كدليل مادي على تواجد تلك الحضارة ،ولتسجل ملحمتها عبر التاريخ. 
الفرع الأول: مفهوم الآثار وتطورها التاريخي 
الجماعات البشرية تتفاعل مع البيئة التي تقطنها ، وتترك وراءها بصمتها لدلاله على تواجدها في بقعة معينة من الأرض في فترة زمنية محددة . فنشاهد طريقة تصميم  الأبنية المميزة لكل حضارة بشرية تشير إليها ، وماهية المواد المستخدمة فيها ، والرسم، والنحت، والقطع النقديّة والأختام، وبقايا لكائنات حية، وهذا ساهم في اكتشاف خصائص الحضارات  المختلفة وتحديد عمرها الزمني ،  لذا نجد نهم المختصين والمهتمين لدراسة هذه المواد المادية والبحث عنها ، أي ( معرفة بقايا القوم من أبنية وتماثيل ومحنطات ونقود ..) (1) وأطلق عليه بــــ علم الآثار أو علم السجلات الصامته(2) ، وهو العلم المعني بدراسة كافة المخلفات البشرية عبر العصور الغابره ، لرصد دورهم التاريخي والحضاري (3)، وذلك من خلال استخدام التقنيات الحديثة المتناهية الدقة مثل المسح الجيوفيزيائي والفحص الكهربائي  والكربون المشع والأشعة السينية .(4)
(1) نخلة، منى ،ي، علم الاثار في الوطن العربي ، طرابلس ،لبنان ، منشورات جروس بروس ،ص13-14 . 
(2) معرفة ، علم الآثار ، على الرابط الآتي : https://cutt.us/8dWtu ( تاريخ الاسترجاع : 30/11/2022)
(3) نخلة، منى ،ي، المرجع السابق .
(4) معرفة ، علم الآثار ، المرجع السابق .
فالآثار لها دور كبير بعلم الإنسان لأنها انعكاس لحياة الإنسان في حقبه من الزمن وبيان لمدى اندماجه مع بيئته ،وقد ساهم في رصد التطور الحادث في الجنس البشري ، فمن خلال دراسة تلك الآثار استطاعوا تحديد الفروقات في  الصفات الجسديّة بين الإنسان في الحضارات القديمة والإنسان المعاصر أهمّها الطول. إلى جانب فهم سلوكيات جماعة معينة بالرجوع للذاكرة الجينية التي سجلتها الآثار لإيضاح أسباب انتشار العنف والجرائم لدى فئة من البشر . (1) 
رأي الباحث ( أن الحضارات من علم وحروب وفتن ماهي إلا  تكرار للأجيال اللاحقة عليها مع اختلاف الأساليب وتشابه الأسباب  ، فالقراءة المتأنية للحضارات السابقة هي تكهن حقيقي للأجيال المتعاقبة في الغالب مع وجوب تطورها ).
فلا تكاد تخلو بقعه في العالم من الآثار، لكن بشكل متفاوت ، فبعض المناطق  تحوي على عدد بسيط جدا من القطع الأثرية و تعد مناطق متصحره حضاريا، في حين مناطق أخرى كان لها نصيب الأسد في الميراث الإنساني. فالدول التي كانت تتمتع بمناخ جيد يسهل العيش فيها ، اعتبرت مكان خصب لاستقدام الحضارات وتواليها عليها ، وانعكس ذلك على وفرة الآثار فيها وهذا ما جعلها دولة ذات حضارة، وأكسبها الاهتمام والأهمية الدولية . فالحضارات القديمة كحضارة بلاد الرافدين  اشتهرت في زراعة شتى أنواع النباتات فقدموا بذلك إسهامات كثيرة  في مجال الصيدلة والطب البديل ، الذي كان له أروع الأثر في تطور الطب الحديث ، هذا إلى جانب  الكثير من الآثار الثمينة؛ كصناديق الذّهب، والأحجار الكريمة، التي تميّزت بها الحضارة الفرعونية المصرية. ( 2) . وكذلك في الجانب العقائدي 
(1) الجزيرة (19/5/2019) ، علم الآثار يكشف.. لهذه الأسباب كانت أوروبا مرتعا للعنف والجريمة ، على الرابط الآتي : https://cutt.us/lvm83   ( تاريخ الاسترجاع : 30/11/2022) 
(2) د .حماد، حسين ، ف، موسوعة الاثار التاريخية ،عمان-الاردن ،دار أسامة ،2003، ص45  
فوجود المعابد وتماثيل الآلهة و الكتب الدينية القديمة ساهمت في التوصل إلى ماهية العبادة التي يؤمنون بها ويؤدونها في عصورهم ، فضلا عن معرفه اللغات التي كانوا يتحدون بها من خلال الكتابات المنقوشة بالألواح  والنصب التذكارية (1). علاوة على دراسة المتغيرات المناخية والجيولوجية  التي تعرضت لها طبقات الأرض، وأدت إلى انهيار حضارة كاملة في منطقة محددة بفعل العوامل الطبيعية كالأمطار أو ارتفاع درجات الحرارة ،أوالزلازل أو البراكين المسببة لحدوث التصدعات والتشققات فيها  ، وهذا بدوره ساهم في تطوير علم الأرض(2) . ومن جانب آخر ، فتتبع الآثار المادية المكونة للنشاط الإنساني من تفنيد الوثائق والمخطوطات و الرسوم و شكل الأدوات القديمة، وعمل دراسات تخصصيه بشأنها أثرى العديد من العلوم ومنها ، علم النقش الذي اهتم بدراسة الرموز الأثرية القديمة المنقوشة أو المرسومة على الخشب أو الفخار أو الحجر، و علم اللغات الذي اهتم بالنصوص السومرية و الاكدية أو  الفرعونية القديمة الموضوعه على القبور أو المعابد ،  وكذلك علم ( لأنثروبولوجيا)الذي اهتم بدراسة علم الإنسان من تكويناته العرقية  وثقافته  وتطوره البيولوجي من خلال تحليل بقايا الهياكل العظمية القديمة (3)، مثل تحليل الحمض النووي لأقدم هيكل عظمي في جنوب غرب انجلترا والذي يقدر عمره الزمني   بعشرة آلاف عام ،والذي توصل منه العلماء إلى خضائص البشر آنذاك من امتلاكهم لبشرة داكنة وعيون زرقاء ، وهذا يشير إلى أن اللون السائد للأوروبين في المناطق الشمالية  حاليا، تعود إلى زمن قريب)(4). وكذلك دراسة البيئة الحيوية من خلال بقايا الكائنات الحيه المحنطة ، لمعرفة تطور تلك الكائنات 
(1)د. حماد ، حسين ، ف،المرجع السابق  ، ص 8 
د. نخلة ، منى ، ي، المرجع السابق، ص158. 
(2) د. عطية، أحمد، ا ،م. الكفافي ، عبدالحميد ، حماية وصيانة التراث الاثري ،القاهرة ،دار الفجر، ط1   2003 ،ص163- 167 
(3)د. حماد ، حسين، ف، المرجع السابق ، ص 438-440. 
(4) DW(07/02/2018) ، علماء: إنسان شيدر البريطاني القديم كان داكن البشرة أزرق العينين ، على الرابط الآتي: https://p.dw.com/p/2sI0P    (تاريخ الاسترجاع: 13/11/2022).
وأيضا نشأت وتطور علم التكنولوجيا عن طريق دراسة  الأساليب والأدوات المستخدمة قديما في الوسائل الحياتية وأعمال البناء والترميم في محاولة للاستفادة من تقنياتهم وتطويرها ، بالإضافة إلى علم  التاريخ وعلم الاجتماع  وغيرها  من العلوم الذي لعبت فيه الآثار دور كبير وفعال(1) .
فعلم الآثار لم  ينشأ ببداياته  بالمفهوم الموسع والمعمول به حاليا ، بل كان يقتصر ببداياته على دراسة الآثار  البارزة التي لم تطمس أو تدفن بفعل العوامل الخارجية ، ثم أخذ في التطور وتبني مناهج علمية كالبحث والتنقيب ليحدث ثورة علمية اكتشافية لربط العلوم والحقائق بالأرض والكائنات الحية ورصد سجلاتها التاريخية . ويُعد العرب من أبرز المُساهمين في تأسيس علم الآثار والمهتمين له ، من خلال البعثات الاستكشافية التي كانوا يقومون بها ، وحرصهم على بناء خزائن  على شكل بيوت  توضع بها الآثار التاريخية لحمايتها   ،وكذلك لهم العديد من الكتب والمؤلفات الهامة بهذا الصدد  مثل( كتاب الأصنام)لابن هشام الكلبي ، كتاب (الإكليل) للهمداني ، وكتاب (الإفادة والاعتبار) لموفق الدين البغدادي الذي يعد أول أثاري عربي يعود له الفضل بوصف الآثار بدقة وتفنيدها جوهريا(2) . من ناحية أخرى في الغرب نجد أن اليونانيين  أحفاد الحضارة الإغريقية والمولعين بها من أقدم الآثريين والمهتمين بالآثار ، وانتقل شغفهم هذا إلى بقية الدول الأوروبيه بعد فترة  النهضة ، فمع الانفتاح والرغبة في تعلم العديد من العلوم  والتي من بينها الآثار ازداد عدد الراغبين والمهتمين به ، وهذا أدى إلى ظهور منافسة  على اقتناء القطع الأثرية والبحث والتنقيب عنها .(3)
(1) ضو، جورج ،تاريخ علم الاثار، بهيج شعبان، بيروت-باريس ، منشورات عويدات ،1982 ،ص 6-10.
(2)  عمران ، هزار (2016) الآثار ، جامعة الأمة العربية ، على الرابط الآتي : https://goo.gl/BrU6yA 
(تاريخ الاسترجاع : 11 /11/2022).
(3) عمران ، هزار (2016) المرجع السابق .


الفرع الثاني : أهمية الآثار وقيمته الإنسانية 
لعبت  الآثار دور مفصلي وهام في العديد من المجالات الحيوية والمسائل المصيرية ؛ فهي البصمة التاريخية و الدليل الحي الملموس على أحقيه جماعة أو شعب لأرض بعينها، و هذا ما انتهجته اسرائيل لإثبات شرعيتها بعملية الاستيطان التي قامت بها على أرض فلسطين ، من تزيف الحقائق ونسبة آثار معينه وتسويقها بالعالم أنها آثار يهودية لتدعم موقفها وتكسب التأييد الدولي .(1)  هذا إلى جانب انعكاس أهمية الآثار على النواحي التاريخية والاجتماعية والاقتصادية ، كما سيرد بيانه على النحو التالي  (2) :
أولا : الآثار التاريخية 
وهي المتمثلة بالتراث العمراني والتخطيط الحضري ، والتي تشكل الهوية التقليدية لسكان الأصليين ، ومن هنا استمدت أهميته من تذويب الفجوة بين الأجيال وتقريب المسافات وتعميق الانتماء الوطني والقومي  ، وهذا ما أولد لديهم الحس بوجوب المحافظة عليها  وترجمته عمليا  برسم سياسات تشريعية واجتماعية تولي الآثار الحماية المطلوبة . 
ثانيا : الآثار الاقتصادية  
فالآثار لها دوربالغ في انعاش الاقتصاد الوطني لدول الحاضنة لها ، من خلال قدرتها على ايجاد وخلق فرص عمل  ذهبية كثيره  ومتنوعة  في القطاع السياحي الأثري ، وهذا بدوره  يجذب أعداد كبيره من  السياح المتعطشين للقصص التاريخية والفنون الأثرية  وبالتالي انعاش السوق المحلي على اختلافه  .
(1) السهلي ، محمد (2018/01/08) الآثار العربية الكنعانية في فلسطين ، على الرابط الآتي: https://cutt.us/9UVzY    (تاريخ الاسترجاع: 15/11/2022)
(2) مروان، محمد (2017) أهمية الآثار ، متاح على: https://goo.gl/NufcJq  (تاريخ الاسترجاع: 16/11/2022).
ثالثا: الآثار الإجتماعية  
فالشعور بالحدة الوطنية لدى أفراد الشعب الواحد الذي ينتمي لأرض الحضارة ،يكون له تأثير ايجابي على الروابط الإجتماعية بين الأفراد وهذا ينعكس بشكل فعال على العلاقات فيما بينهم بالمجالات الأخرى ، ويعزز لديهم  الدافع القوي للمحافظة على هذه الوحدة وحمايه التراث الوطني العالمي من تعزيز للمسئولية المجتمعية الموجبة لحماية المقدرات التاريخية والثقافية للشعب . 
رابعا: الآثار السياحية
السياحة هي عصب الاقتصاد لمعظم الدول الحاضنة للآثار ، فالفضول البشري وحب المعرفة والأطلاع والشغف لركوب آلة الزمن للعودة إلى العصور السابقة هي المحرك الضمني الجاذب للسياح من مختلف العالم لمشاهدة الرسومات والتماثيل  والمباني العريقة الشامخة والمتاحف الغنية بالمواد التراثية ، وهذا بدوره يساهم في ضخ الأموال  وازدهار السوق المحلي في الدولة السياحية . 
ويتضح لنا مما سبق أهمية الآثار كإرث إنساني عزز من تطور الحياة البشرية  في كافة العلوم والقطاعات ، وهذا يستلزم معه ضرورة الحفاظ عليه كصرح ثقافي للشعوب المتعاقبة ، وتمثلت طرق الحماية المقررة لها  وفقا لآليات العمل الدولي والاقليمي المشترك في مجال حماية وصون الآثار والتراث بمنظماته ومؤسساته المعنية من إقامة المعارض والمتاحف ونشرها بالوسائل الإعلامية للتعرف عليها  ، والقيام بعناية دورية لها من تصليح وترميم ، مع تكثيف عمليات البحث والتنقيب  عنها. بالإضافة إلى وجوب قيام الدول بتسجيل  ما تملكه من آثار وتراث ، وإصدار تشريعات قانونية وطنية ودولية  تحمي الآثار وتجرم  الاعتداء عليها.  فالاعتداء على التراث هو جريمة إنسانية وتاريخية وقومية كبيرة، لأن ما يحتويه هذا المتحف أو المعلم التاريخي من بقايا أثرية تاريخية ليس ملكا للدولة فقط، بل هو ملك للبشرية جمعاء.
المطلب الثاني : موقف الشريعة الإسلامية من الآثار
الدين الإسلامي منذ بزوغه أسهب بالاهتمام في شتى نواحي حياة الإنسان الدينية والدنيوية ، وفقا للمنهج الإصلاحي المعتدل البناء والذي ألزم المحافظة على المقدرات المادية لأي دولة تحت رايتها ولم يلجأ إلى إزالتها  إلا في حدود ضيقه  بحجة درأ المفاسد  ، وهذا ما أقر به المستشرقين ومنهم الألماني جوزيف شاخت ، في كتابه (التراث الإسلامي )الذي أسرد فيه دور الفتوحات الإسلامية في الإنجازات الإنسانية ، وكيفية احتوائه لحضارات الأمم السابقة عليه والمحيطة به (1). 
الفرع الأول : مفهوم الآثار في الفقه الاسلامي 
اعتبرت الشريعة الإسلامية الآثار أموالً  مباح الاستيلاء عليها، لذا نجد الفقه تناولها بالذكر مع الركاز ، ولم يعرفها على نحو منفصل أو بشكل تفصيلي (2)  . والركاز وفقا لمدلوله اللغوي  يشمل كل  ما احتواه جوف الأرض وباطنه من الذهب أو  الفضة أو الأحجار الكريمة  منذ نشأت الأرض بما يطلق عليه المعادن ، وكذلك الأشياء التي من صنع الإنسان وتدخله ويسمى كنزا، بمعنى  أن الركاز يشمل (المعادن والكنوز) (3) . وهذا ما أخذ به أصحاب الفقه الحنفي في تحديد ماهيه الركاز، بينما ذهب أصحاب المدرسة الشافعية والمالكية إلى اعتبار الركاز هو دفين الجاهلية فقط ، وأخرجوا منه المعادن والكنوز التي دفنت بعد الاسلام .(4) 
(1)د.التويجري ،عبد العزيز، ع ، التراث والهوية ، الرباط –المملكة المغربية ، مطبعة إيسيسكو، 2011 ، ص 18 .
(2) ذياب ،محمد، الفكر الاقتصادي عند ابي جعفر أحمد بن نصر الداودي دراسة تحليلية لكتابه الاموال، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الاسلامية ، جامعة الحاج لخضر –باتنة ،2006/2007،ص 73.
(3)ابو زهرة ، محمد، الملكية ونظرية العقد في الشريعة ،القاهرة ،دار الفكر العربي ، 1996، ص 121. 
(4)شلبي ، محمد ، م، المدخل في التعريف بالفقه الاسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه ،مطبعة دار التأليف،1962،ص348،344،343 .  
فالمدفون إذا كان يحمل شعارات منقوشة أو مكتوبة أو منحوته  لأسماء الآلهة أو الملوك التي تشير لعصور سابقة على الإسلام يعتبر دفون الجاهلية بحسب ما أجمع عليه الفقهاء ،بينما إذا كان يحمل دلالات توحيدية  أو عبارات تدل على العصر الإسلامي  اعتبر دفون إسلامية . لكن إذا عثر على دفين يفتقد لأي دلالات تساعد في تحديده ، فوفقا للقول الراجح يتم اعتباره دفين إسلامي لتقادم العصور السابقة باللاحقه عليه أي بالإسلام (1). 
كما ذكر القاضي أبي يوسف بن ابراهيم في كتابه الخراج أن الركاز يشمل المعادن الموجودة في باطن الأرض منذ خلقته، كالذهب والفضة والنحاس والحديد وما في حكمها  من العناصر القابلة للسحب والطرق والانصهار بالنار فقط  دون غيرها من المعادن (2). فأخذت الحنفية  بهذا الرأي ، لكن  فقهاء الحنفية المالكية  أخذوا بخلاف ذلك فقد ساووا بين كافة المعادن واعتبروها ركازا من غير تحديد لنوع أو ماهية المعدن (3) .
فنخلص بالقول مما سبق ، بأن كل مدفون تحت باطن الأرض بفعل الإنسان أو عوامل الطبيعة كزلازل والبراكين    يلقب بالكنز، بينما العناصر المخزنه في جوف الأرض وباطنه تسمى بالمعادن ، وهناك آراء متباينه للفقهاء حول تحديد ماهية الركاز ، فنجد اتفاق جمهور الفقهاء حول الدفين الجاهلي باعتباره ركازا، بينما اختلفوا في مسألة الكنز الإسلامي والمعادن  . وفي جميع الأحوال الدفين سواء كان جاهلي أو إسلامي و له قيمة تاريخيه أو فنية  يطلق عليها آثارًا(4)، وهذا ما تبناه الفقه الإسلامي  ، سواء المرتبطة بالتراث الاسلامي أو الأمم الأخرى .
(1) شلبي ، محمد ، م، المدخل في التعريف بالفقه الاسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه ، المرجع السابق .  
(2) ابراهيم، ابي يوسف ،ي، الخراج ، بيروت- لبنان، دار المعرفة،1979،ص22 . 
(3)  أبو زهرة ، محمد ، مرجع سابق. المرجع السابق ، ص 132
(4) أبو زهرة ، محمد ، مرجع سابق. المرجع السابق ، ص 135

وهنا يثور أمامنا هذا التساؤل ، كيف بقيت التماثيل الأثرية  صامده طيلة الفتوحات الإسلامية رغم حرمة الأصنام ؟
فالشريعة الإسلامية اعتبرت أن الآثار هي الشاهد على إعجاز القرآن الكريم وصدق ما أخبر به عن الأمم السابقة ،من وصف دقيق  لأحوالهم وسرد قصة هلاكهم  ، فقال تعالى : ﵟأَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَأَثَارُواْ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَآ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ ٩ﵞ  ﵝالرُّوم : ﵙﵜ ،  وكذلك قوله تعالي : ﵟسَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ٥٣ﵞ ﵝفُصِّلَت : ﵓﵕﵜ ، فنجد أن الشارع عز وجل حثنا على الإطلاع على آثار الأمم السابقة  كدليل مادي يثبت صحة الرسالة فيزداد المؤمنين يقينًا ، بما أتى به  الكتاب المقدس من انفراد وسبق وصفي مفصل وحي للآثار التاريخية والجيولوجية ، ليكن  حجة على الناس ، فقال تعالى : ﵟكَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ ٩ فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَغۡلُوبٞ فَٱنتَصِرۡ ١٠ فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ ١١ وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ ١٢ وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ ١٣ تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ ١٤ وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ ١٥ﵞ ﵝالقَمَر : ﵙ - ﵕﵑﵜ   ، فهنا في هذه الآية الجلية سردت لنا قصة سيدنا نوح والطوفان الذي أغرق قومه ، لتأتي بعد قرون  الدراسات الجيولوجية والتنقيب الآثاري  ليثبت وجود طمي يستدل منه  صحة حدوث طوفان كبير في حقبه تاريخية تعود لسيدنا نوح عليه السلام ،وقوله تعالى : ﵟوَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ٤٤ﵞ ﵝهُود : ﵔﵔﵜ ، فقد وجد بقايا آثار لسفينة نوح فوق جبل جودي كما ذكره القرآن الكريم تفصيلا  ، بالاضافة إلى  آثار لقوم لوط  عليه السلام  تم العثور عليها في عمق سديم بالأردن ، فالمولى عز وجل  أورد لنا  في كتابه العزيز تفاصيل العقاب الذي حل  عليهم نتيجة ارتكابهم الفاحشة بأن كانت عاقبتهم الرجم بالحجارة حتى الموت ، ومعهم إمرأة سيدنا  لوط التي عصت أمر نبيه ، فقال تعالى: ﵟفَجَعَلۡنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن سِجِّيلٍ ٧٤ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ ٧٥ﵞ ﵝالحِجۡر : ﵔﵗ - ﵕﵗﵜ. فقد قامت عده بعثات أجنبية متوالية  لدراسة تلك المنطقة جيولوجيا الواقعة بالقرب من بحر الميت ، فاكتشفوا أن صفائح الأرض معكوسة تماما في تلك البقعة كما أوردها القرآن، بالإضافة لوجود  تمثال محنط  لإمرأة سيدنا لوط عليه السلام  بهيئتها التي كانت عليها (1) .
الفرع الثاني : حكم الشرعي للآثار
الشريعة الإسلامية ربطت مفهوم الآثار بالتصوير والتجسيد كالتماثيل والأصنام والأوثان وفن النقش والنحت والرسم  والكتابات ، كما في قوله تعالى: ﵟيَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ ١٣ﵞ ﵝسَبَإ : ﵓﵑﵜ  .  فالشارع سبحانه وتعالى قد أورد هنا ذكر التماثيل  كآلههة يعبدونها دون الله ، لتبيان كارثة العقل ومحدودية الفكر المسيطرة عليهم  ، فهم قوم يعبدون صنيعهم . فالأصل تحريم صناعه التماثيل لسد الذرائع ،وذلك لأن القدماء الأوائل عندما شيدوا التماثيل والمجسمات  كانت لشخصيات لها مكانه عظيمة في نفوسهم  لإنجازاتهم الكبيرة وتيمنًا بهم  بغرض تخليد ذكراهم وعرفانًا بجميلهم ، لكن تعاقب الأجيال وتوارث عظمة تلك التماثيل المصورة  دون البحث عن الأساس الذي أكسبها تلك الأهمية  مكن الشيطان  من الوسواس لهم بعبادتها واتخاذها قربانًا  من دون الله ،  وهذا ما يريد ديننا الحنيف أن يردعه (2). باستثناء صناعة ألعاب الأطفال المجسمة ،استنادا لما ثبت ‏عن عائشة رضى الله عنها فيما أوردته : ( ‏ كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل ينقمعن
(1) د.محمد العبيدي ، خالد ، ف. ، علم الآثار والتاريخ ، بيروت ، دار الكتاب العلمي ، 2004 ، ص. 3-40.
(2) ذياب ، محمد ، مرجع سابق. المرجع السابق ، ص 77 - 79.
منه أي : يتخفين منه فيسر بهن أي يرسلهن ويبعثهن إلي ليلعبن معي ) (1).‏ فعلماء الفقه قد أقروا  بضرورة ألعاب البنات المجسمة استنادا إلى وجود علة الضرورة لحاجة تعليم وتدريب الفتيات منذ الصغر على شعور الأمومة والتخاطب وتربية الأبناء لإعدادهن للمستقبل . فهذه المجسمات الصغيره الغرض من حيازتها للعب والتسلية وملأ  أوقات فراغ الفتيايات ، ولإدخال البهجة والسعادة على قلوبهن ، فلا يخشى منها ضالة الشرك بالله ، ولذلك تم إجازتها شرعا)2) . هذا إلى جانب ما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ، من السماح بتشريح  جثث الموتى ، بناءً على الضرورات التعليمية والعلاجية ، والتي بموجبها تصبح المصلحة في اكتساب العلم والتعلم  أعلى من وجوب الحفاظ على كرامة الموتى(3) ،  وفقا لنظرية الضرورة التي تبيح المحظورات بهدف حماية المصالح الجوهرية للإنسانية والتي تقوم على الأساسيات الخمسة وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال. فالله عز وجل قد أولى المبادئ العامة الخمسة اللصيقة بكرامة الإنسان وكينونته  الأساس الذي تقوم عليه الأحكام الأخرى ، بمعنى آخر إتاحة الرخصة الشرعية بإتيان المنهي عنه عند الضرورة إعمالا بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات (4).‏ ويقتضي ذلك المبدأ بوجوب دفع الضرر الحالي أو الوشيك الوقوع ، فيجيز معه القيام بالأشياء المحرمة شرعا طالما قادرة على إيقاف أو منع الضرر.  وهنا نستمد بالمقارنة من وجود الضرورة التعليمية والدراسية للتماثيل والآثار بشكل عام للإبقاء عليها والتعامل معها مما يمنحها الرخصة الشرعية ، التي تجيز عرضها وتداولها بهدف الدراسة وليس لتمجيد أو القربان . 
(1) السيوطي ، جلال الدين ، "أشباح النضير في قواعد وفروه في الفقه الشافعيّة". ـ علامي ، 1 ، 1983 ، ص. 121. 
(2) واصل ، محمد ، أ ، أحكام التصوير في الفقه الإسلامي ، المملكة العربية السعودية ، دار طيبة ، 1 ، 1999 ، ص 209 - 210.
(3) الجيزاني ، محمد ، ح ، فقه النسب - دراسة تطبيقية موثقة ، المجلد الأول ، السعودية ، دار ابن الجوزي ، 2006/2 ، ص 239.
(4) د. قاسم ، يوسف ، نظرية الضرورة في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1993 ، ص 26 - 29.

لذا فالإسلام كان حريص على وضعها في بيوت مخصصه للحفاظ عليها  وتأمين حمايتها لتخدم الغرض التعليمي بشكل أكثر.(1)
ومن ناحية أخرى ،فقد حرم الإسلام المتاجرة في الآثار  بحسب الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية الذي أقرت بما يلي : ( بعدم جواز المتاجرة بالآثار أو التصرف فيها بالبيع أو التنازل أو غير ذلك ، حتى لو كانت موجودة في أرض مملوكة له ، إلا في الحدود التي يجيزها الحاكم الولي والمنظم. بموجب القانون ، بغرض تحقيق المصلحة العامة )(2) . وهنا نستشف الدور الكبير والهام  لولي الأمر الذي يمثله الحاكم  في رعاية مصالح الأفراد والسعي الجاد في حل القضايا المختلفة  والمأرقه بين المسلمين ، مع تحقيق الموازنة بين مصالحهم الدينية والعلمانية على أسس سليمة(3).

 

(1) الكثيري ، طالب ، (حكم الضرورات تجيز المحظورات) دراسة تطبيقية موثقة ، بحث فائز بجائزة الجمهورية في مسابقة البحث العلمي بجامعة عمر المكلا ، 2008 ، ص 40-52
(2) د. علام ، شوقي (22/10/2014،) إ ،  فتاوي دار الافتاء الاسلامية ‘ على الرابط الاتي : https://cutt.us/wUl3n  ( تاريخ الاسترجاع : 19/11/2022) 
(3) الشافعي ، بدر الدين ، محمد ، المنثور في القواسم الزركشي ، ص 2 ، الكويت ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، 1985 ، ص. 69

 


الخلاصة :
الآراء الفقهية العديدة لكبار العلماء والباحثين المسلمين في الشؤون الإسلامية أثرت حقل حماية الآثار ، وساهمت في الحفاظ على الآثار التاريخية والثقافية والتعليمية. فاجماعهم عبر القرون الماضية  على الحاجة الملحة إلى الآثار والمواقع التراثية القديمة ، التي تعتبر شاهد عيان على القصص القرآنية ، مستنكرين رافضين للآراء المتشددة والشعارات المضللة التي تحرض هدمها باسم الدين. ويستدلون على هذا النهج من الصورة الحضارية المشرقة للفتوحات الإسلامية التي اجتاحت مشارق الأرض ومغاربها ، ممن حملوا رايات الإسلام من الجيل الأول المعاصرين لفترة النبوة  ، احتفظوا بتراث البلاد التي فتحوها احتراما منهم لشعور تلك الشعوب  ومقدراتهم الثقافيه والعرقية . وهذا ما  حث الدين الإسلامي عليه  . رغم ذلك  نجد تباين الآراء الفقهية  حولها فقسموا الآثار إلى قسمين : الأول لأرواح أي شكل من أشكال الإنسان أو الحيوان ، وهذا ما نجده في القصور والمساكن والمعابد القديمة. حرموها وأنكروا عليها  الضرورة أو الحاجة من التعامل معها  ، لكنهم شددوا على وجوب إيجاد بدائل أخرى لحفظها تاريخيا وثقافيا . وأما من لا أرواح له كالشجر والجماد فلا حرج فيه من الاحتفاظ فيه بأي شكل من الأشكال  عند أصحاب  مؤيدي هذا القول.
ورأى الباحث أن آراء كبار العلماء التي تسمح بالاحتفاظ بالآثار هي الأقرب إلى الرأي الصحيح والمعتدل والذي يتفق  مع فلسفة الإسلام  ومنهجه الروحي السامي المؤمن بأهمية ربطه  بالحضارات السابقة عليه .

 

التوصيات :      
- ضرورة نشر الوعي الديني بمسألة التعامل مع الآثار والتراث الإنساني وفقا للقتاوي الصادرة من كبار العلماء الإسلامين ومن المحافل الإقليمية المعنية بالشأن الإسلامي والثقافي  ، وعدم ترك الساحة الإعلامية بلا رقابة أمام الجماعات الدينية المتشددة التي تحرم تلك الآثار وتجيز إطلاق دعوات بهدمها دون اكتراث بقيمتها التاريخية والمادية .
- إبداء التعاون بين السلطات المحلية والدولية مع رجال الدين في الدول النامية والدول التي تعاني من انفلات أمني ، نظرا للمكانة الاجتماعية والدينية الهامة التي يحضون فيها لرسخ مفاهيم الدين السمحه لدى أتباعهم التي توجب الإبقاء على الآثار ونبذ الشعارات التكفيريه بشأنها . 
- إشراك المؤسسات الإعلامية والإنتاجية في عمل أفلام وثائقية تروي قصص الفتوحات الإسلامية وكيفية تعامل المسلمين الأوائل مع الآثار والتراث الثقافي لتلك البلدان في إطار تعزيز مفاهيم حماية وحفاظ التراث الإنساني .

 

 


  المراجع :
 الكتب :
• نخلة ، منى ، ي ، علم الآثار في العالم العربي ، طرابلس ، لبنان ، منشورات جروس بروس .
• د. حماد ، حسين ، ص ، موسوعة الآثار التاريخية ، عمان-الأردن ، دار أسامة ، 2003 . 
• عطية ، أحمد ، أ.محمد كفافي ، عبد الحميد ، حماية وحفظ التراث الأثري ، القاهرة ، دار الفجر ، 1/2003 .
• د. التوجري ، عبد العزيز ، التراث والهوية ، الرباط - المملكة المغربية ، مطبعة الإيسيسكو ، 2011 . 
• ذياب ، محمد ، الفكر الاقتصادي لأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي دراسة تحليلية لكتاب المال ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية ، جامعة الحاج الأخضر ، باتنة ، 2006/2007 . 
• أبو زهرة ، محمد ، الملكية ونظرية العقد في الشريعة ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1996 .
• شلبي ، محمد ، محمد ، مقدمة في تعريف الفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه ، دار التأليف المطبعة ، 1962 .
• ضو ، جورج ، تاريخ علم الآثار ، بهيج شعبان ، بيروت-باريس ، منشورات عيدات ، 1982 ، 6-10 ، منشورة على الإنترنت.
• إبراهيم ، أبي يوسف ، يحيى ، الخراج ، بيروت ، لبنان ، دار المعرفة ، 1979 .
• د.محمد العبيدي ، خالد ، ف. ، علم الآثار والتاريخ ، بيروت ، دار الكتاب العلمي ، 2004 . 
• السيوطي ، جلال الدين ، "أشباح النضير في قواعد وفروه في الفقه الشافعيّة". ـ علامي ، 1 ، 1983 . 
• واصل ، محمد ، أ ، أحكام التصوير في الفقه الإسلامي ، المملكة العربية السعودية ، دار طيبة ، 1 ،  1999
• الجيزاني ، محمد ، ح ، فقه النسب - دراسة تطبيقية موثقة ، المجلد الأول ، السعودية ، دار ابن الجوزي ، 2006/2
• د. قاسم ، يوسف ، نظرية الضرورة في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1993 .
• الكثيري ، طالب ، (حكم الضرورات تجيز المحظورات) دراسة تطبيقية موثقة ، بحث فائز بجائزة الجمهورية في مسابقة البحث العلمي بجامعة عمر المكلا ، 2008 ..
• الشافعي ، بدر الدين ، محمد ، المنثور في القواسم الزركشي ، ص 2 ، الكويت ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، 1985. 
المواقع الإلكترونية :
• 07/02/2018) DW) ، علماء: إنسان شيدر البريطاني القديم كان داكن البشرة أزرق العينين ، على الرابط الآتي: https://p.dw.com/p/2sI0P     
• هزار ، عمران (2016) آثار ، متاح على الرابط الآتي :        https://goo.gl/BrU6yA   
• السهلي ، محمد (2018/01/08) الآثار العربية الكنعانية في فلسطين ، على الرابط الآتي: https://cutt.us/9UVzY
• مروان، محمد  (2017) أهمية الآثار ، متاح على الرابط الآتي: https://goo.gl/NufcJq  
• د. علام ، شوقي (22/10/2014،) ،  فتاوي دار الافتاء الاسلامية ‘ على الرابط الاتي : https://cutt.us/wUl3n  
• هجرس ، محمد ، وسيف ، أحمد  وآخرون (2013)، آثارنا التاريخية ..اعتزاز بالماضي .. أم نظرة حرام ؟ ، على الرابط الآتي :    http://cutt.us/6GFPk 
• معرفة ، علم الآثار ، على الرابط الآتي : https://cutt.us/8dWtu 
• الجزيرة (19/5/2019) ، علم الآثار يكشف.. لهذه الأسباب كانت أوروبا مرتعا للعنف والجريمة ، على الرابط الآتي : https://cutt.us/lvm83    

 

القرآن الكريم : 
• سورة الروم الآية( 9)
• سورة فسيلات الآية (53)
• سورة القمر الآية (9-15)
• سورة هود الآية (44)
• سورة الحجر الآية ( 74-75)
• سورة سبأ الآية(13)