الوقف النسائي في ظفار (قراءة في الوثائق والسجلات)
الباحث المراسل | د. حسين بن علي المشهور باعمر | باحث إداري في هيئة حماية المستهلك |
تاريخ قبول البحث :2025-03-09
تاريخ نشر البحث :2025-03-09
الوقف النسائي في ظفار
(قراءة في الوثائق والسجلات)
د.حسين بن علي المشهور باعمر
Dr.Hussain Ali Almashoor Ba omar
باحث إداري في هيئة حماية المستهلك
المؤهل العلمي: دكتوراه
رقم الهاتف:0096896225522
سبتمبر2023
ملخص البحث:
أسهم الوقف في ظفار في رفد حاجات المجتمع الدينية والاجتماعية والثقافية وساعد كثيراً في تلبية متطلبات الحياة وعوارضها، محققاً التعاون والتكافل والتراحم، ومُعززاً للعطاء والنماء. وعطفاً على ما سبق سعى الباحث لسبر أغوار هذا المجال بغاية التعرف على أنواع ومجالات وموارد الوقف وكيفية تعظيمها واستدامتها. وتوصّل إلى الكثير من الحقائق بعد المرور على بعض سجلات ووثائق الوقف تؤكد أن الفضل والإحسان ينشده أبناء هذه المنطقة رجالاً ونساءً دون استثناء ما يدعو إلى ضرورة البحث في هذه التجارب والاستفادة والاستزادة منها وفق مرئيات وآفاق عصرية تلبي التطلّعات وتُحقّق الآمال.
Research Summary:
The Waqf in Dhofar contributed to meeting the religious, social and cultural needs of society and helped a lot in meeting the requirements and symptoms of life, achieving cooperation, solidarity and compassion, and promoting giving and development. In addition to the above, the researcher sought to explore the depths of this field with the aim of identifying the types, areas and resources of endowment and how to maximize and sustain them. He arrived at many facts after going through some of the endowment’s records and documents, confirming that grace and benevolence are sought by the people of this region, men and women, without exception, which calls for the necessity of researching these experiences and benefiting from them and increasing them according to modern visions and horizons that meet aspirations and achieve them.
مقدمة:
شهد الوقف منذ بدايات العهد الإسلامي تطوراً ملحوظاً انعكس بالإيجاب على التكافل المجتمعي وأسهم كثيراً في سد الضرورات المُلحة في الوقت الذي لم تكن فيه موارد المجتمعات متاحة ومنظمة كما هو الحال اليوم، وتعددت وتنوعت أعمال البِر المتمثلة في الوقف لتُغطّي الكثير من الجوانب التي لم تكن تحظى بالعناية والرعاية الكافية من قبل الدول والمؤسسات الرسمية الحكومية، وتميزت تلك الجهود الخيّرة بالنمو والاستدامة بعدما عكفت الكيانات السياسية والمرجعيات الدينية على إدارتها وحمايتها وعدم المساس بها لِما لها من أهمية في تلك الحقب الزمنية الصعبة.
وبلا شك أن ما أقرّه السلف يدعو الخلف إلى الوقوف على تلك الإشرافات النيّرة والسعي بقدر المستطاع على تنميتها واستدامتها وربطها بجوانب الحياة المعاصرة وفق آليات بحثية متكاملة تقوم على رؤية متقدمة وأهداف أصلية تضمن بقاء هذا الإرث المحمود وتحقق متطلبات الوقف دينياً واجتماعياً واقتصادياً.
تطرقت المصادر الشرعية والتاريخية إلى المفاهيم السامية للوقف وأنواعه والتطورات التي مرت عليه، فضلاً عن تجارب الوقف عبر الزمان، وأوجه إسهامات الوقف وأثرها في تنمية الحياة العلمية والاقتصادية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق ارتأى الباحث تقديم هذه الورقة البحثية التي تسعى إلى تسليط الضوء على الوقف النسائي في ظفار من خلال الوقوف على بعض الإسهامات النسائية في عالم الوقف وأثر تلك الأعمال في المجالات المختلفة. بينما تتمحور مشكلة البحث في قلة المصادر التي تطرقت إلى الوقف في ظفار عموماً، وندرة الدراسات التي تناولت الدور النسائي الوقفي. استخدم الباحث المنهج الوصفي من خلال جمع المعلومات والبيانات من المصادر الموثوقة، ومن ثم وتنظيمها، وفي الأخير حصر النتائج وصياغتها.
تشتمل الورقة البحثية على ثلاثة أبواب وملحق للصور والوثائق وخاتمة، ففي الباب الأول تمهيد عن الوقف في ظفار، بينما تناول الباب الثاني أنواع ومجالات الوقف في ظفار، وتطرق الباب الثالث إلى الوقف النسائي ونماذج من السجلات الوقفية، وتمثلت الخاتمة في التوصيات والمقترحات.
أولاً: تمهيد عن الوقف في ظفار:
إن المُتتبع لتاريخ الوقف في ظفار ومراحله يجد صعوبة بالغة في معرفة تاريخ بدء هذا الوقف وتطوره، إلا أن الإشارات التي وردت في المصادر التاريخية تُدلِّل على انتشار الوقف منذ قرون، كذلك يتضح بروز بعض الشخصيات التي ساهمت في ترسيخ هذه الأوقاف وتنظيمها لتحقق المصلحة المرجوة من الوقف.
وتعود بعض هذه الأوقاف إلى القرن السابع الهجري، إّذ تذكر المصادر التاريخية أن السلطان سالم بن إدريس بن أحمد الحبوضي ـ آخر سلاطين الدولة الحبوضية ـ والمتوفى سنة 678هـ/1279م كان مهتماً بالأوقاف وتُحسب له الكثير من الأفضال في هذا الجانب، ومنها أنه كانت له رغبة شديدة في أن لا ينافسه في كثرة ما ينفق أحد، وله الكثير من الأوقاف في ظفار وحضرموت، وتذكر المصادر الحضرمية أنه توجد أوقاف كثيرة تصدق بها السلطان سالم بن إدريس الحبوضي من أراضي زراعية واسعة ونخيل في المدن الحضرمية باليمن، وتقدر قيمة هذه الأوقاف بعشرات الآلاف تصرف غِلّتها على المحتاجين من الغرباء والمنقطعين وأبناء السبيل، ولا تزال هذه المكرمة الخالدة إلى الآن معروفة بين الحضارم بأوقاف الحبوضي[1].
وردت كذلك إشارة أخرى تعود إلى القرن السابع الهجري مفادها أن السلطان المظفر يوسف بن عمر بن علي الرسولي ـ وهو أول من تولى ظفار من الرسوليين سنة 678هجري/1279م ـ كان من المهتمين ببناء المساجد والمدارس في شتى أنحاء دولته، وأوقف ما يسد لإدارة تلك الأربطة والمدارس وكفاية المرتبين فيها[2].
ويظهر مما سبق أن الدول التي تعاقبت على ظفار في ذلك الوقت لم تُغفل الوقف، ولم تتجاهل أهميته، إذ كان السلاطين مهتمين بذلك الأمر، ويُوقفون بعضاً من أملاكهم لإدارة المؤسسات العلمية والمساجد وكذلك للنفقة على الفقراء والمحتاجين.
كما كان للعلماء دوراً بارزاً في ترسيخ مفهوم الوقف وخير مثال على ذلك ما قام به الشيخ محمد بن أبي بكر ابن الشيخ سعد الدين بن علي الملقب بصاحب الرباط، وهو من فقهاء وأعيان القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي، حيث أخذ الشيخ محمد رباطاً (زاوية) وبنا مسجداً وحفر بئراً وأوقف عليه أوقافاً"[3]، وقيل أن هذا الرباط هو في الأصل للشيخ علي بامنصور تلميذ جده الشيخ سعد الدين المتوفى سنة 607 هجري/1210م وسُمِّيَ بإسم الشيخ محمد لأنه تولى به الإدارة والتدريس.
يبدو أن الأوقاف قديماً كانت مقيّدة لدى الشيوخ وأئمة المساجد والفقهاء وبعض نظّار الوقف، ولم تكن مجموعة في سجلات منظمة ودقيقة حتى القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي وذلك ما أدى إلى وقوع بعض النزاعات وقيام البعض بالاستحواذ على بعض هذه الأوقاف لغياب واقفيها واختفاء الثبوتيات والحجج الوقفية، وهذا ما دعا السيد محمد بن عقيل السقاف الذي تولّى ظفار في العقد الثاني من القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي لحصر تلك الأوقاف وتحديدها بشكل دقيق وواضح، وفي عهده حظيت الأوقاف بالعناية والاهتمام، وخصوصاً أوقاف المساجد، وتم حصر الأوقاف بدقة متناهية، إذ قَيّدَ أوقاف كل مسجد ودوّنها في عريضة (صك) وأَعلمَ الناس بذلك، ومن ثم أعطاها لأئمة المساجد الذين بدورهم قاموا بإدارتها بالتعاون مع القضاة، مثال ذلك: "بيان وقف مسجد بامزروع منقول من الأصل، نقله الحبيب الفاضل الحاكم محمد بن عقيل السقاف، وقفاً صحيحاً لا يباع ولا يوهب حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، مؤرخة سنة 1228هـ/1813م...." ويتضمن الصك أسماء الآبار (الأراضي الزراعية) التي بها أوقاف تتعلق بالمسجد المذكور، وجرى تحديدها بدقة متناهية، إذ تم تحديد اسم البئر وموقعها وحصة المسجد من إجمالي إنتاج الأرض الزراعية (البئر)[4].
كذلك ورد في صك آخر ما يلي: "هذه أوقاف مسجد الشيخ سالم القويري (فقيه من ظفار تُنسب له مقبرة تقع غرب الرباط في صلالة ولا يُعرف تاريخ وفاته) لا ينزعها منهم إلا ظالم جهول مستحق النار، كتبه محمد بن عقيل السقاف كونه أمير ظفار، 1241هـ/1825م"، وحُددت الآبار الموقوفة وحصة المسجد من كل وقف[5].
وعطفاً على ما سبق بإمكاننا القول أن الاهتمام بالوقف ظهر بشكل رسمي في عهد السيد محمد بن عقيل، والذي حاول تنظيم الأوقاف وحصرها، فطلب من كاتب العدل الشيخ محمد بن فرج السيل الغساني[6] تنظيم الوقف وتوثيقه، وكان ذلك في سنة 1241هـ/1825م[7].
يظهر كذلك أن السيد محمد بن عقيل السقاف لم يكتفي بتثبيت وتنظيم الأوقاف فقط، وإنما كانت له مساهمات جليلة في الجانب الوقفي، إذ أوقف الكثير من الأراضي والطرق والممرات المسماة محلياً بالمقاييف في سبيل المصلحة العامة وفك النزاعات، وأوقف كذلك أوقافاً أخرى لصالح جنده وعساكره وذويه وأقرباءه، وهناك وثيقة تتعلق بذلك، ورد فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم، ربي يسّر ولا تعسر، ربي تمّم بالخير، وأختم بالخير يا أرحم الراحمين، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خير خلقه أجمعين أما بعد، فقد أوقف وتصدّق الرجل الأجل السيد محمد بن عقيل بن عبدالله بن عقيل السقاف علوي، الساكن ظفار لله تعالى ابتغاء ربه ورجاء رحمته وذلك ما هو ملكه وتحت يده وفي حوزه وتصرفه ومن كسبه بئره المعروفة والمسماة"بئر البواذين" بغارف صلالة بما يتعلق عليها من أرض وتراب وحجر ومدر وعامر ودامر ونخل وشجر وعين ماء وكوت وكل ما يتعلق بها شرعا وعرفا المشهورة تحديدها، وأيضا نخل الغارف الذي عند الشيخ عبدالله من أقصاه إلى أدناه البايت والحادث بعده، و"بئر عبدالعزيز" المشهورة عند بستان عقيل بأرضها ونخلها وعين مائها وما يتعلق بها النابت والحادث بعده، وأيضا البستان المشهور بالرباط مع البيت بجميع ما يتعلق به من حجرة وشجرة ونخلة وغير ذلك بما حوته الثلاثة البساتين المعروفة "بستان الحناني"، أوقف السيد محمد المذكور بما ذكر باطن المسطور على نفسه أولا ثم على أولاده من بعده من صلبه، الذكر مثل حظ الأنثيين، ثم أخوانه وبنت عمه ومواليه المعتقين قبل عينه وبعد عينه، لإخوانه لكل رجل عشرة أسهم والأنثى خمسة أسهم، وأولادهم وأولاد أولادهم، ومواليه الحبوش من سهمين، والنوبان من سهم، والسواحيلية مع موالدة ظفار الذي أصلهم من ظفار من سهم إلا ربع، ثم أولادهم وأولاد أولادهم على هذا الترتيب، كل جنس بجنسه وقفاً صحيحا وهو في حال الصحة والاختيار من غير إكراه ولا إجبار، لا يباع ولا يوهب ولا يرهن،.....، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات أبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، علم ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له"،، أوقف السيد محمد بما ذكر باطن المسطور ومن خالف هذا القول أو غيّر أو بدّل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وقد جعل النظر في ذلك لمن يقوم مقامه من بعده، أو إلى من يرتضوه المذكورين وتجمّع رأيهم عليه، فإن حصل الشقاق فيما بينهم فنظره إلى القائم بالشرع الشريف، شرع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قاضي المسلمين، فالوقف المذكور على من قطن ظفار من حاسك إلى جاذب ومن تحّول عنها إلى غيرها فلا له شي، ثم بعد انقراض هؤلاء المذكورين الجميع على حرم الشريف بمكة، وصلى الله على خير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، والله خير الشاهدين"، بتاريخ 7محرم1230هـ (الموافق 13 ديسمبر 1814م)، كتبه وقاله عبده الفقير محمد بن فرج السيل، شهد بذلك: السيد علوي بن عمر باعمر، شهد بذلك:محمد بن سالم بن زياد، شهد بذلك: سعيد بن عامر حات بن غلفان، شهد بذلك الشريف حمد بن محمد...، شهد بذلك:علي ابن حسن ابن علي شحاري، شهد بذلك: السيد سالم عبدالله عمر باعبود، وصححه عبدالرحمن بن علي باعمر[8].
وفي الربع الأخير من القرن الثالث عشر الهجري وبدايات القرن الرابع عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي قام برعاية أوقاف ظفار القاضي أحمد بن علي بن عمر الحداد الذي تولى قضاء ظفار في عهد السلطان تركي بن سعيد وأبنه السلطان فيصل بن تركي، وتولى بعده رعاية الأوقاف لفترة وجيزة القاضي أحمد بن محمد القشاشي باعمر زمن السلطان تيمور بن فيصل. وجرت العادة أن يقوم القاضي بالمخابرة الشرعية وتحديد الوقف وحق المسجد من الأرض الزراعية، وتكون المخابرة بين القاضي ومالك البئر، مثال كذلك:" بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد لما كان يوم الثلوث ثلاثة عشر يوما خلت من شهر جماد آخر عام 1324هـ/1906م فقد حصلت المخابرة الشرعية من القاضي السيد أحمد بن علي الحداد القائم ببلد ظفار والرجل الرشيد عبدالعزيز بن عبدالله بن آسلم الشنفري الكثيري(تاجر من صلالة،اهتم بالزراعة والتجارة، وكان من المحسنين،توفي في ثلاثينيات القرن العشرين)، وذلك المخابرة في بئر باحميران المعروفة بغارف الحافة، على أن يغرس عبدالعزيز بن عبدالله البئر المذكورة نخل نارجيل وللأوقاف (المساجد) الخمس في النخل، وكذلك كلما غرسه من أشجار مثمرة وأنبت فيها شي من الأشجار المثمرة فالمساجد يقتسمن على حسب الأجرة التي في قوائمهن، وهن مسجد باسمين، ومسجد الوافد، ومسجد عقيل، وقبة علي باعمر، والشيخ علي جامع الحافة، ومسجد محسون، ولعبدالعزيز بن عبدالله في كل ما غرسه في الأرض عشرين نخلة تقابلها السهنة حقته في البئر، جرى ذلك بينهم وبالله التوفيق، كتبه الفقير إلى الله خادم الشرع الشريف فرج بن عبدالله الحبشي، صحيح الفقير إلى الله تعالى أحمد بن علي بن عمر الحداد"[9].
يتضح أن القاضي الحداد كان يقوم بالاتفاق مع من يرغب باستصلاح الآبار الموقوفة وتكون الآلية بالمخابرة الشرعية من القاضي لمن طلب استصلاح الأرض، إذ يتم تحديد حصة المسجد من الغرس وكذلك من الزرع، ويتم ذلك بحضور الوجهاء والأعيان والمشرفين على المساجد.
وفي فترة لاحقة قام حفيده القاضي علي بن عمر بن أحمد بن علي الحداد بحصر أوقاف بلدة الدهاريز، ووثقها، وسُمِّيَ سِجلّه بسجل الحداد. وهو من مواليد منطقة الدهاريز بولاية صلالة سنة 1320هـ/1902م، تولى القضاء في منطقة الدهاريز في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وعمل على حصر الأوقاف فيها، واستمر بالقضاء حتى عهد السلطان قابوس، توفي عام 1409هـ/1989م[10].
وفي مراحل لاحقة تولى إدارة أوقاف ظفار القاضي أحمد بن محمد البيتي الغزالي[11] زمن السلطان سعيد بن تيمور، إذ عكف على ترتيب شؤون المساجد وترميمها وتجديد المتهالك منها وخصوصاً تلك التي توقفت الصلاة فيها مثل مسجد عفيف، مسجد محضار، مسجد الوافد، مسجد السقاف[12]. وممن عمل مع القاضي الغزالي في إدارة الوقف: الشيخ محفوظ باكثير[13]، والشيخ علي العليان[14]، وذلك بعد تدشين مقر إدارة الوقف في السوق القديم[15].
وفي هذا الصدد يشير الكندي في كتابه (حصاد كفاح الحياة) إلى الأوقاف في ظفار بقوله:" الأوقاف في ظفار معظمها في أراضٍ زراعية، العرف السائد في قيمة الأرض الزراعية هو (مكوك الطعام)، سواء كان من محصول (الذرة، المسيبلي)، المكوك يساوي (16 فالية)، الفالية تساوي (12 كيلة)، الكيلة وزنها (نصف كيلو جرام)، والمكوك وزنه (96 كيلو جرام) والفالية وزنها (6 كيلو جرام). عند ورثة الأرض، إذا كان عدد الورثة محدوداً توزع الحصة على كل واحد ذكراً كان أو أنثى بالمكوك وبعده بالفالية، وإن كان العدد يصل إلى 15 وريث وأكثر توزع الحصة لكل واحد منهم بالفالية. فمثلاً الرجل، إذا كانت حصته مكوك قد ينوي به وقف على نفسه أو يشرك والديه معه، والمرأة إن كانت حصتها بالفالية تنوي بوقف حصتها بالفالية في المزرعة، وعادة ينوي صاحب المال الوقف لخدمة المسجد أو عمارته ولمسجد معين أو يوزعه على بعض المساجد، وكان تقييم أكبر مزرعة في صلالة لا يزيد عن 25 مكوك، وما دونها تقل قيمة التقييم. في حالة أن احتاج الوريث لبيع حصته، فالمشتري يشتري الحصة سواء إن كانت مكوك أو فالية حسب العرض والطلب ويكتب البيع بينهما بصك من المحكمة الشرعية"[16].
وخلال توارث الأحكام على ظفار بقيت هذه العادة مستمرة ولم يتدخل في تغييرها أو تعديلها أي حاكم، كانت أتعاب إمام أي جامع أو مسجد يعمل في خدمته الوقف المخصص لهذا المسجد وعليه أن يتابع مالك الأرض أو مستأجرها بسداد هذا الوقف، وذلك عند بداية محصول موسم (الذرة، المسيبلي)، والناس يدفعون له ذلك لإيمانهم بأن الوقف لا يجوز تأخير دفعه أو نكرانه[17].
وفي عام 1949م أمر السلطان سعيد بن تيمور ـ رحمه الله ـ بحصر هذا الوقف في جميع الآبار الزراعية بظفار وبيان حصة كل مسجد أو جامع من هذا الوقف، أسند أمر هذا العمل إلى فضيلة القاضي السيد أحمد الغزالي بن محمد البيتي أحد قضاة المحكمة الشرعية وأمر السلطان أن يعين موظف لحصر هذا الوقف وإدارته تحت إشراف القاضي الغزالي. أعلنت الحكومة لجميع المواطنين ملاك الأراضي الزراعية إحضار صكوك ملك أراضيهم إلى مكتب الأوقاف في السوق، وتم ذلك بحصر كل الوقف في هذه المزارع ولكل جامع أو مسجد حصته في أواخر عام 1952م، ثم قرر السلطان سعيد بن تيمور اعتبارا من 1953م أن تدفع حصة الوقف في المزارع إلى مكتب الأوقاف الذي يديريه محفوظ بن علي باكثير في السوق، وقرر السلطان أن تدفع رواتب لأئمة المساجد شهرياً من إدارة المالية في صلالة، راتب إمام الجامع الذي تقام فيه صلاة الجمعة (18)ريال وراتب أئمة المساجد الأخرى (15) ريال، بعض أئمة المساجد تذمروا من هذا القرار ولكنهم لم يخالفوا الأمر، أما عائد الوقف من الحبوب في فصل (الذرة ـ المسيبلي) فإنه يباع للمواطنين بالجملة أوالتفرقة وتدفع المبالغ للمالية، وبعد حوالي سبع سنوات استقال الشيخ محفوظ باكثير وعين فضيلة القاضي الغزالي الشيخ علي بن محمد بن عليان بدلا عنه[18].
قام ناظر الأوقاف القاضي أحمد بن محمد الغزالي كما ذُكِرَ سلفاً بجمع وحصر الوثائق والسجلات القديمة المتعلقة بأوقاف ظفار، وأنشأ سجلاً حديثاً لهذه الأوقاف، وجمع كل الأوقاف في ذلك السجل، ونظّمها بما يخدم الصالح العام، ولا يزال هذا السجل ساري المفعول ويُعمل به إلى الآن، ويُعرف بسجل الغزالي، ويحتوي على الكثير من المعلومات الهامة والأحداث والأسماء المتعلقة بالمنطقة منذ فترات قديمة، ومثال ذلك: " الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، أما بعد فهذا نقل ما تضمنه المجموع من أوقاف المساجد بصلالة، والوقف على مسجد جامع البلاد المسمى البليد، والمساجد الخاربة .......، منقول على مساجد ظفار المعمورة، تعيين أجرة مسجد بامنصور الذي فوق الرباط، منقول من خط قديم 1240هـ/1824م..."[19].
كذلك قام ناظر الأوقاف القاضي أحمد الغزالي بشراء الكثير من الآبار لصالح المساجد، لتُساهم في إدارة المساجد من حيث الصيانة والترميم والتجديد، ومصروفات القائمين عليها، فكان الغزالي يسعى إلى شراء حصص المواطنين في الآبار الموقوفة، ففي بعض الأحيان تكون هناك أرض زراعية موقوفة كلها لصالح مسجد معين عدا سهم أو سهمين من أصل عشرة أسهم في البئر فلذلك يقوم القاضي الغزالي بشرائها منعا للاحتكاك ولاستثمار هذه الأوقاف بشكل أفضل، ومثال ذلك : " لقد اشترى ناظر الأوقاف القاضي أحمد بن محمد الغزالي للمساجد الآتي ذكرها جامع صلالة وبامزروع وباعلوي الكائنة بصلالة من السيد عقيل بن محمد بن سالم بن عيدروس حقه الآيل إليه من وصية جده السيد سالم بن عيدروس سهما واحدا من جملة خمسة أسهم مشاعا، ماعدا الوقف في البئر المسماة بامسلمين الكائنة بغارف الحافة،...., ويشتمل السهم المذكور على مكوك وست فوالي أجرة من جملة عشر مكاكيك، وفرق مطيرة، وأحد عشر مطيرة جهوش، بما احتوى عليه هذا المبيع من حجر ومدر وسواقي وأرض وعين ماء...، بتاريخ 10جمادي الأول 1366هـ/1947"[20]، وحملت الوثيقة توقيع والي ظفار الشيخ حمود الغافري وتوقيع القاضي أحمد بن محمد الغزالي البيتي، وشهادة بعض الوجهاء والأعيان.
يتضح أنه قبيل قدوم القاضي الغزالي كانت الأوقاف المتعلقة بالمساجد تختص بإمام المسجد (المُعلِم)، وكان يشرف على الأوقاف التي تتعلق بالمسجد، كونه القائم على المسجد والمشرف عليه، ويقوم على أفق الوثائق التي تختص بأوقاف المسجد بأخذ نصيب المسجد من الغلة الزراعية في ذلك الوقت، ويقوم كذلك بالاتفاق والتنسيق مع مُلاّك الآبار لأخذ ما يتعلق بأوقاف المساجد ومثال ذلك: فقد حصلت المخابرة والمساقاة والإباحة من خادم الشرع المعلم عبدالله بن عبود العجيلي وذلك لعبدالله ابن المعلم عوض الحبشي في ما يخص مسجد الشيخ علي باعمار جامع الحافة من ذبر موقوف في منزحة زعفران بغارف الحافة، وشهرتها تغني عن التحديد، وذلك بما يتبع الذبر المعروف في تنزيل النخل مع أرياع الثمرة، فللمسجد ناصفة من عود وثمره، ولعبدالله المذكور ناصفة من عود وثمره، ومن طريق الإيجار التزم عبدالله في كل عين صرع بأربع فوالي كيل ذرة ومسيبلي حتى تثمر النخل، وعليه تعهد النخل في السقي والتحجيب، والمقام التام، وبالله التوفيق.
يظهر أنه بوفاة القاضي الغزالي انتقلت مهام العناية بالوقف إلى الشيخ سالم بن عبدالله الذهب[21]، وقام بتدوين سجل أوقاف ظفار الذي بدأه القاضي أحمد بن محمد الغزالي، ويعتبر هذا السجل الوثيقة الأساسية التي تعتمد عليها إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بظفار، كذلك كان للشيخ سالم بن عبدالله الذهب ويشاركه الشيخ علي بن محمد العليان دورا بارزاً في التعريف بالأعراف والنظم والمصطلحات المتعلقة بالأراضي الزراعية والأوقاف بظفار وترك سجلاً يضم بعض ما وثقه سلفه الغزالي بالإضافة إلى بعض الإضافات التي عكف على حصرها وتوثيقها.
ثانياً: أنواع ومجالات الوقف في ظفار
تتنوع الأوقاف في ظفار من حيث الجهات الموقوف عليها إلى الوقف على المساجد وتقدر بحسب الإنتاج الزراعي من الحبوب والمحاصيل، وهذه التقديرات العرفية يعرفها أهل الاختصاص من المالكين أو المزارعين أو أمناء الوقف الشرعيين. كما يوجد وقف لبعض المنازل وهي قليلة جداً، وهناك وقف على الفقراء والمساكين، ووقف على الذرية وذلك بجعل بعض المنازل وقفاً على الذرية، ومثال ذلك: وثيقة بتاريخ 27صفر1382هـ/1962 ورد فيها:
" كل نفس ذائقة الموت وبعد، أُقر على نفسي ـ وأنا الفقير إلى الله تعالى عبدالله بن محسن ـ بأنني أوقفت بيتي الكبيرة على أولادي للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم على المنسوبين إليّ من ذكور أولادي وأولادهم، صفة بعد صفة، وبطن بعد بطن..."[22]. وتُظهر السجلات أنواع أخرى للوقف ومنها الوقف على دور العلم ومثال ذلك تلك الأراضي التي أوقفها السلطان المظفر يوسف بن عمر الرسولي لصالح المدرسة التي أنشأها بظفار في العقد الأخير من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وتبعه في ذلك النهج بعض أبناءه وذويه، فانتشرت المدارس وأربطة العلم بظفار في ذلك الوقت، ولذلك سميت مدينة ظفار القديمة بمنطقة الرباط لاحتضانها لرباط العلم، وبذلك حذت الأربطة التي كانت منتشرة بظفار منذ القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي وحتى القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي حذو المدرسة الرسولية، وكانت تُدار من خلال الموارد الوقفية، ويُصرف على تلك المؤسسات العلمية من ريع الأوقاف، كذلك توجد بظفار الكثير من البيوت التي يشيع لدى كبار السن على أنها موقوفة لصالح طلبة العلم إلا أنها غير مُقيدة أو مُثبتة في سجلات الوقف مع رواج وقفيتها لدى أهل المنطقة. وهناك نماذج أخرى للوقف وتُعرف بالزوايا، والزاوية في عرف أهل ظفار تطلق على المبنى الصغير الذي يكون على هيئة قبة ويكون بداخل تلك الزوايا أحواض ماء للشرب، وعادةً ما تكون ملحقة بالمساجد، وقد تكون مستقلة في الخلاوي، وهي أوقاف قديمة سُخّرت للمارين والمنقطعين للاسترواح والسقي والاستظلال. ومن النماذج الأخرى للأوقاف في ظفار ما يُعرف بوقف المدافن ويتمثل في وقف أرض بيضاء لدفن أموات المسلمين، ويخصص منها مكان خاص للذرية والأقارب والأرحام، والباقي حق مشاع لجميع موتى المسلمين. ووقف المصاحف والكتب ووقف الكتب للعلماء وطلبة العلم والقراء في مكتبة المسجد ووقف شيء معين على من يقرأ القرآن على الميت الواقف يهب ثواب إليه بعد وفاة الواقف: كل من يقرأ القرآن الكريم ويهدي ثوابه للميت الواقف، فله حق في ذلك الموقوف.
بينما تعددت موارد أوقاف ظفار لتشتمل على المزارع وعددها يزيد على 200 بعضها موقوفة وقفا كاملاً لمساجد ظفار، وبعضها فيها أسهم محددة تتفاوت فيما بينها من مزرعة إلى أخرى لصالح مساجد ظفار، هذا فضلاً عن العقارات والبيوت والمحلات التجارية وعيون الماء.
قسّم د. حسين الذهب مشكوراً في بحثه (الوقف في ظفار) مجالات الوقف على النحو التالي[23]:
1ـ دينية: وتتمثل في وقف المزارع كاملة، أو أسهم فيها، والأراضي التجارية، والسكنية التجارية، والسكنية، والمحلات التجارية، على بيوت الله تعالى، ووقف المصاحف والكتب على المساجد، يهدى ثوابها لأموات الواقفين.
2ـ اقتصادية: أولاً من حيث الوقف على الفقراء والمساكين، بالإسهام في القضاء على الفقر وتلبية متطلبات ذوي الحاجة، ومن حيث عائدها أو ريعها؛ فإن للوقف عوائد استثمارية متعددة، تخدم الاقتصاد بطريق غير مباشر، فقد استفاد المستثمرون من استئجار المحلات التجارية، والأراضي التجارية، والسكنية التجارية، والسكنية، والزراعية، الموقوفة، بما يعود على الاقتصاد الوطني بعوائد استثمارية جيدة.
3ـ علمية وتربوية: كالوقف على دور العلم، وعلى طلبة العلم، وأربطة العلم، وعلى المعالمة (أئمة المساجد والقائمين عليها والمنوطين ببعض الشعائر الدينية، كقراءة القرآن، والإنشاد الديني ، والابتهالات والدعوات في المناسبات الدينية المختلفة في عرف ظفار) وهي وإن كانت غير منتشرة في ظفار بشكل واسع إلا أنها موجودة، وتظهر بين فترة وأخرى.
3ـ اجتماعية (وقف الذرية والوقف على الفقراء والمساكين) : يسهم الوقف في تلبية احتياجات أسرية تعمل على تمتين الروابط الاجتماعية بين الأسر والأفراد وتحقيق التكافل الاجتماعي من خلال الوقف الأهلي على الذرية والورثة من أهل الواقف، مما يحقق هذه الغايات النبيلة التي هي مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية. كما أن الوقف على الفقراء والمساكين يلبي متطلباتهم الذاتية، بما ينعكس أثره إيجابياً بالمحبة والرضا وتقدير جهود أهل الخير من الأغنياء وذوي الأملاك مما يحقق الشعور بالاطمئنان والأمان والاستقرار النفسي والاجتماعي عن طريق البر والإحسان من خلال الوقف الخيري.
ثالثاً: الوقف النسائي ونماذج من السجلات الوقفية:
أسهمت المرأة في ظفار كما هو الحال في عمان عموماً في انتشار الوقف وإثراء التكافل المجتمعي بشكل ملحوظ ومتكرر وهذا ما يقودنا إلى ضرورة تسليط الضوء على تلك الوقفات الجديرة بالاهتمام وإشهارها وتجليتها وربطها بجوانب الحياة المعاصرة من خلال بيان أنواع الوقف النسائي في عمان وخارجها، وتحديد أوجه الإسهامات الوقفية النسائية ودورها في تنمية مختلف الجوانب الدينية والاجتماعية والثقافية وإبراز النماذج النسائية المرتبطة بالوقف وتوثيق التاريخ الشفوي للوقف النسائي وغيرها من الجوانب المرتبطة بالوقف النسائي عموماً.
حفظت المصادر بعض الأخبار عن الوقف النسائي في ظفار ولعل أقدم تلك الأوقاف الموثقة وقف نبيلة بنت الملك المظفر الرسولي والتي عاشت في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وهي امرأة وصفت بالخير والصلاح، أنشأت مدارس وقفية في جهات عدة، وهي أخت سلطان ظفار ـ الواثق إبراهيم بن المظفر يوسف بن عمر بن علي الرسولي (ت 711هجري/1311م) ـ الذي بنى مدرسة في ظفار وخصص وقفاً لها. ويبدو أنها أنشأت عدداً من المساجد والمدارس، وأوقفت عليها أوقافاً كعادة نساء بني رسول في الإنفاق على المدارس والجوامع والتنافس في أعمال البر[24]. وذكرها أيضا الخزرجي في العقود اللؤلؤية في معرض حديثه عن المظفر الرسولي بقوله:" ابتنت كريمته التي تسمى (جهة دار الدملؤة) مدرسة في زبيد، ومسجداً في تعز، ومدرسة في ظفار الحبوضي أيضاً"[25].
بينما تشير سجلات الأوقاف والحجج الوقفية والوصايا والروايات الشفهية فيما بين القرنين الثالث والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلادي إلى أنواع الوقف النسائي في ظفار، والجهات الموقوف عليها، والواقفين، واتضح أن الوقف بأنواعه وأشكاله حظي بالرعاية والاهتمام من قبل السيدات المحسنات، ففي إحدى الوثائق ورد ما يلي:( أربعة مكاييل على عالية بنت عبدالعزيز بن عمر وبدرية بنت علي بن عمر المرهون، وبير فرح الناصفة القبلية نصف مكوك من زيادة بنت ... وقف جديد). بينما تضمنت وصية المُحسِنة طفلة بنت حديد الكثيري والمؤرخة سنة 1295هـ/1878م أوقافاً على عدد من مساجد صلالة وفيها:" فقد أوصت وثلّثت الحرة الرشيدة طفلة بنت حديد بن ردف الكثيري بأنه إذا نزل بها الموت المحتوم على العباد أول ما تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تغسل وتُكفّن ويصلى عليها وتدفن وأوصت بثلاثة مكاكيك أُجرة مكوكين في بير النغيل ومكوك في المنزحة المختلطة بها الداخلات عليها من عمر بن أحمد بن شعنوت وست فوالي أُجرة بترية في بير كعيب الباقية لها وصح الجملة أجرة ثلاثة مكاكيك وست فوالي الجميع بترية وقف على المساجد المذكورة قدام مرض موتها بثلاث أيام وإن ماتت فجأة فهو وقف قبل موتها بيوم والمساجد المذكورة والوقف المذكور على المساجد المذكورة ناصفة عن نفسها وناصفة موقوفة على زوجها بدر بن عبدالله بن محمد المرهون على مسجد الجامع صلالة ست فوالي في بير كعيب ونصف مكوك في بير النغيل ومسجد الشيخ حمد بن عفيف نصف مكوك في بير النغيل ومسجد النور نصف مكوك في بير النغيل وبامزروع نصف مكوك في النغيل وباعلوي نصف مكوك في النغيل وباحمران نصف مكوك في النغيل.....". عاشت هذه السيدة المُحسنة في القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي في صلالة، وتركت بسيرتها العطرة وصدقاتها الجارية ما ينُم عن سريرتها الخيّرة وصلاحها.
وتطرقت وثيقة أخرى مؤرخة سنة 1313هـ/1896م إلى وقف الحرة الرشيدة زيادة بنت علي وفيها: (وقفت وتصدقت وحبست زيادة بنت علي ... على المساجد المذكورة وقفاً صريحاً بقولها وقفت وحبست وتصدقت بثلاثة مكاكيك أجرة عين كل صرع بترية في بير فرح الناصفة الوجه من جملة اثنا عشر مكوك على مسجد الجامع نصف مكوك ومسجد بامزروع نصف مكوك ومسجد باعلوي نصف مكوك ومسجد النور نصف مكوك ومسجد عقيل نصف مكوك ومسجد باحمران وقفاً صريحاً صحيحاً وهي بكامل الصحة والعقل من غير إكراه ولا إجبار وبالله التوفيق).
يلحظ القارئ أن الوقف الديني المرتبط بخدمة المساجد ورعايتها وكفاية القائمين عليها هو الوقف الأكثر انتشاراً في ظفار ولكن هناك أنواع أخرى من الوقف خدمت الجوانب الاجتماعية والعلمية تندرج تحت الوقف النسائي ومنها ما تطرقت له الوثيقة المؤرخة سنة 1338هـ/1920م وفيها ورد الآتي:( ليعلم الواقف على ذلك فقد وقّفت الشريفة فاطمة بنت السيد عبدالله بن محمد باعمر المنزحة الداخلة عليها بالشراء من سالم بن فرج بن معتوق مقبرة للمسلمين المذكورة باطن المسطور نجدي مقبرة الشيخ بن عفيف وبالله الاعتماد)[26]. الجدير بالذكر أن السيدة المذكورة امرأة مُحسِنة زاولت التجارة مطلع القرن الرابع عشر الهجري/ العشرين الميلادي، وأتت ترجمتها في عدد من الدراسات منها كتاب ندوة الوقف في عمان، الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية باعتبارها من المحسنات المساهمات في الوقف. وأتى ذكرها أيضاً في حلقة بُثت على تلفزيون سلطنة عمان في برنامج (الوقف حياة)، 2022، وتضمّنت مقدمة الحلقة ما يلي:" من الزوايا الشهيرة في محافظة ظفار والتي تتردد إلى اليوم بين أبناء المجتمع ( زاوية الحبوبة فاطمة ) أوقفتها امرأة محسنة شريفة اسمها فاطمة بنت عبدالله بن محمد بن علوي باعمر والمعروفة بالحبوبة فاطمة، وكانت امرأة محسنة غنيّة خيّرة، وشاع ذكرها في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وتمتعت بمكانة اجتماعية وشهرة واسعة، هذه المرأة المُحسنة سخّرت من أموالها الكثير والكثير للنهوض بالوقف وأعمال البر وتعليم القرآن، وعرفت بمساعدتها للمحتاجين وكفالة الأيتام، ووقفت أوقاف عدة من ضمنها الزاوية، والتي أوقفت لها حصص من إنتاج عدد من مزارعها لخدمة هذه الزاوية، وفي عام 1338هـ/1920اشترت بعض الأراضي الزراعية الواقعة إلى الشمال من مقبرة بن عفيف وأوقفتها كمقبرة للمسلمين. الحبوبة فاطمة عرفت طبيعة مجتمعها واحتياجاته، لذلك رأت أنها توقف زاوية لعابري السبيل على الطريق الذي يربط بين الجبل ومدينة صلالة، فكانت زاوية الحبوبة فاطمة محطة مهمة للمسافرين. وبعد وفاتها بسنوات تحولت المساحة المحيطة بالزاوية إلى مقبرة. حفظ الوقف اسم الحبوبة فاطمة بين أبناء المجتمع، فكلما ذُكرت الزاوية هنا في ظفار يتبادر إلى الذهن هذه المرأة المُحسنة".
الجدير بالذكر أن المذكورة عاصرت عهد السلطان فيصل بن تركي، وبرزت في التجارة زمن السلطان تيمور بن فيصل. وكما يبدو من الوثائق ذات الصلة ورِثت عن والدها بعض الأملاك من مزارع وبيوت ومن ثم تاجَرَتْ في اللبان والقُطن والتمور وكماليات أخرى. وكانت تُرسل صادراتها مع السفن القادمة من حضرموت وبالمقابل تطلب منهم ما تحتاجه لتجارتها. وتوسعت لاحقاً في شراء الأراضي الزراعية واستفادت من محاصيلها ونمّت من ثروتها وتجارتها. أوصت في الوثيقة المؤرخة سنة 1346هـ/1928 بعتق مواليها والتصدّق بما لديها من ذهب وخصصت جزء من مالها لعمارة المساجد حيث حددت الوصية التي خطّتها قبل وفاتها عدداً من الأوقاف وفيها:( أوقفت مكّوك على مسجد عقيل وأوقفت مكّوك في على مسجد السقاف وأوقفت مكّوك وربع في البير المذكورة على مسجد الشيخ علي بالحافة وأوقفت مكوك في البير المذكورة على مسجد محسون بالحافة...) واضافةً إلى ما سبق اشتملت الوصية على وقف مقداره مكّوك وعدد من النخل لخدمة الزاوية التي أوقفتها قبل ذلك. وكانت وفاتها في 25 ربيع الأول 1353هـ/7 يوليو 1934 كما هو منقوش على شاهد القبر.
تطرقت المعشنية في دراستها (الوقف في ظفار) إليها بقولها: "السيدة المذكورة ـ فاطمة بنت عبدالله بن محمد باعمرـ المعروفة بـ"الحبوبة فاطمة" و"صاحبة الزاوية" اشتهرت بأوقافها في صلالة، كانت سيدة غنية خيرة، عرف عنها حبها للعلم وتعليم القرآن ومساعدتها للفقراء والمحتاجين، وكفالة الأيتام، أوقفت ثلاث مزارع بجوار مقبرة الشيخ بن عفيف في صلالة، ووسعتها من الجهتين الشمالية والغربية، وحفرت بها بئراً، وشيدت مبنى لتغسيل الموتى. كما قامت بتمويل زاوية لعابري السبيل، وبعد موتها بسنوات تحولت المساحة المحيطة بالزاوية إلى مقبرة سميت بمقبرة الزاوية[27].
الجدير بالذكر أن من أهم المنشآت الاجتماعية التي توفرها الأوقاف أسبلة الماء، أو ما يسمى محلياً بالزوايا، فقد أظهرت الوثائق الوقفية هذا النوع من الوقف المهم جداً للمجتمعات، وكانت توفر مياه الجوامع والمساجد، وتحفر الآبار وتوقف على المساجد في سبيل الله[28].
ختاماً لا شك أن الوقف النسائي في ظفار يزخر بالكثير من النماذج والإسهامات الجديرة بالاهتمام، وما تم استعراضه من نماذج أتى على سبيل التمثيل وليس الحصر؛ نظراً لضيق الوقت ومحدودية المعلومات المتاحة، والأمل أن تكون هذه المادة الأساس والدافع للباحثين والمهتمين لسبر الأغوار، والبحث والتقصّي الحثيث؛ وصولاً إلى مزيد من الحقائق التاريخية عن الوقف ومراحله وتطوراته وأعلامه.
الخاتمة والتوصيات:
إن المتتبع لتاريخ الأوقاف منذ بدايات العهد الإسلامي يجد أنه ما من مؤسسة من المؤسسات إلا ولها مورد وقفي يمولها، فلا تكاد تخلو تلك المؤسسات بشتى أنواعها من فائدة وريع الوقف لتغطية احتياجاتها. فكان للوقف الإسهام الفعال والدور الأبرز في تعدد تلك المنشآت سواء كانت دينية أو تعليمية أو صحية أو اجتماعية أو غيرها، تصب خدماتها ومصلحتها في المجتمع، وليست عمان عموماً وظفار خصوصاً بمعزل عن تلك الثقافة الإسلامية التي طالت المشارق والمغارب، بل امتدت الأوقاف العمانية إلى الخارج كالشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. ولم تقتصر الإسهامات الوقفية على الرجال بل كان الوقف النسائي حاضراً وبقوة ليشمل غالب الأمكنة والأزمنة بأنواعه وأشكاله ومجالاته المختلفة.
شهد الوقف النسائي في ظفار تنوعاً وانتشاراً وحظي بالرعاية والاهتمام من القائمين على الوقف، كما تميز بالتعدد والتنوع ليشمل مجالات الحياة الدينية والاجتماعية والعلمية متماشياً مع مقتضيات العصر الماضي، نظراً لحال وواقع الحياة فيما مضى. وخلاصة القول أن الوقف النسائي لعب قديماً دوراً اجتماعياً مهماً إلى جانب الأوقاف الأخرى انعكس بشكل إيجابي على حياة المجتمع مساهماً في تحقيق الاستقرار، والشعور بالعدالة والمساواة بين الطبقات الاجتماعية، كما عزز مبادئ التضامن الاجتماعي، والتراحم والتكافل بين الناس من خلال التلاقي في المناسبات المختلفة، والتي توفرها المؤسسات الوقفية الدينية والاجتماعية. كما أسهم الوقف في ظفار في تنشيط قطاع الزراعة، وذلك من خلال تسهيل استئجار المزارع الموقوفة على الراغبين في استثمار تلك الأراضي، وكان ذلك مقابل مبالغ تكاد تكون رمزية أو حصص محددة من المحاصيل. وهنا يكون الوقف قد لعب أكثر من دور في الجانب الاقتصادي، أولاً بتوفير الأرض الزراعية للراغب في الاستثمار، وتوفير فرص عمل لأن المستأجر للأرض سيحتاج إلى عُمّال في حال كانت مساحة الأرض كبيرة، ودفع أجرة الوقف للموقوف عليهم، بالإضافة إلى توفير المنتجات الزراعية للتجار في السوق المحلي أو للمصدرين في الخارج، وإيجاد تكاليف ونفقات القائمين على المساجد من أئمة وخطباء ومؤذنين في الوقت الذي لم تكن فيه الدول الحديثة قد تشكلت بأجهزتها التنظيمية والإدارية كما هو حال اليوم.
وبالنسبة للواقع الحالي للوقف فإنه من الضرورة بمكان الوقوف على رسالة ورؤية الوقف الإسلامي ومضامينه ودلالاته، بدءاً بالحصر الدقيق للأوقاف القديمة وتنمية عوائدها، ومن ثم تفنيد الأوقاف ودراستها وفق رؤية اقتصادية تضمن نماء الوقف واستدامته، وإعطاء الصلاحيات للمؤسسات الوقفية العامة والخاصة للقيام بدورها المنصوص عليه في القوانين واللوائح التنظيمية الصادرة، وأخيراً إحياء سُنّة الوقف وفق مرئيات عصرية تتماشى مع متطلبات واحتياجات المجتمع، فغالب الأوقاف القديمة والتي كانت تخدم المنشآت والمؤسسات الدينية والاجتماعية باتت تحظى بالرعاية الرسمية بينما المجتمع في ظل متطلبات الحياة الحديثة ومتغيراتها هو الأكثر عوزاً وحاجةً لتلك الإسهامات الوقفية سواءً في سد حاجة المعسرين أو كفالة الأيتام أو علاج المرضى أو التعليم وغيرها من الضروريات والحاجيات والله ولي التوفيق.
المصادر والمراجع:
المصادر المخطوطة:
ـ وثائق ووصايا وحجج وقفية وصكوك معاملات شرعية بعضها في أرشيف الباحث والبعض منقولة عن سجل الغزالي وهو من محفوظات مديرية الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار.
المراجع المطبوعة:
ـ باعكيم، عادل، أريج الياسمين في ترجمة تاج العارفين، ط1، مطبعة وحدين،2015.
ـ باعمر، حسين بن علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري، الطبعة الأولى، مطابع ظفار الوطنية، 2009م
ـ باوزير، سعيد بن عوض، صفحات من التاريخ الحضرمي، مكتبة الثقافة، عدن، (د.ت).
ـ بلفقيه، علوي، البضعة المحمدية الطاهرة، ج1، ط1، دار المهاجر، المدينة المنورة، (د.ت).
ـ الجندي، السلوك في طبقات العلماء والملوك،ص469ـ ص556، الأكوع، إسماعيل بن علي، المدارس الإسلامية في اليمن، مكتبة الجيل الجديد،ط2،صنعاء،1986،ص196.
ـ الخزرجي، علي بن حسن، العقود الؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية، تحقيق عبدالله الحبشي، ج1، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ط1،2009، ص502.
ـ الذهب، حسين بن سالم، دكتور، الوقف في ظفار (دراسة في السجلات والوثائق)، بحث مقدم لندوة الوقف في عمان بين الماضي والحاضر، جامعة السلطان قابوس، مسقط،2009.
ـ علي بن الحسن الخزرجي، العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية، تصحيح وتنقيح الشيخ محمد بسيوني، مطبعة الهلال، مصر،1911م، الجزء الأول.
ـ الغزالي، أحمد بن محمد البيتي، سجل أوقاف ظفار، مخطوط، (د.ت)، صلالة، إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار.
ـ الكندي، عبدالله بن علي بن عوض باكثير، حصاد كفاح الحياة، ط1، الاتحاد العربي للطباعة والنشر والترجمة، القاهرة، 2021.
ـ المعشنية، فاطمة سالم عيسى، الوقف في ظفار ودوره في الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، رسالة مقدمة لاستكمال درجة ماجستير الآداب في التاريخ، قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، 2022.
الملاحق:
مساجد ظفار بعمارتها التقليدية ( وتظهر زوايا الماء التي كانت سقيا للمصلين والعابرين )
[1] باوزير، سعيد بن عوض، صفحات من التاريخ الحضرمي، مكتبة الثقافة، عدن، (د.ت)، ص94ـ95.
[2] علي بن الحسن الخزرجي، العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية، تصحيح وتنقيح الشيخ محمد بسيوني، مطبعة الهلال، مصر،1911م، الجزء الأول، ص276ـ277
[4] أرشيف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار
[5] أنظر ملحق الوثائق.
[6]ولد في ظفار في القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي، أخذ عن فقهائها، ثم سافر إلى حضرموت للاستزادة العلمية، رجع إلى ظفار وتولى زمن السيد محمد بن عقيل بعض الأعمال والمهام الشرعية منها تنظيم الأوقاف، توفي في الربع الثالث من القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي.
[7] المعشنية، فاطمة سالم عيسى، الوقف في ظفار ودوره في الحياة
[8] باعمر، حسين بن علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري، الطبعة الأولى، مطابع ظفار الوطنية، 2009م، ص95
[9] نسخة من الوثيقة في أرشيف الباحث.
[10] منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، المديرية العامة للأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار.
[11] ولد مطلع القرن الرابع عشر الهجري/ العشرين الميلادي، تلقى تعليمه في مكة المكرمة، نشأ في أسرة علمية وبطلب من السلطان سعيد بن تيمور تولى خدمة القضاء وانتقل بين صور وظفار، وهو أول من رتب الأوقاف في ظفار وجعل لها نظاما دقيقاً، يعرف سجِّله بسجل الغزالي وهو من محفوظات المديرية العامة للأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار.
[12] بلفقيه، علوي، البضعة المحمدية الطاهرة، ،صـ 84ـ85
[13] من مواليد 1915، نشأ في صلالة في أسرة تعمل بالتجارة، تعلم القرآة والكتابة والحساب، ومن ثم عمل في التجارة، بعد وفاة والده، وفي عام 1949 انضم إلى الفريق المكلف بحصر وجمع الأوقاف آنذاك وكانت وفاته سنة 1997.
[14] علي بن محمد بن عبدالرحمن العليان، ولد في ظفار في ولاية طاقة سنة 1345هـ/1926م، درس في طاقة اللغة العربية والقرآن والفقه عند فقهاء أسرة آل حفيظ، عمل مع القاضي الغزالي في توثيق الأوقاف وحصرها منذ خمسينيات القرن الماضي، عين إماماً لمسجد الشيخ عمر الرواس منذ عام 1979م، توفي عام 2004م.
[15] باعمر، حسين بن علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري، مرجع سابق، ص48ـ49
[16] الكندي، عبدالله بن علي بن عوض باكثير، حصاد كفاح الحياة، ط1، الاتحاد العربي للطباعة والنشر والترجمعة، القاهرة، 2021، ص69.
[17] المرجع نفسه، ص70.
[18] المرجع نفسه، ص71.
[19] الغزالي، أحمد بن محمد البيتي، سجل أوقاف ظفار، مخطوط، (د.ت)، صلالة، |إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار
[20] سجل الغزالي، محفوظات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
[21]من فقهاء صلالة وأعيانها زمن السلطان سعيد بن تيمور. ولد في ظفار سنة 1333هـ/1915 وتلقى علومه فيها، اشتغل بالتجارة ردحاً من الزمن ومن ثم عمل كناظر للأوقاف بظفار. وكان له دور دعوي وعلمي إلى حين وفاته بصلالة سنة 1421هـ/2001م.
[22] اطلعت على الوثيقة لدى الباحث سالم محمد عبدالله آل حفيظ.
[23] الذهب، حسين بن سالم، دكتور، الوقف في ظفار (دراسة في السجلات والوثائق)، بحث مقدم لندوة الوقف في عمان بين الماضي والحاضر، جامعة السلطان قابوس، مسقط،2009، ص17.
[24] الجندي، السلوك في طبقات العلماء والملوك،ص469ـ ص556، الأكوع، إسماعيل بن علي، المدارس الإسلامية في اليمن، مكتبة الجيل الجديد،ط2،صنعاء،1986،ص196.
[25] الخزرجي، علي بن حسن، العقود الؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية، تحقيق عبدالله الحبشي، ج1، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ط1،2009، ص502.
[26] المزرعة الموقوفة في الوثيقة أعلاه تمثل الجزء الشمالي من مقبرة الشيخ أحمد بن عفيف وتقع حالياً جنوب جامع السلطان قابوس بصلالة، أنظر ملحق الوثائق.
[27] المعشنية، فاطمة سالم عيسى، الوقف في ظفار، مرجع سابق، ص96.
[28] المرجع نفسه، ص96.