المُعَدّلون وأدوارهم في مجلس القضاء في عُمان خلال الفترة (132-280هـ/749-893م)
الباحث المراسل | د. خلود الخاطري� | جامعة التقنية والعلوم التطبيقية |
تاريخ تسليم البحث :2024-03-29
تاريخ تسليم البحث :2024-04-21
تاريخ قبول البحث :2024-04-27
تاريخ نشر البحث :2025-04-08
مقدمة:
نال المعدلون أهمية كبيرة في مجلس القضاء في عُمان خلال القرون الإسلامية الأولى؛ إذ أولت المصادر المحلية اهتمًا كبيرًا للتعريف بهم وبأدوارهم ومهام عملهم وطريقة اختيارهم مرورًا بآلية عملهم جنبًا إلى جنب القضاة من ارتفاع القضية إلى حين صدور الأحكام القضائية حولها. وعليه تستند أهمية الدراسة بعنوانها الحالي إلى ثلاث مرتكزات أساسية تتمثل في: الموضوع حيث تناولت الدراسة أحد أهم أعوان القضاة في مجلس الحكم في عُمان، والزمان حيث القرون الهجرية الأولى، وما يصاحبها من قلة الدراسات التاريخية العُمانية سواء في الجانب القضائي أو حتى الجوانب الحضارية الأخرى، والمكان فهو عُمان التي لا تزال مجالًا بكرًا للبحوث التاريخية.
وعليه، فإن الدراسة تطرح مجموعة من الإشكالات، لعل أهمها: غموض أدوار المعدلون ومهام عملهم، وعدم وضوح طريقة اختيارهم وعملية تزكيتهم للشهود؛ ولذا تسعى الدراسة إلى بيان تلك الأدوار والمهمات التي يقومون بها، وتوضيح اشتراطات اختيارهم وعملية تزكيتهم لشهادات الشهود. ولتحقيق أهداف الورقة البحثية، حرصت الباحثة على تطبيق المنهج الوصفي؛ وذلك عن طريق تحليل واستقراء النصوص الفقهية وتحليلها لاستخراج المادة التاريخية بما يتواءم ومباحث الدراسة.
المبحث الأول: الأوضاع السياسية في عُمان خلال الفترة(132-280هـ/749-893م)
شكَّلت رسالة الدين الإسلامي منعطفًا تاريخيًا في عُمان؛ إذ تسلّم عبد وجيفر ابني الجلندى كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلما طواعية (ابن خياط، 1967؛ الطبري، 1967). ولم يَحدّ هذا التحول من سُلطة بني الجلندى في عُمان، بل احتفظت عُمان لنفسها بنوع من الاستقلال السياسي خلال العهد الراشدي والفترة الأموية حتى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان؛ لموقعها الجغرافي، وظروف نشأتها التاريخية والسياسية، الذي كَفَلَ لها وضعيةً خاصة بمنأى عن أي سلطة مطلقة مستمرة (مجهول، 2005؛ العاني، 1999).
وقد أدى الارتباط الإداري بين إقليم عُمان وإقليم العراق دورًا كبيرًا في فسح المجال لوالي الخليفة عبد الملك بن مروان على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي لضم عُمان إلى سلطة الدولة الأموية بعد تسييره جيوشًا عديدة؛ انتهت بإخضاع عُمان، وظلت كذلك إلى سقوط دولتهم. وفي الواقع؛ بدأت في هذا الوقت تحديدًا الدعوة الإباضية بالانتشار من البصرة إلى عُمان، وغيرها من أقاليم الدولة الإسلامية، واستفاد العُمانيون من جميع الإجراءات التي اتخذها الأمويون بحقهم (خليفات، 2002) إذ أثمر التنظيم السري للدعوة الإباضية عن إقامة الإمامة الأولى سنة 132هـ/751م، وأُختير الجلندى بن مسعود إمامًا. ولم تلبث الإمامة أن واجهت بُعَيْدَ قيامها خصمين قويين؛ الأول: تمثل في الخوارج الصفرية ، الذين لم يحالفهم الحظ في عُمان، وانهزموا في موقعة جلفار الأولى 134هـ/752م، وتمثل الثاني في الدولة العباسية التي ألحقت الهزيمة بقوات الإباضية، ممَّا أدى إلى زوالها بعد عامين على قيامها (السالمي، 2000).
لقد سيطرت الدولة العباسية على عُمان خلال الفترة الانتقالية بين الإمامتين (134-177هـ)، ولكن لم يستطع العباسيون السيطرة عليها كاملة، إذ تشاركت الدولة العباسية حكم عُمان مع قوى أخرى؛ فإضافة إلى القوى العباسية التي ظلت سلطتها محدودة في الساحل؛ حيث المال والثروة، كانت هناك قوى الدعوة التي حمل لواءها دعاة المذهب من حملة العلم واتخذوا من داخل عُمان مقرًا لهم حيث دخلت الإمامة مرة أخرى طور الكتمان، كذلك وجدت القوى القبلية بزعامة آل الجلندى حلفاء العباسيين ومن والاهم من القبائل الأخرى(المعولي،2014 ؛ فوزي، 2007).
تمكَّنت الدعوة الإباضية بعد ثلاثة وأربعَيَّن عامًا تقريبًا من إحياء الإمامة خلال الفترة (177-280هـ/793-893م)، والتي عُرفت بالإمامة الثانية (الإزكوي، 2006 ؛ السالمي، 2000)، واستمرت أكثر من قرن من الزمان، وحكم من خلالها ثمانية أئمة جميعهم من قبيلة اليحمد الأزدية . وتُصور المصادر المحلية( أبو قحطان، 1989 ؛ أبو الحواري، 1985 ؛ السالمي، 2000) عهود الأئمة الأوائل حتى تنصيب الإمام السادس الصلت بن مالك الخروصي(237-272هـ/851-885م) بروايات تكاد تكون متطابقة، إذ تشير إلى أن هذه الفترة تُعد أزهى فترات الإمامة؛ لما شهدته من تماسك نسبي في جبتها الداخلية نتيجة الأمن والاستقرار، والرخاء الاقتصادي؛ لازدهار التجارة والزراعة، وارتفاع المستوى المعيشي، وظهور تركيبة المؤسسة السياسية للإمامة وتنظيماتها الإدارية وفق فلسفة وأفكار المذهب. من جهة أخرى؛ عكست تلك الروايات ما تميز به هؤلاء الأئمة من كفاءة إدارية، والسير على منهاج المسلمين الأوائل، والشدة على الباطل، والتشديد على المخالفين لتعاليم الإسلام ومحاسبتهم، ممَّا كان له عظيم الأثر في نشر العدل، والمساواة، وقوة السلطتين السياسية والقضائية (الكندي،1986 ؛ الإزكوي، 2006).
أما فترة الإمام الصلت بن مالك (237-272هـ/851-885م) ورغم الاستقرار السياسي لصدر إمامته؛ إلا أن حادثة عزله التي قادها القاضي موسى بن موسى كانت بداية النهاية للإمامة الإباضية الثانية؛ إذ أشعلت هذه الحادثة حربًا قبلية داخل عُمان(السالمي، 2000 ؛ الريامي، 2015)، ولم تقف عند هذا الحدّ، بل اتصل شيوخ النزارية بوالي البحرين العباسي محمد بن نور ، واتفقا معًا على التكاتف ضد الإمامة، فاقتنصت الدولة العباسية الفرصة، وأعادت عُمان إلى سيطرتها بعد دخولها نزوى وقتلها آخر أئمة الإباضية الثانية عزان بن تميم، فانتهت بذلك الإمامة الإباضية الثانية في عُمان باعتبارها كيانًا سياسيًا، إلا أن السيطرة العباسية لم تشمل عُمان بأكملها، إذ بقيت اليمانية تُدين بالولاء للإباضية (العوتبي، 2005) ختامًا؛ لقد ألقت الأوضاع السياسية بظلالها على المجتمع العُماني اجتماعيًا واقتصاديًا؛ وبالتالي تأثير مختلف مجالات الحياة بذلك كله بما فيه القضاء وتطوره وتنظيماته.
المبحث الثاني: مجلس القضاء في المصادر المحلية
مع توسع مسؤوليات القضاة في مجالس حكمهم إلى كثير من القضايا التي تخص معاملات المجتمع؛ من خصومات حول: الزواج، والطلاق، والميراث، والمغيبين، وأموال اليتامى، ومراقبة الطرقات والأسواق وحرمات الأبنية، ومضار الدواب، إضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقطع المناكر، وغيرها من الأدوار، كان طبيعيًا حاجة القاضي في مجلسه إلى مجموعة من الموظفين والأعوان يشتركون تحت سلطته في إنجاز المهام الموكلة إليه. ومن هؤلاء الأعوان الكاتب؛ إذ كان على القاضي وهو يقضي بين الناس أن يتوافر له كل ما يُعَيَّنه على الإصغاء، والانتباه إلى حجج الخصوم، واستماع الدعاوى والبينات، من غير انشغاله بتدوين أقوال الشهود وغيرهم ممَّن يُستدعون إلى مجلس القضاء (ابن جعفر، 2018 ؛ أبو زكريا، 1984 ؛ العوتبي، 2015؛ الكندي، 1986). بالإضافة إلى الكاتب، فقد وجد إلى جانب القضاة المستشارون الذين كانت مهمتهم تخريج المسائل القضائية فقهيًا؛ فقد استشار الإمام الصلت الخروصي قاضيه محمد بن محبوب في ثلاث قضايا تتعلق بالقتل والقصاص والدماء مثل: قضية الصلت بن نارسته، ورايس بن غسان، وقضية رجل يقال له مستكبر(الرحيلي، مخطوط رقم(1697)).أما الوكلاء، فقد أشارت النصوص الفقهية المحلية إلى أنه كان من واجبات القُضاة في عُمان تعيين الوكلاء لليتامى، والمغيبين، وزائلي العقول، وأصحاب الأمراض، وتزويج مَنْ لا ولي لها من النساء، وتنفيذ وصايا الأموات، وتقسيم الأموال بين الشركاء إن رفض الشريك الاعتراف بحق شريكه، وكذلك تعيين الوكلاء للرافضين حضور مجلس الحكم، وقضايا الزواج والطلاق، وسائر الخصومات التي لم يستطع أصحابها الوصول بدعواهم إلى مجلس الحكم؛ وتأكد القاضي أنه ممَّن يستحقون الوكالة؛ دون أن تكون الوكالة في الحدود، القصاص، الدماء، الأنفس، والجراحات(ابن جعفر، 2018 ؛ أبو زكريا، 1984).
إلى جانب ذلك، فقد احتاج القضاة في عُمان إلى المَعَدّي؛ وهو الشخص الذي يلي الأحكام بحضرة الإمام أو القاضي؛ إذ كانت مهمته متابعة تنفيذ الأحكام والقضاء إن ولَّاه الإمام ذلك. وكان أول ذكر لوظيفة المعدي خلال إمامة المهنا بن جيفر الخروصي؛ إذ عين الإمام خالد بن محمد معديًا له في نزوى، كما كان زياد بن الوضاح معديًا للقاضي أبي مروان سليمان بن الحكم في صحار (الكندي، 1986 ؛ السالمي،2000). وإضافة إلى ذلك؛ فقد وُجد الشراة الذين تمثلت مهمتهم في ملاحقة من تولى من الخصوم الحضور إلى مجلس الحكم (الكندي ، 1986)، كما وجد خازن ديوان القاضي ويُعنى بكل ما عند القاضي من أوراق، وإثباتات، وإقرارات المتخاصمين إليه (الإزكوي، 2018 ؛ الكدمي، 1985 ؛ العوتبي ، 2015 )، إضافة إلى وجود القسّام الذي كانت وظيفته قسمة الحقوق بين مستحقيها، والإشراف على قضايا الأموال، مثل: الميراث، التركات، والوصايا (الإزكوي 2018 ؛ أبو زكريا ، 1984 ؛ الكندي، 1986؛ الكندي، 2016). إلى جانب ذلك، وُجد من يُطلق عليهم بالقومة؛ وهم الأشخاص الذين يجلسون على رؤوس القُضاة، ومهمتهم على ما يبدو من حديث الكندي المحافظة على الآداب العامة في مجالس حكم القُضاة، وتنظيم دخول الخصوم إليه(الكندي، 1915)، وعُرفت هذه الوظيفة في المشرق الإسلامي بالجلواز أو الركابية(السمناني، 1970). كما وُجد القيّاس الذي أُنيطت إليه مهمة قياس الجراحات، وتصاحب هذا الموظف من النساء الثقات إذا كانت الدعوى تتعلق بجراحات النساء (الإزكوي، 2018 ؛ العوتبي، 2005) إضافة إلى وجود الخازن الذي يحتفظ بكتب التعديل( الإزكوي، 2018).
المبحث الثالث: المُعَدّلون وأدوارهم في مجلس القضاء في عُمان
3-1- أولًا: التعريف بالعدول
لقد جاء ذكر العدل في القرآن الكريم بمعنى الأمين المستقيم من غير تخصيص؛ لقوله تعالى: (فجزاه مثل ما قتل من النعم يحكم بها ذوا عدل منكم) (سورة المائدة:5، ص95)، وقوله تعالى: (ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل) (سورة البقرة:2، ص 48) . وقد عرف ابن خلدون في مقدمته العدالة، فقال: "وظيفة دينيّة تابعة للقضاء، ومن موادّ تصريفه. وحقيقة هذه الوظيفة القيام عن إذن القاضي بالشّهادة بين النّاس فيما لهم وعليهم تحمّلا عند الإشهاد، وأداء عند التّنازع، وكتبا في السّجلّات، تحفظ به حقوق النّاس وأملاكهم وديونهم وسائر معاملاتهم" (ابن خلدون، 1988) كما أشار السمناني إلى الشاهد العدل، بقوله: "أن العدل مقابل للجور، وحقيقته التسويه بين الخصمين، وترك الميل إلى أحدهما، والعادل كل مقبول الشهادة على غيره عند السلطان والحاكم، وكل مسلم فهو عدل حتى يثبت عليه الفسق" (السمناني، 1970).
ويُعرّف المعدل في المصادر المحلية على أنه الشخص الذي يقوم بتزكية الشهود، أي: التحري عن عدالتهم في البينة التي أثبتوها بين يدي القاضي(أبو زكريا، 1984 ؛ الإزكوي، 2016 ؛ الكندي، 1986) يقول أبو زكريا في ذلك: "الذي يؤتمن على الأمانات، ولا يعرف أنه مصّر على شيء من الجنايات، مُسارع في الخيرات، مُجانب للشبهات، مأمون على ما حمله من الشهادة، وقام به ولو لم تعرف منه من الموافقة في القول ما تجب به الولاية من المحبة، ولم نعرف منه انتحالًا لدين غير دين المسلمين، وهو في ذلك يظهر التمسك بقول المسلمين في صلاته، وزكاته، وولايته، وبراءته" (أبو زكريا، 1984).
لقد كان القضاة في عُمان يقبلون شهادة الشهود إذا كانوا عدولًا معروفين بالاستقامة، والأمانة، والورع، والتقوى، أما إذا شك القاضي في عدالتهم ترك شهادتهم، وسأل عنهم وأخبر المشهود عليه أن يرد على شهادتهم دفاعًا عن نفسه، فإن ثبت عنده عدالتهم قضى به(أبو زكريا، 1984). كما كان الخصوم يحضرون شهودهم على دعواهم أمام القضاة، ويشير إلى ذلك الكندي بقوله: "وعن الخصمين إذا حضرا إلى الحاكم فدعا أحدهما بالبينة فأحضر على خصمه شاهدين.. وقال الخصم المشهود عليه ما شهد به هذان الشاهدان، فأحكم علي به أو ما شهد به، فأنا مصدقهما فشهدا عليه؛ فإذا شهد وصدقهما بعد الشهادة عليه فذلك إقرار شهدا عليه" (الكندي، 1986).
وفي أواخر القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، يرصد الشيخ القاضي أبو جابر محمد بن جعفر الإزكوي(حي:280هـ/893م) في جامعه المعروف باسمه، ما يشير إلى ظهور تطور جديد في السؤال عن الشهود، والتحري عن عدالتهم، إذ يشير إلى ذلك بقوله: "المسألة بدعة محدثة ( أي تزكية الشهود وتعديلهم )، إلا أنه لما ظهرت شهادات الزور، وأخذ الناس الأموال على الشهادة، والرشا، فعند ذلك سُئل عنهم، فليتق الله الحاكم(القاضي)، فإن الناس شجرة بغي، وذبان طمع، وفراش نار، وقد بلوا بالشحناء والضغائن" (الإزكوي، 2016).
ويبدو مما سبق، أن السؤال عن الشهود وتزكيتهم لم يكن بالصلابة والحدة الذي ظهر عليه بعد ذلك، لقول الإزكوي: "أن تزكية الشهود لم تكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه.. والمسلمون عدول بعضهم على بعض، وقد نهى الله عن التفتيش عن عورات الناس، والتجسس عنها" (الإزكوي، 2016) كما لم يشدّد القضاة على وجوب تزكية الشهود من أكثر من معدل؛ فقد أجاز القاضي موسى بن علي (ت:231هـ/845م) شهادة الشهود في قضية بين خصمين، بعد أن قال له المعدل: لا أعلم إلا خيرًا منهم (أبو زكريا، 1984).
والظاهر أن التشدد في السؤال عن الشهود وتزكيتهم كان بعد أن تغيرت أطباع الناس؛ فكانت تزكية الشهود لسببين: إمَّا أن يشكَّ القاضي في عدالة من شهد بين يديه، وإمَّا طلب الخصم تجريح شهادتهما؛ لظهور شهود الزور، وكثرة الرشاوى(الإزكوي، 2016 ؛ أبو زكريا، 1984).
ورغم تثبت القضاة من عدالة العدول، وصدقهم، وأمانتهم، إلا أنهم لم يكونوا بالشكل الذي رسمه الفقهاء لهم؛ الأمر الذي استدعى ظهور تطور آخر تمثل في تحويل عملية تزكية العدول إلى عملية سرية بعد أن كانت علنية، وكان المعدلون يقومون بوظيفتهم سرًا، ولم يقبل القضاة تزكية العلن. ويصف الشيخ القاضي محمد بن إبراهيم الكندي(ت:508هـ/1115م) ذلك، بقوله: "وينبغي للقاضي إذا أرسل في تعديل البينة، بعث بها مختومة مع من لا يعرف ما فيها، حتى يوصلها إلى الذي يلي المسائلة عنها؛ لأن الناس قد أضر بهم الطمع إلا من عصم الله" (الكندي، 1986).
وفي القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، وإزاء كثرة العدول وازدياد أهميتهم وصعوبة التأكد من تزكية العدول وتعديلهم أمام القضاة في مجالس حكمهم، استحدثت وظيفة صاحب المسائل؛ لمساعد ةالقاضي في أمر البحث عن الشهود وتثبيت عدالتهم، وإلى ذلك يشير الكندي، بقوله: فإذا أجاب فيها جاء بها صاحب المسألة مختومة قد ثبتها في يد القاضي. وإن خاف أن يشهر بأنه صاحب المسائل أرسل بها مختومة مع غيره إلى القاضي حتى ينظر فيها، ثم يرسل إليه بعد ذلك سرًا ليلًا أو نهارًا حتى يسائله عما كتب إليه من الجواب فيها"(الكندي، 1986).
ورغم أن الكندي قد تفرد عن غيره من المصادر المحلية بذكره مصطلح صاحب المسائل كأحد أعوان القضاة في مجالس حكمهم، ولعدم تعريفه لهذا المصطلح أيضًا، والتفريق بينه وبين مصطلح العدول الذي أورده وتورده المصادر المحلية الأخرى؛ إلا أن يكون صاحب المسائل الوارد في بيان الشرع وظيفة قضائية جديدة استحدثت لاعتبارات وهي التي ذكرناها آنفًا، خصوصًا وأن صاحب المسائل قد ظهر ضمن تنظيمات القضاء في الدولة الإسلامية منذ القرن الثاني الهجري/ الثامن المبلادي؛ إذ كان للقاضي ابن شبرمة(ت:144هـ/761م) صاحب مسائل يُدعى الهداد(وكيع، 1974). كما كان للقاضي ابن أبي ليلى صاحب مسائل يُعَيَّنه على تعديل الشهود وتزكيتهم (وكيع، 1974)، بالإضافة إلى أنه كان للقاضي المفضل بن فضالة صاحب مسائل؛ يسأل عن عدالة الشهود وأمانتهم(الكندي، 2003م) كذلك اتخذ قاضي الخليفة هارون الرشيد على مصر عبد الرحمن بن عبدالله العمري في سنة 185هـ/ 801م صاحب مسائل يُدعى يحيى بن عبدالله بن بكير(الكندي، 2003)، كما اتخذ القاضي لهيعة بن عيسى عند توليه قضاء مصر سنة 199هـ/ 814م سعيد بن تليد لمسائله، وأمره أن يجدّد السؤَال عَن الشهود والموسومين بالشهادة فِي كل ستَّة أشهُر، فمن حدثت لَهُ جُراحة أوقفه عن العمل (الكندي، 2003).
هكذا أكدت المصادر المحلية على أهمية المعدلون ومكانتهم في مؤسسة القضاء العُمانية خلال الفترة الزمنية المدروسة للبحث؛ فكانت تُقام بهم الحجج وتُدحض، وتبرم الأحكام وتنقض، وتثبت الدعاوي وتبطل، وكانوا حجة القضاة فيما حكموا وطريقتهم إلى ما أنقضوا وأبرموا.
3-2- ثانيًا: شروط تولية المعدلون
لقد وضع الفقهاء شرائط كثيرة يجب توافرها في الشهود العدول؛ بحكم ارتباطهم بدائرة القضاء وعمل القضاة، منها أن يكون من أهل: العدل، الفقه، الثقة، الفضل، العفة، الورع، والرضا في الإسلام، ومن عرف عنهم الخير، ولم يعرف منهم الشر، ومن غير مرتكبي المعاصي والحرام (الإزكوي، 2016، ص122 ؛ الكندي، 1986). وقد اهتمت المصادر المحلية (الإزكوي، 2016 ؛ الكدمي، 1985 ؛ العوتبي، 2015 ؛ الكندي، 1986) بالتنظير للشروط التي يجب توافرها في المعدلين، وأكدت جميعها على ضرورة انتقائهم انتقاءً دقيقًا، فقد يكون التأكيد على أهمية الالتزام ما يوحي أن الأمر قد كان يجري على خلاف ذلك، خاصة خلال فترة الاضطرابات السياسية، وما ينجم عنها من كثرة شهادات الزور، وانتشار الطمع، وفساد طباع الناس، الأمر الذي يستدعي ضبط شهادة الشهود، والتأكد منها؛ كما حدث أيام الإمام الصلت بن مالك الخروصي، حين نادى الخارجون عليه، منهم القاضي موسى بن موسى؛ بعزل بعض المعدلين بعد أن وصفهم بالفسقة(أبو المؤثر، 1986).
وقد سئل الفقهاء عما يجب أن يتوفر في الشاهد العدل، فقالوا: ينبغي للعدل أن يكون من خيار أهل بلده، ومن أخيار المسلمين الصالحين وأفضلهم, ومن أهل الولاية والبراءة (الإزكوي، 2016). وقد أشار الكندي إلى شروط تولية المعدلون، فقال: "إذا عُرف المعدل بالمسارعة إلى الخير، وحضور صلاة الجماعة، فليعدله ويتولاه ويجيز شهادته، وإذا عرف منه شرًا طرحه، وإذا لم يعرف منه خيرًا ولا شرًا وقف عنه" (الكندي، 1986).
3-3 ثالثًا: تنصيب العدول وعزلهم
لم تقتصر مهمة القضاة في عُمان على مراقبة العدول والتأكد من تزكيتهم وعدالتهم، بل كان القاضي مسؤولًا مع الإمام عن عملية اختيار العدول وتنصيبهم أو إسقاط عدالتهم وعزلهم. ويشير صاحب جامع ابن جعفر إلى ذلك بقوله: "وإذا كان في البلد معدل منصوب للتعديل نصبه لذلك إمام عدل أو قاضي، فهو الذي يسأل عن تعديل أهل بلده، وإن كان في البلد اثنان أو ثلاثة أو أكثر سئلوا جميعًا، فإن عدل واحد وطرح واحد أخذ بتعديل الذي عدل إلا أن يطرح المعدلان الباقيان أو يجرحاه أو يجرحه عدلان غيرهما" (الإزكوي، 2016).
من جانب آخر، فقد أوكل بعض القضاة للولاة في الأقاليم والبلدان بتعيين المعدلين لتزكية الشهادات وتعديلها، كما ينقل ذلك عن القاضي أبو عبدالله محمد بن محبوب الرحيلي (ت:260هـ/873م)، قوله: "وينبغي للوالي في ولايته إذا ولي أن يقدم على كل بلد ثقةً أمينًا، ويسأل عن ثقات البلد أهل الفضل في دينهم وثقتهم فيوليهم أمر البلاد ويجعل التعديل إلى المعدلين المنصوبين ويكون وليه الثقة هو الذي يرفع إليه التعديل ويلي مسألة المعدلين بنفسه.. وعلى الإمام والقاضي أن يقبلا من الوالي إذا كتب إليهما أن واليه الثقة عنده كتب إليه إنه قد عدل عنه شاهدًا، أو وكالة من رجل لرجل.."الإزكوي، 2016 ؛ الكندي، 1986).
ولقد تشدد القضاة في أمر قبول تعديل الشهادات وتزكيتها، فلم يقبلوا التعديل إلا عن المعدلين المنصوبين إذا كان في البلد معدل منصوب، أما إذا لم يكن في البلد معدل سأل القاضي الثقات من أهل البلد الذين يبصرون ما تثبت به العدالة والطرح. وقد أشارت المصادر المحلية إلى بعض الشواهد التي رفعت فيها عدالة الشهود وطرحت، بعد ثبوت عدم عدالتها وتزويرها فرفضها القضاة دون تهاون وتقاعس، ومن تلك الشواهد: رفض شهادة رجل غيَل غيلة في أرض صافية؛ أي أنه صنع قوالب الطين من تراب الصوافي التي تملكها الإمامة وهي لعموم المسلمين؛ فعلى ذلك جُرحت عدالته وأُسقطت شهادته في مجلس القضاء(أبو زكريا، 1984 ؛ الكندي، 1986)؛ كما لم يقبل القضاة تعديل الوكلاء ولا الأوصياء على من وكلهم وأوصى بهم إن لم يكونوا ثقة نقلًا عن أبو المؤثر الصلت بن خميس (ت:ق3هـ/9م) (أبو زكريا، 1984 ؛ الإزكوي، 2016 ؛ الكندي، 1986)، كما تجنب القضاة تنصيب المعدولون من أهل الذمة؛ لقول أبي زكريا: "وقد كان بصحار قوم يسألون عن التعديل، الظن بهم أنهم من أهل الخلاف، ولم يكن يظهر منهم يعقوب بن المؤمل، وداود بن الأشرس، وما أعلم أن يُقام في أهل الذمة معدل" (أبو زكريا، 1984 ؛ الكندي، 2016).
ورغم تنظير المصادر المحلية - كما رأينا- للمعدلون كأحد أهم وأبرز أعوان القضاة، وارتباط عملهم بأكثر القضايا التي تداولها القضاة في مجالسهم، إلا أن تلك المصادر لم تطلعنا على أسماء المعدلون، وتاريخ تعديلهم وتنصيبهم عدولًا في مجلس القضاء العُماني، ولا تطلعنا أيضًا إن كان هناك من العدول قد جرى عزلهم وإبعادهم وإسقاط عدالتهم.
3-4- رابعًا: عملية التزكية والتعديل
أما عن عملية تحري عدالة الشهود؛ فيتم ذلك بتوجه المعدلون سرًا بكتاب القاضي الذي عليه ختمه إلى موضع سكن الشهود ومحل إقامتهم، ويباشرون عملهم هناك بالتأكد عن كل ما سجله الكاتب عنهما. فإن أخبر اثنان من المعدلين بعدالة الشهود؛ قِبَل القاضي شهادتهما، وإن أخبراه بجرحهم، وعدم عدالتهم؛ ردَّ القاضي الشهادة، أما إن أخبره أحدهما بالعدالة، والآخر بالجرح؛ بعث آخرين بالتعديل، فإن انضم واحد منهما إلى جانب العدل؛ قِبَل شهادة الشهود؛ وإن انضم إلى جانب الجرح؛ ردَّ القاضي شهادة الشهود (الإزكوي، 2016 ؛ أبو زكريا، 1984).
وقد تستمر عملية تزكية الشهود بين الجرح والتعديل فترة طويلة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر؛ كما كان القاضي موسى بن علي يفعل مع شهادة الشهود في مجلس حكمه (الإزكوي، 2016 ؛ الكدمي، 1985). ويشير الكندي إلى عملية تزكية الشهود، فيقول :"فإذا كان اثنان أو ثلاثة فعدل واحد وطرح واحد أخذ (القاضي)تعديل الذي عدل إلا أن يصح ذلك معه آخر على ما يخرج الشاهد. وإن كانوا ثلاثة فعدل واحد وطرح اثنان أخذ بطرحهما إذا جرحا" (الكندي، 1986).
3-5 خامسًا: أدوار المعدلون ونماذج من تعديل الشهود
إن قرار القاضي في قضية ما إنما يكتسب شكله النهائي بناءً على شهادة الشهود العدول، وتختلف صيغ هذا القرار من قضية لأخرى؛ فقد أشار الكدمي إلى صيغة قرار أحد القضاة قائلًا "اشهدوا أني قد قضيت بما في هذا الكتاب، وأنفذت الحكم به" (الكدمي، 1985). من جانب آخر فقد أشار أبو زكريا إلى صيغة أخرى، ذكر فيها تزكية أحد القضاة لشهادة تتعلق بالميراث، فقال: "اقسم أن ما صح عندك بشاهدي عدل لفلان بن فلان من المال على جميع ورثته على سهام كتاب الله فإن احتج فيه أحد، وفسر حجة فارفعهم إلي" (أبو زكريا، 1984). أما إذا طلب أحد الخصوم التأجيل إلى حين إحضار البينة، فإن الصيغة تكون على النحو الآتي: "تأجّل فلان بن فلان، في إحضار بيَّنته، على فلان بن فلان، في كذا. وأجّلته إلى يوم كذا، من شهر كذا". (الكندي، 1986 ؛ الكندي، 2016).
وقد أشار الكندي إلى صيغة أخرى للقضاة يكتبها للخصم إن لم يحضر بيّنته بعد انقضاء الأجل الذي أعطاه إياه، فذكر: "تخلّف فلان بن فلان، عن موافاة فلان بن فلان، ولم يحضر سماع البيّنة، واحتجَّ على خصمه، فإن كان تخلّفه عن الموافاة لمرض أصابه، أو لمصيبة موت فيمن يلزمه، فلا يلزم أمره، وأمر صاحب البيّنة بردّها حتى يسمعها الحاكم بمحضر من خصمه" (الكندي، 1986).
كما عدَّل القاضي محمد بن محبوب شهادة الصلت بن نارسته زمن الإمام الصلت بن مالك الخروصي بناءً على طلب الأخير، فأرسل ابن محبوب إليه قائلًا: "واعلم رحمك الله أني سألت عن ذلك أحمد وعمر ابني الفضل، فشهد أحمد بن الفضل على معرفته باسمه، ونسبه، وموته في سنة إحدى وخمسين ومائتي سنة، وفي آخر سنة خمسين ومائتي سنة شهد عمر بن الفضل على موته في هذا الوقت، ولكن لا يشهد على معرفته واسمه ونسبه ولا بقوله، ولا بقول من لا يقف على معرفتهم، ولا على صحة عدالتهم، فرأيت ذلك ضعيفًا. وقد ذكر محمد بن سعيد بن محرز أن عندهم أخو شهد بمثل شهادة أحمد بن الفضل، فإن احتجوا ذلك عندي كتبت به إليك إن شاء الله" (الرحيلي، مخطوط رقم(1697)).
كما أشار صاحب المصنف إلى صيغة أخرى للتعديل، استخدمها أحد المعدلون لإثبات أحقية أحد الأيتام للمال والكسوة، يقول فيها: "أشهد الوالي فلان والي الإمام فلان على قرية كذا، أنه قد صح معي معرفة فلان اليتيم، وموت والده، بشاهدي عدل، وطلبت والدته فلانه أن تأخذه وتعوله بفريضة يفرضها له الإمام في ماله. وإني قد فرضت برأيي ومن حضرني من الصالحين لفلان اليتيم في كل شهر كذا حباً وكذا تمراً، وكذلك فضة لأدمه ودهنه وله الكسوة إذا احتاج إليها برأي العدول وأثبت فلانا اليتيم بما فرضت له عند والدته وجعلت لها أن تجري هذه الفريضة على ولدها هذا من عندها وهي لها دين في ماله إلى أن يقبضها أو يحتاج إلى زيادة أو يحدث الله له أمرًا. وأول هذه الفريضة يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا. وصلى على رسوله محمد النبي وآله وسلم" (الكندي، 20016).
لقد نال المعدلون مكانة خاصة في مؤسسة القضاء العُماني خلال القرون الثلاثة الهجرية الأولى؛ نظير المسؤوليات والمهام الواسعة التي أُوكلت إليهم؛ إذ تتمثل أول واجباتهم في الشهادة على دفاتر حُكم القاضي وما حَكم فيها من فرائض وأموال الناس؛ كما فعل القاضي أبو مروان سليمان بن الحكم حين أشهد عدولًا على دفاتر حكمه، وهو ما جعل القاضي محمد بن محبوب يستكمل النظر في الدعاوى التي دونها ويصدر حكمًا فيها (الكدمي، 1985 ؛ الكندي، 2016).
كما كان لعدول القُضاة في عُمان دورٌ آخر تمثل في الوقوف على قضايا الأصول والعروض مثل دعاوى: الدور، والزروع، والأراضي، ومضار الحيوانات، والأفلاج، وغيرها من القضايا التي احتاجت الوقوف عليها، ومعاينة الضرر في المحل المتنازع عليه، فكانت هذه المهمات تُسلم للعدول مباشرة، كما فعل الإمام القاضي غسان بن عبدالله حين حَكم بقيمة العدول في فلج الخطم(الكندي، 2016)، والإجراء نفسه اتَّبعه القاضي الأزهر بن علي في قضية فلج أهل السر ، حين أرسل العدول الذين قاموا بمراقبة عملية زجر الآبار؛ وتضرر ماء فلج السر، وسجلوا جميع وقائع القضية؛ وتدارسوا تفاصيلها ؛ ليسلموها بعد ذلك للقاضي الأزهر بن علي الذي بدوره بنى عليها حكمه، فتكون شهادة العدول في هذه الحالة والحالات المشابهة لها، ورأيهم حجةً للقاضي فيما يحكم، وطريقُه إلى ما ينقض من الأحكام، وما يُبرم منها (الكدمي، 1985).
ومن بين الحالات التي احتاج فيها القاضي موسى بن علي إلى شهادة العدول، قضية تضرر أحد الأفلاج من عملية زجر الآبار القريبة منه. وينقل الكندي هذه الحادثة موضحًا أهمية ودور العدول في القضية، بحضور القاضي محمد بن محبوب الرحيلي، فقال: "حضرت (أي القاضي محمد بن محبوب) موسى بن علي، وقد تنازع إليه (أي القاضي موسى بن علي) قوم في ماء فلجهم الذي ينقص من زجر البئر ، فقلت: يا أبا علي ولو أحضروك شهوداً يشهدون على ما دعوتهم به، أكنت تقبل شهادتهم على الغيب؟ قال: فما تقول أنت يا أبا عبدالله (محمد بن محبوب)؟ فقلت: تقف العدول على هذا الفلج( ) وهذا البئر، لا تزجر، وينظرون موضع منتهى الماء في جريه من ناحية هذه البئر. ثم يأمرون أن يزجروا هذه البئر والعدول ينظرون إلى ضرب ماء الفلج، فإن لم يروه نقص عما كان من قبل أن تزجر هذه البئر لم يصرف أهلها عن زجرها. وإن رأى العدول ماء هذا الفلج نقص عما كان من قبل أن تزجر هذه البئر؛ صرف أهل هذه البئر عن زجرها" (الكندي، 2016).
ولعدول القُضاة دورٌ آخر في تصديق بينات الشهود في القرى والبلدان التي يتعذر على أهلها حمل بيناتهم إلى القاضي؛ بسبب الفقر، أو المرض، أو مصيبة الموت، ففي هذه الحالات يأمر القاضي الوالي بإرسال العدول يكتبون شهادتهما وتعديلهما، ويبعث به مع ثقة إلى القاضي ليحكم في ما كتب إليه(الكندي، 2016). من جانب آخر؛ أشارت المصادر الفقهية إلى دور العدول أيضًا في تقييم كل ما رفع إلى الحاكم ووجبت له قيمة، مثل: تقدير البيوع، وقياس المضار وحرمات الطرق، وغيرها من الدعاوى التي رجع القُضاة في معرفة قيمتها إلى العدول من أهل المعرفة بقيمتها (الكندي، 1986؛ أبو الحواري، 1985 )، بالإضافة إلى دور العدول في عملية قسامة أموال اليتامى وتحديد الفرائض الواجبة لهم، يقول الكندي حول ذلك: "وإذا صح مع الحاكم (القاضي)معرفة اليتيم وموت والده، وطلبت والدته أو غيرها ممن يكون معه أن يأخذه بالفريضة؛ فإن كان غلاماً وقف بين يديه، ونظر هو ومن حضر من العدول قدر ما يستحق لنفقته، ففرضه له"(الكندي، 2016).
ورغم أن المصادر المحلية لا تُعطي أمثلة على أسماء المعدلين، ومُزكيهم وتاريخ تزكيتهم أمام القاضي، إلا أن الوصف النظري لمؤسسة القضاء في عُمان ولكثير من المشتغلين فيها كالعدول مثلًا تنطبق على الواقع؛ فالشروط التي وضعها فقهاء عُمان لتولي العدول وازدياد المهمات التي أوكلت إليهم، إضافةً إلى حجم المادة التفصيلية التي أوردتها المصادر المحلية الأولى حول المعدلين (الإزكوي، 2016 ؛ أبو زكريا، 1984 ؛ الكدمي، 1985 ؛ الكندي، 1986 ؛ الكندي، 2016)؛ إنما تدلل مجتمعةً على علو المكانة التي تبوأها المعدلون في مؤسسة القضاء العُماني منذ وقت مبكر من تاريخ عُمان، فاستُعَيَّن بهم في مهمات القضاء نيابة عن القاضي، إذ أشار أبو زكريا إلى أن القاضي مسعدة بن تميم كان أول من سأل عن الشهود إبَّان توليه القضاء زمن الإمام الوارث بن كعب الخروصي (أبو زكريا، 1984 ؛ الكندي، 1986). كما أورد مجموعة من المؤرخين أن القاضي أبا علي موسى بن علي كان يسأل عن الشهود، ويقوم بتعديلهما من أربعة أشهر إلى ستة أشهر قبل تنفيذه الحكم، إن ظهر له أمرٌ يستحق مساءلته فيه، كما روى عنه أنه سأل عن شهادة رجل، فقيل له: لا نعلم منه إلا خيرًا، فأجاز شهادته( الإزكوي، 2018 ؛ أبو زكريا، 1984؛ الكندي، 1986).
ويبدو أن القاضي موسى بن علي لم يكتفِ بتعديل الشهود من المسلمين فحسب؛ بل قام بتزكية الشهود من أهل الذمة؛ فقد أشار الكندي إلى أنه أرسل كتابًا إلى الوالي القاضي أبي مروان سليمان بن الحكم يأمره أن يتحرى عدالة مجوسيين من أهل صحار شَهدا معه، فما كان من أبي مروان إلا أن أرسل مَنْ يعدلهما، ويسأل عن معاملتهما، وأمانتهما، وبيعهما، وشرائهما مِنْ يلي الزمزمة( ) مِنَ المجوس في صحار. وينقل الكنديان الحادثة، فيقول: "من أبي مروان إلى أبي علي: إنك كتبت إلي بالمسألة عن شاهدين شهدا معك، من المجوس بصحار، لرجل مجوسي على مجوسي، وإني أمرت بالمساءلة عنهما من يعرفهما من أهل الصلاة، وأمرت الذي يسأل عنهما: أن يسأل عن معاملتهما وأمانتهما وبيعهما وشرائهما، فزعموا أنهما محمودان في ذلك كله في دينهما، ويسأل عنهما من يلي الذمة من المجوس ودينهما. وزعم أنه يسأل عنهما فعدلا وحمدا" (الكندي، 1986 ؛ الكندي، 2016).
إلى جانب ذلك، نصح الإمام الصلت بن مالك واليه على هجار غسان بن خليد بتعديل شهادات الشهود، وأمره بتحري الثقة فيمَن يختاره من المعدلين، فقال له: "ولا تأخذ تعديل الناس إلا بالثقات الذين لا شبهة في صلاحهم، ولا يختلف في عدلهم فأولئك فأسأل وعنهم فاقبل"(السالمي، 2000).
3-6- سادسًا: المرأة والتعديل في مجلس القضاء في عُمان
لقد كان للمرأة حضورٌ في التراث القضائي في عُمان تنظيرًا وواقعًا مُعاشًا رغم أن الشرع الإسلامي لم يُجَّوز توليها القضاء(الكندي، 2016)، إلا أنه أجاز لها تقديم شهادتها في مواضع عدة ، يقول القاضي محمد ابن جعفر: "ويُنفذ الحق بإقرار أو بشهادة رجلين عدلين ورجل وامرأتين، ولا تجوز شهادة النساء مع الرجال إلا فيما لا يستطيع الرجل النظر إليه، من نفاس النساء وما يكون في الفرج من العذرة البكر والعرق وصحة حياة المولود في الرضاع (الإزكوي، 2018). من جانب آخر؛ قدّمت المسائل الفقهية المرأة أمام القُضاة في مجالسهم كأحد أعوان القاضي في الخصومات المتعلقة بالنساء، إذ كان يُقبل تعديلها، وتشير المصادر المحلية إلى ذلك بقولها: " ويقبل التعديل من المرأة الثقة التي تُبصر ما تثبت به الولاية والبراءة إذا لم يوجد من يعرفه من ثقات الرجال" (الإزكوي، 2018 ؛ الإزكوي، 1985 ؛ الكندي، 2016).
من جانب آخر، فقد أُعطيت المرأة مهمة قياس جراحات النساء، ويشير الإزكوي إلى ذلك بقوله: "وكذلك المرأة الثقة التي تقيس برأي الحاكم جراحات النساء في الحكم، ويحتج له في البلد قيل: يقبل قولها في القصاص والأرش" (الإزكوي، 2018). بالإضافة إلى قول الكندي في ذلك: "وإن أصابت الجراحة النساء، أمر الحاكم "القاضي" امرأة ثقة أن تقيس جراحاتها، ويقبل قولها في القصاص والدية ولا يجوز في ذلك إلا الثقة" (الكندي، 2016).
كما اعتمد بعض القضاة في عُمان على المعدلون من النساء إذا تعذر وجود المعدلون من الرجال في القرى والبلدان التي تولوها، ويشير الكندي إلى ذلك، بقوله: "أن القاضي يسأل المعدل فإن لم يكن معدل قبل تعديل النساء إذا كن ثقة، وإذا لم يعرف الشاهد أحد المعدلين لموضع جهله جاز تعديل المرأة إذا كانت تُبصر العدالة، وكذلك إن لم يكن في البلد معدل من الرجال" (الكندي، 1986). من جانب آخر فقد استعان القضاة بشهادة المرأة العدول على قضايا الرضاع، يقول صاحب المصنف في ذلك: "ولا يحكم الحاكم إلا بشهادة العدول من الرجال في جميع الحكومات كلها، على اختلافها وصنوفها، من جميع الملل كلها، إلا ما اختلفوا فيه من شهادة غير العدلة من النساء في الرضاع، على فعل نفسها وليس بالمعمول به اليوم إلا أن تكون عدلة، فإن شهادة العدلة في ذلك جائزة" (الكندي، 2016).
ومن بين الواجبات التي احتاج فيها القُضاة إلى العدول من النساء؛ قضايا الأحوال الشخصية مثل حالات الزواج والطلاق، إذ كان العدول يقومون بالسؤال عن النساء، والتثبت من شخصياتهم في دعاوى تزويج مَنْ لا ولي لها، للتأكد من ادعائها بعدم وجود أولياء لها (الكندي، 1986)، وكذلك دور العدول في قضايا تشخيص النساء بحضور نساء عدول ممَّن يثق فيهم القاضي والمعدل، خصوصًا إذا ما ادعى الرجل عيبًا خلقيًا في المرأة التي تزوجها، أو أراد الزواج منها، وكذلك في دعاوى العذر، أو السقط والرتق، وموت المرأة في النفاس، وخروج الولد وبه حياة، وقياس جراحات النساء. يقول الكندي في دور المرأة وتعديلها في هذه المسائل: "وإذا أنكرت المرأة أنها ليست برتقاء، فعليها اليمين ما تعلم أنها رتقاء، وإلا فعليها صحة ذلك بمن يثق بها من النساء" (الكندي، 2016).
الخاتمة:
أولًا: أكَّدت الدراسة أن التراث القضائي في عُمان قد تناول أعوان القاضي تنظيرًا في كثير منها دون أن تصلنا تفاصيل حولها بدءًا بمن تولى تلك المناصب إلى طبيعة مهامها وسير عملها في مجلس القضاء في عُمان خلال الفترة المدروسة للبحث؛ عدا منصبي المعدي الذي ذكرته المصادر الفقهية لأول مرة زمن إمامة المهنا بن جيفر الخروصي، ومنصب المعدل الذي تناولته المصنفات الفقهية بصورة أكثر تفصيلًا عن غيره من المناصب المرتبط بأعوان القضاة.
ثانيًا: أثبتت الدراسة أن عُمان لم تكن يومًا بمعزل عمَّا يجري في العالم الإسلامي، ومن ضمنها القضاء؛ إذ تشير المصادر الفقهية المحلية تنظيرًا إلى مجموعة من أعوان القضاة ومساعديهم والتي تتماثل مهامها ومسمياتها مع نظيراتها من موظفي مجلس القضاء في مصادر أدب القُضاة العامة، وإن كانت الثانية أكثر تفصيلًا وأكثرها ثراء؛ لما حوته من تفاصيل في مهام هؤلاء الأعوان، ورواتبهم، وأسمائهم، ومكان توليهم، وهذا ما افتقدته المصادر المحلية عند تنظيرها لأعوان القاضي.
ثالثًا: وضحت الدراسة أن عملية تعديل الشهادات كانت نتاج تغير أطباع الناس؛ فكانت تزكية الشهود إمَّا لأن القاضي شكَّ في عدالة من شهد بين يديه، وإمَّا طلب الخصم تجريح شهادتهما؛ لظهور شهود الزور، وكثرة الرشاوى.
رابعًا: أكدت الدراسة على أن عملية تعديل الشهادات مرت بمرحلتين؛ تمثلت الأولى في عملية تعديل شهادة الشهود بشكل علني وأمام الناس، ثم تحولت العملية إلى سرية، بالإضافة إلى ظهور تطور آخر تمثل في استحداث وظيفة صاحب المسائل وكانت مهمته البحث عن الشهود وتثبيت عدالتهم وكانوا يُختبرون كل ستة أشه للتأكد من أمانتهم وعدالتهم.
خامسًا: أشارت الدراسة على أن مهمة القضاة في عُمان لم تقتصر على مراقبة العدول والتأكد من تزكيتهم وعدالتهم، بل كان القاضي مسؤولًا مع الإمام عن عملية اختيار العدول وتنصيبهم أو إسقاط عدالتهم وعزلهم، وكانت عملية تزكية الشهود تستمر بين الجرح والتعديل فترة طويلة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر؛ كما كان القاضي موسى بن علي يفعل مع شهادة الشهود في مجلس حكمه.
سادسًا: أكدت الدراسة إلى أن عملية تحري عدالة الشهود؛ كانت تتم بتوجه المعدلون سرًا بكتاب القاضي مختومًا إلى موضع سكن الشهود؛ للتأكد عن كل ما سجله الكاتب عنهما. فإن أخبر اثنان من المعدلين بعدالة الشهود؛ قِبَل القاضي شهادتهما، وإن أخبراه بجرحهم، وعدم عدالتهم؛ ردَّ القاضي الشهادة، أما إن أخبره أحدهما بالعدالة، والآخر بالجرح؛ بعث آخرين بالتعديل، فإن انضم واحد منهما إلى جانب العدل؛ قِبَل شهادة الشهود؛ وإن انضم إلى جانب الجرح؛ ردَّ القاضي شهادة الشهود.
سابعًا: بيَّنت الدراسة مهام المعدلون التي تمثلت في إثبات أحقية الأيتام وقسامة أموالهم وتحديد الفرائض الواجبة لهم، والشهادة على دفاتر حُكم القاضي وما حَكم فيها من فرائض وأموال الناس؛ كما فعل القاضي أبو مروان سليمان بن الحكم، والوقوف على قضايا الأصول والعروض مثل دعاوى: الدور، والزروع، والأراضي، ومضار الحيوانات، والأفلاج؛ كما فعل الإمام القاضي غسان بن عبدالله حين حَكم بقيمة العدول في فلج الخطم، وكما فعل القاضي الأزهر بن علي في قضية فلج أهل السر، ولعدول القضاة دور آخر في تصديق بينات الشهود في القرى والبلدان التي يتعذر على أهلها حمل بيناتهم إلى القاضي؛ بسبب الفقر، أو المرض، أو مصيبة الموت، ودور العدول أيضًا في تقييم كل ما رفع إلى الحاكم ووجبت له قيمة، مثل: تقدير البيوع، وقياس المضار وحرمات الطرق.
ثامنًا: أكَّدت الدراسة على حضور المرأة كمعدلة في القضايا المتعلقة بالنساء وكانت مهمتها تتمثل في؛ قضايا الأحوال الشخصية مثل: حالات الزواج والطلاق، وتزويج مَنْ لا ولي لها، للتأكد من ادعائها بعدم وجود أولياء لها، وكذلك في قضايا تشخيص النساء بحضور نساء عدول ممَّن يثق فيهم القاضي في دعاوى العذر، أو السقط والرتق، وموت المرأة في النفاس، وخروج الولد وبه حياة، وقضايا الرضاع.
قائمة المصادر والمراجع:
ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد(ت:456هـ/1064م) (د.ت). جمهرة أنساب العرب. تحقيق: عبد السلام هارون، ط5، دار المعارف.
ابن خياط، خليفة بن خياط (ت: 240هـ/ 854) (1967). تاريخ خليفة بن خياط. تحقيق: أكرم ضياء العمري، ط2، مؤسسة الرسالة.
أبو المؤثر، الصلت بن خميس (ت: ق3هـ/9م) (1986). سيرة الأحداث والصفات. ضمن كتاب السير والجوابات، تحقيق: سيدة اسماعيل كاشف، ط1، وزارة التراث والثقافة.
الإزكوي، أبو محمد الفضل بن الحواري(ت:278هـ/892م) (1985). جامع الفضل ابن الحواري. ط1،وزارة التراث والثقافة.
الإزكوي، سرحان بن سعيد (حي: ق12هـ/18م) (2006). كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة. تحقيق: حسن محمد النابودة، ط1، دار البارودي.
الإزكوي، محمد بن جعفر (حي، ق:3هـ/9م) (2018). الجامع لابن جعفر. تحقيق: جبر محمد الفضيلات، راجعه: أحمد صالح الشيخ، ط3، وزارة التراث والثقافة.
البطاشي، سيف بن حمود (2016). إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عُمان. ط4، مكتبة المستشار الخاص لجلالة السلطان لشؤون التاريخية.
الحديدي، عادل(1982). المرشد العام للولايات والقبائل في سلطنة عُمان. ط1، وزارة الداخلية.
الحموي، شهاب الدين ياقوت بن عبدالله (ت:622هـ/1225م) (1995). معجم البلدان. ط2، دار صادر، بيروت.
خليفات، عوض محمد(2002). نشأة الحركة الإباضية. ط1، وزارة التراث والثقافة.
الرحيلي، محمد بن محبوب(ت:260هـ/873م) (د.ت)، سيرة في السياسة الشرعية لأبي عبدالله محمد بن محبوب، مخطوط رقم (1697)، الناسخ: عبدالله بن عمر، تاريخ النسخ: 531ه/ 1136م)، نسخة وزارة الثقافة والرياضة والشباب، مكتبة الفاضل أحمد بن علي الناصري، محافظة الظاهرة، ولاية عبري.
الريامي، علي بن سعيد (2015). قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي. ط1، بيت الغشام.
السالمي، عبدالله بن حميد (ت:1332هـ/1913م) (2000). تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان. د.ط، مكتبة الإمام نور الدين السالمي.
السعدي، فهد بن علي(2007). معجم الفقهاء والمتكلمين الإباضية. ط1، مكتبة الجيل الواعد.
السمناني، علي بن محمد(ت:499هـ/1105م) (1970). روضة القُضاة وطريق النجاة. تحقيق: صلاح الناهي، د.ط، د.ن.
السيابي، سالم بن حمود(1995). العنوان عن تاريخ عُمان. (طُبع على نفقة الشيخ أحمد بن محمد الحارثي).
الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم(ت:548هـ/1153م) (د.ت). الملل والنحل. ط1، مؤسسة الحلبي.
الطبري، محمد بن جرير (ت:310هـ/922م) (1967). تاريخ الرسل والملوك. ط2، دار التراث.
العاني، عبدالرحمن عبدالكريم(1999). تاريخ عُمان في العصور الإسلامية الأولى. ط1، دار الحكمة.
العوتبي، أبو المنذر سلمه بن مسلم (ت: ق:5هـ/11م) (2005). الأنساب. تحقيق: إحسان النص، ط4، وزارة التراث والثقافة.
العوتبي، أبو المنذر سلمه بن مسلم (ت: ق:5هـ/11م) (2015). الضياء. تحقيق: سليمان الوارجلاني ووداود بن عمر الوارجلاني. ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
فوزي، فاروق عمر(2007). الموجز في تاريخ عُمان السياسي في القرون الإسلامية الأولى (1-906هـ/622-1500م). ط1، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
القلهاتي، محمد بن سعيد(ق:6هـ/12م)(1980). الكشف والبيان. تحقيق: سيدة إسماعيل كاشف، ط1، وزارة التراث والثقافة.
الكدمي، محمد بن سعيد (ت، ق:4هـ/10م) (1985). الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد. ط1، وزارة التراث والثقافة.
الكندي، أبو بكر أحمد بن عبدالله (ت:557هـ/1162م) (2016). المصنف. تحقيق: مصطفى صالح باجو، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
الكندي، محمد بن إبراهيم(ت:508هـ/1115م) (1986). بيان الشرع. ط1، وزارة التراث والثقافة.
الكندي، محمد بن يوسف(ت:355هـ/966م)(2003). الولاة والقُضاة. تحقيق: محمد حسن اسماعيل وأحمد فريد المزيدي. ط1، دار الكتب العلمية.
مجهول (2005). تاريخ أهل عُمان. تحقيق: سعيد عبد الفتاح عاشور، ط2، وزارة التراث والثقافة.
المقدسي، شمس الدين محمد بن أحمد(ت:380هـ/990م) (1991). أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. ط3، مكتبة مدبولي.
وكيع، محمد بن خلف (ت:306هـ/918م) (1947). أخبار القُضاة. تحقيق: عبد العزيز المراغي، ط1، المكتبة التجارية.