منهج القضاء العماني في دعاوي الإصبات والأخطاء الطبية
الباحث المراسل | د. محمد بن سيف بن دويم الشعيلي |
تاريخ نشر البحث :2024-01-21
تعتبر قضايا التعويضات عن الإصابات والأخطاء الطبية من أهم الموضوعات التي كان للإرث القضائي العماني إساهم نوعي بها على مختلف الحقب التأريخية إلى عصرنا هذا؛ حيث نجد الموسوعات الفقهية العمانية المتناولة للمسائل الحكمية زاخرة بالعديد والفريد من قواعد تلك التعويضات بشكل دقيق مما ينتج عنه توصيف صحيح لكل إصابة أو خطأ وما يناسب ذلك التوصيف من تقدير للمصاب، الأمر الذي يؤدي إلى إيصال الحقوق إلى أصحابها على أكمل وجه وتحقيق إصلاح وردع للمتسبب أو المباشر في وقوع تلك الحوادث، وتأتي الورقة البحثية لتكشف اللثام عن المنهج القضائي الذي اعتمدته المحاكم العمانية في تقدير تلك التعويضات.
أهمية البحث:
تشكل الأخطاء الطبية وما ينتج عن الإصابات الأخرى أهمية كبيرة في حياة الناس تتمثل في وجوب الحفاظ على الأنفس البشرية وأعضائها المختلفة بجبر ما يتعرض له المصاب من فَقْدٍ للذات أو للعضو أو تعطيل لمنفعته، كما أن الآثار الناتجة عن تلك الإصابات والأخطاء مؤثرة بشكل مباشر على أفراد الأسر والمجتمع من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها كقطع مصدر رزق ومعيشة، أو رمز أسرة بقوامته، أو تهديد طمأنينة وأمن مجتمع مما يستوجب ذلك كله توجيه العناية بدراسة هذه القضايا من مختلف الاتجاهات والنظرات.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى إبراز دور القضاء العماني ومساهمته في مجال الطب وعلومه من خلال المقارنة بين منهجه الذي سارت عليه أحكامه السابقة قبل تطبيق قانون السلطة القضائية وبين مبادئ المحكمة العليا باعتبارها محكمة قانون تعنى بمراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح وكذا تفسيره وتأويله؛ لأننا من خلال تطبيق المنهج المقارن في هذا الجانب نستطيع أن نتعرف على ما هو الأصح تطبيقه من المعايير والأطر القضائية عند نظر دعاوى الإصابات والأخطاء الطبية بما يناسب دلالة النصوص ومستجدات الواقع والعلم الحديث، كما أن المقصد من هذا البحث جعله إضافة ومرجعا لأرفف المكتبات العمانية وغيرها المختصة في مجال الطب وقانونه وعلومه، وتنوير المشتغلين بهذه المجالات والفصل في مسائلها ومنازعاتها بأصول التعويضات عن الأخطاء الطبية والإصابات بتأصيل علمي وتطبيق قضائي من خلال الأحكام والمبادئ والأسس التي دأب عليها قضاء العمانيين.
إشكالية الدراسة:
تتجذر الإشكالية البحثية لهذه الدراسة من سؤال جوهري يمكن صياغته على النحو الآتي:
ما أهم مظاهر منهج القضاء العماني في دعاوى الإصابات والأخطاء الطبية؟
وتتفرع عن التساؤل السابق عدة تساؤلات فرعية كالآتي:
1) ما هي الأسس والتشريعات المنظمة لدعاوى التعويض عن الإصابات والأخطاء الطبية في السلطنة
2) كيف كانت منهجية الحكم في دعاوى الإصابات والأخطاء الطبية قديما وحديثا؟
3) هل أسهمت أحكام القضاء العماني في تكوين إرث تأريخي في مجالات الطب؟
مناهج البحث:
تعتمد صناعة هذا البحث على مناهج علمية معمول بها في البحث العلمي، ومنها المنهج الاستقرائي حيث تتبع الأحكام القضائية العمانية ومبادئها بشأن التعويض عن الإصابات والأخطاء الطبية متبوعا بالمنهج الاستنباطي والتحليلي؛ حيث استخراج أهم مظاهر المنهجية المتبعة في تسبيب الأحكام قديما وحديثا، مع الاعتماد على المنهج المقارن بين حقبة القضاء قبل صدور قانون السلطة القضائية وبعده، كما يعتمد البحث على المنهج الوصفي في بيان التشريعات والأسس التي تعدّ مرجعا وقواعد للحكم بها في هذا النوع من الدعاوى.
خطة البحث:
تُنظم صياغة محاور البحث وموضوعاته عبر هيكل تخطيطي كما يأتي:
- خطة البحث تضم (المقدمة، الأهمية، الأهداف، الإشكالية، المناهج، الخطة).
- المبحث الأول: الأسس والتشريعات المنظمة لدعاوى الإصابات والأخطاء الطبية.
- المبحث الثاني: مظاهر المنهج القضائي العماني في دعاوى الإصابات والأخطاء الطبية قديما وحديثا.
- الخاتمة والتوصيات.
المبحث الأول: الأسس والتشريعات المنظمة لدعاوى الإصابات والأخطاء الطبية.
اتبع القضاء العماني في فصل النزاع القواعد (المبادئ) التي أقرتها الشريعة الإسلامية، فالقاضي يفصل في القضايا بما هو ثابت بكتاب الله أو سنة نبيه أو بالإجماع أو بالقياس فإن لم يجد يجتهد لاستنباط الحكم من القواعد العامة للشريعة ومقاصدها، وكانت القواعد الموضوعية (قوانين الموضوع) هي المنظمة والمعتمدة في نظر كافة القضايا بأنواعها وتخصصاتها، فأنشئ القانون المدني، والتجاري، والعمل، والشركات، والأحوال الشخصية وغيرها( ).
وقد كان القضاء الشرعي منذ 23/يوليو/1970م وإلى تأريخ 21/مايو/1972م هو المرجع القضائي لجميع القضايا بشتى أنواعها، ونتيجة للتطور السريع في مناحي الحياة طرأ معه تطور قضائي بحيث أنشئت لجنة حسم المنازعات التجارية ومحكمة الشرطة الجزائية ليستقلا بقضاياهما المتخصصة في الجانب التجاري والجزائي.
إننا عندما نتحدّث عن النظام القضائي في عمان بفترة الإمامة نجد حقيقة غائبة وهي ضآلة المصادر التي تتحدث عن هذا النظام، وقد تكون شبه منعدمة ويعزو البعض ذلك إلى أسباب عدة؛ كعدم وجود نظام قضائي منظم لعملية التقاضي، والاشتغال بالأمور السياسية ومرور عمان بصراعات ومطامع من الخارج والداخل، والاهتمام بالعلوم الفقهية وموسوعاتها والتي تضم أحكام القضاء كباب منها، وارتباط منصب القضاء بمنصب الإمامة والأعمال السياسية( ). وكانت منهجية العمل في المحاكم الشرعية بأن يعمل القاضي بجانب الوالي، فتقدم القضية للأخير وعند عجزه عن تسويتها صلحا، يحيلها للقاضي ليحكمها، وفي هذه الفترة تم تطوير العمل بمرافق القضاء باتخاذ مقر لكل محكمة أو بتخصيص جانب من مكتب الوالي( ).
ثم توالى تطوير القضاء بأن بدأ العمل على إصدار الأنظمة واللوائح المنظمة للعمل القضائي: منها مثلا: قرار وزير العدل رقم (28/1973م) بشأن تقديم جميع الدعاوى للمحكمة الشرعية بدلا من مكاتب الولاة. والتعميم رقم (41) الصادر بتأريخ 22/11/1400هـ الموافق 2/10/1980م والمعتمد من وزير العدل والقاضي بعدم قبول الموظفين كوكلاء في أي خصومة سوى أقاربهم وذويهم. وأنشئت بتأريخ 21/5/1972م لجنة حسم المنازعات التجارية بموجب مرسوم سلطاني، ثم غيّر اسمها إلى هيئة حسم المنازعات التجارية بموجب المرسوم السلطاني رقم (79/81)، ثم تغيّر اسمها لتصبح المحكمة التجارية بموجب المرسوم السلطاني رقم (13/97). ثم تلت لجنة حسم المنازعات إنشاء لجان منازعات الإيجار بموجب القرار السلطاني رقم (4/73)، فانتزعت بإنشائها اختصاص المنازعات الإيجارية من القضاء الشرعي( ).
ومع تعاقب التطور التشريعي والمؤسسي للقضاء جاء صدور القوانين المنظمة لمختلف جوانب الحياة ومصالح الناس، ففيما يتعلق بتنظيم القضاء صدر قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (90/99) وعدّل بالمرسوم السلطاني رقم (14/2001) ويعتبر ذلك حدثاً تشريعياً هاماً حيث يعد نقلة للقضاء من التعددية إلى الوحدة ومن المحدودية إلى الانتشار ليمتد ظل العدالة ويعم كافة ولايات السلطنة، وقد رتب المحاكم على اختلاف أنواعها إلى ثلاث درجات كما ذكر في المادة (1) من الباب الأول(في المحاكم) منه بالقول "ترتب المحاكم على النحو الآتي: المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية، والمحاكم الجزئية. وتختص كل منها بالمسائل التي ترفع إليها طبقا للقانون"( ).
من خلال ما سبق يتبيّن لنا أن التشريعات والأسس التي كانت تحكم النظر في قضايا الإصابات والأخطاء الطبية والتعويض بشأنها كانت تدخل ضمن القضاء الشرعي على مراحل تطوره المختلفة إلى أن توالى صدور بعض التشريعات العمانية -بمختلف درجاتها وقوتها- المنظمة الجهات والمؤسسات والقواعد في تقدير التعويضات عن الإصابات والأخطاء الطبية والتي من بينها:
المرسوم السلطاني رقم (٢٤/٧٥) في تقدير الديات والأروش. وكانت أهم مواده المادة الأولى التي قررت أن تكون دية الرجل ألفين وأربعمائة ريال عماني (٢٤٠٠) ودية المرأة نصف دية الرجل. والمادة الثانية التي قررت أن يقدر الأرش في الجروح حسب القاعدة التي قررت على أساسها الدية الأصلية( ).
القرار السلطاني رقم (2/83) بتعديل الديات والأروش، وقد نشر في الجريدة الرسمية رقم (261) بتاريخ 2/4/1983.
المرسوم السلطاني رقم (١١٨/٢٠٠٨) بتعديل الديات والأروش. وقد كانت أبرز ملامح هذا التعديل رفع دية النفس المشار إليها في القرار السلطاني رقم (٢/٨٣) إلى خمسة عشر ألف ريال عماني وتقدر الأروش في الإصابات والجروح من منطلق الدية كما قررته المادة الأولى، كما بيّنت المادة الثانية منه تحدد الديات والأروش في الإصابات والجروح على النحو المبين في الملحق المرافق، وذلك دون الإخلال بالحق في الديات أو الأروش في الحالات غير الواردة في هذا الملحق، وجاءت المادة الثالثة مشيرة إلى أن تكون الديات والأروش جابرة لجميع الأضرار المادية والمعنوية( ).
المرسوم السلطاني رقم (73/92) بإصدار قانون مكافحة الأمراض المعدية.
المرسوم السلطاني رقم (43/96) بإصدار نظام مزاولة مهنة الطب البيطري وإنشاء العيادات البيطرية الخاصة.
المرسوم السلطاني رقم (41/96) بإصدار قانون مزاولة مهنة الصيدلة وتنظيم المؤسسات الصيدلانية.
المرسوم السلطاني رقم (22/96) بإصدار قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان.
المرسوم السلطاني رقم (67/2004) بإنشاء صندوق للتعويضات عن الأخطاء الطبية.
المرسوم السلطاني رقم (31/2006) بإصدار نظام المجلس العماني للاختصاصات الطبية.
المرسوم السلطاني رقم (36/2014) بتحديد اختصاصات وزارة الصحة واعتماد هيكلها التنظيمي.
المرسوم السلطاني رقم (75/2019) بشأن إصدار قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة. وكان أبرز ما تناوله إلغاء المرسوم السلطاني رقم (22/96) بشأن قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، وتناوله لبعض الأحكام العامة والمفاهيم المرتبطة بالجانب الطبي وتكييف أعماله مثل التعريف بمفهوم الخطأ الطبي الذي كان غائبا في التشريع العماني.
القرار الوزاري رقم (157/2013) بشأن تشكيل اللجنة الطبية العليا.
القرار الوزاري (101/2017) بشأن تشكيل لجان طبية فنية بالمديريات العامة للخدمات الصحية والمستشفى السلطاني ومستشفى خولة.
والمتتبع لنصوص التشريعات العمانية بمختلف درجاتها وقوتها يجد ما يؤكد على جعل الشريعة الإسلامية وأحكامها ومبادئها أساس التشريع على العموم والخصوص في مختلف القضايا والدعاوى بما فيها دعاوى التعويضات ومن تلك النصوص:
- المادة (٢) من النظام الأساسي للدولة القائلة: "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية هي أساس التشريع"( ).
- في المادة (9) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية -التي من بينها قضايا التعويضات والإصابات- ما يدل على جعل مرجعية الشريعة الإسلامية في الإثبات: "إذا لم يجد القاضي نصا في هذا القانون حكم بمقتضى القواعد العامة في الشريعة الإسلامية"( ).
كما تأكد جعل أحكام الشريعة أساسا في الفصل بقضايا التعويضات والأروش بمختلف المبادئ والأحكام الصادرة عن قضاء المحكمة العليا ومنها:
- المبدأ القائل: " عدم مراعاة أحكام الشريعة الاسلامية أثناء تقدير التعويض الجابر للإصابات سبب ناقض. أثره: نقض الحكم"( ).
- والمبدأ: "تطبيق قانون الديات والأروش (شرطه) استصحـــــاب أحكــــام الشريعـــــة الإسلاميـــــة"( ).
وهناك بعض المبادئ القضائية الصادرة عن المحكمة العليا أقرّت بعض القوانين التي يجب أن يعوّل عليها عند تقدير التعويضات والحكم في قضاياها ومن ذلك:
- المبدأ القائل: " صندوق التعويضات عن الأخطاء الطبية هو الجهة المسؤولة عن التعويض عن الأخطاء الطبية. إلزام وزارة الصحة مع الصندوق بالتعويض مخالف للقانون".
- والمبدأ "تقدير التعويض الناشئ عن الأخطاء الطبية مقيد بموجب قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، تقدير التعويض بما يخالف ذلك. أثره نقض الحكم"( ).
إن من أهم المفاهيم المرتبطة بهذه الدراسة التي يعوّل عليها تقدير التعويضات عن الإصابات الخطأ الطبي من حيث تكييفه ومفهومه وما يترتب عليه من آثار ومسؤوليات مدنية وجزائية بين المريض والطبيب. والملاحظ من خلال بعض الدراسات أنها تناولت هذا المفهوم بالاعتماد على القواعد القانونية وتطبيقات القضاء، ومن ضمن التعريفات الواردة لهذا المفهوم:
1) في التشريع العماني وتطبيقاته القضائية:
تطرّق قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة في الفصل الأول (تعريفات وأحكام عامة) بالمادة (١) إلى تعريق الخطأ الطبي بالقول: "أي إجراء طبي، بالفعل، أو بالترك لا يتفق مع الأصول العلمية والفنية، ويحدث ضررا بالمريض، ولا علاقة له بالمضاعفات الطبية"( ).
ومن مبادئ المحكمة العليا بالسلطنة التي تطرقت إلى تعريف الخطأ الطبي: "إن الخطأ الموجب للمسؤولية التقصيرية هو إخلال بالتزام قانوني يتمثل في حرص الشخص من خلال سلوكه على اليقظة حتى لا يضر الغير، فإذا انحرف في هذا السلوك كان هذا الانحراف خطأ يستوجب المسؤولية، لكن الطبيب قد راعى كل التدابير العلاجية والعلوم الطبية والوسائل الفنية وبذل العناية اللازمة وقام بإعطاء الطاعن العلاج والوصفات الطبية الصحيحة مع مثل هذه الحالات التي تؤدي إلى الكسر، وذلك بوضع اليد بالجبس واستعمال كل الوسائل، وتصدرت مقابلات الطاعن للطبيب المعالج للدرجة التي يمكن القول معها أنه لا من الإهمال أو التقصير في معالجة الطاعن، ولم يثبت إهمال الطبيب المعالج إن بنى فحصه على قواعد طبية خاطئة أو بجهل لذا تنتفي المسؤولية لانتفاء الخطأ"( ).
ومما سبق يتضح لنا تحرر المشرع العماني من فكرة حصر مسؤولية الخطأ الجسيم في عمل الطبيب، وأخذه بالاتجاه القائل بأن مسؤولية الخطأ تتم سواء أكان خطأ جسيما أو بسيطا طالما أن الطبيب لم يبذل العناية في علاجه للمريض وقصّر( ).
2) الدراسات الأخرى المتناولة تعريف مفهوم الخطأ الطبي.
من التعريفات التي ذكرها بعض الباحثين للخطأ الطبي ما يأتي:
أي عمل أو نشاط طبي سواء بالفعل أم بالترك لا يتفق مع القواعد المهنية، وينتج عنه ضرر لمتلقي العلاج. والقواعد المهنية هي تلك القواعد والأعراف التي تفرضها أي مهنة صحيّة أو طبيّة والمتوافقة مع المعايير العلمية المقررة، وقد استأنس بهذا التعريف قانون مزاولة مهنة الطب في سلطنة عمان( ).
ذهب رأي من الفقه إلى تعريف الخطأ الطبي بأنه: كل مخالفة من الطبيب في مسلكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي العلم بها، أو المتعارف عليها نظريّا أو عمليّا وقت تنفيذه للعمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة واليقظة التي يفرضها القانون، متى ترتب على فعله ضرر بالمريض، في حين كان في قدرته وواجبا عليه أن يتخذ في تصرفه اليقظة والتبصّر، حتى لا يضر بالمريض( ).
المبحث الثاني: مظاهر المنهج القضائي العماني في دعاوى الإصابات والأخطاء الطبية قديما وحديثا.
ذكرنا في المبحث السابق أهم التشريعات التي تنظم موضوع التعويض عن الإصابات والأخطاء الطبية للولوج عبرها إلى إبراز مظاهر المنهج الذي دأب عليه القضاء العماني في إنزاله تلك الأطر والقواعد على وقائع الحوادث والأخطاء في هذه القضايا، سواء كان من حيث التكييف والتوصيف لكل إصابة أو خطأ أو من حيث تقدير التعويض المناسب بما يتفق مع الأحكام والقواعد المقررة. وقد اتبع الباحث في كشف واستظهار ذلك المنهج من خلال استقراء وتتبع بعض الأحكام القضائية من أرشيف المحاكم العمانية، وبعض المبادئ القضائية الصادرة عن قضاء المحكمة العليا بالسلطنة وإجراء المقارنة بينها؛ نظرًا لأهمية الربط بين التشريعات والأصول المعتمدة في الحكم بهذه الدعاوى أمام أروقة المحاكم قديما وحديثا وما صاحب ذلك من تجديد للتشريع، وتأثير التقدم والجانب العلمي الطبي بالمرافق والجهات المعنية بالسلطنة في تكييف وتأطير قواعد الإصابات والأخطاء الطبية.
يمكن أن نخرج ببعض مظاهر وملامح المنهج القضائي العماني في تقدير ونظر هذه الدعاوى قبل إصدار قانون السلطة القضائية بموجب المرسوم السلطاني رقم (90/99) وبعده على النحو الآتي:
أولًا: اعتماد الشريعة الإسلامية وأحكامها ومبادئها في توصيف الإصابات والأخطاء وتقدير تعويضاتها قديما وحديثا، مع التشريعات القانونية الخاصة حاليا ومنها المرسوم السلطاني رقم (١١٨/٢٠٠٨) بتعديل الديات والأروش وملحقاته وغيرها من القوانين.
إن ما يتضح لنا من خلال معرفة المراحل المنظمة لمرفق القضاء العماني وتطور تشريعاته المختلفة، أن منهجية الفصل في منازعات وقضايا التعويض عن الإصابات والأخطاء الطبية كانت معتمدة على أحكام الشريعة ومبادئها العامة والاجتهادات الفقهية التي كان القضاة يرونها سابقا قبل أن تكون هناك لجان أو جهات متخصصة تساند جهة القضاء في تقعيد وتوصيف هذا النوع من القضايا بتقارير طبية وخبرات علمية في نوعية الإصابات والأخطاء، ولا متخصصين في هذا المجال إلى أن بدأت مراحل التشريع العماني في التطور، وتجلت النهضة العمانية في ظل بانيها جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد، حيث توالت التشريعات المتخصصة في مختلف المجالات، وتم تأهيل كفاءات ومرافق متخصصة في هذا الجانب. وهو ما أكدته نصوص التشريع العماني ومبادئ القضاء بالمحكمة العليا في أكثر من موضع ومنها ما جاء في أحد أحكام ومبادئ القضاء المدني بالمحكمة العليا بشأن التعويض عن الإصابات الواقعة على النفس البشرية خطأ التأريش عن إصابة معينة من خلال تقدير القاضي، فنقضت دائرة الديات والأروش بالمحكمة العليا بجلسة يوم السبت الموافق 8/ديسمبر/2012م هذا الحكم وأقرت المبدأ الآتي: "عدم مراعاة أحكام الشريعة الاسلامية أثناء تقدير التعويض الجابر للإصابات سبب ناقض. أثره. نقض الحكم"( )، والملاحظ وجوب اعتبار وجعل أحكام الشريعة أساسا لدراسة الإصابات والأخطاء والتعويض عنها عند الفصل في منازعاتها.
ثانيًا: الاختصاص الولائي في الفصل بدعاوى الإصابات والتعويضات عن الأخطاء الطبية.
ويراد بذلك تعيين الجهة التي تتولى الفصل في قضية أو دعوى معينة بموجب الصفة القانونية والاختصاص المؤسسي لها من الأهمية بمكان وهو ما يعرف في الاصطلاح القانوني بالاختصاص الولائي، وعرفه البعض بالقول: "توزيع المنازعات على الجهات القضائية الموجودة بالدولة، بمعنى تحديد نصيب كل جهة قضائية من ولاية القضاء"( ).
وفي عمان ارتبط منصب القضاء بمنصب الإمام وولي الأمر. مع التأكيد بأنه لم يكن هناك ضابط شرعي يرجع وستند إليه بكل كلها اجتهادات شخصية ونظم وضعية يعتريها الشك في سيادة الأقوى وغلبة القبيلة، وبعد دخول الإسلام عمان سادت قيم الفضيلة ومبادئ العدالة الناجزة والمساواة ودخل أهل عمان الإسلام، ولم يتيسر الحصول على أقضية عمانية في عهد النبوة، كما إن النظام القضاء في عمان تأثر بنظام القضاء العباسي لتبعية عمان لها في فترة إلى أن استقلت عمان بحكمها( ). وكانت القضايا تعرض أمام القاضي أو الإمام مباشرة بموجب دعوى يرفعها المتضرر دون الحاجة إلى جهة متخصصة ترفعها وتحولها للقضاء. والقضاء غالبا ما يكون في المسجد، وقد يقضي القاضي في منزله، أو في موقع النزاع إذا كانت الواقعة نظرية تحتاج إلى الوقوف على محل النزاع، وكان تنفيذ الأحكام يتم من قبل الإمام أو واليه إذا كان في بلد الإمام، وغالبا ما يقوم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم بنفسه لتوفر الوازع الديني معتبرا ذلك فريضة كالصلاة( ).
مع تطوّر القضاء ومرفقاته وانفصاله ككيان وجهة مستقلة أصبحت قضايا الإصابات الناتجة عن الحوادث بشكل عام تحال من قبل شرطة عمان السلطانية إلى المحاكم الشرعية، ونجد ذلك بمطالعة أحكام القضاء قبل صدور قانون السلطة القضائية بموجب المرسوم السلطاني رقم (90/99)، نجد ذلك بمطالعة بعض عبارات نصوص الأحكام بالقول: (ليعلم الواقف على كتابنا هذا بأنه في اليوم ... عرضت علينا شرطة عمان السلطانية بنزوى ملف القضية رقم....، حول حادث اصطدام بين السيارة التي كان يقودها...، ذكرت الشرطة أنهن عفون عن السائق)( ).
أصبح الاختصاص الولائي لقضايا الحوادث والأخطاء الطبية في التشريع القانوني الحالي ينعقد لمحاكم القضاء العام بالدوائر المدنية والجزائية؛ إذ تعتبر محاكم القضاء العادي مختصة بنظرها جميعًا وفق الاختصاص الولائي المبيّن بالمادة (٨)( ) من قانون السلطة القضائية العماني.
المنهج المتبع في تقديم شكوى عن الأخطاء الطبية وما ينتج عنها من آثار ابتداءً يكون عبر تقديم المتضرر شكوى لوجود الخطأ الطبي إلى اللجنة الطبية العليا، وهي لجنة طبية مشكلة بقرار وزير الصحة القرار الوزاري رقم (157/2013) بشأن تشكيل اللجنة الطبية العليا تضم في عضويتها ممثلين عن المؤسسات الصحية (العسكرية والمدينة والخاصة)، والقرار الوزاري (101/2017) بشأن تشكيل لجان طبية فنية بالمديريات العامة للخدمات الصحية والمستشفى السلطاني ومستشفى خولة.
وتقوم هذه اللجنة ببحث الشكوى واستدعاء الطبيب المعالج والمتضرر ولها أن تدعوا كذلك حضور من ترى ضرورة لمناقشته، وترفع اللجنة تقريرها عن الحالة خلال 90 يوما. أو يحق للمتضرر التوجه مباشرة إلى القضاء ومساءلة الطبيب جزائيًا عن طريق تقديم شكوى إلى الادعاء العام ثم للمحكمة، وفي جميع الأحوال على المحكمة أن تعرض الحالة على اللجنة الطبية المذكورة لتقرير ثبوت الخطأ الطبي من عدمه. ويكون التعويض عن الأخطاء الطبية في حال ثبوتها كالوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي مؤسسا في حسابه على دية الإنسان وفقا لأحكام المرسوم بشأن تقدير الديات والأروش رقم 2008/118 وتعديلاته.
ثالثًا: دقة العمل والاجتهاد في دعاوى الإصابات وتوصيفها وتقدير التأريش والتعويض بها.
جاء في أحد الأحكام القديمة قبل صدور قانون السلطة القضائية والقوانين المنظمة لطرق التعويض وتوصيف الإصابات: "وعلى حسب النظر في الموضع فأرى لهما مائتين ريال، عن كل جانب مائة ريال فقط، وهناك جرح حسب تقرير الطبيب في الرأس يحتاج إلى نظر ولم توافق المرأة على نظره ولم تطلب تأريشه هذا ما أراه"( ). ومن عبارات أحد الأحكام الأخرى: "ونظرت هذه الدعوى والتأريش الشرعي صعب بعد البرء..." ( ). وفي حكم آخر: "...وقد قررنا لهذه الجروح خمسمائة ريال تأريشًا حسب اجتهادنا"( ). وفي آخر: "...هذا الذي تحرّيناه حسب اجتهادنا والذي استنتجناه من التقارير الطبية"( ).
وفي نظام القضاء العماني الحالي قررت النصوص والأحكام أن القاضي له صلاحية الاجتهاد في وزن البيّات وتقرير ما يستقر بعقيدته في التوصيف لكل إصابة، وتقدير ما يناسبها شرط ألا يحيد عن الصواب أو عما تقتضيه الأدلة والوقائع، ومما جاء في ذلك المبدأ القائل: "تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع ولها السلطة التقديرية في استنتاج عناصره متى ما كان ذلك سائغًا، سالمًا من الشطط والغلو، وله ما يسانده في الواقع"( ). والمبدأ "الأحكام القضائية هي ميزان الحق توازن بين ما يطلبه المضرور وما يوجبه القانون والشرع إذ هذه وظيفتها، إن تقدير التعويض لا يؤسس على مجرد السلطة التقديرية بل على أسس وقواعد الفقه الإسلامي التي جاءت واضحة وعادلة"( ). وكذلك المبدأ: "تقدير حكومة العدل من إطلاقات محكمة الموضوع بشرط مناسبة مقدار التعويض لعناصر الضرر"( ).
رابعًا: سيادة مبدأ الصلح والعفو والمسامحة بين المصابين والمتسببين في الإصابات.
مبدأ الصلح منهج متبع في القضاء العماني، وهو ما بينته المادة (99) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية في شأن ابتداء القاضي جلسة المرافعة القضائية بالمحكمة بقولها: "تبدأ المحكمة في الجلسة الأولى بعرض الصلح على الخصوم، فإذا لم يتم الصلح تجرى المرافعة في ذات الجلسة"( ). وهذا النص القانوني يتكامل معرفيا مع قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)( )، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : "الصلح جائز بين المسلمين -زاد أحمد- إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا"( ).
جاء في أحد الأحكام القديمة قبل صدور قانون السلطة القضائية والقوانين المنظمة لطرق التعويض وتوصيف الإصابات: "وعلى حسب التحري في الأمر جعلنا بينهما صلحا أن يسلم المدعى عليه المعترف للمدعي عن جميع إصاباته ثمانمائة ريال عماني، وافق الطرفان على ذلك وبذلك انتهت الدعوى"( ). وفي حكم آخر "ونحن سألنا المرأة المسماة شمسا التي أصيبت بكسر في يدها، فقالت: إني عفوت السائق سيف وسمحت من حقي، وذكرت الشرطة أيضا أن راكبا واحدا كان راكبا مع ناصر بن أحمد اسمه صالح بن حارث وأصيب بجروح لكنه قد سمح"( ). وفي آخر: "حضر المدعين والمدعى عليه وقبل إجراء الحكم اصطلح الحال بينهما على أن يدفع المدعى عليه......."( ).
غير إننا نجد تقييدًا مهما وإطارا دقيقًا في مسألة تنازل المضرور في الحوادث والإصابات وهو عدم اعتبار هذا التصالح والتنازل إن كان يجهل قيمة ومقدار التعويض، قرر ذلك المبدأ القضائي القائل: "تنازل المضرور من حادث السير عن التعويضات التي يستحقّها بسبب الفعل الضارّ أمام الشرطة وقبل اكتمال التقارير الطبية عن إصاباته تنازلٌ غير معتبر ولا يمنعه لاحقًا من المطالبة بالتعويضات أمام المحكمة. علةُ ذلك أنّ التنازل صلحٌ، والصلح في المعاوضات لا يصح إن كان العوض مجهول القيمة جهالة فاحشة، وعدم صدور التقارير النهائية بالإصابات يجعل مقدار التعويض عنها مجهولا جهالة فاحشة"( ).
خامسًا: السلطة التقديرية لمحاكم وقضاة الموضوع في تكييف وتوصيف الإصابات الناتجة عن الحوادث والأخطاء الطبية والحكم فيها بما يتفق مع الأصول والواقع والتقارير الطبية وعمل الجهات المختصة في هذا شأن بوجه شامل ومفصّل.
كان منهج القضاء العماني سابقا الاستناد والاستعانة بتقارير الشرطة التي ترفعها للمحاكم في بيان الخطأ الواقع من الحوادث، حيث جاء في أحد الأحكام القديمة ما يدل على ذلك بالقول: "ورأينا تقرير الشرطة ينبئ أن الخطأ وقع من المدعي والمدعى عليه، وفعلا أن الحادث وقع على هلال بن حميد بسبب صدمة سيارة ناصر بن سيف وعلى كل حال أن هلالا بعد أن صدم تعطّل منه النطق وفسدت يداه ورجلاه"( ).
ومن المبادئ القضائية التي تدل على وجوب أن تمحص المحكمة بموجب سلطتها الأخطاء والإصابات المبدأ القائل: " لئن كان تقدير عناصر الضرر من مشمولات محكمة الموضوع فإن ذلك مشروط بحسن التعليل وبيان كافة أوجه الضرر وهو ما افتقد إليه الحكم المطعون فيه وتوجب تبعاً لذلك النقض والإحالة". والمبدأ "لم يلتزم الحكم المطعون فيه بتمحيص الأضرار التي لحقت المضرور ولا من تقدير التعويض للأضرار التي تعرض لها الوجه الذي يعد أشرف عضو في الإنسان وعلى ذلك الأساس فإن تعويض إصاباته تكون ضعف إصابات باقي الجسم"( ).
والمبدأ: "إن السلطة التقديرية للمحكمة في التقدير إنما تنحصر في حدود ما قرره القانون، فإن لم يكن للإصابة دية محددة أو أرش مقدر فيعوّض عنه حكومة عدل بالتعويض المناسب، ولا رقابة على محكمة الموضوع في هذا التقدير متى ما بنته على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق".
وتعتبر التقارير الطبية مرجعا ومستندا في تقرير كافة الإصابات والتعويض المترتب عليها، جاء في ذلك المبدأ القائل: "على المحكمة تقصي كل الإصابات والجروح التي لحقت بالطاعن من جراء الحادث وتمحيصها بكل دقة من جميع التقارير الطبية الكاشفة للإصابات والجروح وما آلت إليه تلك الإصابات من فوات نفع وحدوث ضرر سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة؛ لأن التعويض لا يقتصر على الإصابات المباشرة وإنما يمتد إلى ما ترتب عن إصابة من أضرار مرتبطة بها كالعمليات الجراحية والآثار التي ترتبت على هذه الإصابات لأن الطاعن يستحق تعويضًا عن كافة الإصابات سواء نتجت عن الحادث مباشرة أو ترتبت على الإصابات من آثار أو اقتضى التطبيب تسببها كجميع أنواع العمليات التي يحتاج لها المضرور وبعد الإحاطة الشاملة بحقيقة وضبط عناصر الضرر فعندئذ يجب على المحكمة إعطاء كل عنصر من عناصر الضرر حقه المشروع من دية أو أرش أو حكومة عدل بدون زيادة ولا نقصان لأن (الحكم على الشيء فرع من تصوره) وبالنظر الحكم المطعون فيه فإنه لم يلتزم هذا النظر ولعدم تقيد الهيئة المغايرة في محكمة الاستئناف بحكم المحكمة العليا فيما بينه من المسائل القانونية الواضحة مما يجعل الحكم المطعون فيه خالف صحيح القانون طبقًا لمقتضيات المادة (260) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ويتعين نقضه"( ).
سادسًا: المعايير الحاكمة للخطأ الطبي، مفهوما، وإثباتا، وأثرا ماديا ومعنويا تُنشأ وفق القواعد وأحكام القضاء وتقارير الخبرة والجهات المختصة.
عرّف الخطأ الطبي بموجب المادة الأولى من قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة بالقول: "أي إجراء طبي، بالفعل، أو بالترك لا يتفق مع الأصول العلمية والفنية، ويحدث ضررا بالمريض، ولا علاقة له بالمضاعفات الطبية"( ).
وكان منهج القضاء العماني بيّنا في مسائل الأخطاء الطبية وآثارها من حيث صوره وكيفية إثباته، وتكييف المسؤولية المترتبة عنه، وبيان مقدار التعويض المترتب عن تلك المسؤولية ونوعها، نستقرئ ذلك من مبادئ القضاء العماني كالآتي:
1) من حيث صوره:
"إن عدم تفطن الدكتور المباشر لحالة المطعون ضده لتواجد الأنبوب السابق تثبيته لعلاج عينه من قبيل الخطأ الطبي، وكان من المتيسر عدم الوقوع فيه لو أجرى تصويرا بالمنظار للتأكد من ذلك، وقد تسبب هذا الخطأ في استمرار آلام المطعون ضده والتجائه إلى مستشفى أهلي شخّص الحالة بدقه وأجرى عليه عملية جراحية واستأصل الأنبوب البلاستيكي"( ).
الخطأ الموجب للمسؤولية التقصيرية هو إخلال بالتزام قانوني يتمثل في حرص الشخص من سلوكه على اليقظة والتبصر حتى لا يضر الغير، فإذا انحرف هذا السلوك كان هذا الانحراف خطأ يستوجب المسؤولية، وأن عدم مراعاة الطبيب للتدابير العلاجية والعلوم الطبية والوسائل الفنية والإهمال إذ بنى فحصه على قواعد طبية خاطئة أو يجهل في احتساب مدة الحمل وفقًا لما قرره التقرير الصادر من اللجنة للأخطاء الطبية وعلى ذلك توافرت الأسس الموجبة للمسؤولية"( ).
3) من حيث الإثبات يكون عبؤه على المتضرر، ووفق تقارير اللجنة الطبية العليا وما لها من خصوصية في الإثبات:
"عبء إثبات الخطأ الطبي يقع على كاهل المدعي في حالة عدم وجود دليل مباشر. يجوز اللجوء للخبرة والركون لأحد التقارير"( ).
"إثبات الخطأ الطبي لا يكون إلا بتقرير صادر من اللجنة العليا للأخطاء الطبية متى قررت اللجنة عدم وجود خطأ طبي واتّجه الحكم إلى إثبات الخطأ فإنّ الحكم جدير بالنقض"( ).
" لا تسري بحق اللجنة الطبية العليا القواعد العامة في قانون الإثبات المتعلقة بشأن خبراء الجدول مثل دعوة الخصوم وغيرها بل يكفي أن تكون قناعتها ورائها الفني شريطة مراعاة الأصول الفنية المعمول بها في مجال مهنة الطب البشري. اللجنة الطبية العليا تزاول مهنة الطب البشري وطب الأسنان بموجب قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (22/96) وتعديلاته ولا يوجد في هذا القانون ما يلزم بأن تؤدي اللجنة الطبية العليا اليمين عند أداء مهمتها بموجب المادة (19) من ذات القانون"( ).
"تقرير اللجنة الطبية العليا من المحررات الرسمية التي هي حجة على الكافة ما لم يطعن فيها بالتزوير فهو حجة عليهم بما دون فيه بموجب المادة (11) من قانون الإثبات"( ).
4) من حيث مسؤولية الطبيب وصورها وحدودها، وكيفية تقدير التعويض على إثرها:
"نظرة المحكمة توافقية بين حماية المريض وبين اعتبار أن الطبيب يسعى بحسن نية لمعالجة مرضاه"( ).
"مسئولية الطبيب لا تستوجب أن يكون هذا الخطأ جسيمًا، ولا يعفى الطبيب إذا كان خطؤه يسيرًا"( ).
"المسؤولية الطبية: صورة من صور المسؤولية المدنيةـ يلزم فيها التعويض"( ).
"تحديد التعويض المناسب عن الخطأ الطبي يتوقف على تحديد درجة ذلك الخطأ في حصول الوفاة، إن كان ذلك الخطأ السبب المباشر في حصول الوفاة أم أن الخطأ ساهم في تعكر الحالة الصحية للمريض مما أدى إلى الوفاة، وهو ما لم تبحثه محكمة الموضوع في ظل اختلاف الطرفين المتنازعين في الدعوى حول ذلك، إذ إن التعويض يجب أن يتناسب ودرجة الخطأ المؤدي إلى حصول الضرر"( ).
"يكون التعويض عن الأخطاء الطبية التي تترتب عليها أضرار معنوية فقط بما لا يجاوز دية النفس المنصوص عليها في مرسوم تقدير الديات والأروش"( ).
سابعًا: اعتماد قاعدة (المباشر ضامن وإن لم يتعمد أو يتعد)، في نظر قضايا التعويضات نتيجة وقوع الأخطاء بمختلف الحوادث والإصابات.
ومما دل على ذلك من مبادئ: "المستقر عليه في القانون والعمل القضائي لهذه المحكمة أن دعوى التعويض المبنية على الضرر لا تلقي على المضرور سوى إثبات أن الضرر وقع بفعل الشيء. أثر ذلك عدم الحاجة لبحث وجود الخطأ لافتراضه من المتسبب في الفعل الضار. أساس ذلك أن الفقه الإسلامي يؤسس هذه المسؤولية على قاعدة (المباشر ضامن وإن لم يتعمد أو يتعد)( )". والمبدأ: "لا يختلف الفقه الإسلامي عن القانون الوضعي في أن القانون لا يلقي على المضرور من عبء إثبات سوى أن الضرر وقع بفعل الشيء ليفترض الخطأ في جانب المدعى عليه، والفقه الإسلامي يؤسس هذه المسؤولية على قاعدة فقهية هي (المباشر ضامن وإن لم يتعمد أو يتعد) وتطبيقًا لهذه القاعدة فإن من يباشر الفعل ضامن له دون حاجة إلى إثبات تعمده ارتكاب الفعل أو تعديه، ذلك أن المباشرة فعل إيجابي يحدث الضرر بمجرد اتصال الآلة بالشيء وتحقق رابطة السببية بين الفعل المباشر والضرر إذا كان الفعل هو الذي أحدث الضرر ومن ثم يكون عبء الإثبات على المدعى عليه المباشر لنفي هذه المسؤولية خلافًا للقاعدة العامة في الإثبات البينة على المدعي ولا يكلف المضرور إثبات الخطأ إلا في حالة حدوث الضرر بالتسبب ومعنى هذا يتعين على المدعى عليه أن يثبت أن الضرر قد وقع إما بسبب أجنبي أو بخطأ الغير أو القوة القاهرة( ).
ثامنًا: اعتماد قيمة الدية الكبرى كأساس ومعيار لتقدير التعويض عن الإصابات على النفس وما دونها.
وذلك بموجب المبادئ المستقر عليها بالمحكمة العليا بالسلطنة ومنها: "الواجب على المحكمة الرجوع إلى الفقه الإسلامي فإن كان لها دية أو أرش طبقته على الإصابة وإن لم يكن لها دية أو أرش مقدر ففي هذا الحالة للمحكمة سلطة تقدير التعويض الجابر للضرر استنادًا إلى ما يطلق عليه حكومة العدل على أن يكون التقدير من مطلق الدية الكبرى"( ).
تاسعًا: الأخذ بمبدأ ورأي (دية المرأة نصف دية الرجل) فيما نُصَّ عليه، واعتبار باقي الإصابات حكومة عدل تخضع لتقدير مستوى الضرر والتعويض عنه بحكم أهل الخبرة.
جاء تقرير ذلك بعدة مبادئ من القضاء العماني ومنها: "الدية الشرعية للأنثى نصف دية الرجل؛ وذلك فيما نص عليه بصريح اللفظ في أحاديث الديات والأروش، مع اعتبار مالم ينص عليه حكومة عدل غير مقيد بقدر معين سوى كونه جابرا للضرر وبقدر ذلك الضرر وبتقدير العدول العارفين بأحكام الديات والأروش كما هو معلوم في محله"( ). والمبدأ "دية المرأة على النصف من دية الرجل"( ). والمبدأ " دية المرأة على النصف من دية الرجل. علة ذلك أنّ المرسوم السلطاني رقم (24/1975) نصّ على كون ديتها على النصف من دية الرجل، أمّا القوانين اللاحقة فقد تعرّضت لتعديل مقدار دية الرجل دون تعرّض لإلغاء فقرة أنّ دية المرأة على النصف من دية الرجل"( ).
عاشرًا: الحكم بنصف دية المسلم في تأريش إصابات غير المسلم.
جاء في أحد الأحكام القديمة في تقرير ذلك ما نصه: "حضر عندي المدعي والمدعى عليه وقد اعترف عليه بالخطأ، وقد حكمت عليه له بمائة وعشرين ريالا دية ضرسيه نصف دية المسلم؛ لكونه مجوسي الديانة"( ).
حادي عشر: تطبيق ملحق الحوادث الشخصية على الإصابات المترتبة عن الحوادث والإصابات استثناء عن قانون الديات والأروش وأحكامها.
عرفت مبادئ القضاء ملحق الحوادث الشخصية بأنه: "تأمين اختياري يبرمه المؤمن له مع المؤمن ضد الإصابات البدنية أو الوفاة التي تقع له من حوادث مركبته ـ الفقرة (أ) من المادة (9) من قانون تأمين المركبات"( ).
ومن منهج القضاء العماني أن تطبيق ملحق الحوادث يكون على حالات استحقاق الدية الكبرى بشرط عدم مجاوزة المبلغ حدود ذلك الملحق، دلّ على ذلك المبدأ: "مطالبة شركة التأمين وفقًا لملحق الحوادث الشخصية لا يصح أن تزيد على المبلغ المتفق عليه في وثيقة التأمين، والحكم القاضي بإلزام الشركة بالدية كاملة جدير بالنقض"( ).
كما أنه يجوز -خروجا عن الأصل- شمول غطاء ملحق الحوادث أسرة المتسبب في الإصابات، دلّ عليه قاعدة المبدأ: " إن الأصل العام أن المتسبب في الحادث هو المحاسب على فعله أولًا وآخرًا ملوم على تصرفه معاقب على عدم احترازه إذ لأموال الناس حرمات كحرمات دمائهم وأعراضهم فهو وإن لم يتسبب لأضرار نفس فقد أضر بما يقّوم النفس ويعينها على حياتها في هذه البسيطة والكل مضمون عليه والكتاب والسنة والعادة والعرف والقياس والاجماع والقوانين جميعها ناطقة بذلك ولا يجوز أن يكافأ أحد على ذنب فعله إلا بالعقوبة الرادعة له ولأمثاله هذا هو الاطار العام واستثناء من هذه القاعدة أجاز القانون الاتفاق بين المؤمن والمؤمن له على مدّ غطاء التأمين ليشمل المالك وأسرته أو السائق للمركبة إن كان غير المالك هو السائق المتسبب وهو ما يسمى بملحق الحوادث الشخصية"( ).
ثاني عشر: الحكم بتعدد الديات عند تعدد الإصابات، ويستحق من توفي نتيجة تلك الإصابات تلك الديات لا الدية الكبرى واحدة.
دل على ذلك المبدأ: " القضاء بتعدد ديات في حق المضرور بتعدد فقد الأعضاء والمنافع قضاء صحيح وفق الشريعة الإسلامية التي هي أساس التشريع. سنده. موت المصاب الذي فقد بعض أعضائه أو منافعها بعد فترة من زمن الحادث لا ينقله من استحقاقه لجميع ديات تلك الأعضاء ومنافعها إلى دية النفس. سنده. إطلاق الأحاديث النبوية وآثار الفقهاء"( ).
ثالث عشر: الحكم بالدية الكاملة في فقد العضو الفردي أو منفعته كاملا، وبنصفها في فقد عضو زوجي أو منفعته كاملة، والتعويض فيما دون ذلك حسب القواعد الشرعية والقانونية.
دلت على ذلك قواعد ملحق الديات والأروش بالمرسوم السلطاني رقم (118/2008). والمبدأ القائل: " فقد المنفعة في العضو الفردي ـ أثره: استحقاق الدية كاملة للمضرور. فقد المنفعة في العضو الزوجي ـ أثره: استحقاق نصف الدية"( ).
الخاتمة
في نهاية كل دراسة بحثية تأتي النتائج التي توصّل إليها الباحث من خلال إجابة محاور البحث عن الإشكاليات المطروحة بالخطة، وفي هذ الورقة توصّل الباحث إلى الآتي:
1) ارتبط منصب القضاء في التاريخ العماني بمنصب السياسة والحكم في البلاد والأمة.
2) تعتبر أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها العامة أهم المراجع والمصادر المعتمدة في الفصل والأحكام عبر تأريخ القضاء العماني.
3) ينعقد الاختصاص الوظيفي في ابتداء رفع دعاوى الحوادث والأخطاء الطبية أمام القضاء العماني للقاضي العام قبل نشوء المحاكم، ثم تدرج ذلك لمراكز الشرطة بتقرير يرفع للمحاكم الشرعية وذلك قبل إصدار قانون السلطة القضائية، ثم بعد إصدار قانون السلطة انعقد الاختصاص وفقا لنوع ومكان وقيمة هذه الدعاوى.
4) سلك القضاء العماني في نظره أحكام وقضايا ومنازعات الحوادث والأخطاء الطبية مسلك الجمع بين النصوص الشرعية والقانونية والاجتهاد مع الاستفادة من مستجدات الواقع والعلم الحديث في الوصول إلى التوصيف الدقيق للإصابات وما يناسب تعويضها.
5) سيادة مبدأ التصالح بين الخصوم في دعاوى الحوادث والأخطاء الطبية وبما يتناسب مع مبادئ العدالة والأنظمة والقواعد المنظمة كافة حقوق المتقاضين في هذا الشأن.
6) إعطاء الأوصاف والتكييف للإصابات وما يناسبها من سلطة المحاكم التقديرية بشرط مراعاة القوانين والقواعد المحققة النسبة والتوازن والمصلحة بين الإصابة وتأريشها.
7) تعتبر أحكام القضاء العماني في شأن دعاوى الديات والأروش أنموذجا لرسوخ العدالة ومرونة الوصول إليها نظرا وتنفيذا، كما أن تلك الأحكام تشكّل جزءا مهما لتأريخ الفقه الإسلامي وملفاته الفقهية في مجال الحكم والقضاء.
التوصيات
أولًا: ضرورة التكاتف والتعاون بين الجهات والباحثين لإخراج التراث التأريخي لأحكام دعاوى الديات والأروش وتحقيقها وأرشفتها بالتنسيق والتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء (مشروع أرشفة الأحكام القضائية قبل قانون السلطة القضائية).
ثانيًا: دعوة الباحثين والمهتمين والمؤسسات إلى تبني مشاريع ودراسات أكاديمية في مواضيع الديات والأروش والأخطاء الطبية باعتماد عدة منهاج بحثية أهمها المنهج المقارن والاستنباطي لمعرفة التوجهات الحديثة للعلم في المجال الطبي ومقارنتها بمنهج القضاء العماني ومعرفة المناسب للواقع وحياة الناس.
ثالثًا: التنسيق مع مختلف الجهات التنفيذية والأكاديمية والقضائية لعقد مؤتمرات وندوات وبرامج تدريب لتغذية المستهدفين بمجالات الأخطاء الطبية والمعنيين بالحكم في قضاياها وقضايا الإصابات الأخرى بما يحقق كفاءات وطنية في هذا المجال وفق أولويات رؤية عمان 2040 المختلفة التي تخدم هذا المجال.
رابعًا: تخصيص مساحة كافية من منح الابتعاث ضمن البرنامج الوطني للبعثات بالسلطنة لدراسة تخصصات الطب المقارنة مع أحكام الفقه وقواعد الديات والأروش.
خامسًا: تدريس تخصصات الطب باللغة العربية بالسلطنة أسوة ببعض الدول العربية وإيفاد مجموعة من القضاة والعاملين بقطاع التأمين والمحامين وروّاد العدالة لدراسة مجال الإصابات وأحكامها وأخلاقيات مهنة الطبيب وغيرها.
قائمة المصادر والمراجع
1) إبراهيم بن يحيى العبري، القضاء في عمان، مركز الغندور، القاهرة، 2012.
2) أيمن مصطفى البقلي، ورقة بحثية بعنوان: (المسؤولية المدنية عن الخطأ الطبي)، ضمن بحوث ندوة الخطأ الطبي في ميزان العدالة، التي نظمها المعهد العالي للقضاء في سلطنة عمان، بتاريخ الخميس 27 ربيع الأول 1440هـ الموافق 6 ديسمبر 2018م.
3) حكم رقم (م ن ش 115/78) صادر عن محكمة نزوى الشرعية، يوم 7/4/ 1398هـ الموافق 16/3/1978م، القاضي أحمد بن ناصر السيفي، وزارة العدل بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
4) حكم رقم (م ن ش 115/78) صادر من محكمة نزوى الشرعية، يوم 7/4/ 1398هـ الموافق 16/3/1978م، القاضي أحمد بن ناصر السيفي، وزارة العدل بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
5) حكم رقم (367/84-ج/2) صادر من المحكمة الشرعية ببوشر، يوم 28/8/ 1984هـ، القاضي محمد بن سيف الرواحي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
6) حكم رقم (367/84-ج/2) صادر من المحكمة الشرعية ببوشر، يوم 30/8/ 1984هـ، القاضي محمد بن سيف الرواحي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
7) حكم رقم (80/80) صادر عن محكمة نزوى الشرعية، القاضي سعود بن سليمان الكندي، وزارة العدل بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
8) حكم رقم (م م /92م – رقم 1 ص 80 ج 17) صادر عن المحكمة الشرعية بقريات، يوم 23/6/ 1412هـ الموافق 30/11/1992م، القاضي سيف بن محمد الفارسي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
9) حكم رقم (87 ص 11 ج 18) صادر عن المحكمة الشرعية بقريات، يوم 1/4/1413هـ الموافق 28/9/1992م، القاضي سيف بن محمد الفارسي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
10) حكم رقم (143 ص 9 ج 16) صادر عن المحكمة الشرعية بقريات، يوم 27/5/1410هـ الموافق 26/12/1989م، القاضي سالم بن سعيد البويقي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
11) حكم رقم (102 ص 75 ج 15) صادر عن المحكمة الشرعية بقريات، يوم 18/2/1410هـ الموافق 19/9/1989م، القاضي سالم بن سعيد البويقي، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، أرشيف مشروع أرشفة الأحكام بالمجلس الأعلى للقضاء.
12) سليمان بن الأشعث بن إسحاق السِّجِسْتاني، سنن أبي داود، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
13) عبدالحكيم عكاشة، شرح قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني (النظام القضائي - الدعوى - الاختصاص)، تصميم المكتب الفني للأجيال، طبع بشركة مطبعة عمان ومكتبتها المحدودة، سلطنة عمان، الطبعة الأولى، رجب/شعبان 1426ه – سبتمبر 2005.
14) مبارك بن عبدالله الراشدي، السلطة القضائية في تونس وعمان بين الفقه والقانون، كلية الشريعة والقانون بمسقط، 2423هـ - 2002م.
15) محمد بن حبان التميمي الدارمي، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة: الأولى، 1408هـ/ 1988م.
16) محمد بن سيف بن دويّم الشعيلي، ورقة بحثية بعنوان: التطور القضائي ومرافقه في سلطنة عمان في عصر النهضة المباركة)، قدمت بندوة (عمان الماضي والحاضر)، تنظيم وحدة الدراسات العمانية، جامعة آل البيت، الأردن، يوم الأحد 30/11/2014م.
17) محمد بن عبدالله الهاشمي، السلطة القضائية في سلطنة عمان بين الشريعة والقانون، الطبعة الأولى، 1431هـ/2010م، سلطنة عمان – مسقط.
18) محمد بن هلال بن ناصر المعولي، القضاء العماني تاريخه وتطوره - تطور التقنين القضائي العماني، الطبعة الأولى، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، السيب - سلطنة عمان.
19) المرسوم السلطاني رقم (٢٤/٧٥) في تقدير الديات والأروش، صدر في 4 جمادى الثاني 1395هـ الموافق 14 يونيو 1975م، نشر في الجريدة الرسمية رقم (82) الصادرة في 1/7/1975م.
20) المرسوم السلطاني رقم (١١٨/٢٠٠٨) بتعديل الديات والأروش، صدر في ٦ من ذي القعدة سنة ١٤٢٩هـ الموافق ٥ من نوفمبر سنة ٢٠٠٨م، ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم (٨٧٥) الصادر في ١٥ / ١١ / ٢٠٠٨م.
21) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة أحكام الديات والأروش "الديات والأروش"، الصادرة عن المحكمة العليا مع المبادئ المستخلصة منها والدليل الاسترشادي بالإصابات والديات والتعويضات المقدّرة لها، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
22) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (من 1/10/2006م وحتى 31/6/2007م) – السنة القضائية (7)، وزارة العدل - سلطنة عمان.
23) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (من 1/10/2010م وحتى 30/6/2011م) – السنة القضائية (11)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
24) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (من 1/10/2011م وحتى 30/6/2012م) – السنة القضائية (12)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
25) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (في الفترة من 1/10/2012م وحتى 30/6/2014م)، السنة القضائية (14،13)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
26) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (في الفترة من 1/10/2014م وحتى 30/6/2016م)، السنة القضائية (16،15)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
27) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (في الفترة من 1/10/2016م وحتى 30/6/2018م)، السنة القضائية (17 - 18)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
28) المكتب الفني بالمحكمة العليا، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، (في الفترة من 1/10/2016م وحتى 30/6/2018م)، السنة القضائية (19)، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء- سلطنة عمان.
29) وزارة الشؤون القانونية، سلطنة عمان، قانون الإجراءات المدنية والتجارية، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2002)، نشر في الجريدة الرسمية رقم (715) الصادرة في 17/3/2002م.
30) وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عمان، قانون السلطة القضائية، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 90/99، نشر في الجريدة الرسمية رقم (660)، 1/12/1999م.
31) وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عمان، النظام الأساسي للدولة رقم (6/2021م)، صدر في: ٢٧ من جمادى الأولى سنة ١٤٤٢هـ الموافق: ١١ من يناير سنة ٢٠٢١م، نشر في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٣٧٤) الصادر في ١٢/١/٢٠٢١م.
32) وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عمان، قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية بالمرسوم السلطاني رقم (68/2008)، صدر في ١١ من جمادى الأولى سنة ١٤٢٩هـ الموافق: ١٧ من مايو سنة ٢٠٠٨م، نشر هذا المرسوم في عدد الجريدة الرسمية رقم (٨٦٤) الصادر في ١ / ٦ / ٢٠٠٨م.
33) وزارة الشؤون القانونية، سلطنة عمان، قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة رقم (75/2019)، صدر في ٩ من ربيع الأول سنة ١٤٤١هـ الموافق: ٦ من نوفمبر سنة ٢٠١٩م، ونشر هذا المرسوم في عدد الجريدة الرسمية رقم (١٣١٧) الصادر في ١١/١١/٢٠١٩م.
34) وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عمان، المرسوم السلطاني رقم (75/2019) بشأن إصدار قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة، صدر في: ٩ من ربيع الأول سنة ١٤٤١هـ الموافق: ٦ من نوفمبر سنة ٢٠١٩م، نشر في عدد الجريدة الرسمية رقم (١٣١٧) الصادر في ١١ / ١١ / ٢٠١٩م.
35) وليد بن خالد الزدجالي، ورقة بحثية بعنوان: (المشكلات العلمية وانعكاساتها على تحديد الخطأ الطبي)، ضمن بحوث ندوة الخطأ الطبي في ميزان العدالة، التي نظمها المعهد العالي للقضاء في سلطنة عمان، بتاريخ الخميس 27 ربيع الأول 1440هـ الموافق 6 ديسمبر 2018م.
36) يوسف بن سالم الفليتي، ورقة بحثية بعنوان: (المفهوم القانوني للخطأ الطبي)، ضمن بحوث ندوة الخطأ الطبي في ميزان العدالة، التي نظمها المعهد العالي للقضاء في سلطنة عمان، بتاريخ الخميس 27 ربيع الأول 1440هـ الموافق 6 ديسمبر 2018م.