دراسة لأرجوزة في الطب العماني

الباحث المراسلد. ناصر بن علي الندابي
د. ناصر بن عبدالله الصقري

تاريخ تسليم البحث :2024-01-21
تاريخ نشر البحث :2024-01-21
الإحالة إلى هذه المقالة   |   إحصائيات   |   شارك  |   تحميل المقال

المقدمة

الحمد لله العليم، والصلاة والسلام على المعلم الأول والهادي إلى الصراط المستقيم محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على هديه إلى يوم المعاد والدين.

زخرت عمان عبر تاريخها بعدد من العلماء الذين أثروا الحياة الفكرية والعلمية في مجالات مختلفة، وبقيت آثارهم العلمية وإسهاماتهم شاهدة على إبداعاتهم ونبوغهم من خلال التراث المخطوط الذي خلفوه لنا، وكان من المجالات التي أسهم فيها العلماء العمانيين هو علم الطب، فظهر عدد من الأطباء عبر عصور عمان المختلفة، منهم ابن الذهبي أبو محمد عبدالله بن محمد الأزدي الصحاري، الذي عاش في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر ميلادي)، الذي برع في علم الطب ووضع معجما طبيا عربيا هو كتاب "الماء"، والأطباء المنتمون إلى عائلة ابن هاشم العيني الرستاقي، وأبرزهم راشد بن خلف وأخيه ثاني بن خلف، من علماء أواخر القرن التاسع والثلث الأول من القرن العاشر الهجريين ( نهاية القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر الميلاديين)، والطبيب عميرة بن ثاني من أطباء القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، وكان طبيبا وفقيها، وهو والد الطبيب راشد بن عميرة الذي سيكون الحديث في هذه الدراسة عن واحد من نتاجاته العلمية في علم الطب([1]).

ومهما تعمقنا في دراسة حياة الطبيب العماني راشد بن عميرة، ونتاجه العلمي، لنستجلي ما تركه لنا من آثار في هذا الجانب، فإن القائمة تطول والجهد يخبو، نظرا لتلك الآثار التي ما زالت حبيسة الأدراج، تنتظر من يزيل عنها غبار الزمن، ليخرجها للقراء، لينهلوا من معين ذلكم العلم. وها نحن اليوم نحاول أن نميط اللثام عن أحد نتاجاته العلمية في مجال الطب، لنثري المكتبة العمانية بدراسة حول أرجوزة مخطوطة له بعنوان: "فيما يجب على الطبيب معرفته من شروط الطب".

أهمية الدراسة:

       تكمن أهمية الدراسة في كونها:

1 - تدرس هذا المخطوط الذي ما زال حبيس الخزائن، والذي قد لا يعرف عنه الكثير من الدارسين والمهتمين، أو سمعوا عنه فقط،  وتناوله  في هذه الدراسة بحثا وتحليلا، ليتسنى الاستفادة من مكنوناته ومعارفه، ولإبراز ما أنتجته العقول العمانية في مجال الطب والتمريض، ولتوضيح جانب مهم اهتم به ابن عميرة من خلال موضوع هذه الأرجوزة، وهو ما يعرف حاليا بأخلاقيات مهنة الطب، أو أخلاقيات الممارسة الطبية، وهو جانب فريد في النتاجات العلمية العمانية في مجال الطب.

2 - إبراز مكانة شخصية ابن عميرة بين أقرانه من الأطباء الذين عاصرهم أو من أتى من بعده.

3 - تسد ثغرة قد تساءل عنها من خاض غمار الطب، وقرأ مؤلفات ابن عميرة، ولعلهم قد أبدوا تسائلاً عن بقية مؤلفات هذا العالم وكنوزه، وهي في الوقت نفسه تعطي دافعا معنويا لجيل اليوم للسير على منهاج هؤلاء العلماء الذين بذلوا العزيز والنفيس لإيصال هذه المعارف إلى الأجيال الماضية حتى بلغت إلينا.

أهداف الدارسة:                

سعت الدراسة إلى تحقيق عدد من الأهداف من أهمها: 

1- دراسة المخطوط بعد عملية رقنه، وإخراجه من النص المخطوط إلى النص المقروء، لتسهيل عميلة القراءة واستخراج المعارف.

2 - مقابلة النسخ مع بعضها البعض في محاولة منا للإطلاع على النص الصحيح الذي رغب المؤلف في إيصاله إلى أيدي قرائه.

3 – التعريف بالمنهجية التي سار عليها المؤلف في تأليف هذا المخطوط.

4 - تتبع مصادر الطبيب ابن عميرة التي اعتمد عليها في تدوين هذا المخطوط من الكتب السابقة والعلماء الذين درس علي أيديهم أو الذين نقل عنهم.

5 - تعريف بعض المفاهيم الواردة في المخطوط، وإعطاء نماذج منها والتي من شأنها تبيان المنزلة العلمية التي بلغها ابن عميرة في التمكن من مفاهيم علم الطب على مستوى العالم الإسلامي.

6 - استنطاق النصوص للتعرف عن قرب على شخصية ابن عميرة من حيث تتبع تنقلاته والأماكن التي نزل بها، ومن التقى بهم من العلماء ومن أخذ منهم، واستنباط بنيته المعرفية والعلمية.

منهج الدراسة : 

تقوم الدراسة على جمع النسخ المخطوطة، والمقارنة بينها، وقراءة المخطوطة قراءة دقيقة بعد رقنها وضبط النظم، مستخدمين في ذلك المنهج الوصفي في توضيح المواضيع التي تطرقت لها المخطوطة، والتي سيتم توضيحها لاحقا، والتقسيم الذي اتبعه المؤلف، والمنهج الذي سار عليه، والتعريف بالمصطلحات المستخدمة. والمنهج التحليلي في تحليل الشروحات التي وضعها المؤلف على النظم، معولين في ذلك على عدة جوانب، منها النظر للفترة التاريخية التي عاش بها المؤلف، والأحداث المتعلقة بشخص المؤلف، أو ما يدور حوله من نهضة علمية بارزة سواء في عمان أو حولها.

مشكلة الدراسة :  

       تتمثل مشكلة الدراسة في التباين الواضح بين النسخ المخطوطة لها، هذا التباين والاختلاف شمل الأبيات، وأيضا شرحها، كما أن هناك سقط وأخطاء في بعض المواضع، وركاكة في العبارات أحيانا، فضلا عن تدخلات النساخ في النص المنظوم، وعدم ضبط بعض المفاهيم وكتابتها بطريقة صحيحة كما أراد لها مؤلفها.

 

أسئلة الدراسة :

ستسعى الدراسة للإجابة على هذه الأسئلة:

- ما طبيعة الظروف التي نشأ وترعرع فيها المؤلف والتي أثَّرت في تكوينه العلمي وميوله لعلم الطب؟

-ما هي الموضوعات التي تطرق لها المؤلف في هذه المنظومة؟

-ما المصادر التي استقى منها المؤلف معلوماته، سواء من الكتب أو العلماء أو التجارب الشخصية؟   

-ما مدى توافق النسخ المخطوطة للأرجوزة وجوانب الاختلاف فيها؟

-ما المنهجية التي سار عليها المؤلف في تدوين هذه المنظومة والشرح الذي وضعه عليها؟

 

عناصر الدراسة: 

ستضم الدراسة عدد من العناصر وهي كالآتي:

  • التعريف بالمؤلف.
  • منهجية المؤلف ومصادره.
  • وصف النسخ المخطوطة.
  • مواضيع الأرجوزة.
  • اجتهاداته وآراءه الطبية.
  • دراسة مقارنة بين النسخ الثلاث:
  • المصادر العلمية التي اعتمد عليها.
  • تعريف المفاهيم والمصطلحات الطبية. 

 

نتائج الدراسة:

نتوقع من هذه الدراسة أن تظهر للمختص بصورة خاصة والقارئ على وجه العموم بعض المعلومات الطبية التي كانت متداولة في الأزمنة الماضية والمكانة العلمية التي بلغها هذا العالم الفذ، وإيضاح المكانة العلمية التي وصل لها علماء عمان في علم الطب وفنونه من خلال دراسة هذا النتاج العلمي للطبيب العماني راشد بن عميرة.

 

التعريف بالمؤلف: 

1 – اسمه ونسبه: 

هو راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف بن محمد بن عبدالله بن هاشم العيني الرستاقي العماني([2])، من قريته "عيني"، إحدى قرى ولاية الرستاق، والتي بها عين الكسفة، أحد أفلاج عمان المشهورة، وكان يسكن بجوارها([3]). أما الرستاقي فهي بطبيعة الحال نسبة إلى مدينته الرستاق. وقد عرف الطبيب راشد بن عميرة بكنيته التي فاقت اسمه وهي (ابن هاشم)، وهو جده الخامس كما يظهر في سلسلة نسبه، ووصلت شهرته بهذه الكنية لدرجة أصبح يضرب المثل بها فيمن أراد أن يمارس مهنة الطب، ووصف الأدوية وهو غير حاذق فيها، أو غير مؤهل لذلك، بقولهم: "ما أنت بابن هاشم"([4]).

عاش راشد بن عميرة في أواخر القرن العاشر وبدايات القرن الحادي عشر الهجريين/ السادس عشر والسابع عشر الميلاديين([5]).

1 – أشياخه وتلامذته:

 بعد العودة إلى كتب التراجم والأعلام، لا سيما العمانية منها، تبين أنها لم تذكر أسماء من أخذ عنهم راشد بن عميرة العلم من عمان أو خارج عمان، كما لم يشر إلى أحد منهم في هذه الأرجوزة وشرحها. ولكن، ونظرا لأن والده كان طبيبًا، بل إن عائلة ابن هاشم نبغ فيها عدد من الأطباء([6])، وفي مقدمتهم والده، فبلا شك أنه تتلمذ عليه، ونهل من علمه في مجال الطب، واستفاد مما توفر لدى والده من كتب في علم الطب. أما تلامذته فلا نجد أيضًا إشارة لأسماء تتلمذت على يديه، إلا أن ابنه عميرة أيضا كان ممن برع في الطب، بل إن والده ألف كتاب (منهاج المتعلمين)([7]) من أجل ابنه عميرة([8]).

ترك لنا الطبيب راشد بن عميرة العديدة من المؤلفات التي تنوعت بين النثر والنظم، وهي دليل على نبوغه وتمكنه في هذا الفن، فإلى جانب الأرجوزة التي هي موضع الدراسة في هذا البحث، تأتي المؤلفات الأخرى وهي كالآتي([9]):

  • فاكهة ابن السبيل ( مطبوع )([10]).
  • مختصر فاكهة ابن السبيل، وهو اختصار للكتاب السابق (مطبوع)([11]).
  • منهاج المتعلمين، ( مطبوع )([12])
  • المنظومة الرائية التي ذكر فيها الأعضاء الرئيسية لجسم الانسان ( مخطوط)([13])
  • زاد الفقير وجبر الكسير، (مخطوط)([14]).
  • شرح على قصيدته الميمية في تشريح العين، (مخطوط)([15]).
  • أرجوزة في الفصد والحجامة والشرحها، (مخطوط)([16]).
  • المنظومة الدالية وشرحها في تشريح جسد الانسان من الرأس إلى القدم، (مخطوط)([17]).
  • أرجوزة في مراحل عمر الإنسان من الطفولة إلى الهرم، (مخطوط)([18]).
  • زاد المسافر، يتضمن فصول في عدة مواضيع طبية، (مخطوط)([19]).

أما بالنسبة لوفاة الطبيب راشد بن عميرة، فلا يوجد تاريخ دقيق لوفاته، وكان ما زال على قيد الحياة حتى سنة 1019ه/1610م، كما أشار إلى ذلك في كتابه منهاج المتعلمين([20])، وقد جاوز عمره المائة عام عند وفاته.

وصف النسخ المخطوطة:   

قبل الخوض في وصف النسخ، نود أن نشير إلى الخلط الحاصل في المراجع حول تسمية الأرجوزة، فالبطاشي يشير إليها بعنوان (محلات المتطببين ومهبع السالكين) وذكر بأنها أرجوزة تقارب مائتين وعشرين بيتا([21])، في حين أن النسخ الثلاث التي اعتمدنا عليها، لم تشر إلى هذا الاسم، كما أن أبيات القصيدة لا تصل للعدد الذي أشار إليه البطاشي. أما كاتب المقدمة التي تضمنها كتاب فاكهة ابن السبيل المطبوع، فقد أشار إليها بقوله: "الأرجوزة التي في طبائع الانسان"، واستشهد بأبيات منها([22])،  في حين ذكرت الموسوعة العمانية بأن من بين مؤلفات الطبيب ابن هاشم (مخلاّت المتطببين ومنهج السالكين)([23]). في حين ذكر محقق كتابي مختصر فاكهة ابن السبيل، ومنهاج المتعلمين، بأن عنوانها (محلات المتطببين ومنهج السالكين)([24])، وقد يكون سبب هذا التضارب التصحيف الذي قد يحصل في بعض النسخ المخطوطة، وأخطاء النساخ، ولكن الملفت للنظر، أن المؤلف لم يذكر أيا من هذه العناوين في النسخ الثلاث للأرجوزة، والتي اعتمدت عليها هذه الدراسة، حيث تكررت هذه العبارة في النسخ الثلاث، في بداية الأرجوزة بقوله: "فإن العبد الفقير إلى الله تعالى راشد بن عميره بن ثاني بن خلف بن محمد بن عبدالله بن هاشم العماني العيني الرستاقي، أراد أن يضع أرجوزة فيما يجب على الطبيب من معرفة الشروط الطبية، ومما أمر بها الحكماء ونهوا عنه، ومعرفة الطبائع بالذوق والنبض والبول، وفي معرفة العروق للإنسان كم هي، وفي معرفة العروق التي في بدن الإنسان التي تفصد، وفي معرفة الحجامة ومواضعها ومنافعها، وفي معرفة دق أدوية العين وكيف استعمالها وفي أي وقت تدق"([25])

اعتمدت الدراسة على المقارنة بين ثلاث نسخ مخطوطة للأرجوزة محفوظة بدائرة المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وجميعها موجودة ضمن مجاميع (مخطوط يحوي مجموعة مؤلفات)، وفيما يلي وصف لهذه النسخ المخطوطة:

المخطوط رقم 1764:

هذه النسخة من محفوظات وزارة الثقافة والرياضة والشباب تحت رقم ( 1764)، وهي جزء من مجموع بدايته أرجوزة في مراحل عمر الإنسان، ويقع المجموعة في 21 صفحة، وتحتوي الصفحة على 14 سطرا، وحجمها 12 × 15 سم.

استخدم في كتابتها اللون الأسود، ولا يوجد تاريخ نسخ المخطوطة، ولا ناسخ لها، ولا الشخص المنسوخة له، والمخطوطة بحالة جيدة ولا يوجد بها خرم ولا رطوبة بالنص الذي قمنا بدراسته، أما بصورة عامة فيوجد به رطوبة في بعض صفحاته في بعض المواضع الأخرى.

أما الأرجوزة موضوع الدراسة، فتبدأ من الصفحة 615 على حسب ترقيم المخطوط الداخلي أما إلكترونيا فهو يبدأ من الصفحة 300، وفي الصفحة 619 يوجد سقط مقداره صفحة كاملة تقريبا، أما شرح الأرجوزة فينتهي عند الصفحة 653 حسب ترقيم المخطوط أما إلكترونيا ينتهي عند الصفحة 319.

ينتهي  بالبيت: 

والآلُ والأصحابُ طرًا كلما

 

 

ناحَ الحمامُ الورقُ والغيثُ همَا

 

 

يستمر الخط متشابه حتى الصفحة 701 (الكترونيا 324) ثم يتغير الخط والذي يظهر ناسخًا آخر بدأ بالكتابة في الصفحة 711  إلكترونيا 328. ذكر تاريخ نسخ المجموع بقوله: "وكان الفراغ من كتابة هذه الوصية الشريفة يوم الخميس سابع والعشرون من شهر شعبان سنة 1113هـ والحمد لله رب العالمين". بينما تاريخ بداية نسخ الأرجوزة كان في يوم الأحد عام 1000هـ كما ظهر ذلك من قوله:

جاءتْ على البديةِ يومَ الأحدِ

 

 

في سنةِ الألفِ ولمَّا يزدِ

 

مِنْ هجرةِ المختارِ خيرِ الأنبياء

 

 

وسيّدِ الساداتِ بلهُ الأولياء

 

 

المخطوط رقم 1797:

النسخة ملك وزارة الثقافة والرياضة والشباب تحت رقم ( 1797)، وهي جزء من مجموع، إذ يحتوي المجموع على قصيدة (زاد الفقير وجبر الكسير) التي تلت الأرجوزة التي بين أيدينا، وسبقت الأرجوزة بدعاء طويل، وتبلغ عدد صفحات المجموع 14 صفحة، وتحتوي كل صفحة على 17 سطرا، وحجم كل صفحة 22 × 17سم، وكتبت بخط أسود وأحمر، وتستحوذ أرجوزتنا على 7 صفحات من صفحات المجموع، ولا يوجد ناسخ للمخطوط، ولا تاريخ النسخ، ولا المنسوخة له، والمخطوط بصورة عامة بحالة جيدة.

وظهرت الأرجوزة التي نقوم بدراستها ناقصة في هذه النسخة إذ نجد أن الناسخ يبدأ بشرح بعض الأبيات الأخيرة مبتدءا بالبيت الآتي: 

وخذْ مقالاً في عروقِ الرأسِ

 

 

والقصدُ فيها يا أبَا العبّاس

 

 

وطفق بشرح هذه الأبيات والتي جاءت من بعدها ولكنه شرح مختصر ليس كالشرح في المخطوط رقم (1764)، ويظهر أن الشرح المختصر بهذه النسخة متشابه مع المخطوط السابق، ولكن في المخطوط السابق يوجد تفاصيل أكثر تتبع هذا الشرح المختصر.

وفي هذه النسخة ذكر الناسخ أن النظم انتهى بعد أن ذكر آخر بيت وهو: 

والآلُ والأصحابُ طرًّا كلما

 

 

ناحَ الحمامُ الورقُ والغيثُ همَا

 

 

ثم أعقبه بقوله: "تمت الأرجوزة بعون الله وتوفيقه والصلاة والسلام علي خير خلقه وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ....".

وينتهي المخطوط في الصفحة 12 وإلكترونيا الصفحة 14، ثم يدخل مباشرة بعد قوله "والله أعلم" قوله: "ومن كتاب الأزرق....".

المخطوط رقم 700:

المخطوط أيضا موجود بوزارة الثقافة والرياضة والشباب تحت رقم ( 700)، وهذه النسخة هي جزء من مجموع يبدأ بالجزء الخامس والعشرون من كتاب بيان الشرع، وهو الجزء الخاص بالنذور والاعتكاف وبعدها قصيدة زاد الفقير وجبر الكسير، ثم الأرجوزة محل الدراسة، وبعدها تأتي قصيدة في تشريح جسم الإنسان.

صفحات المخطوط كتبت بالأسود والأحمر، ويقع في (45) صفحة، وكل صفحة تحتوي على 18 سطر، وحجمها 21 × 16 سم، والأرجوزة – محل الدراسة - تقع بين الصفحات (105 – 109) بالترقيم الداخلي للمخطوط، والصفحات (55 – 82) بالترقيم الإلكتروني للمخطوط.

يبدأ المخطوط المدروس بقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مدبر الأمور، وعالم الغيب المستور..."، وينتهي عند قوله: " فهذا ما احتجت أن أقدم ذكره في هذا الفن من تذكرة الكحالين والله ولي التوفيق والله أعلم" ثم أتى ببقية الأرجوزة التي ختم بها.

وقد دون تاريخ نسخها في نهاية الأرجوزة، إذ نسخت في 29 / ربيع الثاني / 1207هـ، ونجد ذلك مدونا في الأبيات الشعرية التي ختم فيها الناسخ المخطوط:

في الجمعة الزهرا وتاسع مع عشر

 

 

من الربيع الثاني قولي قد نشر

 

نـــــاسخهــــــــــا ومـــــــالكها مقــــــــــــــدم

 

 

في الأخر الأولي الفقير المسلم


 



 

من هجرة المختار خير البارية

 

 

ألف ومائتي سبع سني سارية

 

 

       ذيل الناسخ في النسخة 700 بعض  شروح الأبيات عبارة: "والله أعلم قوله"، وقد يفهم من ذلك أن ابن عميرة ليس هو الشارح للأبيات وإنما شخص آخر، والشارح يجتهد في بيان معاني الأبيات بدلالة الضمير المتصل في كلمة (بقوله). في حين أن يكتب في مواضع أخرى "والله أعلم" وقد يفهم أيضا من هذا أن هذه اللفظة هي لابن عميرة التي تخالف ما تشير إليه اللفظة السابقة. 

 

دراسة مقارنة بين النسخ الثلاث:

من خلال القراءة المتأنية للنسخ الثلاث للمخطوط نجد أن هناك تباين واختلاف في بعض الجوانب التي من شأنها أن تكون كل نسخة مكملة للنسخ الأخرى، وسنعرض هنا بعض تلك الاختلافات في هذه النسخ.

تتضح الصبغة الدينية بصورة عامة في جميع النسخ، وذلك من خلال إنهاء معظم نصوص شرح الأرجوزة بكلمات مثل(إن شاء الله تعالى)، وقوله (الله تعالى أعلم)....الخ.  وأحيانا تكون الإضافة غير ملائمة لمفهوم النص ومثال ذلك قوله في النسخة 1764: ".....فينبغي أن تكون المحجمة صغيرة إن شاء الله تعالى" فهي غير ملائمة لما قبلها.

ومما يلاحظ في النسخة 700 أن الذي قام بتحمير المخطوط وتحديدا كلمة (فصل) لم ينتبه أحيانا، فقام بتحمير بعض الكلمات على أنها فصل، في حين أن المقصود بها فصول السنة، كما في الصفحة رقم 141 داخليا، الصفحة73 الكترونيا.

وقد وجدنا أن النسخة 700 هي الأقرب للنسخة 1764 من النسخة رقم 1797، وذلك لعدة أسباب وهي:

  • هناك تشابه في العنوان الأول والكلام قبل بداية الأبيات. كما أن هذه النسخة من المخطوط مختلف أيضا في ترتيب شرح الأبيات كما يظهر في بداية الأرجوزة في البيت: ولا تقلّد أمرَكَ الجهّالا......الخ.
  • في نسخة 700 يوجد تنظيم في فصل الأبيات عن الشرح في حين في 1764 تتداخل الأبيات مع الشرح كما في البيت:

ولا تقلّد أمرَكَ الجُهّالاَ  

 

 

فَتُخْطِأَ الصَّوابَ والمَقَالا

 

 

وأيضا البيت:

لكنْ عليهِ عِلْم كلّ طَبْعِ        

 

 

مِنَ الطّبايِعْ حَضْرهَا بِالجَمْعِ

 



 

 

  • في النسخة 700 هناك إضافات في وسط الشرح، أحيانا كلمات زائدة، غير موجود في النسخة الأخرى 1764، وهذا يحتمل أمرين: إما أن يكون زيادة من النساخ، أو أن المؤلف يضيف في النسخ كلما أعاد نسخها مرة أخرى، وهو ما يطلق عليه في أبجديات علم المخطوطات بـ (الإبرازة) الثالثة. وإذا صح هذا فمعنى ذلك أن النسخة رقم 700 هي الأحدث.
  • في النسخة رقم 1764 وبعد الانتهاء من شرح البيت ( لكن عليه علم كل طبع.....الخ) سقطت الأبيات حتى نهاية البيت (أن تضع الإبهام فوق العظم)، في حين وردت في النسخة رقم 1797 بدون شرح، أما في النسخة رقم 700 فقد وردت الأبيات مع الشرح.
  • في النسخة 1764 يوجد تداخل كبير في الأبيات من فصول مختلفة حتى في الصفحة الواحدة كما هو الحال عندما انتهى من شرح البيت:

فَإِنّه مُعْتَدِلُ الطّبَايِعِ

 

 

فَاحْكُمْ بِهِ تَحْكيمَ غَيْرَ ضائِعِ

 



 

فبعد شرح هذين البيتين انتقل إلى بيتين آخرين هما من فصل متقدم (فصل في معرفة الدلالة الدالة على الموت والدخول على المريض). في حين أن النسخة رقم 700 لا يوجد بها هذا التداخل، والخلط. ويوضح بداية كل فصل في الأرجوزة، كما أنه لا يقوم بكتابة الأبيات داخل الشرح، مما يجعل من الصعوبة على قارئ المخطوطة التمييز بينها وبين الشرح، كما هو في 1764، وإنما يكتبها في النسخة 700 في سطر مستقل، ويوضح بداية كل فصل.

  • توجد إضافات أخرى أحيانا في الشرح والكلام أكثر مما في النسختين الأخريين. 
  • النسخة رقم  700 يوجد الكثير من الكلمات تم ضبطها بالشكل (الحركات) وهو ما نفتقده في النسختين الأخريين.

وبهذه الأسباب جميعها، نرى أن النسخة رقم 700  هي النسخة الأصح والأضبط من النسخ الأخرى، ويمكن التعويل عليها بجعلها النسخة الأم لمن رغب في خوض غمار تحقيق هذه الأرجوزة.

تقسيمات الأرجوزة: 

بلغت عدد أبيات المنظومة مائة وعشرة أبيات، ثم قام الناظم بشرحها واحتوى الشرح على مقدمة وتسعة عشر فصلا.

وبدأ أولا بأبيات كمقدمة، وكانت فحوى هذه المقدمة هي نصائح لطالب العلم الذي يرغب في دخول غمار الطب والتطبب، والأساسيات التي يجب على الطبيب معرفتها، ثم اعتمد على تقسيم الأرجوزة إلى فصول حسب المواضيع وجاءت مرتبة كالآتي:

  • فصل في معرفة الطبايع بالريق: تحدث فيه المؤلف عن الأعراض التي تظهر في الريق والتي من خلالها يمكن معرفة الأمراض التي أصابت الإنسان، والتي من علاماتها البلغم، وكذلك تغير الذوق، والطعم، الذي يشعر به المريض.
  • فصل في معرفة الطبايع في نبض العروق: بيّن فيه المؤلف كيفية الوصول إلى نبض الأوردة والشرايين وكيف يمكن معرفة مدى انتظام النبض من عدمه، وأوضح كيفية الفحص للوصول إلى تلك النتيجة، وأين يمكن للطبيب وضع إصبعه لقياس النبض، وبعض الأمراض التي يمكن معرفتها من خلال نبض العروق.
  • فصل في معرفة الطبائع في البول: أوضح المؤلف في هذا الفصل كيفية فحص البول، وكيف يمكن معرفة العلل التي تصيب المريض من خلال لون البول، وأعطى الطريقة المناسبة لفحص البول، ومتى يمكن أخذ العينة وكيف، وتحدث عن ألوان البول ودلالاتها.
  • فصل في معرفة البول خاصا وعاما: في هذا الفصل فصّل ما تعرض له في الفصل السابق من الحديث عن ألوان البول، وأعطى نماذج لهذه الألوان مثل الأحمر القاتم، والفستقي والأخضر، والأبيض الناصع، والروائح التي تصاحب البول عند المريض، وكذلك بعض الإفرازات التي تخرج مع البول ودلالة كل هذا.
  • فصل في معرفة الدلالة الدالة على الموت والدخول على المريض: نجد في هذا الفصل قدرة من الطبيب ابن عميرة في معرفة بعض علامات الوفاة عند المريض الذي لا يرجي بُرؤه، وذكر من بينها أن المريض يكره أن ينظر الزائر في وجهه، وتجده كذلك كثير الدموع، ويفتح فمه من غير تثاوب، وينقل مرقده من مكان لآخر، وفي المقابل أوضح العلامات التي تدل على إمكانية بُرء المريض من مرضه.
  • فصل في عدد عروق الجسد: تعرض المؤلف في هذا الفصل لعدد العروق في بعض جوارح الإنسان، مثل اليد والرجل والرأس والأكحل، والجميل هنا أن المؤلف حدد أعداد هذه العروق بالسنة والشهور والأيام، وذلك لمزيد من الدقة والتفصيل.
  • فصل في معرفة افتراق العروق: شرح المؤلف في هذا الفصل افتراق العروق مشبها إياه بعروق الشجر، ولحائها، وكثرتها وتفرعها، وذكر أن الإنسان رُكِّبَ في عروقه كتركيب الشجر، وخلق من التراب والماء، وخلق فيه دم وريح، بعدها فصل هذه العروق ومساراتها في جسم الإنسان والأجزاء التي تغذيها، وحدد أماكنها ومساراتها في جسد الإنسان.
  • فصل في عدد العروق التي تفصد: توسع المؤلف في هذا الفصل الحديث عن العروق، متعرضا لعددها حيث قال أن عددها ثلاثة وثلاثون عرقا، ثم وزرع هذه الأعداد على الجسم محدد أماكنها وعدد العروق في كل جارحة من جوارح الإنسان. 
  • فصل في عدد عروق اليدين: في هذا الفصل نجد المؤلف يفصّل الحديث عن فصد عروق اليدين بدقة متناهية، حيث ركز على الإجزاء الدقيقة في اليدين، وتعرض للجوانب الإيجابية من فصد كل جزء من هذه الأجزاء، وذكر الأمراض التي يمكن يفصد فيها كل جزء على حده.
  • فصل في الشروط التي تجب على الطبيب عند الفصد: أبدع المؤلف في الحديث عن شروط الفصد بدأها بالاستئذان من المريض قبل فصده سواء كان طفلا أو شيخا كبيرا أو عبدا، وأوضح الأوقات المناسبة للفصد، وبين الوضعيات المناسبة للفصد وكذلك الأعمار وأنواع الأمراض التي تحتاج إلى فصد، والجميل في هذا الفصل أنه أعطى الطبيب الأعراض الجانبية التي قد تلحق بالمريض إن إخطأ الطبيب في الفصد.
  • فصل في معرفة الفصد: شرح الطبيب ابن عميرة في هذا الفصل الطريقة الصحيحة في معرفة الفصد، واستخدم أسلوب التعليم لكل فئاة الأطباء، مبتدءا الحديث عن الطبيب المبتدأ وكيفية تعلم الفصد، ثم بدأ التعمق في عملية الفصد وحدد بدقة مواضع الفصد والأصابع التي على الطبيب استخدامها للفصد.
  • فصل في فصد عروق اليدين: وضح المؤلف في هذا الفصل الطريقة الدقيقة في فصد عروق اليد محددا بالدقة المكان الأنسب للفصد وطريقة الضربة واتساعها، وتعرض لطريقة فصد الأطفال أيضا، وكذلك اتجاه الفصد عرضا وطولا، وذكر بعض المخاطر التي قد تقع في حال أخطأ الطبيب في طريقة فصد اليد، وأوضح نوع الأداة المستخدمة المستخدمة في الفصد وبعض مواصفاتها التي تتناسب مع الفصد.
  • فصل في فصد عروق الرأس: ذكر أن عدد عروق الرأس تبلع ثلاثة عشر عرقا، ثم طفق يصف موضوع هذه العروق من الرأس وأتبعها بطريقة فصدها الصحيحة، ووضح أيضا الأداة المستخدمة في فصد عروق الرأس ( الفأس)، وإن لم يجد فيمكنه الفصد بالمبضع، ثم ختم هذا الفصل بذكر الآثار السلبية التي قد تصيب المريض في حال خطأ الطبيب في الفصد.
  • فصل في صفة سل شريان الصدغين: في هذا الفصل ما زال حديثه عن عروق الرأس وصفدها أو كيها، أو قطعهما في بعض الأحيان، وأوضح المؤلف أن على الطبيب حلق رأس المريض قبل الفصد ثم دلكه بالكماد حار ثم شد الرقبة وخنق المريض خنقا رقيقا، كل ذلك من أجل المساعدة على وضوح العرق، وتعرض أيضا إلى طريقة الصفد و الكي وكيفية التعامل مع موضع الصفد أو الكي عبد الانتهاء.
  • فصل في فصد عروق الرجلين: وصف المؤلف عدد عروق الرجلين وقال أنها ثمانية عروق، وحدد موضع كل عرق، ووصف بعد ذلك الطريقة الصحيحة لفصد الأرجل بأن يوضع الرباط فوق الركبة، على طرف الفخذ وينام المريض على ظهره ويرفع قدميه، ومضى على هذا المنوال في تحديد الطريقة الأنسب للفصد في كل عرق من عروق الرجلين.
  • فصل في الحجامة وأجناسها: بدأ الحديث في الحجامة بذكر أهميتها متعرضا لأحاديث للمصطفى صلى الله عليه وسلم، كما تحدث عن الأماكن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم فيها وكذلك الأيام المناسبة والأوقات، وتعرض لبعض أقوال العلماء في الحجامة وأهميتها، ثم فصل في أدوات الحجامة والأنسب لكل من الطفل والرجل والمرأة.
  • فصل في التقيء: بدأ المؤلف هذا الفصل بالحديث عن فوائد التقيء، منها تقوية المعدة وتنقيتها ويحد البصر وغيره، وحدد أي فصول السنة يكون التقيء مناسبا فيها، ثم تعرض لطريقة التقيء وكيف يتعامل مع المتقيء بعد إفراغه وما المواد التي يعطى إياها وحتى الطريقة الدقيقة للتقيء تعرض لها وأوضحها بتفاصيلها، وذكر بعض الآثار الجانبية في حال الخطأ في طريقة التقيء.
  • فصل في ذكر أدوية العين: عدد المؤلف في هذا الفصل اعداد أدوية العين وذكر أنها سبعة أدوية ( مسدد، مفتح ، جلا، مغص، قابض، منصح، محدر) ثم بدأ بشرح هذه الأدوية، وذكر كل علة للعين والدواء المناسبة لها من هذه الأدوية، وتعرض لأعراض تلك الأمراض التي تصيب العين.
  • فصل في دق أدوية العين: في هذا الفصل تعرض للأدوية التي ذكرها آنفا في الفصل الماضي وطريقة صناعتها والمواد التي تصنع منها وكيفية خلط المواد المصنوعة منها والأدوات التي تستخدم والأوقات المناسبة لذلك.

 

منهجية المؤلف في الأرجوزة:

نرى أن المؤلف تقيد بالمنهج الذي نراه في تآليف الكتب من إيراد عنوان الكتاب في المقدمة، فنجد ابن عميرة يذكر عنوان نظمه بقوله: "أرجوزة فيما يجب على الطبيب من معرفة الشروط الطبية، ومما أمر بها الحكماء ونهوا عنه، ومعرفة الطبائع بالذوق والنبض والبول، وفي معرفة العروق للإنسان كم هي، وفي معرفة العروق التي في بدن الإنسان التي تفصد، وفي معرفة الحجامة ومواضعها ومنافعها، وفي معرفة دق أدوية العين وكيف استعمالها وفي أي وقت تدق".

والذي نلاحظه من العنوان أن المؤلف لم يتبع المنهجية المعروفة عند السابقين من وضع العنوان مسجوعًا لغويًا، أو على الأقل مختصرًا لفنّه، وإنما نجد أن المؤلف قد أورد العنوان مضمنًا فيه كل المواضيع التي سيوردها في أرجوزته، ولعل ما يميّز هذا الأمر أنّنا تمكّنّا من معرفة أن المنظومة كاملة، وأنه لا يوجد خلل بها فقد كانت نهاية المنظومة الحديث عن أدوية دق العين واستعمالاتها، ناهيك أن هناك أبيات جميلة ختم بها الناظم منظومته هذه والتي تدل على انتهاء النظم.

       وتتضح منهجية المؤلف في إيراده لأبيات النظم ثم القيام بشرحها، وقبل الدخول في شرح أبيات الأرجوزة قدّم لذلك سواء بالنظم أو شرح ذلكم النظم، وكانت المقدمة فريدة من نوعها فقد تعرض لأدق التفاصيل فيما ينبغي للطيب معرفته قبل دخول غمار الطب والتطبب.

       أما منهجيته في شرح النظم فإنه يفصل تلك الأبيات ويوضح كل ما يتعلق بها من مفاهيم الطب، ويدعم ذلك بالآيات والأحاديث وأقوال علماء الطب القدامى، ويتعرض للأدوية وكيفية استخدامها، والمواد والنباتات الداخلة في العلاج، وكيفية استخلاص الأودية من النباتات، ثم كيفية التداوي بها.

       نظم ابن هاشم هذه الأرجوزة، وشرحها، والنظم كما هو معلوم يقتضي معرفة بعلوم اللغة، والعروض، وهذا دليل على تمكن المؤلف في هذه العلوم، حيث جاءت خمسة من تآليفه في الطب ما بين قصائد وأراجيز([26]). كما تميز شرح الأرجوزة باللغة البسيطة والتراكيب السهلة، لولا تلك المفاهيم والمصطلحات الطبية وأسماء الأدوية والأعشاب التي لا يعرفها إلا المتخصص لتمكن كل قاريء مهما كان مستواه العلمي أن يفهم ويعي الطريقة والأسلوب الناجح في العلاج نظرا لدقة وصف العلاج والدواء وطريقة التطبب بلغة سهلة جزلة كما بينا آنفا.

ونجد المؤلف يوضح بالدقة كيفية العلاج، وتبيان المواضع التي يستخدم فيها العلاج والحالات، وفي حال احتياج الوصول إلى موضع محدد من الجسد فإنه يصفه بدقة متناهية كقوله: " ينبغي أن تضع اصبعك الإبهام من اليد اليمنى فوق عظم الساعد الفوقاني من باطن الذراع وتعرف نبض العروق". 

كما نجد بصورة جلية إيراد المؤلف لطريقة التشخيص الدقيق للمريض، وعلامات المرض، وحال المريض، وعلامات الأمراض التي تصيب الإنسان، وكيف يمكن للطبيب التوصل إليها، كما أبدع المؤلف في العلامات التي يمكن أن يعرف بها أن المريض لا يرجى برؤه، من خلال طرح بعض العلامات والإشارات الدالة على دنو أجله ونهاية عمره.

ونرى أن المؤلف حدد الأوقات المناسبة لتناول العلاج أو العلاج بصورة عامة، أو حتى التشخيص، ومن ذلك قوله: "ومتى أردت أن تفصد محموما وكانت حمّاه بأدوارٍ فينبغي أن يتجنب الفصد أول النهار ويتجنب الفصد يوم الدوران، وإن كانت الحمى مطبقة فليكن الفصد أول النهار في الوقت الذي تكون فيه القوة قوية والحرارة ساكنة...".

 وكذلك قوله: "وأما الساعات التي ينبغي أن توضع فيها المحاجم فصل الربيع أول ساعة من النهار إلى ثلاث ساعات، وفي الصيف وشدة الحرارة أول ساعة، وفي الشتاء ثلاثة ساعات تمر من النهار إلى الثامنة قبل طلوع الشمس إلى ساعات تمر منه، وفصل الخريف من بعد طلوع الشمس إلى الساعة الثالثة، وفي الشتاء ثلاث ساعات تمر من النهار إلى الثامنة".

ويرى القارئ أن المؤلف يعطي الآثار الجانبية للعلاج، والأسلوب الخاطئ في استخدام الأدوية، ويوضح الإشكاليات التي قد تنجم عن الأخطاء الطبية المتعلقة بالتشخيص أو طريقة التعامل مع المريض أو الخطأ في صناعة الأدوية، من ذلك قوله: "وينبغي أن يكون فصدك هذه العروق كلها طولا لئلا ينال العصب أو الوتر آفة من طرف المبضع فيجلب على المفصود الزمانة وربما هلك من ذلك لأنه يعرض منه التشنج حتى يبلغ الدماغ فيموت صاحبه".

وتجد ابن عميرة يدقق حتى في مسألة الصغر والكبر والمرأة والرجل، ويعطي لكل عمر ما يناسبه من العلاج والدواء والأسلوب المناسب في التداوي وكذلك في طريقة وأسلوب التشخيص أو بعض الأحيان في التعامل معه في الكشف السريري، منها قوله: " الحجامة على ثلاثة أوجه: أحدها مع شرط والثانية بغير شرط والثالثة محجمة النار، فأما التي مع شرط فإنا نستعملها في الصبيان الصغار والذين لا يمكن فيهم الفصد إذا كانت عللهم من قبل الدم عوضا من الفصد". وقوله: "وأما الرجال والنساء فقد نستعمل فيهم الحجامة مع شرط لانجذاب الدم الرديء من قعر الأعضاء".

 

مصادره العلمية:

       اعتمد المؤلف في مؤلفاته الطبية على العديد من المصادر التي أشار إليها في بعض مؤلفاته، وأبرزها، كتاب الرحمة في الطب والحكمة للصُّبُنْرِي([27])، وكتاب حل الموجز لجمال الدين الأقسرائي([28])، وكتاب منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان، لابن جزلة([29])، وكتاب مختصر أبقراط([30])، وكتاب برء ساعة للرازي([31])، وكتاب كامل الصناعة للمجوسي([32])، وكتاب زاد المسافر لابن الجزار الأندلسي([33])، وكتاب لقط المنافع لابن الجوزي([34]). وغيرها الكثير، كما له مراسلات في الطب مع بعض أطباء فارس([35])، وهذا مما يدل على سعة أفقه، واطلاعه على ما كان متاحا في عصره، وهو ما انعكس في غزارة مؤلفاته، ونتاجاته العلمية([36]).

 أما فيما يتعلق بمصادر ابن هاشم في أرجوزته التي تدور حولها هذه الدراسة، فنجد أنه اطلع على العديد من المصادر التي استقى منها معارفها ومعلوماته الطبية القيمة، ومن خلال قراءة المخطوط ورقنه ومقابلته تبين لنا وجود المصادر الآتية:

-القرآن الكريم: فقد كانت آيات الكتاب الحكيم حاضرة عند الطبيب ابن عميرة، فقد طعم بها بعض العلاجات مرشدا للمريض والطبيب بعدم الاستغناء عن كتاب الله العزيز، ومن ذلك قوله: "ومن قرأ فاتحة الكتاب عند شرط الحجامة كان شفاء من علته".

-الأحاديث النبوية الشريفة: وقد اعتمد المؤلف عليها لتبيان وتأكيد ما يذكره من معارف ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل: "من تطبب ولم يعلم منه طب فقتل فهو ضامن"([37])، ومن ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتجم يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه"([38]).

-الطبيب المشهور " أبقراط"، وقد أورد عنه معلومات كثيرة منها ما جاء في بداية المخطوط أنه اطلع على الكتاب الذي دونه أبقراط([39]) متحدثا فيه عن الأخطاء التي وقع فيها وكيفية تفاديها، كما أورد في ثنايا الشرح بعض حكم أبقراط منها قوله: "وقد جاء في وصية مقدم الحكماء أبقراط الحكيم: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر"، وأورد أيضا مقولات عنه ونصوص بحذافيرها كقوله :" فإن أبقراط يقول: "إن الأبدان الرديئة كلما غذوتها زدتها وبالا وكلما عالجت بدواء حار جلبت على المريض آفة عظيمة". ويشير ابن هاشم عموما في ختام أبيات أرجوزته، بأنه استفاد من أقوال العلماء في مجال الطب بقوله: 

وهذه أرجوزة ابن هاشم        

 

 

منظومة من قول كل عالم

 



 

 

- الحكماء العرب والمسلمين: يورد حكم في الطب وأساليب التعامل مع المريض ولكن دون أن ينسبها إلى أصحابها من ذلك قوله :" وقال بعض الحكماء: "عجبا لمفتصد كيف سلم ولمحتجم كيف ألم"([40]).

-الإمام الشافعي: يحتج المؤلف ببعض المقولات عن الإمام الشافعي منها قوله: روي عن الشافعي أنه كان يقول: "عجبا لمن يدخل الحمام ثم لا يأكل كيف يعيش، وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش"([41]).

-تذكرة الكحالين: وهو كتاب لمؤلفه علي بن عيسى بن علي الكحال، قيل أن وفاته كانت عام 430ه، وقيل غير ذلك، وقد أخذ منه ابن عميرة ما يتعلق بطب العيون وعلاج الأمراض التي تصيبها وقد صرح بذلك بقوله: "فهذا ما احتجت أن أقدم ذكره من هذا الفن منقول من تذكرة الكحالين"([42])، وقد كانت هذه العبارة خاتمة فصل "دق أدوية العين"، وهي أيضا آخر عبارة في متن الشرح، وبعدها ختم النظم بأبيات الختام.

-كتاب الماء: وهو أول معجم طبي لغوي في التاريخ، للعلامة أبو محمد عبدالله بن محمد الأزدي العماني، إذ أننا استنتجنا ذلك من خلال المفاهيم الطبية التي أوردها ابن عميرة والأعشاب التي تعرض لها، وكذلك الأدوات الطبية المستخدمة، حيث نجد أن كل هذا موجود في كتاب الماء، وهو ما يوضح أن ابن عميرة اطلع على كتاب الماء الذي ألف في القرن الخامس الهجري، وكان مصدرا من مصادر الطبيب ابن عميرة([43]).

- كتاب تسهيل المنافع في الطب والحكمة لابن الأزرق (حي 890ه/1485م): ولعل ما يدفعنا على اعتبار هذا الكتاب من المصادر التي اطلع عليها واستفاد منها الطبيب راشد بن عميرة هو التشابه في طريقة وصف أعراض الأمراض، ووصف العلاج والدواء، فضلا عن التشابه في المصطلحات الطبية المستخدمة([44]).

-اجتهاداته الشخصية: نجد ابن عميرة يدون ما يراه مناسبا وحتما لا يتأتى ذلك إلا من خلال ما قام به من تجارب وما مر به من خبرات، ويورد ذلك بقوله في بعض الأحيان "ونحب" كقوله: "ونحب أن تختار من الأدوية ما كان منها طريا جيدا لا عتيقا مغشوشا وأن تسحق كل واحد من الأدوية على حدته ثم يزن المسحوق المنخول الوزن المذكور في نسخة ذلك الدواء..."([45])، ولا نستبعد أن تكون هناك آراء كثيرة للمؤلف لكنه لم يصرح بها، ويمكن فهم ذلك من خلال الأساليب والأدوات التي استخدمها وأشار إليها كثيرا وهي من البيئة العمانية، ويبدو من هذا أن ابن عميرة قد جرب هذه الأدوية والعلاجات بنفسه، ناهيك أن بعض الأعشاب هي نباتات معروفة في البيئة العمانية.

 

نماذج من المفاهيم والمصطلحات بالأرجوزة:

       أحببنا هنا تسطير بعض المفاهيم والمصطلحات التي وردت في الأرجوزة، وقد اعتمدنا على أحد المصادر المعجمية الطبية العمانية – كتاب الماء – للعلامة الأزدي العماني لأبي محمد عبدالله بن محمد الصحاري، لتبيان اطلاع المؤلف على هذا المصدر الطبي الفريد في فنه، وفي الجدول التالي نماذج على تلك المفاهيم والمصطلاحات:

 

م

المفهوم / المصطلح

معناه

الجزء / الصفحة

1

الأسيلمين

الأسيلم بضم الهمزة وفتح اللام عرق في اليدين بين الخنصر والبنصر ولم يأت إلا مصغرا وإنما سمي بذلك لأن فصده أسلم من فصد أوردة الذراع

ج2، ص324

2

التوتيا

التوتيا حجر معروف منه معدني يوجد في سواحل بحر الهند والسند وقد رأيت منه في نواحي اليمن، نافع من أجواع العين مانع الفضول الخبيثة المحتقنة في عروقها...

ج1، ص311

3

الجرب

الجرب هو بثور صغار تبتدئ بحمرة مع حكة شديدة وربما تقيحت وربما لم تتقيح وأكثر ما يحدث في اليدين وخصوصا بين الأصابع وقد يحدث في جميع البدن

ج1، ص367

4

الحلتيت

الحلتيت صمغ الأنجدان وينبت في الأندلس وبلاد المغرب يطبخ ويؤكل وأجوده ما كان إلى الحمرة صافيا قوي الرائحة ...

ج1، ص477 – 478.

5

الدستك

الدستج : الإناء من الزجاج، والدساتيج جمعه، وهي التي يضع فيها الصيدلي أدويته السائله، وبه جرت العادة

ج2، ص94.

6

السليخة

عطر معروف، كأنه قشر منسلخ وهو أنواع أجودها المائل إلى السواد، الزكي الرائحة ...والسليخة أيضا دهن ثمرة البان قبل أن يربب..

ج2، ص319

7

العفص

ثمر مدور ، وهو حمل نوع من شجر البلوط، والعَفَص الالتواء في الأنف، والعفوصة المرارة.

ج3، ص60

8

فصد

الفصد هو شق العرق وهو تفرق اتصال إرادي بآلة مخصوصة يتبعه استفراغ كلي للأخلاط على نسبة ما هي عليه العروق والغرض منه التقليل والإصلاح أو أحدهما

ج3، ص156

9

الكمنة

الكمنة من أمراض العين وقد اختلف في تعريفها فقيل هي ظلمة تأخذ في البصر أو جرب وحمرة تبقى في العين من رمد يساء علاجه، أو ورم في الأجفان...

 ج3، ص292

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

في ختام هذا الدراسة التي قمنا بها لهذا المخطوط القيم، فإنه يمكننا الخروج ببعض النتائج التي نرى أنها مهمة، وداعية إلى بذل المزيد من التنقيب والتحقيق للمؤلفات العمانية، سواء في الطب أو غيرها من العلوم التطبيقية التي لم تلق ذلكم الاهتمام الذي لقته باقي العلوم الإنسانية الأخرى، ومن أهم تلك النتائج: 

-سعة اطلاع الطبيب ابن عميرة: وهذا يتضح من خلال القراءة المتأنية لهذا المخطوط، حيث نرى مدى اطلاعه على المصادر الطبية التي اشتهرت بها الحضارة الإسلامية، وكذلك الكتب التي تركها علماء الطب القدامى من عهد ابقراط وغيرهم من علماء اليونان.

-شاعر وطبيب: نجد أن ابن عميرة قد جمع بين الأدب والطب، فقد طوع الشعر في خدمة الطب، إذ نجد أن هذه الأرجوزة التي بين أيدينا قد نسجه نسجا دقيقا، يمكننا أن نقول أن كل بيت فيها هو عبارة عن قاعدة طبية أو علاج لمرض أو وصف لدواء.  

-مجرب حاذق: من خلال تتبع الشرح الذي أورده الطبيب ابن عميرة على أرجوزته نجد أن ما قاله هو أغلبه إن لم يكن جله ناتج عن تجارب قام بها مع مرضاه، سواء في أسلوب التشخيص أو خلط الأعشاب لانتاج الأدوية الشافية، أو النتائج التي قد تؤثر على المريض حين الوقوع في الخطأ سواء في التشخيص أو في نوع الدواء وأسلوب استخدامه.

-البيئة العمانية: كانت البيئة العمانية حاضرة وبقوة في كتابات ابن عميرة سواء في وصف النباتات التي تصلح للدواء، أو أساليب خلطها عن طريق تلك الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية في المجتمع العماني، وكذلك اسماء تلك الأعشاب في البيئة العمانية.

-أن هناك اشكاليات كثيرة جدا في النسخ المخطوطة وأن هذا الأمر يستدعي تحقيق النص المخطوط لاستخراج النص الذي أراده المؤلف، وذلك نظرا لوجود الكثير من السقط في النسخ ناهيك عن التقديم والتأخير في النصوص، وبعض الأخطاء الإملائية واللغوية في النظم  والشرح.

التوصيات :

-تحقيق هذا المخطوط تحقيقا علميا يمكن من خلاله استخراج النص الصحيح الذي أراده المؤلف .

-إطلاق اسم الطبيب العماني على أحد المستشفيات الكبرى في عمان أو على المستشفيات التي ستبنى حديثا . 

-عمل المزيد من الندوات العلمية والمؤتمرات حول شخصية الطبيب العماني ابن عميرة ونتاجه العلمي، لاستخراج مكنونات العلم التي لم تخرج حتى اليوم للقاريء. 

-تأسيس لجنة علمية مكونة من أطباء وشعراء ومؤرخين للإطلاع على مؤلفات الطبيب ابن عميرة وتنقيحها واخراجها في موسوعة واحدة تحت عنوان :" موسوعة ابن عميرة الطبية"، تجمع فيها كل مؤلفات ابن عميرة المطبوعة وتحقيق المخطوطة منها.

- نأمل أن يدرج مركز العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى في مشاريعه البحثية القادمة عمل وإجراء بحوث علمية وتجارب حديثة على الأدوية التي طرحها ابن عميرة في مؤلفاته الطبية لمعرفة مدى إمكانية استخراج أودوية ناجعة للأمراض الموجودة بالمجتمع العماني من خلال ما دونه ابن البيئة العمانية العلامة ابن عميرة([46])

 

 

 

قائمة المصادر والمراجع

-أبو بكر الأزرق، ابراهيم بن عبدالرحمن، تسهيل المنافع في الطب والحكمة، جزآن، وزارة التراث والثقافة، ط2، مسقط، 2015.

-الأزدي، أبو محمد عبدالله بن محمد، الماء: أول معجم طبي لغوي في التاريخ، تحقيق: هادي حسن حمودي، ط2، وزارة التراث والثقافة، 2015م.

-البطاشي، سيف بن حمود، اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان، ج2، ط4، مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية، 2016م.

-الحارثي، جوخة بنت محمد، المنزع السردي في مختصر فاكهة ابن السبيل، مجلة الآداب، مج30، ع2، الصفحات 103 – 119، الرابط:

 http://search.mandumah.com/Record/959748

-خالص، وليد محمود، لمحات منهجية وأدبية في مؤلفات الأطباء آل هاشم: الطبيب راشد بن عميرة أنموذجا، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، الصفحات 55 – 95. 

- الخروصي، مهنا بن خلفان، آل هاشم الرستاقيون ومكانتهم العلمية، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، الصفحات 139-179.

أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، دار الحديث، القاهرة، 1988. 

- أبو داود، سليمان بن الأشعث، المراسيل، تحقيق: شعيب الأرؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408هـ.

- الزركلي، خير الدين، الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، دار العلم للملايين، ط7، بيروت، 1986.

- السيابي، صالح بن محمد بن سليمان، العمانيون والعولم التجريبية: الطب والهندسة والفلك والملاحة البحرية، مكتبة السيدة فاطمة الزهراء، مسقط، 2018.

- عبابنة، سليم، معجم أعلام الطب في التاريخ العربي الاسلامي، ج1، دار البيروني، عمّان، 2010م.

الفارسي، عبدالعزيز، قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل للطبيب راشد بن عميره بن ثاني العيني الرستاقي العماني، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، الصفحات 97-138.

-مجموعة مؤلفين، الموسوعة العمانية، م4، وزارة التراث القومي والثقافة، 2013م.

-وزراة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، الطب والكيمياء،ط1ـ  دائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، 2006م.

-ابن هاشم، راشد بن عمير،  فاكهة ابن السبيل، ج1،ط2، وزارة التراث القومي والثقافة، 1984م.

-------، مختصر فاكهة ابن السبيل، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2016م.

-------، منهاج المتعلمين، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2013م.

-------، مخطوط أرجوزة فيما يجب على الطبيب معرفة الشروط الطبية، دائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، وزارة الثقافة والرياضة والشباب، رقم المخطوط (1797).

-------، رقم المخطوط(1764).

-------، رقم المخطوط(700).

-الهنائي، علي بن طالب، التطبيقات الطبية في مؤلفات راشد بن عميرة الرستاقي، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، الصفحات 29 – 54.


 


([1])السيابي، صالح بن محمد بن سليمان، العمانيون والعولم التجريبية: الطب والهندسة والفلك والملاحة البحرية، مكتبة السيدة فاطمة الزهراء، مسقط، 2018، ص112.

([2]) للمزيد حول نسب الطبيب راشد بن عميرة، ينظر: البطاشي، سيف بن حمود، اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان، ج2، ط4، مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية، 2016 الصفحات 254 – 301.

([3]) ابن هاشم، راشد بن عمير،  فاكهة ابن السبيل، ج1،ط2، 1984، مقدمة الطبعة للشيخ مهنا بن خلفان الخروصي.

([4]) نفسه.

([5]) مجموعة مؤلفين، الموسوعة العمانية، م4، وزارة التراث القومي والثقافة، 2013، ص1499.

([6]) ذكر الشيخ البطاشي أسماء عديدة من أسرة ابن هاشم ممن برعوا في الفقه والطب، ومن أبرزهم راشد بن خلف الذي عاش في نهاية القرن التاسع والثلث الأول من القرن العاشر الهجريين؛ إتحاف الأعيان، ص244.

([7])هو كتاب ألفه الطبيب راشد بن عميرة لابنه عميرة لكي يتمكن من تعلم الطب وسلك مسار والده في هذا الجانب، ويكون قادرا على مداواة الناس وعلاجهم، وأيضا أراد منه المؤلف أن يكون كتابا تعليما لمن أراد أن يتعلم ويبحث عن وسائل العلاج المناسبة لمختلف الأمراض التي تصيب الإنسان من رأسه إلى قدميه، وذكر فيه الكثير من الأعشاب الطبية، وأبرز وسائل العلاج المستخدمة آنذاك مثل الصفد، والكي، والجراحة، وغيرها؛ ابن هاشم، راشد بن عميرة، منهاج المتعلمين، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2013م، ص24.

([8]) إتحاف الأعيان، ص257.

([9]) ابن هاشم، راشد بن عميرة، مختصر فاكهة ابن السبيل، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2016، ص35-37.

([10])تمت طباعته من قبل وزارة التراث والثقافة، بسلطنة عمان، في عام 1984م، في جزئين اثنين بدون تحقيق .

([11]) طبع من قبل وزارة التراث والثقافة، بسلطنة عمان، وقد خرج محققا بتحقيق الباحث : عبدالله بن علي السعدي، وصدر في عام 2016م.

([12])صدر محققا من قبل الباحث : عبدالله بن علي السعدي، وقد طبع ونشر على نفقة وزارة التراث والثقافة، بسلطنة عمان، في عام 2013م.

([13])وتوجد نسختان منها بالمديرية العامة للوثائق والمخطوطات، دائرة الوثائق، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، الأولى : تحت رقم ( 1769) وقد نسخت عام 1305هـ بيد الناسخ محمد بن حمد بن سلام الحراصي، والثانية تحت رقم (3050) نسخت في عام 1274هـ بدون ذكر اسم الناسخ، انظر : فهرس المخطوطات، الطب والكيمياء،ط1، وزارة التراث والثقافية، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، دائرة المخطوطات،2006م، مجلد4 ، ص48-49.

([14])توجد العديد من النسخة المخطوطة له، بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، تحت رقم (3945)، (2500)، (1979)، (3092) وغيرها، انظر : وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص23- 32.

([15])توجد نسخة من المخطوط، بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، تحت رقم (1769)، نسخت عام 1305هـ، ناسخها محمد بن حمد بن سلام الحراصي، انظر : وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص46.

([16])توجد نسخة من المخطوط، بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة تحت رقم (3722)، نسخت عام 1117هـ، ناسخها محمد بن سعيد بن محمد الشرجي، انظر : وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص37.

([17])توجد نسخة منها بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، تحت رقم ( 700)، بدون تاريخ للنسخ ولا اسم الناسخ، انظر: وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص47.

([18])توجد نسخة منها بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، تحت رقم ( 1764)، نسخت عام 1019هـ، بدون ذكر اسم الناسخ، انظر: وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص38.

([19])توجد نسخة منها بدائرة المخطوطات، المديرية العامة للوثائق والمخطوطات، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، تحت رقم ( 2500)، نسخت عام 1255هـ، ناسخها شوين بن محمد بن سعيد الرمحي، انظر: وزارة التراث والثقافة، فهرس المخطوطات، مرجع سابق، ص42.

([20]) ابن هاشم، راشد بن عميرة، منهاج المتعلمين، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2013، ص20.

([21]) إتحاف الأعيان، ج2، ص287.

([22]) فاكهة ابن السبيل، ج1،ط2، ، مقدمة الطبعة.

([23]) الموسوعة العمانية، م4، ص1500.

([24]) مختصر فاكهة ابن السبيل، ص36؛ منهاج المتعلمين، ص19.

([25]) المخطوطات رقم 1764، 1797، 700، المحفوظة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب.

([26]) الحارثية، جوخة بنت محمد، الحارثي، جوخة بنت محمد، المنزع السردي في مختصر فاكهة ابن السبيل، مجلة الآداب، مج30، ع2، ص107.

([27]) هو مهدي بن علي بن ابراهيم الصبنري اليمني المهجمي، طبيب ومن علماء القراءات (ت 815 هـ/ 1412م)، وهو غير كتاب السيوطي المشهور الذي يحمل نفس اسم الكتاب؛ الزركلي، خير الدين، الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، ج7، دار العلم للملايين، ط7، بيروت، 1986، ص313.

([28]) هو محمد بم محمد بن محمد بن فخر الدين جمال الدين، (توفي بعد عام 776هـ/1374م)، عالم في التفسير والطب والأدب، وله عدة مؤلفات، من أبرزها هذا الكتاب في الطب؛ الزركلي، المصدر السابق، ج7، ص40-41.

([29]) هو أبو علي يحيى بن عيسى بن جزلة البغدادي ( ت 493هـ/1100م)، إمام الطب في عصره، وكان مسيحيا ثم أسلم، وله عدة مؤلفات، الزركلي، المصدر السابق، ج8، ص161.

([30]) هو الطبيب اليوناني أبقراط (ق4 ق.م)، السيابي، العمانيون والعلوم التجريبية، ص110.

([31]) هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي ( 251-313 هـ / 865 – 925م)، من أشهر علماء الطب، وله مؤلفات كثيرة في الطب، منها الكتاب المشار إليه أعلاه، وهو مطبوع؛ الزركلي، المصدر السابق، ج6، ص130.

([32]) هو علي بن عباس المجوسي، وكتبه ما زال مخطوطا؛ ابن هاشم، راشد بن عميرة، مختصر فاكهة ابن السبيل، دراسة وتحقيق: عبدالله بن علي السعدي، وزارة التراث والثقافة، 2016م، ص42.

([33]) هو أحمد بن ابراهيم الجزار القيرواني، وذكره البعض باسم أحمد الجرمان، ولد بالقيروان ومات فيها عام 395هـ/1004م، له عدة مؤلفات من بينها الكتاب المشار إليه أعلاه، وعنوانه كاملا (زاد المسافر، وقوت الحاضر)، ترجم إلى اللاتينية و جزء منه إلى اليونانية، عبابنة، سليم، معجم أعلام الطب في التاريخ العربي الاسلامي، ج1، دار البيروني، عمّان، 2010م، ص29. 

([34]) هو عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي (508 – 597هـ / 1114 – 1201م)، عالم في التاريخ والحديث، ولد وتوفي ببغداد، له نحو 300 مؤلف، الزركلي، المصدر السابق، ج3، ص316-317.

([35]) الخروصي، مهنا بن خلفان، آل هاشم الرستاقيون ومكانتهم العلمية، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، ص148.

([36]) أفرد أحد الباحثين في بحثه عن الطبيب راشد بن عميرة مبحثا كاملا عن التقاطع الكبير بين طب ابن سينا في كتابه القانون في الطب، والطب الذي مارسه راشد بن عميرة وما أوردع تحديدا في كتابه فاكهة ابن السبيل. وهذا يفسر لنا العمق والثراء المعرفي الذي نجده في مؤلفات ابن هاشم، واطلاعه على أهم المؤلفات الطبية لابن سينا؛ للمزيد ينظر: الفارسي، عبدالعزيز، قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل للطبيب راشد بن عميره بن ثاني العيني الرستاقي العماني، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، ص125.

([37]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الديات، حديث رقم (4586)؛ أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، ج4، دار الحديث، القاهرة، 1988، ص194. 

([38]) رواه أبو داود في المراسيل في كتاب الطهارة، باب الطب، رقم الحديث ( 451 )؛ أبو داود، سليمان بن الأشعث، المراسيل، تحقيق: شعيب الأرؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408هـ، ص319. 

([39]) لم يذكر الطبيب راشد بن عميرة في مؤلفاته أيّ كتاب من كتب (أبقراط) التي استفاد منها، ويرجح الدكتور وليد محمود خالص أن يكون كتب (الفصول) لأبقراط من الكتب التي استفاد منها ابن هاشم، وخاصة في كتابه (فاكهة ابن السبيل)، وتشريح جسم الانسان، ويعلل ذلك للتقارب الشديد في مواضيع الكتابين، وطريقة العرض؛ خالص، وليد محمود، لمحات منهجية وأدبية في مؤلفات الأطباء آل هاشم: الطبيب راشد بن عميرة أنموذجا، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، ص90.

([40])ابن هاشم، راشد بن عميرة، ( حي سنة 1019ه/1610م)، أرجوزة في الطب، دائرة المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، رقم (700)، ص141ب. وسيشار إليه عند وروده لاحقًا: ابن هاشم، أرجوزة في الطب، رقم (700). 

([41])ابن هاشم، أرجوزة في الطب، رقم (700)، ص 141ب.

([42])ابن هاشم، أرجوزة في الطب، رقم (700). ص 159 أ.

([43])وقد توصلنا إلى ذلك من خلال المفاهيم والمصطلحات المتشابهة، انظر الملحق المتعلق بنماذج من المفاهيم والمصطلحات.

([44])انظر: أبو بكر الأزرق، ابراهيم بن عبدالرحمن، تسهيل المنافع في الطب والحكمة، جزآن، وزارة التراث والثقافة، ط2، مسقط، 2015.

([45])ابن هاشم، أرجوزة في الطب، رقم (700)، ص155 أ.

([46]) توجد ورقة علمية نشرها المنتدى الأدبي ضمن أعمال ندوة من أعمال الطب في عمان في القرنين التااسع والعاشر الهجريين، قام بها أحد الأطباء، حملت عنوان: "التطبيقات الطبية في مؤلفات راشد بن عميرة"، وهذه الورقة تعتبر نموذج رائع في محاولة فهم ومقارنة ما كتبه الطبيب راشد عميرة مع الطب الحديث، والتطبيقات والأسس والمبادئ التي قام عليها الطب العربي في مؤلفات الطبيب راشد بن عميرة، والعلوم الطبية الأساسية في مؤلفاته، وهذه الورقة تؤسس لأعمال بحثية أكثر تعمقا لفهم ما كتبه هذا الطبيب، والنظر لمؤلفاته، على أنها مادة علمية في مجال الطب يمكن الاستفادة منها، وليس فقط على أنها تراث  فكري؛ الهنائي، علي بن طالب، التطبيقات الطبية في مؤلفات راشد بن عميرة الرستاقي، ندوة من أعلام الطب في عمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ط2، مسقط، 2012م، الصفحات 29 – 54.