كلمة العدد
تاريخ نشر البحث :2024-01-15
اشتغل مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانيّة منذ نشأته على إقامة المشاريع البحثية والعلميّة المتعلقة بالعلوم الإنسانية عمومًا، وبعُمان وإرثها الخالد على وجه الخصوص، ومن المشاريع البحثية التي سعى المركز لتحقيقها ندوة " إسهامات العلماء العمانيين في الطب والعلوم" وذلك بالتعاون مع مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية، التي كشفت بأوراقها العلمية عن مدى اهتمام العالِم العُماني بالطب والعلوم الأخرى كالفلك والزراعة والتعدين والملاحة، فأوضحتْ مدى اهتمام العالِم العُماني بذلك، من خلال دراسة المنجز والمخطوط.
ومن خلال البحوث التي أُنجزت تكشف الندوة أنّ العمانيين أسهموا عبر التاريخ في الطب والعلوم الطبيعية، مثل الفلك والمناخ والكيمياء، فظهر منهم علماء أثروا التجربة البشرية بالعديد من الكتب التي كانت تعدُّ في زمانها إنتاجا علميا فريدًا ومفيدًا، فأبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري العماني الملقب بابن الذهبي (ت 456هـ) كان أحد الأطباء البارزين في القرن الخامس الهجري، وصفه معاصروه ومن جاء بعدهم، مثل القاضي صاعد الأندلسي وظهير الدين البيهقي، بأنه أقوى أهل زمانه في مجال تخصصه، مطَّلع على ما كتبه العلماء في الطب والفلسفة والكيمياء، وله إسهامات جديدة في علم التشريح والدورة الدموية والعينين مشيرا إلى أن كتابه (الماء) يعد من أهم المعاجم الطبية، ولم يسبقه أي كتاب جمع بين المعاني اللغوية والطبية.
وبالنظر إلى عالم اليوم نجد عددًا من المختصين المعاصرين اهتموا بالتراث العلمي للعلماء العمانيين في الطب والعلوم الطبيعية، فتوجه بعضهم إلى دراسة وطباعة ونشر المخطوطات التي تركها أولئك العلماء، وأُقيمت بعض الندوات ونُشرت بعض الدراسات في هذا المجال، ولا يزال هناك متسع لمزيد من الدراسات والبحوث والندوات للكشف عن كثير من الجوانب التي لم تتطرق إليها الجهود السابقة أو لم تعط حقها من الدراسة والاهتمام، ومن هذا المنطلق يأتي هذا المشروع ليسلط الضوء على ما قدمه العلماء العمانيون في مجال الطب والعلوم الطبيعية، والجهود المبذولة رسميًّا وأهليًّا لإحياء هذا التراث والتعريف به واستدامته.
فماهية مشروع "إسهامات العلماء العمانيين في الطب والعلوم الطبيعية" إلى "دراسة المخطوطات العُمانية في الطب والعلوم الطبيعية وتحقيقها ومحاولة طباعة غير المطبوع منها واستجلاء المناهج العلمية في مؤلفات العُمانيين في الطب والفلك والمناخ وعلوم البحار ودراسة أنطولوجيا وأبستمولوجيا، وأخلاقيات المعرفة في كتابات الأطباء العُمانيين وتطبيقاتها المُعاصرة، وإبراز الطب التقليدي العُماني على أسس معرفية، وتأصيله بمنهجيةٍ علمية بشكل مواز للطب الصيني والطب الهندي وغيرهما، ودراسة مدى انتشار الطب التقليدي العُماني والمناطق العُمانية التي لا تزال تمارس هذا النوع من الطب، ومعرفة درجة وعي الناس في هذا الموضوع ودراسة الأدوية المستخرجة من البيئة العُمانية البرية والبحرية، التي ثبتت نجاعتها علميًّا في العلاجات والاختراعات الطبية، مثل: القاو واللبان وأعشاب البحر والقشريات المستعملة في مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.
أخيرًا يخرج هذا المشروع في بحوث محكمة تنشر ها هي في عدد خاص من مجلة الخليل للعلوم الاجتماعية التي يصدرها مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى لتصل للباحثين والمهتمين بهذا المجال، على أمل أن يتبع هذا العدد أعدادًا خاصة أخرى في مجالات مختلفة تخدم الباحث العماني وتسعى جاهدة لإنتاج العلم وتنميته.