بسم الله الرحمن الرحيم

ملحص البحث : 

تبحث الورقة في مبدأ التعايش عند العمانيين وشموليته لكل مناحي الحياة، وسيقتصر البحث على تشكّلاته المعرفية الدينية في وسائل الإعلام، وهي أحد تطبيقاته المهمة، ففي بداية السبيعينيات سيصل جلالة السلطان قابوس إلى الحكم، وسيبدأ مشروعه الأول عبر التوعية الإعلامية بأهمية النهضة الحديثة وضرورتها الحضارية، وستكون الجوانب الدينية والفكرية ركيزة ضرورية في بناء هذا الوعي، وإدراك الحقائق، وحيث إن مبدأ التعايش أصيل في الفكر العماني، فإن وسائل الإعلام جميعها ستشترك في ترسيخه عبر التنوع المذهبي والفكري في برامجها، واستقطاب علماء متخصصين من مختلف المذاهب المكونة للمجتمع العماني، كما أن المواضيع التي تعالج القضايا المعرفية ستكون بعيدة عن التحيزات المذهبية أو الأطروحات الإثنية، وفي البحث مرور سريع على تشكيلة البرامج الدينية في الإذاعة والتلفزيون خلال عامين، كنموذج لتأكيد فاعلية هذا المبدأ وصدقه العملي.  

The paragraph discusses the principle of coexistence among Omanis and its inclusivity in all aspects of life. The focus is on the religious and knowledge formations in the media, particularly as an important application. In the early seventies, Sultan Qaboos came to power, initiating his first project through media awareness about the importance and cultural necessity of modern renaissance. Religious and intellectual aspects will be essential in building this awareness, rooted in Omani thinking. All media outlets will participate in reinforcing it through diversity in their programs, incorporating various religious and intellectual perspectives. The inclusion of specialized scholars from different components of Omani society will contribute to this, and topics addressing cognitive issues will steer clear of religious biases or ethnic arguments. A brief review of religious programs on radio and television over two years is presented as a model to confirm the effectiveness and practicality of this principle.

الكلمات المفتاحية : الإعلام، الخطاب، التعايش، البرامج

مقدمة :

     إن موضوع التعايش موضوع شائك عبر التاريخ، فكثيرا ما تواجه البشرية أزمة في هذا المصطلح تنظيرا وتطبيقا، فمن يقبل به كلغة تفاهم وتآلف بين شركاء الوطن سيعمد إلى تفسيره بالطريقة التي تحتفظ له بقدر من السلطة والتعالي على الشريحة التي تشاركه العيش والتراب، ومنهم من ينادي به تنظيرا ويخالفه تطبيقا، ولذلك احتاجت الأمم المتحدة عبر منظمة اليونسكو إلى إعلان  يوم 16 من نوفمبر عام 1995م يوماً عالميا للتسامح. يعالج هذا الإعلان العنصرية الطاغية في أرقى الدول تقدما، وربما يكشف من طرف خفي اعتماد بعض الدول مبدأ الوئام والتسامح بوصفه نوعا من الاستراتيجية السياسية التي نبه إليها كوندروسيه بقوله: "إنه في البلدان التي كان يستحيل فيها على دين معين قمع الديانات الأخرى، قام ما أسمته عجرفة الديانة المهيمنة بـ”التسامح” أي رخصة يعطيها أناس لأناس آخرين تمكنهم من الاعتقاد فيما يقبله عقلهم، والعمل بما تمليه عليه ضمائرهم"(الجابري،1997،ص.27)

     ولعل أبرز قضية تلعب دورا مزدوجا في العالم المعاصر هي الإعلام،  الوسيلة الخطيرة التي أصبحت تعمل في اتجاهين:

 الأول : تشكيل الرأي العام تجاه القضايا المختلفة .

 والثاني : تنفيذ السياسات التي ترومها الطبقة المهيمنة سياسيا اقتصاديا . 

     وفي كل الأحوال فإن الإعلام أصبح الناقل الرسمي لكل محاولات التجزئة والعنصريّة والطائفيّة والعرقيّة في كثير من البلدان؛ لا لأن المجتمع الذي ينشط فيه يعيش حالة من عدم التعايش أو أن الأديان لا تقبل التعايش أصلا ولكن لأن الطبقة الحاكمة ترى أن ديمومة وجودها على كرسي الهيمنة لا يتم إلا بهذا النوع من الإثارة، وقد تساءل الكاتب الفرنسي بورديو عن الجهة التي تحرك سياسات التفلزيون "أيهما يتحكم في الصورة الإعلامية، أصحاب النفوذ السياسي أم المثقفون أم رؤوس الأموال والنظرة التجارية للتلفزيون ؟!!" ثم توصل في نهاية بحثه – كما لخصته بعض المواقع[1]- إلى هذه النتيجة " إن المضمون المقدم في التلفزيون يؤثر في الجمهور بشكل كبير وأن هنالك متخصصين بصياغة الأحداث و تقديمها عبر الشاشة بشكل يستحوذ على انتباه المشاهد و يزرع فيه عواطف ناتجة من طريقة عرض الحدث، وبذلك يسيطر على تفكيره ويكوّن وجهة نظر معينة تتناسب مع الجهة المهيمنة، وأن  هذه الجهة هي السلطة السياسية، فهي المستفيد الوحيد من تلاعب التلفزيون في عقول المشاهدين لتحكم  سيطرتها على الرأي العام وعلى المجتمع ككل"(بورديو،2010،ص.46).

   أهداف البحث :

يشتغل والبحث الذي بين يدي القارئ على الإعلام العماني ونظريته في التعايش المذهبي والعرقي كنموذج للتعايش والوئام الإنساني، والمقادير التي حققها خلال خمس وأربعين سنة منذ انطلاق النهضة في 23/7/1970م. ويعد مرحلة تمهيدية للحديث عن مبدأ حوار الحضارات وتعزيز العلاقات الإنسانية بين بني البشر، وما دام النجاح قد تحقق على مستوى تعدد الأفكار الداخلية، فإن نجاحه مع الآخر المختلف سيكون سهلا جدا.  

ولذلك فإن البحث يحقق الأهداف التالية : 

1. التعريف بالتعايش الديني في الإعلام العماني، منذ انطلاقته في بداية عصر النهضة، والآثار والنتائج التي حققها على مستوى اللحمة الوطنية. 
2. التأكيد على أن الإعلام العماني يستمد رؤيته السياسية والدينية من الإرث العماني الأصيل، والمستمد هو الآخر من الدين الإسلامي الحنيف. 

    الدراسات السابقة : 

   ظلت عمان بعيدة عن كثير من الدراسات السياسية والفكرية التي تبحث في جوانبها المختلفة؛ ربما لأنها لا تحاول أن تفرض نفسها في الوسط الثقافي المؤدلج، ولا السياسي المشحون بالمصالح الخاصة، كما أنها مرت بأول تجربة إسلامية مع العالم الغربي المتمثل في الغزاة البرتغاليين، ومن بعدهم مع البريطانيين، واستجمعت  خلال هذه التجربة معرفة ممتازة في طريقة التعامل مع النوايا والخطط الاستعمارية، وطريقة توظيف الأحلاف والأصدقاء لتحقيق مصالح الأعداء. وقد كان ذلك كافيا لاتخاذ كافة الخطوات التي تجنبها الاصطدام المباشر دون استعداد، وأيضا استعمالها وسيلة لتحقيق السياسات الاستعمارية والمتلونة. 

      ومع وجود كتابات خجولة حول الجوانب السياسية؛ ظل الإعلام العماني المتميز مفتقرا إلى دراسة تخصصية تشرح دوره في ترجمة الوعي الديني والثقافي، وتشكيل العقل الجمعي المتعايش من جهة، والمتفهم للتراكم السياسي والمعرفي المكتسب منذ منتصف القرن الأول الهجري من جهة أخرى، وذلك عندما قرر أهل عمان أن ينأوا بأنفسهم عن الإثنيات التي تشكلت لاحقا في الأمة الإسلامية. وفيما يخص موضوع التعايش على مستوى الخطاب الديني في وسائل الإعلام فإنه لم يكتب في هذا الموضوع سابقا بحسب متابعتي للكتبات المتوفرة،  وتعتبر هذه أول دراسة تشرح الوعي المتقدم في نوعية الخطاب، وتعدديته المذهبية وابتعاده عن المواضيع المثيرة للطائفيات والنعرات. 

منهج البحث: 

يعتمد البحث على المنهج الاستقرائي، من خلال متابعة الكثير من البرامج الدينية في الفترة الواقعة بين 1970 – 2015 م واعتماد برامج 2014/2015 م نموذجا للتمثيل، كما يتعمد على المنهج الاستباطي من خلال اختبار مسلمة التعايش العماني المشهور - وهي أشبه بالقاعدة الكلية-  وافتراض وجوده على مستويات عالية في الإعلام العماني، ومن ثم استنتاج صحة المسلمة باعتماد المنهج التحليلي كذلك. وقد كشف البحث فعلا وبطريقة مهنية عن سياسةَ التعايش والوئام الإنساني في الإعلام العماني، والنتائج التي حققها منذ فترة انطلاقة وإلى اليوم. 

خطة البحث: 

سيكون الحديث في مبحثين  : 

1. المبحث الأول : معنى التعايش ونظرياته عبر التاريخ ( مختصر )

وفيه تمهيد ومطلبان :  

المطلب الأول : أسباب تميز أهل عمان بالتعايش 

المطلب الثاني : السياسة الإعلامية منذ بداية النهضة 

1. المبحث الثاني : تطبقات التعايش في الإذاعة والتلفزيون

وفيه ثلاثة مطالب: 

المطلب الأول : الإعلام الديني في الإذاعة ( 2014، 2015 م) نموذجا

المطلب الثاني : الإعلام الديني في التلفزيون ( 2014، 2015 م) نموذجا

المطلب الثالث : المحطات السياسية الداخلية وتعامل الإعلام معها .

   وعلى الرغم وجود جوانب تعايش أخرى في الإعلام العماني فإنني سأقتصر على هذه العناوين وتبقى فرصة البحث متاحة لكل من يجد الأهمية لبحث الجوانب الأخرى، أو يمكن أن يجدد البحث حول هذه القضايا كلها. والله ولي التوفيق .

تمهـــــــــيد :

التعايش : 

    العيش لغة: الحياة ، وعايَشَه عاشَ مَعه كقوله: عاشَره . قال قَعْنب بن أُمّ صاحب: وقد عَلِمْتُ على أَنِّي أُعايِشُهُمْ لا نَبْرَحُ الدهرَ إِلا بَيْنَنا إِحَنُ ( ابن منظور،2004، مادة عيش، ج 6 / ص 321)

وجاء في المعجم الوسيط: تَعايَشَ يتعايش، تعايشًا، فهو مُتعايش 
تَعايَشُوا :  عاشوا على الأُلفة والمَوَدَّ .تعايش النَّاسُ: وُجِدوا في نفس الزَّمان والمكان(الوسيط،2004، مادة عيش، ج 2 / ص 189)

واصطلاحا: مُجْتَمَعٌ طَائِفِيٌّ يَعِيشُ أَهْلُهُ فِي تَعَايُشٍ وَوِئَامٍ : يَعِيشُونَ فِي تَسَاكُنٍ وَتَوَافُقٍ دَاخِلَ الْمُجْتَمَعِ عَلَى الرَّغْمِ مِنِ اخْتِلاَفِهِمُ الدِّينِيِّ وَالْمَذْهَبِيِّ.

التَّعَايُشُ السِّلْمِيُّ: تَعْبِيرٌ يُرَادُ بِهِ خَلْقُ جَوٍّ مِنَ التَّفَاهُمِ بَيْنَ الشُّعُوبِ بَعِيدًا عَنِ الحَرْبِ وَالعُنْفِ.

أما التسامح فهو مصدر تَسَامَحَ. ومِنْ صِفَاتِهِ التَّسَامُحُ :  التَّسَاهُلُ ، الحِلْمُ ، العَفْوُ.

التَّسامُح الدِّينيّ: احترام عقائد الآخرين (الوسيط،2004، مادة عيش، ج 2 / ص 189)

    وفي تعريف منظمة اليونسكو: " التسامح ، هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال تعبيرنا الذاتي  وطرق تجلي التفرد الأنساني، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية التعبير والضمير والمعتقد  .التسامح - هو الحرية والتناغم  في التنوع. وهو ليس واجبا اخلاقيا فحسب ولكنه حاجة سياسية وقانونية .التسامح فضيلة تيسر تحقيق السلام ويسهم في احلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب" (الدورة 28 ،1995) ، وقد حدد الإعلان ست مواد للتسامح تناقش معناه في بعده الاجتماعي والدولي والتعليمي وغيره. 

    أُفضّل دائما كلمة التعايش عن التسامح لان مدلول الثانية يدل على وجود خطأ نتسامح فيه. والحقيقة أنه ليست لدينا أخطاء بالمعنى الفقهي حيث يتعدد الحق حتى مع وجود الخطأ،  وإنما لدينا وجهات نظر تتعدد في المسالة الواحدة؛ وهو يمثل ثراءً فكريا وليس تنافرا طائفيا. والعقلاء -بعيدا عن تدخّل السياسات- يستوعبون هذا الاختلاف في إطار ما تسمح به الشريعة من تعدد الآراء في المسألة الواحدة، ويتسامحون - بدافع من الدين نفسه - في الاختلافات العقدية؛ نظرا لعدم جواز تعدد الحق فيها.

 ولذلك يسمح التعايش أن يأخذ كل واحد حقه كمواطن بينما يصبح التسامح منّة أحيانا، وهو ما أكده توماس بين: "ليس التسامح مضاد للاتسامح، بل هو تزييف له، فكلاهما ضرب من الاستبداد. أولهما يعطي نفسه حق منح حرية الضمير، والثاني يخول لنفسه حجبها"(الجابري،1997،ص.27)

     إن التعايش يعني القبول بالآخر كلا وليس جزاء، ليس لأنه جزء من الوطن، يشترك مع الآخرين في ترابه وثروته؛ ولكن لأنه أيضا يحتفظ بمعتقداته وآرائه الفكرية دون مصادرة، وعلى الطرف الآخر أن يقبل بها كنوع من ممارسة حرية المعتقد في الرقعة الواحدة؛ ولذلك فإن محاولة تصوير التعايش على أنه القبول بفكرة العيش المادي في ظل مجموعة مهيمنة فكرية؛ سيظل معرضا لخروقات كثيرة وستمر من خلاله مجموعة من المضايقات للطرف الآخر؛ لأن المحرك الأساس ليس القبول بفكرة التعايش السلمي كحق من حقوق الإنسان الدينية والسياسية، وإنما كنوع من الاستقرار داخل دولة يهمين عليها قطب واحد مستبد، ومتمكن في الوقت نفسه من استخدام كل وسائل التجزئة الأخرى المندرجة تحت مفهوم الإثنية لإضعاف الطرف الآخر إذا لزم الأمر. كما أن الطرف الأضعف قد يتسامح بسبب ضعفه، وينتظر الفرصة التي تسمح له برد الاعتبار والسيطرة على الآخر، وإلغاء كل أشكال التسامح التي كان ينادي بها أيام ضعفه، وفي هذا يقول برات: " الاحترام الذي يجب أن يشمل الآراء التي لا تتفق معه، ذلك لأننا نتسامح مع ما لا نقدر على منعه، والذي يتسامح ما دام ضعيفا يحتمل جداً أن ينقلب إلى لامتسامح عندما يزداد قوة" المحرمي،فقرة3).

      ولكن حينما تتعادل القوى في البلدان المتعايشة يصبح توازن الرعب هو المسؤول عن حالة الانسجام والتعايش الفكري والسياسي، وقد تكون المصلحة المشتركة أحد هذه التوازنات أيضا، فلو أخذنا مثالا على ذلك الدولة الدينية (إسرائيل) يتعايش فيها تياران متغايران تماما: ديني وعلماني، يمتلك كل واحد منهما قدرة على التأثير في الآخر، ويتعادلان من حيث القوى السياسية والاقتصادية،  فتعايشا كنوع من القبول بالوضع الراهن وهو مجرد تفاهم عملي فقط، تتحكم فيه توازنات القوى بين الفريقين الديني والعلماني واللاديني. وقد نظّر لذلك مارتن بوبر وهو يُعَد من أتباع الصهيونية الإثنية العلمانية، بتأكيده أن إسرائيل شعب وأن القومي والمقدَّس يتداخلان في حالته تداخلاً تاماً. ولقد " تلقَّى إسرائيل الشعب وحياً دينياً في سيناء، ولكن روح هذا الدين هي روح قوميته. ولا يختلف الوحي الذي تلقاه موسى من الرب عن الروح القومية للشعب. وهكذا يذوب الشعب في الإله ليكوِّنا كلاًّ واحداً غير متمايز، فلقد حل المطلق في النسبي حلولاً كاملاً، كما ابتلع النسبي المطلق ابتلاعاً كاملاً، ولذلك فإن في وسع اليهودي أن يعي الإله بأن يعي نفسه، أو كما قال الحاخام كوك: إن روح إسرائيل وروح الإله هما شيء واحد"( المسيري،1999،ج 20 / ص 245).

     وهذا النوع من التسامح المصلحي عجزت عن تحقيقه تنظيرات جامعة الدول العربية على المستوى الديني والقومي معا، رغم انطلاقها من فكرة التسامح الديني الذي يتفق عليه المسلمون جميعا، فقد جاء في المادة الثالثة في الميثاق العربي المنبثق من الجامعة  : 

* تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل لكل شخص خاضع لولايتها حق التمتع بالحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق من دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المعتقد الديني أو الرأي أو الفكر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو الإعاقة البدنية أو العقلية.

* تتخذ الدول الأطراف في هذا الميثاق التدابير اللازمة لتأمين المساواة الفعلية في التمتع بالحقوق والحريات كافة المنصوص عليها في هذا الميثاق بما يكفل الحماية من جميع أشكال التمييز بأي سبب من الأسباب المبينة في الفقرة السابقة.(الميثاق العربي،16/2004). 

     لكن هذا سرعان ما انسحب من ميادين الواقع أثناء وبعد الربيع العربي؛ فظهرت على السطح النزعة الطائفية، وتدخلت الدول في سياسات بعضها تدخلا تكلّمت فيه آلة الحرب بصوت صاخب، واستخدم التهييج الطائفي وقودا لهذا الخرق، واستمر الدعم المتواصل لاستبقاء الصراع من أجل الهيمنة وليس من أجل التعايش. 

    وهذا الوضع المؤسف أثار تساؤلا عن إمكانية نجاح الغرب في تحويل الصراع المرتقب بين الإسلام والغرب حسب تنظيرات برنارد لويس(2018)، وصمويل هانتنجتون (1999) إلى صراع إسلامي إسلامي، وهو كاف لإزالة القلق مدة طويلة عن الغرب، لأن التسامح بين الفئات المتصارعة على أساس ديني سيكون صعبا للغاية (القصص،2010،ج 1 / ص 5)، وقد قدم برنارد لويس نفسه حلا يجعل من الحضارة الغربية قدوة بالطواعية أو الإكراه: «لقد كانت عادتنا التي تعوّدناها في العالم الغربيّ هي: كلّما اتّجه الشرقيّون إلينا كلّما ازداد تمسُّكنا بالغرب لنجعل أنفسنا مثالاً للفضيلة والتقدُّم. فإذا تشبّهوا بنا عددنا ذلك أمراً حسناً، وإذا لم يكونوا كذلك عددنا ذلك سوءاً وشرّاً. فالتقدّم هو في التشبّه بنا، أمّا إذا لم يقتدوا بنا فذلك هو التقهقر والاضمحلال!! إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك بالضرورة. فعندما تصطدم حضارتان تسيطر إحداهما وتتحطّم الأخرى. قد ينبري المثاليّون والمفكّرون فيتحدّثون بطلاقة وسهولة عن تزاوج بين أحسن العناصر من الحضارتين، إلاّ أنّ النتيجة العاديّة في هذا التلاقي هي تعايش بين أسوء العناصر من الاثنين»(القصص،2010،ج 1 / ص 5). وهي النظرية التي ارتاح إليها فوكوياما لاحقا عندما أعلن نهاية التاريخ بسيطرة الحضارة الغربية.

     إن الوضع في العالم الإسلامي اليوم يطرح بدوره تساؤلات مهمة، ما هو التعايش الذي ينادي به الإسلام، وهل يسمح تعريفه بالرضى عن تجاوزات الطرف الآخر في حق الآخرين وتسجيل أبشع صور الظلم، وإلى أي مدى سيعتبر ذلك شؤونا داخلية، ومن الذي سيتولى تحديد ما إذا كان الشريعة تفرض التدخل في هذه القضية أو تلك، ومن الذي سيكون المؤثر في مثل هذه الأحداث أهي المؤسسة الدينية أم السياسية؟ وهل يمكن أن تكون الأولى خاضعة للثانية (مجلة التسامح،رضوان،25/209).  

     يقدم أهل عمان إجابة واضحة ومستمرة عن هذه التساؤلات؛ فيتجنبون الوقوع في أمرين خطيرين: 

الأول : تنفيذ سياسة العدو المشترك .

والثاني : تسخير المؤسسة الدينية لخدمة المؤسسة السياسية (الخليلي،2014). 

المطلب الأول : أسباب التعايش عند العمانيين : 

      يمتاز أهل عمان بسمت أخلاقي كبير يتعامل مع أي معارض داخلي أو خارجي بالحكمة والموعظة الحسنة، ويبتعد عن "الإيذاء الحسي والمعنوي" ولذلك ينوه النبي ﷺ بهذه الخصلة الكريمة، فيقول لأحد رسله عندما رجع وقد أوذي حسيا ومعنويا: "لو أهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك" (مسلم،رقم/2544)، وظل هذا القدر من الأخلاق يتعامل مع الدعوة الإسلامية منذ بدايتها، فاستُقبلت رسالةُ النبي ﷺ طواعية وعن قناعة تامة، وظلت التبعية للخلافة الراشدة دون محاولة للاستقلال السياسي أو الإداري (رغم توفر الحكم الذاتي) بل شارك أهل عمان في الفتوحات الإسلامية بشكل مستمر، حتى عندما استقلوا إداريا وسياسيا لاحقا في زمن بني أمية والعباس(السالمي،2010). 

     وفي الشأن الداخلي كان التعامل مع جميع أطياف المجتمع العرقيّة والفكريّة بذات السمت الأخلاقي الكريم، واستعملت الحكمة والموعظة الحسنة بأبهى صورها في الإسلام، يتضح ذلك في نزعة الاستقلال التي تعامل بها أهل عمان مع الأمويين الذين سيطروا على عمان في الفترة من 85 – 99 هـ، والعباسيون وهم سنيون أيضا الذين سيطروا في فترات متقطعة ابتداء من 134 هـ (عبدالمنعم،2004، ص 81، 112) ثم القرامطة وهم شيعة مغالون احتلوا عمان في القرن الثالث الهجري. لقد كان التعامل مع المذكورين تعاملا سياسيا بحتا بنفس روح الاستقلال التي سمحت بالانفصال عن الدولة الأموية، فخلت الكتب العمانية المؤلفة في تلك الفترة وبعدها من أي إشارة طائفية، وتم استنهاض المجتمع العماني للتحرير باسم الحق الشرعي السياسي لأهل البلد، وليس باسم الطائفية. بل إن دولة فارس تدخلت في الشؤون الداخلية العمانية بطلب من سيف بن سلطان الثاني، وسيطروا على عمان عام 1149هـ (1737- 1744 م) وهم شيعة، وليسوا عربا أيضا، ومع ذلك فإن شيئا من النبرة العرقية والطائفية لم تكن موجودة في كتب ورسائل العمانيين الاستنهاضية آنذاك، ويمكن للقارئ أن يعود إلى الرسالة التي وُجِهَت إلى سيف بن سلطان الثاني من مشايخ عمان من دون ذكر أسمائهم مخافة البطش، حيث لم يرد فيها شيء من العبارات العنصريّة أو الطائفيّة (عقيل، 2015، ص 134، 135).

     كل ذلك حافظ على الموقف العماني المتزن من المخالفين، وحافظ على الإيمان الصادق الذي يرفض التمييز بين المسلمين على أساس المذهب، وهذا يعني بحسب الفقه السياسي العماني أن المسلمين وإن تنوعت مذاهبهم فإن اعتداء بعضهم على بعض يعد من البغي، وأن معالجة ذلك يتم بالصلح، فإن تعذر فبقتال الفئة الباغية حتى ولو كانت من نفس الطائفة، يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)﴾(الحجرات:9)، يفرد لذلك الإمام البسيوي(ت:385هـ) المعاصر للوجود العباسي في عمان بابا في مختصره ليكون دستورا لطلبة العلم قبل دخولهم في المطولات، ففي رسالة وجُّهت إليه تستفهم عن مشاركة المذاهب مع بعضها البعض في الجهاد: "ما تقول في الأمر الذي يوجد إذا ترك الناس كلهم الجهاد كفروا، فما معك أن تخرج تفسير هذا الأمر وما معناه، وما هذا الجهاد، وما هو جهاد المشركين؟ أم من كان يستحق الجهاد من المشركين، فهل يكون هذا واجبا ولازما ولا عذر فيه ولا مساغ؟ فما تقول في أهل هذا الزمان وهم كما تعلم؟ وهل تعلم أحدا من أهل القبلة قائما بشيء من ذلك في موضع من المواضع وقطر من الأقطار؟ فأحب أن تشرح لنا في هذا شرحا مؤديا إلى ما نلتمسه ونطلبه حتى لا يبقى بعد ذلك مستراد، ولا يحدث رأي، وأنت محسن متفضل إن شاء الله". 

   يجيب البسيوي : "فإن وجد قوّاما بالحق جاهد معهم، وإن لم يجد فهو على النية والدنيوية بذلك، ويوجب ذلك على نفسه في نيته متى وجد من يجوز معهم الخروج إلى الجهاد خرج وجاهد فرضا كان أو فضلا إن رغب في الفضل، ولا يخرج مع أهل الضلال، ولا يكثر الجهاد في انتهاك مالا يحل، ولست أعلم من أهل القبلة قائما بشيء من الجهاد على الوجه الذي أمر الله به ورسوله ﷺ"(البسيوي،2014، 26،27).

     والتوسع في هذا سيطول على حساب البحث، وإنما اقتصرنا على بعض الشذرات التي رشحت عمان لتكون دولة التعايش السلمي في العالم الإسلامي منذ فجر الإسلام وإلى اليوم. 

     وفي المجال الفكري فإن التعامل مع المخالف للعقيدة يتم بالحوار العلمي دون أدنى اعتبار للتفرقة، وسيكون الحوار من حق المخالف وليس من حق المناظر، صاغ هذه النظرة الإمام نور الدين السالمي -رحمه الله- :

ونحـن لا نطالب العبـادا *** فـوق شهادتيهـم اعتقادا 
فمـن أتى بالجملتـين قلنا *** إخـواننا وبالحقوق قمنا 
إلا إذا ما أظهـروا ضلالاً *** واعتقدوا في دينهم محالا 
قمنا نبين الصـواب لهـم *** ونحسبن ذلك مـن حقهم 
فما رأيته من التحــرير *** في كتب التوحيد والتقرير 
حل مسائل ورد شبــه *** جاء بها من ضل للمنتبه 
قمنا نــردها ونبدي الحقا *** بجهدنا كي لا يضل الخلقا 
لو سكتوا عنا سكتنا عنــــــهـم  ***   ونكتفي منهم بأن يسلـــــــــــــمـوا (السالمي،2014،ص.18)

      أما المخالف لعقائد المسلمين المتداولة، والمبتدع في الدين على غير أصل مقبول عند المذاهب الإسلامية؛ فإن التعامل معه أيضا سيتم بالحوار والمجادلة الحسنة مدة كافية، قبل أن يتخذ إجراءً جزائيّا ضده، وهو إجراء حسب المبدأ سيكون أيضا مرنا يحتفظ بحرية الشخص في العيش بعيدا عن مضايقة المسلمين، إذ لم يحدث في تاريخ عمان أن حكم على مخالف من هذا النوع بالإعدام كما كان يحصل في غيرها من البلدان ، لنأخذ على ذلك مثالا التصرف الذي قام به الإمام غسان بن عبدالله الخروصي ت: 207هـ مع " بقية " شخصية وفدت إلى صحار من خارج عمان، لم تكن لديه عقيدة ثابته، بل كان متذبذبا، فدعا إلى الزندقه، فأمهله الإمام أربعة أشهر ليأخذ مجالا للحوار والمناظرة فإن لم يتراجع يغادر البلاد(المنذري، 2015ص.270). 

  وظل أهل عمان يتبعون سياسة التعايش الراقي حتى مع غير المسلمين دون تسجيل موقف يطبع عليهم - أي غير المسلمين - علامة تمييز تفصل بينهم والمسلمين.

       وبعد هذه الجولة السريعة فإنه يمكن ردّ التميز الذي صنع الفارق التاريخي بين أهل عمان وغيرهم إلى شيئين مهمين : 

• لم يكن الاستقلال الذي اشتغل عليه أهل عمان قائما على الاعتبارات الإثنية سواء كان ذلك عرقيا أو مذهبيا . إنما كان مشروعا وطنيا خالصا لاحظه النبي صلى الله عليه وسلم في أهل عمان عندما أقر عليهم ملكيهم عبد وجيفر، ومثله فعل الخلفاء الراشدون، وسيكون من غير المقبول انضمام عمان لاحقا لأي دولة أخرى، عندما تتوجس خيفة على مفاهيم العدالة والتعايش، فلا تعتبر العدالة أساسا لملكها، حتى ولو كانت تبعية صورية. 
• وجود عقيدة لا تسمح بإقصاء الآخر أو قتله أو الاحتراب معه على أساس مذهبي أو غيره. وهو قدر تشتمل عليه كل المذاهب المتعايشة في عمان، لكن الذي تميزت به عمان هو وجود حكم قائم على الشورى، يراقب فيه أهل الحل والعقد حاكم البلاد وفق التعاليم الإسلامية النبيلة، ويلاحظون التزامه بهدي الخلافة الراشدة. 

المطلب الثاني: السياسة الإعلامية منذ بداية النهضة.

     كانت عمان قبل عام 1970 تنقسم على نفسها بشكل مخيف، فالإمامة كانت تنازع من أجل استبقائها مهيمنة على الجزء الداخلي من عمان، والثورة في ظفار التي اشتعلت في عام 1956م كانت تنادي باستقلال الإقليم عن الاسم الكبير عمان(عقيل،2007،ص.229) ، فكان على جلالة السلطان أن يبذل جهدا كبيرة لتوحيد هذه الصفوف ونظمها في سلك وطن واحد يسعى لبناء نفسه وصناعة تاريخه، وسوف يشترك من أجل هذا البناء كل أطياف المجتمع من مختلف مذاهبهم وأعراقهم، وهو ما يعني الاحتفاظ بنمط التعايش المتين بين أبناء الوطن دون اعتبار أي نوع من التمييز، وقد ظهر هذا في تشكيلات الحكومة المبكرة، ثم في الإعلام بشكل أوضح.

 كان الخطاب الذي أسس لهذا المفهوم ألقاه جلالة السلطان عند تسلمه للحكم عام 1970 م: " سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُّعَدَاءِ لمستقبل أفضل .. وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب "( كلمات وخطابات جالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم،2015)، ويستمر العمل بهذا النهج بحزم وإتقان طوال مسيرة النهضة، وبعد أربعين سنة، يصدر التقرير السنوي للحريات الدينية لعام 2010م الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، ليشيد بالسلطنة وفكر صاحب الجلالة السلطان المعظم في إطار التسامح، هو تأكيد لمشهد قائم رسّخ لمبادئ الحوار والاعتدال والفكر الحر المنفتح.

ويؤكد التقرير: أن سلطنة عمان لم تشهد وجود إساءة أو تمييز على أساس الانتماء الديني أو الاعتقاد أو الممارسة، وأن هناك ما لا يقل عن مليون شخص يعيشون جنبا إلى جنب مع العمانيين رغم اختلاف التبعية الدينية دون مشكلات تذكر( تقرير وزارة الخارجية الإمريكية عن الحريات الدينية 2010 م صدر من قبل السفارة الإمريكية في سلطنة عمان، الفقرة، 3).     

وبالنسبة للإعلام فقد تولى الحقائب الوزارية الخاصة به شخصيات تنتمي إلى مذاهب مختلفة، وتعمل جميعا بنظام واحد، كما تولى الظهور الإعلامي شخصيات مماثلة أيضا في جميع برامج الإذاعة والتلفزيون،  ولم تظهر طوال المسيرة الإعلامية أية انحرافات عن هذا النهج، وتم تسخير جميع البرامج لمساندة المشروع الوطني في التنمية والبناء، وغرس مبادئ الأخوة والتعاون على أساس الدين والمواطنة، ومن أجل هذا منع منعا باتا استخدام أي مصطلح مذهبي أو عرقي حتى في أوقات التأزم السياسي القائم على الاعتبار المذهبي كما حدث في تنظيم الشيعة 1987 م، والإخوان المسلمين 1994م، والإمامة 2005م. وسوف نبين هذا لاحقا بحول الله . 

     وقد تم هذا من الناحية التطبيقية طوال المسيرة الإعلامية بسبب الحزم الشديد في تطبيق هذه المبادئ المتفقة أصلا مع الفقه السياسي عند العمانيين، يؤكد ذلك وزير الإعلام الحالي الدكتور عبد المنعم الحسني في الدورة العادية السادسة والأربعين لوزراء الإعلام العرب في إجابته عن الأثر الإعلامي في غرس قيم التسامح:" إذا التزمت كل الوسائل الإعلامية العربية بالقرارات الصادرة مع الالتزام بمبادئ الإسلام الحنيف لرسم صورة الحضارة الإسلامية الناصعة في نشر القيم ومبادئ التسامح والاعتدال"(عبدالمنعم،فقرة2)

       أما من الناحية النظرية فإن اللائحة المنظمة للعمل الإعلامي والتي تتبناها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حاليا تضع استراتيجية التعايش التالية :  

• تعزيز وترسيخ قيم ومفاهيم المشاركة المجتمعية الفعّالة القائمة على التسامح، والحوار، واعتماد الوسطية في تفعيل ذلك.
• تعزيز، وترسيخ قيم الإنتاج لدى المواطنين وخاصة الشباب، واحترام جميع المهن والأعمال.
• تعزيز قيم التكافل الاجتماعي من خلال تنمية الإحساس لدى المواطن بأنه جزءٌ من كيان المجتمع لا ينفصل عنه، وأن أي جهد يبذله تعود نتائجه بالخير على المجتمع وأسرته وشخصه.( وثيقة الاستراتيجية الإعلامية بالهيئة)

المبحث الثاني : تطبقات التعايش في الإذاعة والتلفزيون

المطلب الأول : التعايش الإعلامي في الإذاعة : 

     انطلقت إذاعة سلطنة عمان في الثلاثين من يوليو 1970م، أي بعد أسبوع واحد من انطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة 1970 م ، وكان ذلك ضروريا لبداية المشروع النهضوي الجديد بقيادة جلالة السلطان قابوس، وقد كانت الحاجة إلى إنشاء الإذاعة في بدايات حكم السلطان ضرورية لأمرين : 

أولا : لمواكبة مشروع النهضة في كل تفاصيله. 

ثانيا : تهيئة المجتمع العماني لقبول مشروع الوطن الواحد، والتصدي للتيارات الأخرى التي كانت تنشط سياسيا وفكريا آنذاك، وقد كان بعضها يمتلك إذاعة خاصة، مثل ثورة ظفار. 

     وقد أعلن جلالة السلطان نفسه عن هذا الهدف بقوله في خطاب عام 1970م : " إن لدينا الآن محطة إذاعية وهي التي أتحدث إليكم منها هذه الليلة، وقد أمرنا الحكومة أن تجري مسحا لاحتياجات البلاد لإذاعات الراديو والتليفزيون، لا لمواجهة الاحتياجات الترفيهية المشروعة فحسب، بل لما هو أهم ألا وهو أن نجلب لشعبنا فوائد التعليم العام."(خطابات،2015).

      انطلقت الإذاعة تحت وصاية وزارة الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل وبرئاسة محمد بن عبدالله الطائي الوزير المسؤول آنذاك، فتنوعت برامجها الدينية والثقافية والسياسية والترفيهية. وما يعنينا هنا هو البرامج الدينية وقدرتها على صناعة جو من التعايش بين أفراد المجتمع ذات التنوع المذهبي والسياسي. 

      لا تعتمد الإذاعة نسبة حصصية للمذاهب الإسلامية في المشاركة البرامجية، وإنما حسب الطلب المقدم من أي واحد منهم باعتبار أنهم مواطنون عمانيون وليسوا أصحاب مذاهب، إلا أنه يجب على كل مشارك أن يلتزم بأخلاق الإعلام العماني، بحيث يعتبر نفسه جزءا من الوطن وليس جزءا  من الفكر، ولهذا السبب فإنك تجد أحيانا غلبة مذهب على آخر من حيث المشاركة، كما في التلاوات القرآنية، حيث تبث الإذاعة تلاوات قرآنيه لقراء مشاهير على مستوى العالم الإسلامي وهم لا ينتمون إلى المذهب الإباضي حتما.

     وتظهر هذه الصفة أيضا في بعض البرامج الدينية ذات الطابع الدارمي الإسلامي، حيث يتم شراء معظمها من مصر ومن بلدان الشام، ومنها أيضا برامج التفسير، كتفسير الشيخ الشعراوي، وكلمات ومعاني من القرآن الكريم للشيخ عبدالرحمن البدري، وبرامج التفسير التي يتم إعدادها بشكل درامي كتفسير جامع البيان للقرطبي. 

     ولم تبث الإذاعة تفسيرا للإباضية سوى تفسير سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، المفتي العام للسلطنة. ويلاحظ على هذا التفسير أيضا خلوه من أي نزعة مذهبية، واعتماده على المقارنة بين أقوال المفسرين من مختلف المذاهب قديما وحديثا، أما بقية البرامج المستوردة في التفسير والجوانب الدينية الأخرى فتتم مراقبتها لحذف المواضع التي تتحدث عن المذاهب أو تتدخل في عقائدها، والإبقاء فقط على المشترك المذهبي والعلمي. بغض النظر عن الانتماء المذهبي لمقدم البرنامج أو معده، فالجميع لابد أن يعمل وفق الإطار التعايشي للبلد ويحترم مكوناته الثقافية والدينية. .

أما البرامج الدينية المباشرة مع الجمهور، فيتنوع المشاركون فيها مذهبيا، وفق السياسة التعايشية أيضا.

ومنذ عام 1997 م، حيث بداية النضوج العلمي لدى أبناء النهضة شارك في البرامج الدينية الإذاعية كل من : 

1. الشيخ عبدالرحمن البدري – مصري
2. الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي
3. الشيخ عبدالغفار الباز- مصري
4. الشيخ د. صالح بن أحمد الصوافي 
5. الشيخ إبراهيم بن ناصر الصوافي 
6. الشيخ خالد الخوالدي 
7. الشيخ يوسف بن عبدالله البلوشي 
8. الدكتور إحسان صادق اللواتي 
9. الشيخ هلال بن علي اللواتي
10. الشيخ عبدالرحيم الشيزاوي 
11. الشيخ مسلم بن علي المسهلي 
12. الدكتور إبراهيم بن حسن البلوشي 
13. الشيخ جابر بن علي السعدي 
14. الدكتور مبارك بن عبدالله الراشدي
15. الدكتور مبارك الهاشمي
16. الدكتور علي اللواتي 
17. الشيخ محمود العدل الشربيني – مصري 
18. الشيخ محمود غريب – مصري
19. الشيخ عبدالرب اليافعي 
20. الشيخ حسن الفارسي 
21. الشيخ عتيق الفلاسي 
22. الشيخ عبدالعزيزالعوضي 
23. الدكتور سليم أولاد ثاني 
24. الدكتور راشد الحارثي 
25. الدكتور محمد بن سالم الحارثي 
26. الشيخ عبدالله الشحري
27. الشيخ ناصر الزيدي
28. الشيخ زاهر العبري
29. الشيخ عبدالله العيسري
30. الشيخ حمد الهاشمي 
31. الشيخ عبدالله بن سعيد المعمري

     والقائمة طويلة ومعظمهم أيضا شارك ولا يزال في التلفزيون، لكن الملاحظ هو التنوع المذهبي في العطاء الديني. كما أن هذه الشخصيات تمثل مراجع فقهية في أوساطها الفكرية، مما يعني أن الإعلام العماني يسعى إلى تعريف المجتمع بمراجعه أولا، وزيادة التأثير القيمي والأخلاقي في أوساط المتابعين، كلٌ حسب الشخصية التي يرتاح إليها، وهذا يعزز مفهوم أن الوطن للجميع وأن النسيج الديني المتنوع أحد أركان هذه الوحدة، وأحد مكونات الوطن الثقافي والفكري .

  و لنأخذ على سبيل المثال عامي 2014، و 2015 م: 

البرامج الدينية للاذاعة العامه لعام 2014

البرامج الدينية في إذاعة القران الكريم لعام 2014

البرامج الدينية للإذاعة العامة لعام 2015

البرامج الدينية لإذاعة القران الكريم لعام 2015م

     يلاحظ على هذه الجداول الحاصرة للبرامج الدينية مشاركة جميع المذاهب الإسلامية في الداخل والخارج، ويلاحظ اهتمامها بالأخلاق والقيم والجوانب الإيمانية في مختلف تعاملات الإنسان، وليس فيها برنامجا واحدا يقع في منطقة الاختلاف بين المذاهب، والمتابع لهذه البرامج يجد ارتياحا تاما لخلوها مما يكدر صفوه الديني، كما أنه يرتاح أيضا لأن الفكر الذي ينتمي أيه يشارك رواده دون تحفظ أو مصادرة.

     إن هذا النوع من التعايش هو الذي يمكن للأوطان أن تهنأ فيه بعيش كريم وتتلاقى سواعد أبنائه على بنائه، وعلى تنمية حاضره وتعزيز مستقبله، كما أن كل واحد من هؤلاء يفتخر بانتمائه إلى هذا الوطن الكريم الذي يحترم ذاته وإنسانيته ومعتقده، وبالتالي يتولد لديه استعداد كامل للدفاع عنه بالسيف والقلم .

المطلب الثاني : البرامج الدينية في التلفزيزن: 

    رغم قلة البرامج الدينية في التلفزيون طوال العام - ما عدا شهر رمضان المبارك - فإن ما يقال في الإذاعة هو نفسه ما يقال في التلفزيون صوتا وصورة، ويدحض ما يمكن أن يظن بأن التعايش البرامجي مجرد مشاركة إذاعية يراعى فيها تعزيز الأمن القومي، بينما يمكن أن يكون التلفزيون واجهة أخرى.

والحقيقة أن التلفزيون يعزز جانب التعايش بشكل فصيح، ولا يدع مجالا لأي تكهنات أخرى. 

     ففي التلفزيون تتنوع البرامج الدينية من حيث المواضيع والفئات المستهدفة، ويتوزع الشيوخ حسب مذاهبهم وانتماءاتهم الفكرية لتقديم خلاصة علمهم وما منّ الله به عليهم.

ونأخذ مثالا على ذلك عامي 2014، 2015 م وفق الجداول التالية : 

البرامج الدينية لتلفزيون سلطنة عمان(القناة العامة) لعام 2014

البرامج الدينية لتلفزيون سلطنة عمان(القناه العامة) لعام 2015م

     إن معظم الشخصيات التي شاركت في الإذاعة شاركت أيضا في التلفزيون رغم برامجه المحدودة، لكن التنوع المذهبي ظاهر بشكل فصيح، كما أن المواضيع ذات طابع قيمي وأخلاقي، تسعى بالمجتمع إلى مزيد من السمو والفضيلة، وتدعوه إلى التعاون والمشاركة المجتمعية في جميع صورها. 

    وتتضح روح التعايش في البرامج المستوردة، فهي برامج يشترك فيها أصحاب مذاهب مختلفة، دون أن تكون هناك قيود على المشاركة، سوى تلك المتعلقة بمبدأ التعايش نفسه.

المطلب الثالث : المحطات السياسية الداخلية وتعامل الإعلام معها.

     تدأب كثير من الحكومات في الشرق والغرب على تسخير الآلة الإعلامية لتشويه سمعة المعارض أو المتمرد كما تصفه، واستخدام الجانب الديني لإقصائه عن الساحة السياسية والفكرية، وقد يصل الأمر أحيانا إلى إخراجه من الملة والدعوة إلى نبذه وتكفيره، يحدث هذا بشكل واسع في العالم الإسلامي كلما صعد إلى منصة الحكم أحد المصارعين عليه، أو من يكون وصوله إلى سدته على أسنة الرماح وليس على أجنحة الشعب.

    فإذا استقر لهم الحال وبرزت على السطح مجموعة من المعارضات الداخلية أسرع الإعلام إلى صفهم بالمارقين أو الخوارج، وهو مصطلح استخدمه بنو أمية سابقا لإقصاء مخالفيهم، وظل هذا المصطلح يستخدم إلى اليوم مع وجود مصطلحات ذات منشأ غربي مثل : الأصولية، والإرهاب. وفي أحيان كثيرة، يتم تسخير المتوافقين دينيا وسياسيا مع الحكام لدعم توجهات السياسة في إقصاء المعارض دينيا سواء كان مصيبا أو مخطأ.

     ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب إنما تتعدى أيضا على معتقدات دول أخرى، وعلى جماعات ثانية تعيش بعيدا عن دولها، لا لشيء وإنما لمجرد أنها تمتلك تأثيرا على شريحة من المواطنين الذين يغلّبون الانتماء الفكري على الانتماء الوطني . ومع حدوث نوع من هذه الانتماءات في السلطنة في فترات متقطعه إلا أن الإعلام العُماني اهتم بالتنمية والبناء ولم ينشغل بتسجيل المواقف، أو الدخول في أي من المشاحنات والخلافات، ولكنه ينشغل دوماً بما يقرب ويدعم التفاهم، ويتجاوز الخلافات، ليس فقط لأن السلطنة ليست لها منغّصات مع أحد، ولكن أيضاً لأنها تؤمن بأن ما يجمع بين الأشقاء والأصدقاء هو أكبر وأعمق مما يفرق بينهم، وأن شعوب المنطقة تتطلع إلى الاستقرار وإلى مزيد من التقدم والرخاء

     وإذا كان ذلك يحدث بشكل واسع في حق المصيبين والمخطئين معا؛ فإن عمان تظل هي الوحيدة التي تقدم للعالم الغربي والإسلامي نموذجا رائعا، يتعامل مع المعارضين أو مناهضي الحكم باعتبارهم مخطئين فقط، بغض النظر عن انتمائهم المذهبي أو الحزبي، مع الحرص على نعتهم بأنهم مواطنون، وينتمون إلى هذا التراب، ولكنهم تنكبوا الطريق عندما أخطأ التقدير. يكشف عن ذلك خطابُ جلالة السلطان قابوس في نزوى عام 1994م " إن التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا، ولا تقبل أبدا أن تلقى فيها بذور الفرقة والشقاق" (خطابات،1970 - 2005).

     ومن هذا المنطلق يتم توجيه أوامر صارمة إلى الإعلام المسموع والمرئي والمقروء بضرورة تجنب الحديث عن مذاهب المعارضين وعن أحزابهم، وأن لا ينتقص من وطنيتهم أيضا، إنما تتم المعالجة في أروقة الدولة الأمنية فقط، بينما يواصل الناس متابعة الإعلام بعيدا عن أي ضجة.

" وإذا كانت الطائفية تهيمن على المجتمعات في الخليج بدرجات متفاوتة، ولكن لا يبدو أن لها الوقع نفسه في عُمان. فعلى الرغم من تنوع المذاهب الإسلامية والأصول العرقية للمجتمع العُماني، إلا أن الدولة لم تقف إلى جانب أي طائفة أو عرق. وقد طالت عصا السلطة الجماعات الإسلامية المتشكلة على خلفيات مذهبية مثل الإخوان المسلمين وجماعة الشيعة الشيرازية والجماعة الإباضية، مما يوحي بعدم تحيز الدولة إلى أي جماعة بشكل فاعل"[2].

الخاتمة

يمكن تلخيص مجمل البحث في بيان دعائم التعايش في عمان بشكل عام وفي الإعلام خاصة، والأسباب التي جعلته بهذه الصورة الراقية في  : 

1. التسامح في عمان صفة أصيلة في أهلها على اختلاف مذاهبهم
2. الدولة العمانية قامت على أساس إقامة الحق وتحقيق العدالة، وليس على الاعتبارات الإثنية .
3. جميع فترات الحكم في عمان عملت على ترسيخ مبدأ التعايش وحمايته ببرنامج سياسي صارم ومنهج فقهي محكم.
4. شهد عصر النهضة بلورة كبيرة لمبدأ التعايش، وتمت ترجمة ذلك بشكل واضح في الإعلام بكل أشكاله.
5. يعكس التنوع البرامجي في الإذاعة والتلفزيون، وتعدد المشاركين من مختلف المذاهب أهمية مبدأ التعايش وضرورة تحقيقه عمليا عبر إفساح المجال لجميع هذه الطوائف بالمشاركة في ترسيخ القيم وبناء المجتمع.

انتهى بحمد الله

المصادر والمراجع : 

1. الإسلام في التاريخ ، الأفكار والناس والأحداث في الشرق الأوسط، برنارد لويس، ترجمة: مدحت طه - أحمد كمال أبو المجد، (القاهرة، دار الآفاق، ، 2018م ط1) 
2. الإسلام وحقوق الإنسان، ضرورات لا حقوق د. محمد عماره، (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 89، 1985). 
3. الاستبداد، مظاهره ومواجهته، سماحة الشيخ الخليلي، ( سلطنة عمان، درا الكلمة الطيبة، 2020 م ط1) 
4. الإنسان وحقوقه في القرآن الكريم، سيف بن سالم الهادي، بحث قدم في ندوة تطور العلوم الفقهية – مسقط 2014 م 
5. تاريخ صحار السياسي والحضاري ، د. محمد بن ناصر المنذري، (جامعة القاهرة، ط1، 2000م ).
6. التلفزيون و آليات التلاعب بالعقول .، بيير بورديو، (ميريت للنشر والمعلومات، ط1، 2010م) 
7. تحفة الأعيان للإمام نور الدين السالمي، نزر الدين السالمي، (مسقط، مكتبة الاستقامة، 1997 ط1).
8. التمرد والاستقواء بالاجنبي في عمان ، د. طارق المناصير، ص90ن 91 . ( السيب، مكتبة الظامري، 1431هـ - 2010م ط1).
9. خطب وكلمات السلطان قابوس، وزارة الإعلام،1970-2005م،
10. صدام الحضارات، صمويل هنتجنتون، ترجمة: طلعة الشايب، سطور، (ط2، 1999م).
11. المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ط4، 2004م 
12. " عمان بين التجزئة والوحدة 1913- 1976 " سالم بن عقيل مقيبل، دار الكتاب، سلطنة عمان، ط1 ، 2007م ..
13. " الفقه والسياسة في التجربة الإسلامية الوسيطة " د. رضوان السية ، مجلة التسامح، العدد  25 .
14. صحيح مسلم،أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (٢٠٦ - ٢٦١ هـ) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، ن: مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة  ١٣٧٤ هـ - ١٩٥٥ م
15. قضايا وإشكالات في تاريخ عمان، د. عبدالمنعم عبدالحميد سلطان، مركز الاسكندرية للكتاب، مصر، ط1.
16. قضايا في الفكر المعاصر، محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 1997م
17. كلمات وخطابات جالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. الصدر عن زراة الإعلام عام 2018م. 
18. لسان العرب، ابن منظور، دار المعارف ط 2016م 
19. مختصر البسيوي تح: سيف بن سالم الهادي، ( بيروت، خزائن الآثار، 2014، ط1 ).
20. مختصر البسيوي، مخطوط بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، مسقط، السيب.
21. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المجتمعة في باريس في الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر العام في الفترة من 25 تشرين الأول/ أكتوبر إلي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995م.
22. موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية، عبدالوهاب المسيري، دار الشروق، ط1، 1999م .
23. الميثاق العربي لحقوق الإنسان، اعتمد من قبل القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس23مايو/أيار 2004م
24. نشوء الحضارة الاسلامية، أحمد القصص، المكتبة الشاملة.
25. وثيقة الاستراتيجية الإعلامية بلهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بسلطنة عمان.

المواقع الإلكترونية : 

• ينظر / التطورات السياسية في سلطنة عمان، مركز الخليج لسياسات التنمية:

https://www.gulfpolicies.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1733

• خطاب جلالة السلطان في 9 أغسطس عام 1970م 

 http://www.sultanqaboos.net/article-action-s-id-118.htm

خطاب جلالة السلطان في 23 يوليو 1970م :

 http://www.sultanqaboos.net/article-action-s-id-70.htm

• تقرير وزارة الخارجية الإمريكية عن الحريات الدينية 2010 م صدر من قبل السفارة الإمريكية في سلطنة عمان 

https://om.usembassy.gov/ar/our-relationship-ar/official-reports-ar/

http://www.albawabhnews.com/1305087 موقع البوابة الالكتروني.

• الدكتور زكريا المحرمي " عمان من التسامح إلى الانسجام " في مدونته الشخصية : http://www.drzak.net/index/?p=211