حركة إبراهيم بن المهدي ضد الدولة العباسية زمن الخليفة المأمون (198-218هـ/813-833م).
الباحث المراسل | Abdulaziz Alsaadi. | وزارة التربية والتعليم |
تاريخ تسليم البحث :2023-08-24
تاريخ قبول البحث :2023-08-31
تاريخ نشر البحث :2025-04-08
المقدمة
قامت الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية عام 132هـ/749م، بعد حروب ضارية بين الأمويين والعباسيين، ومنذ قيام الدولة العباسية كانت الحركات المعارضة تظهر بين فترة وأخرى ضد سياسة الخلفاء الذين تولَّوا زِمام الحكم، وقد اختلفت هذه المعارضات في طبيعة أهدافها؛ فمنها ما كان مدفوعا بأسبابٍ دينية، ومنها ما كان طامعا في تحقيق أهدافه الشخصية حبًّا للسلطة والحكم، ومنها من دفعته الغيرة القبلية لتقديم العجم على العرب في المناصب الإدارية للدولة. وعند تولي المأمون الخلافة عام 198هـ/813م زادت الحركات المعارضة، فقد كان للحرب مع أخيه الأمين دورًا كبيرًا في توطئة الأوضاع لتأليبها ضدَّ سياسة المأمون، الذي اتبع سياسةً تختلف عن بقية الخلفاء الذين سبقوه في الحكم من خلال تقريب العنصر الفارسي على العنصر العربي، والاستقرار في خراسان بداية خلافته.
ستحاول هذه الدراسة استجلاء أبرز هذه الحركات في العراق وهي حركة إبراهيم بن المهدي 202هـ/817م، والتي كان لها تأثيرات واضحة على قرارات الخليفة العباسي المأمون، كما اعتمدت الدراسة على العديد من المصادر التاريخية في توضيح ملامح هذه الحركة المعارضة. أما أهمية هذه الدراسة فتكمن في التركيز على حركة إبراهيم بن المهدي، ومعرفة أسباب قيامها، والأهداف التي قامت من أجلها، وعلى السياسة التي اتبعها الخليفة في مواجهة هذه الحركة ودوره في إعادة السيطرة على البلاد.
تتمثل مشكلة الدراسة في معرفة التأثير الذي قامت به حركة إبراهيم بن المهدي على الخلافة العباسية زمن الخليفة المأمون (198-218هـ/813-833م)، وموقف الخلافة العباسية منها، ومن خلال هذا الطرح المحوري تسعى الدراسة للإجابة على التساؤلات الفرعية التالية: كيف كانت الظروف السياسية للخلافة العباسية عند تولي المأمون الخلافة؟ ما الأسباب التي أدت إلى ظهور حركة إبراهيم بن المهدي؟ ما السياسة التي انتهجها الخليفة المأمون في مواجهة هذه الحركة؟
اعتمد الباحث في دراسته على المنهج التاريخي الوصفي التحليلي، وذلك عن طريق تتبع الأحداث التاريخية من المصادر، هذا إلى جانب اعتماده على بعض الدراسات الحديثة وتحليلها.
الظروف السياسية للخلافة العباسية عند تولي المأمون الخلافة
بويع المأمون بالخلافة وهو بمرو في بلاد خراسان عام 198هـ/813م ، وكان عمره عندما تولَّى الخلافة ثمانيةً وعشرين سنة، ودامت خلافته عشرين عامًا، وبقي في خراسان مدة خمس سنوات تقريبًا بعد أن تمت مبايعته، وكان لهذا البقاء خارجَ العراقِ مركزِ الخلافة أثرُه في نشوء بعض المعارضات السياسية .
ولكن ما الأسباب التي أدَّت إلى مبايعة المأمون بالخلافة في بلاد خراسان؟ ولم يتم مبايعته في بغداد مركزِ الخلافة كبقية الخلفاء العباسيين؟ من أجل الإجابة على هذين السؤالين لابد من ذكر الأحداث التاريخية التي أدَّت إلى حدوث هذا الموقف الاستثنائي في العصر العباسي الأول.
تولى هارون الرشيد الخلافة عام (170-193هـ/786-808م) في الليلة التي مات فيها الخليفة الهادي، وكان عمره أثناء توليه الخلافة اثنين وعشرين سنة . يعد هارون الرشيد من أكثر الخلفاء العباسيين شهرة، لدرجة وصول شهرته إلى المجتمع الغربي، وقد حاول بعض ملوك أوروبا التقرب إليه لاكتساب صداقته، واعتبر من أجل ملوك الأرض، وله نظرة في العلم والأدب .
لم تكن قرارات الخليفة هارون الرشيد جميعها صائبة، فقد ارتكب خطأ كبيرًا فيما يتعلق بموضوع ولاية العهد، حيث قام في عام 175هـ/792م بمبايعة ابنه محمد، ولقبه بالأمين، وكان له من العمر خمس سنين ، وفي عام 182هـ/798م بايع ابنه عبدالله، وولاه خراسان وما يتصل بها وسماه المأمون ، وهكذا بدأت بوادر انقسام البيت العباسي من بعده، وفي عام 193هـ/807م توفي الخليفة هارون الرشيد، ودفن في طرسوس بعد أن كان خارجًا لإخماد إحدى الحركات المعارضة لسياسته . الجدير بالذكر أن الرشيد استخلف على بغداد ابنه الأمين قبل خروجه، وذهب المأمون معه بطلب من الفضل بن سهل ، وقد امتنع في بادئ الأمر، ثم وافق على اصطحابه، وأمره بالذهاب إلى خراسان، وبذلك افترق الأمين والمأمون، ولم يكن بينهما لقاء مرة أخرى .
ترك الرشيد بوفاته مشكلة كبيرة بسبب ما قام به في ولاية العهد، فظهر في الساحة السياسية للدولة العباسية حزبان، هما:
- الحزب العربي: يتمثل بالخليفة الأمين، ومركزه بغداد بمساندة وزيره الفضل بن الربيع الذي كان يريد أن يحافظ على مركزه في الدولة، وأن لا يتولى المأمون الخلافة من بعد الأمين .
- الحزب الفارسي: يتمثل بالمأمون، ومركزه في خراسان مرو، ووزيره الفضل بن سهل الذي كان يهدف إلى ما أشار إليه الجهشياري بأن يحتال بدهائه، ويحول الحكم فارسيًا .
خاض هذان الحزبان حربًا دامت قرابة الخمس سنوات (193-198هـ/810-813م) ، وانتهت الحرب بمقتل الأمين عام 198هـ/813م .
أدَّت الحرب بين الأمين والمأمون إلى تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للخلافة العباسية في العراق، وخصوصا في بغداد مركز الخلافة.
أما الجوانب الاقتصادية فقد انهارت؛ لأن الأمين استنزف خزينة الدولة في تجهيز الجيوش التي هُزمت بشكل متوالي أمام قادة المأمون، وكذلك ألقى الحصار الذي فرضته قوات المأمون على بغداد بظلاله على الأنشطة الاقتصادية، فقد منع التُّجار من دخول بغداد، ودمرت المباني والمحلات التجارية؛ بسبب استخدام المنجنيق من قبل القوات المحاصرة لبغداد؛ مما اضطر عددًا كبيرًا من سكان بغداد إلى تسليم أنفسهم إلى جيش المأمون، حتى أن المرأة قدمت ما لديها من حلي لتستأمن نفسها وأهلها .
أما من الناحية الاجتماعية تأثرت البنية السكانية في بغداد، وهاجر عدد كبير من سكانها إلى الحج، وهي ذريعة اتخذها هؤلاء الناس للابتعاد عن الحرب والدمار؛ فنقص عدد السكان في بغداد، وخاصة طبقة الأغنياء التي نهبت أموالها؛ نتيجة لنفاد خزينة الأمين، والذي جعل أصحابه يقومون بنهب الناس في منازلهم ليلا ونهارا .
قاست بغداد هذه المدينة العظمى، ودرة تاج الخلافة العباسية قبل خلافة المأمون ما لم يكن يخطر ببال أحد من الهدم والتحريق، وسفك الدماء، وانتشار الجوع، وانحلال عقد الأمن .
وهكذا تولَّى المأمون الخلافة في ظروف سياسية صعبة، فكان عليه مواجهة هذه الظروف والتفوق عليها، واتخاذ المناسب لها، خصوصا أن حركات المعارضة السياسية بدأت بالظهور في العراق، والأقاليم الأخرى التابعة للخلافة بشكل متتابع.
حركة إبراهيم بن المهدي 202هـ/817م
في عام 201هـ/816م جعل المأمون علي بن موسى الرضا وليًا للعهد ، ولقَّبه بالرضا، وقام بكتابة ذلك إلى ولاته على الأقاليم. وتعتبر هذه البيعة هي السبب الرئيس في ظهور معارضة البيت العباسي لسياسة المأمون، وخلعه من الخلافة .
في أواخر عام 201هـ/816م وصل خبر البيعة إلى العراق، وكان وقعه مثل الصاعقة على بني العباس؛ وذلك لأن الخليفة المأمون قلب تقاليد السياسة العباسية المعتادة رأسًا على عقب، فاختلفت ردَّات فعل الأقاليم العراقية على هذه البيعة .
عندما وصل خبر البيعة إلى بغداد انقسم أهلها إلى قسمين، قسم وافق على البيعة، وقسم آخر عارضها بشدة، واتَّهم القسمُ المعارضُ الفضلَ بن سهل في ذلك بأنها إحدى دسائسه، وقالوا: لا تخرج الخلافة من بني العباس، فاجتمع القسم المعارض في بغداد، وتزعَّم أمرَهم إبراهيم والمنصور أبناء المهدي، وقرَّروا خلع المأمون من الخلافة ومبايعة إبراهيم بن المهدي بها في شهر محرم عام 202هـ/817م، ولُقِّب بالمبارك ، وعند اليعقوبي بالمرضيِّ ، إلا أن ابن تغري بردي جاء بلقب آخر هو المبارَك المنير .
1- إبراهيم بن المهدي
هو "أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن العباس بن عبدالمطلب الهاشمي، أخو الخليفة هارون الرشيد" . أمه تسمى شكله بن شاه أفرند من ربات الفصاحة والبلاغة، وكانت سوداء اللون، حُمِلت إلى الخليفة أبي جعفر المنصور في بغداد عندما كانت صغيرة، فأرسلها إلى الطائف، فنشأت هناك وتفصَّحت وتعلمت. فلما كبُرت أُعيدَت إلى مركز الخلافة، فرآها الخليفة المهدي فأعجبته، فقرر الزواج منها، وأنجبت إبراهيم ، وكانت ولادته في غرة ذي القعدة سنة 162هـ/778م، وتوفي في التاسع من رمضان سنة 224هـ/838م .
من صفات إبراهيم بأنه أسود اللون عظيم الجثة، يسمى بالتنين للونه وضخامته، كان من أحسن الناس في الغناء وأشهرهم به، وتميز بغزارة الأدب وحسن الندامة، وسخاء الكف، ولم يُر في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لسانا .
إبراهيم بن المهدي يمارس سلطته كخليفة.
ما إن تمت البيعة إلى إبراهيم بن المهدي حتى بدأ يسيطر على الأقاليم القريبة من بغداد، فضم مناطق عديدة من العراق، وقام تجهيز قواته استعدادًا للحرب المقبلة من أجل الدفاع عن حقوق العباسيين في الخلافة، ورفعَ أنصارُ إبراهيم شعارَ: "يا إبراهيم يا منصور، لا طاعة لنا للمأمون" . الجدير بالذكر بأنه ما إن انتشر خبر خلع المأمون وتولي إبراهيم بن المهدي الخلافة حتى ظهر الفضل بن الربيع الذي كان مختفيا معتقدا أن إبراهيم بن المهدي سيستمر في الخلافة، وينتهي أمر المأمون الذي كان على عداوة معه، ولكن الفضل اختفى بانتهاء خلافة إبراهيم بن المهدي .
واجه إبراهيم بن المهدي في بداية خلافته مشكلة مع الجند، فقد سخطوا عليه وثاروا ضده؛ لأنه وعدهم برواتب ستة أشهر فماطلهم بها، وأعطاهم مائتي درهم لكل جندي، وكتب إليهم بتعويض من بعض أراضي بغداد ، فخرجوا لأخذ تعويضهم، وفي طريقهم قاموا بالعبث والتخريب، وكانوا لا يمرون على شيء في الطريق إلا انتهبوه .
وبعد تولي إبراهيم بن المهدي الخلافة، وتخلصه من مشكلة الجند، واجهته بعض الاضطرابات في العراق بسبب تدهور الأوضاع السياسية؛ نتيجة البيعة بولاية العهد إلى علي الرضا، وما حدث من انقسامات في العراق من جرَّائها، كما أن إبراهيم تنقصه الكفاية والقدرة القيادية، فلم يستطع القيام بأعمال الدولة، ومن أبرز الاضطرابات هي:
أ- حركة المطوعة.
حركة المطوعة وجدت في بغداد من قبل خلع المأمون ومبايعة إبراهيم بن المهدي بالخلافة. لم يكن قيام هذه الحركة سياسيا بداية أمرها، بل لحفظ النظام والآداب والأمن العام في بغداد بعد أن عمَّت الفوضى فيها، وقد برزت هذه الحركة كنتيجة لفقدان القدرة على استتباب الأمن بعد قرار المأمون البقاء في مرو، واختيار الحسن بن سهل واليا على العراق والذي لم يكن ذا كفاءة لهذا المنصب .
قام العيارون والشطار بالأعمال التخريبية في البلاد، وأخذوا الغلمان وممتلكات الناس علانية بدون وجه حق، حتى أنهم كانوا يأخذون الابن أمام أبيه ولا يتمكن من إيقافهم، وأخذوا أموال أهل القرى غصبًا، وقام جماعة منهم بالذهاب إلى قرية قطربل ، فانتهبوا أملاك الناس فيها علانية، وأخذوا بضائع السكان وممتلكاتهم الخاصة كالذهب، والفضة، والمواشي، وغيرها، فأدخلوها بغداد، وقاموا بالتجارة بها في الأسواق .
أثارت هذه الأعمال غضب السكان، فاجتمعوا مع بعضهم من أجل إيقافهم، واختاروا شخصًا يُدعَى خالد الدرويش قائدًا للحركة، وكان شعار حركته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معنى ذلك أن هذه الحركة في أول أمرها عبارة عن دعوة إلى المبدأ الإسلامي الشهير: وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأتباع نهج الشريعة المحمدية. قاتل خالد الدرويش ومَنْ معه العيارين والشطارَ فانتصر عليهم، وَأَسَر بعضهم، ورفع من أَسَرَه إلى الوالي الذي لم يغيِّر شيئا في أمرهم. ومن سياسة خالد الدرويش في هذه الحركة أنه لا يرى أن من حقه الاعتداء على أملاك السلطان وما يتعلق بممتلكات الخلافة .
هدفت حركة المطوعة بقيادة خالد الدرويش إلى تحسين الأحوال الاجتماعية للسكان، والاطمئنان على أحوال الناس العامة، والقضاء على أعمال العيارين والشطار الذين عاثوا فسادًا في عدد من مناطق العراق ، ويدلُّ على ذلك قولُه: "لا أعيب على السلطان شيئًا، ولا أقاتله ولا آمره بشيء ولا أنهاه" . يشير خالد إلى أنه لا شأن له بالسياسة، ولا يهتمُّ إلا بالجوانب الاجتماعية، وهدفُه من ذلك الإصلاح الاجتماعي لا أكثر، ولكن هذه الحركة أخذت الإطار السياسي بعد انضمام سهل بن سلامة الأنصاري إليها.
ب- حركة سهل بن سلامة الأنصاري.
انظم سهل بن سلامة الأنصاري لحركة المطوعة عام 202هـ/817م في مواجهة الشطار والعيارين، ولكنه لم يستمر مع خالد الدرويش في الشراكة نفسها، فانفصل عنه بسبب اختلافهم في الأفكار، فقد كان سهل بن سلامة يُجبِر الناس على الخفارة ، وكان يدعو إلى قتال كل من يخالفه كائنا من كان حتى لو كان حاكم، وهذا لا يتواءم مع أفكار خالد .
يتبين من خلال شعار الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند سهل بن سلامة أنها تقوم على القوة؛ بمعنى أنه من لا يطيع رأيه قاتله، وأنه يسمح لنفسه الخروج على السلطان بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانضم إليه عدد من القادة من أبرزهم: الفضل بن الربيع وزير الخليفة الأمين سابقًا، وخُزَيمَة بن خازم، وهذا الأمر أعطى لحركة سهل بن سلامة الطابعَ السياسيَّ بإطار ديني .
جعل سهل بن سلامة لنفسه ديوانا يسجل فيه أسماء من انظموا إليه، كما حمل معه مصفحًا مظهرًا بذلك الاتجاه الديني لدعوته، واجتمع له مناصرون كُثُر من أهل بغداد، وكان سهل يبني على باب كل من أجابه برجًا، ويضع السلاح والمصحف على البرج؛ من أجل إعلام الناس أنه في خفارته وتحت حمايته، واستمر على ذلك حتى بلغ باب الشام، وقاتل العيَّارين والشطار، وهزمهم .
كان سهل يصِف ولاةَ وعمال إبراهيمَ بنِ المهدي بأقبحِ الصفات، ويحرض العامة عليهم لقتالهم؛ مما آثار حفيظة العمالِ، فأمر إبراهيم قائده عيسى بن محمد بن أبي خالد بالقبض عليه. من الجدير بالذكر أن عيسى أحد أكبر المساهمين في استمرار إبراهيم في مركز الخلافة، فقد تغلب على الفتن التي تقوم ضده، وقاتل أتباع الحسن بن سهل في العراق . قام عيسى بن محمد بالبحث عن سهل بن سلامة، ووضع مكافآت مالية على من يدلُّه على موقع منزله، فخذل سهلًا الناسُ القريبون منه، وأخبروا بمكان منزله، فقبض عليه، وحملهُ إلى مركز الخلافة .
طلب إبراهيم من سهل بن سلامة أن يخرج إلى الناس ويعلن بطلان دعوته، فأُخرجه عمال إبراهيم للناس، وقال لهم: "قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه فأني أدعوكم إليه الساعة"، يوضح سهل هنا أنه ما يزال على دعوته، ولن يغيَّر من أفكاره؛ نتيجة لذلك ضربوه وشتموه وسجن، وأشيع أنَّه قُتِل خوفًا لئلَّا يعلم مناصروه مكانه فيخرجوه، وكانت مدة حركته قرابة إحدى عشر شهراً .
ج - حركة العباس بن موسى (201-202هـ/816-817م)
وصل خبر البيعة إلى والي الكوفة العباس بن موسى بن جعفر بن إبراهيم ، وبدأ يأخذ البيعة بولاية العهد إلى علي الرضا. الجدير بالذكر أن تولية العباس بن موسى أخو علي بن موسى الرضا على الكوفة لم تكن من قبل الرضا، وليس له أي علاقة في تقريب أخيه في الولاية، بل هي من أمهات أفكار المأمون؛ لأن الرضا كان من شروط موافقته على ولاية العهد عدم التدخل في العزل والتولية والأمر والنهي في شؤون السياسية، فقال الرضا في ذلك: "إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أقضي ولا أغيِّر شيئًا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله؛ فأجابه المأمون" ، وهذا الشرط دليل واضح على عدم تدخل الرضا في تولية أخيه العباس على الكوفة، وهذا الأمر ينطبق على إبراهيم بن موسى الذي أصبح واليًا على اليمن، فقد عُرِفَ فيها بالجزار؛ لكثرة من قتل من أهلها، كما أمره المأمون بالحج بالناس عام 202هـ/817م .
الواضح من تولية إخوة الرضا على اليمن والكوفة لكثرة العلويين فيها، ورغبة المأمون في كسب ولائهم ودخولهم في طاعته، ومحاولة منه في تفريق العلويين وتشتيت قوتهم بين مؤيد ومعارض للبيعة، وبالفعل نجح المأمون في ذلك.
أما جواب أهل الكوفة لدعوة العباس بن موسى، فقد استجاب له عدد كبير من أهلها، واعترض آخرون منهم على الدعوة؛ معتقدين أنهم أحق بالخلافة من المأمون، وفي شك من صدق نواياه بالبيعة بولاية العهد إلى علي الرضا، وقد قال الغلاة من الشيعة للعباس: "إن كنت تدعو للمأمون ثم من بعده لأخيك فلا حاجة لنا في دعوتك، وإن كنت تدعو إلى أخيك وبعض أهل بيتك وإلى نفسك أجبناك" . يُفهم مما قاله غلاة الشيعة أنَّه لا فرق عندهم فيمن يتولى الخلافة من آل علي، فهم على استعداد لطاعته ومساندته، ولكن مشكلتهم في مركز الخلافة الذي في قبضة المأمون فهو من بني العباس، وهم يرون أنهم أحق بالخلافة منهم.
وقد أجابهم العباس بأنه يدعو للمأمون كخليفة وإلى ولي عهده الجديد الإمام علي الرضا، ووقف الشيعة من أهل الكوفة الذين اعترضوا على البيعة لعلي الرضا ضد العباس بن موسى منحازين إلى الطرف الموالي لإبراهيم بن المهدي .
أرسل إبراهيم بن المهدي قوة عسكرية بقيادة سعيد بن الساجور عام 202هـ/816م إلى الكوفة مستغلا الخلاف فيها، فخرج لمواجهتهم علي بن محمد بن جعفر ، وأبو عبد الله أخو أبي السرايا اللذان قد استجابا لدعوة العباس بن موسى، ودار بينهم قتال شديد، وقام الطرفان بأعمال تخريبيه في الكوفة؛ فهلك الزرع وخربت المنازل، وأكثروا الحرق في البلاد، فلما رأى رؤساء الكوفة ذلك، طلبوا من قائد الجيش العباسي سعيد بن الساجور الأمان للعباس بن موسى وأتباعه على أن يخرجوا من الكوفة؛ فأجابهم إلى ذلك فخرج العباس ومن معه من الكوفة .
فلما رأى سعيد بن الساجور أن الكوفة خلت من العباس بن موسى وأصحابه؛ ذهب سعيد مع بعض أصحابه إلى الحيرة، فاستغل العباس بن موسى خروجهم منها؛ فعادوا إلى الكوفة فهاجم هو ومن معه على بعض أنصار إبراهيم بن المهدي فقتلوهم، فأرسل أهل الكوفة إلى سعيد بن الساجور يخبرونه بنقض العباس بن موسى العهد، فعاد سعيد وأصحابه من الحيرة إلى الكوفة، وقتلوا من وجدوا من أصحاب العباس .
يلاحظ من الأحداث في الكوفة بعض المناوشات العسكرية بين القيادة العباسية الجديدة التي ترأسها إبراهيم بن المهدي وإلى جانبه من اعترض من أهل الكوفة على البيعة لعلي الرضا، ضد المنحازين إلى صف الوالي العباس بن موسى المؤيِّد للبيعة لعلي الرضا، وهذه إحدى طموحات الخليفة المأمون من بيعته بولاية العهد إلى علي الرضا بتفريق وحدتهم، حيث انقسم البيت العلوي بين مؤيد ومعارض في موضوع البيعة.
كما يلاحظ الباحث عدم تدخل الحسن بن سهل في هذا الصراع وهو الوالي على العراق من قبل الخليفة المأمون، وكان بإمكان الحسن أن يقدِّم المساعدة للعباس بن موسى، ولكنه لم يفعل مكتفيًا بمتابعة الأحداث فقط، وقد أشار الطبري إلى ذلك بقوله: "وكان يظهر أن الحسن يوجِّه إليه قومًا من قِبَله مددًا فلم يأتِ منهم أحد" ، وذكر ابن الأثير أنه قد "استعمل الحسن على الكوفة العباس بن موسى، وأمره أن يدعوا لأخية بولاية العهد، وإعانة بمائة ألف درهم، وقال له: قاتل عن أخيك، فإن أهل الكوفة يجيبونك إلى ذلك، وأنا معك" .
كما أن العباس بن موسى لم يجد مساندة كبيرة من أهل الكوفة في مدة حربه ضد أنصار إبراهيم بن المهدي والمعارضين بالبيعة إلى علي الرضا، فقد أصابهم الملل من القتال المتواصل؛ لأنهم قبل مدة ليست بالبعيدة كانوا مناصرين لأبي السرايا وابن طباطبا ، ومما يدلُّ على استيائهم من الحروب والقتال، طلبُهم من العباس الخروج من الكوفة بقولهم: "إن عامة من معك غوغاء، فاخرج من بين أظهرنا لا حاجة لنا فيك" .
يرى الباحث بأن انضمام الشيعة الغوغاء غير المنظمين مع العباس أحد أسباب عدم استمرار القوة الشيعية بقيادة العباس بن موسى، فقد أثاروا مخاوف أهل الكوفة من تخريب وتدمير؛ مما جعل أهل الكوفة يطردون العباس منها. وهكذا انتهت جهود العباس بن موسى ومن معه في الكوفة، فقد خدعوه مع بعض العلويون أمثال: علي بن محمد بن جعفر بالحيلة التي قام بها المأمون بتولية علي الرضا بولاية العهد، في حين أدرك غلاة الشيعة أنها مكيدة، وليس من المعقول أن يتنازل المأمون بالخلافة إلى البيت العلوي بهذه السهولة.
موقف الخليفة المأمون اتجاه معارضة البيت العباسي
نتيجة لضعف إبراهيم بن المهدي في تدبير شؤون الخلافة، وقلة فطنته في الحكم، حيث وصفه بروكلمان بأنه الموسيقي الهاوي، ولا يمتلك ما يؤهله ليكون خليفة للمسلمين ، فقد ظهر العبث في العراق وازدادت الفوضى، وحاول جاهدا إلى أن يعيد الأمن والسلام إلى أراضيها، والتقت جيوشه بجيوش العباسيين الموالين للمأمون، وحلت الهزائم بجيوش إبراهيم ، ووصف المؤرخ الذهبي هذه الأحداث بقوله: "واختبط العراق" .
في خضم الأحداث الجارية في العراق كان الخليفة المأمون في مرو بعيدًا عن بغداد لا يعلم الكثير عن الاضطرابات التي تحدث فيها، فقد حجب عنه الفضل بن سهل الأخبار التي تصل من بغداد، وألحق العقوبة بكل من حاول إخباره بخبر ما؛ ليسيطر على الأمور وليصرفها حسب سياسته، ليس هذا فحسب، بل قام بتشويه الأخبار حتى أنه فسر عملية المبايعة بالخلافة إلى إبراهيم بن المهدي بأنهم اختاروه أميرا يأمر بينهم لا خليفة .
اعتمد الفضل بن سهل على قدرات أخيه الحسن في تحطيم المعارضة في العراق، حيث تمكن من هزيمة المعارضة العلوية (حركة أبي السرايا) ، ولكنه لم يتمكن عن مواجهة ردة فعل أهل بغداد بعدما وصل إليهم خبر البيعة بولاية العهد إلى علي الرضا، فلم يخبر الفضل الخليفة بردود الفعل في العراق، وتحجج على المأمون بأن إبراهيم بن المهدي مفوض من قبل الخليفة بصفته أميرا في بغداد وليس خليفة، على أن الذي أربك خطط الفضل بن سهل هو علي الرضا الذي لم يأبه بالحاجز السياسي الحديدي الذي وضعه الفضل على المأمون، ولم يهتم بتهديدات الفضل، فأخبر الخليفة المأمون بكذب الفضل وخداعه له، وأعلمه بما قيل عنه من قبل أهل بغداد، حيث وصف بالجنون والسحر .
تفاجأ المأمون بما وصل إليه من أخبار العراق من خلال علي الرضا، واستفسر من أقربائه عن صح الأخبار؛ فأكدوا الخبر، وانتقدوا السياسة التي اتبعها الفضل بن سهل في كتم الأخبار، وأشاروا إلى اغتيال القائد هرثمة بن أعين الذي لم يرتكب ذنبا سوى محاولته حماية الدولة من غدر الفضل بن سهل، وعاتبوا المأمون بموافقته على اقتراح الفضل بنفي طاهر بن الحسين في الرقة، في الوقت الذي كان بالإمكان الاستفادة من خبرته في تنظيم الأوضاع في العراق خاصة، كما وأن طاهر يتمتع بمقدرة عسكرية وكفاءة إدارية تفوق خبرة الحسن بن سهل وكفاءته، والذي كان وجوده عاملا مساعدا لقيام الحركات المعارضة .
لما علم الفضل بن سهل أن أخبار العراق وصلت إلي الخليفة، استشاط غضبًا وقام بتعذيب الرجال الذين أكدوا خبر خلع المأمون وتعيين إبراهيم بن المهدي بصفته خليفة، فزج بعضهم في السجن، وضرب البعض بالسياط، وتوعد الإمام علي الرضا قائلًا: "عليه أن يداري عن نفسه" .
ويشير الثعالبي أن الذي أخبر الخليفة المأمون بخبر خلعه من الخلافة هي جارية من جواري المأمون، حيث وضعت مطوية كتب فيها عن الأحداث التي كان الخليفة لا يعلم بها شيء، ووضعتها داخل ثيابه، فلما أراد ارتداء ملابسه سقطت المطوية، فقرأها المأمون وطلب من الفضل تفسيرًا لما قرأ، فقال له: أردت أن أكفيك هذا الأمر ثم أعلمك به، فلم يقبل عذره، وأمر صاحب البريد بأن لا يحجب عنه شيئا من أخبار البلاد .
تبدو رواية الثعالبي ضعيفة نسبيًا كونها لم ترد في المصادر الأخرى، وأن أغلب المصادر اتفقت بأن علي الرضا هو الذي أخبر المأمون بالأحداث الغائبة عنه.
عودة الخليفة المأمون إلى بغداد عام 202هـ/817م
قرر الخليفة العودة إلى بغداد بعدما تحقق من صحة ما حدث، وتنبه لسياسة الفضل بن سهل، كما تنبه الرشيد قبله لسياسة البرامكة، وبدأ رحلته عام 202هـ/817م ، ولكنه لم يصل بغداد إلا عام 204هـ/819م، فكأنه قضى قرابة عامين في الطريق من مرو إلى بغداد، وهذا أمر يدعو إلى التفكير والتساؤل؛ لأن مسافة الطريق بين مرو وبغداد لا يحتاج كل هذا الوقت الطويل، وكأن المأمون كان يتعمد التأخر في الطريق إلى بغداد، ويبدو بأنه قام برسم سياسة حكيمة للقضاء على الفتنة في العراق بهذا التباطؤ الشديد في الطريق؛ إذ جعل خصومه يتقاتلون مع بعضهم بعضا كما أشرنا سابقا في حركة العباس بن موسى.
تمثل عودة الخليفة المأمون إلى العاصمة بغداد تغييرا جوهريا في مسار الخلافة العباسية، وهذا يعني نهاية الصبغة الفارسية التي اصطبغت بها الخلافة طوال المدة التي قضاها المأمون في مرو، والعودة إلى الأصول العربية في بغداد التي هي مركز الخلافة العباسية، وهذا ما ضايق الفضل؛ لأنها تحمل في طياتها ضياع ما كان يخطط له .
موقف الخليفة المأمون من الفضل بن سهل
حدثت مواقف خطيرة في مسير المأمون إلى العراق، فعند وصوله إلى سرخس تخلص من الفضل بن سهل؛ إذ أمر بقتله في الحمام، وذلك في شعبان عام 202هـ/817م ، وأشارت بعض المصادر التاريخية إلى اتهام المأمون بشكل صريح في عملية قتل الفضل بن سهل، فقد ذكرت بأن: "الذين قتلوا الفضل من حشم المأمون، وهم أربعة أشخاص: غالب المسعودي، وقسطنطين الرومي، وفرج الدليمي، وموفق الصقلي". خصص المأمون مكافأة مالية قدرها عشرة آلاف دينار لمن يقبض عليهم، فتم القبض عليهم، وقالوا للمأمون: أنت من أمرتنا بقتله، وأمر المأمون بضرب أعناقهم، وذكر ابن الطقطقا رد المأمون على الاتهامات التي طالته بقتل الفضل من قبل القاتلين، فقال لهم: "أنا أقتلكم بإقراركم، وأما ما ادعيتموه علي من أني أمرتكم بذلك فدعوى ليس لها بينة" ، فأخذ رؤوسهم وأرسلها إلى الحسن بن سهل؛ ليبعد الأنظار عنه من قبل الخراسانيين؛ وكي لا يخسرهم ، ويصف الإسكافي هذا الحدث: "أعمل المأمون الفكرة في قتل الفضل بن سهل على توقٍّ أي (حذر) لمكانة أخيه الحسن، وكثرة من معه من الرجال الموالين للمأمون" .
إن الظروف القهرية التي واجهها المأمون جعلته يقتل الفضل بن سهل غدرًا، وأنكر ذلك حتى لا يفقد ولاء أهل خراسان له، أمثال: الحسن بن سهل، والرجال الآخرين الذين كانوا في مقاومة إبراهيم بن المهدي، فخطط لفكرة الغدر مسبقا .
إن مقتل الفضل هو إجراء سياسي من قبل المأمون؛ من أجل إرضاء المعارضين من البيت العباسي في العراق، الساخطين من قرار البيعة بولاية العهد إلى علي الرضا، بحيث كانوا يرون أن البيعة إلى علي الرضا لم تكن لتحدث لولا تأثير الفضل بن سهل على المأمون، كما أن مقتل الفضل هو إيقاف من قبل المأمون للنزعة الفارسية المتنامية وصد لطموح الفارسي؛ ولهذا السبب بالتحديد فإن الكثير من شعراء الفرس كتبوا القصائد في رثاء الفضل بن سهل؛ لأنه اعتبر رمزا لآمالهم وطموحاتهم المستقبلية .
أما رأي الباحث في هذا الشأن فيميل إلى الرأي القائل بأن المتسبب في قتل الفضل هو المأمون؛ نظرا لرغبته في كسب ولاء بني العباس الذين خلعوه من الخلافة، فلم يجد المأمون طريقة لكسب ولائهم إلا بالتخلص منه، ومن الممكن القول إن مجمل التصرفات التي لوحظت على الفضل بن سهل تؤكد أن هذا الوزير الفارسي يسير وفق خطط يستهدف في نهايتها السيطرة على الدولة العباسية، وذلك على حساب الخليفة المأمون ذي الأصول الفارسية. ويوجد جانب كبير من التشابه بين نهاية أبي مسلم الخراساني ، والبرامكة، والفضل بن سهل، ويكمن هذا التشابة في أن كلًّا منهم أصبح مصدر خطر على الخلافة العباسية، وذلك للتطلعات التي كانوا يسعون إليها، والتي لم يكن لها أن تتحقق إلا بالقضاء على الخلافة العباسية.
مقتل الإمام علي الرضا
واصل الخليفة المأمون مسيره، فخرج من سرخس متوجها إلى العراق، فلما وصل إلى طوس أقام عند قبر أبيه أياما، فحدثت مفاجأة مدوية بموت علي الرضا في أواخر شهر صفر من عام 203هـ/818م، فدفن عند قبر الرشيد، وأشارت العديد من المصادر والمراجع التاريخية بأنه مات بالسم، وقد اتهم المأمون بسمه . بينما أشارت مصادر أخرى بأنه أكثر من أكل العنب الذي تسبب بوفاته . يرى الباحث أنه لا يمكن الأخذ بعين الاعتبار أن الرضا مات بكثرة تناوله للعنب، فهو يدرك تمام الإدراك بأن الإكثار منه قد يضره، كما أن المصادر التاريخية لم تذكر أن هنالك أحدًا أجبر الإمام الرضا على الإكثار من أكل العنب. وبذلك يميل رأي الباحث مع الآراء القائلة بأن الخليفة المأمون هو المتسبب في وفاته.
دفن علي الرضا في طُوس حيث يقصد قبره اليوم من كل حدب وصوب، وتصنَّع المأمون الحزن الشديد لوفاة الرضا ، وبقي عند قبره ثلاثة أيام، وكانت هذه حيلة مؤثرة من المأمون فقد جعل عددًا من المؤرخين لا يؤيِّدون فكرة موت الإمام الرضا بتخطيط من قبل المأمون، كما وأن المأمون لم يوقف التداول بالدرهم الذي سكه باسم علي الرضا حتى عام 205هـ/820م؛ وذلك من أجل إرضاء أنصار الإمام، وعدم فقدان تأييد العناصر العلوية له .
وإذا ما صح القول أن المأمون هو من تسبب في موت علي الرضا؛ فهذا دليل على نوايا المأمون في اختياره وليا للعهد ليس كما قال بأنه خير البيتين العلوي والعباسي، وغيرها من الأسباب التي ذكرت في اختياره وليا للعهد، وإنما كان يريد أن يجمع حوله كل الفئات، بما فيها أنصاره العلويون حتى يثبت أركان حكمه بعد قتله لأخيه الأمين، وعندما رأى أن مصلحته تتعارض مع وجود الرضا، قرر أن يتخلص منه؛ ليكسب ولاء المعارضين لسياسته من البيت العباسي، وليخمد نيران الفتنة في بغداد، وليتمكن من المحافظة على مركزه في الخلافة، ويدخل بغداد وهو قد تخلى عن كل ما يمكن أن يثير غضب البغداديين عليه، وهذه الحادثة أثبتت أن المأمون منصوريٌّ في سياسته؛ أي يشبه سياسة الخليفة أبي جعفر المنصور، وأنه قد عاد إلى سياسة أجداده الخلفاء العباسيين بالفتك بالعلويين قبل أن يظهر الخطر منهم .
يرى الباحث أن ما أقدم عليه المأمون من بيعته لعلي الرضا بولاية العهد مجرد خدعة سياسية ماكرة؛ من أجل إخماد نيران الحركات العلوية المعارضة في أقاليم الخلافة، ويُوقف ثوراتهم المتعاقبة، وفاقت خدعة المأمون حدود التوقعات، وذلك بعدما قام بقتل الرضا، وولي عهده من بعده بدون جرم مسبق. إن هذا الفعل يكشف حقيقة شخصية المأمون اتجاه العلويين بأن ميله إلى جانبهم مجرد وهم وخداع، وأن ما يهم هذا الخليفة هو ضمان مصلحته ومصلحة العباسيين فقط. وأن ما فعله المأمون سيبقى ظاهرة سياسية فريدة في تاريخ الدولة العباسية على مدى عصورها.
القبض على إبراهيم بن المهدي عام 210هـ/823م
أما عن الأحداث في بغداد، فلم تستمر سيطرة إبراهيم بن المهدي طويلا؛ لأن أعوانه بدؤوا يخونونه سرًّا، وقد استغل أحدهم وهو المطلب بن عبد الله الفرصة بالمدائن، وأخذ يدعوا سرًا إلى المأمون بإيعاز من المأمون نفسه، فتمكن من شراء عدد كبير من أهل بغداد، فانضم إليه منصور بن المهدي، وخزيمة بن خازم، وبعض القواد من أهل بغداد .
في عام 203هـ/818م تفاقم الأمر سوءًا لدى إبراهيم بن المهدي، حيث قام بضرب عيسى بن أبي خالد وحبسه؛ لأن إبراهيم طلب منه أن يتهيَّأ لحرب الحسن بن سهل وأتباعه، ولكنه اعتذر وتأخر عن قتالهم، وتحجَّج بأن الجند يريدون رواتبهم، وبعد أن ضربه أخذ زوجته وأطفاله فحبسهم .
على الرغم مما بذله عيسى بن محمد أبي خالد مع إبراهيم بن المهدي من تضحيات كبيرة في وصوله للخلافة، ووقوفه بجانبه في مواجهة الفتن، إلا أنّ الأخير ضربه وحبسه وأخذ أطفاله؛ ولكن أهل عيسى بن محمد اجتمعوا وطردوا عامل إبراهيم من الكرخ . لقد أثار هذا العمل حفيظة أهل بغداد على إبراهيم، ونادوا بخلعه، وهذه تمثل بداية النهاية لهذه الحركة .
تغيَّر الموقف في بغداد بعدما كان أهلها موالين لإبراهيم بن المهدي أصبحوا ضده، وخاصة بعدما علموا بخبر مسير المأمون من مرو اتجاه بغداد، وبعد دخول عدد كبير من أهل بغداد في طاعته بعد الدعوة إليه سرا من قبل بعض أعوانه، فاضطرب لذلك أمر من كان يعتمد عليهم في نصرته، فأخذوا بالتخاذل عنه، وعصيان أوامره، وعندما رأى إبراهيم أن قواده تخلوا عنه، وتجمع الناس على داره مطالبين بخروجه وخلعه من الخلافة، فما كان عليه إلا أن يختفي عن الأنظار، فهرب في ليلة الأربعاء الثالث عشر من ذي الحجة عام 203هـ/818م، وظل متخفيا إلى أن دخل المأمون بغداد .
مرّ المأمون في طريقه على الري وجرجان ، ومكث فيهما مدة من الزمن، وعند وصوله إلى النهروان استقبله أهل بيته والقادة، ودخل المأمون بغداد في الرابع عشر من صفر عام 204هـ/819م ، وبدخوله استتب الأمن في بغداد وعادت الحياة إلى طبيعتها، وبعودة الخليفة المأمون إلى مركز الخلافة تنتهي حركة إبراهيم بن المهدي .
يذكر ابن طيفور أن الخليفة المأمون أمر بالبحث عن إبراهيم بن المهدي وأصر على طلبه ، وجعل لمن يقبض عليه مائة ألف درهم ، فأرسل إلى شكلة أم إبراهيم بن المهدي يسألها عنه، ويتوعدها إن لم تدل على مكانه، فبعثت إليه تقول: "يا أمير المؤمنين أنا أم من أمهاتك، فإن كان ابني عصى الله عز وجل فيك فلا تعصِ الله فيه"، فرقَّ لها المأمون وتوقف عن طلب إبراهيم .
في ربيع الأول من عام 210هـ/825م تم القبض على إبراهيم بن المهدي، وهو متخفي في زي امرأة مع امرأتين، أخذهم أحد الحراس في الليل، فقال: من أين أنتن، وأين تردن في هذا الوقت؟ وقد رأى الحارس في يد إبراهيم خاتم من ياقوت، فشك في أمره، وقال: هذا خاتم رجل له شأن، ورفعهن إلى صاحب المسلحة ، فأمرهن أن يسفرن ، فامتنع إبراهيم، فسحبه، فظهرت لحيته، فأرسله إلى صاحب الجسر الذي تمكن من معرفته، وأبلغ الخليفة المأمون بالقبض عليه، فأمر بالاحتفاظ به إلى الغد .
أُدخِلَ إبراهيم بن المهدي على الخليفة المأمون، فسلَّم إبراهيم، فقال المأمون: لا سلَّمك الله ولا حفظك، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين إن ولي الثأئر محكم بالقصاص، والعفو أقرب للتقوى، ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الرجاء لم يأمن من عادية الدهر، وقد جعلك الله فوق كل ذي عفو كما جعل كل ذي ذنب دون عفوك، فإن تأخذ فبحقك، وإن تعف فبفضلك. ثم قال المأمون: لا بأس عليك يا عم، فقال إبراهيم: ذنبي يا أمير المؤمنين أعظم من أفوه معه بعذر، وعفوك أعظم من أن أنطق معه بشكر، ولكن أقول:
إن الذي خلق المكارم حازها في صلب آدم للإمام السابع
ملئت قلوب الناس منك مهابة وتظل تلكؤهم بقلب خاشع
ما إن عصيتك والغواة تمدني أسبابها إلا بنية طائــــع
عفوت عمن لم يكن عن مثله عفو، ولم يشفع إليك بشافع
ورحمت أشباحا كأفراخ القطا وحنين والدة بقلب جــازع.
فقال المأمون: لا تثريب عليك عفوت عنك، ورددت إليك مالك وضياعك .
تشير بعض المصادر التاريخية أن المأمون استشار خواصه في إبراهيم بن المهدي، فقال: بعضهم: اقطع يديه، وقال بعضهم: اصلبه على الجسر، وقال أحمد بن أبي خالد: إن عفوت لم تجد مثلك عفا عن مثله، وإن قتلته وجدت الكثير فعل مثلك، فعفا عنه المأمون . ويذكر ابن الساعي أن بوران بنت الحسن بن سهل هي من طلبت العفو عن إبراهيم .
عاش إبراهيم بن المهدي إلى أن توفي في شهر رمضان عام 224هـ/838م بسامراء .
إن الذي يسمع بالوهلة الأولى بأن العباسيين في بغداد قاموا بخلع المأمون من الخلافة، واختاروا إبراهيم بن المهدي بدلًا عنه، يراه استخفافا بمنصب الخلافة، واستهانة بشخصية الخليفة المأمون، وعدم أحقيته بالمنصب الرئاسي الذي هو فيه. ولكن المتمعِّن في أحداث عصر الخليفة المأمون يجد أن هناك قرارات خاطئة ومتراكمة قام بها الخليفة حتى وصل به الحد إلى خلعه من الخلافة، ومن من؟!! من بني العباس أهله وشيعته، وتمثلت هذه القرارات الخاطئة التي أثارت حفيظة العباسيين بداية من قتله لأخيه الأمين، وتقريب العنصر الفارسي في المناصب العليا، وبقائه في مرو مفضلًا لها على بغداد مركز العباسيين وعاصمة الخلافة، وما قام به أخيرًا من البيعة بولاية العهد إلى شخصية علوية مقدِّمًا إياها عن أخيه القاسم الذي هو ولي العهد الشرعي، وقد كان هذا القرار الأخير بمثابة القشَّة التي قصمت ظهر البعير، وأدى إلى انفجار العباسيين على المأمون وخلعه من الخلافة.
الخاتمة.
بعد استعراض حركة إبراهيم بن المهدي ضد الدولة العباسية في العراق زمن الخليفة المأمون (198-218هـ/813-833م)، فإن الدراسة توصلت إلى نتائج أهمها:
- أشارت الدراسة إلى الظروف السياسية للخلافة العباسية عند تولي المأمون الخلافة عام (198-218هـ/813-833م)، فقد كان لهذه الظروف أثرها في ظهور الحركات المعارضة.
- أظهرت الدراسة نتائج عقد الخليفة المأمون البيعة بولاية العهد عام (201هـ/816م) إلى علي الرضا. أعتقد الخليفة المأمون أنه سيحد من الغضب العلوي ضد سياسته بهذه الخطوة المفاجئة، ولكن هذا القرار أدى إلى ظهور طرف آخر معارض في العراق، وهم بنو العباس، فقاموا بخلعه من الخلافة، وتعيين إبراهيم بن المهدي بصفته خليفة. في خضم الأحداث المضطربة في العراق استغلت الأقاليم الأخرى التابعة للخلافة العباسية هذا الوضع، فقامت بحركات التمرد والعصيان، ومنها: حركة نصر العقيلي في بلاد الشام، وحركة بابك الخرمي في أذربيجان، وثورة القبط في مصر، وحركات أخرى في المغرب، واليمن، وما تجدر الإشارة إليه أن الباحث لم يتطرق إلى هذه الحركات في دراسته كونها خارج الإطار الجغرافي للدراسة.
- ركز البحث على موقف الخليفة المأمون في محاولته لاستدراك الوضع السياسي في العراق بعد ما علم بخبر تولي إبراهيم بن المهدي الخلافة، فقد قام بالتخلص من وزيره الفضل بن سهل، وولي عهده علي الرضا؛ من أجل استرضاء بني العباس.
- أوضح المقال طريقة تعامل الخليفة المأمون مع إبراهيم بن المهدي بعد القبض عليه، فقد عفا عنه، ويتضح من ذلك تعاطف الخليفة مع أبناء البيت العباسي، والمتتبع للحركات التي ظهرت في عهد الخليفة المأمون، أن الخليفة لا يعفو عن مسيريها، مثال على ذلك حركة أبي السرايا الذي أمر بقتله.
- كشفت الدراسة أن حركة إبراهيم بن المهدي غيرت من القرارات السياسية التي كان قد اتخذها الخليفة المأمون في بداية خلافته، ومن أبرزها: ترك خراسان وعودته إلى بغداد مركز الخلافة العباسية.
المصادر والمراجع
المصادر
1. البخاري، أبي نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان (ت341هـ/952م)، سر السلسلة العلوية، تحقيق السيد محمد الصادق، منشورات المكتبة الحيدرية، النجف، 1963م.
2. ابن تغري بردي، يوسف الاتابكي، (874هـ/1469م)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، 4 أجزاء، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة، (د.ت).
3. الاتليدي، محمد دياب (ت1100هـ/1689م)، إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس، تحقيق محمد أحمد عبدالعزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م.
4. الثعالبي، أبي منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري (ت429هـ/1038م)، تحفة الوزراء، تحقيق حبيب علي الراوي، وابتسام مرهون الصفار، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 2006م.
5. ابن الأثير، عز الدين أبي الحسن علي بن محمد الجزري (ت630هـ/1233م)، الكامل في التاريخ، 11جزء، تحقيق عبدالسلام التدميري، ط5، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010م.
6. الجهشياري، عبدالله بن عبدوس الكوفي (ت331هـ/942م)، الوزراء والكتاب، تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الأبياري، وعبدالحفيظ شلبي، مطبعة مصطفى الباني الحلبي وأولاده، القاهرة، 1938م.
7. الحموي، شهاب الدين ياقوت (ت626هـ/1228م)، معجم البلدان، 7 أجزاء، دار صادر، بيروت، 1977م.
8. الخطيب البغدادي، أبي بكر أحمد بن علي (ت463هـ/1070م)، تاريخ مدينة السلام وأخبار محدثيها وذكر قطانها العلماء من غير أهلها ووارديها، 16 جزء، تحقيق بشار عواد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2001م.
9. ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الأشبيلي (ت808هـ/1406م)، العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، 7 أجزاء، تحقيق خليل شحادة، وسهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2000م.
10. ابن خلكان، أحمد بن محمد بن أبي بكر (ت681هـ/1283م)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، 8 أجزاء، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1978م.
11. ابن خياط، أبو عمرو خليفة بن خياط العصفري (ت240هـ/854م)، تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق أكرم ضياء العمري، ط2، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، 1985م.
12. الأزرقي، محمد بن عبدالله بن أحمد المكي (ت250هـ/864م)، أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، تحقيق عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، مكتبة الأسدي، مكة المكرمة، 2003م.
13. ابن الساعي، علي بن أنجب (ت674هـ/1275م)، نساء الخلفاء المسمى جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والإماء، تحقيق مصطفى جواد، دار المعارف، القاهرة، (د.ت).
14. الأسكافي، محمد بن عبدالله الخطيب (ت421هـ/1030م)، لطف التدبير، تحقيق أحمد عبدالباقي، مكتبة المثنى، بغداد، 1964م.
15. الأصفهاني، أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد (ت356هـ/966م)، الأغاني، 25 جزء، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1938م.
16. الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد (ت748هـ/1347م)، سير أعلام النبلاء، 25 جزء، تحقيق علي أبو زيد ط11، مؤسسة الرسالة، بيروت، عام 1996م.
17. الطبري، محمد بن جرير (ت310هـ/923م)، تاريخ الرسل والملوك، 10 أجزاء، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1966م.
18. ابن الطقطقا، محمد بن علي بن محمد العلوي الفخري (ت709هـ/1309م)، الآداب السلطانية والدول الإسلامية، دار صادر، بيروت، (د.ت).
19. ابن طيفور، أحمد بن أبي طاهر (ت280هـ/894م)، بغداد، تحقيق محمد زاهد الكوثري، الناشر السيد عزة العطار الحسيني، مصر، 1949م.
20. القزويني، زكريا بن محمد بن محمود (ت682هـ/1283م)، آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر، بيروت، (د.ت).
21. القمي، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى (ت381هـ/991م)، عيون أخبار الرضا، جزئين، المطبعة الحيدرية، النجف، 1970م.
22. القلقشندي، أحمد بن عبدالله (ت821هـ/1418م)، مآثر الأناقة في معالم الخلافة، 3 أجزاء، تحقيق عبدالستار أحمد، عالم الكتاب، بيروت، (ب.ت).
23. ابن كثير، عماد الدين إسماعيل بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع البصروي الدمشقي القرشي (ت774هـ/1373م)، البداية والنهاية، 21 جزء، تحقيق عبدالله بن عبدالمحسن التركي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والاعلان العربي، السعودية، 1998م.
24. مسكوية، علي بن أحمد بن محمد (ت421هـ/1031م)، تجارب الأمم وتعاقب الهمم، 7أجزاء، تحقيق سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003م.
25. ابن ماكولا، علي بن هبة الله بن علي بن جعفر (ت475هـ/1083م)، الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب، 4أجزاء، ط2، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1993م.
26. ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي (ت711هـ/1312م)، مختصر تاريخ دمشق، 31 جزء، تحقيق سكينة الشهباني، دار الفكر، دمشق، 1998م.
27. النويري، شهاب الدين أحمد بن عبدالوهاب (ت732هـ/1331م)، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج22، تحقيق عبدالمجيد ترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م.
28. اليعقوبي، احمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح (ت282هـ/895م)، تاريخ اليعقوبي، جزئين، ط2، دار صادر، بيروت، 2010م.
المراجع:
1. أيوب، إبراهيم، التاريخ العباسي السياسي والحضاري، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1981م.
2. خليفة، حسن، الدولة العباسية قيامها وسقوطها، المكتبة المصرية الكبرى، القاهرة، 1931م.
3. الدوري، عبد العزيز، العصر العباسي الأول دراسة في التاريخ السياسي والإداري والمالي، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2009م.
4. رمضان، عاطف منصور محمد، موسوعة النقود في العالم الإسلامي، دار القاهرة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2004م.
5. هدارة، محمد مصطفى، المأمون الخليفة العالم، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 2000م.
- المراجع المعربة:
1. بروكلمان، كارل، تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة نبيه أمين فارس، ومنير البلعبكي، ط5، دار العلم للملايين، بيروت، 1973م.
2. جلوب، جون، إمبراطورية العرب، ترجمة عادل حامد محمد، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2014م.
3. رونلدسن، داويت، عقيدة الشيعة، ط2، مؤسسة المفيد، بيروت، 1990م.
4. ليسترينج، كي، بلدان الخلافة الشرقية، ترجمة بشير فرنسيس، وكوركيس عواد، مطبعة الرابطة، بغداد، 1954م.
البحوث والمقالات العربية
- فوزي، فاروق عمر، الفضل بن سهل وزير المأمون نموذج للتخريب الفارسي في السياسية العباسية، مجلة الآداب، العدد 32، جامعة بغداد، بغداد، 1982م.
الرسائل الجامعية:
1. بديوي، خالد أحمد محمد، الحياة السياسية والإدارية والاجتماعية في عصر الخليفة المأمون (170ـ218/813ـ833م)، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عين شمس، القاهرة، 2001م..
2. الجهورية، أحلام بنت محمد بن مبارك، نظام ولاية العهد في العصر العباسي الأول (132-247هـ/749-860م)، رسالة ماجستير منشورة، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2012م.
3. السعدي، عبدالعزيز عبدالله، حركات المعارضة السياسية ضد الدولة العباسية في العراق زمن الخليفة المأمون(198-218هـ/813-833م)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2021م.
4. عرفة، ثريا حافظ، الخراسانيون ودورهم السياسي في العصر العباسي الأول، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الملك عبدالعزيز، مكة المكرمة، 1980م.