البُعد الميافيزيقي في المشهد التشكيلي للفنان سعد العبد دراسة تحليلية لمعرض (ترانيم العشق) الذي أقيم في الفترة من 28 يناير حتى 25 نوفمبر 2023 بجاليري ضي (أتيليه العرب للثقافة والفنون) بجمهورية مصر العربية
| الباحث المراسل | سعد العبد | كلية التربية الفنية بالزمالك جامعة حلوان |
المقدمة:
يعد الفن التشكيلي أحد العلوم الإنسانية التي تخاطب العقل والمشاعر، وتنمي القدرة على الإحساس بالجمال، وقبل أن يسهم الفن التشكيلي في إثراء المخزون الثقافي والجوانب الإبداعية للفنان والمتذوق والدارس؛ فإنه يسهم بشكل كبير في بناء الشخصية الإبداعية فكرياً وإبداعياً؛ مما يساعد على تشكيل الفكر ونمو الإبداع.
كما يُعد الفن التشكيلي أيضاً بمثابة السجل البصري للتاريخ، فمن خلاله ندرك حياة الشعوب وخصائصها وأوجه الحياة بها، وطرائق الحياة المختلفة للإنسان وعلاقته بالبيئة والمجتمع من حوله، فالفنون بكل أشكالها وألوانها تُعد المحرك الرئيس لوجدان الشعوب؛ فالفن على مدار التاريخ خاضع لقضايا المجتمع وأزماته ومعبراً عنها، من هنا تكمن أهمية الفن ودوره في بناء مجتمع أفضل وأرقى؛ حيث يُعتبَر الفن وسيلة للحوار الحسي بين المجتمعات المتنامية منذ القدم وحتى يومنا هذا، فمنه نستطيع بث رسائل مفهومة لكل أصناف البشرية، متجاوزة حدود اللغات التي تنطق بها أمم مختلفة الأعراق والجنسيات.
والميتافيزيقا في الفن هي اتجاه يهدف إلى الكشف عن جوهر الأشياء، والبحث عن المطلق أو القيمة فهي بمثابة استشعار لما فوق الإحساس والواقع، وهي أيضاً معالجة للفن من رؤية معينة، أي من حيث علاقته بالوجود، سواء كان بمعناه العام، أي الوجود الشامل، أو بمعناه الخاص، أي الوجود الإنساني، حيث يصبح الفن رؤية للوجود والحياة لا رؤية للواقع جزئياً كان أم كلياً. فالفنان أو العبقري هو ذلك الذي تتيح له قدرته المعرفية أن يرى حقيقة العالم بأسره، والوجود في جملته. والموضوع الجميل هنا هو ذلك الموضوع الذي نراه ونستمتع به في ذاته، بصرف النظر عن علاقاته بغيره من الأشياء، أي ذلك الموضوع الذي نراه في طابعه الأبدي المميز له، أي في طابعه الوجودي أو الميتافيزيقي (حنا، 2021).
وتشير عامر وآخرون (2022) أن الفن الميتافيزيقي هو في الأساس اسم لحركة فنية نشأت في إيطاليا على يد جورجيو دي كيريكو (Giorgio de Chirico) عام 1919م؛ والتي كانت لوحاته أشبه بالأحلام فهي تدمج الأشياء مُمثلاً عالماً يعمل من خلال العقل الباطن وبشكل مباشر مستهدفا ما وراء الواقع المادي الملموس، وتأتي التسمية بالتصوير الميتافيزيقي على كونه يخلط العناصر الهندسية والطبيعة الصامتة والحية بدون وجود أي علاقة مباشرة بينها، وتكون الميتافيزيقى الشكل أوسع نطاقًا انطلاقا من كون الفن المعاصر اليوم هو الوجهة التعبيرية الرئيسة للمطلق والتعبير الجمالي لما وراء الطبيعة الميتافيزيقية.
وفي دراسة كساب (2022) عن ميتافيزيقى المكان ترى أن للمكان تأثيرا كبيرا على العملية الإبداعية، فالمكان الميتافيزيقي له القدرة على اختزال الصور، وتكوين العلاقات الجديدة بين الأشكال عاكسا فراغات غير متوقعة وبدلالات مكثفة تفتح الباب لتأملات أوسع تجمع ما بين الواقع والخيال؛ بوصفه رمزا لعام الفنان وصياغاته وتصوراته بحسب أفكاره وأساليبه واتجاهاته الفنية.
ويرجع غزوان (2009) إلى الناقد الفرنسي بودلير الذي يرى أن ميتفيزيقا ما بعد الطبيعة تسعى إلى إدراك الجمال الحسي من خلال تكثيف وجود الأشياء وإرجاع هُويتها إلى الطبيعة بشكل مبالغ فيها، ومن خلال توسيع البعد المكاني والزماني بما يسمح للأشياء تخطي حدودها التي تسمح للفنان أن يتحسس أعماق الحياة ويتوسع فيها بطريقة غير مباشرة مؤكدا على البعد الميتافيزيقي للعمل الفني.
وفي خلاصة تقصي كساب (2022) لماهية ميتافيزيقية المكان- والتي استعرضت فلسفات ووجهات نظر كل من شوبناور، وبودلير، وباشلار، ولوتمان- إنها ليست تجاوزاً للواقع وليس ابتعاداً عنه؛ بل هي عملية التعمق في ذلك الظاهر الحسي المرئي والعمل على تحويله إلى أبعاد أخرى ميتافيزيقية، ومنها المُتخيل الذي له أصل ومرجع من واقع الحياة، وهو تصور فلسفي وجمالي يعكس أبعادا أخرى في عالم الفن التشكيلي الذي يسعى الفنان عادة إلى إيجاده من واقع أفكاره وخياله العميق.
ويحتاج تصوير الأشكال البصرية إلى خيال واسع وهو من أهم خصائص التشكيل البصري، تشير محمد (2021) إلى أن "الخصائص التشكيلية للرسوم القائمة على الفكر الميتافيزيقي يعتبر الخيال بصوره المتعددة الداعم الرئيس لتكوين التصور البصري للأشكال الميتافيزيقية، فالخيال باعتباره أحد العمليات العقلية التي تتم داخل فكر الفنان وتؤدي به إلى الخروج من الشكل النمطي للتفكير والتصميم إلى الخوض بمرونة في مداخل ورؤى غير مألوفة يدعمها إحساسه الشخصي مما يتيح للفنان مساحة خصبة للإبداع" (ص.196).
ومن أجل إبداع لوحات تصويرية ذات مغزى، يجب إدراك العلاقة الجمالية بين الظواهر الخارجية في الواقع وبين التصوير الميتافيزيقى، وعليه فإن مؤنس (1998) يُفند هذه العلاقة ويُحددها بأنها علاقة تبادُلية فلا يوجد واقع حسي مستقل؛ فالواقع يتخلله صبغة غامضة أحياناً، والذي يجعل المعرفة الميتافيزيقية معرفة ناقصة وغير كاملة، بمعنى آخر أنه من أجل معرفة عالم ما وراء الطبيعة أو ما وراء الواقع يجب علينا معرفة الواقع ذاته؛ فالأشكال الواقعية وما تحمله من صور مختلفة هي ما تدل على المعرفة الميتافيزيقية. كما يؤكد محمد (2013) أن ميتافيزيقا الفن هي معالجة للفن من رؤية وزاوية معينة، وهي ذات علاقة بالجود بمعناه العام والخاص، وهو تأكيد على الوجود الإنساني، فالفن التشكيلي هنا يكون رؤية خاصة للوجود والحياة، لا رؤية للواقع كما يُرى أو يُشاهد، فهو أي الفنان تُتيح له إمكانياته وقدراته المعرفية والفنية أن يرى العالم بأسره، وهنا يكمن جماليات ما يراه الفنان والذي يجعلنا نستمتع به لذاته بغض النظر عن مدى العلاقة بينه وبين الواقع أو بغيره من الأشياء الأخرى.
وفي خضم حديثه عن الفن الأوروبي الحديث، يؤكد باونيس (1994) أن الفنان الميتافيزيقي حاول أن يقتنص حِسًا نيتشويًا خاصًا بالهاجس والإدارك الحسي لمظاهر العالم وسطوحه الخارجية بحيث يخفي حقيقة أكثر عمقًا، ومغايرةً عن الواقع.
لقد اختلف منطق الفنان بنظرته التأملية الصوفية في تحقيق القيم الفنية؛ حيث ارتبطت لديه بالمنطق الروحاني، فعلى سبيل المثال إذا تأملنا تحقيقه لقيمة الوحدة؛ نجدها وقد نبعت من (مبدأ وحدة الوجود) الذي يشمل التعدد والكثرة لكل ما هو ظاهرٌ وخفي من نظمٍ كونية، كما أنها الخاصية التي تجمع بين طياتها القيم الروحية والفنية والتشكيلية، "فالفنـان من خلال تجربته الإبداعية يكشـف عن التوحد كقضية شخصية، إما عن طريق تأمله للأشياء وتصويرها تمثيلياً أو عن طريق تجريده لها من تجسيماتها أو تصويرها خطوطاً ومساراتٍ" (إبراهيم، 1996) . كما أن للوحدة "جوانب عضوية في اتصالها بكل ما يحيط بها، فعين الإنسان مثلاً جزء من الجسم" (البسيوني، 1980). وفي هذا الإطار يشير راغب (1980) إن الوحدة العضوية تعني "استحالة حذف أو إضافة أي جزء إلى العمل متى نضج واكتمل"، أما عن قيمة الضوء فقد تحولت لدى الفنان لقيمة النور؛ حيث نبعت لديه من قوله تعالى: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" (القرآن الكريم).
فعظّم الله النور على الضوء حينما جعله اسماً قرآنياً له سبحانه وتعالى، فالنور ليس بديلاً للضوء بل أعلى وأسمى، حيث ينبعث من الباطن وليس انعكاساً على أسطح الأشياء، والمتأمل لتاريخ الفنون خاصة فنون الحضارات المصرية التي زاوجت بين الفن والعقيدة حيث تشبعت تلك الفنون بجانب روحاني انعكس على قيمه وجمالياته، نجد قيمة الضوء في الفن المصري القديم قد تحولت إلى فلسفة النور لما تحمله من مفاهيم ومضامين ترتبط بأساطير بدء الخلق وترانيم التوحيد لاخناتون، أما في الفن القبطي فنرى النور وقد تجسد في الهالات النورانية للقديسين لتمييزهم بالنورانية لكونهم رموزاً للدين.
كما ظهر النور بإشراقاته في الفن الأيقوني الذي ارتبط بتعاليم الدين ورحلة العائلة المقدسة، وفي الفن الإسلامي توضح منمنمات المخطوطات الدينية خاصة منمنمات رحلة الإسراء والمعراج هالة نورانية على البراق، كما جسدت منمنمات منطق الطير الفكر الصوفي وإشراقة النور النابع من قوله تعإلى "وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"، وبذلك تمتد قيمة النور وفلسفتها إلى عمق التاريخ، غير أن هذه القيمة اختلفت فلسفتها في ظل تطور الفنون حيث استعمل الفنانين تقنيات الضوء واللدائن والتكنولوجيا لتحقيق صياغات تشكيلية مغايرة كمردود مرئي إبداعي لمضمون فلسفي أدبي توضح ماهية النور وجمالياته، كل ذلك انعكس على الفن وشَكّلَ فلسفته ورؤيته الإبداعية.
إن من يتأمل تلك الفنون يتلمس احتواءها على جميع العلوم التي صيغت في قالب تشكيلي ذي صبغة إبداعية يمكن استشرافها واستلهامها بما فيها من قيم جمالية وتعبيرية ورمزية، ومهارات تقنية عالية، وهي بذلك ومن هذا المنظور تعد مصدراً للإلهام، كما تعد أسلوباً مهماً وطريقة للتفكير، تساهم في بناء الشخصية الإبداعية من خلال الفن.
مشكلة البحث وأسئلته:
يُقدم الباحث تجربة فنية متكاملة في هيئة معرض فنية يحوي على أعمال تصويرية معاصرة، فقد تم عرض الأعمال الفنية في جاليري ضي المهندسين في الفترة من 28 يناير حتى 25 نوفمبر 2023 بجمهورية مصر العربية. تتحدد مشكلة البحث في محاولة الباحث فك الغموض والمعاني والمضامين الفلسفية والفنية والجمالية والتقنية في تلك الأعمال ومحاولة منه في البحث عن الأبعاد الميتافيزيقية للمشهد التشكيلي للفنان؛ وعليه تتحد مشكلة البحث في محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية:
(1) ما البُعد الميتافيزيقي في الأعمال الفنية بمعرض (ترانيم العشق) للفنان سعد العبد؟
(2) ما مصادر الإبداع والإلهام الفني للفنان سعد العبد بوصفه أحد الفنانين والأكاديميين في الساحة الفنية؟
(3) ما القيم الفنية والجمالية والتعبيرية في الأعمال الفنية بمعرض (ترانيم العشق) للفنان سعد العبد؟
فروض البحث: يفترض البحث الحالي أنه يمكن الكشف عن البُعد الميتافيزيقي ومصادر الإلهام المتعددة في المشهد التشكيلي للفنان "سعد العبد" من خلال تقديم دراسة تحليلية ذاتية لمعرض (ترانيم العشق).
أهداف البحث: يهدف البحث إلى:
1- الكشف عن الشخصية الإبداعية للفنان سعد العبد.
2- الدراسة والتحليل لمختارات من الأعمال الفنية للفنان سعد العبد بهدف الكشف عن البُعد الميتافيزيقي في المشهد التشكيلي لتلك الأعمال الفنية.
3- الكشف عن مداخل الإلهام المتنوعة لدى الفنان سعد العبد.
4- الكشف عن القيم الفنية والتعبيرية والجمالية للأعمال الفنية للفنان سعد العبد.
أهمية البحث: يهتم البحث بالآتي:
1- تقديم رؤية جديدة لتحليل الأعمال الفنية من بعد فني ميتافيزيقي لرؤية جماليات ما وراء الطبيعة التصويرية لسطوح اللوحة المعاصرة.
2- تحديد المداخل الإبداعية والتقنية المستخدمة في العمليات الإنتاجية وأهمية الإستفادة منها في الإبداع التصويري المعاصر.
3- إثراء المكتبات الجامعية بالدراسات التي تفيد الباحثين والدارسين بمصادر العملية الإبداعية وببحوث تعتمد على الممارسة والتطبيق العملي الفني لتجارب الفنانين.
4- تحديد مصادر الإلهام للفنان في هذه التجربة البحثية يفتح الباب إلى مزيد من التجارب الإبداعية التي ينعكس أثرها على الإبداع والتعليم والبيئة والمجتمع.
حدود البحث:
أولاً: الحدود الموضوعية: الدراسة التحليلية لموضوعات وأفكار معرض (ترانيم العشق) للكشف عن البعد الميتافيزيقي ومصادر الاستلهام المتعددة في المشهد التشكيلي للفنان "سعد العبد".
ثانياً: الحدود الزمنية: المعرض الفني الذي أقيم في الفترة من 28 يناير حتى 25 نوفمبر 2023.
ثالثاً: الحدود المكانية: جاليري ضي المهندسين (أتيليه العرب للثقافة والفنون) بجمهورية مصر العربية.
منهج البحث وعينته: يتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من خلال تحليل (138) عملاً تصويرياً من مختلف صنوف وأشكال وتقنيات الفنون المعاصرة في مجال التصوير. اعتمد الباحث على دعم التجربة الفنية الذاتية من خلال تقديم تحليلات فنية وجمالية ذاتية مدعومة بمصادر ومراجع مختلفة أثناء سرد وتحليل الأعمال الفنية. في هذه الدراسة يقدم الباحث خلاصة ثلاثين عاماً من الإبداع الفني في مجال التصوير المعاصر، والذي يستلهم أبعاده الميتافيزيقية من مصادر وأساليب مختلفة تؤكد على أهمية التجريب في عالم الفن التشكيلي، وعدم الوقوف عند حد معين للإبداع، فالإبداع ليس له حدود، ولا توجد حدود لميتافيزقيا الفن التشكيلي وهذا ما يسعى إليه البحث الحالي لإثباته من خلال تقديم تحليلات منطقية معتمدة على الرؤية الجمالية والفنية والتقنية للمشهد البصري في أعمال الفنان "سعد العبد".
خطوات البحث:
سيتم الإجابة عن أسئلة البحث الحالي من خلال الطريقة المدمجة في تحليل الأعمال الفنية ومحاولة تفسيرها وإعطاؤها البعد الأكاديمي في تناول التحليل الوصفي للأعمال الفنية، وسوف يقوم الباحث بإعطاء نبذة مختصرة عن الفنان وإحالة القارئ إلى رابط يمكنه من خلاله معرف الكثير عن الرحلة العملية والأكاديمية والفنية للفنان قيد الدراسة، ومن ثم تقديم دراسة تحليلية معمقة لمختارات من الأعمال الفنية للفنان -عينة الدراسة- بهدف الكشف عن البُعد الميتافيزيقي ومصادر الإلهام في أعمال الفنان سعد العبد مع تحديد القيم الفنية والتعبيرية والجمالية والتقنية للأعمال الفنية لمعرض الفنان.
المناقشة وتحليل الأعمال الفنية:
من أجل تقديم تحليل وصفي فني وجمالي لتجربة الفنان؛ سوف يتم تحليل الأعمال الفنية وفق مصادر الإلهام والأبعاد الميتافيزيقية في المشهد البصري التشكيلي لأعمال الفنان.
أولاً: تعريف بالفنان
الفنان سعد العبد هو أستاذ الرسم والتصوير بكلية التربية الفنية جامعة حلوان، وله سيرة ذاتية أكاديمية وإبداعية وأسلوب ومنهج تفرد به، حيث يسعى دائماً إلى تأكيد الشخصية الإبداعية والتفرد الأسلوبي لأعماله الفنية مهما اختلفت مصادر الإبداع لديه، وطرائق التنفيذ؛ وتنوع الخامات والتقنيات المتوافقة مع طبيعة وفكرة العمل.
لقد نسج الفنان لنفسه أسلوباً إبداعياً منذ أكثر من ثلاثين عاماً استهدف استلهام الواقع وما وراءه.. اتجاه ساد أعمال الفنان سعد العبد رغم تنوع مصادر الإبداع لديه.. فبرغم هذا التعدد في مصادر الاستلهام إلا أن هناك نسيجاً واحداً متناغماً يمثل الوحدة العضوية بينهم.. وتتأتى سيادة الماوراء (ما وراء الطبيعة المرئية) بمثابة البصمة الخاصة والسمة المميزة لأسلوبه الفني الذي يميل بشدة للفكر الميتافيزيقي.
والمتذوق لأعمال الفنان سعد العبد يلاحظ بوضوح شديد أن أسلوبه الفني يتسم بالخصوصية الجمالية والإبداعية؛ حيث يقوم على السرد الموازي لحالات التسبيح عند الصوفية، فهو فنان ذو طابع خاص يعتمد في رؤيته على التأمل الدقيق لأدق التفاصيل الكونية، وهو الباحث والأكاديمي في مجالات الرسم والتصوير، وأعد العديد من البحوث التي تربط بين مجالات الفن التشكيلي والرؤية الصوفية للكون والقضايا المجتمعية، والدراسات البينية، ولمزيد من المعلومات حول الفنان يمكن الولوج إلى الرابط المحدد بين القوسين
https://www.facebook.com/share/p/zPsMWd5h7ZGWfRNE/?mibextid=oFDknk))
البُعد الميتافيزقي ومصادر الإلهام في المشهد التشكيلي للفنان سعد العبد:
تعددت مصادر الإلهام لدى الفنان سعد العبد في إنتاج إعماله الفنية، ومن هذه المصادر:
1. الطبيعة الحية:
ويُقصد بالطبيعة الحية: كل ما هو أخضر في الطبيعة والبيئة من حولنا، والطبيعة بها من وحدة عضوية ونسق رياضي روحاني، يمكن استشفافه بالمنهج الحدسي والفينومنولوجي (التأمل الصوفي للطبيعة).
لقد تجلت الطبيعة في أعمال الفنان سعد العبد بحرفية فائقة في صياغات أشبه بالترانيم ظهرت فيها بعض المفردات، حيث برزت جذوع الأشجار والنخيل في تفصيلات دقيقة تتنامى وتتوالد في سرد تشكيلي جمالي يصور التجاعيد التي تعبر عن الزمن، وقد نبع ذلك من تأثر الفنان بمقولة رائد مدرسة الفن والحياة الفنان حامد سعيد الذي صرح أنه "إذا كان القرآن هو كلام الله المكتوب فإن الطبيعة هي كلام الله المرئي" (رافع ، 1996). ومن هذه المقولة كانت وجهة الفنان سعد العبد في تأملاته الصوفية للطبيعة بوصفها أم الفنون والمصدر الأول للإبداع، كما ظهر العنصر الآدمي ممثلاً في مفردة المرأة أو طيفها في حالة تفوق الرومانسية إلى حد الميتافيزيقية.
فالطبيعة هي المنبع الروحي للفنون، وتتمثل في كل ما خلقه الله عز وجل، فهي مصدر الإلهام الأول للفنان حيث أنها منبع غنى لا ينضب، ولقد ساعدت المبتكرات العلمية في الكشف عن خبايا الكون والغموض المحيط به، كما ساعدت هذه المبتكرات في إلقاء الضوء على حياة بعض المخلوقات التي تبدو لنا صغيرة، ولكنها في حقيقتها مملكة كبيرة مما يثير الدهشة والفضول عند الفنان، ويدفعه نحو التأمل والتعمق والبحث وتدقيق الرؤية، حتى يقترب إلى كُنه الأشياء ليتعرف على مكوناتها فيعبر عنها وعن تغيراتها وحركاتها من خلال المشاعر والأحاسيس الوجدانية مع الرؤى البصرية والمعرفية.
إن رؤية الكون على هذا النحو توسع مجال الإدراك وتزيد من الوعي والفهم لدقائق الأشياء فيدرك الفنان من خلالها نظم وتراكيب ومفاهيم ما كان له فرصة رؤيتها دون الاكتشافات العلمية المستحدثة والمتطورة.
وتتمثل الرؤية الكونية الدقيقة لدى الفنان في امتلاكه عمق البصيرة وتأمله وفهمه الواعي للطبيعة وإدراك معانيها وأبعادها ومغزاها، وهذا إنما ينطبع عليه في تعبيراته الفنية وثقافاته وتشكيل عاداته وسلوكه وعلاقاته، وتمتد هذه الرؤية من استشفافه لتراكيب الأنسجة وتنظيماتها وتكويناتها وتشابكاتها ونسيجها المتداخل في هيئات تركيبية تعد مصدراً ثرياً للاستلهام، من هنا كانت إبداعات الفنان سعد العبد التي تمثل في مجموعها الاستطراد النامي والانبثاقات الحية لتوالد الطبيعة أو الحياة، وفيما يلي مجموعة من الأعمال (شكل 1، 2 ،3) التي توضح تلك الفلسفة، والتي يتضح من خلالها قيم التناغم، والتوالد، والاسترسال والتي تعادل عند الصوفية حالات التسبيح، كما جاءت المؤثرات اللونية في صياغات أشبه بأطياف الألوان، والتي تعتمد على الشفافية، محاولاً تحقيق النورانية الباطنية لذلك دمج مع الألوان المائية ورق الذهب والنحاس والفضة ليحقق حالة من التناغم وتأكيد الوحدة الفنية والعضوية.
2. مفردات وأساطير التراث المصري القديم:
يُمثل التراث المصري القديم بما يحمله من مفردات حضارية ومفردات وأساطير متنوعة أحد مصادر الإلهام لدى الفنان سعد العبد، وترانيم اخناتون ومومياوات تونا الجبل بمحافظة المنيا بجنوب مصر تحديداً هي من أكثر المفردات استخداماً في الأعمال الفنية؛ فقد صاغ من هذه الرؤية تكوينات متناغمة ومتنوعة في نسج إبداع جمالي متفرد يؤكد بصمته الجمالية المتفردة، وذاتيته في رؤية التراث المصري من منظور فني ميتافيزقي.
يوُعد التراث المصري مدخلاً إنسانياً حيوياً للاتصال والتعبير والإبداع، كما يعتبر أداة أساسية لتنمية وجهة نظر شاملة ذات أبعاد مادية وإنسانية واجتماعية وتاريخية وثقافية وجمالية، تساعد على تكوين اتجاهات فنية إيجابية نحو التراث الفني المصري عبر العصور المختلفة؛ مما يزيد من تقديره والاعتزاز به، كما أن التعبير من خلال الفن عن تواصل الحضارات يتيح الفرصة للممارسات الثقافية والأنشطة الإبداعية، حيث تتوافر كافة السبل لاكتساب المعارف والمهارات والقيم، ويتسع الوعي بالبيئة والتراث الإنساني والاستفادة من هذا الوعي في صياغة وتشكيل الشخصية المصرية، فيتمكن المبدعون من اكتشاف جماليات بيئتهم، وإنجازات أُمتهم وتقاليدها، والانفتاح على الحضارات، مما يساعد على إيجاد التوافق بين شخصياتهم العريقة المتميزة والعالم بما يحتوي من حضارات مناظرة (سعد الله، 2012).
وهنا تشير دياب (1976) في دراستها للعلاقة ما بين التراث والفنان المربي، حيث تؤكد أن لكل أمة تراثها الخاص، فهو ثمرة الحضارات الإنسانية المتراكمة على مر العصور، وهو حصيلة الفرد وفكر الجماعة (المجتمع) عبر الأزمنة المتتالية والمختلفة، ولهذا تنشأ الصلة القوية بين أفراد المجتمع وتراثهم، فهي علاقة جوهرية أصيلة وليست تبعية أو تقليد، وفي المقابل، وكما جاء عند (الألفي، 1978) أن هناك عدة متغيرات تُحدث هذا التنوع والاختلاف كالبيئة والطبيعة والعادات والتقاليد والعقائد، ونُظم الجماعات التي مما لا شك فيه تعكس أثرها الواضح على الفنون التشكيلية لكل شعب وتميزه عن الآخر.
وبذلك فالتراث الفني يعني "كل ما يرثه الإنسان من فنون الحياة المختلفة، والقيم الإنسانية، وثقافاته المتنوعة وعقائده" (عيد، د.ت.، ص 10)، ويحمل أيضاً في ثناياه "الملامح النفسية والفكرية للمجتمع مصاغة في إطار عام، بالإضافة إلى وسائل اكتساب المعرفة والخبرة والمهارة" (يونس،2017، ص7). أما التراث التشكيلي من وجهة نظر(يونس،2017، ص22) فيشمل "المنتجات الفنية والتطبيقية لكافة جوانب الحياة معبرةً عن المناخ والعقيدة وروح العصر"، وعليه فإن الطرز الفنية التراثية كما جاء عند (الخادم،2017، ص7) تعد: "لغة تشكيلية مألوفة للمجتمع حيث يبرز في كل عصر من العصور طرازاً فنياً يتغلغل في كل منتجاتها، ويعد وسيلة اتصال يتذوق عن طريقها الجمال، وهو أشبه بالمعادلات الرياضية في النسب التي تثير في النفس إحساساً جمالياً"، ويمكننا تحديد عدة اعتبارات تتحكم في أشكال إبداع التراث، وهي:
• القوانين التشكيلية: حيث يتم ابتكار تلك الحلول التشكيلية بناءً على تجاوب تلقائي مع المجتمع مبني على استجابته للعديد من العوامل كجغرافية المكان والمناخ، والجيولوجيا، والانثربولوجيا، والمعتقدات الدينية، والتقدم العلمي" (الحكيم، 1978، ص67).
• الموضوعات التي يعبر من خلالها الفنان عن واقعه وآماله وآلامه وفلسفته في الحياة؛ وتخضع لما تمليه عليه القوانين التشكيلية من صيغ تتناسب من ناحية الشكل، ويختلف التناول من عصر لآخر، فعلى سبيل المثال نجد أن الفنان المصري القديم أحب الطبيعة ولذا نجدها قد برزت كاتجاه عام وتأكدت في كل إنتاجه الفني عبر العصور المختلفة بتوافق مع رؤيته الواقعية وفي نفس الوقت محققة الوظيفة الدينية"(عبدالله، 2017).
• المواد الطبيعية المتاحة والتي وفرتها البيئة؛ والمستخدمة في الإبداع؛ وهي أيضاً من العناصر المهمة لتميز الإنتاج الفني للتراث في العديد من الحضارات القديمة، فالخامة تلعب دوراً مهماً في إبراز سمات الفنون، بل تفرض أسلوباً فنياً ذا تقنية وصولاً بها إلى درجة من الكمال من الناحية الفنية" (سليمان، 1976، ص 62).
وبذلك فالتراث الفني هو: "العمق الوجداني لتأكيد تاريخنا القومي، ولهذا يجب الاهتمام به باعتباره من أهم وسائل دعم اتصال فنوننا الحالية، إنه أشبه بالمراجع التي تمتلئ بها المكتبات ويتردد عليها الباحثون في مجالات المعرفة ليحصلوا من ورائها على قدر يناسب احتياجاتهم" (عبدالله، 2017، ص 464).
مما تقدم يتضح أن استلهام التراث الفني قضية شغلت وما تزال تشغل اهتمام الكثير في مجال الفن التشكيلي بفروعه المختلفة، في محاولة لاستنباط قيمه مع النظر إليها من منظور جديد يتعدى تاريخه من منجزات الماضي إلى ما يتضمنه خافياً وكامناً في أعماقه من قيم فنية مبتكرة وخالصة، ومن الممكن إسهامها في مستقبل التعبير الفني من جديد لتضيف محاولة جديدة من محاولات الإنسان للتعبير بالشكل، فالمعاصرة في الفنون هي صلاحية الحلول التشكيلية القديمة (التراثية) لاستخلاص بعضها الذي يساهم في ثراء خبرة ومدارك الفنان وإعادة صياغتها من جديد بوجدان معاصر، ومن أعمال الفنان سعد العبد المستلهمة من ذلك المصدر الثري مدونة في الأشكال من (10-26) وهي كالآتي:
3. رسوم الأطفال ببراءتها وعفويتها وروحانياتها:
رسوم الأطفال وما تحمله من خصائص وسمات هي أحد مصادر الإلهام للأعمال الفنان سعد العبد، حيث استلهم منها الكثير فظهرت أعماله الفنية في نسيج إبداعي المترابط يتسم بالوحدة العضوية والذي يصعب فصله عن ذلك النسيج العام الذي يمثل رؤية الفنان الممتلك عيناً ثاقبة إلى حد الصوفية تستشرف ما وراء الظاهر المرئي، حيث الجوهر والنسق الرياضي والروحاني الكامن خلف كل ما هو ظاهر، وبذلك زاوج الفنان بين كلٍ من المنهج الحدسي الذي أساسه الرؤية المعتمدة على جوهر النسق الشكلي الظاهري، والمنهجي والفينومنولوجي الذي يعني بعلم الظواهر أي الشكل الظاهري المرئي للعين في سياق جمالي متكامل.
لقد كانت رسوم الأطفال مصدر ثري لا ينضب للاستلهام فاستلهمها فنانو الغرب والعرب على السواء في محاولة لتحقيق قيم العفوية، والبراءة، والفطرة الإنسانية التي تكمن داخل الفنان الإنسان، كما اهتم بتحليلها الكثير من التربويين وخبراء علم النفس والفلاسفة والفنانين للوقوف على تطور نمو الطفل مقارنة بنمو رسومهم وإدراكه لمفرداته وتعبيراتها ومنهم جون ديوي، ولونفيلد، وجون لوك، وجان جاك روسو ومينتسوري، وفروبل، وجان بياجيه؛ وغيرهم من المفكرين والعلماء.
ولقد تميز ميدان التربية الفنية في الآونة الأخيرة بسمة الدينامية حيث تبلور دورها في محاولة تحقيق التوازن، والتوافق بين متطلبات الفرد، وحاجات المجتمع؛ وذلك بالاتجاه والانفتاح نحو التثقيف من خلال الفن، فالغاية التي يسعى إليها الفن في هذه الآونة هي عملية التثقيف وتسخير إمكانات الفن لخدمة الأفراد داخل المؤسسات الاجتماعية، وإكسابهم خبرات تعينهم على ممارسة هواياتهم بيسر وانطلاق، كما أنها في ذات الوقت تساهم في إعداد القائمين بالتدريب والكوادر اللازمة لمختلف المؤسسات التربوية والتثقيفية والترفيهية في محاولة لتنمية قدرات الأسوياء من الأطفال وإعدادهم الإعداد الجيد والواعي.
والطفل في سن ما قبل المدرسة يتسم بأنه طفل محب للتجريب والفك، وإعادة التركيب، والبناء، نلاحظ هذه السمات لديه عند متابعته بدقة أثناء ممارسته لألعابه التي تعينه على تكوين صورة ذهنية خاصة به.
وممارسة فن الرسم دائماً ما تتضمن عمليات الاكتشاف والتجريب الذي يرتبط بمادة العمل الفني، وقد يتم ذلك الاكتشاف أثناء إتمام العمل أو النشاط الفني ذاته (فوزي، 2002). ويعتبر النشاط الجيد كما تري "هيلدا تابا Hilda Taba 1965 "مجموعة من الخبرات التي تنظم داخل إطار معين ليتعلم منها الأطفال ما يكفي لتغيير سلوكهم واتجاهاتهم، الأمر الذي يجعل تعليمهم أفضل من خلال المرور بتلك الخبرات المتعلقة بمشكلات واقعية يعايشونها وتؤثر في بيئتهم الخاصة والعامة" (Taba, 1965)، وتتطلب ممارسة العملية الإبداعية للأطفال دراية ووعي من قبل الكوادر القائمة على التعليم بسمات هذا النشء، وطبيعته، وخصائص رسومه، وكيفية قراءتها، لكونها تعد في المقام الأول بمثابة عملية تنفيسية عن المشاعر والانفعالات، فمع عبور الطفل مرحلة التخطيطات البدائية فإن دوافع أخرى تأخذ دورها في توجيه هذا التعبير من أهمها حاجته إلى التنفيس عن مشاعره وانفعالاته المكبوتة، وتسمى هذه العملية التنفسية "بالتكيف".
والأشكال الفنية المختلفة بما تتسم به من فرص التعبير الحر، تعد وسيلة مهمة لتحقيق التوافق الداخلي للفرد، فهي تسمح للمشاعر والانفعالات التي لا يمكن التعبير عنها لفظياً بالانطلاق، كما تيسر الفرصة لإشباع الرغبات التي لم تجد فرصة للإشباع في الواقع.
ويعد فن الرسم من هذه الزاوية وسيلة للإسقاط، يعكس من خلالها الطفل مفهومه عن ذاته وعن الآخرين وعلاقته بهم واتجاهاته نحوهم، كما يعكس حاجات ومشاعر وانفعالات ومخاوف في صورة مرئية، مستعيناً على ذلك بمختلف الأساليب والصيغ البلاغية التشكيلية كالتصغير والحذف والمبالغة، شعورياً ولا شعورياً. ومن ثم فإن الخطوط الناتجة أياً كان نمطها وطبيعتها تزودنا ببعض المعلومات عن صاحب الرسم، كما أن محتوي الرسم يحدد لنا بدرجة كبيرة تلك الطريقة التي يدرك بها الطفل ذاته.
ومما سبق يتضح جلياً دور فن الرسم في تنمية شخصية الطفل خاصة في مرحلة ما قبل المدرسة، ذلك الطفل الذي تتميز رسومه بالتلقائية والبراءة والذي لا يقل شأناً عن فنون التراث والفنون الشعبية ورسوم المتخصصين؛ حتى أنه أصبح أحد مصادر الإلهام في الفن الحديث. ولقد كان لأفكار كل من جان جاك روسو وجان بياجيه فروبل أهميتها حيث غيرت النظرة للطفل ورسومه، فأتيحت له الفرصة للتعبير الحر دون تقيد، ومن منطلق أن الطفل صفحة بيضاء كانت النظرة الواعية في كيفية تسطير هذه الصفحة بأسمى القيم والمبادئ والمعايير التي تحكم تصرفاته وانفعالاته.
كما أن رسوم الأطفال عبرت عن منظورهم الخاص وانطباعاتهم عن الواقع، واتسمت بالفرادة والتميز، مما جعلها لا تقل شأناً عن فنون التراث أو الحداثة، بل كانت دائماً مصدر إلهام لما تتسم به من براءة وتلقائية يعجز الكثير من الفنانين عن تحقيقها، والمتتبع لحركة الفن التشكيلي الحديث يلاحظ مدى أهمية رسوم الأطفال وتأثر كل من بيكاسو P.Picasso وبول كلى P. Klee وجوان ميرو J. Miro وغيرهم من الفنانين الأجانب، ومن الفنانين المصريين: جاذبية سري، وجمال لمعي، وفرغلي عبد الحفيظ، وحلمي التوني، وعصمت داوستاشي، وسعد العبد وغيرهم الكثير من الفنانين الذين حاولوا استلمهم جانب البراءة والتلقائية وخصائص رسوم الأطفال؛ لتتميز أعمالهم ولتكتسب طابعاً جمالياً غالباً ما ينطبع بوجدان المشاهدين. والأعمال الفنية من (27-41) تعرض فكرة الاستلهام من رسوم الأطفال وخصائصها للفنان سعد العبد.
4. مفردات الأبجدية العربية:
تعتبر اللغة العربية وما بها من مفردات وخطوط ذات أساليب مختلفة أحد أهم مصادر الإلهام، وتتسم مفردات الأبجدية العربية بإيقاع متناغم وموسيقي في وحدة فنية وعضوية جمالية كونها لغة القرآن الكريم، وقد ظهرت على مسطحات أعمال الفنان سعد العبد في نسيج إبداعي أشبه بالسوناتا؛ وتتسم بالترديد والإيقاع المتناغم والموسيقى في وحدة فنية وعضوية جمالية كونه لغة القرآن الكريم.
ويمثل الخط العربي ذروة الإبداع في الفن الإسلامي، فقد شغل مساحات كبيرة على جدران المباني الضخمة، ونلاحظ دائماً أن هذه المساحات المكتوبة اتخذت شكلاً متكاملاً كصورة جدارية أو كإفريز؛ وأصبحت عنصراً مهماً من عناصر التكوين العام بين العمارة وزخرفتها، وهذه الكتابات لم تكن تحمل في ثناياها طابعاً دينياً فقط، وإنما تتجسد من خلالها قيم جمالية من أجل التعبير عن المضمون، ويحقق دمج الخط العربي مع الأشكال الهندسية؛ أو تشابكات وتداخلات أبجديته حضوراً إلهياً، حيث تغلب الزوايا القائمة والتي تعزز صفة العظمة والفخامة، كما يعد الخط العربي أحد الفنون التي تعبر عن القومية العربية، فقد أضاف للفن الإسلامي معايير تركيبية وتشكيلية إلى معناه اللفظي؛ مما جعله يتميز بطلاقة شخصيته وتفردها بين فنون العالم على مدى العصور.
إن نظـرة الفنـان للحروفية هي نظرة قائمة على التـأمل، ومهما يكن من أمر هـذه الكثرة التي نراها فالحقيقة واحدة لا تعدد فيها، وبذلك يمثل الخط العربي ذروة الإبداع خاصة في الفن الإسلامي الذي نشأ في أحضانه، "فقد شغل مساحات كبيرة على جدران المباني الضخمة، ونلاحظ دائماً أن هذه المساحات المكتوبة اتخذت شكلاً متكاملاً كصورة جدارية أو كإفريز وأصبحت عنصراً مهماً من عناصر التكوين العام بين العمارة وزخرفتها، وهذه الكتابات لم تكن تحمل في ثناياها طابعاً دينياً فقط وإنما تتجسد من خلالها قيم جمالية من أجل التعبير عن المضمون" (السجيني، 1980).
إن أصدق ما يمثل الإبداع الفني المستوحى من الصورة الرمزية للخط العربي هو التناسق العام، والرقة والتوازن القائم بين الأجزاء وكمال التكوين الفني الذي يتسم بالعديد من القيم كالرقة، والصفاء والنعومة وغير ذلك، ومن النظم الجمالية للخط العربي استلهم الفنان سعد العبد أعمالاً فنية ذات صبغة صوفية نابعة من قدسية الأبجدية العربية التي اكتسبتها في ظل القرآن الكريم لكونه قرآناً عربياً، فظهرت في تشابكات تتوالد من بعضها البعض كما هو في الأشكال ( ومن أعماله في ذلك المجال:
5. الجوانب الميتافيزيقية واللاشعورية:
النابعة من عمق الوجدان، كترجمة لمشاعر وجدانية متأججة تتضح فيها العلاقة الوطيدة بين الشكل المرئي الظاهر (الفينومينولوجي) والشكل الغامض المتمثل في الجوهر الباطن بالحدس الصوفي كسرد جمالي يؤكد أهمية قطبيّ الحياة في إعمار الكون.
وتتحدد أهداف الفن التشكيلي في سبر أغوار الواقع لكشف النقاب عن أسرار الخلق الكوني العظيم؛ وما تقوم به الكائنات الحية من أنشطة وما يطرأ عليها من تغيرات غير واعية، ومعلوماتنا عن مثل هذه الحقائق تساعدنا في الأخذ بها كبرهان مقنع بأن الله جلت قدرته خص الإنسان بالقدرة على المعرفة؛ لكونه ليس بمعزل عن العالم الذي يحتويه كما يحتوي غيره من الكائنات الحية التي أتاها الله القدرة على العمل بنظام دقيق، من هنا فإن المعطيات الحسية للفنان تتضمن حقيقة مستقلة عن القدرة الذهنية نستشرفها فيما ما وراء الأحاسيس والمعطيات الكونية المرئية، فهناك مادة خام تكمن خلف الظواهر، فإذا استطاع الفنان أن يمثل ذلك ويترجمها إبداعياً كان بذلك قادراً على تمثيل الحقيقة في أصل بنيتها وقوتها؛ والحقيقة الموضوعية التي تنبثق منها كل الأفكار، ومن هذا المنطلق يعد تصور الجانب الغامض في المفردات والعناصر الكونية بتعبيراتها وتشكيلاتها من الجوانب اللاشعورية التي تنطبع داخل وجدان الفنان ويعبر عنها بالفن، وتتطلب من الفنان تدقيق الرؤية وصفاء الذهن؛ حتى يتسنى له اكتشاف التشكيلات التي يمكن أن يتشكل بها ذلك الكون الحافل بالعناصر المختلفة لإحكام تلك الرؤية من منظور التصوير التشكيلي؛ لكون الجوانب اللاشعورية الوجدانية تجاه الكون يصعب رصدها بشكل عام.
والميتافيزيقا: مذهب يهدف إلى الكشف عن جوهر الأشياء، والبحث عن المطلق أو القيمة، والمطلق هو اللامتناهي، وهو هدف تصبو إليه النفس؛ وتتحرك نحوه الحياة ليتوارى العارض والعابر واللحظي ويتأكد الثابت واليقيني والخالد، إنه استشعار لما هو فوق الحسي، كما أنه مذهب ترجع نشأته في الفن التشكيلي إلى "جورجيو دى كيريكو" Dechirico وكارلوكارا carra ودى بيزيس De Pisis عام 1917، "ويعنى فن دراسة الظواهر الطبيعية لمعرفة سر الحياة والقوى المحركة لها، كما يعتبر محاولة للكشف عن طبيعة الحقيقة اللانهائية" (لالاند ، د. ت.)، حيث تقول سوزان لانجر: "إن كل فن عظيم إنما هو بالضرورة فن ميتافيزيقي يضع بين أيدينا إبداعات مرئية تكشف عن الحقيقة الخفية، والفن الميتافيزيقي هو نشاط ذهني أصيل كل الأصالة" (إبراهيم، 1988، ص 260)، فالميتافيزيقا هي الجانب الغامض لكل ما هو ظاهر من أشياء؛ أي جميع ما خلقه الله.
ويرى الباحث أن الميتافيزيقا عند ديكارت تشمل على مبادئ المعرفة والتي تتمركز حول أهم صفات الله، وهي في فلسفة كانط متضمنة لظواهر الإدراك الذي يكون قبلياً أي أولياً سابقاً على التجربة، ويعرف الميتافيزيقا النقدية بأنها: الكشف عن العناصر الأولية في المعرفة والعمل.
والميتافيزيقا عند (برادلى) معرفة الحقيقة كشيء متميز عن الظاهر وتصور العالم عقلياً، ونجد الفيلسوف (لالاند) يعرض لها عدة تعريفات منها: معرفة كائنات لا تقع تحت الحواس، معرفة ماهية الأشياء بذاتها مقابل الظاهر التي تتسم به، معرفة الحقائق الأخلاقية وواجب الوجود والمثال باعتبارها مكونة نظاماً واعياً أعلى من نظام الوقائع ومتضمنة علة وجود هذا النظام، وهي معرفة مطلقة يقدمها حدس الأشياء المباشر في مقابل الفكر العقلي، معرفة بالعقل تعد كأنها قادرة وحدها على بلوغ جميع الأشياء ومن ثم بلوغ المبادئ الأولية للعلوم الطبيعية والأخلاقية، معرفة الواقع بالتحليل النقدي الجذري قدر الإمكان، وبذلك لا تبحث الميتافيزيقا عما هو واقعي بالمعنى الحسي، وإنما تتطلع بالبحث عن الحقيقة وتستهدف الوجود الحقيقي الذي لا يظهره الواقع المحسوس، وإنما يوجد عالم وراء هذا الواقع والخبرة الحسية"(عبدالرحمن، 1993، ص 25-26).
وبذلك تعد الميتافيزيقا بمثابة نشاط عقلي خالص يتجه نحو العمومية والتجريد ويسعى نحو الوحدة والكلية؛ لذا نجد أن فلسفة ماكتجارت تهتم بدراسة الخصائص التي تميز الوجود ككل؛ والموجود من خلال تصورات يفرضها العقل؛ وهو يتتبع الأنماط المختلفة للوجود طبقاً لمبادئ الفكر الخالص، ولكون الخبرة الذاتية أساس الفن؛ فالفنان ينظر إلى الشيء الذي يتصوره من خلال عواطفه وإحساسه وانفعالاته.
والإبداع الفني الناتج عن الرؤية الميتافيزيقية يتميز عن غيره من الأعمال الفنية في كونه نتاج رؤية تأملية، رؤية فنان مدقق متأمل يؤمن بأن هناك "عالم بالغ الروحية متضمن في كل ما هو محيط به، والإنسان وحده فقط هو الذي ينبغي عليه أن يشرح بإسهاب موضعه من الكون، وأن يأتي إلى بعض الفهم الحقيقي لنفسه خلال دراسته لهذا العالم" (Gettings, 1973, p. 2) ، ومما سبق يتضح أن السريالية في أعمق وأدق معانيها أسلوب حياة كاملة ليست مجرد أصول وقواعد تحكم الإنتاج الفني، ولكنها مذهب مفتوح له تأثيره، وهي طريقة يمكن من خلالها رؤية العالم الكامن المجهول واكتشاف الجوهر والانخراط فيه للوصول إلى إبداع فريد ومميز، لذا فإن لهذه الحركة أهميتها في عمليات التفكير الإبداعي، وبذلك فالسريالية شأنها شأن الرؤية الميتافيزيقة حيث تستهدف الوصول إلى الجوهر، الوصول إلى المطلق، وذلك من خلال تخطي الشكل الظاهر من أجل إيجاد عالم جديد أو واقع أسمى، وهذا إنما يتفق والأسس التي قامت عليها السريالية والتي تتحدد فيما يلي:
1- اعتبار النشاط اللاشعوري هو المحرك الأساسي للتعبير.
2- محاولة كشف العالم الغامض البعيد والأعمق في طبيعتنا الإنسانية.
3- محاولة الغوص في النفس البشرية بما تحمله من متناقضات للتعبير عن الحركة الفعلية للتفكير في غفلة من العقل والتنصل من رقابته وترك العنان للخيال بحرية وتلقائية.
4- محاولة الوصول إلى مفاهيم أخلاقية جديدة وأفكار جمالية تتناسب مع تحويل وتبديل المظاهر الواقعية إلى أشكال ذات صيغة مثالية، وقد تكون هذه الأشكال ذات صيغة خيالية غريبة تبتعد في تركيبها وأجوائها عما هو مألوف.
5- محاولة الكشف عن القوى الكامنة عند الإنسان في كافة المجالات الحياتية.
6- التوغل في عالم اللاوعي للوصول إلى الواقع الحقيقي بغرض الحصول على أبجدية تشكيلية جديدة وغير معهودة من قبل.
7- يتخذ التعبير فيها الانتقال من المعلوم إلى غير المعلوم ثم إلى الإدراك الجديد.
8- المبالغة والتغيير في الأحجام (ومبادلة الأدوار بين العناصر) والرؤية المزدوجة.
9- تقطيع العناصر وبعثرتها في اللوحة لإيجاد معاني جديدة مختلفة للأجزاء في مجملها عن المعنى الأصلي للشكل (عبدالفتاح، 1994، ص 206-207).
ومما سبق يعد الفن الميتافيزيقي بمثابة "نشاط ذهني أصيل، ومستقل عن الفلسفة والتفكير العقلي القائم على التصورات" (إبراهيم، 1988، ص 288). فهو فن قائم على التعبير، ولما كانت المذاهب التعبيرية على تنوعها تنطوي على صور من المبالغات سواء في بعض أجزاء تفاصيل الأشياء بما قد تتقارب معها إلى حد ما مع الأوضاع الكاريكاتورية نسبياً، فإن هذه المذاهب تشتمل بدورها على التعبير عن الجانب الروحاني من ناحية، وعن الجانب العضوي الذي يتعلق بالجسد وأعضائه من ناحية أخرى، وذلك فيما يتصل بالتعبير الذي يرتسم على ملامح الأشخاص فيما يكشف عما يعتمل في نفوسهم من مشاعر وانفعالات أو أن يكون التعبير بالحركة الجسمانية أو بكليهما معاً، ولأن الإنتاج الفني النابع عن الرؤية الميتافيزيقية نتاجاً فنياً ذهنياً، فإن هؤلاء الفنانين قد مروا أثناء إبداعهم بالمراحل التالية التي وضعها جيلفورد، والتي تمثل الجانب العقلي للعملية الإبداعية وهي: "الحساسية للمشكلات، إعادة تنظيم الأفكار، الطلاقة، المرونة، الأصالة، القدرة على التحليل والتأليف والتركيب للوسائط المستخدمة وتنظيمها على نحو جديد مبتكر، القدرة على بناء العمل الفني، والقدرة على التقييم وانتخاب الجيد من الأعمال الفنية"(إبراهيم، 1988، ص 93)، كما حدد "والاس" مجموعة مراحل إبداعية أخرى هى "الإعداد، الاختمار، الإشراق، والتحقيق" وقد اقترنت هذه المراحل ببعض المفاهيم التي تتعلق بالجانب الميتافيزيقي منها على سبيل المثال:
1- الإلهام: ويصفه "ديلاكروا H.DELACROIX" بأنه صدمة كالانفعال، وهناك من فسره بالتأمل اللاشعوري الذي ينتهي بالحدس.
2- الحدس: يمثل الفن عند هنري برجسون ضرب من التعاطف مع الموجودات، كما يربط دائماً الحدس بالديمومة، فلا يرى في التأمل الفني سوى ضرب من التعاطف الذي ينفذ عن طريق الفنان إلى صميم الديمومة الكونية أو الصيرورة الطبيعية، وبذلك فالعمل الفني بمثابة حقيقة مستقلة قائمة بذاتها، كأنما هو موجود روحي له كيانه المستقل، وبذلك يكون الفن تعبير عن شخصية الفنان، كما يعد الجانب المرئي للاشعور الكامن بداخله.
3- الإسقاط: يتفق كل من "يونج وفرويد" في أن اللاشعور هو منبع الإبداع، فالفنان يطلع على مضمون اللاشعور الجمعي الذي يشمل آثار أحداث الطبيعة في النفس البشرية بالحدس، فلا يلبس أن يسقطها في رموز، فبالحدس يصل الفنان إلى التوتر المشترك، وبالإسقاط يتحدد مشهده، ويخرجه من نفسه واضعاً إياه في شيء خارجي هو هذا الرمز(إبراهيم، 1988، ص 93). من هنا كانت انطباعات الفنان سعد العبد لموراء الأشياء محققا مفهوم ميتافيزيقا الفن التصويري في محاولة استشرافية نتج عنها عدد من الأعمال الفنية الأشكال (58-82) معبرة عن رؤى ميتافيزيقية.
6. إمكانات الخامات اللونية:
إمكانيات الخامة هو أحد مصادر الإلهام عند الفنان سعد العبد خاصة ذات الوسيط المائي وتدقيقاً (الأكواريل) لما تتسم به من شفافية؛ كذلك طينة الأرض بملمسها ولونها والحافلة بالتعبير والتي تتطلب الاكتشاف؛ وورق الذهب والفضة والنحاس، وثنايات القماش، ومفردات صنعها للمومياوات الدفينة في أعماق التربة؛ والكولاج بتقنياته اليدوية والرقمية، متبعاً في ذلك الأساليب الأدائية التي تجلت على مسطحات أعماله، مفصحة عن الرؤية التأملية الصوفية التي حقق من خلالها الكشف الإبداعي عن جماليات الرؤية الإبداعية التي تأخذنا بهدوء للاندماج والتوحد مع عالمه الجمالي الخاص.
اختلف مفهوم العمل الفني التصويري في الفن المعاصر، فأصبح يتقبل مختلف الخامات والتقنيات، لتحقيق المفاهيم والأفكار والفلسفات والقيم التعبيرية والتشكيلية التي جعلت منه رسالة مهمة، فبالإضافة لكونه نقطة تحول من العمل الفني التقليدي إلى العمل الفني المفاهيمي، فإنه يعد مقياساً للنضج العقلي والتحرر الفكري، ويعد استعمال الفنان سعد العبد لخامة الطين بتقنياتها المختلفة ومرونتها في التشكيل والتوظيف من أكثر المجالات تعبيراً في العمل الفني؛ نظراً لإمكانية الحصول منها على التشكيلات المتنوعة من حيث الملمس وطبيعة الخامة التي يمكن أن تضيف للعمل الفني قيماً تعبيريةً وفنية تميزه، وتجعل منه مصدر ثراء لا ينضب، ولكون الفن التشكيلي في عمومه قائماً على التجريب؛ لكونه قدرة أساسية ومكتسبة تتيح الفرصة للتجديد في نماذج التفكير المختلفة، وتتعدد مداخل التجريب التي يمكن من خلالها إثراء الإبداع الفني، ومن هذه المداخل التركيب، التجريد، التحطيم، الاختزال، وهذه العمليات يمكن الاستفادة منها في توظيف الطينات كوسيط تعبيري في مجال التصوير، بالإضافة إلى بعض الخامات الطبيعية والمصنعة حسبما يتراءى للفنان، وبذلك يكون التجريب في الفن منهج للفكر يقدم بدائل الحلول في شكل متعلقات تشكيلية جديدة تتضمن دلالات ومعاني غير مألوفة، كما أنه الأسلوب الذي يعرض للجوانب الجمالية للموضوع الذي يتميز بالتجميع والتركيب، وهو نوع من الأداء يتم إنتاجه عن طريق تجميع بعض القطع والأجزاء وتركيبها مع بعضها البعض على سطح الصورة في عملية إبداعية تتسم بالتوليف وتوظيف أنواع وطرق التشكيل بالطينات على مسطحات العمل الفني، مع التأكيد على تنوع الملمس تبعاً لأساليب التوظيف والتوليف مع الخامات الأخرى.
لقد استلهم الفنان سعد العبد إمكانات خامات الأرض المتمثلة في الطينة والرمال، وقام بمعالجتها بالغراء، وأنتج من خلالها أعمالاً فنية متنوعة، وقد مزج فيها العديد من الخامات الأخرى كالأقمشة ومومياوات صنعها من خامات متعددة؛ ووجوه نحتها من الجبس (الجص) منتجاً أعمالاً جمالية، بالإضافة إلى الأسلاك والمعادن، الأشكال (83-97) تقدم رؤى إبداعية معتمدة إمكانيات الخامات المختلفة.
7. الطرز المعمارية التقليدية:
الطُرز المعماري وما تتميز به من خصائص تجعلها مميزة في أماكن عن غيرها من الأماكن الأخرى، والطراز المعماري التقليدية في منطقة عسير بالمملكة العربية السعودية، والتي استلهمها من خلال إقامته بالمملكة العربية السعودية فترة عشر سنوات فقد جذبته الطرز المعمارية التقليدية فأنتج منها العديد من الأعمال الفنية.
لقد تعددت الآراء حول تسمية منطقة عسير بهذا الاسم؛ "منها ما يرجع لعسرة أراضيها حيث تكثر فيها الجبال شاهقة الارتفاع، مترامية الأطراف تتخللها أودية وشعاب وعرة المسالك" (ويكيبيديا، الموسوعة الحرة)، ومنها ما يرجعه إلى أنه "حينما قويت شوكة قبيلة عسير وامتدت سيطرتها إلى القبائل المجاورة لها غطى اسمها على اسم تلك القبائل، وأصبحت تعرف باسمها، فلما جاءت الحكومات المدنية وجدت قبيلة عسير أشد القبائل في تلك المنطقة فأطلقت عليها وعلى البلاد الموالية لها اسم عسير؛ يضاف إلى ذلك أن أغلب الأمراء الذين حكموا هذه المنطقة كانوا ينتمون إلى قبيلة عسير، وظهرت تسمية عسير في أواخر القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر للهجرة وبخاصة عند الكتاب الغربيين؛ حيث كلفت الإدارة البريطانية القسم الجغرافي بإعداد بحث عن عسير يتضمن حدودها وموقعها ومظاهر الطبيعة المختلفة فيها، ثم تلت هذه الدراسة دراسات عديدة برسم حدود جغرافية لإقليم عسير؛ فإمارة أبها؛ التي امتد نفوذها إلى مناطق أبعد من المدينة نفسها مما أدى إلى تسميتها هي والمناطق المجاورة باسم عسير" (جريس، 2004، 2 281-282).
البيئة العسيرية بكل ما فيها من مظاهر اجتماعية بعاداتها وتقاليدها، وبما فيها من طبيعة جغرافية وعمائر مشيدة لها دور بارز في تشكيل رؤية الفنان، وبيئة منطقة عسير واحدة من البيئات الفريدة، حيث المدرجات الزراعية والهضاب والتضاريس المتنوعة وارتباطاتها الموسمية، كل ذلك تجلى في تنوع طرز مبانيها التقليدية وما يتعلق بها من سمات فنية وجمالية، حيث استطاع فناني هذه المنطقة بما يملكوه من رؤية في العمل والبناء والزخرفة أن يعيدوا تشكيل مفردات بيئتهم مستخدمين المقومات الطبيعية كالأخشاب والطين والحجر والألوان الطبيعية في بناء مسكنهم وتجميله، فجاءت مساكنهم متناسقة متماسكة حتى وقتنا الحاضر" (مرزوق، 2010، ص 11).
ويتضح جلياً أنماط العمارة التقليدية بمنطقة عسير، حيث اهتم أهلها بالعمارة ومواد البناء من حجر وحصى وطين أو جص، فقد كانوا يحرقون الطين لينتج عنه مادة أسمنتية تستخدم للتلييس وتتسم بلونها الأحمر، كذلك استعمال الجص بطرق مختلفة، حيث كان يستعمل بعد حرقه ثم دقه ونخله بالمنخل، ومن مواد البناء أيضاً الأخشاب وأغصان الأشجار، فالأخشاب الكبيرة تُكوِّن الهياكل الأساسية للسقف، أما الصغيرة منها فتستخدم كهياكل ثانوية، ثم يأتي دور الأغصان الدقيقة الرقيقة لتكون مهمتها منع سقوط الطين أثناء رصه وتكوين السطح وهو ما يسمى بـ (الطاية)؛ ويسمون تلك الأغصان التي تمنع الطين وتحجزه بـ (الوطاف)؛ وهو أيضاً بديل عن جريد النخيل والخوص أو ما يسمي في بعض الأماكن بـ (الشمط) أو لحاء الأشجار" (الحميضي، 1993، ص84)، وكانت المساكن تشبه إلى حد كبير "الحصون نتيجة لتجاور المباني وتميزها بعلوها، ولعل الحاجة إلى الأمن الاجتماعي كان سبباً في هذا، حيث تشبه الثكنات العسكرية العالية، وتدل مبانيها في تسلسلها وتعدد أدوارها المتكررة على الحصون العسكرية؛ وتتميز بتفاصيلها الهندسية الداخلية والخارجية المتقنة" (مغاوي، 2002، ص14)، وهذه المباني تدل على "حضارة مهمة لأهل عسير، ولم يغفل الصانع والباني أهمية الضوء الطبيعي داخل المنزل؛ لذلك نلاحظه وقد استعمل منافذ كثيرة في واجهة المباني وتجميلها بأشكال زخرفية هندسية أو أشرطة زخرفية، سواء من الداخل أو الخارج، واستخدموا الطوب الأحمر الفاتح والغامق لإظهار القيمة الجمالية للمباني، ولم تكن هناك إضاءة فكان الباني يستعمل ضوء الشمس للإنارة داخل المنزل من خلال نوافذ خارجية ليحدث إنارة في الجانب الذي لا يصله الضوء" (مغاوي، 2002، ص4)، أما بالنسبة للإضاءة ليلاً فيستمدونها من خلال مصباح ضوئي يسمي (السراج) حيث كان يشعل باستعمال الزيت.
وعن جماليات العمارة التقليدية العسيرية؛ تعد العمارة التقليدية في منطقة عسير واحدة من أصدق الصور التي تفصح عن قدر هائل من الجماليات التي كان يتحلى بها إنسان هذا المكان، الذي أضاف بصمات ولمسات جمالية على بيئته التي يسكنها فحقق حواراً جمالياً بينه وبين البيئة، حتى يتغلب بتلك الجماليات على صعوبة وعسر تضاريس تلك المنطقة، ولذلك تحمل العمارة العسيرية في باطنها مشاعر وأحاسيس فنان، حيث نسجها بحب فأضاف عليها صفاء نفسه ورقي مشاعره، مما جعل كل زائري تلك الأماكن يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بذلك الإرث الخصب الذي جمع بين جمالية الشكل والمنفعة وانعكاس مشاعر ساكنها، ومع انتشار وحدة الشكل للهيئة المعمارية التقليدية بمنطقة عسير؛ فإن المتأمل لتلك التشكيلات يلاحظ تنوعاً فريداً في تلك المباني المعمارية؛ نتيجة لاختلاف التضاريس من موقع لآخر، خاصة وأن تضاريس المنطقة شديدة التنوع والثراء والغنى الجمالي، كما أثر في هذا التنوع الحالة الاقتصادية والاجتماعية لأهالي تلك المنطقة، وتبعاً للحالة الاقتصادية فقد تنوعت الهيئة العمرانية في أربعة تشكيلات تتحدد في: "النمط الطيني، النمط الحجري، النمط الطيني الحجري، النمط النباتي (العشش) (مرزوق، 2010، ص 28-30).
ومن الأعمال المستلهمة من العمارة العسيرية للفنان سعد العبد مجموعة متنوعة تظهر جماليات العمارة العسيرية التي ظهرت بأشكال وألوان وطرز معمارية متنوعة كما هو مبين في مجموعة الأشكال (98-124).
8. التعبير عن القضايا الوطنية والأزمات والكوارث والحروب والتعايش:
نُعتبر القضايا بكل أنواعها وأشكالها ومستوياتها سواء أكانت قضايا وطنية أو إقليمية أو عالمية هي جميعها مصادر إلهام للفنان. وفي فترة إقامة الفنان لمدة خمس سنوات في مدينة العريش بشمال سيناء، تأثر بمشاهد العنف وحزن كثيراً لما تركه الإرهاب من آثار وإزهاق لأرواح بريئة. ستظل شواهد على أفعالهم مدى الحياة، وقد أنتج الفنان سعد العبد مجموعة أعمال تعبر عن تلك الأزمات، إضافة إلى أزمة الكورونا التي تفشت في الفترة الأخيرة.
يساهم الإبداع بكافة مجالاته في تعزيز قيم الانتماء للوطن، وذلك من خلال التعبير عن قضاياه والتوعية بما تتركه تلك القضايا من آثار، كما يحقق الإبداع من خلال التعبير عن تلك القيم الاجتماعية والوطنية الاعتزاز بالوطن والحفاظ على ممتلكاته، فالمواطنة هي "الأساس الذي تقوم عليه علاقات الأفراد في المجتمع بما يضمن الحقوق والواجبات لكل فرد منهم، وهي التي توضح وتنظم العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض؛ وبينهم وبين الدولة وفقاً لقوانين وأنظمة محددة" (حمدان، 2018). ولتفعيل قيم المواطنة في نفوس المواطنين لابد من تثبيت دعائم المساواة والعدل والحرية التي تقوم عليها، وتعزيز هذه الأركان بكثير من الأمور التي تؤصل العمل بشعور الجماعة مثل المشاركة المجتمعية؛ وأهمية الحوار؛ وتقبل الأطراف الأخرى؛ والأهداف والخصائص المشتركة والتعبير عن كل ذلك بالفن يُعلي من قيمته وأهميته. وعندما تسود المجتمع مثل هذه القيم فإن ذلك يعزز من قيم المواطنة لدى أفراد المجتمع ويحفز على التوازن النفسي ومن ثم ينعكس ذلك على العملية الإبداعية، وتلعب الأسرة والمؤسسات التربوية والاجتماعية دوراً حيوياً في غرس هذا المفهوم لدى الجميع وتدريبهم على حب الوطن والشعور بالمسئولية تجاهه، فالمواطنة: "شعور وجداني يكمن في الارتباط بالأرض وبأفراد المجتمع الآخرين، وهذا الارتباط تترجمه مجموعة القيم الاجتماعية والتراث التاريخي المشترك، ومن ثم فالمواطنة تعني: استشعار المسئولية وتحمُّل الأمانة والقيام بكل ما يتطلبه الصالح العام من أجل حفظ الكرامة الإنسانية، كما أنها تعني التمتع بكافة الحقوق التي يوفرها المجتمع والالتزام بالواجبات" (مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، 1999)، كما تعد بأنها" "العضوية الكاملة في المجتمع والتي يتم الحصول عليها من خلال عمليات تطور تاريخي لحقوق الفرد" (Marshall, 1995)، وهذه العضوية تتطلب المشاركة القائمة على الفهم الواعي والتفاهم وقبول الحقوق والمسؤوليات" (Center For Civic Education, 1998) ، لقد مرت الأوطان بكثير من الأزمات خاصة في الفترة الأخيرة منها التغيرات المناخية والاحتباس الحراي والحروب بين روسيا وأوكرانيا؛ وبين اسرائيل وفلسطين، والأوبئة والتي تمثلت في أزمة الكورونا، كذلك الكوارث الطبيعية مثل الزلازل خاصة ما وقع في المملكة المغربية، كل ذلك تأثر به الفنانون، ومن بينهم الفنان سعد العبد، من هنا تتأتى قيمة العملية الإبداعية في التعبير عن قضايا الوطن، وفيما يلي مختارات من أعمال الفنان سعد العبد (الأشكال 124-132) التي أُنتِجَت بإلهام مباشر وغير مباشر من القضايا الوطنية والأزمات والكوارث والحروب.
9. التعبير من خلال الوسائط التكنولوجية الحديثة:
الوسائط التنكولوجية الحديثة كبرامج الجرافيك وتقنيات الميديا المعاصرة كانت أحد الأدوات الفنية في الإنتاج الفني للفنان سعد العبد، ومن خلال التعبير الفني الإبداعي في إنتاج أعمال فنية ذات طابع جمالي تعبيري معتمداً على الوسائط المعاصرة في التشكيل الفني.
في ضوء التطور التكنولوجي وما طرحه لمتذوقي الفنون التشكيلية من تجارب إبداعية، حيث أصبح بمثابة الأداة المتعددة الإمكانات حيث يتضمن مختلف التقنيات والأساليب، والرؤى التشكيلية التي تثري الطرح الإبداعي وترقى بالذائقة البصرية، من هذا المنطلق جاءت أهمية توظيف الحاسب الآلي في إنتاج أعمال فنية ذات صبغة تعبيرية إبداعية مستلهمة من الموروث المصري القديم؛ لإمكاناته في إثراء الفكرة التشكيلية وتحقيق فوتومونتاج يثري الصورة التشكيلية.
وتعرف الوسائط Media بأنها: "إحدى الوسائل التي يستخدمها الفنان في إنتاجه الفني سواء أكانت آلات ومعدات أو ضوء أو كانت وسائط رقمية كالنصوص، الصوت، الجرافيك، الرسوم المتحركة، الفيديو" (عبداللطيف، 2007، ص 66). وقد ظهرت تلك الفنون على السطح مع بداية ظهور المجتمع الاستهلاكي مع الثورة التكنولوجية في أوائل الستينيات؛ ومع تزامن الموقف النقدي لفناني تلك الفترة ضد قوة سيطرة تلك المؤسسات في تصنيع الثقافة والتعليم على مستوى العالم وخرج منها كل من فن الفيديوVideo Art وفن الفوتوغرافيات المفاهيمية Conceptual Photography وفن الرسوم المتحركة Animation Art ومؤخراً الفنون الرقمية التفاعلية Interactive Digital Art" (النشوقاتي، 2007، ص 11).
إن الاهتمام بالحاسب الآلي يزيد من الرؤى الإبداعية ومن ثمَّ يزيد من آفاق التأمل في مجال الفنون البصرية، حيث يقوم الفنان بتحليل الأفكار بحيث يمكن إدخالها لبرامج الحاسب الآلي لتنفيذ عملية أكثر قوة في التفكير، حيث يقوم الحاسب الآلي بتحقيق بدائل إبداعية مختلفة حسب مهارة الفنان المنفذ، ويمكن تخزين وتحليل المنتج النهائي لاستخدامه في المستقبل، وذلك للتطور الواضح والمتلاحق للكشوف العلمية الواسعة التي أثرت على مختلف ميادين النشاط الإنسانى، وقد واكب ذلك التطور العلمي الهائل انبثاقات إبداعية متعددة، وبذلك كان للتقدم العلمي الهائل دور مهم في الكشف عن قوانين الإدراك وقوانين الرياضيات البحتة وعلم البصريات والمفاهيم الجديدة لعلم الحركة، والتي استخدمت نتائجها في التصوير الحديث خلال أنماط فردية متعددة للفنانين، وقد سعى الفنان الحديث إلى إيجاد عالم من الأشكال والأنساق الخاصة به، وبذلك فقد فرض التطور العلمي الحديث آفاقاً جديدة للتأمل الجمالي، حيث ساهم في استثمار الألوان بطريقة جديدة، فعن طريق التكنولوجيا الحديثة أمكن استخلاص ألوان وخامات ملونة ذات صفات وخواص فريدة، كما أمكن للفنان باستعمال الحاسب الآلي إدخال عناصر متعددة بتنويعات لا حصر لها، وتوظيف الشكل بأساليب متعددة، منها عمليات التكبير والتصغير والدمج والتجزئة والتكرار والتقابل والتراكب والشفافيات؛ وغير ذلك من الأسس البنائية للعمل الفني مما يثري الإبداع الفني كما يمكن تلوينها حسبما يشاء الفنان، وبذلك يعد الحاسب الآلي أداة من أدوات الإجادة والتجديد، فالإنتاج في ميدان الفن الخلاق هو صورة من الإدراك العقلي.
ولقد تطور استعمال الحاسوب مع بداية الثمانينيات في اتجاه جديد وهو الرسم، حيث كانت الخطوط في البداية بدائية وغير دقيقة، ومع استمرار تطور واستعمال تقنيات أكثر تعقيداً، أصبح الرسم بالحاسوب اتجاهاً منافساً قوياً للرسم اليدوي في دقة الملامح ووضوح وتنوع الألوان وتداخلها، بل يتفوق على الرسم اليدوي في السرعة وسهولة تغيير الخطوط والألوان والأشكال وأكثر من ذلك، فإن استعمال الحاسوب في الرسم له القدرة على إعطاء البعد الثالث الايهامي أو العمق للوحة التي أصبحت تظهر على شاشة أو تطبع على ورقة حسبما يريد الفنان.
وبذلك يُعد الفن الرقمي فنًّا ينتج بواسطة الحاسوب أو الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية الذكية، من خلال برامج خاصة بالرسم الرقمي أو التصوير الرقمي أو التصميم الرقمي من خلال استعمال الفأرة أو لوحة الرسم، تتنوع وتتنافس الشركات الكبرى في إنتاج برامج تسهل على الفنانين إنتاج أعمالهم الفنية وفرش إلكترونية متنوعة وتأثيرات مختلفة تخدم الفنانين في إنتاج أعمالٍ إبداعية مميزة، ويُعرف الفن الرقمي على أنه: "ذلك النوع من الفنون الذي يتكون بالكامل عن طريق برامج الحاسوب، وهي الترجمة الحرفية إلى اللغة العربية للمصطلح DIGITAL ART الذي يعني أن الصورة تظهر على شاشة الحاسوب مكونة من مجموعة لانهائية من الأرقام والمعادلات الحسابية وعدد لا نهائي من الدرجات اللونية التي تتجاوز ١٦ مليون لون" (طمان، 2004 ، ص 14). كما أنه "الفن الذي يستعمل الحاسوب كأداة، فمثلاً إذا استبدلت فرش الرسم بالفأرة واللوحة بشاشة الحاسوب في مجال الرسم الرقمي" (خلاوي، 2017، ص 48).( )، فاعتمد هذا الفن على الدمج بين التكنولوجيا والفن من خلال إنتاج أعمال فنية استخدمت أدوات إلكترونية من خلال التطبيقات التي أصبحت على جميع الأجهزة اللوحية الذكية باستعمال أقلام رقمية، حيث تتشابه به بعض خطوات إنتاج هذا العمل الفني الرقمي في الرسم الرقمي والتصوير الرقمي مع إنتاج لوحة تصويرية تقليدية في بعض الخطوات، ويتيح العمل الرقمي عمليات التعديل، حيث يسهل على الفنان تعديل أي أخطاء وإضافة تأثيرات متنوعة لا حصر لها وإنتاج أعمال أكبر وأسرع من التصوير التقليدي، حيث حلت التكنولوجيا بعض الأشكاليات التي كانت تواجه الفنان.
وكما يعتمد الرسم التشكيلي التقليدي على الخطوط والظلال، فإن الرسم الرقمي يعتمد على برامج وأدوات خاصة للرسم، "فالرسوم التوضيحية لها برامج خاصة، كما أن الرسم بالرصاص والرسم بالباستيل والأقلام الخشبية أيضاً لها برامج خاصة يمكن من خلالها اختيار نوع الورق وخامة القلم، من أشهر البرامج المتخصصة هو برنامج (باينتر Painter)" (فوزي، 2011، ص298).
إن "تقنيات اللون في هذا المجال مماثلة لتقنيات التصوير التشكيلي التقليدي، فيمكن للفنان اختيار خامة اللون ونوع الورق كألوان الزيت والألوان المائية ببرنامج (باينتر Painter)، كما يمكن للفنان استعمال برنامج الفوتوشوب في التصوير الرقمي؛ نظراً لإمكانياته العالية وسهولة استخدامه" (فوزي، 2011، ص 298). ( )، ويعتبر "القلم الرقمي من أحدث الوسائط المعاصرة تطوراً لإدخال المعلومات إلى جهاز الحاسوب، وتخزين وتحويل البيانات أو الأشكال التي يقوم الفنان برسمها على ورق (كالورق المستخدم في الكتابة) إلى أشكال يستطيع الحاسوب التعامل معها ببساطة، مثل تحويل الكتابة اليدوية بخط اليد إلى كتابة رقمية مباشرة من ورقة الكتابة إلى الحاسوب، وأيضاً تحويل الرسوم التحضيرية إلى خطوط مباشرة إلى الحاسوب، وبالتالي يستطيع الفنان التعامل معها بالحذف أو الإضافة من خلال برامج الرسم المتنوعة على الحاسوب" (سعد، 2012، ص 61).
لقد استعمل الفنان سعد العبد برنامج الفوتوشوب في إنتاج أعماله الفنية المنفذة بتقنيات الحاسب الآلي، وقد حدد موضوع الأعمال في استلهام الموروث المصري القديم لتحقيق الأصالة والمعاصرة بالعمل الفني. ومن تلك الأعمال التي أنتجها الفنان مجموعة الأشكال (133-138) من خلال توظيف تقنيات الفوتوشوب القائمة على تقنيات الفوتومونتاج والكولاج والتوليف، ووفق أسس التكوين والمستلهمة من الموروث المصري.
الخاتمة:
لقد كان لفلسفة ابن عربي وفكر أدونيس ممثلاً في كتابه الصوفية والسوريالية وكتاب الصوفية لليلى باختيار؛ وفكر الغزالي؛ ومؤلفات الصوفية المعتدلون، وفكر العارف بالله جلال الدين الرومي، ومقولته الشهيرة (كل الطرق تؤدي إلى الله وأنا عرفت طريقي ألا وهو الرقص) -والرقص هنا يقصد به الذكر والتسبيح وحركات المولوية الإيقاعية التي يتوحد من خلالها الإنسان العارف بالله مع المطلق، حيث يفقد إحساسه بواقعه المحيط به- وفكر مدرسة الفن والحياة، وكتاب الروحانية في الفن الذي جسَّد فكر الفنان كاندنسكي -الذي دمج بين الفن والموسيقى في قالب روحاني تشكيلي قوامه حالة من حالات الصوفية- وأساطير الخلق في الفن المصري القديم وترانيم اخناتون، ورحلة الطير لفريد الدين العطار في الفن الإسلامي، وأساليب وتقنيات وفكر الفنانين عبد الرحمن النشار ومحمود عبد العاطي في بحثهم الجمالي حول تحقيق قيمة النور، وعلى رأس كل ذلك القرآن الكريم والكتب السماوية، حيث كان الفن أهم الوسائل في نشر تعاليم الأديان خاصة في المسيحية؛ كل ذلك شكّلَ أولى مصادر فلسفة الرؤية الصوفية للفنان سعد العبد.
إن المصادر الإبداعية التي استلهم منها الفنان سعد العبد إنتاجه الفني تُعد مصدراً ثرياً وخصباً للعملية التعليمية، كما تثري هذه المصادر الخطط البحثية الأكاديمية بكليات الفنون المتخصصة، كما تساهم في تفعيل برامج الدراسات البينية والبيئية مع تخصصات أخرى مغايرة؛ مما يساعد في فتح مجالات تعليمية مستحدثة على مستوى مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا.
النتائج:
- تتنوع الإنتاج الفني للفنان سعد العبد تبعاً لمصدر الإلهام المختلفة رغم تحقق الوحدة الأسلوبية لديه.
- الطبيعة مصدر ثري لا ينضب للاستلهام، ويختلف المنتج الفني المستلهم تبعاً لأسلوب ورؤية الفنان القائمة على التأمل الصوفي.
- التراث المصري القديم غني بالأساطير والترانيم المتمثلة في المحتوى الأدبي، والتي تساهم في تنمية القدرة على الخيال الإبداعي.
- رسوم الأطفال بما تتسم به من براءة وعفوية تعد مصدرا ثريا يحفز على الإبداع والإنتاج الفني.
- الأبجدية العربية بتشكيلاتها المتداخلة ونسيجها المتناغم تعد مصدراً من مصادر الإبداع المهمة لدى الفنان.
- الجوانب اللاشعورية والميتافيزيقية تثري القدرة على الخيال وتحفز لممارسة العملية الإبداعية، وتعطي معاني أخرى خفية غير ظاهرية عن سطوح ومستويات العمل الفني الظاهري.
- للخامات الفنية المتنوعة دور مهم في ممارسة العملية الإبداعية، حيث ترتبط بطبيعة الفكرة وأسلوب التعبير.
- الطرز المعمارية المختلفة تحمل سمات الإنسانية وتتنوع تبعاً لطبيعة الشعوب وثقافاتها مما يعد مصدراً ثرياً للاستلمهم ولإنتاج الأعمال الفنية.
- القضايا والأزمات والكوارث والأوبئة والحروب والتهجير تعد من مصادر الاستلمهم والتعبير الإبداعي لدى الفنان؛ فالفن مرآة لكل الأحداث المجتمعية وتسجيلاً بصرياً لها.
- التطور العلمي والتكنولوجي يمثل مدخلاً بنيوياً يحفز على ممارسة العملية الإبداعية.
- المداخل المتنوعة للاستلمهم تثري العملية الإبداعية والتعليمية على السواء، كما تفتح مجالات بينية تثري مجال البحث العلمي.
- التعددية في مصادر الاستلمهم تثري الخطط البحثية في مجال الإبداع.
التوصيات:
- إجراء المزيد من الدراسات والبحوث حول التجارب الإبداعية للفنانين سواء عن طريق الكتابة الذاتية وتقديم تحليل وصفي ذاتي عن معاني الأعمال الفنية التي أنتجها الفنان أو عن أعمال الفنانين الآخرين.
- إجراء المزيد من الدراسات حول مصادر الإبداع المختلفة وانعكاسها على العمليتين الإبداعية والتعليمية والخطط البحثية.
- إجراء المزيد من البحوث حول الدراسات البينية بين المجالات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة ودراسة انعكاسها على العمليتين الإبداعية والتعليمية.
- تعزيز قيم المواطنة والانتماء من خلال تنمية الجوانب الإبداعية للدارسين في المراحل التعليمية المختلفة، وإتاحة الفرص للتعبير الفني عن المواطنة وقيم الانتماء.
- انعكاس الفن على البيئة يجعلها مصدراً خصباً للترويج السياحي على المستوى المحلي والدولي.
- لا يقتصر دور المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في مجالات الإبداع على العملية التعليمية فقط، بل يمتد دورها للبيئة والمجتمع من خلال وضع الخطط التي تساهم في تجميل البيئة والتنشيط السياحي.
- تفعيل الشراكات المجتمعية والمؤسسية ومد جسور التعاون بين الجامعة والهيئات العليا للسياحة لتعزيز الدور المجتمعي للجامعة، ووضع الاستراتيجيات المتكاملة للتسويق السياحي.
- دعم المقررات الدراسية بمختلف مراحل التعليم بمحتوى للتذوق الفني لتنمية الذوق العام والوعي الثقافي تجاه جماليات البيئة والإبداع والتراث، بما يعزز قيم المواطنة والانتماء ويساهم في تنشيط الوعي السياحي.
- الحفاظ على المدن والقرى الأثرية وترميمها؛ لكونها تحمل سمات وثقافة الأجداد بقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، كما أنها تعد أحد مصادر الاستلمهم في الفن التشكيلي، ومصدراً مهمًا لتنشيط الوعي السياحة.
المراجع:
القرآن الكريم، سورة النور، آية (35).
القرآن الكريم، سورة الذاريات: آية (21).
إبراهيم، زكريا. (1988). فلسفة الفن في الفكر المعاصر. دار مصر للطباعة.
إبراهيـم، وفـاء. (1996). فلسفة فن التصـوير الإسلامي. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
البسيوني، محمود. (1980). أسرار الفن التشكيلي. عالم الكتب.
الألفي، أبو صالح. (1978). أثر الفكر الإسلامي على الفن المصري في العصر الإسلامي. لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب العلوم الاجتماعية.
حنا، فادي بطرس ميخائيل (2021). البعد الميتافيزيقي في تصوير عصر النهضة بين الشكل والمضمون. مجلة التربية النوعية والتكنولوجيا بحوث عملية وتطبيقية. 24(9).
حمدان، سعيد بن سعيد ناصر (2018). دور الأسرة في تنمية قيم المواطنة لدى الشباب في ظل تحديات العولمة، رؤية اجتماعية تحليلية. مركز البحوث والدراسات االجتماعية، جامعة الملك خالد.
الحميضي، ناصر عبد الله. (1993). بلادنا السعودية الماضي السعيد والحاضر الجديد. (ط1)، الرياض، المملكة العربية السعودية.
الحكيم، محمود. (1978). مدى استفادة العمارة المصرية المعاصرة من دراسة نظريات المعماري المصري في العصور الماضية. لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم.
الخادم، سعد. (1990). الفن الشعبي والمعتقدات السحرية. مكتبة النهضة المصرية.
خلاوي، آلاء بنت عادل. (2017). اتجاهات فنون الميديا كمدخل لإنتاج أعمال فنية معاصرة في المملكة العربية السعودية [ رسالة ماجستير غير منشورة]، جامعة حلوان.
جريس، غيثان بن علي (2004). صفحات من تاريخ عسير. (ط 1)، مكتبة الملك فهد الوطنية.
دياب، صفاء. (1976). التراث والفنان المربي. صحيفة التربية الفنية، فبراير.
راغـب، نبيل. (1980). التفسير العلمـي للأدب. المركز الثقافي الجامعي.
رافع، علياء رضاه (1996). الشخصية المصرية دراسة أنثربولوجية للمدرسة المصرية للفن والحياة. دار صادق للنشر.
السجيني، زينب أحمد رأفت. (1980). وظيفة التصوير الجداري. مجلة دراسات وبحوث، 3(3)، 29-44.
سعد الله، أيمن نبيه. (2011، إبريل 5-6). الإطار المرجعي لدور المدرسة الجاذبة وقيم الانتماء في مواجهة العنف المدرسي وتعديل سلوك تلاميذ المناطق الشعبية [بحث مقدم]. المؤتمر العلمي العاشر وموضوعه "التربية الفنية ومواجهة العنف" كلية التربية الفنية، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
سعد، علي أحمد محمود. (2012). توظيف الإمكانات التشكيلية للشاشة الحريرية والحاسوب كمدخل تجريبي في التصوير المعاصر [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة حلوان.
سليمان، حسن. (1976). كتابات في الفن الشعبي. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
طمان، محمد سامح. (2004). الفن الرقمي كأحد اتجاهات فنون ما بعد الحداثة وتطبيقاته في مجال التصوير المعاصر [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة حلوان.
عامر، مها محمد السيد، والشرقاوي، إيمان علي محمد، والنجار، هبه جبريل إبراهيم. (2022). فلسفة الميتافيزيقا كمصدر تشكيلي في المعلقات الطباعية. المجلة العلمية لكلية التربية النوعية، 22(1)، 1190-1210.
عبد الرحمن، سامية. (1993). الميتافيزيقا بين الرفض والتأييد. مكتبة النهضة المصرية.
عبد الفتاح، نادية محمد. (1994). دراسة مقارنة للسيريالية في التصوير التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي [بحث مقدم]. مؤتمر الفن والبيئة، كلية التربية الفنية جامعة حلوان، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
عبداللطيف، وئام أحمد المصري. (2007). منهج البناء البصري في أعمال فنون الميديا [رسالة دكتوراه غير منشورة]. جامعة حلوان.
عبد الله، حمدي أحمد. (2016). الخط العربي كموضوع للتعبير الفني بالمرحلة الابتدائية. المجلة العلمية لجمعية امسيا – التربية عن طريق الفن، 2(6)، 459-492.
العبد، سعد. صفحة الفيسبوك الشخصية للفنان. متوفرة من: https://www.facebook.com/share/p/zPsMWd5h7ZGWfRNE/?mibextid=oFDknk
عيد، مصطفي أحمد. (د. ت). التراث الشعبي دائرة في التكوين الفني للطفل وزارة الإعلام. الهيئة العامة للاستعلامات.
غزوان، معتز عناد (2009). متغيرات الزمان والمكان في بنية الملصق المعاصر. دار علاء الدين للنشر والتوزيع الترجعمة.
فوزي، نسرين نبيل. (2011). توظيف الفنون الرقمية في البناء التصميمي للجداريات داخل المؤسسات الثقافية [رسالة دكتوراه غير منشورة]. جامعة حلوان.
فوزي. ياسر محمود. (2002). برنامج مقترح في أنشطة التربية الفنية لتنمية الاتجاه الإيجابي نحو القراءة للأطفال [رسالة دكتوراه غير منشورة]. جامعة حلوان.
كساب، أميرة نصر جودة. (2022). ميتافيزيقية المكان في الطبعة الفنية. بحوث في التربية الفنية والفنونو. 22(3)، 42.
لالاند، أندريه. (2012). موسوعة لالاند الفلسفية. (الجزء 3)، عويدات للنشر والطباعة.
محمد، علا رسلان أحمد. (2021). الفکر الميتافيزيقي في التناول التشکيلي لجماعة (غابة الجن)کمدخل لتصميم مفردات طباعية لملابس الأطفال. مجلة بحوث في التربية الفنية والفنون. 21(3)، 194-201.
محمد، محمود رشاد سامي. (2013). سمات الواقعية السحرية في التصوير المعاصر كمدخل لإثراء التعبير الفني في مجال التثقيف بالفن [رسالة دكتوراه، جامعة حلوان]. جمهورية مصر العربية.
مرزوق، علي عبد الله (2010). فن زخرفة العمارة التقليدية بعسير: دراسة فنية وجمالية. الهيئة العامة للسياحة والآثار، قطاع الآثار والمتاحف.
مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (1999). تعريفات اللاجئ، عن: http://www.pnic.gov.ps
مغاوي، علي إبراهيم. (2002). رجال النسق الاجتماعي وثقافة الأثر. أبها. مكتبة الملك فهد الوطنية.
النشوقاتي، شادي السيد (2007). توظيف فنون الميديا في تعليم الفكر الإبداعي للفنان للتعبير عن الهوية الثقافية للمجتمع المصري المعاصر [رسالة دكتوراه، غير منشورة]. جامعة حلوان.
مؤنس، حسين. (1998). الحضارة. عالم المعرفة.
ويكيبيديا الموسوعة الحرة. (د.ت). منطقة عسير. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9_%D8%B9%D8%B3%D9%8A%D8%B1
يونس، عبد الحميد (1973). دفاع عن الفلكلور. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
References:
The Holy Qur’an, Surah An-Nur, verse (35).
The Holy Qur’an, Surat Al-Dhariyat: Verse (21).
Abdel Rahman, Samia. (1993). Metaphysics between rejection and support (In Arabic). Egyptian Nahda Library.
Abdel Fattah, Nadia Mohamed. (1994). A comparative study of surrealism in fine art and photography (In Arabic) [submitted research]. Art and Environment Conference, Faculty of Art Education, Helwan University, Cairo, Arab Republic of Egypt.
Abdullah, Hamdi Ahmed. (2016). Arabic calligraphy as a subject of artistic expression in the primary stage (In Arabic). Scientific Journal of the Amsia Association - Education through Art, 2(6), 459-492.
Abdul Latif, Weam Ahmed Al-Masry. (2007). Visual construction approach in media arts works (In Arabic) [Unpublished doctoral dissertation]. Helwan University.
Al-Abd, Saad. Artist's personal Facebook page. Available from: https://www.facebook.com/share/p/zPsMWd5h7ZGWfRNE/?mibextid=oFDknk
Al-Alfi, Abu Saleh. (1978). The impact of Islamic thought on Egyptian art in the Islamic era (In Arabic). Fine Arts Committee of the Supreme Council for the Welfare of Arts, Letters and Social Sciences.
Al-Basiouni, Mahmoud. (1980). Secrets of fine art (In Arabic). The world of books.
Al-Hakim, Mahmoud. (1978). The extent to which contemporary Egyptian architecture benefits from studying the theories of Egyptian architects in past eras (In Arabic). Fine Arts Committee of the Supreme Council for the Welfare of Arts, Literature and Science.
Al-Humaidhi, Nasser Abdullah. (1993). Our country, Saudi Arabia, the happy past and the new present (In Arabic). (1st edition), Riyadh, Kingdom of Saudi Arabia.
Al-Khadim, Saad. (1990). Folk art and magical beliefs (In Arabic). Egyptian Nahda Library.
Al-Nashwati, Shadi Al-Sayed (2007). Employing media arts in teaching the artist’s creative thought to express the cultural identity of contemporary Egyptian society (In Arabic) [Doctoral dissertation, unpublished]. Helwan University.
Amer, Maha Muhammad Al-Sayed, Al-Sharqawi, Iman Ali Muhammad, and Al-Najjar, Heba Jibril Ibrahim. (2022). The philosophy of metaphysics as a formative source in typographical commentaries (In Arabic). Scientific Journal of the College of Specific Education, 22(1), 1190-1210.
Center For Civic Education (1998 September). The Role of Civic Education. from the world wide web: http://www. Civiced.org/stds-htm.
Diab, Safaa. (1976). Heritage and artist educator(In Arabic). Art Education Newspaper, February.
Eid, Mustafa Ahmed. (D.T.). Folklore, Department of Artistic Training for Children (In Arabic). Ministry of Information. information General Association.
Fawzi, Nisreen Nabil. (2011). Employing digital arts in the design construction of murals within cultural institutions (In Arabic) [Unpublished doctoral dissertation]. Helwan University.
Fawzy. Yasser Mahmoud. (2002). A proposed program in art education activities to develop a positive attitude towards reading for children (In Arabic) [Unpublished doctoral dissertation]. Helwan University.
Gettings, F. (1973). The Hidden Art. NEW YORK, Studio Vista,.
Ghazwan, Moataz Enad (2009). Variables of time and place in the structure of the contemporary poster (In Arabic). Dar Aladdin for Publishing and Distribution.
Grace, Ghaithan Ben Ali (2004). Pages from the history of Asir (In Arabic). (1st edition), King Fahd National Library.
Hanna, Fadi Boutros Mikhail. (2021). The metaphysical dimension in Renaissance photography between form and content (In Arabic). Journal of Specific Education and Technology, practical and applied research. 24(9).
Hamdan, Saeed bin Saeed Nasser (2018). The role of the family in developing citizenship values among young people in light of the challenges of globalization, an analytical social vision (In Arabic). Center for Social Research and Studies, King Khalid University.
Ibrahim, Zechariah. (1988). Philosophy of art in contemporary thought (In Arabic). Misr Printing House.
Ibrahim, Wafaa. (1996). Philosophy of Islamic photography (In Arabic). Egyptian General Book Authority.
Kassab, Amira Nasr Gouda. (2022). The Metaphysics of Place in Technical Edition (In Arabic). Research in art education and the arts. 22(3), 42.
Khalawi, Alaa bint Adel. (2017). Media arts trends as an entry point for producing contemporary artistic works in the Kingdom of Saudi Arabia [Unpublished master’s thesis] (In Arabic), Helwan University.
Lalande, Andre. (2012). Lalande Philosophical Encyclopedia (In Arabic) . (Part 3), Owaidat Publishing and Printing.
Maghawi, Ali Ibrahim. (2002). Men of the social system and culture of influence. Abha. King Fahd National Library (In Arabic).
Marshall, T. (1995). Class, citizenship and Social Development. New York, U.S.A. Anchor.
Marzouk, Ali Abdullah (2010). The art of traditional architecture decoration in Asir: an artistic and aesthetic study (In Arabic). General Authority for Tourism and Antiquities, Antiquities and Museums Sector.
Muhammad, Mahmoud Rashad Sami. (2013). Characteristics of magical realism in contemporary photography as an approach to enriching artistic expression in the field of art education (In Arabic) [PhD dissertation, Helwan University]. The Egyptian Arabic Republic.
Muhammad, Ola Raslan Ahmed. (2021). Metaphysical thought in the visual interpretation of the “Forest of the Jinn” group as an entry point for designing typographic vocabulary for children’s clothing (In Arabic). Journal of Research in Art Education and the Arts. 21(3), 194-201.
Munis, Hassan. (1998). Civilization knowledge world (In Arabic).
Palestinian National Information Center (1999). Definitions of refugee (In Arabic). From: http://www.pnic.gov.ps
Ragheb, Nabil. (1980). Scientific interpretation of literature (In Arabic). University Cultural Center.
Rafee, Alia Reda (1996). The Egyptian Personality: An Anthropological Study of the Egyptian School of Art and Life (In Arabic). Sadiq Publishing House.
Saadallah, Ayman Nabih. (2011, April 5-6). The frame of reference for the role of the attractive school and the values of belonging in confronting school violence and modifying the behavior of students in popular areas (In Arabic). [submitted research]. The Tenth Scientific Conference, the theme of which is “Art Education and Confronting Violence,” Faculty of Art Education, Cairo, Arab Republic of Egypt.
Saad, Ali Ahmed Mahmoud. (2012). Employing the plastic capabilities of the silk screen and the computer as an experimental approach to contemporary photography (In Arabic) [Unpublished master’s thesis]. Helwan University.
Suleiman, Hassan. (1976). Writings on popular art (In Arabic). Egyptian General Book Authority.
Taman, Muhammad Sameh. (2004). Digital art as one of the trends of postmodern art and its applications in the field of contemporary photography (In Arabic) [Unpublished master’s thesis]. Helwan University.
Taba H. (1965). Curriculum Improvement, Theory and Practice. New York, Harcourtprace, Jovanovich.
The prisoner, Zainab Ahmed Raafat. (1980). Wall photography function (In Arabic). Journal of Studies and Research. 3(3), 29-44.
Wikipedia the free encyclopedia. (d.t.). Asir region. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9_%D8%B9%D8%B3%D9%8A%D8%B1
Younis, Abdul Hamid (1973). Defense of folklore (In Arabic). Egyptian General Book Authority.