الإمام محمد بن عبد الله الخلیلي في التاریخ الشفهي المروي في بلدة مسلمات بولایة وادي المعاول
الباحث المراسل | محمد بن خمیس الرواحی |
بلدة مسلّمات:
بلدة مسلّمات هی إحدى قرى ولایة وادی المعاول الواقعة فی محافظة جنوب الباطنة من عمان. وهی من أهم قرى هذه الولایة العریقة والمعروفة منذ القدم بأنها فی مصاف البلدان التی ما إن تقوم الإمامة إلا وأهلها من أوائل الناس المبایعین لمن قام بواجب الإمامة، والتاریخ شاهد على عراقتها ووقوف أهلها مع الحق ومساندة الأئمة على مر التاریخ، وکانت بلدة مسلمات إحدى نقاط الدفاع ضد البرتغالیین. برز فی البلدة عدة شخصیات علمیة وسیاسیة منهم الشیخ الفقیه محمد بن شامس الرواحی والشیخ القاضی سیف بن عبدالعزیز الرواحی والشیخ سالم بن محمد الرواحی والشیخ عبدالعزیز بن محمد الرواحی والشیخ علی بن حمد المعولی وغیرهم من العلماء والفضلاء. تحوی البلدة عدة آثار تاریخیة من أهمها حجرة مسلّمات التی تحوی بداخلها جامعا لا یقل عمره عن 240 سنة، وبیت الخندق ذا الطراز المعماری الرائع، وعدة بیوت أثریة. کما یوجد بالبلدة عدة أبراج أثریة، وحارة العوینة الأثریة. وقد سکن فی هذه البلدة عدة علماء ورجال فضلاء أمثال الشیخ جاعد بن خمیس الخروصی وأبناؤه من بعده، والإمام سالم بن راشد الخروصی، والشیخ عبد الله بن سعید الخلیلی والد الإمام محمد بن عبد الله الخلیلی.
مجیء الشیخ عبد الله بن سعید إلى وادی المعاول واستقراره بـقریة مسلمات:
شاءت الأقدار أن یختار الشیخ عبدالله بن سعید الخلیلی، والد الإمام محمد، من وادی المعاول سکنا له، وأن یختار بلدة مسلمات من بین جمیع بلدان هذه الولایة لیستقر بها. وبهذه المناسبة، وهی قدوم الشیخ إلى هذه البلاد، فقد اجتمع الأهالی والأعیان بالشیخ الخلیلی فرحین بقدومه، وکل منهم یتمنى أن یکون أقرب جار له، بل ویتمنون لو یهبونه منازلهم؛ لما له من شأن عظیم ومکانة لا یستهان بها فی جمیع أوساط المجتمع العمانی وفی قلوب جمیع العمانیین؛ لأنه ینتسب إلى عائلة معروفة بالعلم والصلاح والریاسة، ولیس غریب علینا کعمانیین لأن العرب عامة والعمانیین خاصة یؤثرون نزیلهم على أنفسهم، ویتنافسون لنیل شرف إکرام الضیف، فکیف بمقام الشیخ الخلیلی الذی حیث ما حل یستقبله الجمیع استقبالا یلیق بأمثاله.
یروی أحد الآباء عن حادثة قدوم الشیخ الخلیلی واجتماع الأهالی به فی حلة (المریغة) من بلدة مسلمات، وأخبروه بأن البلد بلده وأن له أن یختار أی مکان یراه مناسبا له ولعائلته، فأجابهم بأنه سیختار البلدة التی یحبها آملا أن یکون الجمیع راضین، وأن لا یدخل شیء فی نفوسهم، فالبلاد واحدة وإرضاء الجمیع غایة لا تدرک. فقال على اللهجة الدارجة: ما شیء زعل؟ فأجابوه بأن لک ما أردت فقال: مسلّمات.
کما أسلفنا فإن الشیخ عبد الله اختار بلدة مسلمات وسکن فی حارة (الحجرة)، وعاش فی مسلمات ما شاء الله أن یعیش ومعه عائلته وأبناؤه الکرام. وعن سبب اختیاره مسلمات یقول: «أحببت مسلمات»، ولیس بغریب حبه لها؛ لأن فیها من الرجال الأخیار أمثال الشیخ حمد بن سعید والشیخ عبد العزیز بن محمد والشیخ الفقیه الورع محمد بن شامس وغیرهم من الرجال الأفاضل، ناهیک عن رجال وادی المعاول جمیعا. وفی بلدة مسلمات له مکان معروف باسم سیبة "عبد الله بن سعید" فقد کان یحامی عن الفلج "فلج الحدیث" وهو أحد الأفلاج الرئیسیة فیها والوحید الذی ما زال یجری إلى یومنا هذا ویغذی جمیع مزارع البلدة وأیضا له مصلى معروف هناک باسمه.
حیاة الإمام محمد فی مسلمات:
عاش الإمام الخلیلی فی قریة مسلّمات، وتعلم على أیدی علمائها ومشایخها، وله علاقات بشیوخها ورجالاتها، وله فیها ممتلکات من أراض وأموال ومزارع، ولا یزال أهل البلد یرون الکثیر عن سیرته وعلاقته بهم وبآبائهم وأجدادهم.
شیوخ الإمام وتلامیذه من بلدة مسلمات:
تعلم الإمام الخلیلی فی صغره ببلدة مسلمات القرآن الکریم وعلومه على ید الشیخ سیف بن سالم المعولی. ویعتبر الشیخ الورع العلامة محمد بن شامس الرواحی شیخ الإمام الخلیلی کما یقول عنه الشیخ عبد الله بن سیف الکندی بأنه شیخ الإمامین؛ أی: الإمام سالم بن راشد الخروصی والإمام محمد بن عبدالله الخلیلی، ومن تلامیذ الإمام الخلیلی من بلدة مسلمات- رحمهم الله جمیعا- الوالد سیف بن سلیمان الرواحی، والوالد یحیى بن حمود الیحمدی، وسیف بن محمد المعولی إلى جانب الشیخ سیف بن راشد المعولی من بلدة (أفی) المجاورة لمسلمات وهی إحدى البلدان التابعة لوادی المعاول.
أموال الإمام وممتلکاته فی مسلمات:
ورث الإمام الخلیلی ما شاء الله أن یرث من والده فی بلدة مسلمات، فیروی لنا من أدرکه ومن عنده درایة بالزراعة والأموال الموجودة فی البلدة أن للإمام الخلیلی الکثیر من الأموال والمزارع، فمن مسمیات الزارع التی یمتلکها بهذه البلدة (الغنیمة)، و(السدیرة) و(الرویضة)، و(العافیة)، و(ضواحی الخضراء)، بالإضافة إلى عدة أراض وضواح أحدها أوقفها- رحمه الله تعالى- مقبرة خاصة لدفن الأطفال. وکما علمت، أخی القارئ، أن الإمام باع جمیع ما یمتلکه من أموال فی سبیل الحق وتعزیز دولة الإمامة، وأن الأموال التی فی بلدة مسلمات من ضمن ممتلکاته التی باعها لإقامة الحق وتقویة الدولة، وأن أغلب أمواله التی سبق ذکرها صارت ملکا للشیخ القاضی سیف بن عبدالعزیز بن محمد الرواحی.
قصص ومواقف:
اشتهر الإمام الخلیلی- رحمه الله- فی أوساط المجتمع العمانی بأن مَنَّ الله علیه بالکرامات والفتوحات. ویبدو أنه منذ صغره أکرمه الله بهذه الفتوحات التی یختص بها عباده المتقین وأولیاءه الصالحین. ففی یوم من الأیام خرج الشیخ عبد الله بن سعید والد الإمام الخلیلی وکعادته إلى أمواله ومزارعه لتفقد الأحوال والإشراف على ممتلکاته، فقبل خروجه من بیته کان الإمام آنذاک وفی حداثة سنه یقرأ القرآن فی الغرفة العلویة من البیت، والشیخ عبدالله ذاهب من حارة الحجرة إلى حارة العوینة التی یوجد بها عدد من أمواله ومزارعه، وبعد وصوله لقی شخصا اسمه منین، وبعد السلام علیه قال منین للشیخ عبدالله: ما شاء الله ولدک محمد مر قبلکم من هنا، فاستغرب الشیخ عبدالله وقال له: محمد فی البیت وخرجت عنه وهو یقرأ فی الغرفة. وأقسم ذلک الرجل بأنه رآه هو بعینه، وکان حاضرا الوالد سالمین المعولی وقال، نعم، رأیناه وتحدثنا معه. فبقی الشیخ عبدالله منبهرا؛ لأنه خرج من بیته متجها مباشرة إلى ذلک المکان، ولم یقف فی طریقه أو یقصد مکانا قبل ذلک المکان حتى یسبقه ابنه إلیه. والجمیع یعلم بأنه لا توجد وسائل نقل فی ذلک الوقت مثل الآن، ولا یمکن لشخص عادی أن ینتقل من مکان لآخر بتلک السرعة. ویقول الوالد حمد بن سالمین تعقیبا على هذه القصة: بأن الإمام (مالک ریاضة) وأن الله فتح له منذ صغره، وهذا لیس بغریب؛ لأن الله، سبحانه وتعالى، لا ینظر إلى السن أو أی شیء آخر سوى التقوى والقرب من الله.
الاجتماع بنزوى لعقد البیعة على الإمام الخلیلی:
ولما کانت الحاجة إلى القیام بمصالح الأمة وجب أن تکون المصالح العامة جاریة على نظام ثابت لا یزلزله فقد الرؤساء، وأن ندرک أننا نعیش فی ظل وطن تحکمه حکومة شرعیة محترمة، وأن ندرک أننا لا نعیش فی غاب لا تسوده شرعة القانون، وأننا لا نعتمد فی معرفة الحق على وجود المعلم بحیث نترکهما عند موته، بل نسیر على منهاجهما حین وجوده وبعد موته، وأن قتل الإمام سالم بن راشد الخروصی لا یوجب ضعفا فی الدین ولا فساداً فیه، وأنه بشر کسائر الخلق. ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِیْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِکُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡٔٗاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّٰکِرِینَ﴾ (الآیة 144، سورة آل عمران)؛ ففی الآیة هدایة وإرشاد إلى أنه ینبغی أن یکون أمر البشر مستمراً.
عقد العلماء والقضاة والرؤساء فی الیوم الثانی عشر من ذی القعدة عام 1338هــ مؤتمراً تمخض منه صلاح الأمة العمانیة والسلوک بها إلى طریق الرشاد والأخذ بها إلى أیدی السعادة؛ فألزموا الشیخ محمد بن عبد الله الخلیلی قبول الإمامة وکلفوه ذلک بعد طول احتجاج ومناظرة قرع صداها صم الآذان وفتح مسالک الأوهام لعجزهم عن مناظرته؛ لکونه أعلمهم وبعد طول احتجاج ما رأى من الواسع إلا قبول أمرهم؛ فأصبح الناس بجامع نزوى غرة الثالث عشر من ذی القعدة والجمعة عام 1338 هــ(2).
علاقة الإمام الخلیلی بأهل مسلمات فی فترة إمامته:
کانت علاقة الإمام الخلیلی ببلدة مسلمات لم تزل حتى عقد البیعة له وتولیه أمر المسلمین علاقة قویة أعانته على قیام الحق وتمکین أرکان الإمامة فی هذه البقعة من عمان، ولأهل مسلمات دور کبیر وإسهامات لا یستهان بها لما لها من أثر کبیر فی تقویة أرکان الإمامة. ولسنا هنا إلا لذکر مواقفهم وتضحیتهم لنصرة الحق والوفاء للإمام.
ولعظم مکانة الإمام الخلیلی عند أهل مسلمات وخاصة شیوخها أن الشیخ سیف بن عبد العزیز الرواحی قاضی الإمام الخلیلی هو أخو السید أحمد بن إبراهیم البوسعیدی ناظر الشؤون الداخلیة فی دولة السلطان سعید بن تیمور، فذات مرة طلب السید أحمد من الشیخ سیف أن یتولى القضاء لحکومة السلطان، فرد علیه الشیخ بالرفض، واستاء السید أحمد وقال لأخیه الشیخ سیف: عندنا ترفض أما للإمام فلا. فقال الشیخ سیف- رحمه الله: إن الفرق بینک وبین الإمام الخلیلی کما بین الحلال والحرام.
أحداث فی عهد الإمام ساهمت بها بلدة مسلمات:
عودة خلفان بن ثنیان إلى نخل:
فی شهر المحرم من عام 1339هـ رجع الإمام من الرستاق بعد استقرار أمرها وأقام ببلدة نخل، وکانت بها تحرکات تقلق أمن الدولة أثارها الشیخ خلفان بن ثنیان الحراصی بعد قتل أخیه أحمد، فإنه أقام بالرمیس من ناحیة الباطنة وعنده جماعة من اللصوص وقطاع الطرق فشنوا الغارات المتوالیة على نخل وشددوا المضایقة على أهلها وکانت حکومة مسقط ظهرا لهم فسفکت بها دماء کثیر من العلماء الأفاضل، وبإشارة بعضهم توسط الشیخ سالم بن عمیر بن حنظل المعمری أحد أعیان الحرث لحسم هذه المفسدة وقطع شأفة العدوان بأن یرجع خلفان بن ثنیان إلى نخل وأن یکون فی سلک المسلمین، رجاء أن تفوز البلاد بالراحة والأمن والاطمئنان، وظنا منهم أن به من الأنفة العربیة والشیمة والحریة ما یحجزه عن التهور فی قابل الأیام.
خرج إلیه الشیخ المعمری واجتمع به فعاتبه على أفعاله الدنیئة وأعماله الردیة فأظهر الندم والأسف والتوبة عما سلف فقبل کلامه ورجى أوبته؛ فرجع الشیخ المعمری إلى الإمام یخبره وکان الأمر شورى، فأحضر الإمام العلماء والأعیان فکلهم رأوا السکوت عنه والقبول منه لعدم القدرة علیه فی ذلک الوقت، فأقبل خلفان یسعى وما هو إلا الأفعى فأقروه رئیساً على أهل نخل وأجری علیه من بیت المال کفایته، وجعل الإمام الشیخ محمد بن سالم الرقیشی متکفلا بوظیفتی القضاء والولایة. بقی خلفان برهة من الدهر مستقیما ثم انعکس، (ولا یتحول الصبر عسلا)، وفی ذلک یقول شیخ البیان :
مـــــذ کان أصل الجور منها غائباً * ردوه فیها للصلاح الشاملِ
قــــد أخطؤوا نظراً فإنَّ حضوره * قد زاد بغیاً فی القیام الطائلِ
ما کــــــــل مجتهد یصیر موفقاً * فی الخیر أجر باجتهاد العاملِ
واختار موسى جاهداً من قومه * سبعین فانقلبوا بحالة جاهلِ(3)
حادثة نخل:
لما رجع الشیخ خلفان بن ثنیان إلى نخل بقی فیها أیاماً تنقل عنه الألسن کرماً والأفواه حمداً، حتى نزغت به النوازغ الشیطانیة لشؤم جده العاثر، فتحرکت نفسه السبعیة إلى ما خبأته وأثارت طبیعته الغریزیة ما أکنته وحوته، فبسط یده إلى أموال الأوقاف ومدها إلى عسف العباد، وإرهاق أهل البلاد، وکاد أن یتجاوز الحد فیتناول العامل بالحقد؛ فبث العامل إلیه النصائح الودیة، فما زادته إلا علوا واستکبارا. فرفع أمره إلى الإمام فکتب إلیه الإمام بالنصح فشمخ وأنف، ثم أعذر إلیه بعد الاحتجاج فبطر واستخف، وما درى أن الملوک إذا دخلوا قریة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة. جهز إلیه الإمام سریة من رواحة یرأسها الفاتک سیف بن حمود بن محمد، وعززه بمحمد بن سعید القنط، ومحمد بن سعید بن سوَّاد وغیرهم، فنزلوا بوادی معولة، واجتمعوا بالعامل الشیخ الرقیشی وأبدوا له ما أمروا به، فخرجوا إلى خلفان والشیخ الرقیشی أمامهم فی الساعة الثالثة من النهار من یوم الثانی عشر من شهر ذی القعدة سنة 1341هــ فوجدوه بمجلسه العمومی فأثاروا علیه الرصاص فخر صریعاً، وقُتِلَ معه خادمه برصاص، وجرح آخر یسمى خلف بن محمد ولد المعلَّم ورجعوا إلى الحصن؛ فنمى الصریخ إلى من تعصب له بالباطل، ومن کان یساعده على البغی من بنی جابر وبنی حراص والسیابیین وبنی عوف، فأحدقوا بالحصن وضیقوا المسالک وأحکموا الفجاج والروابی. والقائد لهم على ذلک ابن أخ المقتول حمود بن سالم بن ثنیان وزهران بن محمد بن طالب الحراصیین، فبلغ الخبر إمام المصر فخرج إلیهم عن طریق عقبة قَرِىْ، وعسکر بوادی معولة وقدم إلیهم النصائح ووعدهم جمیلا؛ فأعاروه أذناً صماء، ثم دعاهم إلى الأحکام الشرعیة، فأبوا من ذلک فأرسل إلى قواده وأنصاره فاجتمعوا إلیه. وأرسل إلى الشیخ عیسى وکان ذلک الوقت مریضاً فلما عوفی وافاه بمسلمات من وادی معولة، فکان وصوله یوم ثامن ذی الحجة سنة 1341هــ وقد أخذ فی صحبته أعیان وادی سمائل، فأرسلوا شارفین إلى البغاة أداءً لواجب الدین ولقیام الحجة على المعتدین واحترازا من سفک دماء المسلمین فی غیر شیء إلا بغی فادح وجور فاضح، فرجعوا إلیهم بغیر مفید إلا العتو والعناد، فلم یر الإمام بعد إلقاء النصح إلیهم، وعدم قبولهم له محیصاً عن القدوم إلیهم؛ لیکشف عن التضییق الواقع على أهل الحصن منذ شهر؛ فشرع فی تعبئة جیشه لیلة عید الحج فأمر القائد الکبیر أبا زید عبدالله بن محمد بن رزیق الریامی والزعیم زاهر بن غصن الهنائی ومن عندهم من هناة ومعولة أن یهاجموا البلاد من جبل عاقوم مشرقاً إلى الجبل المعروف بالشیبة، وهو عرق من الجبل الأخضر. وأمر الشیخین صالح بن أحمد وعبدالله بن سلیمان الحارثیین على أهل الشرقیة وأن یحلوا علیهم من جبل عاقوم إلى جبل الصافیة، وأمر السید هلال بن علی عامله على الرستاق والشیخ ناصر بن راشد الخروصی والشیخ مهنا بن حمد العبری على رجالهم، وأن ینزلوا علیهم من جبل الصافیة إلى جبل اللبان، وأمر الشیخ أحمد بن حامد الرواحی بمن عنده من رواحة أن یرکبوا جبل اللبان ولم یأذن لأحد من القواد بإطلاق النار قبل أن یسمعوا وقع الشیخ أحمد بمن فی الجبل، فلما أخذ الکل مقاعدهم وبدأ المأمور بإطلاق النار حمل القوم حملة واحدة وکان الوقت عند الفجر الأول، فنادى منادی الحمام حی على الأرواح، ومنادی الصلاة حی على الفلاح، فتعاطوا بالبنادق حتى کلّت، ثم بالقواضب حتى فلّت، ثم بالخناجر حتى بلغت القلوب الحناجر. والکل فی موقفه صابر، فکم قتیل على تلک الآکام یتشحط فی دمه، وکم جریح ساقط على قدمه، فلم ترتفع الغزالة إلا ورایات النصر ترفرف بالسعد على هامات الجند؛ فأطلقت مدافع الفتح، وحصل للإمام النجاح. وقد کانت الواقعة بیوم النحر، وما أدراک ما یوم النحر، یوم قلقل الجبال الشم، ونفر الوحوش من العصم، وفتحت البنادق کل أذن صماء، وما کان شیء لیقاوم صولة المسلمین؛ فقد دخلتها الکتائب عنوة، وفرَّ أهلها منها ضحوة، وبقی الإمام والأمیر بمسلمات بعد الواقعة یومین. وفی الیوم الثالث من ذی الحجة الحرام عام 1341هــ دخل الإمام المؤید حصن نخل فأمر بهدم الصیاصی، ونسف الدور التی تحصن بها البغاة. وقضى فی نخیل البغاة بالقطع قبل انقیادهم، وقبض على الشیخ حمود بن سالم بن ثنیان قائد البغاة من حارة الصَّعبة، وَصُفِّدَ بالحدید، ثم حکم الإمام بقتله، فأنفذ فیه الحکم بحصن نخل، وهرب المتجمعون بها فی أقاصی الأرض، فطلبهم الإمام والتجأ الشیخ زهران بن محمد الحراصی القائد الثانی ببلدة جَمَّا مع من فر من جماعته وغیرهم، وطلبه الإمام إما الإذعان أو الحرب فلم یروا قبلا لهم بالحرب.
ولم یحضر الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی هذه الغزوة فی أول الأمر؛ لما داخله من التعصب بالباطل. وبعد الفتح وصل بجنوده وردَّ شوارد الهاربین وتوجه بهم إلى أفمام بوادی معولة، وفیهم الشیخ القائد زهران بن محمد وأعیان قومه فسأله الصفح عنهم والتجاوز عن عثرتهم، فأقالهم وعفى عنهم کما هی عادته إذ کان رحمه الله رحیماً کریماً غیر فظ ولا منتقم.
وأبقى الشیخ الرقیشی بالبلاد آمراً ناهیاً إلى عام 1352هــ، فعزل عنها وأبدل مکانه محمد شیبة السالمی وبهذه الحرکة انکسرت سورة أهل الفساد وانقطعت آمال أهل العناد.
جملة الشهداء من أصحاب الإمام فی هذه الحملة تسعة عشر رجلا وامرأة، ومن البغاة نقلا عن الشیخ الرقیشی نحواً من سبعین رجلا. وأطنب الشعراء فی هذا الفتح ولشیخ البیان محمد بن شیخان قصیدة فیها خبر الواقعة مستوفاة قال من بحر الکامل:
دمغت شموس الحق لیل الباطل * ومحت أکف العدل رسم الجاهلِ
إلى أن قال:
والمسلمــــــون بمسلمــــات تماوجوا * کالبحر یقذف موجه بالسَّاحلِ
وأرى المعـــــــاول کالأسود تجمعوا * فی مسلمات مع اللهام الحافلِ
قدموُا قبیل الصبح لیلة عاشر * بالعید من ذی الحجة المتکامل([1])
دور أهل مسلمات فی هذه الحادثة:
دور الشیخ حمد بن سعید المعولی والشیخ عبد العزیز بن محمد الرواحی:
بعد أن عسکر الإمام الرضی وجیشه بمسلمات تصدى لنفقة الجیش الشیخ حمد بن سعید المعولی والشیخ عبد العزیز بن محمد الرواحی وتولى تزویدهم وأهل مسلمات بما یحتاجونه طیلة مکوثهم بها وأثناء حربهم. وعن هذه الحادثة کان الشیخ حمد کلما أرسل خدمه لتفقد مکان حفظ التمور ولتعبئة (النضد) یجدون أنه لم ینقص منها شیء بالرغم من العدد الکبیر للجیش؛ عندها ذهب الشیخ بنفسه فیجد کلامهم صحیحا. فیخبر الناس أن هذه الحادثة إحدى کرامات الإمام الخلیلی وبرکة للشیخ حمد بن سعید فی أمواله لما له من دور کبیر فی القیام بنصرة الإمام.
ومن مواقف الشیخ حمد بن سعید المعولی أنه فی یوم من الأیام بعث الإمام رجالا إلى شخص من المعاول کان معروفا بالثراء وکان یملک من الأموال الکثیر، بعث الإمام هؤلاء الرجال للحصول على قرض وهو ألف قرش احتاجها الإمام لتسییر أمور دولته على أن یرجعها له فی وقت معین، ولکن ذلک الرجل لم ینل توفیق الله تعالى فی تلبیة ما طلبه الإمام، فکان شحیحا على نفسه فشح بذلک على أداء واجب مساعدة المسلمین، ولا یعتذر عن خدمة المسلمین وإمامهم إلا سیئ الحظ، فأبى ذلک الرجل إلا أن یرجع أولئک الرجال خائبین، ولکن یُقَیِّضِ الله للحق رجالا لا تتردد فی أداء الواجب واللازم، فالتقى أولئک الرجال بالشیخ حمد بن سعید فی مسلمات فسألهم عن قصدهم فأخبروه بما حصل؛ وعندها طلبهم للغداء فی بیته وبعد طول عناء وافقوا فأسرع الشیخ لرهن أحد أمواله لأحد أهل البلدة على أن یعطیه ألف قرش لیؤدیها للإمام. فسبحان من یوفق عباده لفعل الخیر. وبعد أن استأذن الرجال أعطاهم الشیخ ما جاؤوا من أجله ولم یخبرهم برهنه لأحد أمواله وأرسل معهم سلاما حارا للإمام.
وفی هذه الحادثة یذکر الوالد حمود بن محمد المعولی أن الشیخ عیسى وصل بعد الإمام لیشهد هذه الواقعة، فکان وصلوه مسجد العافیة فی وسط البلدة فوجه له الإمام طارشا یدعوه للمجیء إلى حلة الحجرة، فقال الأمیر الحارثی: ما یدری الإمام أین أنا الآن؟ یدعونی للذهاب للحجرة وأنا بین العافیة والغنیمة والخزینة. فی هذه القصة إشارة إلى أن الإمام یعرف البلدة جیدا کغیره من أهلها، کیف لا وهو عاش فیها سنینا فی صغره وکما أسلفنا فإن (العافیة)، و(الغنیمة)، والخزینة) کانت من ممتلکات الإمام الخلیلی التی ورثها عن أبیه الشیخ عبدالله بن سعید الخلیلی.
ویروی الوالد حمود عن هذه الواقعة أنه عندما عزم الإمام على دخول نخل، کان هناک الکثیر من المحبطین الذین لا یفقهون أن الحق أبلج، والباطل لجلج، وأن الله، سبحانه وتعالى، یعلی الحق دائما، مهما عظم شأن الباطل، وکبر فی عین مناصریه. کان الکثیر من هؤلاء یقولون بأن نخل صعبة المنال فهی محصنة بالرجال والسلاح، إلى جانب وعورتها واتخاذ أهلها من الجبال حصونا لهم، إلا أن الله، سبحان وتعالى، هیأ لهذا الإمام المؤید بنصر من الله وجنود لا یهابون الموت، فدخلها الجیش فی لیلة واحدة. وفی هذا یقول شیخ البیان ابن شیخان السالمی:
قدموُا قبیل الصبح لیلة عاشر * بالعید من ذی الحجة المتکاملِ
وفی هذا الشأن یقول الوالد حمود: إن الوالد عبد الله بن سلیمان بن حمدان المعولی جاء ببشرى الفتح، یخبره بأن النصر تحقق، وفتحت نخل بعون من الله، فحمد الإمام الله على ما حققه على یدیه والمسلمین، وأعطى الوالد عبد الله بن سلیمان ثلاثة قروش لبشارته السارة والخبر السعید.
ویقول الوالد محمد بن مرهون إنه قبل دخول جیش الإمام نخل، خطب الإمام وأعطى جیشه التعلیمات، وأمر کل فرقة بأن تدخل من مکان محدد، وحذر من مخالفة أوامره، واتباع من أوکل إلیهم مسؤولیة قیادة الجیش، وعلى الجمیع أن یتخلقوا بأخلاق المسلمین کما کان یفعل الصحابة فی الحرب، وأن لا یعتدوا إلا على من یقاومهم أو یحمل السلاح فی وجوههم. وقال لهم بأن من یهاجمکم فأنتم فی حل من دمه؛ لأنه تعصب للباطل ضد الحق، ولکن لا تعتدوا على الأموال، ولا تقوموا بالنهب والسرقة، فنحن ذاهبون لنصلح، لا أن نقوم بالتخریب، ولکن لا یخلو جیش من الجهلة والسفهاء، فمنهم من خالف الأوامر، ونهب وسرق وأمره إلى الله، وکما أسلفنا فإن جیش الحرث ومن کان معهم من أهل الشرقیة دخلوا نخل من (عاقوم) ومن الواجهة الأمامیة لنخل فکان معهم من أهل مسلمات جدی سعید بن سالم الهشامی الرواحی، فهو کان دلیلا ومقاتلا فی نفس الوقت؛ لأنه کان یعرف مداخل ومسالک البلاد جیدا، وفی هذه الجهة خصوصا اشتد النقع ووصل القتال بالخناجر رجلا لرجل ومات عدد کبیر من الفریقین.
وهذه رزحة أخبرنی بها الوالد سعود بن حمد الحوسنی قالها الجیش بعد رجوعهم منتصرین إلى الإمام، تقول:
إمــــــامنا ردت نخیلة *** وتهضهضت من کل وادی
سمعوا التفق ینحب نحیبه*** قحم السِیَبْ یبغى عوادی
قیام الإمام على الطو:
وفی شهر صفر عام 1362هـ جهز الإمام جیشاً من الشعب یرأسه بنفسه، فخرج إلى الطوّ ولم یستنهض الشیخین عیسى وسلیمان؛ والسبب الباعث لذلک أن أسرف السبوع ومن شایعهم من غوغاء بنی جابر أهل الطوّ تلصصوا وانتهبوا أموال المسلمین من الباطنة وغیرها، وجعلوا الطو مغارة لهم؛ لکونها محیطة بها الجبال، منیعة لا یتوصل إلیها إلا بمشقة، ولا منفذ لها إلا من جهات مخصوصة وغرهم بأسهم واطمأنوا إلى مغارتهم، وظنوا أنها تقیهم المحذور، وبقوا على إصرارهم حتى حکم الإمام الخلیلی بهدر دمائهم، وأمر بالفتک فیهم؛ فقیّض الله من قام بالواجب، ففتک بأمیرهم سعید بن خلف المعروف بابن زُعَیْلَة وقت الضحى، حیث ظن أن لا سبیل إلیه؛ فقام أعوانه یطلبون بثأره، فما زالوا یقتُلون ویقتَلون؛ فرأى الإمام الخروج لقمع هذه الشرذمة الباغیة. وفی یوم 23 من الشهر المذکور دخل الإمام الطو فهرب الفساق واللصوص؛ فأمر بهدم بیوتهم التی هی مأوى لبغیهم، وقطع نخیلهم، وأجلى من بقی بها من أعوانهم، وحمل على الأصفاد من احتاج إلى الأدب، ممن کان یساعدهم، وأرسل إلى رؤساء بنی حراص زهران بن محمد وأحمد بن ناصر أن یأتوا إلیه بنخل؛ لأنهم رؤساء على السبوع، وأراد أن یحمّلهم أمر الهاربین، وأن یکلفهم ذلک کما هو الأمر الشرعی من إلزام الرئیس أمر مرؤوسیه، فتثاقلوا عن الوصول فی بادئ الأمر، حتى تحقق عندهم تحرک الإمام إلى عاصمتهم جَمَّا إن لم یمتثلوا، فهرب زهران إلى مسقط، وأذعن أحمد لما یراد منه بواسطة السید محمد بن هلال عامل الرستاق ذلک الوقت.
ولم یکن للإمام وأنصاره فی هذه الغزوة التی لبث بها سبعة عشر یوما إلا التمر و(العوال، وهو سمک القرش المجفف یدخره العمانیون إداماً إذا عدم السمک الطازج، وقد کان وقت هذه الغزوة حرجا؛ لغلاء الأسعار، وقلة الأطعمة بسبب الحرب الطاحنة بین الدول([2]).
فی هذه الحادثة یروی أحدهم أن أهل وادی المعاول من أوائل المناصرین للإمام على البغاة من الطو، وخاصة من أهل مسلمات بقیادة سعید بن خلفان المعولی المعروف بـ(الشاعر). وکما أسلفنا أن هذه الفترة کانت عصیبة لما یمر به العالم من ظروف عصیبة وحروب طاحنة. وکما عهدنا من الإمام الخلیلی تقدیم المصلحة العامة وإیثار الدولة على نفسه؛ فإنه قام ببیع خنجره التی لم یبق له سواها؛ لتعینه على توفیر جزء ولو یسیر لتلبیة ما یحتاج من ذخیرة وعدة وعتاد للجیش، کما باع ممتلکاته من أموال وغیرها سابقا فی سبیل تعزیز دولته ونصرة الحق، ویزید على ذلک أنه بعد بیع الإمام لخنجره والقضاء على البغاة من أهل الطو، شهدت البلاد خصبا لم یشهده من قبل من عاش فی تلک المدة، ویعد الناس هذه الحادثة کرامة من کرامات الإمام الرضی رحمه الله.
وکما أسلفنا سابقا فإن الإمام الخلیلی کان على علاقة قویة ببلدة مسلمات وأهلها قبل تولیه الإمامة، وبعدها فإنه کان على اتصال دائم بشیوخها وعلمائها؛ فکان أن وجدت عدة مراسلات بین الإمام وبین الشیخ محمد بن شامس الرواحی والشیخ عبد العزیز بن محمد الرواحی وابنه الشیخ القاضی سیف بن عبدالعزیز، التی اشتملت أغلب موضوعاتها على مسائل شرعیة ولغویة، بالإضافة إلى تطبیق الأحکام، والقیام بالواجب نیابة عن الإمام کتوزیع الزکاة وتطبیق الحدود إلى جانب مراسلاتهم فی المناسبات والاطمئنان على الأحوال وغیرها من الموضوعات التی لا یسع المقام لذکرها؛ نظرا لضیق الوقت وکثرتها ولا ننسى تعاقب الولاة الذین عینهم الإمام على وادی المعاول وما جاورها ومراسلاته معهم فیما یخص هذه البلدان ومن ضمنها بلدة مسلمات.
رأی الناس فی الإمام الخلیلی:
إن لأهل الصلاح والناس الأتقیاء أثرا کبیرا فی نفوس جمیع الناس بمختلف مستویاتهم سواء المتعلم أو الجاهل، شیوخهم وعلماؤهم، الخاصة منهم أو العامة، صغارهم وکبارهم، أو أی کان مستواهم فی المجتمع؛ لذلک نجد أن کثیرا من الشخصیات فی مجتمعنا ما زال صدى ذکرها یتردد بیننا وعلى مسامعنا دائما مهما مرت السنین، وطال الزمان، نجد من یذکر سیرتهم العطرة، ومناقبهم فی حیاتهم وما ترکوا من آثار وأفعال، یشهد لها التاریخ ومن عاصرهم أو من هو مهتم بتحری سیرتهم العطرة، وکأنهم أحیاء بیننا فنجد من عرف قدرهم وعظم شأنهم یضرب بهم الأمثال، ویتحسر على فقدانهم، ویتمنى أن لو یرجعون لهذه الدار مرة أخرى، ویستأنس بالجلوس معهم، والحدیث ولو لبرهة. والإمام محمد بن عبدالله الخلیلی خیر مثال على ما أسلفت، فحتى خصومه أجبرهم على الاعتراف بفضله وعظم شأنه؛ فإن الله إذا أحب عبدا ألقى محبته فی قلوب الناس. ویتجلى هذا فی حب الناس للإمام الرضی، وإجلاله فی حیاته وبعد وفاته، فنجدهم یصفونه بأوصاف حمیدة جمة فمنهم یصفه بأنه نور یمشی فی الأرض، وکأنه ملک من ملائکة الله عز وجل، ومنهم من یقول بأنه کعمر بن الخطاب رضی الله عنه، سیرته عمریة ویکثرون من قول صاحب ریاضة وفراسة، ویملک من علم السر ما لا یملکه غیره، فهو أعلم أهل زمانه، ولا یبارى رحمه الله، ناهیک عن العدل والأخذ بید المظلومین وإیثار الرعیة والدولة على نفسه مع القدرة على الحصول على ما یرید، فقد فتح الله له من الرزق ما لم یفتح لغیره من الناس، خاصتهم وعامتهم، ولکن الزهد والورع سمة العلماء الأطهار والأئمة الأخیار.
[1] السالمی، نهضة الأعیان ص316-325
[2] السالمی، نهضة الأعیان ص373-375
. أبو بشیر محمد شیبه بن نورالدین عبدالله بن حمید السالمی، نهضة
الأعیان بحریة عمان. (القاهرة: دار الکتاب العربی، 1960م).
- مکتبة الوالد محمد بن شامس الرواحی
-مکتبة الشیخ حمد بن سیف الرواحی
. مقابلة مع الوالد حمود بن محمد المعولی.
. مقابلة مع الوالد حمد بن سالمین المعولی.
. مقابلة مع الوالد محمد بن مرهون المعولی.
. مقابلة مع الوالد سعود بن حمد الحوسنی.
. مقابلة مع جدتی شیخة بنت محمد الرواحیة.