البناء الفني في رسائل الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلي

الباحث المراسلد. أحمد عبد المنعم حالو جامعة نزوى

Date Of Publication :2022-11-09
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

لا بد قبل الخوض فی البناء الفنی فی رسائل الإمام الخلیلی من الوقوف على أهمیة البحث، والإشکالیة التی یطرحها، والمنهجیة التی سیتبعها ثمَّ الموضوعات التی سیقف معها، وفی أولها البناء الفنی فی هذه الرسائل جملة وتفصیلاً، إذ هو العمدة فی هذا البحث، وما یلی ذلک من أصولیات البناء العلمی لمثل هذا التوجه البحثی. وفی حدیثنا عن الأهمیة، یمکننا القول إن الرسائل قسیم متقدم من أقسام النثر الفنی فیما اشتمل علیه فی تاریخه من حدیث وحوار، وحکایة وقصة، وسیر ومقامات، وخطب ورسائل. بید أن الخطب والرسائل کانت وما زالت تعد عمدة للنثر الفنی، فإذا ما ذکر هذا النثر انصرفت العقول إلیها دون غیرها؛ لما یتمتعان به من حضور فعّال، وما یحلان به من منزلة رفیعة بین أجناس الأدب، إضافة إلى ما اضطلعا به من أدوار ووظائف منذ الجاهلیة، وحتى یوم الناس هذا.

على أن الناظر فی هذه الرسائل قد لا یراها ولا ینظر إلیها نظرته إلى الشق الثانی من الأدب العربی، ونعنی به الشعر الذی ساد الساحة العربیَّة مرّ السنین، وذلک أنَّ الشعر له مقوماته التی تحافظ على بقائه وتساعد على تداوله ودورانه بین الناس من إیقاع وموسیقى داخلیة وخارجیة وارتباطه فی کثیر من الأحیان بالأحداث المهمة التی تمرّ بها الأمَّة.

وربما فات هذا الناظر أن النثر قد أثبت جدارته، واحتلّ مکانة لائقة عبر عصور الأدب کلها، وأن قلَّة المحفوظ أو المدوّن منه لا تعنی قلَّة جدواه، وعظیم دوره فی الحیاة الأدبیة والاجتماعیَّة والدینیَّة والسِّیاسیَّة والإداریة فی العالم العربی والإسلامی، فقد عبّر عن هذه الحیوات أیما تعبیر، ولاسیما رسائله التی ما برح رجال السیاسة والحکم، والعلم والفکر، والأئمة والقادة یتداولونها فیما بینهم، أو یتوجهون بها إلى غیرهم، یدیرون من خلالها شؤون رعیتهم، وأوضاع مجتمعاتهم.

وهنا قد نبسط القول عن العموم (النثر) الذی دخل فیه الخصوص (الرسائل) فکلاهما من مشکاة واحدة، وما یصیب الأصل قد یلوی بالفرع أو یزری به، وربما کان وراء هذا التوجه فی طرح الإشکالیة النصوص التی أثبتها الدکتور أحمد درویش فی کتابه تطور الأدب فی عُمان، إذ یقول مقارنًا بین شقی الأدب الشعر والنثر، وأیهما السائد، ولم؟ «ولا شک أن الشعر یمثل الجنس الأدبی الغالب على التراث العُمانی، أو على الأقل الجنس الأدبی الذی احتفت المخطوطات بجانب کبیر منه بالقیاس إلى الجنس الأدبی المقابل، وهو النثر، ولعل مردّ ذلک یعود إلى أمرین أولهما: الطبیعة النغمیة فی الشعر التی تجعله أکثر علوقًا بالذاکرة، وأکثر قابلیة للحفظ الفردی والجماعی، وبالتالی أکثر سهولة فی الانتقال وقدرة على البقاء فی عصور کانت المشافهة فیها تمثل وسیلة رئیسیة فی نقل المعارف والفنون والخبرات والتجارب»([1]).

وکنا ألمعنا إلى مثل هذا الحدیث عن سیادة الشعر، وعوامل بقائه واستمراره. وأمَّا الأمر الثانی الذی أشار إلیه الدکتور درویش، أن بعض العلماء استفاد من هذه الخاصَّة فی قدرة الشعر على التماسک فی الذاکرة، والتنقل على الألسنة فی جعلهم (النظم) وسیلة یصوغون من خلالها معارفهم؛ فیسهل تنقلها على ألسنة الطلبة، وجمهور المتعلمین فیما عُرف فی عُمان وغیرها بنظم العلوم([2]) وهو ما فتح الباب واسعًا أمام هذه المنظومات لتسود مستفیدة من النغمة الشعریة المحفزة للذاکرة.

وحین عرّج على النثر فی الأدب العُمانی القدیم وصفه بقوله: «...وجدنا النثر على قلَّة الموروث النسبی منه یثبت نفسه کظاهرة متمیزة فی التراث الأدبی والعلمی، سواء منه ذلک الذی ینتمی إلى شریحة التألیف الفقهی والتاریخی والفلکی والعلوم العربیَّة والإسلامیَّة، أو ذلک الذی ینتمی إلى النثر الأدبی بالمعنى المتعارف علیه»([3]).

والإشکالیة التی تطرح نفسها هنا، لا محالة، التساؤل عن هذا التألیف الذی ینتمی إلى شریحة الفقه والتاریخ والفلک والعلوم العربیَّة الإسلامیَّة، والذی قام على تألیفه والعنایة به جمهرة العلماء الفقهاء أو المؤرخون وسواهم، هل یعدّ حقیقة من النثر الأدبی بالمعنى المتعارف علیه، ونحوه رسائل الإمام الخلیلی، هل تعد مثلاً فی النثر الأدبی، وما هی المقومات الأدبیة التی تملکها لتعدّ ضمن قسیم النثر الأدبی الموازی لقسیم الشعر، وهو فی عمومه ممَّا یعطی للأدب کیانه ونکهته وخصوصیته المعروفة، فهذا ممَّا أخذ البحث على عاتقه الإجابة عنه ضمن منهجیة علمیة معیَّنة.

یمکننی أن أتریث قلیلاً فی إطلاق المسمى المنهجی مقابل شیء من التوصیف للعمل الذی أنوی القیام به فی دراسة رسائل الإمام الخلیلی وبنائها الفنی، فمثل هذا التوجه یحتاج إلى جمع الملاحظات واحدة تلو أخرى، ومحاولة الإفادة منها فی بناء تکاملی فی أساساته ودعائمه، ومن ثمَّ جدرانه وأسقفته وواجهته وتوابعه العامَّة، فکل ملاحظة فی اتجاه، ثمَّ تجمع الملاحظات؛ لیتم مثل هذا العمل الاستقرائی والتحلیلی بآن واحد فی بدء الرسائل وفی عرضها وختامها مع تعداد أنواعها وتوجهاتها، فهذا ما سیغلب على منهجیة البحث وتوجهه العلمی.

وأمَّا عن محاور البحث وموضوعاته، ففی البدایة لنا وقفة مع المفهوم اللغوی والاصطلاحی للرسالة، یلی ذلک وقفة أخرى یسیرة فی التعریف بالإمام، ثمَّ رسائله بتوجهاتها المختلفة من إداریة وسیاسیَّة وعهود وإلى إخوانه مشایخ عُمان، ومشایخ المغرب العربی، ثمَّ ندلف لدراسة البناء الفنی لهذه الرسائل، فکلمة الختام وبعض النتائج متبوعة بالحواشی وفهرس المصادر والمراجع.

المفهوم اللغوی والاصطلاحی للرسالة:

المفهوم اللغوی:

ترجع کلمة الرسالة إلى الأصل اللغوی (رَسَلَ) وهو یدلُّ على عدد من المعانی الحسیة، فقد ذکر الخلیل أن الرَّسْل: الذی فیه استرسال ولین، وناقة رَسْلة القوائم، أی سَلسَلة لینة المفاصل([4])، وقال ابن درید: «الرَّسْل: السهل السریع، ناقة رسلة: سریعة رجع الیدین، والرِّسل اللبن... وجاءت الإبل أرسالاً، أی یتبع بعضها بعضًا وکذلک الخیل أیضًا»([5]). وقال ابن فارس: «الرَّسَل: ما أرسل من الغنم إلى الرعی... والرِّسْل: اللبن؛ لأنَّه یرسل من الضرع»([6]).

وممَّا سبق یمکن ردّ المعنى إلى الانبعاث والامتداد([7]) وإلى کون الشیء مقسمًا یتلو بعضه بعضًا. بید أن هذا المدلول اللغوی قد تطور من الاستعمال الحسی إلى الاستخدام المعنوی، فمن ذلک قولهم: «رسَل فی القراءة: رتّل وحقق بلا عجلة»([8]) ویُقال: «ألقى الکلام على رسیلاته أی تهاون به»([9]) ومن ذلک أیضًا أن الرَّسل یعنی الرخاء، واسترْسلتَ إلى الشیء إذا انبعثت نفسک إلیه وأنِستَ([10])؛ یقود ما ذکرناه إلى حدیث آخر فی المفهوم الاصطلاحی لهذه الکلمة.

المفهوم الاصطلاحی:

لا شک أن هذه الکلمة قد تطورت، وصارت تستخدم بمعنى الرسالة، وهی تحمیل جملة من الکلام المقصود بالدلالة، وکل رسالة فیما بین الخلق هی الوساطة بین المرسل والمرسل إلیه فی إیصال الأخبار([11]).

وقد ذکر ابن الأنباری عن ثعلب عن ابن الأعرابی أن الرسول والرّسیل والرسالة سواء([12])، ومن ذلک قول کُثیّر عزة:

لقد کذب الواشون ما بُحت عندهم

بلیلـى ولا أرسلتهم برسیل([13])

فرسیل هنا تعنی الرسالة.

وممَّا ورد فی استعمال الرسول بمعنى الرسالة قول العباس بن مرداس:

ألا مـــــن مبلِّـــــغ عنِّی خفافـــــــــــا

رســـــولاً بیت أهلک منتهاها([14])

فأنث الرسول، إذ کان بمعنى الرسالة.

مصادر رسائل الإمام الخلیلی وموضوعاتها:

ترک الإمام الخلیلی مجموعة من المکاتبات والمراسلات للقائمین على أمور دولته أو للملوک المجاورین أو لإخوانه المشایخ فی عُمان وفی المغرب العربی، مع تراث فقهی ومجموعة من الفتاوى والعهود للولاة والقضاة، توفی رحمه الله عام 1373هـ ([15]).

نقطة البدایة عام (1385هـ) حیث دلف إلى فسیح عالم المطبوعات کتاب وسم بـ«الفتح الجلیل فی أجوبة الإمام أبی خلیل»، وهو جوهرة نفیسة من نفائس خزائن الأجوبة العلمیة المحققة للإمام العلاَّمة الرضی محمَّد بن عبد الله بن سعید بن خلفان الخلیلی، وقد ضم الکتاب علاوة على هذه الأجوبة شیئًا من آثار من عاصر الإمام کالعلاَّمة الشیخ عامر بن خمیس المالکی، والشیخ الرضی عیسى بن صالح الحارثی، وقطب الأئمة امحمَّد بن یوسف اطفیَّش، وغیرهم. وقد تولى طباعة الکتاب المطبعة العمومیة بدمشق بعنایة العلاَّمة عز الدین التنوخی([16]).

وقد تعددت محاولات جمع آثار الإمام بصورها المتنوعة ابتداءً من الفتاوى العلمیة، وانتقالاً إلى المراسلات الشخصیَّة والسِّیاسیَّة، ومرورًا بالعهود والأحکام. وتعد أولى هذه المحاولات ما جمعه الشیخ علی بن ناصر الغسینی من فتاوى الإمام ومراسلاته، إلاَّ أنَّها کانت قلیلة، بعدها جاءت محاولة الشیخ سالم بن حمد بن سلیمان بن حمید الحارثی الذی یبدو أنَّه تواصل ابتداءً مع الشیخ الغسینی ثمَّ رغب بإتمام هذا المجموع وترتیبه، وتوجیه العنایة إلیه؛ فقام بذلک أحسن قیام إلى أن تمّ توجیهه إلى دمشق لطباعته ونشره([17]).

جمع الشیخ الحارثی فی هذا السفر مجموعة من الوثائق توزعت بین المراسلات والفتاوى، أخذت المراسلات منها جزءًا یسیرًا، إذ إنها بلغت تسعًا وتسعین رسالة. والجدیر بالذکر أنَّها فی الطبعة القدیمة للسفر تقع فی سبع وتسعین رسالة، وقد علل ضابطه أحمد بن سالم بن موسى الخروصی ذلک بعودته إلى المخطوط، وحصوله منه على خمس وسبعین رسالة مستقلة فی الباب الأول من أبواب الکتاب، وأضاف إلیها أربعًا وعشرین رسالة من المطبوع ممَّا یتصل بالإمام من المراسلات ممَّا لم یجده فی المخطوط([18]).

وأمَّا الفتاوى فقد شغلت الحیز الأکبر من المجموع، إذ بلغت تسعمائة وعشر (910) مسائل فی أبواب أصول الدین، والفقه وأصوله، کما أنَّها تناولت شیئًا من السیاسة الشَّرعیَّة، وبعض المباحث الاقتصادیَّة والاجتماعیَّة التی تعکس حالة العصر الذی عایشه الإمام([19]).

وأمَّا الکتاب الثانی الذی عرض لمکاتبات الإمام الخلیلی وسیرته العطرة من غیر الکتاب المشار إلیه بطبعته القدیمة والحدیثة، فهو کتاب نهضة الأعیان بحریة عُمان لمؤلفه أبی بشیر محمَّد شیبة بن نور الدین عبد الله بن حمید السالمی (1405هـ/1985م) والکتاب خالٍ من معلومات النشر ومکانه وتاریخه عدا قوله «مکتبة التراث» و«من مکتبة التراث»، وهو مستقطع من «سیرة الإمامین المرشدین سالم بن راشد الخروصی ومحمَّد بن عبد الله الخلیلی، وما حظیت به عُمان فی أیامهما من الخیرات، وما کان بزمانهما من النوازل والحوادث والفتوحات»([20])ممَّا رآه المؤلف بأم عینه، وکان قریبًا من ذلک کله ومعاینًا له، ولاسیما أنَّه کان العصا التی یتوکأ علیها والده الإمام نور الدین السالمی([21])وهو ممَّن عاصرهما، وسعى سعیهما بحریة عُمان.

وقد أفرد المؤلف للإمام الخلیلی فیما ولی ذکر وفاته قسمًا لذکر نماذج من کتاباته([22])، فمن ذلک عهوده للقضاة (ثلاثة عهود) وأحکامه وقضاؤه بین الناس (أربعة أحکام) ومکاتباته السِّیاسیَّة إلى ملوک السعودیَّة وأمرائها (ست مکاتبات) محتفظًا لوحده بذکر ردود أربعة على هذه المکاتبات([23])فی حین خلا کتاب «الفتح الجلیل» بطبعتیه من هذه الردود، وکتاباته إلى إخوانه المشایخ فی عُمان (کتاب واحد) وثلاثة نماذج من کتاباته إلى إخوانه المشایخ فی المغرب العربی على أن الکتاب الأخیر منها فی خلاصة رأیه بفتوى العالم القراری فی هلال شوال، ممَّا سأله عنه المغاربة لم یرد فی الرسائل فی کتاب «الفتح الجلیل»، وإنَّما ورد فی «باب الصیام وفطرة الأبدان»([24]).

مهما یکن فثمة نقطة أخرى لا بد من التعرض لها کونها هی الأخرى تؤثر فی البناء الفنی لرسائل الإمام، وهی موضوعات هذه الرسائل، إذ الموضوع بوجه عام یعنی المضمون بکلِّ ما تحمله هذه الکلمة من أهمیة فی معطیاتها، وما تترکه من أثر فی لغة التخاطب والمعانی المطروحة، وما قد یتبع ذلک من خصائص تصویریة، وأخرى تمس اللفظ والترکیب والمشاعر المبثوثة، بدءًا من مقدمة الرسالة، ومرورًا بالتجاوز الحسن إلى أفکارها ومعانیها، وانتهاءً بخاتمتها، حتَّى تاریخ تحریرها مع مراعاة للمتلقی، وظیفته وطبیعته ووضعه الاجتماعی والسیاسی، وسوى ذلک ممَّا له کبیر الأثر فی صوغ الرسالة، وإخراجها متکاملة شکلاً ومضمونًا.

وعلى العموم تعددت رسائل الإمام وتعددت معها موضوعاتها بحسب ما وقفنا علیه من مصادرها السابقة وأصولیات توثیقها، فثمة رسائل له فی الإدارة([25]) وتولیة الأمور، وما یتبعها من النظر فی الخصومات والخلافات، وثمة رسائل أخرى فی مخاطبة المشایخ من أهل عُمان علمًا أنَّ رسائله فی الإدارة، هی نفسها التی خاطب فیها المشایخ من أهل عُمان، إذ کان یوجهها إلیهم، ویطلب منهم القیام بما یجب فعله من أمور الإدارة وسیاسة الناس([26]) وکذا رسائله فی مخاطبة إخوانه فی المغرب العربی([27]) وثمة رسائل أخرى تنحو المنحى السیاسی من مخاطبة ملوک الجوار: السعودیَّة([28])، وسلطان مسقط([29])، والقنصل البریطانی([30])، وبعض السفراء([31])، ومن رسائله ما کان یکتب به إلى القضاة([32])، فمثل هذه الموضوعات المتنوعة التی حملتها رسائل الإمام([33]) ستترک أثرًا –لا محالة- فی بنائها الفنی وشکلها العام سواء فی المقدمة أو الخاتمة وحتى من خلال فقرات عرضها، إذ سوف تنسج بحسب طبیعة المتلقی، وکونه مثلاً من رجال الإدارة والقضاء، أو من رجال السیاسة وأصحاب السلطة من ملوک وأمراء، أو من وجوه القبائل ونحوهم ممَّا تربطه بالإمام وشائج صداقة وإخاء، وکله سنعرض له بوجه أو بآخر فیما یلی من هذه الدراسة.

البناء الفنی فی رسائل الإمام الخلیلی:

مراعاة المناسبات فی رسائل الإمام الخلیلی:

من المتعارف علیه أن الرسائل أنواع، فمنها الرسائل الخاصَّة، وهی المتبادلة بین الأقارب والأصدقاء، وتسمى بالرسائل الأهلیة، وفیها ینطلق الکاتب بحریة تامة معبرًا عمَّا فی نفسه، فیبسط الکلام دون قیود أو تکلف، ومنها الرسائل الأدبیة، وهذا النوع من الرسائل یکون عادة بین الأدباء، ولا یخلو من بحث قضیَّة أدبیة أو نقدیة. ومنها الرسائل الرسمیة، وکانت تسمى الرسائل الدیوانیة، وهی أنواع مختلفة([34])، وکلها ممَّا یکتب نثرًا، ولا تجعل هذه الرسائل شعرًا إلاَّ بمشقة([35])، ویراعى فیها الجانب التداولی، أی ما یکون بین المرسل والمرسل إلیه.

وممَّا لا خلاف فیه أن معظم رسائل الإمام التی أشرنا إلیها آنفًا هی من قبیل الرسائل الرسمیة، سواء منها ما کانت فی إدارة شؤون الدولة ومصالح العباد أو فی مخاطبة الملوک والأمراء، وعهود الولاة والقضاء، وقد اشترط کتابنا القدامى فی مثل هذه الرسائل الفنیة رسومًا وقواعد، أتى على ذکرها القلقشندی فی کتابه صبح الأعشى، ومنها الفواتح والخواتم واللواحق([36]) ولا سیما البسملة وما یلیها من الحمد فی بدایة الرسالة([37])، وتحسن مراعاة مواقع آیات القرآن الکریم، وأبیات الشعر، وغیرها من الاستشهادات.

وما من شک فی أن الأصول والقواعد فی کتابة الرسائل الرسمیة ممَّا أشار إلیه الکتّاب من قدامى ومحدثین تمثل البناء الفنی لهذه الرسائل، لیس من الناحیة الشکلیة فحسب، وإنَّما من خلال النتائج المرجوة من هذه الکتابة، ولاسیما أن بعض الأقدمین، ونعنی به أبا هلال العسکری قد ربط الکتابة بالسلطان، کما ربط الخطابة بالدین([38])، وإذا کان الأمر بهذه الخطورة، تُرى ما هی هذه القواعد الشکلیة المشتملة على البناء الفنی للرسائل عامة، ثمَّ لرسائل الإمام خاصَّة؟

فی الإجابة عن السؤال نلحظ أولاً بأول ضرورة المناسبة بین المقام بما یعنیه من أطراف وظروف، أی المرسل إلیه والغرض الذی من أجله کتبت الرسالة وبین الأسلوب وطریقة التناول ممَّا یجب مراعاته فی هذا النوع من الکتابة، إذ یجب مثلاً تخیر اللقب المناسب للمخاطب، ومراعاة الجانب الشکلی المتعلق بالعنوان والتحیة والابتداء والختام. وهو فی الواقع لیس شکلیًّا على الإطلاق، فالافتتاح بالبسملة أمر یتعلَّق بالسنَّة النبویَّة، وکذلک التحیة والسلام، وممَّا یجب مراعاته أیضًا مراعاة الترتیب المعتمد لأجزاء الرسالة: المقدمة، والعرض، والخاتمة، ویجب أن یکون فیها الحرص على تهیئة المتلقی ذهنیًّا ونفسیًّا بمد جسور من المودة والثقة سواء من الأعلى إلى الأدنى، أو من الأدنى إلى الأعلى إلاَّ أن یکون التوجه ذا ملابسات عسکریة أو حربیة أو وطنیة، وأمَّا العرض فمن المفروض أن یکون مرکزًا بلا تطویل وإعلال بعیدًا عن التفصیل الممجوج، مع الترکیز على الجوانب المهمة، واستبعاد الثانوی منها، وأمَّا الخاتمة فیشترط فیها توثیق الصلة التی مهد لها فی المقدمة بعبارة مختصرة، وغالبًا ما تشفع بالدعاء، وکذلک «یجب أن یکون الأسلوب سهلا سلسًا لا یخلو من نبرة وجدانیة، ولکن دون تکلف، کذلک ینبغی أن یحسن الکاتب التأتِّی، فینفذ إلى وجدان المتلقی من المدخل المناسب الذی یروقه»([39]).

واللافت أن هذه القواعد التنظیریة قد روعیت تمام المراعاة فی رسائل الإمام الخلیلی، فالإمام -رحمه الله- ماهر حاذق یضع الأمور فی نصابها، ویخاطب الناس على قدر عقولهم وأفکارهم، أنّى توجهت هذه الأفکار، وفی أی مسار سارت، وهو ممَّا سنلحظه تباعًا من خلال مجموعة من الرسائل التی کتبها فی شؤون الرعیة وما یصلحها، وفی مجال الحفاظ على عُمان بلدًا مستقلاً له سیادته على کافة أراضیه، وفی مجال وحدة المسلمین والحفاظ على مقدساتهم.

البدء والعرض والختام:

البدء:

سبق الحدیث فیما یجب مراعاته فی هذه العناصر المکونة بائتلافها البناء الفنی فی أساسه وکونه غدا مقنعًا لناظره أنَّه أمام بناء متکامل، فإذا ما لحق به زیادة من هنا، وأخرى من هناک، وأضیفت إلیه شرفات مطلة زادته روعة وجمالاً، فقد اکتمل البناء ممَّا لحقه من هذه الزیادات والإضافات، ونعنی بها الخصائص التی تمیز هذه الرسائل کأن یعمد الکاتب إلى السجع أو التوازن الموسیقى أو إلى الاقتباس والتضمین ویحسن الاستشهاد بآیات القرآن الکریم وأحادیث النبی -علیه الصلاة والسلام-، أو یعرج على شیء من الأشعار ونحوه الأمثال، وکذا الأخبار التاریخیة التی غدت مضرب المثل فی شأن من الشؤون.

ولو أنا بدأنا نستعرض رسائل الإمام فی الجوانب المشار إلیها من بدء وعرض وخاتمة وخصائص ممیزة، لوجدنا الإمام یبدأ فی کثیر من رسائله بالبسملة، وهو نمط مستمد من القرآن الکریم، والسنَّة النبویَّة، ویذکر أن رسول الله ﷺ هو أول من استهل رسالته بالبسملة([40]) بعدما نزلت الآیة الثلاثون من سورة النمل: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَیْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ﴾.

وفیما یلی البسملة ممَّا یتضمنه البدء أو الاستفتاح نرى الإمام یبین عن المرسل وهو شخصه، وما آل إلیه من إمامة للمسلمین فیقول: «بسم الله الرحمن الرحیم من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله»([41])، ثمَّ یثنی بالمرسل إلیه، وهو الشیخ عیسى بن صالح بن علی، فیعطیه من الألقاب، ویخلع علیه من الصفات ما یحقق التواصل على أوجه، ویوقد جذوة الحب والرضا فی نفسه، فیقول: «... إلى الشیخ الأکرم الأعز الأحشم، الأخ الرضی العلاَّمة عیسى بن صالح بن علی سلمه الله تعالى»([42])، هذا مع ملاحظة الجملة الدعائیة التی جاءت بآخره من ذکر المرسل إلیه، ووصفه بالصفات الحمیدة، فهذه هی الخطوة الأولى من الابتداء؛ إقامته وشائج المودة والتواصل بینه وبین المرسل إلیه، ومن ثمَّ إلقاء التحیة والسلام، وهی قوله: «السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته على الدوام، فإنا نحمد الله إلیکم لا زلت بحال الخیر، وأعلامنا والحمد لله بخیر، وبعد...»([43]) ونلاحظ هنا تحیة الإسلام وإتباع السلام بالتحمید والإخبار عن وضعه، ثمَّ التزید من الحمد إلى قوله: «وبعد»، والأصل فیها «أمَّا بعد»، وهی ممَّا توقف عنده أهل الإنشاء، وذکروا أنَّها کانت تتبع بالدعاء، فیقال: «أمَّا بعد، أطال الله بقاءک...»([44])، ونحو ذلک، ونرى الإمام هنا اتخذها ممرًا إلى غرضه، وعرضه وحسب، فقال: «وبعد فإن مرباضًا نحن نعطیه کل سنة»([45]) وذکر القلقشندی أن بعض الکتّاب أعرض عنها، ونقل عن أبی هلال العسکری قوله: «وکان الناس فیما مضى یستعملون فی أوائل فصول الرسائل «أمَّا بعد» وقد ترکها جماعة من الکتّاب فلا یکادون یستعملونها... ثمَّ قال: فإن استعملتها إتباعًا للسلف ورغبة فیما جاء فیها من التأویل أنَّها فصل الخطاب، فهو حسن وإن ترکتها توخیًا لمطابقة أهل عصرک وکراهة للخروج عمَّا أصلوه لم تکن ضائرًا»([46]).

فما ورد فی هذا الابتداء یمثل نموذجًا من رسائل الإمام، فیما إذا هو ابتدأ المراسلة، بید أن الملاحظ فی الکتب التی صدرت عنه مجیبًا لا مبتدئًا تجاوزه ابتداء البسملة والسلام ودخوله فی الموضوع والردّ المطلوب مباشرة، من نحو ما کتب للشیخ عیسى مجیبًا: «أمَّا بعد فقد وصلنی کتابک، واعلم أن مسیرکم وتوسطکم فی أمر الصلح بین بنی غافر وخصمهم والحاج الشیخ زاهر...»([47]) وکتب له أیضًا: «أمَّا مسألة الرستاق فإن کانت من باب الأحکام...»([48]) وکتب له أیضًا: «أمَّا بعد فقد وصلنی کتابک، وقد وصلنی بالأمس کتاب من الشیخ سلیمان بن حمیر»([49]) والواقع أن الإخلال هنا بالسلام مدعاة للتساؤل... هل لضرورة الرد وعظیم المسألة المطروحة، أو هم نقلة الرسالة جرّدوها من مقدمتها؟

وفی ابتداءة أخرى للإمام نلحظ ثاقب نظره وحسن تدبیره واقتداره على مداورة الأمر، والنفاذ إلى قلب المخاطب، وحمله على القبول لما سیطرحه من رأی أو إجابة أو فتوى. فیکتب مجیبًا عن أسئلة وردت إلیه من علماء المغرب بسبب خلاف وقع بینهم البسملة والتحمید، ثمَّ ینثنی إلى الدعاء یمزجه بآی الذکر الحکیم ممَّا یحمل على ترقیق القلوب، وإلهام الطرف الآخر أن مناط الأمر شریعة الله فی کتابه وسنة نبیه، وأن الأمور واضحة کون النبی -علیه الصلاة والسلام- أکمل الدین وترک الناس على المحجة البیضاء لیلها کنهارها. ثمَّ یدخل فی موضوعه بفصل الخطاب «أمَّا بعد» ذاکرًا کتابه ولما أرسله إلیه، ولا ینقطع عن الدعاء بجمع الشمل والتألیف بین القلوب إلى آخر الرسالة حیث یعدهم بوضع المسائل فی أبوابها([50]).

ومن ابتداءاته ما کان یخاطب به الملوک المجاورین، وهو ما ذکره صاحب نهضة الأعیان، وقدم له بقوله: «صدرت بین الإمام وعاهل الجزیرة العربیَّة: جلالة الملک عبد العزیز الراحل وصاحب الجلالة عظمة الملک سعود بن عبد العزیز مکاتبات ودیة کما ترى بعضها»([51]) وبعض هذه المراسلات ممَّا ورد فی تراث الإمام المجموع فی کتاب «الفتح الجلیل»([52])، وممَّا ابتدأ به المراسلة المنقولة عنه، بدؤه بالبسملة، ثمَّ قوله ذاکرًا طرفه وشخصه، ثمَّ الطرف الآخر، وقد أنزله منزله، فقال: «من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله إلى الملک المحترم المعظم عبد العزیز بن عبد الرحمن»([53]) ثمَّ توجه إلى سلام الإسلام وحمد الله والصلاة والسلام على نبیه «سلام علیک ورحمة الله وبرکاته، وبعد، فإنِّی أحمد الله جل وعلا وأصلی وأسلم على نبیه المصطفى وعلى آله»([54]) ثمَّ أقبل على عرضه وطرحه، ونحوه مکاتبة أخرى إلى الملک نفسه تنحو مقدمته المنحى نفسه([55])، وهذا ابتداء آخر للملک نفسه، فیقول:

«الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبی بعده، وعلى آله وصحبه الذین جددوا عهده، وعلى التابعین لهم بإحسان إلى یوم الدین. أمَّا بعد فسلام من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله على الملک المبجل العزیز عبد العزیز بن عبد الرحمن الفیصل آل سعود المحترم ورحمة الله وبرکاته»([56]).

ومن ابتداءاته الممیزة ما کان راسل به سلیمان بن عبد الله البارونی، وکان ممَّن یسعى فی أمور المسلمین، وکان کلفه بحضور مؤتمر للأمة العربیَّة والإسلامیَّة وبحث قضیَّة وحدتها والدفاع عن مقدساتها، فیقول فی مستهل رسالته: «بسم الله الرحمن الرحیم من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله بن سعید الخلیلی إلى أخیه ذی الشرف الباذخ، والمجد الشامخ، المجاهد فی الله، الحامی لدینه سلیمان بن عبد الله البارونی، أمَّا بعد، فإنا نحمد الله إلیک»([57]) وکتب له أیضًا: «بسم الله الرحمن الرحیم من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله بن سعید الخلیلی إلى جناب المجاهد فی سبیل الله، الغیور فی دین الله، أخینا الشیخ سلیمان البارونی، وفقه الله، السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته»([58]).

وأمَّا عن ابتداءات عهوده، فکانت تأتی على النحو الآتی: «بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله وصلى الله على سیدنا محمَّد وآله، قد أقمت الشیخ عامر بن خمیس، وجعلته نائبًا عنی، وأجزت له ما یجوز لی أن أجیزه له من فصل الأحکام، والنظر فی مصالح الإسلام...»([59]) والملاحظ فی الابتداء: التسمیة، والحمد، والصلاة على النبی، ثمَّ الدخول فی العهد، ومدى الصلاحیة... ثمَّ التفاصیل الأخرى التابعة للعرض وما یلیه من الخاتمة.

ونحوه هذا العهد لأحد القضاة، وقد اتفق مع ما سبق فی الابتداء فیقول فیه: «بسم الله الرحیم الحمد لله وصلى الله على سیدنا محمَّد النبی وآله وصحبه وسلم، قد جعلت سعود بن حمید بن خلیفین قاضیًا على دیار حبس وعلى سناو ودیار الشروج والخضراء والخرما بوادی عندام الفلیج وبلدة بعد وسمد وتوابعها؛ لیحکم بین أهلها بحکم الله -جل وعلا-...»([60]).

العرض:

کثیرًا ما کان یدخل الإمام فی عرضه بجسر لفظی، وهو الذی نُعت عند القدماء بفصل الخطاب، ممَّا أشیر إلیه، فبعد أن أنهى الحدیث عن طرفی المراسلة، تابَعَ مسلِّمًا وحامدًا لله U ومعلمًا عن حاله، ثمَّ قال: «وبعد...»؛ لیدخل فی الموضوع مباشرة على النحو الآتی: «السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته على الدوام، فإنا نحمد الله إلیکم لا زلت بحال الخیر، وأعلامنا والحمد لله خیر، وبعد فإن مرباضًا نحن نعطیه کل سنة من أجل الأیتام...»([61])وقد لا یضع «بعد» أو «أمَّا بعد» وإنَّما یذکر حرف عطف یلج من خلاله الموضوع، یقول بعد ابتداء آخر یلی قوله: «بعد»، ثمَّ الدخول الفعلی فی الموضوع من خلال حرف العطف (ثمَّ): «وبعد فإنا نحمد الله U على کلِّ حال ثمَّ هذا الکتاب من الشیخ زاهر، ویقول له علی النعمانی، فإن یکن الأمر کذلک؛ فأیها الشیخ عیسى الأمل أن تلزم النُّعمانی...»([62]) ونحو هذا ما بدأ به عرضه لموضوعه مع الملک عبد العزیز، یقول بعد ذکره طرفی المراسلة: «وبعد فإنِّی أحمد الله وأصلی وأسلم على نبیه المصطفى ثمَّ إنَّه لما انتشرت فی العالم سیرة الملک ابن السعود لتأمین السبل وإسداء المعروف... الموضوع»([63]).

وأمَّا کتابه إلى إخوانه المغاربة، فقد اختلفت بعض موازینه؛ لضرورة لم الشعث، ودرء خطر الخلاف الواقع بینهم، فبدأ عرضه متجاوزًا طرفی المراسلة بدایة؛ لیذکره بقواعده التی مهد بها أنَّها المرجع فی التعامل، وبث الصلح بین المتخاصمین، فقال: «بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله أرسل إلى المؤمنین رسولاً من أنفسهم یعلمهم الکتاب والحکمة (ذاکرًا الکتاب والسنَّة) لینتقل إلى بدء الرسالة من جدید مستعملاً «أمَّا بعد، فهذا کتاب یصل إن شاء الله إخواننا المغاربة أبا صالح وأبا إسحاق وأبا الیقظان ومن معهم من الأفاضل أصلح الله أمرهم وأیقظ هممهم لمصالح دینهم ودنیاهم...»([64]).

وأمَّا عهوده فإنَّه لم یعتمد فیها أی مواصلة کلامیة بین ابتداء المراسلة، والدخول فی موضوعه، وإنَّما بدأ مباشرة بما یرید بحرف التحقیق «قد» فبعد البدء بالتسمیة والصلاة على النبی یأتی قوله: «قد أقمت الشیخ عامر بن خمیس، وجعلته نائبًا عنی»([65]) وقوله: «قد جعلت سعود بن حمید بن خلیفین قاضیًا...»([66]).

وأمَّا عن عروضه فی هذه الرسائل والموضوعات التی طرقها، فقد تنوعت بین موضوعات إداریة، وأخرى سیاسیة، وثالثة فی العلاقات الاجتماعیَّة الدینیَّة بینه وبین المشایخ، ولطالما نظر فی أمور المسلمین، ووحدتهم، والحفاظ على مقدساتهم من خلال ما طرقه من أمثال هذه الموضوعات وغیرها فی رسائله لسفیر ما أو تکلیفه أحد المشایخ بمخاطبة قنصل إنجلترا فی وحدة الأمَّة العُمانیَّة، ووحدة أراضیها، فلا یفکرنّ باستباحة شبر واحد من أراضیها، وتأتی موضوعات عهوده فی الولایات والقضاء متممة لمثل هذه التوجهات.

وأمَّا الإداریات من رسائله، فتتعلَّق بتصریف أموال المسلمین، ووضعها فی مواضعها للأیتام والأرامل أو لأعطیات القبائل، ثمَّ فی حل الخصومات بین الناس من فردیة وقبلیة، وقد یکون فی تبریر أعطیات أو منعها والحدّ منها مع تحدید فی کثیر من الأحیان للمبالغ التی تُوزع، وقد تکون فی الردّ على شکوى ما، ودفع مظلمة عن حی أو بطن من البطون العُمانیَّة([67]) وسوى ذلک.

وأمَّا العرض السیاسی لرسائله، فإنَّه یأخذ على الأغلب منحیین، المنحى الأول: فی تشجیع سیاسة الملک عبد العزیز أو ولی عهده، ومن جاء بعده فی أمن المملکة، والحفاظ على الحج، وسلامة الحجاج، وأمنهم، ورعایتهم، ثمَّ التوصیة ببعض الزوار من قبله أو الوفود التی یرسلها لزیارة الملک ونقل تحیات الإمام إلیه([68]). وأمَّا عرضه فی استقبال سلیمان البارونی لدى عودته إلى عُمان، فینمّ عن حب عمیق لهذا الرجل الذی وصفه بالجهاد، والحمایة لدین الله، والسعی للاستقلال، ومن ورائه حب الإمام نفسه لدینه وشریعة ربه واستقلال بلده، وقد أبان عن ذلک فی تکلیف آخر للبارونی لیمثل العُمانیِّـین فی مجمع یعقد فی مصر أو فی غیرها؛ لبحث شؤون الأمَّة العربیَّة والإسلامیَّة، والدفاع عن مقدساتها([69]) وکذلک نرى هذا الاندفاع الوطنی فی طرحه ورسائله فیما کتبه الشیخ عیسى بن صالح بإذن الإمام وعنه إلى قنصل بریطانیا فی مسقط، وفی رسالته أمثال هذا العرض، یقول: «... ولذلک ضرورة إعلام جنابکم باسم الأمَّة العُمانیَّة أن الأمَّة لا تعترف بأی اتفاق خارجی یتعلَّق بالبلاد مع أی شخص کان، ولا تقبل مداخلة أجنبیة بأی صورة کانت، وتمزق بسیوفها کل رایة محدثة مهما کانت صبغتها، ولو بشبر من الأرض داخل حدود مملکتها...»([70]). ناهیک عن عرضه على مشایخ المغرب فیما هدف إلیه من وحدة صفهم ونبذهم الاختلاف والتقائهم على شرع الله لما فیه مصلحتهم دینًا ودنیا([71]) وکذلک عرضه فی رسائله على المشایخ إخوانه فیما هو کائن أو طارئ من أمور المسلمین فی البلاد العُمانیَّة([72]).

الختام:

وهی النقطة الأخیرة من اللقاء الذی جرى محررًا بید المرسل إلى المرسل إلیه، وهو بمنزلة لحیظات الفراق لما قد تضمه من عبارات أخیرة، إما فی توثیق علاقة ماضیة ومحاولة توکیدها، وأمَّا فی خلع بعض عبارات التجمل؛ لبث روح المحبة من الأول إلى الثانی، وغالبًا ما تکون أدعیة أو سلامات له ولمن فی طرفه وحوزته على أنَّه من الضروری أن یأتی الکلام الأخیر موصولاً بما قبله بلفظ مساعد أو دونه، وبعد ذلک لا شیء سوى تقیید هذه المراسلة بالتاریخ الذی یعد ضرورة لا بد منها([73]) ولاسیما فی المراسلات الإداریة والسِّیاسیَّة والعهود وسوى ذلک.

وللإمام حظوة فی أکثر ما سبق ذکره، فحین عرض فی رسالة أرسلها للشیخ عیسى بن صالح فی حل قضیَّة مالیة، وتوزیع بعض من المال بین الأفراد، قال مختتمًا: «ومرجع أمره إلى الشیخ هو أعلم بمواضعه والسلام»([74]) وفی رسالة أخرى من الإمام للشیخ عیسى، وقد حل القضیَّة المالیة کاملاً، قال: «والباقی یؤدى، حررته یوم 23 من شهر رمضان سمة 1360»([75]). وفی رسالة ثالثة أشار إلى ما قرره بقوله: «هذا، والسلام حررته بیدی یوم 6 جمادى الثانیة 1354»([76]) وفی رسالة رابعة فی الخلاف حول قضیَّة الرستاق، ختم مشجعًا الأطراف على حل الخلاف بما یشبه الحکمة، قال: «... فإن کانت الأمور تجری على الجد والاجتهاد ستجری، وإن کان على التعذر والاتکال فلا تمضی، هذا والسلام، یوم 12 رمضان سنة 1354»([77]) وفی رسالة خامسة للشیخ عیسى بن صالح عن خلافات وقعت أدت إلى مقتل بعض الرجال، ختم کتابه بقوله معلقًا على تصرفات طرفی النزاع: «... والقصد نرسل لهم أحدًا یحکم فی القضیَّة والسلام حررته یوم 23 (؟) سنة 1364»([78]).

وفی مکاتباته السِّیاسیَّة من نحو رسالته إلى الملک عبد العزیز التی بث فیها روح التشجیع لما یقوم به الملک من خدمة للحجاج، وحرص على أمنهم، نراه ختمها بالحکمة والدعاء، قال: «... وفی الحقیقة أن فضیلة المرء مخبوءة تحت لسانه، والله المسدّد فی القول والعمل، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلی العظیم، لا ملجأ من الله إلاَّ إلیه، حرر یوم 10 شوال 1369»([79]) ونحوه کتاب آخر یمضی على النحو السابق یقول: «... لتدخل تحت قوله ﷺ: الدال على الخیر کفاعله، والله حسبنا ونعم الوکیل، ولا قوة إلاَّ بالله العلی العظیم، لا ملجأ من الله إلاَّ إلیه، حرر یوم 10 شوال 1369»([80]). والملاحظ وحدة التاریخ فی الرسالتین مع اختلاف مضمونِیٍّ بینهما، وتفسیر ذلک خصوصیة الرسالة الأولى وعمومیة الرسالة الثانیة فی آن واحد؛ فقوله: «وفی الحقیقة أن فضیلة المرء مخبوءة تحت لسانه» وإنَّما أراد بذلک محمَّدًا، وهو ابن العلاَّمة السالمی، حمّله هذه الرسالة توصیة به، وضمانًا لحقه عند الملک، وحمله الثانیة العامَّة التی یمتدح فیها الإمام الملک برعایة الحجاج والوقوف على أمنهم، وما یسعى إلیه من وحدة المسلمین.

وفی رسالة ثالثة أخبر الملک بوفد سیمر لزیارته والسلام علیه أنهاها على النحو الآتی: «ولیمرَّا علیکم مسلِّمَیْن مؤدِّیـیْن بعض واجبکم. هذا مهم ولازم، والله یحفظکم والسلام علیکم وعلى من یعز لدیکم من لدنا کذلک محررًا 19 ذی القعدة سنة 1370»([81]). وفی رسالة رابعة لولی العهد سعود بن الملک عبد العزیز إخبار عن تفویض محمَّد بن عبد الله السالمی لبناء بیت للعُمانیین فی أرض المملکة، وکان ختمه على النحو الآتی: «... وهو المفوض من قبلنا وقبل العُمانیِّـین فی الأمر، هذا وحررته یوم 25 ذی القعدة 1371 ثمَّ إن أتم السلام منَّا على أعیان أصحابکم ومن هنا کذلک یسلمون علیکم أعیان الأصحاب»([82]). وما ذکرناه هنا من مکاتبات الإمام الخلیلی ومراسلاته مع إخوانه ملوک السعودیَّة هو فی مجال الشواهد الفنیة اللازمة لإتمام دراسة الختام وبعض مواصفاته ممَّا تمیزت به کتب الإمام([83]).

ومن هذا القبیل مراسلته للسفیر البارونی ینهی فیها هذه المراسلة بتأکید التکلیف للسفارة وطریق ذلک، یقول: «... وأخبر رسولنا بکلِّ ما یلزم لنحیط به علمًا، والله المیسر والسلام، حرر 3 محرم 1343»([84])، وکذلک رسالته الأخرى إلیه، یقول: «والمنتظر من جنابک موافاتنا بالأخبار الصحیحة بدون فاصلة، والله تعالى نسأله أن یوفقک والمسلمین أجمعین لما فیه خیر دینهم ودنیاهم آمین، رمضان المعظم 1343»([85]).

وهذا ربما اختلف الختام فی العهود التی کان یوصی به للولایة والقضاء؛ لما فیها من صیغة الحزم والأمر، ولما تحتاجه أمور الولایة والقضاء لمثل هذه النبرة، ففی تولیته للشیخ عامر بن خمیس ختم الکتاب بقوله: «... وحررت هذا وأنا إمام المسلمین محمَّد بیدی یوم 22 ذی الحجة سنة 1342»([86]) وفی تولیته عامر بن خمیس المالکی نائبًا عنه فی إقامة صلاة الجمعة بنزوى، ختامه قوله: «... وحررت بیدی، وأنا إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله»([87]) وفی عهده لسفیان بن محمَّد بن عبد الله الراشدی بعید نصحه له بالمناصحة بینه وبین الوالی وأن على الوالی إنفاذ حکمه وجدنا صیغ الدعاء، ثمَّ ما مر من العبارات الأخیرة فی الرسائل السابقة قال: «... ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلی العظیم، وصلى الله على رسوله محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمین. کتبته وأنا إمام المسلمین محمَّد بیدی یوم 9 من شهر جمادى الأخرى 1364»([88]).

ولا شک أن تأکیده کتابة هذه العهود بیده هو من باب آخر تأکید لنفاذ أمره وحصوله وأنّ على المرسل إلیهم تنفیذ هذا العهد بحذافیره.

خاتمة:

جرت العادة أن تلحق دراسة البناء الفنی فی الرسالة النثریة بدراسة خصائصها الممیزة لها، من حیث هی جنس أدبی له أدبیته ولغته وأسلوبه، وما یشیع فیه من إیجاز أو إطناب ومن تضمین واقتباس، وما یرتاد سطوره من صور وخیال، وکلماته من سجع وإرسال، أو توازن فی الموسیقى والإیقاع؛ لیحقق ذلک کله أدبیة هذا الجنس، وتمیزه عن سائر الأجناس.

غیر أنَّ ما عرضنا له من دراسة البناء الفنی فی رسائل الإمام وإن لم یکتمل إلاَّ بالتوجه لما ذکرناه آنفًا من وجهات درسیة جدیدة ما نستطیع له وصولاً مع محدودیة الوقت، وعدد الصفحات، وضیق فترة العرض، فهذا مدعاة لبعض الاختیار البحثی فی رسائل الإمام نذکره هنا؛ لیتم مع البناء الفنی صورة میزتها الاکتمال، فیما انطوت علیه من دراسة الابتداء والعرض والختام، ثمَّ هذه الوقفة مع أسلوب العرض، وطبیعة التضمین والاقتباس.

فأسلوب الإمام وطرحه لکلماته وتعابیره عفو الخاطر ممَّا یحتاجه المقام وحسب من غیر ما تقیید بسجع أو توازن فی الإیقاع، هو الذی أعطى لهذه الرسائل کنهها، فأسلوب الإرسال، ومراعاة المقام، ومخاطبة المتلقی على قدره وعقله ورتبته من غیر ما سجع ونحوه ممَّا کانت علیه رسائل الرسول -علیه الصلاة والسلام- والصحابة الکرام، هو الذی أعطى رسائل الإمام أولاً وأخیرًا المیزة الفنیة والخلود والروعة، وأمَّا عن تضمینه القرآن الکریم وأحادیث النبی -علیه الصلاة والسلام- فقد جاء فی مواضعه الجادة المفصلیة ممَّا یتطلبه المقام، ویحتاجه المتلقی؛ لحمله على الالتزام بأمر ما، من نحو ما مرّ بنا من استشهاد مطول بالقرآن، والأحادیث الشریفة فی مخاطبته المغاربة؛ لحملهم على التصالح فیما بینهم، وسوى ذلک کثیر قد تجده موجزًا أو مطولاً بحسب الحاجة إلیه، وضرورة الاستشهاد به.

([1])       درویش، أحمد: تطور الأدب فی عُمان، دار غریب للطباعة والنشر والتوزیع، القاهرة، 1998م، ص5-6.

([2])       المصدر نفسه.

([3])       المصدر نفسه، ص7.

([4])       الفراهیدی، الخلیل بن أحمد، العین، تحقیق: د. مهدی المخزومی، ود. إبراهیم السامرائی، دار الهجرة، قم، إیران، ط3، 1409هـ، ج7، ص240.

([5])       ابن درید، أبو بکر محمَّد بن الحسین: جمهرة اللغة، تحقیق د. منیر رمزی البعلبکی، دار العلم للملایین، 1987م، ج2، ص719.

([6])       ابن فارس، أبو الحسین أحمد بن فارس بن زکریا القزوینی الرازی: مقاییس اللغة، تحقیق عبد السلام محمَّد هارون، مطبعة مکتب الإعلام الإسلامی، طهران، 1404هـ، ج2، ص392.

([7])       المصدر نفسه.

([8])       ابن منظور، محمَّد بن مکرم، لسان العرب، دار صادر، بیروت، ط1، 1410هـ/ 1990م (رسل).

([9])       المصدر نفسه (رسل).

([10])     ابن فارس: مقاییس اللغة، ج2، ص392.

([11])     الکفوی، أبو البقاء: الکلیات، قابله د. عدنان درویش ومحمَّد المصری، وزارة الثقافة، دمشق، 1981م، ج1، ص385.

([12])     ابن عبد البر، یوسف بن عبد الله: بهجة المجالس، تحقیق محمَّد مرسل الخولی، الدار المصریة للتألیف والترجمة ط1، 1980م، ص277.

([13])     کُثیّر عزة: دیوانه، تحقیق د. إحسان عبّاس، دار الثقافة، بیروت، 1391هـ/1971م،  ص110، وینظر اللسان (رسل).

([14])     ابن مرداس، العباس: دیوانه، تحقیق د. یحیى الجبوری، مؤسسة الرسالة، بیروت، ط1، 1991م، ص162.

([15])     السالمی، أبو بشیر محمَّد الشیبة بن نور الدین عبد الله بن حمید السالمی: نهضة الأعیان بحریة عُمان، من مکتبة التراث، د. ت، د.م، ص376 وما بعدها، وینظر: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، طُبع بإشراف عز الدین التنوخی عضو المجمع العلمی العربی بدمشق، المطبعة العمومیة، دمشق، 1385هـ/1965م، المقدمة.

([16])     الخلیلی، محمَّد بن عبد الله بن سعید بن خلفان: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، جمع وترتیب الشیخ سالم بن حمد بن سلیم الحارثی، فهرسة أحمد بن سالم الخروصی، ذاکرة عُمان، ط1، 1437هـ/ 2016م، ص5. وهو الطبعة الحدیثة من هذا الکتاب.

([17])     المصدر نفسه، المقدمة، ص6-7.

([18])     المصدر نفسه، المقدمة، ص9.

([19])     المصدر نفسه، المقدمة، ص8.

([20])     نهضة الأعیان بحریة عُمان، المقدمة، ص3.

([21])     المصدر نفسه، المقدمة، ص4.

([22])     تنظر هذه المکاتبات فی نهضة الأعیان بحریة عمان، 508-528.

([23])     ینظر: المصدر نفسه، 515-522.

([24])     ینظر: الفتح الجلیل، الطبعة القدیمة (التنوخی) ص245، والطبعة الحدیثة (الخروصی) ص174.

([25])     الفتح الجلیل، ص1-79. وثمة معظم رسائله، وعلى العموم فما سوف یأتی من حواش توثیقیة هی من الطبعة القدیمة لکتاب «الفتح الجلیل، التنوخی» إلاَّ ما یشار إلیه أنَّه من الطبعة الحدیثة.

([26])     المصدر نفسه، ص32-33، مع کثیر من صفحات رسائل الإدارة. من نهضة الأعیان بحریة عُمان.

([27])     المصدر نفسه، ص11، 12، 13، 51، 52، وتنظر، ص174.

([28])     المصدر نفسه، ص40-45.

([29])     المصدر نفسه، ص50.

([30])     المصدر نفسه، ص52، ورسالته هنا على لسان الشیخ عیسى بن صالح.

([31])     المصدر نفسه، ص39-40، (مراسلته لسلیمان بن عبد الله البارونی).

([32])     المصدر نفسه، ص14-17، 34، (مراسلته لأبی الولید القاضی).

([33])     تُنظر الصفحات 505-529 من کتاب نهضة الأعیان بحریة عُمان، وثمة معظم الرسائل المشار إلیها.

([34])     النویری، شهاب الدین أحمد بن عبد الوهاب: نهایة الأرب فی فنون الأدب، دار الکتب والوثائق القومیة، القاهرة، ط1، 1423هـ، 7/213. والشنطی، محمَّد صالح: فن التحریر العربی ضوابطه وأنماطه، دار الأندلس للنشر والتوزیع، السعودیَّة، حائل، ط5، 1422هـ/2001م ص174.

([35])     العسکری، أبو هلال الحسن بن عبد الله: کتابه الصناعتین، تحقیق علی محمَّد البجاوی ومحمَّد أبو الفضل إبراهیم، المکتبة العصریة، بیروت، المکتبة العصریة، 1419هـ، ص136.

([36])     القلقشندی، أحمد بن علی بن أحمد الفزاری: صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، دار الکتب العلمیة، بیروت، 6/208. وینظر: ابن الأثیر، ضیاء الدین نصر الله بن محمَّد: المثل السائر فی أدب الکاتب والشاعر، تحقیق أحمد الحوفی وبدوی طبانة، دار نهضة مصر للطباعة، الفجالة، القاهرة، د. ت، 3/96.

([37])   صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، ج6/211، 215.

([38])     کتاب الصناعتین، ص136.

([39])     ینظر: فن التحریر العربی، ص177.

([40])     صفوت، أحمد زکی: جمهرة رسائل العرب، المکتبة العلمیة، بیروت، د.تا، ج1، ص36.

([41])     الفتح الجلیل، ص1.

([42])     المصدر نفسه، ص1.

([43])     المصدر نفسه، ص1.

([44])     صبح الأعشى، ج6، ص319.

([45])     الفتح الجلیل، ص1.

([46])     صبح الأعشى، 6/319.

([47])     الفتح الجلیل، ص2.

([48])     المصدر نفسه، ص3.

([49])     المصدر نفسه، ص3.

([50])     المصدر نفسه، ص11-12، وینظر رسائل مماثلة فی نهضة الأعیان، ص525-528.

([51])     نهضة الأعیان، ص515.

([52])     الفتح الجلیل، ص40-45.

([53])     نهضة الأعیان، ص516.

([54])     المصدر نفسه.

([55])     المصدر نفسه، ص517.

([56])     المصدر نفسه. ونحوه رسالته إلى ولی العهد، ص518، ورسالته إلى أحد الأمراء، ص522.

([57])     الفتح الجلیل، ص39.

([58])     المصدر نفسه، ص40.

([59])     المصدر نفسه، ص693.

([60])     المصدر نفسه، ص694.

([61])     المصدر نفسه، ص1.

([62])     المصدر نفسه، ص2.

([63])     المصدر نفسه، ص40 ونحوه رسائله إلى سائر الملوک والأمراء السعودیین، ص40-45.

([64])     المصدر نفسه، ص11-12.

([65])     المصدر نفسه، ص693.

([66])     المصدر نفسه، ص694.

([67])     المصدر نفسه، ص1-79 إذ معظم الرسائل فی المواضع المشار إلیه تنحو هذا المنحى.

([68])     المصدر نفسه، ص40-45.

([69])     المصدر نفسه، ص39-40.

([70])     المصدر نفسه، ص53.

([71])     المصدر نفسه، ص11-12.

([72])     المصدر نفسه، ص13، 14، 15، 16 وغیرها.

([73])   صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، 6/276.

([74])     الفتح الجلیل، ص2.

([75])     المصدر نفسه، ص1.

([76])     المصدر نفسه، ص3.

([77])     المصدر نفسه، ص3.

([78])     المصدر نفسه، ص5.  

([79])     المصدر نفسه، ص41.

([80])     المصدر نفسه، ص42.

([81])     المصدر نفسه، ص42.

([82])     المصدر نفسه، ص43.

([83])     الذی یمکن الإشارة إلیه أن مکاتبات الإمام فی هذا الاتجاه بلغت ست مکاتبات، وهی ممَّا ورد فی الفتح الجلیل، طبعة دمشق، إشراف عز الدین التنوخی، وطبعة ذاکرة عُمان التی ضبط نصَّها ووضع فهارسها: أحمد بن سالم بن موسى الخروصی، ولا خلاف بین الطبعتین، وإنَّما وقع الخلاف مع ما ورد فی کتاب نهضة الأعیان بحریة عُمان لمحمَّد الشیبة بن نور الدین السالمی، فقد أورد أربعة ردود على رسائل الإمام من الملک عبد العزیز، ومن ولی عهده سعود بن الملک عبد العزیز، ومنه حال تولیه حکم المملکة، ومن الأمیر والی الشرقیَّة سعود بن عبد الله بن جلوى. تُنظر الردود فی نهضة الأعیان، ص516، 519، 521، 522.

([84])     الفتح الجلیل، ص39.

([85])     المصدر نفسه، ص40.

([86])     المصدر نفسه، ص693.

([87])     المصدر نفسه، ص694.

([88])     المصدر نفسه، ص697.
 

  • ابن الأثیر، ضیاء الدین نصر الله بن محمَّد: المثل السائر فی أدب الکاتب والشاعر، تحقیق: أحمد الحوفی وبدوی طبانة، دار نهضة مصر للطباعة، الفجالة، القاهرة، د. ت.
  • ابن درید، أبو بکر محمَّد بن الحسین: جمهرة اللغة، تحقیق: د. منیر رمزی البعلبکی، دار العلم للملایین، 1987م.
  • ابن عبد البر، یوسف بن عبد الله: بهجة المجالس، تحقیق: محمَّد مرسل الخولی، الدار المصریة للتألیف والترجمة، ط1، 1980م.
  • ابن مرداس، العباس: دیوانه، تحقیق: د. یحیى الجبوری، مؤسسة الرسالة، بیروت، ط1، 1991م.
  • ابن منظور، محمَّد بن مکرم: لسان العرب، دار صادر، بیروت، ط1، 1410هـ/ 1990م.
  • الخلیلی، محمَّد بن عبد الله بن سعید بن خلفان: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، طُبع بإشراف عز الدین التنوخی عضو المجمع العلمی العربی بدمشق، المطبعة العمومیَّة، دمشق، 1385هـ/ 1965م.
  • الخلیلی، محمَّد بن عبد الله بن سعید بن خلفان: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، جمع وترتیب: الشیخ سالم بن حمد بن سلیم الحارثی، فهرسة: أحمد بن سالم الخروصی، ذاکرة عُمان، ط1، 1437هـ/2016م.
  • درویش، أحمد: تطور الأدب فی عُمان، دار غریب للطباعة والنشر والتوزیع، القاهرة، 1998م.
  • السالمی، أبو بشیر محمَّد بن شیبة بن نور الدین عبد الله بن حمید السالمی: نهضة الأعیان بحریة عُمان، من مکتبة التراث، د.م، د. ت.
  • الشنطی، محمَّد صالح: فن التحریر العربی ضوابطه وأنماطه، ط5، دار الأندلس للنشر والتوزیع، حائل، السعودیَّة، 1422هـ/2001م.
  • صفوت، أحمد زکی: جمهرة رسائل العرب، المکتبة العلمیة، بیروت، د.ت.
  • العسکری، أبو هلال الحسن بن عبد الله: کتابه الصناعتین، تحقیق: علی محمَّد البجاوی ومحمَّد أبو الفضل إبراهیم، المکتبة العصریة، بیروت، 1419هـ.
  • الفراهیدی، الخلیل بن أحمد: العین، تحقیق: د. مهدی المخزومی، ود. إبراهیم السامرائی، دار الهجرة، قم، إیران، ط3، 1409هـ.
  • القزوینی الرازی، أبو الحسین أحمد بن فارس بن زکریا: مقاییس اللغة، تحقیق: عبد السلام محمَّد هارون، مطبعة مکتب الإعلام الإسلامی، طهران، 1404هـ.
  • القلقشندی، أحمد بن علی بن أحمد الفزاری: صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، دار الکتب العلمیة، بیروت.
  • کُثیّر عزة: دیوانه، تحقیق: د. إحسان عبّاس، دار الثقافة، بیروت، 1391هـ/ 1971م.
  • الکفوی، أبو البقاء: الکلیات، قابله د. عدنان درویش ومحمَّد المصری، وزارة الثقافة، دمشق، 1981م.
  • النویری، شهاب الدین أحمد بن عبد الوهاب: نهایة الأرب فی فنون الأدب، دار الکتب والوثائق القومیة، القاهرة، ط1، 1423هـ.