وثیقة استخلاف الإمام غالب بن علي الهنائي، والصراع بین العلماء والزعماء، دراسة تحلیلیَّة مقارنة
الباحث المراسل | أ.د. سعيد بن محمد الهاشمي | جامعة السلطان قابوس |
فی رجب 1373هـ/ مارس 1954م، استخلف الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی الشیخ غالب بن علی بن هلال الهنائی لخلافته فی منصب الإمامة، بعد الرجوع عن قراره باستخلاف الشیخ عبد الله بن سالم بن راشد الخروصی، الذی کان قد استخلفه قبل عشر سنوات تقریبا. وقد وقَّع على وثیقة الاستخلاف([1]) عدد من القضاة. وفی فجر الاثنین 29 شعبان 1373هـ/ 3 مایو 1954م مات الإمام محمَّد، فعقد العلماء البیعة للشیخ غالب. وکان زعماء القبائل غیر متوافقین على الاستخلاف. وظلَّ الإمام غالب فی إمامته ما یقرب من عشرین شهرا (سنة وسبعة أشهر وعشرة أیَّام)، حیث انسحب من نزوى عندما دخلتها جیوش السلطان سعید بن تیمور فی 30 ربیع الآخر 1375هـ/13 دیسمبر 1955م.
یهدف هذا البحث إلى تتبُّع استخلاف الإمام محمَّد الخلیلی للشیخ غالب، ومدى قبوله لدى العلماء وزعماء القبائل المساندین للإمامة، ویکتسب أهمِّـیَّته من تتبُّعه للأحداث السابقة للاستخلاف وما بعده وما ترتب علیه، من خلال تحلیل مجموعة من الوثائق والمذکِّرات، ومن خلال بعض اللقاءات المباشرة مع عدد من کبار السنِّ الذین عایشوا تلک الفترة.
اعتمد البحث على المنهج الوصفیِّ التاریخیِّ، وعلى المنهج التحلیلیِّ؛ وذلک لتوفُّر وثیقة الاستخلاف والمبایعة التی وقَّع علیها قضاة الإمام قبل وفاته بشهر ونصف الشهر. وسیقارن البحث -أیضا- بین مضامین تلک الوثائق والمذکِّرات واللقاءات.
وثیقة الاستخلاف:
«بسم الله الرحمن الرحیم([2])
هذا ما أقوله وأنا إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله الخلیلی: إنِّی قد رجعت عن استخلاف الولد عبد الله ابن الإمام سالم؛ لأنِّی قد رأیت فیه ضعفًا وإحراضا([3])، وذلک مخالف للمقصود من أمر الخلافة؛ لأنَّ أمرها متین، کما قال U: ﴿إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الأَمِینُ﴾ [سورة القصص: 26]. وإنِّی قد نظرت فی أمر المسلمین مجتهدًا لله وللمسلمین، ورأیت أنَّ غالب بن علی هو القویُّ فی دینه، والعدل فی أمانته؛ فجعلته هو الخلیفة على أمر المسلمین من بعدی، مقتدیًا فی الاستخلاف بأبی بکر الصدیق وعمر بن الخطَّاب –رضی الله عنهما-. فإن استقام غالب، فذلک حسن ظنِّی فیه، وإلاَّ فـ﴿سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنقَلَبٍ یَنقَلِبُونَ﴾ [سورة الشعراء: 227]. والله أسأله لی وله الإعانة والتأیید والتسدید وحسن الخاتمة، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلیِّ العظیم، وصلَّى الله على سیِّدنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم. کتبه عن إملاء الإمام شاهدًا علیه وملتزما لله بطاعة هذا الذی استخلفه الإمام أعزَّه الله، ومعتقدًا النصح له خاصَّة، وللمسلمین عامَّة، وأنا العبد لله: سفیان بن محمَّد بن عبد الله الراشدی بیده، فی الیوم التاسع عشر من شهر رجب من سنة 1373»([4]).
مضامین وثیقة الاستخلاف وأهدافها:
جاء استخلاف الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی للشیخ غالب بن علی الهنائی مسبَّبا فی وثیقة أخرى. ذلک أنَّه أیَّام مرضه الذی مات فیه «اجتمع علیه أصحابه، وطلبوا منه أن یستخلف على الأمَّة، خوف الفتنة، فوافق على ذلک، ثمَّ رجع، ثمَّ وافق، ثمَّ رجع، ثمَّ وافق، وذلک لما یخشاه من تبدُّل الأحوال، وتغیُّر الناس، ولِمَا یرجوه من صلاح الأمَّة»([5]). ویُفهم من هذا التردُّد أنَّ الإمام محمَّد لم یکن راغبًا فی الاستخلاف، غیر أنَّه أُجبر علیه من المقرَّبین إلیه من العلماء الذین جعلهم مستشاریه، وهم قلَّة قلیلة جدًّا، ومتمسِّکون بالإمامة ومکانتها. لکنَّ هؤلاء العلماء/المستشارین لم یتمکَّنوا من أن یکسبوا القوى السِّیاسیَّة، وأن یأخذوا منها التأیید، ولعلَّهم فعلوا ذلک وحالت أسباب دون نجاحهم؛ فقد کان الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی معتزًّا بمکانته، وکان یرى فی نفسه أنَّه یستغنی عن التبعیَّة؛ ولهذا عندما أرسل إلیه الإمام وثیقة (قرطاسة) یطلب فیها موافقته، لم یشأ أن یوقِّع علیها، ولم یردَّ على الإمام. فقد روى الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم الخروصی أنَّه جاء فی رسالة منه وجهها إلى الإمام الخلیلی مؤرَّخة فی 24 جمادی الثانی 1368هـ/23 أبریل 1949م ما یأتی([6]): «...أنَّه بلغنی أنَّکم ترمون الاجتماع والدعوى بالأمیر الحمیریِّ ومن شئتم من باقی الأشیاخ تؤکِّدون ما اجتمعتم علیه أوَّلاً من الخلافة، وتأخذون منه المواثیق، وتطلبون منه القرطاسة([7]) المکتوبة فی ذلک، ولعلَّ بعض الناس لبَّس علیکم فی ذلک، فظننت صدقه، وقد قال ﷺ: «إذا ظننت فلا تحقِّق». فاعلم أیُّها الإمام أنَّا نرى ترک ذلک، إن کان هذا کما نقل لنا. وأمَّا القرطاسة نظرتها بنفسی حال قیامی عنده مرَّتین... وما یحوک فی القلوب ینبغی ترکه، وتآلف الناس یُسعى إلیه بکلِّ وجه جائز... والجواب منکم أرجوه فی کتابی هذا خاصَّة، والتشاور والتناظر منکم لأولی العقول والصفاء من استوت منهم سریرته وعلانیته»([8]).
وقد أجاب الإمام الخلیلیُّ على الشیخ عبد الله فی الخطاب نفسه، هذا أوَّلاً. وثانیًا: قرر الإمام عزل الشیخ عبد الله بن سالم بن راشد الخروصی من الاستخلاف، حیث سبق أن استخلف الإمام الخلیلی الشیخ عبد الله عام 1365هـ/ 1946م لیکون إمامًا من بعده، لکنَّه رجع عن ذلک. ویقول الإمام فی رسالة بعثها الإمام إلى الشیخ عبد الله مؤرَّخة فی 28 رجب 1368هـ/25 مایو1949م جاء فیها([9]): «وکنت عهدت إلیک بالخلافة من بعدی، والآن رجعت عن ذلک»([10]). وکان سبب رجوعه أنَّه شعر بأنَّ فی الشیخ عبد الله ضعفًا، ومنصب الإمامة یحتاج رجلا فیه قوَّة وإقدام وحزم وعزیمة. هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى فإنَّ الإمام وجد معارضة خفیَّة من العلماء ورجال السیاسة حول استخلاف الشیخ؛ خوفًا من نظام التوریث، وعدم مقدرته السِّیاسیَّة، ولم یجد قبولاً عامًا بذلک؛ لهذا تراجع الإمام.
فی شعبان 1372هـ/ إبریل 1954م عقد الإمام اجتماعًا حضره عدد من رجال العلم والسیاسة، وعلى رأسهم الشیخان: سلیمان بن حمیر النبهانی، وصالح بن عیسى الحارثی، وطرح علیهم فکرة تخلِّیه عن منصب الإمامة؛ لکونه «قد أصبح کبیرًا فی السنِّ، ولا یستطیع تحمُّل أعباء منصب الإمامة»([11])، وقرَّر المجتمعون رفض طلب الإمام، وطالبوه بالاستمرار، کما أنهم اتفقوا على تعیین مساعد له، یکون مقرُّه بنزوى، وإذا أثبت هذا المساعد جدارته فی هذه المهمة، یمکن أن یبایع بالإمامة بعد وفاة الإمام، وقد رشَّح المجتمعون أربعة رجال لهذا المنصب، هم([12]):
- الشیخ عبد الله بن سالم بن راشد الخروصی الذی یبلغ من العمر 35 سنة، ویتولَّى ولایة نخل. وکان الشیخ عبد الله مرشَّحا قویًّا مدعومًا من الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی، ومن قبائل الغافریَّة. ویبدو أنَّ الإمام رضی به مساعدًا، ولکنَّه لم یتَّخذ أیَّ إجراءات فی ذلک. ومن المعارضین لهذا الاختیار الشیخ صالح بن عیسى الحارثی فقد علَّق: «بأنَّهم الآن سیجدون الفرصة لمعرفة کم کان اختیارهم ذلک غیر صالح وغیر مناسب، وهو بلا شکٍّ شخصیَّة غیر قویَّة»([13]).
- الشیخ علی بن هلال بن زاهر الهنائی البالغ من العمر 70 سنة، ویتولَّى ولایة الرستاق([14]).
- الشیخ سیف بن راشد المعولی البالغ من العمر 35 سنة، ولا یتولَّى أیَّ منصب، وکان الشیخ سیف قد رشَّحه الشیخ صالح بن عیسى الحارثی.
- الشیخ أحمد بن ناصر بن منصور البوسعیدی البالغ من العمر 60 سنة، ویتولَّى ولایة بدبد.
وقد اطَّلع الباحث على قولٍ بأنَّه کان فی عمان أربع شخصیَّات مهیأة لمنصب الإمامة: الشیخ القاضی عبد الله ابن الإمام سالم الخروصی، والشیخ القاضی سیف بن راشد بن نبهان بن سلیمان المعولی([15])، ووالی بدبد الشیخ أحمد بن ناصر بن منصور البوسعیدی، والشیخ غالب بن علی الهنائی. وشکَّل الإمام محمَّد الخلیلی لجنة زارت هؤلاء فی ولایاتهم، ورفعت اللجنة تقریرها إلى الإمام محمَّد، وکان الرأی الأرجح هو استخلاف الشیخ غالب بن علی. والحقیقة أنِّی لم أجد ما یؤیِّد هذا الرأی، إلاَّ ما اطَّلعت علیه من دون تأکید، ولا توثیق فی أکثر من موقع فی الشبکة العنکبوتیَّة، وهو رأی لا یمکن إغفاله أو التغاضی عنه([16]). وهذا الخبر إن کان قد حدث بالفعل، فهو یدلُّ على تقدُّم فی الفکر السیاسی العمانی، ولعلَّه کان بعد اجتماع الإمام بالوجهاء والعلماء والشیوخ فی نزوى لأجل التنازل عن الإمامة کما ذُکِرَ فی صدر البحث. وإن کان هذا رأی أوحدی، فلا ینبغی طرحه؛ لأنَّ الإمام أصدر وثیقة الاستخلاف بإعفاء الشیخ عبد الله بن سالم لأسباب عرفها فیه، واختار الشیخ غالب لصفات توخَّاها فیه، ولم یشر إلى الشیخ المعولی، ولا إلى الشیخ أحمد البوسعیدی.
إنَّ وثیقة الاستخلاف التی ورد فیها توقیع الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم الخروصی وموافقته جاءت صیغة شهادته مختلفة عن بقیَّة الموقِّعین من القضاة الذین کانوا یشیرون إلى أنَّهم ملتزمون بهذا الاستخلاف، بینما جاءت شهادته على النحو الآتی: «أشهدنی الوالد الإمام على ما سطَّر هنا من استخلاف الشیخ غالب بن علی مِن بعدِهِ، وعندی أنَّه صالح، وکتبه عبد الله ابن الإمام سالم رحمه الله، ورضیتُ به خلیفة. عبد الله بیده»([17]). وتلک الصیغة لا تعبر عن رضًا تامٍّ. کما أنَّ الشیخ عبد الله لم یکن فیه ضعف حسبما جاء فی وثیقة الاستخلاف، وقد مضى على رجوع الإمام عن استخلاف الشیخ عبد الله حوالی خمس سنوات([18])، وکان تاریخ رجوعه 28 رجب 1368هـ، وکان ردُّ الشیخ عبد الله على الإمام بعد خمسة أیَّام، مؤرَّخًا فی 3 شعبان 1368هـ جاء فیه: «...أیُّها الإمام، السعید من اکتفى بغیره، ورسمتم أمرًا لیس عن نظری، بل اجتمعتم علیه بأنفسکم، ولم تخاطبنی أنت فیه إلاَّ بعد رجوعک من الشرقیَّة، واتَّفقتم علیه منذ مدَّة مدیدة، فرجوعک فیه عندی لا یغنی عنک شیئًا الآن، لیس عن نظری، ولا قبضت فیه کتابًا، وسبیل الرجوع ومحلُّ المعارفة فیه لمن اجتمع بک أوَّلا، وقبض علیک خطَّ یدک، فتدبَّر ما أبدیته لک...»([19]). فهل صاحب هذا الردِّ یکون فیه ضعف ووهن؟! لا یبدو ذلک، لکن عدم اتِّفاق القوم علیه أضعف رغبة الإمام.
دعا الإمام جمیع الأعیان، وأهل الحلِّ والعقد من العلماء والرؤساء ومشایخ القبائل إلى نزوى، فحضر عدد کبیر منهم، وذلک لأجل المشورة فی استخلاف الشیخ غالب([20])، ولم یکن هناک إجماع على استخلاف الشیخ غالب خلیفة من بعد وفاة الإمام. والشیخ غالب من وجهة نظر الإمام هو الرجل المناسب، والقویُّ فی هذا المنصب؛ لأنه القویُّ فی دینه وعدالته وأمانته وشجاعته وإقدامه([21]).
وضَّحت الوثیقة أنَّ الإمام محمَّد فعل هذا الاستخلاف مقتدیًا بالخلیفة أبی بکر الصدیق والخلیفة عمر بن الخطَّاب، وهذا لا خلاف علیه؛ لأنه من مبادئ الدین. واشترط الإمام على الشیخ غالب أن یکون مستقیمًا وعادلاً، طالبًا من أتباعه التأیید والإعانة للإمام الجدید؛ ولهذا أرسل للعلماء والشیوخ لیعلمهم ذلک.
هذه الوثیقة نقل من منقول من منقول من الأصل، أی نُقلت من النسخة الثالثة، ولیست الأصل، وکاتب النقل الشیخ سعید بن حمد بن سلیمان الحارثی، وتاریخها هو 19 رجب 1373هـ، أی قبل 40 یومًا من وفاة الإمام محمَّد، وکاتب الوثیقة الأصل هو القاضی الشیخ سفیان بن محمَّد بن عبد الله الراشدی عن إملاء الإمام. هکذا کتب الشیخ سفیان، بینما یذکر الإمام أنَّ أبناء أخیه هلال وسعود، هما اللذان کتبا الاستخلاف، وأُرسل للعلماء للمصادقة علیه.
فی نهایة الوثیقة مجموعة من قضاة الإمامة وولاته، أبدوا موافقتهم على ما کتبه الشیخ سفیان بن محمَّد الراشدی فی رجوع الإمام عن استخلاف الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم، واستخلاف الشیخ غالب بن علی الهنائی.
التحلیل والمناقشة:
غنیٌّ عن البیان الدور الکبیر الذی لعبته الظروف السِّیاسیَّة التی مرَّت بها عُمان والمنطقة والإمامة آنذاک فی توجیه الأحداث، ویطرح السؤال التالی نفسه بقوَّة: هل کان الإمام ورجال دولته یریدون بقاء الإمامة؟ أم ینشدون وحدة عُمان الوطنیَّة تحت سیادة آل سعید سلاطین مسقط وعُمان؟
کانت الأوضاع السِّیاسیَّة فی عُمان محطَّ تجاذب قوى داخلیَّة، وأخرى خارجیَّة، ولما کان الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی على فراش المرض، فإنَّ رجال دولته من العلماء وزعماء القبائل على غیر اتِّفاق فی نظرتهم لمستقبل عُمان الإمامیَّة، فحین یرید العلماء بقاء الإمامة والحفاظ علیها، سعت الزعامات القبلیَّة إلى غیر ذلک؛ فقبیلة الحُرْث تزعَّمها الشیخ صالح بن عیسى بن صالح وابن أخیه أحمد بن محمَّد بن عیسى بن صالح، وکان الشیخ أحمد یرى أن تکون وحدة عُمان بعد وفاة الإمام الخلیلی تحت سیادة السلطان سعید بن تیمور، بینما مال الشیخ صالح إلى موقف العلماء، فهو یرى ضرورة المحافظة على نظام الإمامة([22]). أما الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی فقد سلک طریقا ثالثا، فهو یبحث عن مکانة سیاسیَّة لنفسه، لا یهمُّه أمر الإمامة، ولا یرى الوحدة الوطنیَّة مسلکًا مناسبًا له. وقسم رابع تشبَّث بمصالحه الدنیویَّة، فقد سعى بعض شیوخ القبائل إلى الأمیر السعودیِّ بالبریمی؛ إذ کان یمدُّ بالمال کلَّ طالب([23])؛ کسبا لولائهم لدولة آل سعود.
وفی ضوء تلک التیارات الأربعة المشار إلیها یمکن فهم اللغط الکبیر الذی دار حول استخلاف الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم الخروصی، ثمَّ استخلاف الإمام غالب بن علی الهنائی ومبایعته.
صادق العلماء والقضاة على استخلاف الشیخ غالب بن علی الهنائی، وقد کان بعضهم غیر موجود فی نزوى، لکنَّهم أرسلوا موافقتهم عبر رسائل حین خاطبهم الإمام، وبعضهم کان فی الأصل موجودا فی نزوى مرکز الإمامة، بدلیل قول الشیخ سفیان بن محمَّد: «نقلته بالحرف من خطوطهم وکتبه سیفان بن محمَّد بیده»([24]). ومنهم من أناب عنه آخر، وکلَّف أحدًا بالتوقیع مثل: الشیخ سعید بن ماجد بن سلیمان السیفی، کتب نیابة عنه الشیخ سعید بن ناصر بن خمیس السیفی؛ لأنَّه کان ضریرًا. وذکر الشیخ صالح بن عیسى فی ذیل هذه الوثیقة أنَّ هؤلاء الذی صادقوا على هذا الاستخلاف، هم قضاة الإمام: «هؤلاء کلُّهم قضاة الإمام، أی المحرِّرون بالصحائف الثلاث، وکتبه العبد لله سلیمان بن حمد بن سلیمان الحارثی، نقلته بالحرف الواحد عن أمر الأخ الشیخ صالح بن عیسى بتاریخ 3 شوال 1373هـ»([25]). والمصادقون على هذا الاستخلاف من قضاة الإمام هم:
- الشیخ سفیان بن محمَّد بن عبد الله الراشدی.
- الشیخ منصور بن ناصر بن محمَّد الفارسی.
- الشیخ سعید بن ناصر بن خمیس السیفی.
- الشیخ سعید بن ماجد بن سلیمان السیفی.
- الشیخ مالک بن محمَّد العبری.
- الشیخ محمَّد بن سالم بن زاهر الرقیشی.
- الشیخ سعود بن سلیمان بن جمعة الکندی.
- الشیخ إبراهیم بن محمَّد بن سالم الرقیشی.
- الشیخ زاهر بن عبد الله بن سعید العثمانی.
0- الشیخ سالم بن محمَّد بن علی الحارثی.
1- الشیخ علی بن ناصر بن عامر الغسینی.
2- الشیخ محمَّد بن راشد بن سلطان الحبسی.
3- الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم الخروصی.
4- الشیخ خالد بن مهنا بن خنجر البطاشی.
5- الشیخ أحمد بن ناصر بن منصور البوسعیدی.
یظهر من خلال قائمة الموقِّعین والموافقین على الاستخلاف أنَّ هناک قضاة وشیوخ قبائل آخرین لم تظهر أسماؤهم فی هذه القائمة، ولعلَّهم کانوا غیر موافقین على الاستخلاف مثل: الشیخ أبی عبید حمد بن عبید السلیمی، والشیخ خلفان بن جمیل بن حرمل السیابی([26])، والشیخ سیف بن حمد بن شیخان الأغبری، والشیخ سیف بن راشد بن نبهان المعولی، والقاضی أحمد بن ناصر بن خمیس السیفی، والشیخ سلیمان بن سالم الکندی، والشیخ سالم بن سیف بن هلال البوسعیدی، والشیخ هلال بن علی بن عبد الله الخلیلی، وسعود بن علی بن عبد الله الخلیلی، وعبد الله بن علی بن عبد الله الخلیلی، وعبد الله بن زاهر بن غصن الهنائی، والشیخ محمَّد بن زاهر بن غصن الهنائی، والشیخ عبد الله بن سعید السیابی، والشیخ غصن بن زاهر بن هلال الهنائی، والشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی، والشیخ إبراهیم بن سعید العبری، والشیخ أحمد بن محمَّد بن عیسى بن صالح الحارثی. إنَّ هذه القائمة تؤکِّد عدم اتِّفاق القوى الدینیَّة والقبلیَّة فی أمر بیعة الإمام غالب بن علی.
ومن المستغرب أنَّ شیوخ العبریِّـین وبنی هناءة وعلماءهم لم یکن لهم موقف سیاسیٌّ ظاهر فی هذه الأحداث، فلم نجد لهم إشارة فی الوثیقة، ولم یصادقوا على الاستخلاف، إلاَّ القاضی مالک بن محمَّد العبری، الذی وافق على الاستخلاف، وأنَّ الشیخ مهنَّا بن حمد العبری بایع الإمام بعد فترة، والشیخ إبراهیم بن سعید العبری تلکَّأ وطلب التأخیر إلى ما بعد رمضان، وعندما بایع اشترط على الإمام القیام على أهل عبری الذین طردوه منها سابقا.
وقد شهدت السنوات الأخیرة من حیاة الإمام محمَّد حدثًا عسکریًّا مهمًّا جعل أنظار الکثیرین تتَّجه لأجل توحید عُمان تحت رایة واحدة؛ فقد قاد الأمیر السعودیُّ ترکی بن عطیشان بن عبد الله حملة عسکریَّة استولى فیها على البریمی، فی سبتمبر 1952م. وفتح ضیافته للعُمانیِّـین، وأرسل إلى معظم شیوخ عُمان وحتَّى إلى السلطان والإمام بخبر وصوله، وزیَّن للجمیع علاقتهم بابن سعود الملک عبد العزیز([27]). وقد اغتنم السلطان سعید بن تیمور هذا الخطر الداهم لدعوة کبار شیوخ عُمان إلى الوحدة الوطنیَّة، وسعى فی إقناع کثیر من شیوخ عُمان. وتزعَّم هذا الرأی الشیخ أحمد بن محمَّد بن عیسى الحارثی نیابة عن السلطان. وبدا أنَّ معظم الشیوخ یمیلون إلى هذا الرأی، وإلى الوحدة الوطنیَّة؛ وظهر التفاهم التامُّ بین الإمام والسلطان فی حرب البریمی لإجلاء ابن عطیشان، وذلک فی سبتمبر 1952م([28]).
وهذا الوفاق بین الإمام والسلطان لیس أمرا حادثا؛ فقد کان الإمام یستعین بالسلطان فی کثیر من الأحیان. وفی مایو 1953م أرسل الإمام محمَّد الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی إلى السلطان، یطلب منه المساعدة المادِّیـَّة والعینیَّة لأجل إعادة مدینة عبری لسیطرته، واستجاب السلطان لهذا الطلب([29]).
وقد راقب الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی التحوُّلات -کما یذکر ذلک فی مذکِّراته-، وأخبر الإمام بأمر السلطان سعید بن تیمور، وأنَّه یریده فی صفِّه ودعمه، وأنَّ السلطان أرسل إلیه خطابًا حینما کان والیًا على جعلان من قِبل الإمام فی أواخر عام 1370هـ/1951م. ثمَّ قال للإمام: «کما ترى أنَّ أهل عُمان منقسمون إلى ثلاثة أحزاب: حزب یرید السعودیَّ، وهم الأغلب، وحزب یرید السعیدیَّ، وهم قلَّة، وحزب یرید الإمام وهو ضئیل جدًّا»([30])، فردَّ علیه الإمام بقوله: «فارتبط معه [السلطان سعید] والتزم، وأنا آمرک بذلک»([31]).
ویؤکِّد ذلک الانقسام الشیخ القاضی سیف بن محمَّد بن سلیمان الفارسی فی سیرته «حیاتی» فیقول: «وأصبح أهل عُمان أفواجًا على باب ابن عطیشان، کلُّ عشرة جعلوا علیهم أمیرًا، ویقال لهم: وقِّعوا إن جاءت لبلادکم الحکومة السعودیَّة فإنَّکم ترحبون بها... وعظمت المحنة، ولم یستطع إمام ولا سلطان ردعهم عن ذلک. وکتب ابن عطیشان للإمام أنَّه یطلب الإذن له بزیارة نزوى... فلما وصل کتابه کاد أناس من مستشاری الإمام یطیرون فرحًا إلى الترحیب، ویزیِّنون للإمام بقدوم ابن عطیشان، وأنَّه سیقوِّی ضعفک»([32]). وهکذا انقسم أهل عُمان إلى ثلاثة أقسام، قسم مع ابن سعود طمعًا للمال، وقسم مع الإمام استحیاءً، والقسم الثالث مع السلطان حقیقةً. وإلى جانب تلک الأقسام هناک رأی رابع. فعندما طرحت السلطات البریطانیَّة([33]) على الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی أثناء زیارته للبحرین فی أغسطس 1953م: مع من ستکون؟ فقال: «أکون مستقلاًّ بأقالیمی من الجبل الأخضر حتَّى بحر مصیرة»([34]). وکان الرأی نفسه عرضه الشیخ سلیمان بن حمیر على القنصل الأمریکی فی الکویت، حیث قابله الشیخ على مدى یومین، وطلب منه دعمه وحمایته، وأنه رحَّب بشرکات البترول الأمریکیَّة بالتنقیب عن النفط فی إقلیمه([35]).
وقد نجح الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی فی إقناع الإمام محمَّد الذی رحَّب بزیارة ابن عطیشان لنزوى بأن یرفض الإمام، وحذَّره من خطورة الزیارة، ومن الناس الذین یروِّجون لمثل هذه الزیارة، والهدف منها([36]). ولهذا اقتنع الإمام برأی الشیخ أحمد، وکتب رسالة عاجلة إلى الشیخ محمَّد بن نور الدین السالمی یأمره بالعودة، والرجوع إلى نزوى دون تسلیم رسالة الترحیب لابن عطیشان. وکان الشیخ السالمی قد غادر نزوى إلى البریمی یحمل رسالة الترحیب، وقد تجاوز فی مسیره مدینة بهلا، فأرسل الإمام من یلحق به، وکان ذلک فی 22 رجب 1372هـ([37]). وقبل ذلک تلقَّى الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی رسالة من الشیخ أحمد بن ناصر السیفی النزوی، مؤرَّخة فی 24 ربیع 1372هـ/ 12 دیسمبر 1952م([38]) تفید أنَّ الشیخ طالب بن علی الهنائی ویحیى بن عبد الله النبهانی رجعا من السعودیَّة، وأنَّ الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی لا یزال فی البریمی([39])؛ ولهذا لا یخلو الأمر من تدبیر فطن إلیه الإمام، وأنَّ زیارة ابن عطیشان لنزوى تمثِّل إحراجا للإمام والسلطان معًا، حیث یعدُّ هذا اعترافًا بوجود آل سعود فی البریمی. ویفهم من رسالة الشیخ السیفی أنَّ الإمام الخلیلیَّ کان متوجِّسا من تلک التحرُّکات لطالب ویحیى والنبهانی، وبشکل أکبر من ابن عطیشان؛ لذا أخذ سریعا بنصیحة الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی.
وبالنظر إلى الأحداث الداخلیَّة یرى المتأمِّل هشاشة دولة الإمامة وتناقص المؤیِّدین لها؛ فقد خرج الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی من نزوى مزوَّدًا برسالة من الإمام إلى بعض الشیوخ -هناویَّة الشرقیَّة- یدعوهم إلى الاجتماع فی سناو. وفی ذلک یقول الشیخ أحمد: «فأخذت منه کتابا لما أعلمه من حالة العُمانیِّـین»([40])، وفحوى الکتاب: «إنَّنی أجزت لک أن تحضر جمیع شیوخ قبائل الهناویَّة»([41]). وقد لبَّى الشیوخ الدعوة حینما دعاهم الشیخ أحمد، وکانوا اثنى عشر زعیمًا قبلیًّا، وذلک فی شعبان 1372هـ/أبریل 1953م، وکتبوا وثیقة تعهَّدوا فیها على: «مناصرة الإمام محمَّد حتَّى وفاته، وعدم مبایعة إمام آخر من بعده، وعلى أن یکون إمامنا وقائدنا السلطان سعید بن تیمور؛ فتعاهدنا على ذلک العهود والمواثیق، وترابطنا علیه»([42]). وقد وجد الشیخ أحمد معارضة شعبیَّة من قِبل بعض مؤیِّدی الإمامة فی سناو؛ حیث کانوا غیر راضین بمسعى الشیخ أحمد الذی یدعو إلى استخلاف السلطان سعید بن تیمور بعد وفاة الإمام محمَّد. وأرسل الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی رسائل إلى السلطان سعید وإلى الإمام محمَّد یخبرهما بما اتَّفق علیه، ونُسخًا من الاتِّفاق، وعلى ذلک کانت معارضته للإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی عندما استخلف الشیخ غالب بن علی الهنائی.
لم یکن الشیخ صالح بن عیسى الحارثی طرفًا فی اتِّفاق سناو، بل إنَّه کتب: «وقد صرَّح لنا [أی: الإمام] بذلک [أی: استخلاف الشیخ غالب] لما دعانا إلیه قبل وفاته ببضعة أیَّام؛ فالتزم المسلمون ما ألزمهم الله إیَّاه»([43]). ومثل الشیخ صالح کان العلماء یلتزمون استخلاف الشیخ غالب ویبایعونه ویکتبون العبارة التالیة: «نظرت ما کتبه القاضی أبو الحسن من رجوع الإمام أبقاه الله عن استخلافه للشیخ عبد الله ابن الإمام سالم، واستخلافه للشیخ غالب بن علی على أمر المسلمین؛ فرضیت به خلیفة، والتزمت طاعته»([44]). وهذه العبارة تکرَّرت عند جمیع من ذکرناهم أعلاه من العلماء والقضاة بشیء من تفاوت فی العبارات، ممَّا له مدلولات على مواقف سیاسیَّة.
وقد أرسل الشیخ صالح بن عیسى الحارثی رسالة إلى قنصل الدولة البریطانیَّة بمسقط ذکر فیها وفاة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، وأنَّ الإمام قد استخلف الإمام الحالی غالب بن علی. وأشارت الرسالة إلى أنَّ المسلمین بایعوا الإمام غالب ملتزمین بما أمرهم الله به، ثمَّ ذکرت الرسالة: «وممَّن بایع الشیخ الحمیری ثمَّ من یلیه، ثمَّ من یلیه»، وتاریخ الرسالة: 6 رمضان 1373هـ/10 مایو 1953م، ولم یشر إلى أنَّه قد بایع الإمام([45])، لکنَّ المؤکَّد أنَّ الشیخ صالح بن عیسى کان یسعى للمحافظة على نظام الإمامة معترفا بمکانة السلطان، کما کان یسعى أن یجدِّد الصلح بین السلطان والعُمانیِّـین([46])، حسب اتِّفاقیَّة السیب عام 1920م، لکنَّه لم یوفَّق فی مسعاه؛ نظرًا لتعارض المصالح السِّیاسیَّة، وتفوُّق جانب السلطان سعید بن تیمور.
وقد کان الإمام محمَّد یثق بالشیخ صالح، ویقدر مکانته السِّیاسیَّة؛ ولهذا جعله نائبًا عنه فی کثیر من المهمَّات السِّیاسیَّة. وفی الوقت نفسه کان یحظى باحترام السلطان سعید بن تیمور؛ ولهذا أرسله الإمام للسلطان یطلب منه المساعدة لحرب عبری. وکان السلطان فی ظفار، فعرض علیه الطلب، فوافق السلطان على طلب الإمام بتاریخ 5 رمضان 1372هـ/19 مایو 1953م، وکلَّف وزیر الداخلیَّة أحمد بن إبراهیم بن قیس البوسعیدی([47]) بمدِّ الإمام بالمال والأسلحة والذخیرة([48]). واستلم هذه المساعدة الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی رسمیًّا؛ إذ أرسله الإمام بعد رجوع الشیخ صالح بن عیسى من مسقط قبل أن تصل موافقة السلطان([49]).
بعد أن قدَّم الشیخ صالح بن عیسى مَطالب الإمام محمَّد توجَّه إلى المملکة العربیَّة السعودیَّة حاملاً رسالة من الإمام إلى الملک عبد العزیز آل سعود مؤرَّخة فی 16 جمادى الأولى 1372م/2 مارس 1953م تحتوی على مخاطر الشیخ سلیمان بن حمیر بأنَّه یتواصل مع الشرکات الأجنبیَّة([50]).
وإلى جانب ولاء الشیخ صالح بن عیسى للإمام الخلیلی والاحترام للسلطان سعید بن تیمور کانت له طموحات سیاسیَّة شخصیَّة. فعندما التقى الشیخ صالح أثناء سفره وعودته من الریاض بالمقیم السیاسی البریطانی فی البحرین بوروز (Brocas Burrows) فی 10 و16 مارس 1953م على التوالی، قدَّم مجموعة من المطالب اعترف ضمنها بأنَّ السلطان هو المسؤول عن شؤون عُمان الخارجیَّة، بینما تنحصر مسؤولیَّة الإمام فی الشؤون الداخلیَّة. ومن مطالبه المهمَّة: «یرید الشیخ صالح من السلطان أن یمنحه السلطة المطلقة فی الداخل، سواء کان الإمام على قید الحیاة أو لا، ویتعهد فی هذه الحالة ببذل کلِّ ما فی وسعه لحمایة عُمان»([51]). وهی مطالب تفهم فی ضوء الصراع على الزعامة بینه وابن أخیه الشیخ أحمد بن محمَّد، ولا تضرُّ بدولة الإمامة.
وفی الأیَّام الأخیرة من حیاة الإمام الخلیلی تزاید اللغط على استخلاف الشیخ غالب بن علی؛ فیذکر الشیخ محمَّد بن نور الدین السالمی فی کتابه «نهضة الأعیان» أنَّ الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی دخل على الإمام فی غرفة نومه، وأنَّه أبلغه معارضته استخلاف الشیخ غالب قائلاً: «إنَّک فتنت العُمانیِّـین بما کتبته، وإنَّ الأنصار لا یرضونه إمامًا لهم. فأجابه الإمام: لم أرد فتنتهم، إنَّما أرید جمعهم على الهدى، فإن کان کما قلت فإنِّی راجع عمَّا کتبته»([52]). فیقول الشیخ أحمد إنَّه خرج عنه لیحضر الشیخ منصور بن ناصر القاضی وغیره من القضاة فیکتبون نقضه لذلک العهد، فمُنع من الدخول علیه عند رجوعه إلیه([53]). وهو ما یشیر إلیه الشیخ أحمد فی مذکِّراته إلى هذه المقابلة، فقال: إنَّها حدثت عندما استدعى الإمام زعماء الحرث فی شعبان 1373هـ. یقول الحارثی: «فدخلت على الإمام فعاتبته على الاستخلاف، وإلى آخر ما قلته، فقال: أیُّها الولد أحمد أنا کما ترانی من معاناة المرض، فجاءنی الأولاد: هلال وسعود أبناء علی بن عبد الله الخلیلی، وأکثروا علیَّ، وکتبوا الکتاب بأنفسهم، وأنا أراها فتنة، وإنَّنی راجع عن ذلک الاستخلاف مائة مرَّة فأخبر الناس عنِّی». فخرج الشیخ أحمد بن محمَّد من عند الإمام، وأخبر الناس عن رجوع الإمام عن الاستخلاف. وهو موقف ذکره أیضًا الشیخ سعود بن علی الخلیلی قائلاً: «وفیما بعد دخل الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی على الإمام، ثمَّ روى أنَّه تحدَّث إلیه بما یخشى من هذا الاستخلاف، وأنَّه أجابه إلى ما تساءل عنه من فتنة یحذرها، وأنَّه تراجع عن خلافة الشیخ غالب»([54]).
وبعد مقابلة الشیخ أحمد للإمام وحدیثه عمَّا قاله الإمام له لیخبر الناس به ساد نوع من اللغط. وتساءل المشایخ والعلماء عن ذلک. یقول الشیخ سعود الخلیلی: «فما کان من الجمیع إلاَّ أن طالبوا باستفسار، وبأن نقوم بالاستیضاح من الإمام، لکنَّ الأمر جاء متأخِّرًا، وما کان باستطاعتنا استبانة ما رواه الشیخ أحمد، حیث کان الإمام فی غیبوبة المرض»([55]).
ویبدو أنَّ الشیخین صالح بن علی الحارثی، وسلیمان بن حمیر النبهانی أرادا أن یستفسرا من الإمام عمَّا قاله الشیخ أحمد، وأنَّهما دخلا علیه لهذا الغرض، ولکنَّ الذی منعهما من التحدُّث مع الإمام هو معاناة الإمام من مرضه. یقول الشیخ عبد الله بن علی الخلیلی فی کتابه «الحقیقة»: «فیدخلون على إمامهم، فلا یرفعون صوتًا، ولا یصوِّبون بصرًا؛ إبقاء على حاله، ورحمة له، وإذا بهم یخرجون، والیأس یخیِّم على نفوسهم»([56]).
ذکر الشیخ محمَّد السالمی فی نهضته أنَّه أخبره الشیخ عبد الله بن علی بن عبد الله الخلیلی ابن أخ الإمام محمَّد الخلیلی أنَّ الإمام محمَّد أخبر عبد الله بن علی عن مقالة الشیخ أحمد بن محمَّد بن عیسى الحارثی، وأنَّ الشیخ عبد الله ردَّ على عمِّه الإمام بقوله: «صدق أحمد، وإنَّ الفتنة قائمة؛ ولهذا نحن نحبُّ أن یکون خلیفة نرجع إلیه، لئلاَّ نفشل بعدم الاجتماع، ولا نجتمع إلاَّ عن رأیک»([57]). فمع الاتِّفاق على حصول الفتنة یقع الخلاف فی سببها. فبینما یرى الشیخ أحمد الحارثی أنَّ الفتنة ستکون باستخلاف إمام، یرى الشیخ عبد الله الخلیلی أنَّ الفتنة ستقع بعدم الاستخلاف؛ لذا یؤکِّد الأخیر على ضرورة الاستخلاف، وأن یکون هذا الاستخلاف من قِبل الإمام محمَّد الخلیلی نفسه. یؤکِّد الشیخ عبد الله بن علی بن عبد الله فی مخطوطة «الحقیقة» أنَّ الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی دخل على الإمام، وکان دخوله عن طریق أبناء أخ الإمام هلال وسعود ابنی علی بن عبد الله، وأنَّ الإمام قال لابن أخیه عبد الله: «کأنِّی بالفتنة على أفواه السکک»([58]). لکن یستنکر أنَّ الشیخ أحمد منع من دخوله على الإمام مرَّة ثانیة([59]).
هذه العودة عن الاستخلاف، إضافة إلى المطامع السِّیاسیَّة لبعض الزعماء تفسِّر رفض الشیخ سلیمان بن حمیر بن ناصر النبهانی([60]) فی بادئ الأمر إمامة الشیخ غالب بن علی الهنائی؛ لأن الشیخ غالب من الحزب الهناویِّ. ویقول الشیخ محمَّد السالمی: «غیر أنَّ أصدقاءه حذَّروه ورغَّبوه، وخوَّفوه العاقبة، وما کان قبوله عن رغبة»([61]). وهو خلاف ما قاله الشیخ أحمد بن محمَّد بن عیسى الحارثی من أنَّ الشیخ الحمیریَّ، وعمَّه الشیخ صالح بن عیسى([62]) اجتمعا فی مکَّة المکرَّمة أثناء تأدیتهما مناسک الحجِّ فی عام 1370هـ/1951م على استخلاف الشیخ غالب.
خاتمة:
سعى البحث إلى تحلیل وثیقة الاستخلاف وما شابها من غموض فی مواقف المصادقین، ومواقف بعض زعماء القبائل من بیعة الإمام غالب بن علی الهنائی. ومن خلال المقارنة وتحلیل الوثائق والمذکِّرات، خرجت الورقة ببعض الاستنتاجات، وهی فی الآتی:
- اتَّضح أنَّ داعی الاستخلاف الذی سعى إلیه الإمام محمَّد بن عبد الله، هو الخوف من عدم اتِّفاق الناس على إمام واحد بعده، وقد شاور فی هذا الأمر قضاته ورؤساء القبائل؛ فوجد میلا من البعض إلى الاستخلاف، ونفورًا من آخرین، فحسم الأمر بالاستخلاف.
- بیَّنت هذه الورقة أنَّ الإمام کان قد استخلف الشیخ عبد الله ابن الإمام سالم بن راشد الخروصی، لکنَّه تراجع عن ذلک الاستخلاف، وتعلَّل بأنَّ فیه ضعفا ووهنا، وأنه غیر قادر على أمر رسالة الإمامة، وذلک فی رسالة وجَّهها الإمام إلیه یخبره بذلک، قبل استخلاف الشیخ غالب.
- کشفت الورقة أنَّ الزعامة السِّیاسیَّة للإمامة متمثِّلة فی القوى السِّیاسیَّة، وعلى رأسهم زعیم الهناویَّة الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی، وعمُّه الشیخ صالح بن عیسى، وزعیم الغافریَّة الشیخ سلیمان بن حمیر النبهانی کانت مواقفهم متباینة، فالشیخ أحمد بن محمَّد رفض الاستخلاف، وعاتب الإمام على استخلاف الشیخ غالب، بینما قبل الشیخ صالح بن عیسى بالاستخلاف. وأمَّا الشیخ سلیمان فقد تردَّد فی بدایة الأمر؛ حتَّى نُصح بقبول الاستخلاف خوفًا على استقلاله ومکانته، وأنَّ الإمام الجدید الهناویَّ لا یغیِّر شیئًا من مکانته واستقلاله سیاسیًّا واقتصادیًّا.
- أبرزت هذه الورقة العوامل التی شجَّعت الشیخ أحمد بن محمَّد الحارثی فی دعوته للوحدة الوطنیَّة؛ وذلک لِـمَا آلت إلیه أوضاع عُمان الاقتصادیَّة والسِّیاسیَّة من ضعف، تمثَّل - فی إحدى مظاهره - فی تدفُّق العُمانیِّـین إلى البریمی للمبایعة لابن سعود تحت سطوة الطمع المادِّی، وقد تمسَّک الشیخ أحمد بن محمَّد بموقف الإمام، ونصیحته إلیه فی أمر علاقته بالسلطان، وبما اتَّفق علیه الحزب الهناویُّ فی سناو، وشعر الشیخ فی نفسه أنَّ الإمام أُجبر فی کتابة استخلاف الشیخ غالب بن علی من قِبَل المحیطین به.
- کشفت الورقة أنَّ مصادقة القضاة على الاستخلاف یشوبها عدم الدقَّة؛ حیث کانت تلک التواقیع منقولة من قبل الشیخ القاضی سفیان بن محمَّد الراشدی، الذی اعترف أنَّه نقل الموافقة من خطوط هؤلاء القضاة، وهذا یبرهن على أنَّ موافقتهم تقیَّة إداریَّة، وهم یدرکون أنَّه لا یستقیم أمر الإمامة من دون توافق ظاهریٍّ بین العلماء ورجال السیاسة.
([1]) الملحق رقم (1) وثیقة الاستخلاف (1-3).
([2]) کتب بعد البسملة العبارة: «نقل من نقل من نقل من أصل بالحرف الواحد».
([3]) ورد تفسیر لکلمة الحرض فی الهامش الأیمن للرسالة من قبل الشیخ صالح وهی: «والحرض ما دون الموت کتبه صالح».
([4]) الحارثی، محمَّد بن عبد الله: موسوعة عُمان، مرکز دراسات الوحدة العربیَّة، بیروت، 2007م، ج3، ص535.
([5]) الحارثی، سعید بن حمد بن سلیمان: اللؤلؤ الرطب، د. نا، ط1، مسقط، 1985م، ص296.
([6]) الملحق رقم (3) رسالة الشیخ عبد الله بن الإمام للإمام محمَّد بن عبد الله.
([7]) یقصد بها وثیقة کتبها الإمام محمَّد ووجَّهها إلى الشیخ سلیمان الذی لم یشأ التوقیع علیها، ویوحی بأنَّ الشیخ غیر راض بمحتویاتها.
([8]) الملحق رقم (3) الحارثی: موسوعة عمان، ج2، ص928.
([9]) الملحق رقم (2) رسالة الإمام محمَّد للشیخ عبد الله بن سالم.
([10]) الحارثی: موسوعة عُمان، ج2، ص930. والخلیلی، سعود بن علی: کلمة؛ صفحات من تاریخ عمان، ط2، بیروت، 2015م، ص212.
([11]) المرجع نفسه، ج2، ص178.
([12]) المرجع نفسه.
([13]) المرجع نفسه، ص179.
([14]) هو والد الإمام غالب بن علی بن هلال الهنائی.
([15]) کان الشیخ سیف بن راشد ممَّن أدخلهم السلطان سعید السجن لکونه من جملة علماء نزوى ومن قضاة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی بنزوى.
([16]) ذکر عبد الله بن محمَّد الطائی فی کتابه «تاریخ عمان السیاسی» أنَّ هنالک ثلاثة مرشَّحین للإمام فذکر الشیخ عبد الله بن سالم والشیخ غالب بن علی الهنائی، ولم یذکر المرشَّح الثالث. الطائی، عبد الله بن محمَّد: تاریخ عمان السیاسی، ط1، مکتبة الربیعان للنشر والتوزیع، الکویت، 2008م، ص262-263.
([17]) الملحق رقم (1).
([18]) ینظر: الملحق رقم (3).
([19]) الملحق رقم (4).
([20]) ینظر: الخلیلی: کلمة، ص73.
([21]) جاء فی بحث الحوسنی، زاهر بن عبد الله «سیرة محمَّد بن سالم الرقیشی» أنه: «قبل احتضار الإمام الخلیلی بثلاثة أیام استدعى العلماء للحضور عنده یوصیهم بخیر، ویحرضهم على قیام العدل، وأن یتفقوا، ولا یتفرقوا حرصًا منه، وتأسیًا بفعل الخلفاء الراشدین، وکان فی مقدمة العلماء خلفان بن جمیّل السیابی، وشیخنا الرقیشی، والشیخ سفیان الراشدی، والشیخ غالب بن علی الهنائی، وجملة العارفین، فأجابوا الإمام على کلمة واحدة بأن یستخلف أحدًا ممن یرى فیه الکفایة للأمر، وأن رأیه فیه البرکة، فأجابهم أنه یثقل علیه أمر الاستخلاف، وعرفهم عن حالة أهل عمان بکلام طویل ثم قال: «أتحرى ذلک فی الشیخ غالب بن علی الهنائی القدوة على تحمّل الإمامة؛ لعلمه ورهطه وهمته العالیة»، ص65-66.
([22]) اختلفت قبیلة الحُرْث وهناویة الشرقیَّة على زعامتهم؛ حیث انقسموا إلى فریقین: الفریق الأوَّل ینادی بأن یکون أحمد بن محمَّد بن عیسى بن صالح زعیمًا للقبیلة وللحزب الهناوی؛ لکونه یرث الزعامة من والده محمَّد بن عیسى بن صالح، کما هی العادة، والفریق الآخر تزعَّمه الشیخ صالح بن عیسى بن صالح الحارثی؛ لکونه أکبر من الشیخ أحمد، وفی الوقت نفسه هو عمُّه، وحلیف قویٌّ للإمامة. بینما کان میل الشیخ أحمد إلى السلطان، ولم یکن السلطان راضیًا على عمِّه الشیخ صالح بن عیسى الذی عقد تحالفًا مع الشیخ سلیمان بن حمیر بن ناصر النبهانی (1904م -1998م) زعیم الغافریَّة والداعم القویِّ للإمامة. وأصبحت زعامة الحُرْث بعد وفاة الشیخ محمَّد بن عیسى فی ید صالح بن عیسى فی بادئ الأمر فی وقت کان فیه الشیخ أحمد والیًا على جعلان، واعترف السلطان بهذه الزعامة فی رسالة بعثها إلیه مؤرَّخة فی 16 جمادى الأولى 1366هـ (ینظر البوسعیدی، سالم بن سعید: الشیخ صالح بن عیسى الحارثی، ط1، نشر: رؤى، 2014م، ص230). کما اعترف الإمام بهذه الزعامة فی بادئ الأمر فی رسالة وجَّهها إلیه مؤرَّخة فی 16 شعبان 1370هـ. (البوسعیدی: المرجع نفسه، ص235). لکنَّ السلطان على ما یبدو لم یکن على ثقة بالشیخ صالح بن عیسى، فتراسل مع الشیخ أحمد وأقنعه بزعامة قومه؛ لکونه أحقَّ من عمِّه؛ لأنَّ الزعامة یرثها الابن من أبیه، ولا تنتقل إلى الأخ فی حالة وجود الابن، وبذلک بدأ الشقاق بین الشیخ أحمد وعمه صالح.
وصل أمر الخلاف إلى أن یغادر الشیخ صالح مدینة القابل إلى مدینة المضیرب؛ لکی یحظى بدعم الشیخ حمد بن سلیمان الحارثی. وتدخَّل الإمام محمَّد فی مراسلات متعدِّدة بینه وزعماء الحُرْث، حتَّى کتب لهم الإمام: «لا زلنا نقول فی شأن أحمد بن محمَّد وعمِّه صالح بن عیسى، مع أنَّ الناس لم یبلغنا أنَّهم یعدُّون على صالح مظالم، ولا سفاسف أمور، ولا أحمد، إلاَّ أنَّ کلَّ واحد لا یرى شدَّ عضد صاحبه، ولو کان فی حقٍّ، وعلى حقٍّ». البوسعیدی: المرجع نفسه، ص62.
([23]) الحارثی، محمَّد بن أحمد: مذکِّرات الشیخ أحمد، مرقون، نسخة بمکتبة الباحث، ص2-3. والفارسی، سیف بن محمَّد: حیاتی، ط1، مکتبة خزائن الآثار، برکاء، سلطنة عُمان، ص60.
([24]) الملحق رقم (1) وثیقة الاستخلاف.
([25]) الملحق رقم (3).
([26]) یذکر زاهر الحوسنی أنَّ الشیخ ابن جمیّل حضر إلى نزوى قبل ثلاثة أیَّام من موت الإمام محمَّد، وأنَّ الإمام أوصاهم، ویمکن أن یکون غالب هو الرجل المناسب، وصدرت وثیقة الاستخلاف من الإمام قبل وفاته بأربعین یومًا. ینظر: الحوسنی، زاهر بن عبد الله بن هلال: سیرة محمَّد بن سالم الرقیشی، بحث مرقون، ص65-66.
([27]) مجهول: الشعاع الأخضر، ص7.
([28]) تنظر رسالة الشیخ صالح بن عیسى الحارثی للقنصل السیاسی البریطانی فی مسقط، والمؤرَّخة فی 5 صفر 1372هـ فی: البوسعیدی: الشیخ صالح بن عیسى الحارثی، الوثیقة رقم 23، ص243.
([29]) تنظر قائمة الذخیرة التی أرسلت بید مبروک بن فاضل فی رسالة للشیخ حمد بن سلیمان الحارثی مؤرَّخة فی 5 محرَّم 1372هـ فی: الحارثی: موسوعة عُمان. ج2، ص1102.
([30]) الحارثی، أحمد بن محمَّد: مذکِّرات الشیخ أحمد الحارثی، ص5.
([31]) المرجع نفسه، ص6.
([32]) الفارسی، سیف بن محمَّد: حیاتی، ط1، مکتبة خزائن الآثار، برکاء، سلطنة عُمان، 1438هـ/2017م، ص150.
([33]) المقیم السیاسی البریطانی فی الخلیج هو السیر برنارد الکسندر باروکاس. وکان مقرُّه البحرین فی الفترة من 1953 إلى 1958. تنظر
Wikipedia, the free encyclopedia.
([34]) البرقیة رقم 979 المؤرَّخة فی 4 أغسطس 1953م فی: Records of Oman: 1867-1960. vol. 8, p. 401.
([35]) تنظر برقیة القنصل السیاسی فی الکویت مؤرَّخة فی 13 أغسطس 1953م فی: Ibid, p. 402.
([36]) دخل الشیخ منصور بن ناصر الفارسی على الإمام وأقنعه بمکیدة ابن عطیشان. ینظر: کتاب حیاتی للشیخ سیف الفارسی، ص150-151.
([37]) ینظر: الملحق رقم (5).
([38]) ینظر: الملحق رقم (6).
([39]) غادر الشیخ سلیمان النبهانی ومرافقوه البالغ عددهم 49 رجلا البریمی فی 18 دیسمبر 1952م.
([40]) الحارثی، مذکرات الشیخ أحمد الحارثی، ص6.
([41]) المرجع نفسه، ص6.
([42]) المرجع نفسه.
([43]) ینظر: الملحق رقم (3).
([44]) ینظر: الملحق رقم (1) ص2.
([45]) ینظر: الملحق رقم (7).
([46]) البوسعیدی: الشیخ صالح، ص62-69.
([47]) ینظر: مجموعة من الباحثین: دلیل أعلام عمان، ط1، جامعة السلطان قابوس، بیروت، 1991، ص27.
([48]) برقیة من الوکیل السیاسی البریطانی شونشی بتاریخ 19 مایو 1953م إلى المعتمد البریطانی فی البحرین. تنظر الوثیقة رقم 628 فی الحارثی: موسوعة عمان، ج3، ص291.
([49]) الحارثی: مذکِّرات الشیخ، ص8.
([50]) الحارثی: موسوعة عمان، ج3، ص588.
([51]) الحارثی: موسوعة عمان، ج3، ص263 وص 267.
([52]) السالمی: نهضة الأعیان، ص498.
([53]) المرجع نفسه.
([54]) الخلیلی: کلمة، ص73-74.
([55]) المرجع نفسه، ص74.
([56]) الخلیلی، عبد الله بن علی: الحقیقة، مخطوطة بحوزة الشیخ محمَّد بن عبد الله بن علی الخلیلی. ولدى الباحث صورة منها، ص116.
([57]) المرجع نفسه.
([58]) المرجع نفسه، ص115.
([59]) المرجع نفسه.
([60]) لمزید من المعلومات عن الشیخ سلیمان بن حمیر ینظر: شرکة الزیت العربیَّة الأمریکیَّة: عُمان والساحل الجنوبی للخلیج الفارسی، ط1، مطبعة مصر، القاهرة، 1952م، ص11-115.
([61]) السالمی: نهضة الأعیان، ص499.
([62]) لمزید من المعلومات عن الشیخ صالح بن عیسى بن صالح ینظر: شرکة الزیت العربیَّة الأمریکیَّة: عُمان والساحل الجنوبی للخلیج الفارسی، ص11-115.
- البوسعیدی، سالم بن سعید: الشیخ صالح بن عیسى الحارثی سیرة حیاة - وتاریخ وطن، ط1، رؤى للنشر، سلطنة عُمان، 2014م.
- الحارثی، سعید بن حمد بن سلیمان: اللؤلؤ الرطب. ط1، مسقط، د نا، 1985م.
- الحارثی، سعید بن حمد بن سلیمان: زهر الربیع فی السعی لإرضاء الجمیع. مرقون.
- الحارثی، محمَّد بن أحمد: مذکِّرات الشیخ أحمد، مرقون، نسخة بمکتبة الباحث.
- الحارثی، محمَّد بن عبد الله: موسوعة عُمان، مرکز دراسات الوحدة العربیَّة، بیروت، 2007م.
- حنظل، فالح: معجم الألفاظ العامیَّة فی دولة الإمارات العربیَّة المتَّحدة، ط2، وزارة الإعلام والثقافة، أبوظبی، 1998م.
- الحوسنی، زاهر بن عبد الله: سیرة محمَّد بن سالم الرقیشی، بحث تخرُّج، مرقون، معهد العلوم الشرعیَّة، 1424هـ/2003م.
- الخلیلی، سعود بن علی: کلمة، صفحات من تاریخ عُمان، ط2، بیروت، 2015م.
- الخلیلی، عبد الله بن علی: الحقیقة، مخطوطة بحوزة الشیخ محمَّد بن عبد الله بن علی الخلیلی. ولدى الباحث صورة منها.
- السالمی، محمَّد بن نور الدین: نهضة الأعیان بحرِّیـَّة عُمان. مکتبة التراث، بیروت، د. ت.
- السرحنی، إسماعیل بن إبراهیم بن سعید: قلائد المرجان فی ذکر السیرة العطرة لأئمَّة عُمان، وزارة التراث القومی والثقافة، مسقط، 1983م.
- السعدی، فهد بن علی: معجم الفقهاء والمتکلِّمین الإباضیَّة، ج2، ط1، مکتبة الجیل الواعد، مسقط، 2007م.
- السیفی، محمَّد بن عبد الله بن سعید: النَّمیر: حکایات وروایات، ج5، مسقط، 2012م.
- شرکة الزیت العربیَّة الأمریکیَّة: عُمان والساحل الجنوبی للخلیج الفارسی، ط1، مطبعة مصر، القاهرة، 1952م.
- الطائی، عبد الله بن محمَّد: تاریخ عُمان السیاسی، ط1، مکتبة الربیعان للنشر والتوزیع، الکویت، 2008م.
- العبری، علی بن هلال، وآخرون: الآثار العلمیَّة لإبراهیم بن سعید العبری، ط1، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2015م، ج1.
- الفارسی، سیف بن محمَّد: حیاتی، ط1، مکتبة خزائن الآثار، برکاء، سلطنة عُمان، 1438هـ/2017م.
- لاندن، روبرت جیران: عُمان منذ 1856مسیرًا ومصیرًا، ترجمة: محمَّد أمین عبد الله، ط4، وزارة التراث القومی والثقافة، مسقط، سلطنة عُمان، 1989م.
- مجموعة من الباحثین: دلیل أعلام عُمان، ط1، جامعة السلطان قابوس، بیروت، 1991م.
- مجهول: الشعاع الأخضر فی حرب الجبل الأخضر، د.نا. د.ت.
- Records of Oman: 1867-1960. vol. 8, British library cataloguing in Publication Data, Archive Editions, London: 1992.