شخصیَّة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلي من خلال مراسلاته

الباحث المراسلتوفیق عیاد الشقرونی الهيئة الليبية للبحث والعلوم والتكنولوجيا

Date Of Publication :2022-11-09
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی (1373هـ/1954م) -رحمه الله- من الشخصیات الموسوعیة التی زخر بها التاریخ الإباضی عمومًا، والعُمانی خصوصًا. وقد تناول العدید من الباحثین هذه الشخصیَّة، بالبحث والتحلیل، وتناولوا فتاواه الفقهیَّة بالدرس. ولما کان - رحمه الله -شخصیَّة غنیة فی علمها، وعمیقة فی تأثیرها، نجد أنفسنا مقصرین حیاله، ونحن فی أمسِّ الحاجة الیوم إلى تسلیط الضوء على هذا المعین الحاوی لکنوز المعرفة، وتناول علمه وسیرته وخبرته وفتواه وإصلاحاته بالتقصی والبحث والتحلیل.

تلقی الورقة الضوء على شخصیَّة الإمام - رحمه الله - من زاویة المراسلات الرسمیة التی بعثها إبان تولیه شؤون الإمامة، والموجهة إلى عدة شخصیات وطنیة وخارجیة. وتتبین الورقة شخصیَّة الإمام، وتستقری بعضًا من آلیات تفکیره واتجاهات آرائه ومنطلقات سیاسته وعماد توجهاته، فی محاولة لتکوین صورة أولیة تُبرز جوانبها الفکریة والعقدیة والإنسانیة.

ولم یُعرف عن الإمام قیامه بالتألیف رغم غزارة علمه وتبحره، فمشاغل السیاسة والحکم- فیما یبدو- لم تترک له الوقت لذلک. ویعوض عن ذلک النقص ما قام به أحد تلامیذه من جمع لمجموعة الفتاوى والرسائل وترتیبها فی کتاب «الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل» الذی عنی بإخراجه وطبعه الأستاذ عز الدین التنوخی عضو المجمع العلمی العربی بدمشق فی سنة (1385هـ/1965م).

وتعتمد الورقة بشکل أساسی على المراسلات التی وردت فی بدایة کتاب «الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل»، التی توفرت لدى الباحث مصدرا للمعلومات، ویعتذر الباحث عن عدم الاطِّلاع على أرشیف الإمام الرسمی، لبعد الشقة، ولعل الباحث سیستدرک هذا النقص فی فرصة ثانیة. ولا یفوت هنا تقدیم الشکر للأخت الفاضلة خدیجة علی کریر، التی سعت عبر علاقاتها بتوفیر مراجع هذه الورقة، فلها جزیل الشکر والامتنان.

وقد بلغ العدد الإجمالی لمراسلات الإمام الواردة فی الکتاب 97 رسالة فقط وهو یعد قلیلا جدًّا کونها مراسلات رسمیة بالقیاس إلى سنوات تولی الإمام الحکم، التی تتجاوز الثلاثین عامًا. ولم تسعفنی المصادر المطبوعة التی توفرت لدی لاستکمال النقص فیها، والاطلاع على غیرها من المراسلات. وقد أورد الأستاذ الشکیلی فی کتابه: «مدرسة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی وأثرها فی نشر العلم» جملة من المراسلات التی نقلها بدوره عن کتاب «النمیر حکایات وروایات» للأستاذ محمَّد بن عبد الله بن سعید السیفی، واستفدنا منها. وممَّا لاشک فیه أن هذه الصورة عن شخصیَّة الإمام تحتاج إلى تعزیز؛ من خلال الفتاوى التی حکم بها، والمصادر التی تکلمت عنه، والمراجع التی ألفت فیه، وهذا ما سنترکه فی فرصة ثانیة إذا شاء الرحمن سبحانه وتعالى.

مراسلات الإمام الخلیلی ومدى تعبیرها عن شخصیته:

وممَّا تمتاز به هذه الرسائل ما یأتی:

• غناها بالمعلومات التاریخیة السِّیاسیَّة والاجتماعیَّة والاقتصادیَّة التی تسلط الضوء على فترة مهمة من تاریخ الدولة وحیاة الإمام. وبتتبع تواریخ تحریر مراسلات الإمام الواردة بکتاب «الفتح الجلیل» یتبین أن أولى مراسلاته کانت موجهة للشیخ سلیمان باشا البارونی عندما زار عُمان فی سنة 1342هجریة، وهذا یعطی دلیلا بأن الکتاب لم یحتوِ على کلِّ مراسلات الإمام. توجد فجوة من أربع سنوات بین تولیه سنة 1338هـ وزیارة البارونی باشا سنة 1342هـ.

• عنایتها بمختلف الجوانب الحیاتیة، السِّیاسیَّة منها والإصلاحیة.

• تمیُّز أسلوب الإمام فی مراسلاته بالاختصار فی الحدیث والانتقال المفاجئ بین المواضیع.

• تعدُّد محرری الخطابات والحرص على ذکر الاسم فی کثیر من الأحیان.

• الحرص على کتابة تاریخ المراسلات.

إیمان الإمام العمیق ویقینه بالله :

تنبئ رسائل الإمام عن تمسکه العمیق بالحق، واتِّباعه نهج الأولین، وتمسکه بالقرآن الکریم مصدرًا للعلم، والسنَّة النبویَّة الشریفة منهاجًا ونبراسًا، وتحریضه غیره على اتِّباع هذا المنهج، فیقول: «ینبغی للعاقل أن یکون فی الزلازل وقورًا وعند الرخاء شکورًا، ونوصیکم أن تتمسکوا بالکتاب والسنَّة؛ فمن تمسک بهما فقد هدی إلى صراط مستقیم»([1])، ویقول أیضًا: «فنحن على یقین أن الله ینصر من ینصره وما النصر إلاَّ من عند الله»([2]). ویدعو الإمام إخوانه لاتِّباع الصراط المستقیم بالقول: «نحن علینا مناصرة الحق، ولا نصرنا الله أن لم ننصر الحق. والله لم یضیع المسلمین فی موطن، نصرهم فی مواطن على ضعفهم، فنحن على یقین أن الله ینصر من ینصره»([3]).

ویحذر الإمام من مغبة الفتنة، والانزلاق عند نزول الابتلاء، فیقول: «ولا تهولنکم الأمور إن کنتم متبعین الحق، فإنَّه لا یمکن للإنسان أن لا یبتلى، وقد مضت سنة الله فی خلقه، ولن تجد لسنة الله تبدیلا، وکفى بالقرآن حیث قال: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ﴾ [سورة الأعراف: 128]، ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [سورة الصافات: 173]، فهذا وعد لن یخلف، ولکن القصور والتقصیر یکون من العبید»([4]). ویقول الإمام فی واحد من أجمل التعابیر، التی توضح نهجه المتزن والصلب، والتی یمکن أن تُعَدَّ شعارًا ومنهاجًا له فی سیرته: «لا قریب ولا بعید ولا بغیض ولا حبیب إلاَّ الاستقامة وعدمها، وما عدا ذلک لغو وتملق وتشدق»([5]). وهذه الوصایا تدلُّ على إخلاصه النیة فی العمل، ووضوح الرؤیة فی المنهج.

توجیهات الإمام إلى الولاة والقضاة:

تدلُّ الرسالة التی بعثها الإمام إلى الشیخ صالح بن حمد بن صالح على عنایته بالولاة والقضاة. فهذه الرسالة لا تقف عند توجیه الإمام الشیخ صالح إلى اتِّباع بعض السیاسات المالیة، وتکلیفه بجملة من المهام، منها إعداد العسکر وعدیدهم، وتوضح سبل صرف الأموال على وفق المهام الموکلة للشیخ([6])، بل تشمل جملة من المبادئ التی یؤمن بها الإمام فی تسییر أمور العباد وتبیان الحقوق، ویوجه عماله إلیها ویرشدهم إلى ما لهم وما علیهم، فیفصّل لهم النهج والسلوک. ویمکن إجمال تلک المبادئ فی النقاط الآتیة:

• الحث على الإخلاص فی العمل لوجه الله تعالى.

• الالتزام بأخذ الزکاة بما افترضها الله على عباده دون ظلم أو نقصان.

• النصح للرعیة والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

• الحث على الاستعانة بذوی الخبرة والأخلاق وتوظیفهم فی تنفیذ الأعمال والمهام.

• ضرورة الاجتهاد فی تنفیذ أمور الرعیة والوقوف علیها بکلِّ جدیة.

• الاقتصاد فی المصاریف التی تدفع من خزینة الدولة، والتحذیر من الصرف الزائد عن الحاجة.

• أن تکون أعطیات الناس بمقدار خدمتهم.

• من حق العامل أن یتقاضى مرتبه من خزینة الدولة (100 قرش شهریًّا) وأیضا مبلغًا سنویًّا (300 للتمر والرُطب)([7]).

وللإمام معرفة عامَّة برجاله، وقدراتهم، وخبراتهم، فیتحدث بنفسه فی أحد رسائله عن مزایا أحد عماله، وأُسس اختیاره له قائلاً: «ولا أقول أن سعید بن حمد صاحب ورع وتقوى إلاَّ أنَّه صاحب حزم وعزم وسیاسة وجدٍّ فی الأمر، وفیه یقدِّم الأکابر ویراعیهم ویحترس لنفسه ویعلم أن الناس یقولون، فهو یعد لکل مقال جوابًا ولکل مطعن مخرجًا»([8]).

وعلى الرغم من وضوح رأی الإمام إلاَّ أنَّه لا یتشبث به. ویترک الإمام للولاة فسحة لتقدیم رأیهم وأخذ مشورتهم. ففی رسالة بعثها إلى حمد السالمی الذی طلب موافقة الإمام على تعیین أحد الأشخاص - واسمه «السلامی» - قاضیًا، کان الإمام حازمًا فی رفضه، فیقول: «والسلامی رجل کما ذکرت، ولکن لا یکفی لتحمل القضاء بین الناس، ولکن إذا کنت هناک فالقضاء مرجعه إلیک والسلامی یتحمل ما یقدر علیه ویحسنه من أمر الأحکام، فإن رأیتما ذلک، فهذا نراه أرفق وأوفق»([9]).

ولا یتوانى الإمام بالتصریح لرعیته؛ أنَّه یحاسب موظفیه وعماله، فیوجههم بالقول: «وما عذرناه عنها لأمر نعده علیه، ولو کان لأمر نعدُّه علیه فی دینه لقوَّمناه وعزلناه»([10]). وأنَّه لا یکلف أحدا بمهمة من أجل إرضاء آخرین أو کراهیتهم، بل لأجل الکفاءة والمهارة، وهی أساس التکلیف، وإن کره بعضهم ذلک، ولا تجب مسایرتهم فی الباطل، فیقول الإمام الخلیلی - رحمه الله -: «ونعلم یقینًا أن کثیرًا من الناس لا یحب ذلک، ولیس من یکره الحق یعطى سؤله»([11])، بل یرى الإمام أن واجبه اتِّباع الصراط المستقیم فیقول: «نحن علینا مناصرة الحق، ولا نصرنا الله إن لم ننصر الحق»([12]).

ومن ثقة الإمام فی قضاته یخیر المتنازعین، ویترک لهم حریة اختیار من ینظر فی قضیتهم من القضاة: «وأمَّا محمَّد بن حمد وسعید بن سالم فالنظر عند سیف بن حمد إن أراد الحکم هناک فالنظر إلیه، وإن أراد الحکم هنا فالزمهم الوصول إلینا بعد عید الحجِّ الأکبر یکونون صحبتهم وسیف بن حمد هذا والسلام»([13]). وفی سیاق ثنائه على الشیخ حمید ینبه بأن: «من یرید إنفاذ الأحکام لابد من أن یجد المعارض والمنافس وهل سالمت الدنیا أحدًا، […] فهذه الدنیا دار اختبار»([14]).

ویأمل الإمام الخیر من عماله؛ فبعد أن یرسل سعود بن سلیمان بن محمَّد الکندی إلى الشیخ حمد بن سلمان بن حمید یدعمه بالقول: «بالجملة الناس یتفاوتون أدبًا ودینًا وأخلاقًا، وقیمة کل امرئ ما یحسنه، والرجال صنادیق مقفلة والتجارب مفاتیحها»([15]).

کما أن الإمام شدید الرعایة لولاته، فلا یُحمّلهم من الأمور ما لا یطیقون، وخاصة فیما یتعلَّق بالأحکام، فیکتب للشیخ محمَّد بن عبد الله بن حمید ، موجهًا وناصحًا له بأنَّه لا یمکنه توجیه الاتهام بالتکهن لأفعال الناس فی المستقبل أو الظن فیهم بغیر دلیل، کما حصل فی مسألة امرأة تسمى (کبیسة السلامیة) بیعت فی (عبری) واتُهم فی بیعها مجموعة من الرجال: «وأقول: یا محمَّد... الله نسأله الإعانة... ولا نحملک ونکلفک أمرا لا یلزمک والسلام»([16]). وهذا یثبت بوضوح سعة تقدیر الإمام للرجال، وإنزالهم منزلتهم التی یستحقون، وعدم الأخذ بالشبهات والظنون.

ومجمل القول أن توجیهات الإمام الخلیلی -رحمه الله- لولاته وحرصه کل الحرص، على توجیههم ورعایتهم ومتابعتهم تتمحور حول الأفکار الآتیة:

• على من یتولى أمر المسلمین أن یکون قادرًا على تحمل مشاقِّ هذه المهمة ومتاعبها؛ فدفع الصعاب وتحمل أذیة الرعیة من ضرورات العمل.

• إرضاء الناس غایة لا تدرک، وبعضهم یعیبون على المتولی کل خطوة یخطوها؛ لذا فإن المضی فی الحق أفضل من الالتفات لإرضاء ذوی النفوس المریضة.

• على المتولی لأمر المسلمین أن یکون رصینا جلدا ذا قلب شدید، لا تنال منه صعوبة المواقف وشدة المعارضة، فیکون حازمًا فی الحق.

• أن یکون متسامحا ذا نفس رضیة، وأن یتقبل رعیته ونقدهم وغمزهم ولمزهم فیه.

• التحذیر من ضیق القلب عملا بقوله تعالى موجها رسوله الکریم، صلوات الله علیه: ﴿وَلَوْ کُنتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِکَ﴾ (سورة آل عمران: 159).

الأخذ بالمشورة والنصیحة وتبادل الأفکار مع الرعیة:

تزخر مُخاطبات الإمام الخلیلی -رحمه الله- بالعدید من الإشارات، التی تدلُّ على مواقفه المسترشدة، إلى جانب نهج القرآن الکریم وسنة النبی محمَّد ﷺ، بمشورة ذوی العلم والفقهاء وعلیة القوم من الشیوخ فیما یرید أن یقرره من سیاسات تخص دولته. فالدلیل على استدلاله الدائم بآیات القران الکریم والسنَّة النبویَّة واضح للغایة؛ فأغلب مراسلاته یذّکر فیها بآیات الذکر الحکیم وأحادیث المصطفى –علیه الصلاة والسلام-.

أمَّا أخذ مشورة الرجال، فیسطر الإمام مقولة رائعة تنم عن عقل راجح، ونفس طاهرة، وإیمان راسخ، فیذکر فی مراسلة جوابیة بعثها یوم 28 من شهر ربیع الثانی سنة 1365هـ، إلى محمَّد بن سلیمان بن حمید الحارثی، بعد أن یجیبه فیها عن سؤاله فی آلیات التصرف فی ورثة أحد الشیوخ المتوفَّین، فیقول: «والحق یُقبل ممَّن جاء به وممَّن قام به، وإنها لمسألة مهمة وأول النظر فی معرفة الحق والباطل والبحث فیها، ولابد أن یتجرد»([17]).

ومن هذا المنطلق، یطبق الإمام الخلیلی المشورة فی أغلب مراسلاته؛ فتوجد عبارات عدَّة تبین منهجه فی أخذ المشورة والاستماع إلى آراء الآخرین وأفکارهم، وعدم إجبارهم فیما یمکن الاختیار فیه، فیقول فی أحد رسائله: «إلاَّ إنِّی أرى کلا له نظره، وبالجملة إن رأیتم المسیر، وتحملتم شأن الخسر، لا أقول من أموالکم، ولکن إن رأیتم بیع أموال المسلمین فبیعوه»([18]). ویقول أیضًا: «هکذا فی أنفسنا إنک لا تُجهل ولا نقول بلا علم»([19]). ویدعو عماله إلى ضرورة التشاور والبحث فی أحسن الحلول، ففی رسالة جوابیة بعثها الإمام الخلیلی للشیخ حمد بن سلیمان بن حمید بخصوص ترمیم أحد الثغور یقول له: «فتناظروا فیها أنت والمشایخ والجماعة»([20]).

وتوجد فی مراسلاته للشیخ عیسى الحارثی عبارات واضحة تبین أهمیة المشورة، وحرصه فی طلب المناقشة، والنصح، والمشورة عند البت فی الأمور: «فوجب مناظرتک فی ذلک، فإن رأیت ذلک، […] فانظر فی ذلک والذی تراه من النظر غیر معذور من إبدائه، ولیس من سیرة الأوائل السکوت عن أمر، وکیف أنت تسکت وتقول لا أتکلم فی وال ولا قاض، أنتم ولوا فلانًا واعزلوا فلانًا، کأنک غیر شریک فی الأمر، نحن إن أحسنا یکتب ذلک فی حسناتک، وإن أسانا إلیک یکتب فی سیئاتک، ومن أدخلنا فی هذا الأمر غیرک؟ فإن کان لک نظر فی أمر دینک فاجتهد وشمِّر حسب طاقتک، وما حملنا على هذا القول إلاَّ أن رأینا أن الأمر لا یستقیم أن نکتم نحن النصح وأنت تکتم ما فی نفسک والله حسبنا ونعم الوکیل»([21])

ویقول الإمام -رحمه الله- ناصحًا ومقدرًا لرعیته: «أنت علیک الاجتهاد وستجد هنالک من الأفاضل وأهل الخبرة بنخل ولا تجده بغیرها، ولا یلزمنا ویلزمکم بعد الاطلاع والاجتهاد شیء»([22]).

وتظهر فی أحد مراسلات الإمام الخلیلی للشیخ عیسى آلیات التوجیه والنصح مع ترک مساحة حریة للرأی الآخر، على وفق ما یراه من مصلحة، فیقول بشأن تحرکات بعض الأفراد، التی أثارت بعض الشکوک لدیه، «وما رأیته من الرأی أن العامل لا یطلق له ویجعل له شیء معیَّن، هذا حسن- ولکن ما ترى لحمد بن عبد الله أقصى ما یکون له ولضیافته ولعسکره، فإنک لم تصرح لنا بذلک، وأنت أدرى بما هنالک والسلام»([23]).

والإمام - رحمه الله- حریص على النقد والتناصح ولو على نفسه، ولا یقبل عذر من لا یبادر بالنصح والتنبیه، فیقول فی سیاق مراسلته للشیخ عیسى الحارثی: «والمرء بأخیه، فما رأیتم منَّا من القصور والتقصیر یجب علیکم تسدیدنا والتنبیه، فلعلک تتعذر بعدم القبول، ولیس هذا بعذر إن أدیت الواجب علیک، وکان القصور أو التقصیر من غیرک، فماذا علیک! إنَّما على المرء وله سعیه»([24])

وحین نبه الشیخ ناصر بن سالم بن عمیر الإمام الخلیلی على أنَّه لا یستمع لمشورة الآخرین، کان رد الإمام فی قمة الإنصاف والأخذ بالحق على نفسه، فأرسل یقول فی جوابه: «وأقول، الحکمة ضالة المؤمن، وأرى تنبیه ناصر بن سالم بن عمیر هو الحق، حین قال: نراک أیها الإمام، أنت والشیخ عیسى، أن کل واحد لیعجبه رأیه، ولم تترکوا لغیرکم رأیًا، ومن أجل ذلک أرى الأمور فیها للمقال مجال، فلنرجع نحن وأنت إلى هذا. وأنا أمسک عن أمر الرستاق، ولا أقدم فیها قولاً، ولا رأیًا أبدًا، حتَّى تحضر أنت والمسلمون، فما اجتمع علیه اثنان وخالفهما الثالث نکون مع الاثنین، وذلک على شرط الاجتماع، ما کان مسألة دینیة نرجعها إلى الدین، وکل یجیب، ولا تقلیل ولا مداهنة ولا تبجیل، وکذلک أمر الرأی یوضع عند أهله، هذا قولی والوعد منک، وکل واحد من القضاة یحمل نفسه»([25]). فهذه الرسالة تدلُّ على شفافیة الإمام ووقوفه عند هذا التنبیه لأجل إفساح المجال للنظر والمشورة واعتبار هذا التنبیه حق یجب أن یؤخذ به.

والحرص والاجتهاد فی النصح والأخذ بالحق والالتزام به یبرز واضحًا فی شخصیَّة الإمام الخلیلی. ویدل على ذلک کتاب الإمام إلى الشیخ عیسى بن صالح بن علی الحارثی، وهو من کبار رجالات الدولة، وله مواقف وطنیة مشهودة، فهو أول من قام بالتمهید لعقد اللقاء الذی تمخض عنه اتفاق السیب بین السلطان تیمور بن فیصل والإمامة عام 1920م([26])، ویکنّ له الإمام الخلیلی التقدیر والاحترام. فقد کتب الإمام الخلیلی إلى الشیخ عیسى بن صالح الحارثی:

«کتابک وصلنی، ونحن نعلم الحالة غیر جاهلین بها، والحقیقة التی علیها الوجوه الکثیرة فی حقه قلیل، إلاَّ أنَّها طبعت النفوس، کل یرى حالته وحاجته، فحینئذ یجب الإسقاط على الکل. وقولک نرجع إلى أنفسنا ونستقیم، فإن استقمنا یستقیم الغیر ویستقیم لنا الناس. طریق الاستقامة صعب والمرء بأخیه، فما رأیتم منَّا من القصور والتقصیر، یجب علیکم تسدیدنا والتنبیه، فلعلک تتعذر بعدم القبول، ولیس بعذر إن أدیت الواجب علیک، وکان القصور أو التقصیر من غیرک، فماذا علیک إنَّما على المرء وله سعیه، وقولک أصل الدیار وأرتب أمر الزکوات، فحینئذ لا یقوم أمر الحاصل بما یکون من الخسر، ثمَّ أنَّه وصلنی کتاب من الولد سالم بن محمَّد یرید أن أکتب لک فی محاسبته فی أموال المساجد، ویرید أن یتعذر من أموالها، ولا نرى غیر هو، لا نعذره. إلاَّ إن رأیت أنت أمرا فعرّفنا به، والحساب حسن فحاسبوه، وواصلکم بعض المتعلمین خلف هنالک، فهم أولى بذلک، وإلا فنرید منها للمتعلمین هنا، إذا لا نجد لهم هنا شیئا وهم قد أخذوا فی العلم، ونرى فی بعضهم أهلیة ونأمل فیهم الصلاح، وترکهم بعد أن ظهرت منهم مخایل الصلاح یشق، والله نسأله الإعانة والتوفیق حررته یوم 7 ذی القعدة سنة 1354 سلم على الأولاد والأصحاب»([27]). فمما تنطوی علیه هذه الرسالة من سمات الإمام وخصاله:

• تتبعه لشؤون الإمامة ومعرفة أحوال أهلها.

• فهمه لطبائع الأنفس، ومعرفته بالطباع، وکیفیة تقبل الأفکار والمعلومات، وبأن الوعی بالحقیقة المطلقة صعب فی التفکیر، وأن للحقیقة أوجها کثیرة، وکل یرى الحق من جانبه.

• تقبله للنقد من الشیخ عیسى وموافقته له فی أن استقامة الإمام وعماله تؤدی إلى استقامة الناس.

• طلبه التنبیه على أی تقصیر أو قصور یقع فیه الإمام ویلزمه إیَّاه، ولا یقبل العذر عن عدم إبداء النصح، وأن التعذر برفض البعض لقبول النصح لا یعفیه، وعلى المرء الاجتهاد فی النصح مهما کانت النتیجة.

• لا یقبل الإمام التأخیر فی إنجاز أعمال الزکاة وطلب عدم انتظار وصوله، لما فی ذلک من ضیاع للحقوق وخسران لها.

• نزاهة العامل وشفافیته عبر حرصه على طلب المحاسبة عند الإعفاء؛ وهذا یدلُّ على حسن اختیاره لموظفیه وعماله.

• تشجیع العمال على المحاسبة؛ ففی ذلک صلاح الأمور.

• إرسال المتعلمین لتولی شؤون التعلیم والتربیة.

• الصرف على الطلبة والعنایة بهم.

• تتبع الطلبة وتقییمهم والحرص على استمراریتهم، وعدم ترکهم فی مغبة التهاون.

التقدیر والاحترام والعطف:

کان الإمام -رحمه الله- یظهر الاحترام الشدید والتقدیر لرعیته ولرجالات دولته، ویبعث لمحبیه وأعوانه برسائل التهنئة عند المناسبات والأعیاد ویدعو لهم بالخیر، مثل قوله فی أحد رسائله: «وبعد فکتابک وصلنی وفهمته والهناء عائد إلیک بکلِّ خیر»([28]). وکثیرا ما یصف مخاطبیه وعماله وقضاته- کلا حسب مکانته- (بالولد) تکریمًا منه ورعایة لهم، کقوله: «الشیخ المحترم الولد العزیز»([29])، وأیضًا «من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله إلى الشیخ المحترم الولد العزیز حمد ابن شیخنا العلاَّمة السالمی»([30]). ویخاطبهم أیضًا بلفظ الشیخ الفقیه النزیه، والشیخ المحب المحترم، فیکتب للعلامة عیسى بن صالح بن علی قائلا: «الشیخ الأکرم الأعز الأحشم الأخ الرضی العلاَّمة»([31]). وأمَّا خطابه للباشا سلیمان البارونی، فقد حمله وصفًا خاصًا تقدیرًا واحترامًا له، یدلُّ على تقدیر الإمام للرجال وإنزالهم منزلتهم، ومعرفته بعلو مرتبتهم، وشرف منبتهم. فیستهل الإمام محمَّد - رحمه الله- رسالته للشیخ سلیمان البارونی بالقول: «بسم الله الرحمن الرحیم، من محمَّد بن عبد الله بن سعید الخلیلی، إلى أخیه ذی الشرف الباذخ والمجد الشامخ المجاهد فی الله الحامی لدینه سلیمان بن عبد الله البارونی»([32]). ثمَّ یدعوه لزیارته وتأمین حاجیاته زیادة فی إکرامه، وهذا دلیل على علو همة الإمام وسمو خُلقه -رحمه الله-. وفی مراسلته للقاضی أبی الولید سعود بن حمید بن خلیفین، لا ینسی الإمام الخلیلی إلقاء التحیة والسلام على الأهل والخلان والسؤال عن باقی الأسرة فیقول: «سلموا على الأولاد والأصحاب»([33])، وفی مراسلة أخرى، یکتب له: «سلم على عمک وإخوتک والأولاد»([34]).

الدقة وتبیان الأمور:

امتازت شخصیَّة الإمام الخلیلی - رحمه الله - بالحرص الشدید فی تحری الأمور والاستماع إلى الخصوم فیما یقدم له من شکاوى ومظالم والوقوف بنفسه على تفاصیلها، خاصَّة عندما یتعلَّق الأمر بحقوق الرعیة. فعلى سبیل المثال: یطلب من القاضی أبی الولید انتظار وصوله للبت فی إحدى القضایا، ولم یتسرع فی إعطاء أحکامه بدون استکمال معرفة جوانب الحادثة، وتبیان کل الأقوال فیها، فیقول فی مراسلته له: «أمَّا بعد، فکتابک وصلنی وأمر الهطاطلة([35]) ما کتبت، إلاَّ أنِّی أرى أنَّه لابد من وصولی لذلک الطرف، والأمل إن شاء الله بعد العید والله المعین والمیسر»([36]).

وکان الإمام یتتبع أخبار إمامته ویعرف ما یحدث فیها، وینبه على التقصیر فی الأخبار بأسلوب لطیف وراق؛ فیکتب للشیخ عیسى علمه بتفاصیل وصول أمیر بنی بوعلی، وتحرکات حمد بن سالم الحجری، ومسیر حمد بن عبد الله، وعودة سالم بن سیف، ویوافقه فیما ارتآه من رأی فی عدم إطلاق ید العمال، وضرورة ضبطها، ثمَّ ینبه فیقول: «ولکن ما ترى لحمد بن عبد الله أقصى ما یکون له ولضیافته ولعسکره فإنک لم تصرح لنا بذلک وأنت أدرى بما هنالک والسلام»([37]).

ویتبین من رسالته الجوابیة للشیخ عیسى بن صالح الحارثی اعتماده مصادر مختلفة لمعلوماته، وخاصة فی معرفة بعض الصعاب التی تمس شؤون الدولة، فیستهل رسالته بالقول «کتابک وصلنی ونحن نعلم الحالة غیر جاهلین بها»([38]). ویتضح حرص الإمام ودقته فی تتبع شؤون الرعیة فی رسالة جوابیة بعثها إلى الشیخ محمَّد بن عبد الله بن حمید، یقول فیها موجهًا ومنبهًا ومستغربًا لمراسلته فی شأن بعض الأعراب المخالفین، فی حین یسکت عن آخرین، یمنعون حقوق الله: «أقول: العجب أن یلام أعراب لا یفهمون شیئًا من أمر الدین، ویسکت عن غیرهم، وهم من یأکلون الفرائض، ویتشدقون فی القول، والرجل یأتیهم لیلاً ونهارًا، ویعتذرون بعدم الأمر منَّا ونحو ذلک، ممَّا لیس له طائل، والأمر قد صدر»([39]). ویظهر حرص الإمام على اقتران القول بالعمل من قوله: «واعلموا أن قول ابن النضر: «نحن الإباضیون أسدُ الغیطل»([40]) ینبغی أن یصدق فی المقال، ولا یکون دعوى بحث»([41]).

الشدة والحزم:

تلوح فی عدد من مراسلات الإمام الخلیلی إشارات واضحة عن حزمه وشدته، رغم ما عرف عنه من لین الجانب، والأخذ بحسن النوایا، والتساهل مع الرعیة. وتحتوی رسالته للقاضی سعید بن ناصر الکندی، نماذج من شدته وقوة موقفه؛ فیرسل له معترضًا ومنبهًا فیقول:

«وأمَّا ما ذکرته یا سعید کأنک ترى الصواب فی فعلک وأنک ترى الخطأ فی مراجعتنا وفی تبلیغ الناس مهمهم إلینا، کأنک جاهل بسیرة السلف. اعلم أن علیک القیام بالأمر، وعلینا تقویمک إن اعوججت، رضیت أو کرهت، ولسنا ممَّن إذا قیل له بأمر غضب وسکت، من راجعنا راجعناه، ومن أتانا بالحق قبلناه. وکان الواجب علیک أن تراجعنا بإظهار الحق وتبیانه، لا بالسکوت والتأخیر، ورد الأمر إلینا فی العظیم والحقیر، یا أیها المسلمون ناقشوا أنفسکم وراجعوا دینکم، ولا یسکت أحد منکم عن أمر یرى الحق فی غیره ولا عن نصح، ومن نصح فعلیه أن یقبل النصیحة. وعلیک یا سعید أن تبین لنا وجه ما توجب به على نبهان القید. إن کنت توجب علیه ذلک، فإنَّه قد طلب ذلک، ونحن طلبناه منک، والسلام. وما سیرتنا التشفع لأهل الجنایات، ولا أنا نحب أن تقصدنی للأمر. وقولک السعید من اکتفى بغیره، ما فی کلِّ موضع، ولیت السلامة تحصل لنا ولک، وهیهات ذلک»([42]).

فتعدُّ هذه الرسالة منهج عمل للقضاة بصفة عامة، رغم کونها موجهة للقاضی الکندی، إذ یتبین فیها حزم الإمام وشدته واعتراضه على موقف القاضی، وتوضیح سیاسته التی علیه الالتزام بها، وضرورة رجوع القضاة إلیه فیما یصدرون من أحکام. وفی موقف آخر، یراسل منصور بن ناصر ویحثه على الحزم «ولا تحقرن عدوًّا أتاک […] وعلیکم بالحزم والعزم والصبر، ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [سورة الأنفال: 60]»([43]).

السیاسة والتدبیر:

تنعکس أخلاق الإمام فی مواقفه السِّیاسیَّة، وطرائق حکمه، وأسلوب إدارته؛ فیسعى - رحمه الله- إلى إصلاح الرعیة بالحکمة، ویطلب من ولاته مکاتبة القبائل، وحثها على الانضواء تحت رایة الدولة، وحث زعمائها على الالتزام بدفع الزکاة، ویوصیهم کذلک بلین الجانب مع المحسنین وبالشدة مع أهل الشقاق والنفاق، وبعدم إرهاق الأهالی، «وکان أقصى الجهد التخفیف من الفرائض، والحض فی الاستقصاء فی قبض الزکوات»([44]).

ومن حنکة الإمام السِّیاسیَّة، وحسن تدبیره أنَّه یتدرج فی مواقفه بین اللین والشدة بما یتناسب والموقف الذی یعالجه؛ ففی المواقف التی تستدعی الحزم لا یتردد الإمام فی أن یکون حازمًا، فیحث ولاته على الضرب بقوة على من یرید الشقاق والعصیان. فیکتب إلى الشیخ عامر بن خمیس بن مسعود المالکی (ت: 1346هـ)، بعد أن سمع أخبارًا أقلقته وعکرت صفو أمن البلد قائلاً: «کتابک وصلنی وفهمته، وإنِّی أتخوف التبعة کما ذکرت، لعلمی بالتقصیر، والرکون إلى الراحة والاستراحة وآل [...] لا أراهم یستقیمون، وأنت تعلم ما هنالک، ومن أین ترجى استقامة من أحد على هذه السیرة التی نحن علیها، فشمروا لجهاد أعداء الدین بالتحریض على ذلک، وإنِّی قد دعوت الناس على المثار على آل [...]، فإن نَصَرَ الله المسلمین هنالک، فالمرجع إلى الغربیة»([45]).

ومن جمیل موقف الإمام الخلیلی، واتساع أفقه الوطنی والإسلامی، أنَّه لم یجد غضاضة فی تکلیف الباشا سلیمان بن عبد الله البارونی([46]) مندوبًا لیمثله فی مؤتمر الدول الإسلامیة([47]) فی مصر، ولا یفوته إرشاده بمرتکزات هذا التمثیل فیوصیه قائلاً: «ولیکن رأیک فی مسألة الخلافة مطابقًا لقواعد الشرع الصحیحة، وهی لا تخفى علیک، أمَّا مسألة الأماکن المقدسة فلیکن رأیک فیها حمایتها من عبث العابثین بها، ووقایتها من تسلط کل بلد أجنبیة علیها، مهما کان مقصدها وصبغتها»([48]). ویحث الإمام الشیخ البارونی على إعلامه بمستجدات الموضوع لأهمیته العامَّة للدولة والأمة، فیؤکد على الشیخ البارونی بالقول: «والمنتظر من جنابک موافاتنا بالأخبار الصحیحة بدون فاصلة»([49]).

استیعاب الإمام للنقد والانتقاد:

ممَّا لاشک فیه أن مهمة الرئاسة وتولی شؤون الرعیة تعرض صاحبها للانتقاد، وانطلاق الألسن علیه بوجه الحق أو بدونه. وقد تعرض الإمام الخلیلی -رحمه الله- للعدید من الانتقادات التی تضمنتها ثنایا مراسلاته، ویتضح موقفه منها فی ردوده المباشرة علیها، وإجاباته الحازمة عنها. وأبرز الأمثلة على الخطابات الناقدة التی بعثت إلى الإمام الخلیلی، وتبرز شخصیته المتفهمة والمتقبلة للانتقاد، تلک الرسالة التی بعثها إلیه الشیخ القاضی علی بن محمَّد المنذری، عَدَّدَّ فیها جملة من الانتقادات ضدَّ الإمام منها:

• محاباة الأغنیاء والأکابر بالأعطیات.

• اتِّباع اللین فی مواقف الشدة.

• إباحة الخروج للناس.

• دخول وادی بنی خالد.

• عدم تبدیل الولاة.

• إعطاء خیر الدیار لبعض الشخصیات.

• الاعتراض على بعض الولاة والقضاة.

وقد ردَّ الإمام بصدر رحب على تلک الاعتراضات نقطة بنقطة، موضحًا وجهة نظره بالحجة والدلیل، ویسهب فی الشرح للناقد؛ کی تنجلی عنده الصورة، وتزول شبهات النقد، فقد قال الإمام:

«من إمام المسلمین محمَّد بن عبد الله بیده إلى الولد الناصح علی بن محمَّد بن علی. سلام علیک. کتابک الذی فیه النصیحة وصلنی. نسأل الله أن یجعلنا ممَّن یقبل النصح. وأنت قد أدیت ما علیک من النصیحة. وأقول: أمَّا قولک أنا نعطی الأغنیاء والأکابر؛ فنعطیهم والقصد إمَّا جلب خیر أو دفع شر، ولنا بالنبیِّ ﷺ أسوة؛ حیث أعطى صفوان بن أمیة ملء واد نعمًا، وأعطى رجالاً ومنع من هو خیر منهم اتکالا على دینهم. وقد قال عمر بن عبد العزیز: ما أحیینا سنة إلاَّ ببذل أموال. وأمَّا قولک من قبل الشدة، فذلک أمر نعلمه من أنفسنا، ولکن الشدة مع هذا تحتاج لرجال، فأین هم؟! وأمَّا قولک أبحنا للناس الخروج؛ فما أبحنا، وإن کنت تعنی الشیخ عیسى لما رأینا نظره ذلک، وصوبه واعتمد علیه؛ لم نر مخالفته، ونحن نحس به»([50]).

ویقابل الإمام منتقدیه بالرد الجمیل والمتفهم وبعبارة تصب فی سیاق الاستیعاب للنقد، والرد بالحجة. ففی رده على الرسالة التی بعث بها إلیه الشیخ أحمد بن محمَّد بن عیسى یقول الإمام: «اعلم أن العاقل لا تضحک علیه نفسه، یبکتها ویسکتها ویسکنها؛ فإذا لم یقم بأمر الزکاة وإقامة الصلاة وتحدثه بطلب الشهادة لکونها غیر حاضرة، فهذا غِرٌّ»([51]).

وعندما تزداد لغة المنتقد للإمام حدة، یصبح الإمام أکثر سکونا وهدوءًا. فقد وجه عبد الرحمن الخروصی رسالة لوم شدیدة إلى الإمام؛ لأنَّه عین جابیا آخر غیره على «ستال» بعد الاتفاق على أن یتولاها هو، فیقول منتقدًا الإمام: «أنا خروجی أمس عنک على طریقة، وقد صار العکس بالحال، فهل یلیق لمنصبک ذلک؟! کلا، ولا على ذی عقل، فالأمل المبادرة بنسخ الجابی الثانی خوف الفتن لتعلم الجواب وعلیک السلام»([52]). فیرد الإمام موضحا ومفسرا لفحوى الموضوع، ولا ینسى أن ینبهه على أسلوبه فیقول: «لا تنه عن خلق وتأتی مثله، ولیس قولک هذا ممَّا تقتضیه السیاسة والعقل […]، فافطن إن کنت فطنًا والسلام»([53]).

ویوجه الإمام فی معرض کلامه للشیخ أبی بشیر محمَّد بن عبد الله بن حمید السالمی (ت: 1405هـ) نقده بالحجة، وتبیان الحقائق، واستعمال التعریض فیقول: «العجب أن یلام أعراب لا یفهمون شیئًا من أمر الدین، ویسکت عن غیرهم، وهم من یأکلون الفرائض، ویتشدقون فی القول، والرجل یأتیهم لیلا ونهارا، ویعتذرون بعدم الأمر منَّا ونحو ذلک، ممَّا لیس له طائل، والأمر صدر، لقد صح معنا أن هؤلاء له ظهرًا وعینًا،[…]، هذا أمر ینکره على هؤلاء کل مسلم»([54]).

ویرد على أحد منتقدیه دون أن یسمیه قائلا: «أمَّا بعد، فقد رأیت کتابک الذی ذکرت فیه من الهد والوعد، وتشیر أنَّه وصل نزوى، والذی یصل نزوى یصل بالزخارف والأکاذیب، وهذا الرجل لم یصل فی أمر یعنیک، وإنَّما یسأل فی أمر یعنیه»، وبعد أن یذکره بفضل بعض الشخصیات، وحفظ معروفهم یقول له: وفی عتب من یحسد الشمس ضوءها: «أنزه نفسی عن مقال بغیبة وکل اغتیاب جهد من لا له جهد»([55]).

اهتمام الإمام بطلبة العلم:

کان الإمام - رحمه الله - شدید الاهتمام بالتعلیم، والاعتناء بالعلماء وطلبة العلم([56]). وتدل رسالة الإمام إلى الشیخ حمد بن سلیمان بن حمید، بخصوص أحد طلبة العلم واسمه سعید بن محمَّد الزیدی، على ملامح من سیاسة الإمام التعلیمیة، إذ یقول فی تلک الرسالة: «وبعد، فإنا نحمد الله إلیکم. وهذا سعید بن محمَّد الزیدی، وصلنا طالبًا للعلم، ولما بلغه أن یزید معکم یدرس ثمَّ تواجهوا ورغبه، وهو راغب أن یکون قیامه هنالک قرب یزید، فإن وصل فواسوه من فضلة المسجد الذی بالنصیب فهم أحق بالمواساة منه، هذا إن رأیتم سعة وإلا فالعذر واسع»([57]). فتدل الرسالة على استقبال الإمام لطلبة العلم، واهتمامه بهم، ورعایتهم، وتحمل تکالیف إقامتهم، ومعیشتهم.

الفتاوى الدینیَّة وتطبیق الشرع:

کان الإمام الخلیلی - رحمه الله - مرجعا فی أمور الدین کما هو مرجعا فی أمور السیاسة. فکانت ترده العدید من المراسلات تستفتیه فی شؤون الناس، ومشاکلهم الدینیَّة والاجتماعیَّة. ولسنا هنا بصدد التوسع فی ذکر فتاوى الإمام الخلیلی وآرائه الفقهیَّة؛ ففتاواه موجودة فی مظانِّها، وإنَّما تعنى الورقة بما حوته مراسلاته من إضاءات تحمل طابع الفتوى.

فقد اختلف الفقهاء فی قضیَّة امرأة تزوجت، ولم تخرج بعد من العدة أو من الحمل، فبعثوا للإمام الخلیلی یسألونه، عارضین علیه ما اجتهدوا فیه من رأی، فرد علیهم الإمام قائلا: «ومسألة المرأة أرى قول سعود بن حمید أقرب إلى الحق، وقول محمَّد بن راشد لا دلیل علیه»([58])، ویوجه الإمام الخلیلی بضرورة الأخذ بظاهر أمور الناس عند الفتوى إذ یرى: «حمل الناس على الظاهر من سلامة دینهم هو الأولى»([59]).

ویرى الإمام الخلیلی أن للزکاة أهمیة للدولة، لذا یؤکد على ولاته بضرورة حث الناس على إخراج الزکاة. ویرى الإمام أن أموال الزکاة تصرف فی منافع الفقراء، وما یصلح شؤون البلد، والمنافع العامَّة کتقویة الحصون، وصیانة آبار الشرب ونحو ذلک. ففی رسالة الإمام إلى صالح بن أحمد بن صالح، یقول: «وخذ من الناس الزکوات التی ألزمها الله علیهم: من زکاة الثمار والنقود والحیوان، فإنَّها لکم قوة، ولهم نمو وطهارة. وقوموا بما یلزمکم لله من النصح لهم، وتعلیمهم، وأمرهم بالمعروف، ونهیهم عن المنکر، وقوّموهم إذا لم یستقیموا فی أمر الزکوات؛ فإن الناس یصعب علیهم الحق، وإن کان مرجع الصلاح إلیهم»([60])، ویقول کذلک: «وأرى لکم أخذ الزکاة منهم؛ لتجعلوها فی مصالحهم ممَّا یقوی أمرکم؛ لحمایة البلدان إن کان فی بناء الحصن أو تکثیر العسکر أو عُدة، وإن رأیتم البناء للحصن، فخذ قرضة منهم»([61]).

اهتمام الإمام بالعلاقات الخارجیَّة:

تظهر مراسلات الإمام اهتمامه بإقامة العلاقات مع أُمراء وحکام الجوار، وهی علاقات هدفها الحفاظ على وحدة الصف، ولم شمل الأمَّة الإسلامیة، والسعی الدؤوب نحو توثیق عرى الوحدة الدینیَّة. وتبین تلک المراسلات أیضًا أن الإمام الخلیلی کان مطلعًا على أحوال الأوطان الإسلامیة ومتتبعا للمشهد الإقلیمی والدولی.

فقد رحب الإمام الخلیلی بالمجاهد الکبیر وأحد أعمدة الکفاح ضد الاستعمار الغربی الباشا سلیمان البارونی، وسمح له بالإقامة فی عُمان، عندما نفاه المستعمر الإیطالی من بلاده لیبیا. حیث سارع الإمام الخلیلی بإرسال رسوله للباشا البارونی یحمل کتابا یسأله فیه زیارته فی نزوى، ویطلب منه تحدید موعد لتلک الزیارة؛ حتَّى یرسل له من یرافقه، ویأمن لهم الطریق، ویؤکد له أن أهل عُمان فرحون لقدومه متشوقون للقیاه، ویطلب منه عدم التردد فی طلب احتیاجاته من الرسول([62]). وقد بارک الإمام تکلیف السلطان تیمور بن فیصل البوسعیدی (1886- 1965م) للباشا سلیمان البارونی؛ لیکون مبعوثه الشخصی إلى الأمراء المتحاربین، فی نواحی مکَّة، وعَدَّ الإمام ذلک الصراع من أهم القضایا التی تشغل قلوب المسلمین، والسعی فیها بالصلح والإصلاح من أهم الواجبات. وکلف الإمام نفسه الشیخ البارونی؛ لیکون مندوبه؛ لیمثل الأمَّة العُمانیَّة فی المؤتمر الإسلامی الذی عقد سنة 1343هجریة([63]).

وعلى مستوى العلاقة بالمغرب العربی، تدلُّ بعض مراسلات الإمام على وجود تواصل تاریخی بین إباضیَّة شمال إفریقیا وإباضیَّة عُمان فی عهد الإمام الخلیلی. إذ قام بعض الحجیج المیزابیین، منهم صالح بن علی[باعلی] وصالح بن یحیى وسعید بن علی، باغتنام الفرصة فی أثناء وجودهم بالأراضی المقدسة بمکَّة المکرَّمة بإرسال مجموعة من المخاطبات إلى الإمام الخلیلی احتوت على تساؤلات فقهیة فی خلافات وقعت فی بلدهم. وقد کتب الإمام فی الرسالة الجوابیة إلیهم مسلمًا ومرحبًا ومُقدمًا النصح، وباذلا جهده فی الإصلاح، والحرص على ربط أواصر الأخوة، والابتعاد عن الفرقة وما یؤدی إلیها، وإیجاد العذر، وعدم التسرع فی إصدار الأحکام على إخوانهم. فیقول الإمام فی رسالته: «أوصیکم بالتثبت فی الأمور، وأن لا تعجلوا على إخوانکم بقطع العذر والبراءة، واحتملوا للمسلمین فیما کان فیه محتمل، […] أن لا ینصبوا الرأی دینًا، فإن الله U جعل هذا الدین یسرًا، […] وقد رأیتُ فی غضون تلک الورقات ما لو برهن بالبرهان لتبین أی بیان أنَّه من مسائل الاجتهاد وأن للرأی فیه مجالا، وللعلماء فیه مقالا، فلا یفضی بها إلى التخطئات وقطع الأعذار»([64]).

وفی إطار العلاقة مع الدولة السعودیَّة، بعث الإمام رسالة حررت یوم 10 شوال 1369هـ([65]) إلى الملک عبد العزیز بن عبد الرحمن آل سعود مسلمًا وناصحًا ومشیرًا إلى رغبة الشیخ محمَّد بن العلاَّمة السالمیفی الاجتماع بالملک، وأنَّه شخصیا مهتمٌّ بوحدة الأمَّة واتحاد بلدانها، والتعاون فی ما ینفع المسلمین. وقد حملت رسالة الإمام الإشادة بسیرة ملک آل سعود فی إبداء السیرة الحسنة والنصح والسعی للم الشمل، واحتوت تنویهًا بأن اجتماع الناس حول الملک مرده إلى ثلاثة أسباب وهی:

. طمعهم فی رفده وإحسانه.

. سماعهم بسیرته، وحبهم لها.

. حبُّه للوحدة، ولَـمِّ شمل الأمَّة.

وبعث الإمام إلى الملک عبد العزیز رسالة أخرى یحثه فیها على استقبال الحجیج من کافة أقطار الإسلام واحترامهم؛ حیث أن الدین واحد والکل حریص على لم الشمل والتذکیر بالخیر([66]). وبعث إلیه برسالة أخرى بتاریخ 19 ذی القعدة 1371هـ، یوصیه فیها بالاهتمام بالشیخ محمَّد السالمی، الذی یمر مسلمًا على الملک فی طریقه لأداء فریضة الحج، وینوّه على حرصه الدائم على متانة العلاقة بینهم([67]).

وبعث -أیضا- رسالة إلى ولی عهد المملکة العربیَّة السعودیَّة الأمیر سعود بن عبد العزیز بخصوص صیانة بیت خاص فی مکَّة المکرَّمة موقوف لخدمة الحجیج العُمانیِّـین، ویطلب منه تقدیم ید العون إلى الشیخ محمَّد السالمی بوصفه مکلفًا من قبله بذلک([68]).

وعندما تولى الملک سعود بن عبد العزیز الحکم فی المملکة العربیَّة السعودیَّة استمر الإمام فی توجیه الرسائل الملیئة بالود والاحترام والنصح، وضرورة الالتزام بتعالیم القرآن الکریم، وسنة نبیه الکریم ﷺ.

وتثبت مراسلات الإمام أن شخصیَّة شعلان بن ناصر کان لها عظیم الأثر فی التقریب بین الملک والإمام. فقد قام الشیخ شعلان بن ناصر بزیارة الإمام فی أکثر من مناسبة، والتعرف إلى علماء عُمان والترابط العلمی والدینی معهم.

وتعبر کلمات الإمام ولهجة الخطاب عن الندیة فی التعامل، والحرص على الحفاظ على حسن الجوار، فیقول: «ذکر لنا مودة حکومة جلالتکم، وعطفکم على رعایانا، واهتمامکم بشؤوننا، وحرصکم على دوام استقلال بلادنا، وأنکم لا تألون جهدًا بالدفاع عنه»([69]).

ویؤکد الإمام فی خطاباته إلى الملک سعود الدعوة المبکرة إلى نبذ المذهبیة التی تمزق شمل الأمَّة الإسلامیَّة فیقول: «ومن الأمر بالمعروف السعی إلى توحید کلمة المسلمین، وإلى إماتة الانتساب إلى المذاهب، وإظهار التعصب لها اللذین قضیا على الإسلام، وتسلط على أبنائه عبدة الأصنام الأجانب»([70]).

ویؤکد الإمام فی مراسلاته الحفاظ على الوطن العُمانی، وسلامة أراضیه، ووحدة التراب العُمانی، وحمایة الأمَّة من التفکک والانقسام. إذ بعث الإمام رسالة إلى القنصل الإنجلیزی فی مسقط إثر رفع أحد المشایخ رایة خاصَّة یعلن فیها انفصاله عن الأمَّة العُمانیَّة، جاء فی نصها: «رأینا ضرورة إعلام جنابکم باسم الأمَّة العُمانیَّة، بأن الأمَّة لا تعترف بأی اتفاق خارجی یتعلَّق بالبلاد مع أی شخص کان، ولا تقبل مداخلة أجنبیة بأی صورة کانت، وتمزق بسیوفها کل رایة محدثة مهما کانت صبغتها ولو فی شبر من الأرض داخل حدود مملکتها العُمانیَّة من ظفار إلى قطر، ومن البحر إلى الربع الخالی، وأنَّها مستعدة لمحاربة کل من یتوسل إلى ذلک بأی وسیلة کانت، مادامت فی أفراد رجالها ذرة من الحیاة؛ لأنَّها ترى مملکتها جسمًا لا یقبل التجزئة بوجه من الوجوه. فنرجو تبلیغ هذا إلى حکومة جلالة ملک بریطانیا العظمى تلغرافیًّا؛ لیکون فی عملها خدمة للسلم، وحقن للدماء، وفی الختام تقبل احترامنا وسلامنا»([71]).

اهتمامه بالصلح مع مسقط:

لعل من أهم المحطات فی تاریخ عُمان الحدیث، التوقیع فی 1339هجریة/ 1920م على معاهدة السیب الشهیرة التی جمعت شتات الأمَّة العُمانیَّة وأقرت السلم بین أرجاء الدولة([72]). وقد حرص الإمام الخلیلی بمراسلة ذوی الرأی، عامر بن خمیس المالکی وسیف بن علی المسکری، وأخذ المشورة منهم فی الإقدام على توقیع الصلح، إذ طلب منهم الاطلاع على بنود الاتفاقیة، وتصحیح ما یرونه مناسبا. وقد نصت بنود الاتفاقیة على:

• تخفیض ضریبة العشور من 100 ٪ إلى 5 ٪.

• تأمین الطرق البریة والبحریة لجمیع المسافرین.

• إرجاع المشاغبین الفارین من العدالة من الطرفین والامتناع عن حمایتهم.

• عدم التعرض لعُمان الداخل.

• عدم التَّدخُّل فی الشؤون الدَّاخلیَّة للإمامة.

ومن المؤسف ألاَّ یشمل کتاب «الفتح الجلیل» غیر هذه المراسلة رغم أهمیة الاتفاقیة؛ فمن غیر المعقول ألا تکون هناک العدید من المراسلات غیر هذه الرسالة، وألا تکون هناک مراسلات مع أطراف مختلفة، لاسیما القنصل الإنجلیزی الذی أشرف على المعاهدة وکان طرفا فیها.

خاتمة:

تتضح من خطابات الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی - رحمه الله - ملامح شخصیَّته، بوصفه رجل دولة من الطراز الرفیع. فقد حاز الإمام ثقة المشایخ والشعب. وکان یرعى شؤون الرعیة ویسعى لجلب مصلحتهم، ویذود عن مواطنیه ووطنهم. وسعى الإمام جهده لتطویر البلاد عبر الاهتمام بالتعلیم، وتقویة حصون الدولة ضد أعدائها، والحفاظ على وحدة التراب. وسعى الإمام -کذلک- نحو إقامة شرع الله، والتمسک بالشریعة الغراء، والسیر على نهج الرسول الکریم u، والسلف الصالح. وأقام الإمام علاقات طیبة مع جیرانه وإخوانه فی الخلیج والجزیرة وشمال إفریقیا.

([1])       الخلیلی، محمَّد عبد الله: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، ط1، دمشق: المطبعة العربیَّة، 1965م، ص17.

([2])       المصدر نفسه، ص19.

([3])       المصدر نفسه، ص18.

([4])       المصدر نفسه، ص17.

([5])       المصدر نفسه، ص46.

([6])       المصدر نفسه، ص37-38.

([7])       هذه القیمة المالیة خاصَّة بالشیخ صالح بن حمد، ولا نفترض تعمیمها على کلِّ العمال فی عهد الإمام الخلیلی. المصدر نفسه، ص37-38.

([8])       المصدر نفسه، ص4.

([9])       المصدر نفسه، ص20.

([10])     المصدر نفسه، ص18.

([11])     المصدر نفسه، ص18.

([12])     المصدر نفسه، ص18.

([13])     المصدر نفسه، ص21.

([14])     المصدر نفسه، ص22.

([15])     المصدر نفسه، ص35.

([16])المصدر نفسه، ص26.

([17])     المصدر نفسه، ص77.

([18])     المصدر نفسه، ص2-3.

([19])     المصدر نفسه، ص3.

([20])     المصدر نفسه، ص27.

([21])     المصدر نفسه، ص7-8.

([22])     المصدر نفسه، ص23.

([23])     المصدر نفسه، ص4.

([24])     المصدر نفسه، ص6.

([25])     المصدر نفسه، ص9.

([26])     معجم أعلام الإباضیَّة، قسم المشرق، مادة رقم 1015.

([27])الفتح الجلیل، ص5-6.

([28])     المصدر نفسه، ص20.

([29])     المصدر نفسه، ص18.

([30])     المصدر نفسه، ص18.

([31])     المصدر نفسه، ص10.

([32])     المصدر نفسه، ص39.

([33])     المصدر نفسه، ص17.

([34])     المصدر نفسه، ص35.

([35])     الهطاطلة قبیلة من قبائل عمان، ینظر ملحق التعریف بالقبائل.

([36])     الفتح الجلیل، ص19.

([37])     المصدر نفسه، ص4.

([38])     المصدر نفسه، ص50.

([39])     المصدر نفسه، ص26.

([40])   من قصیدة للعلامة الشیخ أحمد بن النضر فی تسمیة علماء ورجالات المذهب ومطلعها:

                       نـدیـن لله بـبغض الـجهل... أهـل الضـلال والردى والـزلـل.

([41])     الفتح الجلیل، ص14.

([42])     المصدر نفسه، ص61-62.

([43])     الشکیلی، إبراهیم بن محمَّد: مدرسة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی وأثرها فی نشر العلم، ، ط1، 2013م، ص54.

([44])     الفتح الجلیل، ص7.

([45])     المصدر نفسه، ص46. الغربیة: یبدو أن المقصود غربیة عمان.

([46])     أبو الیقظان، إبراهیم: سلیمان البارونی فی أطوار حیاته، القرارة،  1958، ج 2، ص27.

([47])    مؤتمر الدول الإسلامیَّة، یبدو أنَّه من الاجتماعات التأسیسیة المبکرة، إذ أن المنظمة تأسست رسمیا فی المغرب سنة 1969 إثر حریق القدس، ویضم المؤتمر العدید من الدول الإسلامیَّة؛ وذلک لأجل حمایة مصالح الدول الإسلامیَّة. ویفهم من رسالة الإمام الخلیلی أن القدس أیضا کانت محور الاجتماع، وکلف الشیخ سلیمان البارونی لحضوره، وأیضًا تبین المراسلة بأنَّه لم یثبت مکان انعقاد المؤتمر إن کان فی مصر أو غیرها.

([48])     الفتح الجلیل، ص40.

([49])     المصدر نفسه، ص40.

([50])     المصدر نفسه، ص61.

([51])     المصدر نفسه، ص10-11.

([52])     المصدر نفسه، ص24.

([53])     المصدر نفسه، ص25.

([54])     الفتح الجلیل، ص26.

([55])     المصدر نفسه، ص30.

([56])     الشکیلی، إبراهیم بن محمَّد: مدرسة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی وأثرها فی نشر العلم، ، ط1، 2013م.

([57])     الفتح الجلیل، ص28.

([58])     المصدر نفسه، ص27.

([59])     المصدر نفسه، ص27.

([60])     المصدر نفسه، ص37.

([61])     المصدر نفسه، ص37.

([62])     المصدر نفسه، ص39.

([63])     المصدر نفسه، ص40.

([64])     المصدر نفسه، ص52.

([65])     المصدر نفسه، ص40.

([66])     المصدر نفسه، ص42.

([67])     المصدر نفسه، ص43.

([68])     المصدر نفسه، ص43.

([69])     المصدر نفسه، ص44.

([70])     المصدر نفسه، ص44.

([71])     المصدر نفسه، ص52.

([72])     المصدر نفسه، ص50.
 

• أبو الیقظان، إبراهیم بن عیسى: سلیمان البارونی باشا فی أطوار حیاته، القرارة، 1958.
• الخلیلی، محمَّد عبد الله: الفتح الجلیل من أجوبة الإمام أبی خلیل، ط1، دمشق، المطبعة العربیَّة، 1965.
• الشکیلی، إبراهیم محمَّد: مدرسة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی وأثرها فی نشر العلم، ط1، عُمان، 2013.
• ناصر، محمَّد صالح، والشیبانی، سلطان بن مبارک: معجم أعلام الإباضیَّة من القرن الأول الهجری إلى العصر الحاضر، قسم المشرق، بیروت، دار الغرب الإسلامی، 2006.