المرأة في حیاة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلي

الباحث المراسلد. بدرية بنت علي الشعيبية جامعة السلطان قابوس

Date Of Publication :2022-11-09
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

تعنى الدراسة الحالیة بمکانة المرأة لدى الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی ودور العائلة فی تشکیل شخصیته، وکیف عملت على تنشئته وإعداده فردا له دور قیادی فی مجتمعه، إذ إن محمَّد بن عبد الله هو ابن شیخ بنی رواحة، وهو المُعَوَّلُ علیه فی قیادة بنی رواحة بعد والده. وفی هذا البحث سیکون الترکیز على دور نساء العائلة فی تربیة محمَّد، وکیف ساندنه بعد أن أصبح إماما، وکیف أثر الاستقرار الأسری والنفسی فی شخصیته فی تعامله مع زوجتیه وابنته وحفیدته، وکیف تعامل مع النساء فی المناطق التی حکمها. ویتناول البحث ثلاثة موضوعات رئیسة، وهی:

نشأة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، ودور عائلته فی تنشئته.

علاقة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی بنساء عائلته.

علاقة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی بنساء دولته.

اعتمد الباحث على مجموعة من المصادر، إضافة إلى إجراء مقابلات مع ثلاث شخصیَّات عاصرت الإمام محمَّد أو عاصرت من عاصره وهذه الشخصیات هی:

الشیخ سعود بن علی بن عبد الله الخلیلی، ابن أخ الإمام محمَّد بن عبد الله الذی تربى على ید الإمام، فعلَّمه القرآن وعلومه، وأشرف بنفسه على مواصلة تعلیمه فی حصن نزوى، وکان یتابع مدى تقدمه التعلیمی کلَّ صباح. رافق سعود بن علی الإمام الخلیلی فی الکثیر من أسفاره وجولاته بین المدن العُمانیَّة، فشهد معه عددا من لقاءات الإمام برعیته، وشهد اللحظات الأخیرة من حیاة الإمام. وکتب الشیخ سعود کتابا حمل عنوان «کلمة: صفحات من تاریخ عُمان»([1]) تناول فیه بعض الأحداث التی عاصرها الإمام الخلیلی، والفترة الانتقالیة التی شهدتها عُمان بعد وفاة الإمام الخلیلی، حتَّى بدایات النهضة المبارکة بقیادة السلطان قابوس.

الشیخ حمود بن عبد الله الراشدی، أحد طلاب الإمام الذین تلقوا العلم على ید الإمام فی حصن نزوى، وکانت له مواقف وأحداث مع الإمام الخلیلی. تمکنت الباحثة من خلال اللقاء به من معرفة بعض جوانب علاقة الإمام بنساء عائلته، ولاسیما زوجاته؛ نظرا لإقامة الشیخ حمود فی حصن نزوى فی أثناء مرحلة طفولته؛ حیث تلقَّى العلم فی الحصن على ید مجموعة من المعلمین من بینهم الإمام نفسه.

حلیمة بنت هلال بن سعید بن حامد الراشدیة، ابنة حفیدة الإمام محمَّد، وهی زمزم الراشدیة، إذ استمعت حلیمة للکثیر من القصص من أمها، عن علاقة أمها بجدها الإمام الخلیلی، وعلاقة الإمام بابنته عائشة والدة زمزم.

الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، ودور عائلته فی تنشئته:

ولد محمَّد بن عبد الله بن سعید بن خلفان الخلیلی فی وادی محرم سنة 1299هـ/ 1882م([2])، ذلک الوادی الذی عرف عنه غزارة میاهه التی لا تنقطع طوال العام، وتمیزه بالمناظر الجمیلة الخلابة. فوادی محرم منطقة زراعیة جمیلة، تتیح لساکنها لحظات رائعة من التأمل والسکینة، والاستمتاع بمنظر الوادی وجماله، وینشأ الفرد فیها على الهدوء، والسلام الداخلی.

عاش محمَّد بن عبد الله فی أسرة مستقرة عاطفیًّا، أسرة تسعى إلى تربیة أطفالها تربیة تتماشى مع طبیعة العصر فی تلک الفترة، تربیة تقوم على تعلیم أطفالها العادات العُمانیَّة الأصیلة، وتعلیمهم العلوم الدینیَّة واللغویة، فعاش فی کنف أسرة تتکون من أب وأم وأخ غیر شقیق هو علی بن عبد الله وأختین شقیقتین. وأسرة الإمام محمَّد الصغیرة هذه تنتمی إلى عائلة عرف عنها اهتمامها بالعلم والاشتغال به، فهی عائلة علمیة تمتد أصولها إلى فترة الإمامة الثانیة، فجدهم الإمام الصلت بن مالک الخروصی الذی حکم عُمان خلال الفترة (237هـ/ 851م - 273هـ/ 886م)، ومن بعد الصلت تولى ابنه شاذان قیادة المعارضة التی حدثت إثر عزل والده من قبل موسى بن موسى بن علی الإزکوی الذی عیَّن راشد بن النضر عوضا عن الإمام الصلت الخروصی. ومن هذه العائلة أیضا ینحدر إمام آخر وهو الخلیل بن شاذان بن الخلیل بن شاذان بن الصلت بن مالک الخروصی الذی تولى الإمامة بین (407هـ/1016م-425هـ/1131م)([3]).

ومن هذه العائلة - أیضا- جده الشیخ سعید بن خلفان بن أحمد بن صالح الخلیلی، الذی ولد فی بوشر سنة 1231هـ/ 1815م، ومات عنه والده، وهو ما زال طفلا صغیرا؛ فرباه جده أحمد بن صالح الخلیلی([4]). عاش سعید بن خلفان فی بدایة شبابه فی بوشر، المنطقة التی استقر فیها أجداده بعد انتقالهم من بهلا، ثمَّ انتقل إلى سمائل؛ لیقیم فیها باقی حیاته. وتزوج سعید بن خلفان من ابنة الشیخ سلیمان بن ماجد الخروصی، ورزق منها ابنة واحدة وهی شمساء، وولدان هما محمَّد وعبد الله. وتزوج زوجة أخرى من بنی خروص، وأنجبت له أحمد بن سعید أصغر أولاده([5]).

ربَّى سعید بن خلفان أولاده تربیة تقوم على حب العلم والاجتهاد فی طلبه، غیر أنَّه لم یفرض علیهم أن یتخصصوا فی علم معیَّن دون غیره، بل ترک لهم حریة التوجه الفکری. فکان محمَّد رفیق والده فی العمل السیاسی، وعمل معه فی مهمة إعادة الإمامة، وتنصیب الإمام عزَّان بن قیس. وحین أُلقی القبض على سعید بن خلفان کان محمَّد رفیقه أیضا فی سجن الجلالی، وماتا معا فی هذا السجن فی ذی القعدة 1287هـ/ 16 فبرایر 1871م، ومحمَّد ما زال شابا یافعا لم یتجاوز السابعة عشرة من عمره([6]).

وکان عبد الله، والد الإمام محمَّد، شاعرا مرهف المشاعر، کتب دیوانا شعریًّا متنوع الأغراض([7]). تلقى الإمام محمَّد علومه الأولى کالقراءة، والکتابة، ومبادئ الحساب على ید والده، وتعلم منه العادات العُمانیَّة الأصیلة، وظل ملازما له إلى أن انتقل عبد الله الخلیلی إلى رحمة الله فی جمادى الآخرة سنة 1332هـ/ أغسطس1914م([8])، وابنه محمَّد یبلغ من العمر 33عاما.

وأمَّا أحمد بن سعید بن خلفان، أصغر أبناء الشیخ سعید، فکانت اهتماماته فقهیة؛ فألف عددا من المنظومات الفقهیَّة فی السلوک، وله عدد من الأجوبة الفقهیَّة([9])، یقول عنه الخصیبی: «کان بحرا زاخرا فی العلم، علیه مدار الفتوى والقضاء فی وادی سمائل»([10]). وارتبط الإمام محمَّد الخلیلی بعمه أحمد بن سعید کثیرا؛ فتعلم على یدیه العلوم الدینیَّة، وکان کثیرا ما یحاور عمه ویناقشه فی عدد من المسائل الفقهیَّة، وخاصة تلک التی کانت محل خلاف بین العلماء. وکلل محمَّد محبته لعمه بأن تزوج من ابنته فاطمة. مات الشیخ أحمد بن سعید فی 11 ذی الحجة 1324هـ/ 26 ینایر 1907م، وکان مصابا بالصرع، ففاجأته إحدى النوبات، وهو فی فلج السمدی بسمائل فغرق فی الفلج([11]). ولم تکن شمساء بنت سعید أقل عن إخوتها من حیث اهتمامها بالعلوم الفقهیَّة، أو مشارکتها فی المیدان السیاسی؛ فکانت مرجعا للفتیا من الرجال والنساء، یطلبون رأیها الفقهی فی کثیر من المسائل.

عاش الإمام محمَّد فی کنف عائلة علمیة سیاسیَّة لها مکانتها الاجتماعیَّة. وأن یعیش إنسان فی کنف مثل هذه العائلة لمدعاة أن یعتزَّ بنسبه، ویکون نسبه حافزا له لأن یقتدی بهم، وأن یصبح فی مکانة علمیة واجتماعیَّة وسیاسیَّة لا تقلُّ عن باقی أفراد عائلته. لذا أصبح محمَّد بن عبد الله من الحریصین على طلب العلم. ومن أجل العلم سافر إلى شرقیَّة عُمان؛ لیتلقى العلم على ید کبیر علماء عُمان فی ذلک العصر، وهو الشیخ نور الدین السالمی. وهناک شمر الخلیلی عن ساعد الجد، وکان الطالب المجد، إذ تروى الکثیر من القصص التی تنم عن شغف الخلیلی بالعلم والمثابرة فی طلبه. وبعد وفاة والده الشیخ عبد الله الخلیلی، الذی کان یتزعم بنی رواحة، تقلد محمَّد مهام المشیخة خلفا له، وقاد بنی رواحة بفکر مختلف عن فکر والده. وحرص قدر الإمکان على السلام بین القبائل وعدم الدخول فی حروب لأسباب واهیة لا تستدعی الحرب، وکان کثیرا ما یسعى للصلح بین القبائل ولَـمِّ شملها([12]).

علاقته بوالدته شیخة بنت ناصر بنت عبد الله السعدیة:

اقترن والد الإمام الخلیلی عبد الله بن سعید بامرأة من عائلة ذات حسب ومکانة اجتماعیَّة، وعلى قدر من الثقافة والعلم، وهی شیخة بنت ناصر بن عبد الله السعدیة التی نشأت فی بیت جاه وعلم؛ فوالدها ناصر بن عبد الله السعدی من علیة قومه، وکان فقهیا یرجع إلیه الناس فی الفتوى، وحذا حذوَه ابنُهُ خلفان بن ناصر([13]). قال محمَّد بن عیسى الحارثی مادحا الإمام محمَّد وخاله خلفان بن ناصر:

وقــــــد تلقانـــــــــــا الإمام العادل

وفضلـــــــــــه على الرعایا شامل

أبو خلیـــــــل الولــــــــــــی العادل

بــــــــــــه أنارت للهـــــــدى معالم

والشیـــخ خلفان ترقــــــــــــى رتبا

خال الإمام الشهم تاج الأدبا([14])

عملت أم الإمام الخلیلی على تربیته فی نشأته الأولى تربیة دینیة، وأکسبته عددا من المهارات والسلوکیات التی تجعله فی مصافِّ الشباب المشهود لهم بالخلق، وحسن السلوک. إذ عُرِفَ عنه فیما بعد اهتمامه بمظهره، وحسن هندامه أمام الآخرین، وهذه السلوکیات التی تزرعها الأم فی شخصیَّة الابن، وتعززها فیه، تصبح بعد ذلک جزءًا من شخصیته.

ومن الأخلاق الحمیدة التی نجحت شیخة أم الإمام فی غرسها فی ولدها: الکرم، والإحساس بالآخرین، ومدُّ ید العون لهم، لاسیما فی أوقات الشدة. إذ کانت أمه من النساء المشهود لهن بالکرم؛ ففی فترة الحرب العالمیة الثانیة (1939م–1945م) عانى الکثیر من الناس من العوز والفقر لدرجة أن بعضهم کان لا یجد ما یأکله؛ فقررت أم الإمام أن یکون لها دور فی مساعدة المحتاجین من أهل بلدها؛ فأمرت خدمها أن یعدُّوا الطعام یومیا لکل من یحتاج له، فکانت تطعم فی الیوم الواحد أکثر من خمسین شخصا([15]). وقد أخذ الإمام الخلیلی عن والدته هذا الخُلق الحمید، فَعُرِفَ أنَّه کریم محبٌّ للعطاء.

ومن الخصال الحمیدة التی اکتسبها من والدته -أیضا- الصبر على الألم والمرض؛ إذ أصیب الإمام محمَّد بعدد من الأمراض؛ نظرا لحیاة التقشف التی عاشها بعد أن عُین إماما، وساهمت مهام الإمامة الکثیرة فی تعرُّضه لعدد من الوعکات الصحیَّة، وخلال هذه الوعکات تجلَّد وصبر؛ فهو لا یشتکی، ویداوی نفسه بنفسه. وقد یقول قائل: إن خصلة الصبر على الألم قد تکون صفة زرعها الإمام فی نفسه، ولکن من المعلوم أن المرأة لها قدرة أکبر على تحمل ألم المرض والعمل على مداواة وتطبیب نفسها.

وحین بلغ محمَّد مبلغ الرجال، أدرکته أمه، وهو یقف مع والده فی مصاف الرجال، ویساعده فی إدارة شؤون بنی رواحة، وبعد وفاة زوجها عبد الله بن سعید سنة (1332هـ/ 1912م)، أصبح ولدها محمَّد شیخ بنی رواحة، وشهدت أهم حدث فی حیاته، وهو تولیه منصب الإمامة، فکانت خیر مشجع له، فخورةً به وبإنجازاته، وظل الإمام یزورها خلال فترة تولیه للإمامة، وإن کانت زیارته معدودة بحکم التزامات المنصب، وبُعد عاصمة الإمامة نزوى عن سمائل، إذ ظلَّت شیخة تقطنها حتَّى بعد انتقال ولدها إلى نزوى([16]).

لم یتوقف دور أُمِّ الإمام شیخة عند تربیة أولادها الثلاثة، بل اعتنت بأحفادها، ولاسیما حفیدة ولدها الإمام محمَّد، بحکم أنَّها الحفیدة الأقرب إلیها؛ فحفیدتاها من ابنتیها کانتا فی القابل، أمَّا حفیدتها عائشة فعادت للسکن بالقرب منها لزواجها من أحد شیوخ بنی رواحة، وکثیرًا ما تلجأ إلى جدَّتها؛ لتساعدها ولتتلقَّى منها النصائح فیما یخص حیاتها الزوجیة؛ فهی بحاجة إلى من یقف بجانبها، ویمدُّها بالدعم المعنوی؛ لأنَّ أمها بعیدة عنها فی نزوى، فکانت جدتها شیخة هی سندها، وموجِّهتها، ومرشدتها فیما یتعلَّق بأمور الحمل، والولادة، وتربیة الأولاد([17]).

علاقة الإمام الخلیلی بأختیه:

أنجبت شیخة السعدیة من عبد الله بن سعید الخلیلی ولدا واحدا وهو محمَّد، الذی أصبح إمام عُمان فیما بعد، وابنتین اثنتین، وهما: الأولى عزَّة، والثانیة خدیجة، تزوجهما الشیخ عیسى بن صالح الحارثی([18]). تزوَّج عیسى بن صالح فی البدء عزَّة، ورزق منها أربع بنات، وبعد فترة من الزمن انتقلت عزَّة إلى جوار ربها؛ فتزوَّج شقیقتها الصغرى خدیجة؛ لتعینه على مهام الحیاة، وتربی معه بنات أختها([19]). قامت علاقة الإمام محمَّد بأختیه على المحبة والتراحم؛ فکان یزورهما کلَّما سنحت له الفرصة بذلک، وکان کثیر التقدیر للشیخ عیسى بن صالح([20]).

علاقة الإمام الخلیلی بعمته شمساء الخلیلیة:

ولدت شمساء فی بوشر حیث کان یقیم والدها قبل انتقاله إلى سمائل([21])؛ فکانت أولى تباشیر السعادة لأبویها فهی ابنتهما البکر. عاشت شمساء الخلیلیة فی بیت علم ودین، وتربت لتکون فتاة ذات أخلاق رفیعة وعلم نافع. وحین بلغت مبلغ الشباب اختار لها والدها سعید بن خلفان الإمام عزان بن قیس البوسعیدی؛ لیکون زوجا لها. ظلت شمساء مع الإمام عزان فی عیشة هنیة تنعم بالسعادة الزوجیَّة، وساندته فی قیام دولته، ودعَّمته مادیًّا ومعنویًّا، إلاَّ أن الأجل لم یمهل الإمام عزان فمات سنة (1287هـ/ 1871م). ظلت شمساء مخلصة ووفیة لزوجها بعد وفاته؛ فلم تقترن بغیره بالرغم من أنَّها ما زالت شابة فی مقتبل عمرها، ولم تنجب من الإمام عزان أولادا، وتقدَّم الکثیرون لخطبتها إلاَّ أنَّها ظلَّت مصرَّة على أن لا ترتبط بشخص آخر بعده، وکانت دائما تردِّد: «لا رجل بعد عزان». وعاشت بعد وفاة زوجها الإمام عزان ستًّا وستِّین سنة، عاشتها فی الإفتاء للنساء فیما یخصُّهنَّ، ولم تبخل أیضا على الرجال بعلمها؛ فکثیرا ما یقصدونها للفتوى أو للاستفسار عن موضوع فقهی معیَّن؛ فتجیب عن الأسئلة التی تردها([22]).

ولم یقتصر دورها فی مساندة زوجها الإمام عزان فی دولته وحسب، بل ساندت ابن أخیها الإمام محمَّد الذی دعَّمته بالمال فور تولِّیه الإمامة؛ فحین قرر الإمام محمَّد أن یبیع مزارعه فی سمائل، ویُدخل ریعها فی خزینة الدولة اشترت منه هذه المزارع؛ لتحقِّق بذلک هدفین: الأوَّل: دعم دولة الإمام بالمال، والهدف الثانی: أن تحافظ على مزارع ابن أخیها، وتظلَّ فی حیازة العائلة. انتقلت شمساء إلى رحمة الله سنة 1353هـ/ 1933م بعلایة سمائل([23]).

علاقة الإمام الخلیلی بزوجاته:

اختلف الرواة الذین عاصروا الإمام محمَّد الخلیلی فی عدد زوجاته، فالقاضی حمود بن عبد الله الراشدی والشیخ جابر بن علی المسکری یذکران أنَّ للإمام ثلاث زوجات. الزوجة الأولى هی عائشة بنت سعید بن عمیر الفرعیة، تزوجها قبل أن یتولى منصب الإمامة، وأنجب منها ابنة واحدة، وماتت الأم وابنتها فی حیاة الإمام. أمَّا الزوجة الثانیة فهی ابنة عمِّه فاطمة بنت أحمد بن سعید الخلیلیة([24])، وأنجب منها ابنة واحدة، وهی عائشة([25]). أمَّا الزوجة الثالثة فهی جوخة بنت سیف بن سلیمان الرواحیة، ولم تنجب للإمام أطفالا([26]). وفی الجانب الآخر، أکَّد الشیخ سعود بن علی الخلیلی، ابن أخی الإمام، وحلیمة الراشدیة، ابنة زمزم حفیدة الإمام محمَّد، أن الإمام تزوَّج زوجتین هما: فاطمة الخلیلیة، وجوخة الرواحیة([27]). وعند الاطلاع على وصیَّة الإمام محمَّد الخلیلی تبیَّن أن الإمام أوصى لزوجاته سواء من کانت على قید الحیاة أو ماتت فی حیاته، فزوجته فاطمة ماتت فی حیاته، وأوصى لها بکفَّارتین، وفی هذه الوصیَّة لا نجد أیَّ ذکر لعائشة بنت سعید الفرعیة؛ ممَّا یؤکد أنَّ الإمام لم تکن له زوجة بهذا الاسم.

عمل الإمام على العدالة بین زوجتیه؛ فخصَّص لکل واحدة منهما مکانًا خاصًّا بها للإقامة فی حصن نزوى. فابنة عمِّه فاطمة، تقیم فی البیت الغربی فی حصن نزوى. وأمَّا جوخة الرواحیة، فتقیم فی جناح خاصٍّ بها فی ساحة الحصن([28]). وجعل الإمام لکلٍّ منهما یوما، ووفَّر المستلزمات المعیشیَّة، وکلَّ ما تحتاجه أیٌّ منهما على قدر المساواة دون تمییز. وکان الإمام زوجا طیِّبَ المعاشرة، لم یعرف عنه أنَّه رفع صوته على زوجتیه، أو أنَّه أهان أیًّا منهما أو ضربها([29]). وقد شغلت مهامُّ الإمامة الإمام کثیرا عن الحیاة الزوجیَّة؛ ویتسنَّى لنا التحقُّق من ذلک من خلال دراسة الجدول الزمنیِّ لأعمال الإمام خلال الیوم الواحد. فالدارس لهذا الجدول یجد أنَّ الإمام لم تکن له فرص کثیرة للالتقاء بزوجتیه؛ نتیجة اشتغاله طوال الیوم، إمَّا بمهامِّ الإمامة أو التعلیم أو العبادة؛ فهو یبدأ یومه بعد صلاة الفجر التی یصلِّیها إماما بالناس، ثمَّ یقرأ القرآن، وبعدها یتناول وجبة الإفطار مع الحاضرین معه، وهی عبارة عن تمر وقهوة، ثمَّ یدخل إلى بیته بحصن نزوى؛ حتَّى یرتاح لفترة قصیرة، ثمَّ یعود لمجلسه لیباشر عمله فی تصریف أمور الدولة، ویظلُّ فی مجلسه هذا إلى وقت صلاة الظهر. وفی فصل الصیف یدخل الإمام إلى البیت قبل صلاة الظهر بنصف ساعة لیرتاح قلیلا، ثمَّ یخرج لیصلی بالناس جماعة، ثمَّ یتناول وجبة الغداء مع الموجودین بالحصن. وبعد الغداء یتابع الإمام تصریف أمور دولته إلى صلاة العصر، وبعد أن یصلِّی بالناس یتناول معهم التمر والقهوة، وعقب صلاة المغرب یجلس مع طلبة العلم لمناقشتهم فی القضایا الفقهیَّة إلى وقت صلاة العشاء، ثمَّ یعود إلى بیته بالحصن؛ لیتناول وجبة العشاء مع أسرته([30]).

ومن خلال دراسة هذا الجدول الیومی یتبین أن الإمام قد قسم وقته بین تصریف أمور دولته ومتابعة شؤون الرعیة، والقیام بمهمة التعلیم ومتابعة طلبة العلم فی المدرسة التی أنشأها فی حصن نزوى، وبین الإفتاء للناس بحکم أنَّه کان عالما وفقیها. یعمل الإمام بهذا الجدول فی الأیام التی یقضیها فی حصن نزوى، وأمَّا فی أثناء جولاته بین الولایات فالأمر مختلف. فیوم الإمام کان مزدحما بالأعمال الکثیرة؛ لذا فهو قلیل الجلوس مع أسرته، حتَّى فی الفترة المسائیة التی کان من الممکن أن تخصَّص للأسرة کان الإمام یقضی جزءا منها فی الصلاة، والعبادة، وقیام اللیل.

أدرکت الزوجتان حجم الأعباء الملقاة على کاهل زوجهما، فعملتا على مساعدته فی بعض مهامِّه، وعلى وجه الخصوص مهمَّة متابعة شؤون الطلبة الصغار فی العمر، من حیث تغذیتهم ومتابعة ما قد یحتاجونه من متطلَّبات الحیاة، وکانتا حریصتین على أن یتعاملن مع الطلبة کأبنائهنَّ([31]).

عاشت فاطمة الخلیلیة وجوخة الرواحیة مع زوجهما عیشة هنیة وفی رغد من العیش قبل تولِّیه الإمامة، ولکن بعد أن تولَّى منصب الإمامة سلک فی حیاته مسلک الزهد والتقشُّف فی العیش، اقتداءً بالخلفاء الراشدین عامَّة، وبسیِّدنا عمر بن الخطَّاب على وجه الخصوص. لم یُلزم الإمام نفسه بهذا المسلک من المعیشة فحسب، بل فرضه على أهل بیته. ومن الروایات التی تروى عنه فی أثناء الحرب العالمیة الثانیة، حین تعذر الحصول على الأرز الذی کان یجلب من باکستان، وصار سلعة نادرة غالیة الثمن، وأصبح التمر والأسماک المجفَّفة هما الوجبة الرئیسة لأکثر الناس؛ فتعایش الإمام مع هذا الوضع الجدید، فأصبح لا یأکل إلاَّ ما یأکله شعبه، وهو التمر والسمک المجفَّف. ولاحظت زوجته فاطمة أنَّ الإمام فقد الکثیر من وزنه، وتأثرت بذلک صحَّته؛ فادَّخرت من مالها الخاصِّ قیمة کیس من الأرز، حتَّى یأکل منه الإمام وأهل بیتها. وحین توفَّر لدیها قیمة الأرز اشترته، ومن فرط سعادتها بذلک قرَّرت طبخه بنفسها لوجبة الغداء، وتوقَّعت أنَّ الإمام سیفرح کثیرا لفعلها هذا، إلاَّ أنَّ الإمام حین رأى الأرز سألها عن مصدره؛ فأجابته بأنَّها اشترته من مالها الخاصِّ، فلم یستحسن هذا التصرُّف، إلاَّ أنَّه لم یغضب؛ لأنَّه یدرک أنَّ الدافع وراءه حبُّ زوجته له، فأکل من الأرز، ثمَّ شرح لها وجهة نظره فی أنَّه لا یحبُّ أن یُخصَّ بطعام معیَّن، بینما باقی شعبه لا یجده، وأوضح لها أنَّه یحبُّ أن یتساوى معهم، ویحیا مثل حیاتهم، ویأکل ما یأکلون([32]).

علاقة الإمام الخلیلی بابنته عائشة:

لم یرزق الإمام الخلیلی من الذرِّیَّة إلاَّ ابنة واحدة، من ابنة عمه فاطمة بنت أحمد بن سعید الخلیلیة. أطلق الإمام على ابنته اسم عائشة، وأسبغ علیها الکثیر من الحبِّ والحنان، وربَّاها تربیة قائمة على مبدأ تعلیمها شؤون دینها وحیاتها، وألاَّ یقسوا علیها، بل یعطف علیها ویرعاها. وحین أصبحت عائشة شابَّة صغیرة، تقدَّم لخطبتها أحد أعیان سمائل، وهو أحمد بن حامد الراشدی، وافق الإمام على هذا الزواج، مع أنَّه یعنی انتقال ابنته بعیدًا عنه؛ فالإمام یقطن نزوى، بینما فلذة کبده الوحیدة ستسافر إلى عشِّ الزوجیة فی سمائل، وسیصبح من الصعوبة بمکان أن یراها دائما. لم یحاول الإمام أن یفرض على زوج ابنته نمط معیشة معیَّنا أو أن یتدخَّل فی شؤون حیاتها الزوجیَّة.

عاشت عائشة مع زوجها أحمد فی سمائل، وأنجبت منه ولدا وبنتا، وهما: یوسف وزمزم، إلاَّ أن الأجل لم یمهل یوسف؛ فمات وهو لا یتجاوز العاشرة من عمره، وأمَّا زمزم فبقیت تعیش فی کنف والدیها إلى أن انفصلا. لم تکن الحیاة الزوجیة بین عائشة وزوجها مستقرَّة، بل کانت دائمة الاضطراب؛ لأنَّ زوجها متزوِّج بأخرى، ممَّا یعنی الکثیر من المشکلات بین الأطراف الثلاثة. هذا عدا أنَّ زوجها یتعامل معها بغلظة لفظیَّة فی الکثیر من المواقف، وکانت هی لا تتحمَّل منه مثل هذه التصرُّفات؛ لأنَّها لم تألف هذا النوع من التعامل؛ لذا ترکت بیت الزوجیَّة، وعادت إلى والدها فی نزوى([33]).

ومع ذلک لم یحاول الإمام أن یفرض سلطته على زوج ابنته أحمد بن حامد الراشدی، أو أن یطلب منه مراضاتها، أو أن تعیش طریقة الحیاة نفسها التی کانت تعیشها قبل الزواج، بل ترک الأمر بین الزوجین؛ لیحلاَّ مشاکلهما الزوجیَّة. حاول أحمد الراشدی مراضاة زوجته عائشة؛ فاتَّفق معها على أن یبنی لها بیتا خاصًّا بها، فبنى لها بیتا سُمِّیَ بـ«بیت البستان»، فوافقت عائشة على العودة مع زوجها. وبعد فترة عادت المشکلات لتجد طریقها بین الزوجین، فترکت «بیت البستان» وعادت إلى أبیها مجدَّدًا. سافر أحمد الراشدی إلى نزوى لمراضاتها وإقناعها بالعودة معه إلى سمائل، ولکنَّها رفضت طلبه هذه المرَّة؛ بحجَّة أنَّها مریضة، وغیر قادرة على القیام بمهامِّها الزوجیَّة، حتَّى فی هذه المرَّة لم یحاول الإمام التَّدخُّل بین الزوجین، بل ترک لابنته حرِّیَّة تحدید مصیرها مع زوجها، وتحدید نوعیَّة الحیاة التی تریدها معه([34]).

لم یُقَدَّر لعائشة أن تعیش طویلا، فقد انتقلت إلى رحمة الله، وهی لم تزل شابَّة. حزن الإمام محمَّد کثیرا على فقد ابنته الوحیدة، التی فارقت الدنیا، وهی فی ریعان شبابها، إلاَّ أنَّه تجلَّد وصبر، ولم یُظهر حزنه علیها. فبعد أن دفنت عائشة أعطى لمن دفنها وحفر قبرها خمسة قروش، وأعلن للجمیع أن یعودوا إلى مهامِّهم الیومیَّة، وأنَّه لا یوجد عزاء، ومنع النساء من القدوم للحصن من أجل تقدیم العزاء لنسائه([35]). ویتضح من هذا الموقف مدى حزن الإمام، وأنَّه من نوعیَّة الأشخاص الذین یشعرون بمصیبة الفقد، ولکنَّه فی الوقت نفسه ممَّن لا یحبُّون إظهار عواطفهم أمام الآخرین؛ لذا شغل الإمام تفکیره بمهامِّه الکثیرة إماما ومعلِّما.

علاقة الإمام الخلیلی بحفیدته زمزم الراشدیة:

اهتمَّ الإمام بالحفیدة الوحیدة التی منَّ الله بها علیه؛ لأنَّها کانت تضفی على حیاته بهجة وجمالا بروحها الطفولیَّة، وهی الذکرى الباقیة له من ابنته عائشة التی ماتت، وابنتها لم تزل طفلة لم تتجاوز السابعة من العمر. کان الإمام یطلب من والد زمزم أن یسمح لها بزیارته والمکوث معه فی نزوى بین الفینة والأخرى. وخلال فترة وجود زمزم فی حضرة الإمام وضیافته، کان الإمام یلاعبها، ویدخل الغبطة والسرور إلى قلبها الصغیر عن طریق الهدایا والحلویات التی یسعد بها الأطفال من عمرها، وفی أثناء تناوله الغداء کان ینادیها لتأکل معه، ویستأنس بقربها، ویتذکَّر من خلالها ابنته الوحیدة عائشة. ظلَّ الإمام متعلِّقا بحفیدته الوحیدة، حریصا على أن یغمرها بعطفه وحنانه حتَّى انتقل إلى رحمة الله، وکانت زمزم قد بلغت الخامسة عشرة من العمر؛ فحزنت لفراق جدِّها الإمام الذی کان یغمرها بالعطف والحنان عوضا عن أمِّها المتوفَّاة؛ فترجمت حزنها إلى نوع من البرِّ إلیه؛ فکانت تزور قبره فی نزوى کلَّ جمعة، وتقرأ القرآن على روحه إلى أن توفَّاها الله عام 2002م([36]).

عدالة الإمام الخلیلی مع نساء أسرته فی وصیَّته:

کان الصبر والتجلُّد أهمَّ صفات الإمام، فلم یکن من الأشخاص الذین یُظهرون الضعف؛ فحین أُصیب بالملاریا رفض العلاج، وظلَّ یعالج نفسه عن طریق الأدویة التی کان یصنعها بنفسه. وعانى فترة من الزمن من التهاب العیون؛ ممَّا أثر کثیرا فی بصره([37]). وفی عام (1370هـ/1950م) تدهورت حالته الصحیَّة؛ ممَّا أثَّر فی قدرته على ممارسة مهامِّ الإمامة، وظلَّ صابرا متجلِّدا، یعالج نفسه بنفسه، وتماثل للشفاء فی النصف الأخیر من السنة نفسها. وفی الأیَّام الأخیرة من شهر إبریل من سنة 1954م تدهورت صحَّته مجدَّدًا؛ فظلَّ طریح الفراش حتَّى وافته المنیَّة فی 7 ربیع الآخر 1373هـ/ 2 مایو 1954م([38]).

أمر الإمام الخلیلی - وهو على فراش الموت - أن یحضر کاتبه لیکتب عنه وصیَّته، التی تضمَّنت الأمور المالیَّة فیما یتعلَّق بمراسم دفنه، وما یرجوه أن یدفع عنه من ماله من کفَّارات. وفی هذه الوصیَّة لم ینس الإمام الخلیلی نساء عائلته: زوجاته، وابنته، واللائی لا یرثنه من نساء العائلة، وخادمة البیت؛ فأوصى لکلِّ واحدة منهنَّ مبلغا من المال. فکانت وصیَّته کالآتی: أوصى عن زوجته فاطمة، وابنته عائشة کفَّارات تدفع عنهما. أمَّا زوجته جوخة الرواحیة، فأوصى لها مبلغا من المال کان لها، وقدره 200 قرش فضَّة، وأن تأخذ معها بعد وفاته کلَّ ما اشترته لمنزل الزوجیَّة من أوانٍ ومعدَّات طبخ. أمَّا خادمته التی خدمت أسرته بإخلاص وتفان رخیوة بنت صروخ فأوصى لها بعشرة قروش فضَّة، وأوصى لنساء عائلته ممَّن لا یرثنه لکلِّ واحدة منهنَّ مبلغا من المال.

وهذا نصُّ الوصیَّة: «[...] وأوصى بعشرین قرشا فضَّة لأقاربه الذین لا یرثون شیئا من ماله، وأوصى بکفَّارتین للصلاة، کلُّ کفَّارة منها إطعام ستِّین مسکینا، والنظر فی الإطعام لنافذ الوصیَّة، حوطة عمَّا أوصت به أهله بنت أحمد، وأوصى بکفَّارتین للصلاة، کلُّ کفَّارة إطعام ستِّین مسکینا، حوطة عمَّا أوصت به ابنته عائشة، [...] وأوصى أنَّ أهله بنت سیف بن سلیمان إن ادَّعت شیئا من الأوانی فهی مصدَّقة فی ذلک، وأوصى لها بـ 200 قرش فضَّة عن ضمان علیه لها، وأوصى للخادمة رخیوة بن صروخ بـ 10 قروش فضَّة»([39]). ومن هنا یتَّضح لنا عمق المشاعر النبیلة التی یحملها الإمام الخلیلی لنساء عائلته، ومدى محبَّته لزوجته فاطمة؛ فهو لم ینسها فی وصیَّته، على الرغم من وفاتها قبله، ولم ینس الإمام خادمته ونساء العائلة ممَّن لا یرثنه؛ وهذا یدلُّ على تقدیر الإمام الخلیلی للمرأة، وإدراک دورها فی حیاته، وتقدیره لمساعدتها ووقوفها إلى جانبه.

علاقة الإمام محمَّد بن عبد الله بالنساء فی دولته:

راعى الإمام الخلیلی حقَّ المرأة فی دولته، وسعى لحفظ حقوقها، فکان الإمام یسمح للمرأة بمقابلته والتحاور معه. وفی أثناء زیارته للمدن العُمانیَّة الواقعة تحت حکمه، کان یحرص على مقابلة نساء المدینة، ویتباحث معهنَّ ما یتعلَّق بأمور معیشتهنَّ، ویستطلع منهنَّ أحوال المنطقة. ومن الأمثلة على ذلک، حین مرَّ الإمام بسناو فی إحدى جولاته، طلبت إحدى النساء «الصوَّافیات» مقابلته؛ لتخبره أنَّها ترید أن تتشفع فی أرض، فوافق الإمام على طلبها، وکتب لها ورقة بذلک([40]). وکانت نساء بدیَّة من أحرص النساء على مقابلة الإمام والترحیب به؛ فحین ینزل فی بدیَّة سعى عدد کبیر منهنَّ إلى مقابلته. وفی إحدى لقاءات الإمام بنساء هذه المدینة، عرضت علیه إحدى النساء أن تدفع کلَّ ما تملکه من ذهب لخزینة الدولة؛ متعلِّلة بأنَّها لا تجد ما تزکِّی به ذلک الذهب([41]). واعتادت عدد من نساء سمائل على السلام على الإمام ومناقشته فی عدد من المسائل الفقهیَّة. ومن بین النساء الأکثر حرصا على مقابلة الإمام کلَّما زار سمائل امرأتان: إحداهما هاشمیَّة، والأخرى نبهانیة، عرف عنهما أنَّها ذات مال، وقامتا ببناء مسجد خصَّصنه للتعبُّد، وکانتا کلَّما التقتا بالإمام عرضن علیه عددا من المسائل الفقهیَّة، وتباحثن معه بشأنها([42]).

اهتمَّ الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی بالعلم ونشره؛ قدوته فی ذلک أستاذه الإمام نور الدین عبد الله بن حمید السالمی، الذی أنشأ مدرسة تخرج فیها الکثیر من العلماء والفقهاء منهم الإمام الخلیلی نفسه، إضافة إلى الإمام سالم بن راشد الخروصی؛ لذلک حمَّل الإمام محمَّد نفسه مسؤولیَّة مواصلة مسیرة أستاذه التعلیمیَّة؛ فأنشأ مدرسة فی حصن نزوى، مقرِّ حکمه، کانت عامرة بطلاَّب العلم، ولم یقف الإمام محمَّد عند هذا الحدِّ، بل خصَّص بحصن نزوى غرفة لتعلیم النساء العلوم الدینیَّة، وأطلق على هذه الغرفة اسم «غرفة فاطمة» وجعل علیها معلِّمة تعلِّم النساء، وهی زهرة بنت شامس بن محمَّد بن خمیس السیفیة([43]). وکان الإمام یفتی للنساء ویردُّ على أسئلتهنَّ الفقهیَّة، وکانت تصله رسائل من الناس تتعلَّق بطلب فتوى فیما یختصُّ بأمور النساء، وکان یحرص على الإجابة علیها([44]). ومن غیر المستبعد أن یرجع الإمام إلى نسائه، ویستشیرهنَّ فی بعض المسائل الفقهیَّة التی تخصُّ بنات جنسهنَّ.

تابع الإمام شؤون النساء فی المناطق التی یحکمها، فکان یکتب العهود لولاته وقضاته، والدارس لهذه العهود کثیرا ما یجد فیها جزئیَّة خاصَّة بالنساء ومتابعة أمورهنَّ، ولاسیما المرأة التی لا تجد من یعیلها. ومن الأمثلة على ذلک ما کتبه الإمام فی عهده لمحمَّد بن عبد الله السالمی حین عینه والیا على دیار المعاول وبلدة نخل إذ کتب له فی العهد: «[...] وتطلیق من أبى واستکبر الإنفاق على زوجته إن طلبت هی الطلاق، وکذا إن غاب زوجها، بحیث لا تناله الحجَّة، ولم یترک لها نفقة ولا مالا تنفق منه، وأرادت الطلاق، وأن یزوِّج من لیس لها ولیٌّ بالمصر من النساء، ممَّن رضیته زوجا، وکان کفؤًا»([45]). وورد فی العهد الذی کتبه الإمام محمَّد بن عبد الله لسعود بن حمید بن خلیفین الذی عیَّنه قاضیا على المضیبی وسناو: «[...] وتزویج من لا ولیَّ لها فی المصر، وتطلیق من عجز زوجها عن نفقتها، کلُّ ذلک على وفق ما یقتضیه الحکم ویجیزه العلماء»([46]).

ویتَّضح من خلال هذین العهدین کیف أن شؤون المرأة کانت من أولى اهتمامات الإمام محمَّد، ومن أولى المهامِّ التی یطلب من والیه أن یتابعها. وتشمل مهامُّ الوالی المتعلِّقة بشؤون المرأة:

تطلیق کلِّ امرأة رفعت موضوعها إلى القضاء بخصوص عدم نفقة زوجها علیها، وطلبت هی الطلاق.

یکون الوالی وکیلا للمرأة التی لیس لها ولی أمر.

یحقُّ للوالی أن یطلِّق المرأة من زوجها الغائب عنها والذی لم یَرِد أیُّ خبر عنه وعن بقائه على قید الحیاة؛ فیقوم الوالی بتطلیق الزوجة فی حال طلبت هی منه ذلک، ویبیع ماله؛ لیتمَّ الإنفاق علیها من ذلک المال. وهنا یقع على عاتق الوالی أن یکون کفیلا لها فی عقد الزواج إن أرادت الزواج مرَّة أخرى.

ولهذه المهامِّ التی یقوم بها الوالی تجاه المرأة أبعاد اجتماعیَّة أخرى إذ یکون الوالی على اطِّلاع بالنساء اللاتی یحتجن إلى متابعة من قبله؛ لانعدام من یقوم برعایتهنَّ أو الإنفاق علیهنَّ.

وامتازت شخصیَّة الإمام بالسماحة والرفق فی تعامله مع النساء، فلم یکن شدید المراس أو ذا غلظة فی التعامل معهنَّ، بل راعى نفسیَّة المرأة، فلا یعمد إلى إحراجها أو القسوة فی التعامل معها. ومن المواقف التی تذکر للإمام فی هذا الشأن حین تمدُّ النساء أیدیهنَّ لمصافحة الإمام لم یکن یغضب منهنَّ أو یُسمعهنَّ ما لا یسرُّهنَّ، بل یطلب منهنَّ برفق أن یغطِّین أیدیهنَّ بجزء من غطاء رأسهنَّ - الذی یعرف محلِّیا باسم «اللیسو»- ومن ثَمَّ یصافحهنَّ بوجه مبتسم. وإذا ما خاطبته إحدى النساء وقد ظهر شیء من شعرها، فإنَّه یشیر إلیه بعصاه لتنبیهها إلى تغطیة شعرها دون أن یتکلَّم إطلاقا([47]).

وکان الإمام محمَّد بن عبد الله أیضا مقدِّرا لعالمات عصره، أو ممَّن لهنَّ دور ثقافیٌّ أو اجتماعیٌّ. ومن هؤلاء النساء نضیرة بنت العبد بن سرور الریامیَّة، المولودة بنزوى، وحین بلغت مرحلة الصبا والشباب تزوَّجت وانتقلت لتعیش مع زوجها فی قریة معمد بولایة منح. وکان لنضیرة دور ثقافیٌّ فی مجتمعها الجدید بمعمد؛ إذ بنت مصلًّى للنساء، وعزَّزته بأماکن للوضوء، کما بنت «مجازة» بالقرب من أماکن الوضوء؛ حتَّى تغتسل فیها المرأة قبل ولوجها إلى المصلى لتدخل وهی طاهرة. ولنضیرة دور عمرانی آخر، إذ أسهمت فی إصلاح مساجد منطقتها، وأنفقت علیها من مالها الخاصِّ. وفی الجانب التثقیفیِّ، عقدت حلقات دراسیَّة للنساء لتعلیمهنَّ شؤون دینهن َّومناقشة أمور الحیاة والثقافة معهنَّ([48]).

وتقدیرًا لدورها ومکانتها العلمیَّة والمجتمعیَّة، حرص الإمام سالم بن راشد الخروصی على زیارة نضیرة الریامیة والالتقاء بها فی بیتها عند زیارته لمنح. واستقبلت نضیرة الریامیة الإمام سالم بحفاوة وترحاب، وسلَّمته قصیدة شعریَّة من إعدادها تهنِّئه من خلالها بالإمامة، وتشید بإنجازاته. وحین بلغ نضیرة خبر مقتل الإمام سالم بن راشد کتبت قصیدة فی رثائه، إذ لقی الإمام حتفه بعد خروجه من منح على ید أحد البدو الذی أطلق علیه رصاصة وهو فی معسکره مع مرافقیه فی خضراء بنی دفاع. وحین تولَّى الإمام الخلیلی شؤون الإمامة خلفا للإمام سالم الخروصی کتبت نضیرة قصائد فی مدحه والإشادة بدوره السیاسیِّ والثقافیِّ([49]).

انتقلت نضیرة إلى جوار ربِّها بعد أن بلغت مرحلة متقدِّمة من العمر؛ فحزن أهل قریة معمد على فراق هذه المرأة المفعمة بالنشاط والحیویَّة، تلک المرأة التی جاءت بلادهم، وهی عروس شابَّة صغیرة؛ فنجحت فی فرض شخصیَّتها وحضورها من خلال عملها الإنسانیِّ. کتب أهالی معمد رسالة إلى الإمام محمَّد لإعلامه بوفاتها، معبِّرین فیها عن حزنهم العمیق على فراق نضیرة ذات الید البیضاء، فردَّ الإمام على رسالتهم برسالة مواساة وتعزیة کتب فیها: «من إمام المسلمین [...] وکتابکم وصلنی بموت نضیرة، ولقد قدمت إلى ربٍّ کریم رحیم، نسأل الله أن یتجاوز عن سیِّئاتها، ویتغمَّدها بواسع رحمته، ویسکنها فسیح جنَّاته، ویجعلها من الأبرار فی دار القرار»([50]).

ومن النساء اللاتی عملن على خدمة مجتمعهنَّ خدیجة بنت زهران بن زاهر بن عمر الصباحیة التی عاشت فی فترة حکم الإمام محمَّد الخلیلی، وتعلَّمت القرآن والفقه. شمَّرت خدیجة الصباحیَّة عن ساعد الجدِّ، فعلَّمت نساء نزوى العلوم الدینیَّة، وکانت تفتی النساء، وتستشیر فیما أشکل علیها الفقیه سالم بن سیف البوسعیدی([51]).

ومن النساء - کذلک – ممَّن کان لهنَّ دور ثقافیٌّ واجتماعیٌّ فی عهد الإمام محمَّد الخلیلی، منیرة بنت سلیمان بن عامر البطرانیَّة (ت: 1385هـ/ 1965م). کانت منیرة تستفتی الإمام الخلیلی وتناقشه فی المسائل الفقهیَّة، وتزور حصن نزوى أیَّام الأعیاد للسلام على الإمام وعائلته، وتهنئتهم بالعید، وتهدی الإمام وعائلته أصنافا شتَّى من أطباق اللحم([52]). واسهمت منیرة إسهامات عدَّة فی تطویر نزوى، وخدمة مجتمعها ثقافیًّا وصحیًّا، وهما الرکیزتان الأساسیَّتان لکلِّ مجتمع. ففی مجال التعلیم ونشره ومحو الأمِّـیَّة عن نساء نزوى وأطفالها، عَیّنَتْ معلِّمة، وبراتب تدفعه من مالها الخاصِّ، لتدریس النساء والأطفال القرآن والعلوم الدینیَّة. وکانت تشتری الکتب لتوزیعها على الطلاَّب مجَّانا. مع حرصها فی نهایة کلِّ عام على إدخال الفرح والسرور على المتعلِّمین والمتعلِّمات من خلال تکریمهم بمبلغ مالیٍّ؛ تشجیعا لهم على مواصلة حفظ کتاب الله. وفی الجانب الصحِّیِّ استأجرت رجلا مختصًّا فی الطبِّ الشعبیِّ، لیداوی أبناء مجتمعها من الأمراض المنتشرة، خصوصا أمراض العیون.

وأحسنت منیرة البطرانیة إلى کلِّ فقیر وطفل فی منطقة «عقر نزوى» عن طریق توزیع المال علیهم بین الفترة والأخرى، وأوصت أن یوزَّع مالها بعد وفاتها على فقراء نزوى ومساجدها، وأوصت -أیضا- ببناء مساجد للعُبَّاد فی منطقة «الغنتق» بنزوى، وترمیم المساجد القائمة سابقا فی المنطقة، وتقدیم وجبة إفطار الصائمین فی عدد من مساجد نزوى، وأوصت بمزرعتها وثلاثة «آثار» ماء تقسَّم لمنفعة الناس فی کلٍّ من العقر وسعال وخراسین وحارة الوادی- وهی کلُّها من ضواحی مدینة نزوى وحاراتها([53])

خاتمة:

یتَّضح من خلال الدراسة أنَّ لأسرة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی دورا کبیرا فی إعداده قائدا غُرس فی شخصیَّته حبُّ اکتساب العلم، والمثابرة، والاهتمام بالمرأة، وتقدیر مکانتها المجتمعیَّة. فقد شکَّلت والدته الکثیر من ملامح شخصیَّته؛ لأنَّها امرأة قویَّة الشخصیَّة وکریمة؛ فعزَّز ذلک من ثقة الإمام بنفسه، واهتمامه بهندامه ومظهره، فلا یُرى إلاَّ وهو فی لباس نظیف وهیئة بهیَّة. وأخذ الإمام محمَّد عن والدته الکرم، وحبَّ العطاء، والمصابرة على المرض، وتحمُّل الآلام؛ فاتَّصف الإمام بالصبر، والتجلُّد، وعدم إظهار حزنه أو إحساسه بالمرض أمام الآخرین؛ فحین فقد ابنته الوحیدة عائشة لم یُقم لها عزاءً، ومنع النساء من القیام بالعزاء، وشغل الإمام وقته بمهامِّ الإمامة وأعمالها الیومیَّة؛ حتَّى یتناسى حزنه العمیق على فقد ابنته.

وتعامل الإمام بلطف مع المرأة، وراعى نفسیَّتها؛ فلا یوجد أیُّ أثر أو روایة تشیر إلى أنَّه کان یتعامل بعنف مع نساء عائلته، أو مع أیِّ امرأة أخرى من نساء المجتمع، بل کان هادئ الطبع مع الجمیع، یتکلَّم بصوت هادئ متَّـزن. وقد سعى الإمام أن یکون لزوجاته دَوْرٌ فی العملیَّة التعلیمیَّة؛ فأوکل لهنَّ مهمَّة الاهتمام بالأطفال الصغار من طلاَّب العلم، ومتابعة احتیاجاتهم الیومیَّة، وعملت زوجتاه على تثقیف نساء نزوى وتعلیمهنَّ الجوانب الفقهیَّة الخاصَّة بالمرأة وشؤون الأسرة.

وکان الإمام محمَّد لا یحتجب عن النساء، بل یتیح لهنَّ الفرصة للقائه، ومناقشته سواء فی الأمور الفقهیَّة أم فیما یتعلَّق بشؤون حیاتهنَّ. وکانت النساء بدورهنَّ یحرصن على السلام على الإمام والترحیب به أو تهنئته بالأعیاد والمناسبات السعیدة. وقد ترتَّب على احترام الإمام محمَّد الخلیلی للمرأة ظهور عدد من النساء الفقیهات فی عصره، وأدرکت نساء المجتمع أهمِّـیَّة أن یکون لهنَّ دور فی خدمة المجتمع، وتثقیف بنات جنسهنَّ.

([1]) الخلیلی، سعود بن علی: کلمة صفحات من تاریخ عمان، ط2، دار أبعاد، بیروت: 2015م.

([2]) السالمی، محمَّد بن عبد الله: نهضة الأعیان بحریة أهل عمان، دار الکتاب العربی، القاهرة: 1985، ص309.

([3]) السالمی، عبد الله بن حمید: تحفة الأعیان بسیرة أهل عمان، مکتبة الإمام نور الدین السالمی، السیب: 2000، ص253؛ البطاشی، سیف بن حمود: إتحاف الأعیان فی تاریخ بعض علماء عمان، ط1، ج1، مسقط: 1994م، ص322 وما بعدها.

([4]) السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص312؛ الراشدی، مبارک بن عبد الله: الشیخ العلاَّمة سعید بن خلفان الخلیلی وفکره، ط1، 2001، ص9-10؛ الهاشمی، مبارک بن سیف: سمائل ومکانتها الثقافیة والاجتماعیَّة فی التاریخ القدیم والمعاصر، بحث مقدم لندوة سمائل عبر التاریخ، ط1، المنتدى الأدبی، مسقط: 2008، ص128.

([5]) السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص312. الراشدی، مبارک: الشیخ سعید بن خلفان وفکره، ص23.

([6])         السالمی، عبد الله: تحفة الأعیان، ص296. السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص317؛ غباش، حسین عبید: عمان الدیمقراطیة الإسلامیَّة تقالید الإمامة والتاریخ السیاسی الحدیث (1500م- 1970م)، ط1، دار الجدید، 1997م، ص232.

([7])         فقد هذا الدیوان، ویقال: إن الإمام محمَّد هو من مزَّقه. بقی منه مجموعة من القصائد یتداولها الناس حفظا، أوردها الخصیبی فی کتابه شقائق النعمان، للمزید حول شعر عبد الله بن سعید الخلیلی ینظر: الخصیبی، محمَّد بن راشد: شقائق النعمان على سموط الجمان، ط3، وزارة التراث القومی والثقافة، مسقط، 1994، ج2، ص243- 252.

([8])         المرجع نفسه، ص252.

([9])         المرجع نفسه، ج3، ص146- 147؛ السلیمی، محمود بن مبارک. مکانة سمائل الفکریة والأدبیة، بحث مقدم لندوة المنتدى الأدبی بعنوان سمائل عبر التاریخ، ط1، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2008م، ص81.

([10])      الخصیبی: شقائق، ج3، ص146.

([11])      المرجع نفسه، ج3، ص147.

([12])     السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص309.

([13])     الراشدی، حمود بن عبد الله: السیرة الذاتیة للإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، بحث مقدم لندوة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی ودوره الحضاری والعلمی فی عمان، ص3؛ مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م.

([14])     الراشدی، حمود بن عبد الله: المرجع نفسه، ص3.

([15])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م.

([16])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/2016م.

([17])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/2016م.

([18])     تولى الشیخ عیسى بن صالح زعامة الحرث بعد وفاة والده صالح بن علی الحارثی. للشیخ عیسى عدد من المؤلفات، منها: الرد العزیز على أحکام الدریز، رسالة فی منع الإسقاط بالحوائج، وله مجلد ضخم یضم أجوبة فقهیة. مات الشیخ عیسى 1365هـ ودفن بالقابل. السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص75- 76.

([19])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/ 2016م.

([20])     السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص330.

([21])     الشیبانی، سلطان بن مبارک: معجم النساء العمانیات، ط1، مکتبة الجیل الواعد، مسقط، 2004م، القسم الأول، ص91.

([22])     الشیبانی: المرجع نفسه، ص92.

([23])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م.

([24])     یذکر سعید بن حمد الحارثی أن زوجة الإمام وابنة عمه تسمى ثریا ولیست فاطمة، وتأکد لنا من خلال مقابلة الشیخ سعود بن علی الخلیلی وحلیمة الراشدیة أن اسمها فاطمة ولیس ثریا. الحارثی، سعید بن حمد بن سلیمان: اللؤلؤ الرطب فی إبراز مستودعات القلب، دون بیانات للکتاب، ص161.

([25])     یذکر القاضی حمود الراشدی أن فاطمة أنجبت ابنتین، إلاَّ أنَّه مع البحث فی الموضوع تأکد للباحثة أن فاطمة أنجبت ابنة واحدة فقط وهی عائشة. ینظر: الراشدی، حمود: السیرة الذاتیة للإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، ص5.

([26])     المرجع نفسه، ص5.

([27])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/2016م؛ مقابلة مع حلیمة بنت هلال الراشدیة بتاریخ 24/ 12/ 2015م.

([28])     الراشدی، حمود: السیرة الذاتیة للإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، ص5.

([29])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م.

([30])     السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص325- 326.

([31]) مقابلة مع القاضی حمود الراشدی بتاریخ 5/ 2/ 2016م.

([32])     الحارثی، سعید: اللؤلؤ الرطب، ص161- 162.

([33])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م.

([34])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/ 2/ 2016م، مقابلة مع حلیمة الراشدیة بتاریخ 24/12/2015م.

([35])     مقابلة مع القاضی حمود الراشدی بتاریخ 5/2/ 2016م.

([36])     مقابلة مع حلیمة الراشدیة بتاریخ 24 / 12/ 2015م.

([37])     الحارثی، محمَّد بن عبد الله: موسوعة عمان الوثائق السریَّة، مرکز دراسات الوحدة العربیَّة، بیروت، 2007م، ج3، الوثیقة رقم: 551، ص49.

([38])      المرجع نفسه، الوثیقة رقم 551، ص49. القول المشهور أنَّه توفی فی 29 شعبان. (المحرر).

([39])      الخلیلی، محمَّد: الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلیُّ ومنهجه الفقهیُّ، ص210.

([40])      مقابلة مع القاضی حمود الراشدی بتاریخ 5/ 2/ 2016م.

([41])      مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/ 2016م.

([42])      الحارثی، سعید بن حمد: زهر الربیع فی السعی لإرضاء الجمیع، بدون بیانات للکتاب، ص63.

([43])     السیفی: النمیر، ج3، ص165.

([44])     العبری، عبد الله بن مبارک: تحقیق الفتح الجلیل من أجوبة أبی خلیل، بحث مقدَّم لمعهد القضاء الشرعی، 1996م، ص46-47.

([45])     السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص247. العبری: تحقیق الفتح الجلیل، ص96-97.

([46]) السالمی، محمَّد: نهضة الأعیان، ص248. العبری: تحقیق الفتح الجلیل، ص96.

([47])     حلیمة الراشدیة، مقابلة شخصیَّة فی ولایة سمائل بتاریخ 24/ 12/ 2015م.

([48])     السیفی، محمَّد بن عبد الله: نساء نزوانیَّات، مکتبة الأنفال، مسقط، 1424-1425هـ.

([49]) المرجع نفسه، ص58-60.

([50])     السیفی: نساء نزوانیَّات، ص60.

([51])     المرجع نفسه، ص61.

([52])     مقابلة مع الشیخ سعود بن علی الخلیلی بتاریخ 11/2/ 2016م.

([53]) السیفی: نساء نزوانیَّات، ص63.
 

  • البطاشی، سیف بن حمود بن حامد: إتحاف الأعیان فی تاریخ بعض علماء عُمان، مکتبة السید محمَّد بن أحمد البوسعیدی، السیب، 1993.
  • الحارثی، سعید بن حمد: اللؤلؤ الرطب فی إبراز مستودعات القلب، (الکتاب بدون بیانات).
  • الحارثی، سعید بن حمد: زهر الربیع فی السعی لإرضاء الجمیع، (الکتاب بدون بیانات).
  • الحارثی، محمَّد بن عبد الله: موسوعة عُمان الوثائق السریة، مرکز دراسات الوحدة العربیَّة، المجلد3، تنامی مطامع شرکات النفط البریطانیة 1946- 1955م، بیروت، 2007م.
  • الخصیبی، محمَّد بن راشد: شقائق النعمان على سموط الجمان،ط3، وزارة التراث القومی والثقافة، مسقط، 1994م.
  • الخلیلی، سعود بن علی: کلمة، صفحات من تاریخ عُمان، ط2، دار أبعاد، بیروت، 2015م.
  • الراشدی، حمود بن عبد الله: السیرة الذاتیة للإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی، بحث مقدم لندوة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی ودوره الحضاری والعلمی فی عُمان 14-16 مارس 2016م، جامعة نزوى.
  • الراشدی، مبارک بن عبد الله: الشیخ العلاَّمة سعید بن خلفان الخلیلی وفکره، ط1، 2001م.
  • السالمی، عبد الله بن حمید: تحفة الأعیان بسیرة أهل عُمان، مکتبة الإمام نور الدین السالمی، السیب، 2000م.
  • السالمی، محمَّد بن عبد الله: نهضة الأعیان، دار الکتاب العربی، القاهر، 1985.
  • السیفی، محمَّد بن عبد الله: النمیر، مکتبة وتسجیلات غایة المراد، سلطنة عُمان، 2005م.
  • السیفی، محمَّد بن عبد الله: نساء نزوانیات، مکتبة الأنفال، مسقط، 1425هـ.
  • الشکیلی، إبراهیم بن محمَّد: مدرسة الإمام محمَّد بن عبد الله الخلیلی وأثرها فی نشر العلم، مکتبة الأنفال، مسقط، 2013.
  • الشیبانی، سلطان بن مبارک: معجم النساء العُمانیات، ط1، القسم الأول، مکتبة الجیل الواعد، مسقط، 2004م.
  • العبری، عبد الله بن مبارک: الفتح الجلیل من أجوبة أبی خلیل، بحث مقدم کمتطلب تخرج بمعهد القضاء الشرعی والوعظ والإرشاد، 1995م – 1996م.
  • غباش، حسین عبید: عُمان، الدیمقراطیة الإسلامیَّة تقالید الإمامة والتاریخ السیاسی الحدیث (1500م- 1970م)، ط4، دار الفارابی، بیروت، 2006.
  • مجموعة باحثین، سمائل عبر التاریخ، ط1، المنتدى الأدبی، مسقط، 2008.

المقابلات:

  • الخلیلی، سعود بن علی، بوشر، بتاریخ 11/ 2/ 2016م.
  • الراشدی، حمود بن عبد الله، ولایة المضیبی، بتاریخ 5/ 2/ 2016م.

الراشدیة، حلیمة بنت هلال بن سعید بن حامد، ولایة سمائل، 24/ 12/ 2015.