کلمة مدیر مرکز سناو الثقافي الأهلي
الباحث المراسل | أ.د. مبارك بن عبدالله الراشدي | جامعة السلطان قابوس |
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله خالق السماوات والأرض، وارث الأرض ومن علیها یوم العرض، له الخلق والأمر، وهو المبدئ والمعید، جعل الأیَّام دُوَلاً بین الناس، ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا یَسْتَأْخِرُونَ﴾[سورة الحجر: 5]. والصلاة والسلام على سیِّد المرسلین، محمَّد النبیِّ الهاشمیِّ الأبطحیِّ، وعلى آله وصحبه إلى یوم الدین. أمَّا بعد:
صاحب السموِّ، السیِّد أسعد بن طارق بن تیمور الموقَّر، ممثِّل جلالة السلطان المعظَّم، رئیس مجلس أمناء جامعة نزوى. سماحة الشیخ أحمد بن حمد الخلیلی، المفتی العامَّ للسلطنة الموقَّر. أصحاب المعالی الموقَّرین، أصحاب السعادة، أیُّها المشایخ الأجلاَّء، والأساتذة الأفاضل، أیُّها الحضور الکریم، أحیِّـیکم بتحیَّة الإسلام فأقول: سلام الله علیکم ورحمته وبرکاته.
إنَّه من نِعم الله علینا أن أتاح لنا فرصة هذا اللقاء المهیب، فی هذه الأیَّام الثلاثة المبارکة، للاحتفاء بعَلَم من أعلام عُمان الشامخة على مرِّ الدهور والسنین، هذا العَلَم الذی سطَّر للمسلمین سطورًا ذهبیَّة فی جبین التاریخ، وقدَّم لآخرته عملاً صالحا أضاء ذلک القرن ولا زال یضیء هذا الزمن الحاضر بعلمه وعدله وفضله وحُکمه وحِکمته، وهو الذی یقال فی حقِّه: إنَّه فلتة من فلتات الزمن، وسراج یُهتدَى به، وهو الإمام العلاَّمة العادل الصالح المصلح: محمَّد بن عبد الله بن سعید الخلیلی رحمه الله ورضی عنه وأرضاه.
إنَّنا نلتقی الیوم فی هذا الصرح الوضَّاء، جامعة نزوى، لتدارس سیرة هذا الإمام، وفاء بحقِّه وحقِّ الذین قاموا بنشر العدل معه، وقطع شأفة الفساد والإفساد. وقد قام بأعباء هذه المهمَّة جهتان من جهات الفکر الکثیرة فی هذا البلد المبارک، هما: مرکز الخلیل بجامعة نزوى، ومرکز سناو الثقافی الأهلی. وإنَّنا نشکر مرکز الخلیل فی جامعة نزوى مقدَّمًا على أنَّه قبِلنا أن نکون مشارکین فی هذه الندوة المبارکة، الذی ما زال مرکز سناو الثقافی الأهلی فیها فتیًّا؛ لهذا فإنَّنی بالأصالة عن نفسی، ونیابة عن إخوانی فی مجلس إدارة مرکز سناو الثقافی الأهلی أرحِّب بکم أجمل ترحیب، وأشکر لکم تفضُّلکم بالحضور، واهتمامکم بمشارکتنا فی هذا الحفل المیمون بإذن الله تعالى، والندوة التی ستلقى فیها هذه البحوث التی توفَّرت ووُجدت، وعددها اثنان وثلاثون (32) بحثًا.
وقد بدأت فکرة هذه الندوة المبارکة منذ عامین تقریبا، حتَّى تبلورت وتأکَّدت فی افتتاحها هذا الیوم. ومن غریب الصُّدف غیر المقصودة أنَّ هذا العام یصادف النصف الأوَّل من العام التاسع والتسعین على تقلُّد إمامنا الخلیلیِّ المحتفى به مقالیدَ الإمامة، فکأنَّ الندوة تأتی على رأس قرن من ذلک الحدث المشهود.
نعم، إنَّ الاحتفاء بسیرة مثل هؤلاء العلماء الأفذاذ والقواد العظام واجب وطنیٌّ یحتِّمه الواجب، ویملیه الضمیر، وفاء بحقِّ العلماء الأتقیاء الذین بذلوا نفوسهم الغالیة، ووهبوا وقتهم الثمین، وضحَّوا بأموالهم فی سبیل نصرة الحقِّ، وإقامة العدل، ونشر العلم والفضیلة بین الناس.
ولقد کان هذا الإمام مثالاً یُحتذى، وقدوة حسنة فی هذه الخصال الزاکیة، والخلال الحمیدة التی عجز کثیر من الناس یومئذ وإلى زماننا هذا عن الإتیان بمثلها. وإنَّ ما سیلقى فی هذه الندوة من بحوث علمیَّة یکشف عن سیرة هذا الرجل الصالح لَدلیلٌ على ما قلتُه، ولعلَّ ما یُقال أقلُّ بکثیر من الواقع الذی علیه هذا الإمام العادل، وأنتم تعلمون أنَّ ما یضیع من التاریخ، بل ما ضاع بالفعل، أکبر وأکثر من المتداول. ولعلَّ طلاَّب العلم فی المستقبل والساعین إلى تخلید ذکرى الصالحین یقومون بالکشف والتنقیب عمَّا ضاع من ذلک التاریخ المجید.
صاحب السموِّ، راعی الحفل الکریم، أیُّها الحضور الکرام،
تأتی مشارکة مرکز سناو الثقافی هذه لمرکز الخلیل فی هذه الندوة خطوة فی سبیل نشر الفکر الراقی، والسیرة العطرة، والثقافة التی ینبغی أن تسعى إلیها مراکز العلم والفکر. وهی بادرة أولى عسى أن تـتلوَها خطوات أخرى متقدِّمة فی سبیل نشر الوعی بالقدوة الحسنة، وذکر أصحاب الفضل على الدین والمجتمع، ولتنیر قلوب الناشئة والباحثین، وما حضورکم هذا إلاَّ تشجیع لنا فی المضیِّ قُدُمًا نحو إقامة مثل هذه الندوات الکاشفة عن العلم والفضل. وما أحوجنا الیوم إلى ذکر هؤلاء العِظام الذین أناروا الأرض بعلمهم وفضلهم وعدلهم، ولن یصلح آخر هذه الأمَّة إلاَّ بما صلح به أوَّلها.
وقبل الختام، أشکر إخوانی أعضاء مجلس إدارة المرکزیْن، واللجنة العلمیَّة، وجمیع الذین أسهموا معنا بالجهد والعمل. وکما أشکر أعضاء اللجنة العلمیَّة والعلاقات العامَّة بجامعة نزوى أشکر کذلک جمیع من أسهم ومن دعَا لنا بالتوفیق، ومن حضر فی هذه القاعة الیوم، ومن أسهم بالبحث العلمیِّ فیها. والله ولیُّ القصد، والهادی إلى سواء السبیل.
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.