مَظاهِرُ الإِيقَاعِ الدَاخِليِّ فِي قَصِيدَةِ معلقة على غافة الدوح لزاهر بن سعيد السابقي - دراسة في الإيقاع والدلالة

الباحث المراسلحاتم راشد الحسيني جامعة الجنان

Date Of Submission :2025-07-29
Date Of Acception :2025-10-01
Date Of Publication :2025-10-09
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

مقدمة:

لقد استوقفني المجموعة الشعرية "أجنحة" لما امتازت به من ظواهر شعريّة وجماليات تركيبيّة مكثفة إذ إن النتاج الشعريّ في هذه المجموعة هي عصارة الأفكار التي تنبثق من الشاعر فيصوغها في قالب شعريّ موظفًا أساليبَ عدة، وتراكيب متنوعة، وألفاظً جزلةً متأثرًا بخلفية نشأته في بيئة علمية مكثفة إذ حظي بتوجيه وإرشاد مباشر من الشيخ العلّامة/ حمود بن حميد الصوافي وهو أحد أعلام عصره، ولذا؛ فإن المجموعة الشعرية (أجنحة) تزخر بكثير من الصور الفنية التي يتضح فيها تأثر السابقيّ بشيخه، فتارة يتحدث عن بلاد الشيخ  التي هي ولاية سناو- وقد تربى السابقيّ فيها- وتارة يذكر القرية (المغدر) كقصيدة (النسمة المغدريّة)، وتارة أخرى يصف فلجها[1] الذي يُطلق عليه اسم (المِشَقْ).

 أهمية الدراسة

تبرز أهمية الدراسة بمكانة المدونة التي تتميز برصانة السبك وتمكّن السابقيّ وبروز جماليات الإيقاع الداخلي بشكل عام، لذا؛ دفعني هذا النتاج الأدبي لدراسته وتتبع مظاهر الإيقاع الداخلي فيه، لما به من شاعريّة ظاهرة، وإيقاع ملموس، وتصوير ملحوظ.

 منهجية الدراسة: 

المنهج الأنسب للدراسة هو المنهج الأسلوبي، ويسعى البحث للإجابة عن الإشكالية التالية:

أسئلة الدراسة:

 ما مظاهر الإيقاع الداخلي في قصيدة "معلقة على غافة الدوح"؟ وما دلالته الفنية؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في الكشف عن الجمالية الإيقاعية الداخلية للنصّ، ورصد مظاهرها. 

الدراسات السابقة:

 لم يسبق أن وقع الباحث على دراسة للشّاعر زاهر السابقيَّ، إذ إن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها من حيث المدوَّنة، إلا أن الدراسات الأكاديمية التي تتعلق بدراسة الإيقاع والدَّلالة فهي كثيرة ومتنوعة وأذكر عددًا منها: 

  • تجليات الإيقاع في ديوان الأرواح الحائرة "لنسيب عريضة" – فصل سالم أحمد العيسى – 2025، ورقة بحثيّة نُشرت في مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، تناولت الدِّراسة الإيقاع الداخليّ والخارجيّ في ديوان الأرواح الحائرة معتمدًا على المنهج الوصفيّ وقد خلص البحث إلى مجموعة من النتائج منها: نجح الشَّاعر في تشكيل الإيقاع الخارجيّ لقصائده من خلال اختيار البحور وآلياتها من زحافات وعلل، وبرع في توظيف التصريع والتدوير، كما تعانقت الإيقاعات الداخليَّة مع الإيقاعات الخارجيَّة ضمن هندسة توزيعيَّة فريدة، إلا أن الدِّراسة لم تتناول الديوان من الناحية الأسلوبيَّة وهذه هي الفجوة التي يسعى هذا البحث إلى دراستها.
  • تجليّات الإيقاع والدَّلالة في الشِّعر العربيّ: المعلَّقات أنموذجًا - محمود حسين عُبيدالله العزازمة – 2024، ورقة بحثيّة نُشرت في مجلة الدراسات اللغوية والأدبيَّة بالجامعة الإسلاميَّة العالميَّة وقد تناولت الإيقاع والدَّلالة في المعلَّقات السبع معتمدًا على المنهج الوصفيّ التحليليّ، وخلصت الدراسة إلى: عزو المعلَّقات إلى بُحور الخليل، كما رصدت ظاهرة التَّدوير في المعلَّقات، ودراسة التَّركيب الصوتيّ للقوافي، إلا أن الدراسة تناولت الإيقاع الخارجيّ بشكل أكبر من الإيقاع الداخليّ، والإيقاع الداخليّ هو النقطة المحوريّة التي يسعى هذا البحث إلى رصدها.
  • سيميائيَّة الإيقاع الشِّعريّ: دراسة دلاليَّة (قصيدة "لا تصالح" لأمل دنقل نموذجًا) - هبة أحمد ياسين حجاج – 2022، ورقة بحثيَّة نُشرت في مجلة جامعة الطائف للعلوم الإنسانيَّة، تناولت الدراسة الدَّلالة الإيقاعيَّة للنَّصِّ لقصيدة لا تصالح لأمل دنقل، متخذة من المنهج السيميائي مسارًا لها في تحليل بنية النَّصَّ، وقد خَلُصَت الدِّراسة إلى أن للإيقاع الدَّاخليّ والخَارجيّ تأثير مباشر على المتلقّي في الكشف عن الدَّلالة العميقة للنَّصِّ، وتتحقق سيميائيَّة النّصَّ من خلال دلالة الإيقاع، حيث يحقق المبدع من خلاله مُنجزًا تداوليًّا بينه وبين المتلقّي، وتلتقي هذه الدراسة مع البحث في تلمس الإيقاع والدَّلالة إلا أنَّ الفجوة هي المنهج الدراسيّ إذ إنَّ البحث يتخذ من المنهج الأسلوبيّ طريقًا له. 
  • الإيقاع والدَّلالة في الخطاب الشِّعريّ: تنظير وتطبيق – عبدالمجيد  بنجلالي – 2007، نُشر هذا البحث في مجلة كلية الدراسات الإسلاميّة والعربيّة وهو يتناول الشعر من جانبين هما البنية الإيقاعيّة، والبنية الدَّلاليَّة، بحيث يدرس العلاقات القائمة بين الكلمات والواقع، وكان التطبيق على معلقة عنترة بن شداد، واتَّخذ من تحليل الخطاب منهجًا له مع اشراك مدارس علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الأنثروبولوجيا، وهي دراسة عميقة إذ لم تتطرق إلى الوزن والقافية كما وردت في كتب العروض، وإنما لإبراز جانب مهمة في نظر الكاتب وهي محاولة إعطاء تفسيرات نفسية و إيقاعية، متتبعًا الانسجام الصوتيّ والذي مرده الجناس، ومحاولة الوصول إلى المستوى الباطن للنّصّ لتقديم تفسيرات مبررة، والبحث لم يتناول الأدب العماني الذي يسعى هذا البحث إلى تناوله.

 

التمهيد: 

قبل أن ندخل في الدراسة التطبيقيّة للنَّصّ لا بد أن نتطرق إلى التعريف بالشاعر: زاهر بن سعيد بن محمد السابقيّ، شاعرٌ عُمانيّ، وُلِد في عام ( 1417هـ/ 1996م) في شرقية سلطنة عُمان، نشأ في قرية مفعمة بالجمال والدفء، وتفتّحت ملكته الشعريّة في مدرسة الشيخ/ حمود بن حميد الصوافي في (ولاية سناو)، حيث تشكّلت أولى ملامح صوته الشعريِّ.

 صدرتْ له مجموعتان شعريتان: الأولى بعنوان "شجن"، والثانية بعنوان "أجنحة"، فيما ينتظر ديوانه الثالث "فكرة السواقي" النور، كَتَبَ في مختلف أغراض الشعر، متنوع المضامين، بين الوجدانيّ والوطنيّ والروحانيّ والتأمليّ، جامعًا بين دفء الإحساس ورهافة البيان.

كما كتب كذلك في أدب الطفل وصدر له مجموعة شعريّة بعنوان "هدهدات وريف" على اسم ابنته البِكْر، وقد أفرده بأدب تنويم الطفل، فيما تنتظر مجموعته الشعرية الثانية في أدب الطفل "البلبل" أن تبصر النور، وهي تحتوي على عشرين قصيدة للأطفال.

برز دور السابقيّ في الشعر قرين اسم الشيخ/حمود بن حميد الصوافي، فقد كان السابقيّ حاضرًا في كثير من الفعاليات، وكتب الكثير من القصائد الترحيبيَّة لعدد من الشخصيات المهمة الذين ينزلون ضيوفًا عند الشيخ/ حمود بن حميد الصوافي من أبرز الضيوف الذين كتب فيهم السابقيّ: صاحب السمو السيد أسعد بن طارق نائب رئيس مجلس الوزراء والممثل الخاص لصاحب الجلالة، والداعية المصري الشهير الدكتور جابر أحمد البغدادي، والأستاذ الدكتور بشَّار عوَّاد معروف وهو عراقي الجنسيَّة، والدكتور أدهم الشرقاوي فلسطينيّ الجنسيَّة، وغيرهم كثير. 

  

المبحث الأوّل: دراسة في مفهوم الإيقاع الشّعريّ. وتشتمل: مفهوم الإيقاع الشّعريّ وأشكاله، وعلاقة الإيقاع الشّعريّ بالشّعريّة.

  1. مفهوم الإيقاع الشّعريّ:

 ترجع كلمة إيقاع في المعجم العربيّ إلى الفعل الثلاثي (وَقَعَ) يدل الفعل (وَقَعَ) على ضرب شيءٍ، والمكان المرتفع من الجبل، والسحاب الرقيق، وسرعة الانطلاق في الذهاب، وبالتحريك قيل إنها: الحجارة. أما الإيقاع فهو: إيقاع الألحان في الغناء، ويُقصد به أن يبني الألحان ويُوقِعُها (الفيروز أبادي،2005، ص773). 

أما في ما يتعلق بالمعنى الاصطلاحي فإنه من المتفق عليه أنَّ أهل العَرُوض مُجْمِعُون على أنَّه لا فرق بين صناعة العَرُوض وصناعة ‌الإيقاع، إلّا أن صناعة ‌الإيقاع تقسيم الزمان بالنَّغَم، وصناعة العروض تقسيم الزمان بالحروف المسموعة (الرازي، 1997م، ص212)، ويُعرّف صاحب المخصص الإيقاع أنه عدة حركات متساوية الأدوار لها عودات متوالية، كما أنه يعدُّ الإيقاع بمنزلة الأساس الذي يقوم عليه أي عمل أدبي أو فني (المرسي، 1996م، ج4، ص9).

  1. أشكال الإيقاع في الشعر العربي:

 يشتمل على نوعين: الإيقاع الخارجي، والإيقاع الداخلي. فأما الإيقاع الخارجي فيتضمّن الوزن والقافية، باعتباره مظهرًا خارجيًّا مشتركًا، وأما الإيقاع الداخلي فيتضمّن الانسجام الصوتي النَّاتج عن التوافق بين الكلمات ودلالاتها من ناحية، والكلمات وبعضها بعضًا من ناحية أخرى، والذي ندرسه في هذا البحث هو الإيقاع الداخليّ فلا نتطرق إلى دراسة الوزن والقافية، وإنما نصبُّ اهتمانا في الانسجام الصوتي ودلالاته.

  1. علاقة الإيقاع الشّعريّ بالشّعريّة:

إن ارتباط الإيقاع الشّعريّ بالشّاعريّة ارتباطٌ وثيق، لسبب أنّ الإيقاع يجعل النَّصَّ الشّعريّ يضجُّ بالجماليّة ويتميز بالتأثير، الذي يجعل الشَّعر أكثر جاذبية من النثر.

ولكن برغم ذلك فإن للإيقاع اتجاهات عدة في في النقد الأدبيّ (الحجريّ، 2018م، ص125):

الأول: الاكتفاء بالمصدر الصوتي، وممن اتجه هذا الاتجاه صاحب كتاب تحاليل أسلوبيّة وكان مما قاله على سبيل المثال: " وسنهتم في التحليل بمختلف أساليب التصويت في القصيدة واستعمالات الأصوات الطبيعيّة واللغويّة والفنيّة دون أن ندخل في الحساب أساليب التلوين والتنوير والحركة المجردة والنقط والبياض ... مما يوسع له اليوم مفهوم الإيقاع عند بعض الدارسين ونراه أدخل في باب التطويع العام"(الطرابلسي، 1992م، ص42).

الثاني: إقصاء المصدر الصوتي، أو إعطاؤه قيمة ثانويّة، والتركيز على مصادر أخرى: دلاليّة وتصويريّة وحتى طباعيّة (طريقة إخراج الكتابة)، وبعض الباحثين أقصوا الوزن وموسيقى الحشو من الإيقاع، ومحضوه للجوانب غير الصائتة من وسائل الانتظام والحركة في القصيدة.

الثالث: محاولة التوفيق بين الجانبين، والجمع بين المصدر الصوتي والمصادر الأخرى من دلالة تصوير وطريقة الإخراج الكتابي وغيرها، حاضر بقوة في الدراسات المعاصرة وإن كان لا يوازي قوة حضور الاتجاه الأول، وهذا الاتجاه يحاول أن يوفق بين الاتجاهين السابقين، وتناول الوزن والتقفية، والوقفة وموسيقى الحشو من جناس وترديد وتكرار، كما يندرج في هذا الاتجاه تصوّر علوي الهاشمي في كتابه "فلسفة الإيقاع" (الحجري، 2018، ص129).

وبالمحصلة فإن الباحث يرى أن الاتجاه الثالث هو الأنسب إذ إنه يهتم بالمستوى الصوتي لكن بشريطة ألا يغفل عن مستوى الفكرة والصورة، إذ إن الجمع بين الجانبين هو الأولى من إبراز جانب دون آخر. 

وتجدر الإشارة في هذه النقطة أن بعض الباحثين يرون أنه يوجد فرق بين الوزن والإيقاع ولا يمكن اعتبارهما وحدة واحدة، إذ يرى صاحب كتاب البنية الإيقاعية للشعر العربي: أنّ هناك جوانب مجهولة في إيقاع شعرنا العربي، ولا بد من كشفها، فالإيقاع يرتبط بموسيقى اللغة وتراكيبها الإيقاعيّة من ناحية، وطبيعة التشكلات الموسيقيّة التي كثفتها الفاعليّة الفنيّة العربيّة من ناحية ثانيّة (أبو ديب، 1974م، ص230). ولذا فإنه يرى أن أبحاث المعاصرين لم تتجاوز محاولة تحليل التركيب الوزني للشعر، إلا في عدد قليل للغاية لا يعّبر إلا عن استشرافات نقدية.

ويرى صاحب كتاب مفهوم الشعر بأن الوزن الشعريّ شبيه بالإيقاع الموسيقيّ وإذا افترضنا ذلك، فمن المنطقي أن نفترض – مع حازم قرطاجني- أن تحديد مفهوم الوزن الشعري دراسة لا تليق بها أن تخرج إلى محض صناعات اللسان الجزئية، وإنما ينبغي أن تتجاوزها، ليتشكل مفهوم الوزن على أساس أكثر شمولا (عصفور، 1995، ص298).

 

المبحث الثّاني: مظاهر الإيقاع الشّعريّ في قصيدة (مُعلقةٌ عَلى غَافَةِ الدَّوحِ)

وبعد أن تطرقنا إلى الإيقاع الشعري من الجانب النظري، سينتقل البحث إلى الحديث عن مظاهر هذا الإيقاع من ناحية تطبيقية في قصيدة الشاعر السَّابقي (مُعلقة على غافة الدوح) وأول ما نتطرق إليه هو أحد المظاهر الإيقاعية البارزة في مطلع القصائد، وتظهر التماسك الإيقاعي من خلال المطلع، ويبرز التناغم الصوتيِّ بشكل ملحوظ، هذه الظاهرة هي التصريع.  

  1. التصريع:

يُعد التصريع من أهم المظاهر الإيقاعية الداخلية، وهي بوابة الدخول إلى النصّ الشعريّ ذا السبك العموديّ أو ما يُصطلح عليه بالتقليدي، و يُقصد بالتصريع: " جعل العروض مقفاة تقفية الضرب... وهو مما استحسن حتى أن أكثر الشعر صرّع البيت الأول منه"(القزويني، 1998، ص365)، وعرّفه بعضهم بقولهم:" هو ما كانت عروض البيت فيه تابعة لضربه تنقص بنقصه، وتزيد بزيادته"(القيرواني، 1981، ج1، ص173).

وبعد التطرّق إلى المقصود بالتّصريع من الناحية النّظريّة في الشعر العربيّ، من الجميل أن ينتقل البحث إلى النظر عن كثب إلى تجلّي هذه الظاهرة في قصيدة (معلَّقة على غافة الدوح) وستكشف صياغته الشعريّة عن تبدّي الأثر الأسلوبيّ في شدّ انتباه المتلقي إثر توظيف التصريع في مطلع القصيدة.

ونرى السابقي بأنه قد صرّع قصيدته بقوله (السابقي، 2022، ص18): 

عَلى سَفْحِكَ الممتدِّ ما انفكَّ عَادِيَا 

 

 

تُسَابِقُ رِجلاهُ الرِّيَاحَ العَوَاتِيا

 

يُمكن ملاحظة كلمة (عاديا) في نهاية الشطر الأول وهو العروض، وفي نهاية الشطر الثاني كلمة (العواتيا) وهو الضرب، وكلتا الكلمتين مقفاة التقفية ذاتها التي هي الياء المنتهي بالمد (يا)، وبهذا التركيب حقق السابقيّ التصريع في النصّ، كما أن هذا النوع من التصريع يُسمى التصريع من النوع المستقل وهو أن يكون المصراع الأول مستقلا بنفسه غير محتاج إلى الذي يليه، فإذا جاء الذي يليه كان مرتبطا به (الموصلي، 1995، ج1، ص237)، وهذا النوع هو الذي كتَبَه السابقيّ إذ إن الشطر الأول " على سفحكَ الممتدِّ ما انفك عاديا" هو مستقل بنفسه كامل المعنى والذي يعني بأن شخصًا معينًا كان على منحدر الجبل الواسع لم يتوقف عن الجري فهذا المعنى واضح ومكتمل، ثم إن الشطر الآخر من البيت وهو "تسابق رجلاه الرياحَ العواتيا" مرتبط بالشطر الأول موضحًا المعنى، فهو يصف هذا الجري بأنه سريع جدًا لدرجة أنه يسابق الرياح العاتية شديدة السرعة. 

إن توظيف السابقي للتصريع صنع إيقاعًا افتتاحيًا متماسكًا، فالمطلع هو القادح في عملية الإبداع أو المولّد الإبداعي المتضمن النواة الإيقاعية التي تتحكم في النَّصِّ بأسره مهما طال (الطرابلسي، 1992، ص64)، إن تصريع السابقي لمطلع القصيدة يعكس إيقاعًا متماسكا يوازي مشهد الحركة السريعة ومسابقة الريح ولذا، فإنها تعزز قوة الجاذبية لدى السابقيّ في الدخول إلى نصِّ القصيدة بكل حماس ورغبة، مما يدفع المتلقّي إلى الولوج في أجواء النَّصِّ الشعري. 

  1. التمكين:

 وهو ظاهرة مهمة جدًا في سبك الشِّعر يُعرف به الشَّاعر المتمِّكن من غيره ويُعّرف التمكين: بأنْ يمهّد الناثر لسجعه فقرة، أو الناظم لقافية بيته تمهيدًا تأتي به القافية ممكنة في مكانها، مستقرة في قراراها، غير نافرة ولا قلقة ولا مستدعاة بما ليس له تعلق بلفظ البيت ومعناه، بحيث أن منشد البيت إذا سكت دون القافية أكملها السامع بطباعه بدلالة من اللفظ عليها (الحموي، 1987، ج2، ص270)، وقد ذكرها ابن أبي الإصبع تحت عنوان: ائتلاف القافية مع ما يدلّ عليه سائر البيت(ابن أبي الإصبع،1963،ص224) ويتجلّى أن لتمكين إحكام إيقاعيّ يوصف بالاستقرار متناغمٌ مع المعنى الدلالي للبيت الشعري، إذ إن التمكين عملٌ وجداني يتدخل من خلاله ذوق المتلقّي ودُربَته، فيكون ثمة ضغط متسلِّط من النّصّ على متلقيه؛ ليشارك صاحب النّصّ منفعلاً مع كلماته ومعانيه، ويصير هو منتجًا للمعنى، أو قارئًا إيجابيًّا (الخطيب،2009 ،ص19) والسابقيّ قد تمكّن من هذه الظاهرة فلا يكاد يخلو بيت شعري من التمكين ومن أمثلة ذلك قوله (السابقي، 2022، ص18): 

وَعَانِقْ لدَيهِ غَافَةً ذاتَ بهجةٍ

 

 

نَطُوفُ عَليها سَبْعَةً وثمانيا

 

يتحقق التمكين عند قول السابقيّ " نطوف عليها سبعةً و..." ولكون القافية ياء متبوعة بألف المد فإن المتلقّي يمكن له أن يُكمل البيت بنفسه وذلك بقوله (ثمانيا)، وتظهر من هذا البيت مفردة غافة وهي تعني: شجرة كبيرة تشتهر به سلطنة عمان (ابن منظور، 1993، ج9، ص273) ومفردة بهجة تعني: الحُسن(ابن منظور، 1993، ج2، ص216) ، لذلك يتجلّى في هذا البيت ائتلاف القافية بما يناسبها في سائر البيت، يستشعره المتلقّي بصفة بارزة إذ يحرك ذلك وجدانه لما يتّسم في الطواف من استمرارية ترتبط بالمكان وبالبُعد الوجداني التعبدي، ونرصد هذه الظاهرة كذلك في قول السَّابقيّ (السابقي، 2022، ص19): 

وَلا تَكْتُمِ الحُزْنَ العَمِيقَ فَربما

 

 

قَضَيتَ، ولكنْ خَلِّ دَمْعَكَ جَارِيا

 

برز في هذا البيت جمالية التمكين في القافية "جَاريا" فهي مستقرة مع ما يناسبها ويدل عليها في سائر البيت الشّعريّ، ولكن قبل أن نبدأ بتحليل التمكين نشير إلى توضيح بعض المفردات اللغوية: تكتم تعني: تخفي وهو نقيض الإعلان،(ابن منظور،1993، ج12، ص507)  قضيت تعني: تفارق الحياة وشُهرتها قضى نحبه (ابن منظور،1993، ج1، ص750) وننتقل إلى تحليل البيت؛ فقوله: (ولا تكتم الحزن) فهو يدعو إلى إطلاق العنان للحزن والوضع يقتضي البكاء لذا في نهاية الشطر الثاني عند قوله: (ولكن خلِّ دمعك...) إذا سكتَ الشَّاعِر يَسْتَطِيعُ المُتَلقّي أَن يتفطن إلى الكلمةِ الأخيرةِ كَون القافية ياء متبوعة بألف المد فإن كلمة (جاريا) هي الأنسب، وقد مهّد السابقيّ للقافية عند قوله: (ولا تكتم الحزن العميق)، إن هذا الائتلاف بين المفردات في البيت تعزز معنى التمكين فيه، كما أن الامتداد الصوتي في القافية "جاريا" يشعر المتلقّي بأنها تتجانس مع جريان الدموع إيقاعيًّا وهي التي تعانق المعنى البصري للمعنى الحركي وهنا يكمن التمكين إذ الدلالة الشعورية تتشكل وجدانيا إثر التأثير العاطفي الذي يستشعره المتلقي ، كما أنه يمكن أن نرصد هذه الظاهرة في قول السابقيّ (السابقي، 2022، ص19): 

وَخِلَّانُ صدقٍ قربُهم ظِلُّ دَوحةٍ

 

 

تَنفَّسَ فِيهِ الأُنْسُ رَوحًا وغَادِيا

 

يتبدّى الأثر الأسلوبيّ للتكوين في هذا البيت بالقافية "غاديا" إذ إن القافية مستقرة متماسكة مع ما يدلُّ عليها في سائر البيت، ولكن قبل أن ندخل في التحليل نشير إلى بعض المفردات اللغوية مثل كلمة خلان وهي: جمع خلّ، والخُلة وتعني الصداقة، والخليل الصديق (ابن منظور،1993، ج11، ص217) وغاديا تعني: السير أول النهار وهو نقيض الرواح( ابن منظور،1993، ج15، ص118) وبما أن القافية الممدودة (الألف والياء) في كلمة "غاديا" فإن امتداد الصوت يمنح شعورًا بالحركة فتعكس الموسيقى الصوتية الفعل الحركي من (الغدو والرواح)  و السابقيّ يتحدث عن الخلان الذين ينسجم معهم الصدق والحديث المؤنس في كل ساعة وحين، فعند قول السابقيّ: (تنفس فيه الأنس رَوحًا و...) ويقف الشاعر يمكن للمتلقّي أن يكمل بكلمة (غاديا) فهنا تكمن ظاهرة التمكين التي قد مهّد لها السابقيّ في بداية نظمّه، ويتضح من مجمل البيت أن للأصوات مظاهر أخرى تتجلى فيها فكما كانت منطلق الشاعر في العملية الإبداعية في مستويي البناء والأداء معًا كانت أيضًا وسيلة تعبير ولبنة تفكير وجزءًا من النّصِّ وعنصرًا من التحرير (الطرابلسي، 1992، ص75).

وهذه الظاهرة تدل على أن السابقيّ يحُكم وضع الألفاظ في موضعها الحقيقي وهو دليل على قوة السبك الشعريّ إذ تضفي هذه الظاهرة على البيت الشعريّ جودة صياغة البيت وتناسقه مع المفردات، وبذلك فإن المعنى يمتزج مع المبنى.

وهذا الأمر يستطيع أن يتلمّسه المتلقّي بكل وضوح ويسر، إذ إن التّميكن مَحلّه المتلّقي، وموضوع المعنى، وغايته ضمان الاستجابة (الخطيب،2009، ص123) فالتمكين ليس مجرد نافلة من القول بل ضرورة في النَّصِّ تجعل القافية تتعانق مع المعنى لتؤدي أثر الشعور في نفس المتلّقي، وهذا ما تجلّى في شعر السَّابقيّ إذ توافقت القوافي مع دلالات الأبيات واتفقت في تشكيل صورة شعريّة وكأنّ الإيقاع عنصرٌ من عناصر  توضيح المعنى، ومساعدٌ في رسم صورة شعرية واضحة، فالمعنى الذي حظي بالتمكين في النص وافق نمطًا إيقاعيًّا متجانسًا، ليلفت انتباه المتلقي إليه.

  1. التَّكرار:

التَّكرار ظاهرة لها أهميتها في تكوين النصّ الشعريّ، إذ تضفي له حياةً وحيويّة، كما أن الإيقاع الصوتي بتكرار النغم يطرب أذن السامع، وله دلالة على المعنى الشعريّ، "فالتكرار خاصية لغويّة، لكنها تتحول عبر النسق العلائقي الذي يوفّره السّياق الشّعريّ إلى عاطفة مشحونة بالإيحاء والتوتر"(أبو مراد، 2014، مج28،ع8، ص1857)، ولذا فإن "تكرار النصّ يسلط الضوء على نقطة حساسة، ويكشف عن اهتمام المتكلم بها، وهو بهذا المعنى ذو دلالة نفسية قيمة تفيد الناقد الأدبي الذي يدرس الأثر" (الملائكة، 1965، ص242)، وجمالية النّمط التكراري أن يتحقق معه دفع المعنى إلى النمو تدريجيًا وصولًا إلى الحدِّ الذي يُحسن الوقوف عند، حتى يمكن أن نعتبر اطَّراد المعنى تداخل مع وجوه الحال المناسبة فيه (عبدالمطلب،1994، ص300).

ومن هذا المنطلق فإنّ دراسة التكرار في شعر السابقيّ يجعلنا نتلمس كيفية توظيفه لهذه الظاهرة، ليس بكونها ترفًا لفظيًا يمكن الاستغناء عنه، وإنما بصفتها أداة فنية تسهم في جعل الموسيقى الداخلية للنصَّ تتعانق مع المعنى فيؤدي إلى تكثيف الانفعال ورسم صورة شعريّة أكثر وضوحًا إثر تفاعل المعنى بالمبنى.

ومن ظواهر التكرار التي وظفها الشاعر السابقي في قصيدته (تكرار الكلمة) في قوله (السابقي، 2022، ص20): 

رَتَعْتُ بِهِ عَهدًا نضيرًا كَأنْمَا 

 

 

هُو الخُلدُ أَو كَالخلدِ يَخْتَالُ زَاهِيا

 

 يُمْكِنُ للمُتَلقي أَنْ يَلحَظَ فِي هَذا البيتِ تَكْرار كَلمة (الخلد) مرتين، وذكر كلمة رتعتُ تعني: الرّتع وهو الأكل والشُّرب رغدًا في الريّف (ابن منظور،1993، ج8، ص112) وكلمة يختال تعني: تعني يتباهى ويتكبر ( ابن منظور،1993، ج11، ص228)، وهذا التكرار أضفى دلالة جمالية في تأكيد المعنى فكأن السابقيّ يحاول أن يؤكد فكرة الخلود لدى المستمع والمتلقي، وكذلك التأكيد الشُّعوري إذ إن السابقي يريد أن يعكس انسياب الشعور الذي يتحسسه بحيث يكثف الصورة الشعورية لدى المخاطب فيتلمسها كذلك، كما أن الإيقاع الموسيقى من تكرار الكلمة يؤدي بدوره إلى  إطربَ أُذُنَ السَّامع، ويظهر التكرار في موضعٍ آخر في قوله (السابقي، 2022، ص20): 

فَأَنَّى رَنَتْ عَينايَ أَلْفتُ مَبْاهَجًا

 

 

وَأَنَّى سَرى قَلبِي تَعْشَّقَ نَاديا 

 

نَلحظ فِي هذا البيت تكرار كلمة (فأنى) مرتين، وتعني كلمة رنى: ينظر متعجبًا من حسنه (ابن منظور،1993، ج12، ص131)  وكلمة ألفت: تأتي بمعنى أنست به، (ابن منظور،1993، ج9، ص10) وتعني كلمة مباهج: جمع مفردها مبهج والبهجة ظهور الفرح (ابن منظور،1993، ج2، ص216)  وتكرارها أكّد معنى يُريده السابقيّ وهو تأصل حب السابقيّ للمعهد الذي رتع به عهدًا من الزمن، فإن تحرك بصره إلى أي مكان منه يجد مباهجًا، وإن تحرك بقلبه كذلك وجد ما يسعده، ويؤكد عشقه لهذا المعهد، ودلالة التكرار في هذا البيت الشّعريّ تفيد تأكيد المعنى، وكذلك تكثيف الإيقاع الموسيقى الداخلي للنص ليضفي جمالية صوتية في البيت الشعريّ.

 وكذلك نلحظ تكرار الحرف عند السابقي فيقول في موضع شعري آخر (السابقي، 2022، ص20): 

دَرَجْتُ عَلى أَفْيَائه مُتَهجيًا

 

 

حُرُوفًا فَغْذَّاها فَطِرنَ قَوافِيا

 

وهنا نرى تكرار حرف (الفاء) خمس مرات، واستعمل كلمة أفيائه وهي: جمع ومفردها الفيء وتعني ما كان شمسًا فنسخه الظل،(ابن منظور، ،ج1،ص124) هذا التَّكرار أضفى إيقاعًا موسيقيًّا جميلاً في البيت الشعريّ، في حين أن السابقيّ يحاول أن يمزج بين الإيقاع الموسيقي والمعنى الشعريّ إذ إنه أتى ليتعلم الحروف في المعهد ولكنَّ المعهد  طور هذه الحروف حتى أصبحت قوافي شعريّة تتسق على نمط معين، وتتشكَّل وفق وزن شعريّ له إيقاعه وجماليته كجمال إيقاع تكرار حرف الفاء في البيت الشعريّ، إن تكرار حرف الفاء في البيت الشعري صنع إيقاعًا موسيقيًّا جميلًا في البيت الشعريّ وجعله متميزًا بجمالية الصوت. 

  1. رد العجز على الصدر: 

عند الحديث عن التَّكرار في قصيدة (معلقة على غافة الدوح)، تجذب انتباهنا ظاهرة تكررت عند الشاعر زاهر السابقي وهي (رد العجز على الصدر)، والرَّد: صرْف الشيء ورَجعه، والمراد: مصدر رددت الشيء، ورد العجز على الصدر هو "التصدير" (مطلوب، 2007، ص496)، وهي أن تتكرر كلمة من الشطر الأول في الشطر الثاني (الهاشمي، 1978، ص409)، كما يُصطلح عليها باسم الترديد "و ربما كان لتسمية الترديد دلالة صوتية لأن اللفظة التي ذُكرت في الشطر الأول ما يكاد يتردد صداها ينداح حتى يتردد مرة أخرى في الشطر الثاني، ومن شأن هذا الترديد أن يهب النصَّ جمالًا موسيقيًا، وهو أشبه بوثاق رقيق، أو نغمة موحدة تربط بين شطري البيت، بحيث يصبح عجزه وصدره كُلًّا لا ينفصل ونغمًا واحدًا متصلًا"(القاضي،1982، ص510)،  ومن مظاهر رد العجز على الصدر عند السابقي قوله(السابقي، 2022، ص25): 

وَإِني وَإِنْ صُغْتُ القوافْي قلائدًا 

 

 

فَمِنْ دُرِّكَ المكنونِ صُغتُ القوافيا

 

تبرز في هذا البيت عبارة "صُغت القوافي" في الشطر الأول للبيت ثم في الشطر الثاني تكررت مرة أُخرى في الشطر الثاني "صغتُ القوافيا" وكلمة صغتُ تعني: صاغ يصوغ أي سبكه، ومنه صوّاغ الحُليّ(ابن منظور، 1993، ج8، ص442)، دلالة ظاهرة رد العجز على الصدر في هذا البيت الشعري هي إبراز أهمية المفردة المكررة وهي القوافي إذ إنها عنصر محوري في البيت الشعري، كما أنها تضفي إيقاعًا موسيقيًّا في البيت إثر تكرر المفردة، وكذلك نرصده في قول السابقيّ (السابقي، 2022، ص24): 

سَريتَ أبيًّا شَامخَ الرَأسِ ثَابتًا

 

 

كَذا كَانَ ذِكْرُ اللهِ فِي الدَّمِ سَاريا

 

يُلاحظ تكرار كلمة "سريت" في بداية البيت وفي نهاية الشطر الثاني من البيت كذلك، ومعنى كلمة أبيًّا هي مشتقة من الإباء الذي هو الامتناع (ابن منظور، 1993، ج14، ص4)، والدلالة الأسلوبيّة لردّ الصدر على العجز في هذا البيت هو إظهار السابقيّ مكانته الشعرية من إحكام وتماسك البيت المعنى كما أنه يؤكد معنى السريان في البيت إثر تكراره، كما أن هذه الظاهر تكررت مرة أخرى في القصيدة ذاتها في قول السابقيّ (السابقي، 2022، ص24): 

عَلى ظلِّهَا تَغْفُو الأَمَانِي وَتَرْتَمِي

 

 

فَمَنْ ذا رَمى تِلْكَ الظِّباءَ الأمانِيا؟

 

يتضح هنا بأن كلمة "الأماني" وردت في الشطر الأول، كما أنها تكررت في الكلمة الأخيرة من الشطر الثاني في البيت الشعري، كلمة تغفو تعني تنعس (ابن منظور، 1993، ج15، ص131)، والدلالة الأسلوبية في هذا البيت هي إبراز القوة الشعرية لإحكام البناء النصي في البيت، كما يقول السابقي في موضع آخر (السابقي، 2022، ص21): 

وَيَمْحُو هُمُومًا كَاللَّيالِي طَوِيلَةً 

 

 

وَمَنْ غَيْرُهُ يَمْحُو الهُمُومَ اللَّيَاليَا 

 

يتجلّى في هذا البيت تكرار كلمة (هموم) وكلمة (الليالي) في الشطر الأول من البيت، وكذلك في الشطر الثاني من البيت، وتظهر جمالية سبك البيت الشعري بحيث أنَّ التكرار شكّل إيقاعًا صوتيًا لافتًا للنظر حيث إن السابقيّ استطاع أن يوضح المعنى ويحسن سبك المبنى في وقت واحد فجاء البيت متضمنًا جمالية رصف المفردات، بعد سرد تكرر ظاهرة رد العجز على الصدر نستنتج بأن السابقيّ لديه القدرة على براعة الترتيب في رصف الكلمات في البيت الشعري كما أن البيت بهذا النمط يضفي التشويق البلاغي فيه، وهذا يدل على قوة السابقيّ في توزيع المفردات التي يريدها في البيت الشعري و احتراف تقديم بعض المفردات وتأخير بعضها بناء على ما تقتضيه الوحدة البنائية للبيت الشعري.

  1. التوازي التركيبي:

لقد منح التوازي التركيبي للنصّ بنية إيقاعية ملفتة للنظر إذ إنه يبرز النصَّ متماسكًا إيقاعيًّا، ويصنع تناغمًا بين أجزاء النص، ولذا؛ فإن له أهمية بالغة في رسم معالم التوازن بين المقاطع، سواء أكان من خلال تماثل التراكيب أو تقاربها، ولذا فإن التوازي التركيبي يُعدُّ مثريًّا للنص ومعززًا لقوة الرصف اللغوي لدى الشاعر.

 وأشار صاحب كتاب قضايا شعريّة إلى أن "الوزن هو الذي يفرض بنية التوازي: البنية التطريزية للبيت في عمومه، والوحدة النغمية وتكرار البيت والأجزاء العروضية التي تكوّنه تقتضي من عناصر الدّلالة النحويّة والمعجميّة توزيعًا متوازيًا، ويحظى الصّوت هنا حتمًا بالأسبقية على الدّلالة"(جاكبسون، 1988، ص108)،  يدل كذلك هذا المصطلح إلى "ذلك التماثل القائم بين طرفين من السلسلة اللغوية نفسها، وهذان الطرفان عبارة عن جملتين لهما البنية نفسها، حيث تقع بين هذه الطرفين علاقة متينة تقوم على أساس المشابهة، أو على أساس من التضاد"(كنوني، 1999،ص79).

ولذا؛ فإن الإيقاع الصوتي إثر هذا التوازي التركيبي يطرب أذن السامع ويلفته للنظر وهذا عائد إلى التقسيم الصوتي الذي يصنع هذا الإيقاع إذ يُظهر التقسيم الصوتي عنصرًا إيقاعيًّا مهمًا في تشكيل الموسيقى الداخلية في النصّ الشعريّ، "ويفيد التقسيم سهولة الترجيع والتنغيم، ويجعل البيت أو الشطر الشعري ينقسم إلى وحدات وزنية يستمتع المُتلقي بتكرارها وتتابعها"(غنيم، 1998، ص302).

 ولذلك فإن للتوازي التركيبي أهمية دلالية في رسم الصورة، إذ إن نسقية التوازي لها أهمية كبيرة في تماسك النّصّ وانسجامه؛ لأنها تُعد عنصرًا تأسيسيًا وتنظيميًا في آن واحد (مفتاح، 1994، ص149) كما أن التنظيم له جمالية في تشكيل النص إذ إن الكاتب عمد إلى ينتجه الترادف والتضاد في البنى المعجمية، ثمّ ما يُفرزه البناء النحوي من إيقاعات صوتية متساوية، لتمكين كلامه في نفوس مُخاطبيه (عبدالله، 2015، ص20)، وبعد هذا التقديم للتعريف بالتوازي التركيبي نمثّل على توظيف زاهر السابقي له، (السابقي، 2022، ص21):   

إِمَامِي وشَيْخِي وَانْتِمَائِي وقُدْوَتِي 

 

 

وَإِشْرَاقُ رُوحِي وَائْتِلاقُ حَيَاتِيَا  

 

يتبّدى التوازي التركيبي في الشطر الأول من البيت حيث يتكون من أربع مفردات اسميّة وهي: " إمامي وشيخي وانتمائي وقدوتي" هذه المفردات الأربع توالت معطوفةً على بعضها بحرف العطف "الواو" وقد أضاف السابقيّ عليها ياء المتكلم، وبالمحصلة فإنها قد تشكّلت على النحو الآتي: 

المفردة

المضاف إليه

المعجم الذي تنتمي إليه المفردة

إمام

+ ياء المتكلم

ديني

شيخ

+ ياء المتكلم

ديني

انتماء

+ ياء المتكلم

وطني

قدوة

+ ياء المتكلم

ديني

أما بالنسبة للشطر الثاني من البيت الشعريّ فقد اختلف التوازي التركيبي عن الشطر الأول؛ ولكن ليس بشكل كبير جدًا فقد قسّم السابقيّ الشطر الثاني إلى وحدتين متوازيتين نحويًا وصوتيًا، وعطفهما على بعضهما بحرف العطف "الواو" وكل وحدةٍ منهما تتكون من مفردتين، وقد أضاف إلى المفردة الثانية ياء المتكلم وصنع ذات الصنيع في المفردة الثانية من الوحدة الثانية وقد تشكّل على النحو الآتي: 

المفردة الأولى

المفردة الثانية

المضاف إليه

إشراق

روح

+ ياء المتكلم

ائتلاق

حياة

+ ياء المتكلم

يشي النّصُّ بأن المفردة الأولى ذات قافية موحدة ففي الوحدة الأولى كانت الكلمة (إشراق) تنتهي بألف وقاف وفي الوحدة الثانية كانت الكلمة الأولى (ائتلاق) وتنتهي بألف وقاف كذلك، ثم كانت الكلمة الثانية من الوحدة الأولى (روح) مضافًا إليها ياء المتكلم وفي الوحدة الثانية الكلمة الثانية (حياة) وتتفق هاتان الكلمتان في وجود حرف الحاء، وبهذه المحصلة فإن الشطر الثاني من البيت الشعري قد انسجم فيه التوازن التركيبي بحيث يتكون من وحدتين كل وحدة منهما تتكون من مفردة أولى مسجّعة مع المفردة الأولى التي توازيها من الوحدة الثانية، ثم تشترك الكلمة الثانية من الوحدة الأولى مع ما يوازيها من المفردة الثانية بالوحدة الثانية في الإيقاع الموسيقي لبعض الأحرف مثل (الحاء) مما شكّل إيقاعًا متوازيًا أضفى جمالية موسيقية على البيت الشعريّ.

 كما يقول السابقي في موضع آخر من القصيدة (السابقي، 2022، ص23): 

بِأَوجُهِهِمْ فَجْرٌ جَدِيدٌ ونَهْضَةٌ 

 

 

سَمَاويةٌ يَغْدُو بِهَا الكونُ سَامِيا  

 

يتبدّى التوازي التركيبي في هذا البيت الشعريّ وذلك في قول السابقي (فجرٌ جديدٌ ونهضةٌ سماويةٌ) فهذه الجملة تنقسم إلى وحدتين اثنتين متوازيتين نحويًّا وصوتيًّا ومعطوفتان على بعضهما بحرف العطف (الواو) والوحدة الأولى وهي (فجرٌ جديدٌ) يتكون من مفردتين المفردة الأولى جاءت منكّرة ومنوّنة من ناحية التشكيل وهي (فجرٌ) وقد وصفها السابقيّ بمفردة أخرى منوّنة من ناحية التشكيل وهي (جديدٌ) حتى يزيح عنها التنكير، والوحدة الثانية وهي (نهضةٌ سماويةٌ) تتكون من مفردتين كذلك المفردة الأولى جاءت منكّرة ومنوّنة من ناحية التشكيل وكذلك مؤنثة بتاء التأنيث وهي (نهضةٌ)، والمفردة الثانية جاءت صفةً لها من الناحية النحوية وعلى القاعدة النحوية الشهيرة تتفق الصفة مع الموصوف تذكيرًا وتأنيثًا فقد جاءت المفردة الثانية منكّرة ومنوّنة من ناحية التشكيل ومؤنثة بتاء التأنيث وهي (سماويّة)، ويمكن وصفها على النحو الآتي: 

المفردة

نوعها

دلالتها

فجر

مذكرة

النقاء

جديد

مذكرة

الحداثة

نهضة

مؤنثة

التغيير

      سماوية

      مؤنثة

     القداسة

 تكشف هذه الصياغة عن دلالة الألفاظ في هذه المفردات التي تجتمع كلها في الحقل الدلاليّ للشخصية الإيجابية التي تجعل من (الصفاء، والتجديد، والتغيير، والقداسة) عناصر أساسية لها.

 يقول السابقي في موضعٍ آخر موظفًا التوازي التركيبي (السابقي، 2022، ص21): 

فَآنسَ فَيكَ الأَمْنَ وَاليُمنَ والنَّدَى 

 

 

فَرَجّعَ فِي خُضْرِ الغُصُونِ أَغَانِيا  

 

يظهر التوازن التركيبي الذي شكّله السابقيّ في الشطر الأول من البيت الشعري وهو في قوله: (الأمن واليمن والندى) إن توالي هذه المفردات الإسمية وعطفها على بعضها بحرف العطف (الواو) قد شكّل إيقاعًا موسيقًا يلفت أذن السامع، كما أن المفردات الثلاث تتقارب وزنًا وتشترك في بعض الحروف نطقًا كحرف (النون) و(الميم) ويمكن وصف الدلالة الأسلوبية لهذه المفردات على النحو الآتي: 

المفردة

الوزن

الحروف المشتركة

الدلالة

الأمن

الفَعل

الميم والنون

السكينة والحماية

اليُمن

الفُعل

الميم والنون

البركة والخير

النَّدى

الفَعَل

النون فقط

الكرم والرقة

يتشكّل التوازي التركيبي في قول السابقيّ في موضع آخر (السابقي، 2022، ص21): 

وَفِي الجَانِبِ الغَرْبِيِّ كَانَتْ مَلائِكٌ

 

 

تُصَلِّي، وَتُعْلِي للسَّمَاءِ مَرَاقِيا 

 

 يظهر التوازي التركيبي من خلال البيت الشعريّ في قول السَّابقيّ: (تصلي، وتعلي)، وكلمة مراقي جمع مفردها مَرْقَاة ومِرْقاة وتعني الدرج ومنها التّرّقي (ابن منظور، 1993، ج14، 332)، إن هاتين الوحدتين تتوازنان صوتيًّا ونحويًّا إذ إن كل وحدة منهما تتكون من فعل مضارع وفاعل مستتر وينسجم أداء الصلاة التي هي الحبل الموصول بين العبد وربه والاعتلاء الذي يرتقي بها العبد إلى النفحات الإيمانية بعد أدائه للصلاة، والدلالة الأسلوبية للتوازي التركيبي في هذا البيت هي تقوية المعنى فالفعلين متتابعين لكي يقوي المعنى الذي أراده من العبادة، ويؤكد الصورة الشعرية التي أرادها إذ إن السابقي يعزز توضيح الصورة، أضف إلى ذلك أن السابقيّ يبرز قوته الشعرية في صياغة المفردات المتقاربة بما لا يتعارض مع الوزن الشّعريّ.

  1. الجناس الاشتقاقي

قد تختلف تسمية الجناس الاشتقاقي فمنهم من يُسميه تجنيس الاشتقاق و يُسمى المقتضب أيضا (مطلوب،2007، ص450) ومهما اختلفت التسميات فإن المقصود به أن يجيء بألفاظ يجمعهما أصل واحد في اللغة (النويري، 2004، ج7، ص80)، وقد استعمل السابقي الاشتقاق في هذا النَّصِّ في غير موضع وذلك في قوله(السابقي، 2022، ص23): 

فِدًى لَكَ نَفْسِي غَيْرَ أَنَّي مُلَطَّخٌ
وَمِثْلُكَ  مَنْ يُفدَى بِكُلِّ مُهّذبٍ   

 

 

بِوِزْرِي وَلا أَرْقَى لأَغْدُوَ فَادِيَا
تَقِيٍّ وتَفْدِيهِ السُّرَاةُ تَفَانِيا

 

تكشف هذه الصياغة عن المفردات الآتية: (فدى، فاديا، يُفدى، تفديه) كل هذه المفردات يجمعها أصل واحد في اللغة وهو (ف د ي) واستطاع السابقيّ في هذين البيتين أن يجمع أربعة اشتقاقات لهذا الأصل، ويدل هذا الاشتقاق على أن السابقيّ يريد أن يؤكد فكرة الفدى وصفائها من جميع الشوائب، إذ" لا تقتصر فاعلية التجنيس على ما تقوم به من دور إيقاعي يخصب موسيقى الشعر ويثري ترددها النّغمي، ولكنه يمتد ليسهم بدور وظيفي في البناء الفني للنّصِّ الشعريّ وتشكيل الدلالة وإنتاجها ومن الوظائف التي يؤديها التجنيس في الشعر التكامل الدلالي وإتمام المعنى بالمجانسة (فرهاني،2023،ص558) ويقول السابقي في موضع آخر (السابقي، 2022، ص19):

كِلَانَا رَمَانَا الدَّهْرُ بِالبَيْنِ وانْثَنَى 

 

 

كَأَنْ لَمْ يَرِشْ سَهْمًا وَلَمْ يَكُ رَامِيَا  

 

يستطيع القارئ أن ينتبه للمفردتين (رمانا، راميا) وهما يشتركان في أصل واحد وهو (رمي)، البين تعني: الفُرقة (ابن منظور، 1993، ج13، ص62) والمريش: السهم الذي عليه ريش (ابن منظور، 1993، ج3، ص503)، ودلالة الاشتقاق في هذا البيت تعزيز الترابط بين المفردات، وإبراز الشاعر مهارته في اختيار الألفاظ ومقاربتها مع ما يتناسب من الوزن والقافية، وفي موضع آخر يقول (السابقي، 2022، ص21): 

وَفِي المَغْدَرِ المَيْمُونِ كَانَتْ حِكَايَتِي 

 

 

وَلَمْ أَرْوِهَا؛ حَسْبِي بِدَمْعِي رَاوِيَا

 

في هذا البيت الشعري يكمن الاشتقاق في المفردتين (أرويها، وراويا) إذ كلا المفردتين تشتركان في أصل واحد وهو (روى)، والدلالة الأسلوبية في هذا البيت من الاشتقاق تقوية تأكيد المعنى وتكون المفردة أكثر وقعًا في أذن المستمع، ويقول السابقي في موضع آخر (السابقي، 2022، ص22): 

يَلفُّهُمُ الفِتْيَانُ مِنْ كُلِّ أَوْرَعٍ 

 

 

تَرَى فِي مُحَيَّاهُ التَّوَرُّعَ بَادِيَا

 

لقد جانس السابقيّ بين المفردتين (أورع، والتورع) وذلك أن المفردتين تشتركان في أصل واحد وهو (ورع) وفي اللغة تورع تحرّج وفي الأصل التورع الكَفّ عَنِ المَحارِمِ والتحَرُّجُ مِنْهُ (ابن منظور، 1993، ج8، ص388) ودلالة التجنيس الاشتقاقي في هذا البيت صناعة إيقاع موسيقي داخلي عند ورود ألفاظ متشابهة وكذلك يبرز الشاعر مكنته الشعرية من رصف الكلمات، وكذلك يوجد اشتقاق في قوله (السابقي، 2022، ص23): 

أُسُودُ شَرًى تَرْنُو إِلى قِمَمِ العُلا 

 

 

وَلَمْ تُلقِ طَرْفًا للدَنيَّةِ رَانِيَا  

 

يتبدّى أثر الجناس الاشتقاقي بين (ترنو، ورانيا) وكلا المفردتين تعودان إلى أصل واحد وهو (رنا)، شرًى تعني: طريقٌ في سلمى كثيرُ الأُسد (ابن منظور، 1993، ج14، ص431) وقد اشتهر عند العرب تركيب "أسد الشرى" ودلالة التجنيس الاشتقاقي في هذا البيت تقوية الرابط بين الألفاظ إذ يوحي الشاعر إلى أن البيت متماسك وألفاظه متماسكة بعضهها ببعض. 

 

 

 

الخاتمة

خرجت هذه الدراسة بنتائج عدة هي:

  • يشي التحليل أن الإيقاع الداخلي في قصيدة (معلَّقة على غافة الدوح) يبرز بشكل واضح وذلك من خلال توظيف الشاعر عدد من البصمات الأسلوبية كان من أبرزها: التصريع، والتمكين، والتكرار، ورد الأعجاز على الصدور، والتوازن التركيبي، والاشتقاق.
  • كشف التحليل أن هذه البصمات الأسلوبية لم تكن محض زخرفة كلامية تسلط هالة الضوء على اللفظ من أجل اللفظ، بل لها دلالتها الأسلوبية والفنية من ضمنها أنها أسهمت في ربط المعاني وتقوية العلاقة بين الدال والمدلول، و تحقيق الجرس الموسيقي والإيقاع الداخلي المميز في النص.
  • تجلّت قوة الشاعر زاهر بن سعيد السابقي من ضبط صياغة النص الشعري الذي أظهر قوة التماسك الإيقاعي من خلال المفردات الجزلة والألفاظ المنتقاة بعناية وتروّي، والذي أضفى قوة للرصف ورصانة في التعبير. 
  • أكد التحليل النصَّي أن تعانق البصمات الأسلوبية والإيقاع الداخلي في القصيدة أظهر تجلّي هُوية شاعرية خاصة بالشاعر السابقي، تمتاز بالجمع بين الأصالة اللغوية والتجديد الأسلوبي.  

 

المصادر والمراجع:

ابن أبي الإصبع، عبد العظيم بن الواحد. (د.ت). تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن (تحقيق حنفي محمد شرف). الجمهورية العربية المتحدة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي.

 

ابن الأثير الموصلي. (1995). المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. بيروت: المكتبة العصرية.

 

ابن حجة الحموي، أحمد بن حجة. (1987). خزانة الأدب وغاية الأرب (تحقيق عصام شعيتو). بيروت: دار ومكتبة الهلال.

 

ابن رشيق القيرواني. (1981). العمدة في محاسن الشعر وآدابه (تحقيق محمد محيي الدين، ط5). مصر: دار الجيل.

 

ابن سيده المرسي. (1996). المخصص (تحقيق خليل إبراهيم جفال، ط1). بيروت: دار إحياء التراث العربي.

 

ابن منظور، محمد بن مكرم. (1993). لسان العرب. بيروت: دار صادر.

 

أبو ديب، كمال. (1974). في البنية الإيقاعية للشعر العربي: نحو بديل جذري لعروض الخليل ومقدمة في علم الإيقاع المقارن. بيروت: دار العلم للملايين.

 

أبو مراد، فتحي، وآخرون. (2014). الإيقاع الداخليّ في رسالة التربيع والتدوير للجاحظ. مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية).

 

أنيس، إبراهيم. (1952). موسيقى الشعر (ط2). القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

 

الطرابلسي، محمد الهادي. (1992). تحاليل أسلوبية. تونس: دار الجنوب للنشر.

 

الفيروزآبادي، مجد الدين. (2005). القاموس المحيط (تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، إشراف محمد حميد العرقُسوسي، ط8). بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع.

 

القاضي، النعمان. (1982). أبو فراس: الموقف والتشكيل الجمالي. عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.

 

الكنوني، محمد. (1999). التوازي ولغة الشعر. مجلة فكر ونقد، 2(18).

 

المفتاح، محمد. (1997). مدخل إلى قراءة النص الشعري. مجلة فصول، مجلة النقد الأدبي، 16(1).

 

الملائكة، نازك. (1965). قضايا الشعر المعاصر (ط2). بغداد: مكتبة النهضة.

 

المرسي، ابن سيده. (1996). المخصص (تحقيق خليل إبراهيم جفال، ط1). بيروت: دار إحياء التراث العربي.

 

الموصلي، ابن الأثير. (1995). المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. بيروت: المكتبة العصرية.

 

الهاشمي، أحمد. (1978). جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع (ط12). بيروت: دار الفكر.

 

الحجري، حميد. (2018). الأسلوبية الإحصائية في تشخيص البنية: دراسة تطبيقية على قصيدة النثر العربي. مسقط: الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.

 

الخطيب القزويني، محمد بن سعد الدين بن عمر. (1998). الإيضاح في علوم البلاغة (ط4). بيروت: دار إحياء العلوم.

 

الخطيب، حذيفة تقي الدين. (2009). التمكين أسسه وأساليبه: دراسة بلاغية تطبيقية (ط1). أبوظبي: هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، دار الكتب الوطنية.

 

جاكبسون، رومان. (1988). قضايا الشعرية (ترجمة محمد الولي ومبارك حنون، ط1). المغرب: دار توبقال للنشر.

 

زاهر بن سعيد السابقي. (2022). أجنحة. سلطنة عمان: مكتبة وتسجيلات روائع نور الاستقامة.

 

عبد الله، العربي. (2015). بلاغة التوازي في السور المدنية (رسالة ماجستير، كلية الآداب والفنون، الجزائر).

 

عبد المطلب، محمد. (1994). البلاغة والأسلوبية (ط1). بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، والشركة المصرية العالمية للنشر – لونجمان.

 

عصفور، جابر. (1995). مفهوم الشعر: دراسة في التراث النقدي (ط5). القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

غنيم، كمال أحمد. (1998). عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر (ط1). القاهرة: مكتبة مدبولي.

 

فرهاني، مسعود. (2023). دراسة شعر الفقيه السيد محمد علي العدناني من منظور أسلوبي: المستوى الصوتي أنموذجًا. مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، (75). النجف، العراق.

 

مطلوب، أحمد. (2007). معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها. بيروت: مكتبة لبنان ناشرون.

 

 

 

 

Sources and References:

 

Ibn Abi al-Isbaʿ, ʿAbd al-ʿAzim ibn al-Wahid. (n.d.). Tahrir al-tahrir fi sinaʿat al-shiʿr wa-al-nathr wa-bayan iʿjaz al-Qurʾan (Hanafi Muhammad Sharaf, Ed.). United Arab Republic: Supreme Council for Islamic Affairs, Committee for the Revival of Islamic Heritage.

 

Ibn al-Athir al-Mawsili. (1995). Al-Mathal al-saʾir fi adab al-katib wa-al-shaʿir. Beirut: Al-Maktabah al-ʿAsriyyah.

 

Ibn Hajjah al-Hamawi, Ahmad ibn Hajjah. (1987). Khizanat al-adab wa-ghayat al-arab (ʿIsam Shuʿaytu, Ed.). Beirut: Dar wa-Maktabat al-Hilal.

 

Ibn Rashiq al-Qayrawani. (1981). Al-ʿUmdah fi mahasin al-shiʿr wa-adabihi (Muhammad Muhyi al-Din, Ed., 5th ed.). Egypt: Dar al-Jil.

 

Ibn Sida al-Mursi. (1996). Al-Mukhasas (Khalil Ibrahim Jaffal, Ed., 1st ed.). Beirut: Dar Ihyaʾ al-Turath al-ʿArabi.

 

Ibn Manzur, Muhammad ibn Makram. (1993). Lisan al-ʿArab. Beirut: Dar Sadir.

 

Abu Deeb, Kamal. (1974). Fi al-bunyah al-īqāʿiyyah lil-shiʿr al-ʿArabi: Nahw badil jadhri li-ʿarud al-Khalil wa-muqaddimah fi ʿilm al-īqāʿ al-muqaran [On the rhythmic structure of Arabic poetry: Towards a radical alternative to al-Khalil's prosody and an introduction to comparative rhythmology]. Beirut: Dar al-ʿIlm lil-Malayin.

 

Abu Murad, Fathi, et al. (2014). The internal rhythm in al-Jahiz’s Risalat al-tarbiʿ wa-al-tadwir. An-Najah University Journal for Research (Humanities).

 

Anis, Ibrahim. (1952). Musiqa al-shiʿr (2nd ed.) [The music of poetry]. Cairo: Maktabat al-Anglo al-Misriyya.

 

Al-Tarabulsi, Muhammad al-Hadi. (1992). Tahalil uslubiyyah [Stylistic analyses]. Tunis: Dar al-Janub lil-Nashr.

 

Al-Firuzabadi, Majd al-Din. (2005). Al-Qamus al-muhit (Maktab Tahqiq al-Turath fi Muʾassasat al-Risalah, Ed., supervised by Muhammad Hamid al-ʿArqususi, 8th ed.). Beirut: Muʾassasat al-Risalah lil-Tibaʿah wa-al-Nashr wa-al-Tawziʿ.

 

Al-Qadi, al-Nuʿman. (1982). Abu Firas: al-Mawqif wa-al-tashkil al-jamali [Abu Firas: The stance and the aesthetic formation]. Amman: Dar al-Thaqafah lil-Nashr wa-al-Tawziʿ.

 

Al-Kannuni, Muhammad. (1999). Parallelism and the language of poetry. Fikr wa-Naqd Journal, 2(18).

 

Al-Miftah, Muhammad. (1997). Introduction to reading the poetic text. Fusul: Journal of Literary Criticism, 16(1).

 

Al-Malaʾikah, Nazik. (1965). Qadaya al-shiʿr al-muʿasir (2nd ed.) [Issues of contemporary poetry]. Baghdad: Maktabat al-Nahda.

 

Al-Mursi, Ibn Sida. (1996). Al-Mukhasas (Khalil Ibrahim Jaffal, Ed., 1st ed.). Beirut: Dar Ihyaʾ al-Turath al-ʿArabi.

 

Al-Mawsili, Ibn al-Athir. (1995). Al-Mathal al-saʾir fi adab al-katib wa-al-shaʿir. Beirut: Al-Maktabah al-ʿAsriyyah.

 

Al-Hashimi, Ahmad. (1978). Jawahir al-balagha fi al-maʿani wa-al-bayan wa-al-badiʿ (12th ed.) [Jewels of rhetoric in semantics, expression, and embellishment]. Beirut: Dar al-Fikr.

 

Al-Hajri, Hamid. (2018). Al-Uslubiyyah al-ihsaiyyah fi tashkhis al-binyah: Dirasah tatbiqiyyah ʿala qasidat al-nathr al-ʿArabi [Statistical stylistics in diagnosing structure: An applied study on the Arabic prose poem]. Muscat: Omani Association of Writers and Literati.

 

Al-Khatib al-Qazwini, Muhammad ibn Saʿd al-Din ibn ʿUmar. (1998). Al-Idah fi ʿulum al-balagha (4th ed.). Beirut: Dar Ihyaʾ al-ʿUlum.

 

Al-Khatib, Hudhayfah Taqi al-Din. (2009). Al-Tamkin: Ususuhu wa-asalibuhu – Dirasah balaghiyyah tatbiqiyyah [Empowerment: Its foundations and methods – An applied rhetorical study] (1st ed.). Abu Dhabi: Abu Dhabi Authority for Culture and Heritage, National Library.

 

Jakobson, Roman. (1988). Qadaya al-shiʿriyyah [Poetics] (Trans. Muhammad al-Wali & Mubarak Hanun, 1st ed.). Morocco: Dar Toubqal.

 

Zahir bin Saʿid al-Sabqi. (2022). Ajnihah [Wings]. Sultanate of Oman: Maktabat wa-Tasjilat Rawaiʿ Nur al-Istiqqamah.

 

ʿAbd Allah, al-ʿArabi. (2015). Balaghat al-tawazi fi al-suwar al-madaniyyah [The rhetoric of parallelism in the Medinan surahs] (Master’s thesis, Faculty of Arts and Humanities, Algeria).

 

ʿAbd al-Muttalib, Muhammad. (1994). Al-Balagha wa-al-uslubiyyah [Rhetoric and stylistics] (1st ed.). Beirut: Maktabat Lubnan Nashirun & The Egyptian International Publishing Company – Longman.

 

ʿAsfour, Jaber. (1995). Mafhum al-shiʿr: Dirasah fi al-turath al-naqdiyy [The concept of poetry: A study in critical heritage] (5th ed.). Cairo: Egyptian General Book Authority.

 

Ghunaym, Kamal Ahmad. (1998). ʿAnasir al-ibdaʿ al-fanni fi shiʿr Ahmad Matar [Elements of artistic creativity in the poetry of Ahmad Matar] (1st ed.). Cairo: Maktabat Madbuli.

 

Farhani, Masʿud. (2023). The study of the poetry of al-Faqih al-Sayyid Muhammad Ali al-ʿAdnani from a stylistic perspective: The phonetic level as a model. Al-Kulliyah al-Islamiyyah al-Jamiʿah Journal, (75). Najaf, Iraq.

 

Matlub, Ahmad. (2007). Muʿjam al-mustalahat al-balaghiyyah wa-tatawwuruha [Dictionary of rhetorical terms and their development]. Beirut: Maktabat Lubnan Nashirun.


 


[1] الفلج: هو نهر صغير من ماء عذب يمتد من عيون الماء إلى مزارع القرية وبساتينها، وتشتهر به سلطنة عمان.