تحولات المعجم المحلي في لهجات شمال الباطنة: تحليل دلالي لمصطلحات الزراعة والصيد البحري

الباحث المراسلد. عامر أزاد عدلي الكثيري جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، صلالة
غالية عبدالله القرطوبي جامعة ظفار
فاطمة سعيد الزعابي جامعة ظفار

Date Of Submission :2025-07-29
Date Of Acception :2025-10-01
Date Of Publication :2025-10-09
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

1. مقدمة 
تعد اللهجات المحلية جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي واللغوي للمجتمعات، حيث تعكس تفاعلاتها التاريخية والاجتماعية، كما أنها تمثل وسيلة للتواصل والتعبير عن الهوية الثقافية. وفي ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة التي تشهدها المجتمعات الحديثة تبرز مخاوف حقيقية من انحسار اللهجات المحلية؛ نتيجة التحولات المرتبطة بالعولمة، والتحديث، وتغير أنماط الحياة.
تشكّل لهجات محافظة شمال الباطنة مثالاً حيًا على هذه الظاهرة، بخاصة في ظل اعتماد سكان هذه المنطقة على الأنشطة التقليدية، مثل: الزراعة والصيد البحري، التي ارتبطت بها مفردات وتعابير لغوية مميزة. ومع تراجع الاعتماد على هذه الأنشطة، وتصاعد تأثير اللغة الفصحى واللغات الأجنبية بعد ظهور المدارس النظامية والجامعات ومتطلبات سوق العمل، باتت اللهجات المحلية مهددة بالانقراض، مما يثير تساؤلات حول مصير هذا التراث اللغوي الغني. ومن السهولة ملاحظة مظاهر التغير اللهجي ولا يستثنى من ذلك أي لهجة بما فيها لهجة المناطق الداخلية والبدوية التي قد تبدو محافظة أكثر من اللهجات الساحلية.
تستفيد هذه الدراسة من الدراسات السابقة حول انحسار اللغات واللهجات كما وردت في كتاب التحقيق في التقادم: دراسات في انكماش وموت اللغات الذي أعدته نانسي دوريان، حيث يُبرز الكتاب أن موت اللهجات ليس فقط نتيجة ضغوط اقتصادية أو سياسية، بل يرتبط أيضًا بتراجع الأنشطة التقليدية التي تشكل العمود الفقري للمجتمعات المحلية. وتدعم هذه الفكرة ما ورد في كتاب موت اللغات لديفيد كريستال، الذي يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين موت اللغات وتغير النظم الاقتصادية والاجتماعية، مما يُظهر أهمية توثيق اللهجات وإبراز دورها في الحفاظ على الهوية الثقافية. كما تتناول الدراسة مفاهيم التقادم اللغوي، مستفيدة من أعمال مثل: مقدمة حول اللغات المهددة بالانقراض لسارة توماسون، الذي يقدم إطارًا تحليليًا لفهم كيف تُهدد التحولات الثقافية والعولمة استمرار اللغات المحلية. وتستعرض الدراسة أيضًا بعض الممارسات العالمية للحفاظ على التنوع اللغوي، كما وردت في كتاب إحياء اللغة في الممارسة العملية لجوناثان أولسن.
في المجمل العام فإن هناك عددا من الدراسات العربية والأجنبية التي تناولت بعض اللهجات العمانية بالدراسة والتحليل يعود أقدمها إلى نهاية القرن التاسع عشر (Jayakar, 1889; Reinhardt, 1894 ). تلا ذلك عدد من الدراسات في القرنين العشرين والحادي والعشرين، ومع ذلك فإن الدراسات التي ركزت على لهجات محافظة شمال الباطنة شحيحة إلى حدّ ما، ربما كانت أولها دراسة قدّمها بروكيت (Brockett, 1985) تضمنت مسردًا مفصلًا للكلمات بشكل عام بالتركيز على الألفاظ الزراعية المستخدمة في ولاية الخابورة، مع ملاحظات صوتية وصرفية ونحوية تتعلق بلهجة أهل الخابورة .تلتها دراسة لكلايف هولز (Clive Holes, 1989) تعتمد على التصنيف الجغرافي للهجات العمانية البدوية والحضرية بناء على عدد من الخصائص الصوتية والصرفية، وقد جمع مادته اللغوية من 15 موقعا جغرافيا مختلفا، منها: صحار والسويق في شمال الباطنة. وهناك دراسة أخرى  لعامر الكثيري (2024) في الإطار المنهجي نفسه الذي اعتمده هولز، مع زيادة النطاق الجغرافي للدراسة الأخيرة في كل محافظات سلطنة عمان، وشملت الولايات الآتية من محافظة شمال الباطنة: السويق والخابورة ولوى وشناص.
تأسيسا على تضمنته الدراسات السابقة فإن هناك حاجة إلى دراسات لغوية اجتماعية ترصد التغير اللغوي بين الكبار والشباب في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وما ارتبط بذلك من تقادم ثقافي طال معظم مظاهر الحياة التقليدية. عليه فإن الدراسة الحالية تسعى من خلال دراسة حقلي الزراعة والبحر في لهجات شمال الباطنة إلى استكشاف العوامل التي تهدد استمرار اللهجات المحلية؛ بهدف السعي إلى وضع استراتيجيات لحمايتها وتعزيز استخدامها في ظل التغيرات الحالية. 
يعتمد البحث على المزج بين التحليل الميداني للبيئة اللغوية المحلية والنظريات الحديثة حول التقادم اللغوي، بهدف تقديم صورة شاملة عن واقع لهجات شمال الباطنة والتحديات التي تواجهها في سياق عالمي متغير.
2. خلفية جغرافية وتاريخية واجتماعية
تضم محافظة شمال الباطنة سـت ولايات، هـي: صحار، وشـناص، ولوى، وصحـم، والخابـورة، والسـويق. وتعدّ ولاية صحار مركـز المحافظـة، ويشبه أهل عمان سلسـلة جبـال الحجـر الواقعة في شمال عمان بعمـود الإنسـان الفقري، فيسمّون المنطقة الواقعة على بحـر عمان المحاذي لسلسلة جبال الحجر الغربي بالباطنـة، التي هي الشـاطئ السـاحلي الـذي شـكلته الوديـان الهابطـة مـن الجبـال، ويتراوح اتسـاعه مـا بين 15 و80 كيلومترا، كما يتجـاوز طولـه 300 كيلومتر، وهـي المنطقـة الزراعيـة الرئيسـة في سـلطنة عمان، وتمتدّ الباطنة شمالا من مسـقط حتـى حـدود دولـة الإمـارات العربيـة المتحـدة، ينظر الخريطة  الآتية:

ويبلـغ عـدد سـكان محافظـة شمال الباطنـة:784.681 نسـمة بحسب تعـداد عام 2020م، و833.766 نسـمة  وفقـا لإحصائيـات المركـز الوطنـي للإحصـاء والمعلومـات لشـهر أغسـطس 2022 (وزارة الإعلام، 2023: 42).
وتعدّ محافظـة شمال الباطنـة مـن أهم محافظـات سـلطنة عمان جغرافيـا واقتصاديـا، إذ كانـت نافـذة بحريـة ربطـت عمان بغيرها من الشعوب والحضارات عبر النشـاط البحـري والتجـاري العماني في الخليـج والمحيـط الهنـدي. وتأتي مدينة صحار في مقدمة مدن محافظة شمال الباطنة، فهي مركز المحافظة حاليا، وهي المدينة التاريخية التي لا تكاد تذكر عمان تاريخيا إلا وكان لهذه المدينة نصيب من ذلك، فهي المدينة التي احتضت الدعوة المحمدية للإسلام بقيادة جيفر وعبد ابني الجلندى (بدوي ، 2011)، وقد عرفت مدينة صحار عبر الحقب الزمنية البعيدة بإنتاجها للنحاس منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وقد ورد ذكرها بشكل كبير في كتب الرحالة والمؤرخين الإسلاميين من أمثال: (الأصطخري، 1927: 25) الذي وصفها بأنها قصبة عمان ووصف عمارتها وتجارتها، و(المقدسي، 1967: 92-93) الذي وصف مسجدها وماءها وزرعها، و(ابن المجاور، 1986: 284) الذي وصف حجم التبادل التجاري الكبير في مدينة صحار، و(المسعودي ، د.ت: 60، 65) الذي بيّن الدور التجاري الكبير لمدينة صحار وتسمية الفرس لها باسم "مزون"، قبل أن يأتي (القلقشندي ، د.ت: 55) ليصف مدينة صحار بأنها قد باتت خرابا. 
أما من الناحية الديموغرافية فقد كانت محافظة شمال الباطنة دائما مفتوحة للتأثيرات الاجتماعية واللغوية الخارجية؛ بسبب سهولة الوصول إليها عبر البحر، فهي بوتقة انصهرت فيها عناصر متباينة على مدى قرون عديدة في فسيفساء متنوعة جدا من التأثيرات الاجتماعية والثقافية واللغوية، إذ وقع سكان سواحل الباطنة عبر الحقب الزمنية المختلفة تحت تأثيرات متباينة ومتبادلة من أهل الخليج المجاورين، أو من  الفرس والبرتغاليين والإنجليز والشعوب غير العربية الأخرى، مثل: البلوش والأفارقة، فضلا عن تدفقات من العمانيين "العائدين"  من شرق أفريقيا الذين دفعتهم عوامل مختلفة للهجرة ثم العودة (هولز، 1989: 448(. وقد كان هؤلاء العمانيون يستعملون اللغة السواحيلية في شرق أفريقيا مع حلول القرن العشرين، باستثناء القليل منهم الذين كانوا يستعملون اللغة العربية إلى جانب اللغة السواحيلية، وهم ممن نالوا قسطا من التعليم، أو من التجار الذين حافظوا على الهجرات المستمرة بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية (Valeri, 2007: 485) وقد كان عدد من العمانيين قبل حكم السلطان قابوس عام 1970 يسافرون إلى الخليج من أجل الحصول على التعليم أو فرص العمل، وقد ساعد الجوار الجغرافي وسهولة التنقل عبر البحر أو البر سكان شمال الباطنة على السفر إلى الخليج، وقد نتج عن هذا التواصل والاحتكاك وعن غيره من العوامل المرتبطة بالعولمة خلط اللهجات العمانية وبخاصة الساحلية منها بخصائص من اللهجات الخليجية. فضلا عن أن التغييرات الكبيرة والسريعة في شتى مناحي الحياة في سلطنة عمان قد ساعدت على إدخال كلمات جديدة من اللغة العربية الحديثة. علاوة على ذلك يمكن العثور على العديد من الكلمات المستعارة وبخاصة من الفارسية والهندية والإنجليزية في اللهجات العمانية، ومع ذلك لا تزال اللهجات العمانية تحتفظ بعدد جيد من الخصائص الأصيلة التي تميزها من غيرها من لهجات شبه الجزيرة العربية (Grünbichler, 2015).
وقد أدت العوامل السابقة مجتمعة فضلا عن التركيز الحضري المستمر الذي حدث في ضوء التنمية الاقتصادية المتسارعة في عمان منذ عام 1970، وإدخال التعليم الشامل إلى زيادة كبيرة في الاتصال بين المجموعات اللهجية في المدن العمانية. وقد نتج عن ذلك ظهور لهجات مختلطة، أو نوع من اللهجة المتخففة من خصوصية اللهجات المحلية، يكون الناطقون فيها مدفوعين بالحاجة إلى نقل المعلومات بشكل واضح وفعال قدر الإمكان، ومن ثم يختارون استراتيجيات أكثر وضوحا من الناحية الشكلية على تلك التي قد تؤدي إلى الغموض أو عدم الوضوح، ينظر: (Kusters, 2003: 40-41).
وعلى الرغم من زيادة التركيز الحضري ونزوح أعداد من البشر من القرى الجبلية إلى المدن الحضرية الساحلية في شمال الباطنة، إلا أن أعدادا من القاطنين لا يزالون مستقرين في القرى الجبلية والأودية، ويحمل هؤلاء عادة لهجة مختلفة عن لهجة الساحل على النحو الذي سيظهر في الصفحات القادمة من هذه الدراسة. وقد أتاحت هذه الأودية التواصل والاحتكاك تاريخيا بين المكونات القبلية بين سكان الجبال والأودية، وبينهم وسكان السواحل في ولايات شمال الباطنة؛ بهدف الحصول على الأسماك مقابل ما ينتجونه من محاصيل زراعية، وبينهم وبين المناطق المجاورة في جنوب الباطنة (الرستاق)، والظاهرة (عبري وينقل) والبريمي. وقد ارتبطت قبائل مناطق شمال الباطنة بغيرها من القبائل في تحالفات قبلية، سواء أكانت في مناطق أخرى من شمال الباطنة أم في مناطق مجاورة، مثل جنوب الباطنة والظاهرة والبريمي.

3. الإجراءات المنهجية
بدأت الدراسة بملاحظات جمعها الباحثون عن الموضوع المدروس، إذ إن أحد الباحثين لديه دراسات سابقة عن لهجات سلطنة عمان بما فيها لهجات شمال الباطنة، فضلا عن أن الباحثتين تنتميان إلى هذه المنطقة الجغرافية. وقد جمعت مادة هذه الدراسة في الفترة بين 8 نوفمبر 2024 حتى 20 فبراير 2025، وكان بداية ذلك عبر زيارات ميدانية منظمة إلى 8 من كبار السن (7 ذكور وامرأة واحدة) في الولايتين الآتيتين: صحم والخابورة، وقد طرحت عليهم مجموعة من الأسئلة تناولت نمط المعيشة السابق والأدوات المستعملة في الصيد البحري وفي الزراعة، والكلمات التي يشعرون أنها لم تعد تستعمل اليوم بسبب التغيرات الكبيرة في مختلف مناحي الحياة. وأثمرت هذه الزيارات حوالي ساعتين من التسجيل باستعمال التطبيق Voice Memos على جهاز آبل من نوع iPhone 15. وبعد الاستماع إلى التسجيلات وتفريغها رصد الباحثون كلمات كثيرة من حقلي البحر والزراعة. تلا ذلك إعداد استبانة تضمنت مجموعة من الكلمات الخاصة بكل حقل دلالي، وأشرفت الباحثتان على توزيعهما على 18 ناطقا من مختلف ولايات محافظة شمال الباطنة: السويق، والخابورة، وصحم، وصحار، ولوى. مع مراعاة توزيع الناطقين على الفئات العمرية المعتمدة في هذه الدراسة، وهي: الفئة العمرية: 12-24، والفئة العمرية: 25-54، والفئة العمرية: أكبر من 55 سنة، ومحاولة الموازنة بين الذكور والإناث (10 ذكور و8 إناث). واختتمت هذه الإجراءات بتحليل الاستبانات وعرض نتائجها.

4. نتائج وتحليلات
تركز الدراسة الحالية على رصد مظاهر التغير الذي طرأ على المعجم البحري الخاص بلهجة أهل الساحل والمعجم الزراعي الخاص بلهجة أهل المناطق الجبلية في محافظة شمال الباطنة. وعلى الرغم من أن الدراسة تابعت استعمال 72 كلمة من الحقل المعجمي الخاص بالبحر والزراعة بمعدل 36 كلمة لكل حقل دلالي، إلا أن التحليل سيقدّم نماذج إحصائية دالة لـ 10 كلمات من كل حقل. وقد أظهرت نتائج متابعة هذه الكلمات لدى الناطقين من سكان السواحل أو المناطق الجبلية بمختلف فئاتهم العمرية النتائج الآتية:
4.1 المعجم الزراعي
الكلمة الأولى: زغبة /zaġbah/: تعني نوعا من الحشائش التي تستعمل علفا للحيوانات. تظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين تفاوتا في الإجابات على النحو الذي يظهره المخطط (1):

 

 

 

وتظهر النتائج الكفاءة المطلقة لدى كل المشاركين من الفئة العمرية الأكبر: (أكبر من 55 سنة)، وقد أضاف أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية وصفا للون هذا النوع من الحشائش الذي قد يكون أبيض أو أحمر. وفي المقابل فإن هناك تراجعا واضحا للكفاءة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأصغر(12-24)، إذ لم يستطع اثنان من أصل ثلاثة مشاركين في معرفة معنى هذه الكلمة في حين أن أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية قد استطاع معرفة الكلمة والسبب أنه لا يزال يشتغل بالزراعة والحصاد، وأظهر المشاركون من الفئة العمرية (25-54) إجابات غريبة إلى حد ما، إذ إن أحدهم لم يعرف معنى الكلمة في حين أن اثنين منهم ذكروا معنى مختلفا لهذه الكلمة، وهو "أمسكه" وهو معنى بعيد عن المعنى الأصلي للكلمة، ولكن يبدو أنهما ذهبا إلى معنى كلمة أخرى قريبة من هذه الكلمة وهي كلمة: "أزغبه" /ˀazaqbah/ التي تعني "أخنقه بإمساكه من العنق". 
الكلمة الثانية: غشمر /ġašmar/: تعني نوعا من أنواع الحشائش لونه أحمر. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (2):
 

 

 

وتظهر النتائج تراجعا واضحا في الكفاءة اللغوية لدى الفئتين العمريتين الأكبر (أكبر من 55 سنة) والأصغر (12-24)، إذ استطاع شخص واحد فقط من فئة كبار السن معرفة الكلمة، وفي المقابل فإن شخصين الفئة العمرية المتوسطة (25-54) استطاعا معرفة الكلمة، وعجز واحد فقط من هذه الفئة العمرية على معرفة هذه الكلمة. 
الكلمة الثالثة: دعنة /daˁnah/: تعني الأرض المنبسطة، وقد حددها بروكيت بأنها أرض خصبة (Brockett, 1985, p. 100). وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (3):

 

 

 


تظهر النتائج كفاءة لغوية مطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى الفئتين العمريتين الأكبر (أكبر من 55 سنة) و(25-54)، على الرغم من أن مشاركا واحدا فقط من الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55) أضاف صفة لهذه الأرض بقوله "الأرض المنبسطة". وفي المقابل فإن اثنين من المشاركين من الفئة العمرية الأصغر لم يستطيعا معرفة الكلمة، ونجح واحد فقط في الاهتداء إلى معنى هذه الكلمة.
الكلمة الرابعة: خوشان /xōšān/: تعني نوعا من النباتات البرية يشبه الفجل فيه شوك. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (4):

 

 

 

تظهر النتائج غيابا مطلقا للكفاءة اللغوية في معرفة هذه الكلمة لدى الفئة العمرية الأصغر (12-24)، وفي المقابل فإن اثنين من المشاركين من الفئة العمرية المتوسطة (25-54) لم يستطيعا معرفة الكلمة، ونجح واحد فقط في الاهتداء إلى معنى هذه الكلمة عندما أشار إلى أنها تعني نوعا من النباتات البرية. أما الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55 سنة) فقد نجح اثنان منهم في معرفة معنى الكلمة على الرغم من أحد المشاركين لم يشبه هذه النبتة بالفجل وأشار بأن أوراقها كبيرة، ولم يهتدِ أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية إلى معرفة ذلك.
الكلمة الخامسة: لعشيشات /lə-ˁšēšāt/: تعني بيوتا صغيرة وسط الجبل مبنية من الحجر بشكل أساسي أو قد تكون من سعف النخيل ولكن بصورة أقل، ويلجأ الناس إلى هذه البيوت فرارا من السيول الجارفة أو عند اشتداد الحرارة بشكل كبير. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (5):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55 سنة) على الرغم من اختلاف الكلمات المستعملة في وصف هذه البيوت، واكتفى أحدهم بوصفها بأنها بيوت صغيرة وبيّن الآخر أنها بيوت تكون تحت الأشجار أو فوقها. وفي المقابل يظهر الغياب المطلق للكفاءة لدى الفئة العمرية الأصغر (12-24)، أما الفئة العمرية المتوسطة فإن اثنين من المشاركين لم يستطيعا معرفة الكلمة، ونجح واحد فقط في الاهتداء إلى معنى هذه الكلمة التي عبّر عنها بأنها بيوت من سعف النخيل. إن هذا النوع من البيوت لم يعد يستعمل اليوم لعدم الحاجة إليه؛ بسبب ظهور المباني الحديثة الآمنة المجهزة بجميع وسائل الراحة والاستقرار، ويلاحظ أن جميع المشاركين من الفئة العمرية الصغيرة ومشاركين اثنين من الفئة العمرية المتوسطة لم يعرفوا معنى هذه الكلمة على الرغم من أنها قد تبنى بسعف النخيل، ولكن غياب المعرفة جاء من اندثار هذا النوع من البيوت بسبب مظاهر التقادم الثقافي، ثم إن هذه البيوت تبنى بشكل أساسي باستخدام الحجارة ويأتي سعف النخيل في المرتبة الثانية بعد ذلك. 
الكلمة السادسة: شرجة /šargah/: تعني مجرى المياه المنحدرة من أعالي الجبال عند هطول الأمطار. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية في المخطط (6):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئتين العمريتين الأكبر (أكبر من 55 سنة) والمتوسطة (25-54)، والغياب المطلق للكفاءة لدى الفئة العمرية الأصغر (12-24). وقد حدّد أحد المشاركين من الفئة العمرية المتوسطة معنى هذه الكلمة بأنه بركة تتجمع فيها مياه الأمطار، وذكر أحد المشاركين من الفئة العمرية الكبيرة بأن الشرجة هي مكان تتجمع فيه مياه الأمطار.
الكلمة السابعة: القرنة /ˀal-qarnah/: تعني قمة الجبل . وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (7):

 

 

 

تظهر النتائج غياب الكفاءة بشكل كلي في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأصغر (12-24)، أما الفئة العمرية المتوسطة (25-54) فقد أجاب اثنان من المشاركين بمعنى مغاير وهو "زاوية"، ولم يعرفا للكلمة استعمالا آخر غير ذلك، واكتفى أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية بقوله: "لا أعرف". أما الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55) فقد أجاب اثنان منهم عن المعنى الصحيح للكلمة وذكر المشارك الثالث معنى "زاوية". يلاحظ أن كلمة القرنة أصبحت تستعمل اليوم بشكل كبير للدلالة على معنى "زاوية" وهو معنى منتشر في مختلف مناطق سلطنة عمان. 
الكلمة الثامنة: وقنة /wuqnah/: تعني أرضا صغيرة مستطيلة الشكل يزرع فيها علف للحيوانات الذي يسمى محليا بـ "القت" . وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (8):

 

 

 

تظهر النتائج غياب الكفاءة بشكل كلي في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأصغر (12-24)، أما الفئتان العمريتان الكبرى (أكبر من 55) والمتوسطة (25-54) فقد أجاب اثنان من المشاركين في كل فئة بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتد مشارك واحد من كل فئة إلى معرفة معنى الكلمة، واكتفى بقوله: "لا أعرف". ويظهر أن المشاركين اللذين عرفا معنى الكلمة من الفئة المتوسطة لم يدخلا في التفاصيل، بل اكتفيا بالإشارة إلى أنها مساحة مخصصة للزراعة، وقد شبه أحد المشاركين من الفئة العمرية الأكبر "الوقنة بـ "الجلبة" ، وهذه الأخيرة تعني قطعة أرض للزراعة نادرا ما تزيد مساحتها على 100 في 20 قدم (Brockett, 1985, p. 75).
الكلمة التاسعة: مزماه /mizmāh/: تعني وعاء كبيرا من سعف النخيل يستعمل لحمل التمور، وهو أكبر أنواع القفر، ويساوي 3 قفران (الداودي والشكيلية، 2023، ص 161). وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (9):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55)، وكفاءة جيدة بمعرفة هذه الكلمة لدى الفئتين العمريتين المتوسطة والصغرى، فقد أجاب اثنان من المشاركين في كل فئة بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتد مشارك واحد من كل فئة إلى معرفة معنى الكلمة، واكتفى بقوله: "لا أعرف". وعند النظر إلى إجابات المشاركين نجد أن مشاركين من الفئة الصغيرة ومشاركا واحدا من الفئة الكبيرة قد قصروا استعمال هذا الوعاء لحمل الرطب في بدايات موسم جني التمور الذي يسمّى محليا "القيظ"، وقد اكتفى مشاركان أحدهما من الفئة الكبيرة والآخر من الفئة المتوسطة بذكر المادة الخام التي يصنع منها هذا الوعاء وهو سعف النخيل دون التطرق إلى مجال استعماله.
الكلمة العاشرة: السمّة /ˀas-samah/: تعني بساطا يوضع فوقه الطعام مصنوعا من سعف النخيل. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية في المخطط (10):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55)، وكفاءة جيدة بمعرفة هذه الكلمة لدى الفئة العمرية المتوسطة (25-54)، فقد أجاب اثنان من المشاركين بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتد مشارك واحد إلى معرفة معنى الكلمة، واكتفى بقوله: "لا أعرف". أما الفئة العمرية الأصغر (12-24) فقد أجاب مشارك واحد فقط بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتدِ اثنان منهم إلى ذلك. ويلاحظ أن مشاركين أحدهما من الفئة العمرية المتوسطة وآخر من الفئة العمرية الصغيرة قد ذكرا مجال استعمال "السمة" إذ يوضع فوقها الطعام، في حين ذكر مشارك من الفئة العمرية الكبيرة أنها تستعمل فراشا للجلوس.

 


4.2 المعجم البحري
الكلمة الأولى: البِدن /ˀal-bidən/: تعني مركبا خشبيا قديما. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (11):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55)، مقابل غيابها بشكل كلي لدى المشاركين من الفئة العمرية الأصغر (12-24). أما الفئة المتوسطة (25-24) فقد أظهروا كفاءة جيدة بمعرفة هذه الكلمة، إذ أجاب اثنان من المشاركين بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتد مشارك واحد إلى معرفة معنى الكلمة، واكتفى بقوله: "لا أعرف". ويلاحظ أن المشاركين من الفئة المتوسطة يطلقون أوصافا على هذا النوع من السفن من حيث وصفه بالمركب الخشبي القديم أو المركب الكبير القديم. 
الكلمة الثانية: الثوي /ˀaθ-θaway/: تعني فرشا من سعف النخيل توضع على ظهر الحمار لنقل السماد والأسماك. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (12):

 

 

 


تظهر النتائج غياب الكفاءة بشكل كلي في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئتين العمريتين المتوسطة (25-54) والصغرى (12-24)، أما الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55) فقد أظهروا كفاءة جيدة بمعرفة هذه الكلمة، إذ أجاب اثنان من المشاركين بالمعنى الصحيح للكلمة، ولم يهتد مشارك واحد إلى معرفة معنى الكلمة، واكتفى بقوله: "لا أعرف". ويلاحظ أن اثنين من المشاركين من الفئة العمرية الأكبر قد أشارا إلى أن الحمار هو الوسيلة المستعملة للنقل قديما في حين أن أحد المشاركين لم يخصص الحمار دون غيره من الحيوانات. ويلاحظ أن تراجع هذه الكلمة وانحسارها بشكل كبير عائد إلى مظاهر التقادم الثقافي وعدم الحاجة اليوم إلى هذه الأدوات لنقل الأسماك والأسمدة على الحمير. 
الكلمة الثالثة: الأنير  /ˀal-ˀanyar/: تعني مرساة متعددة الأذرع تستخدم للسفن الصغيرة وتكون من الحجر (Brockett, 1985, p. 53) أو الحديد، وهي أصغر من "الباورة"، وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (13):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من جميع الفئات العمرية، ويلاحظ أن أحد المشاركين من الفئة العمرية الأكبر قد ربط هذه الأداة بـ "الباورة" وهي مرساة كبيرة، مبيّنا أن "الأنير" مرساة أصغر من الباورة، وقد بيّن بقية المشاركين من جميع الفئات العمرية ما عدا واحد وظيفة هذه الأداة، إذ بيّنوا أنها تستعمل لتثبيت القارب وإيقافه، وقد ربط مشارك واحد فقط من الفئة العمرية المتوسطة هذه الأداة بتثبيت شباك الصيد.
الكلمة الرابعة: ضربة الشّلي /ð̣arbat ˀaš-šilli /: تعني أنواء مناخية فيها رياح شديدة وأمطار غزيرة تتشكّل عادة في الفترة بين شهر مايو ويوليو، وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (14):

 

 

 


تظهر النتائج غياب الكفاءة بشكل كلي في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من الفئة العمرية الأصغر (12-24)، أما المشاركون من الفئتين العمريتين الكبرى (أكبر من 55) والمتوسطة (25-54) فقد أظهروا كفاءة مطلقة في معرفة هذه الكلمة. وقد حدد مشارك من الفئة العمرية الكبيرة ومشارك من الفئة العمرية المتوسطة الشهور التي تحدث فيها هذه الأنواء المناخية، وقد ظهر تفاوت طفيف في ذلك، إذ حددها المشارك من الفئة العمرية الكبيرة بشهري يونيو ويوليو في حين حددها مشارك من الفئة العمرية الأخرى بشهري مايو ويونيو، وهناك مشارك آخر من الفئة العمرية المتوسطة ذكر أنها تحدث في فصل الشتاء! أما بقية المشاركين الذي عرفوا أن هذه الكلمة تشير إلى الأنواء المناخية فقد اكتفوا بوصف تأثيرها من حيث شدة هبوب الرياح دون أن يقرنوا ذلك بفترة زمنية محددة.
الكلمة الخامسة: الهيّالي /ˀal-hayyāli/: تعني شباك كبير لصيد الأسماك، تترك طوال الليل لالتقاط الأسماك التي تسبح باتجاهها (Brockett, 1985, p. 215). وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (15):

 

 

 


تظهر النتائج تفاوتا في نسبة الكفاءة لدى المشاركين في معرفة هذه الكلمة، إذ أظهر اثنان من المشاركين من الفئة العمرية الأكبر (أكبر من 55) معرفة دقيقة بمعنى هذه الكلمة، ولم يستطع أحد المشاركين معرفة هذه الكلمة، وربما يعزى السبب إلى كون هذا المشارك امرأة، فهي على الرغم من كبر سنها إلا أن الاهتمام بالصيد والبحر غالبا ما يكون للرجال دون النساء. أما المشاركون من الفئة العمرية المتوسطة (25-54) فقد أظهر اثنان منهم معرفة بمعنى الكلمة وإن كان أحدهم لم يحدد بدقة وقت الصيد الذي ينبغي أن يكون ليلا، أما المشارك الثالث من هذه الفئة العمرية فلم يهتدِ إلى معنى هذه الكلمة. وأخيرا فإن اثنين من المشاركين من الفئة العمرية الأصغر لم يعرفا معنى هذه الكلمة، واكتفى المشارك الثالث بالإشارة إلى ارتباط الكلمة بالصيد دون تحديد الوقت.  
الكلمة السادسة: ظك الليخ /ð̣akk ˀal-lēx/: تعني فتح الشباك "الليخ" واستخراج الأسماك منه. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (16):

 

 

 


تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين الفئتين العمريتين الكبرى (أكبر من 55) والمتوسطة (25-54) فقد أظهروا معرفة دقيقة بمعنى هذه الكلمة. وأظهر مشاركان اثنان من الفئة العمرية الأصغر (12-24) أيضا معرفة بمعنى الكلمة، في حين لم يهتدِ أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية إلى معرفة معنى هذه الكلمة واكتفى بقوله: "لا أعرف". ومن الملاحظ أن المشاركين من الفئة العمرية الأصغر قد استطاع اثنان منهم الاهتداء إلى المعنى الدقيق للكلمة وربما يعزى ذلك إلى أن هذا النشاط لا يزال قائما حتى اليوم، وأن الكبار والشباب والصغار يمارسون هذا النشاط بصورة شبه أسبوعية.
الكلمة السابعة: الميدار /ˀal-mīdār/: تعني قطعة صغيرة من الحديد تثبّت على خيط صيد الأسماك؛ فتعلق في فم السمك. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (17):

 

 

 


تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من جميع الفئات العمرية، وربما يعزى ذلك إلى أن أداة الصيد بهذه الطريقة لا تزال مستعملة حتى اليوم بالمسمى نفسه، وإن كانت قد شهدت تغييرات طفيفة في نوع الخيط والحديد وطريقة الاستعمال. وقد وردت كلمة "سانة" لدى ثلاثة من المشاركين اثنين منهم من الفئة العمرية المتوسطة والآخر من الفئة العمرية الكبيرة، ويقصد بها أن القطعة الحديدة حادة جدا.
الكلمة الثامنة: القفير /ˀal-gəfīr/: تعني وعاء كبيرا من سعف النخيل يستعمل لنقل الأسماك والتمور . وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية في المخطط (18):

 

 

 


تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين من جميع الفئات العمرية، وقد بيّن بعض المشاركين من الفئتين العمريتين الكبيرة والمتوسطة أن هذا الوعاء المصنوع من سعف النخيل يستعمل لنقل الأسماك والتمور، واكتفى مشاركان من الفئة العمرية الصغيرة بالإشارة إلى دور هذا الوعاء في نقل الطعام وحفظه. وربما تعزى المعرفة التامة بهذه الكلمة أن هذه الأداة لا تزال مستعملة حتى اليوم، كما أنها متداولة بشكل واضح في المهرجانات التراثية وأنشطة جمعيات المرأة العمانية ومما يدلل على ذلك ما ذكره أحد المشاركين من الفئة العمرية المتوسطة عندما قال: إنه "صناعة حرفية صغيرة الحجم من سعف النخيل"، كما أن المنتجات المصنوعة من النخلة تحظى بقيمة كبيرة في سلطنة عمان، وهناك مشاريع بحثية  وإصدارات علمية تسعى نحو توثيق الموروث الخاص بشجرة النخيل، ومن ثم فلا غرابة أن تحافظ الأجيال على تداول هذه الكلمات المرتبطة بالنخلة.  
الكلمة التاسعة: الشاشة /ˀaš-šāšah/: تعني قاربا صغيرا مصنوعا من السعف. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (19):

 

 

 


تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين الفئتين العمريتين الكبرى (أكبر من 55) والمتوسطة (25-54) فقد أظهروا معرفة دقيقة بمعنى هذه الكلمة. وأظهر مشاركان اثنان من الفئة العمرية الأصغر (12-24) أيضا معرفة بمعنى الكلمة، في حين لم يهتدِ أحد المشاركين من هذه الفئة العمرية إلى معرفة معنى هذه الكلمة واكتفى بقوله: "لا أعرف". ويلاحظ أن المشاركين من مختلف الفئات العمرية الذين عرفوا أن الكلمة تعني القارب الصغير قد وردت في إجاباتهم إشارة إلى المادة المستعملة في صناعة هذا النوع من القوارب وهي سعف النخيل؛ مما يؤكد ارتباط مختلف الأجيال بالنخلة ومعرفة أغلب الصناعات التي تعتمد عليها والمعارف المرتبطة بذلك. ويذكر الرواة أن هذا النوع من السفن كان مستعملا قبل حوالي 20 سنة، وأنها لا تزال متناثرة على شواطئ شمال الباطنة يستفيد منها الصيادون حاليا في حفظ بعض أدوات الصيد.
الكلمة العاشرة: القطين /ˀal-gṭīn/: تعني شباك الصيد الذي يستخدم في عملية تجميع الأسماك فيما يعرف محليا بـ "الضاغية" وهي عبارة عن مجموعة من الصيادين تتراوح أعدادهم بين 16 و20 شخصا يتقدمهم الرئيس. وتظهر نتائج متابعة هذه الكلمة عند المشاركين الإجابات الآتية كما يظهر في المخطط (20):

 

 

 

تظهر النتائج الكفاءة المطلقة في معرفة هذه الكلمة لدى المشاركين الفئتين العمريتين الكبرى (أكبر من 55) والمتوسطة (25-54) فقد أظهروا معرفة دقيقة بمعنى هذه الكلمة. وأظهر مشارك واحد من الفئة العمرية الأصغر (12-24) أيضا معرفة بمعنى الكلمة، في حين لم يهتدِ اثنان من المشاركين من هذه الفئة العمرية إلى معرفة معنى هذه الكلمة. ويلاحظ أن أحد المشاركين من الفئة المتوسطة قد خصص هذا النوع من شباك الصيد لاصطياد الأسماك الصغيرة، وهو ما لم يذكره أحد غيره من المشاركين.
5. خاتمة ونتائج
تشير النتائج المستخلصة من الدراسة إلى أن معجم لهجات شمال الباطنة في سلطنة عمان يشهد تحولات لغوية ملحوظة؛ نتيجة للتغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ومن أبرز ما توصلت إليه الدراسة:
• انحسار بعض المفردات التقليدية:
هناك انخفاض كبير في استعمال بعض المفردات، مثل: "الثوي"، و"لعشيشات"، و"البدن"، و"القطين"، وهو ما يُعزى إلى التقادم الثقافي وتراجع الحاجة إليها مع اعتماد مصطلحات أكثر حداثة. كما تراجع استخدام الكلمات المحلية للدلالة على الظواهر المناخية، مثل: "ضربة الشلّي" واستُبدلت بمصطلحات علمية معاصرة سواء تلك التي وضعتها الجهات المتخصصة في سلطنة عمان على غرار "منخفض المطير" أو تلك المسماة بالتعاون بين سلطنة عمان وعدد من الدول المجاورة، مثل: "إعصار جونو" وإعصار "موكونو".
• بقاء بعض المفردات:
تبين أن بعض الكلمات، مثل: "الأنير"، "الهيالي"، "ظك الليخ"، و"الميدار" لا تزال محتفظة بمكانتها في الاستخدام اليومي لدى المشاركين من مختلف الفئات العمرية، مما قد يعزى إلى استمرار استعمال هذه الأدوات بمسمياتها التقليدية على الرغم من التحديث الذي قد يطرأ على أجزاء من هذه الأدوات إلا أن هيكلها العام لا يزال كما كان. وبما أن أهل السواحل من مختلف الفئات العمرية لا يزالون يمارسون مهنة الصيد فإن هذه المسميات لا تزال متداولة بين مختلف الأجيال الأمر الذي قد يتكفّل ببقائها والحفاظ عليها.
ومما يلاحظ  أيضا بقاء الكلمات المرتبطة بالأدوات المصنوعة من سعف النخيل التي لا يتطلب صناعتها جهدا كبيرا، مثل: "القفير" و"المزماه" على انتشارها في الاستخدام اليومي، مدعومة بالجهود الحكومية والخاصة للحفاظ على الصناعات التراثية بخاصة تلك الصناعات المرتبطة بالنخيل. أما الأدوات التي يتطلب صناعتها جهدا كبيرا، مثل: "الشاشة" وهي نوع من السفن المصنوعة من سعف النخيل، فإنها على الرغم من توقف استعمالها في الإبحار والصيد البحري منذ حوالي عقدين من الزمن إلا أنها لا تزال معروفة بشكل كبير لدى معظم المشاركين، والسبب يعود إلى قرب فترة انقطاع استعمالها، وبقاء نماذج منها على شاطئ البحر في بعض ولايات محافظة شمال الباطنة؛ للاستفادة منها في حفظ أدوات الصيد. 
• تعدد المعاني واللبس الدلالي:
أظهرت الدراسة تباينًا في استيعاب المشاركين لبعض المفردات، مثل: كلمة "زغبة" التي أفرزت ردودا متفاوتة، ربما نتيجة للتشابه الصوتي مع كلمة "أزغبه" بمعنى الإمساك من العنق. وتباينت معاني كلمة "قرنة"؛ إذ أشار بعض المشاركين إلى معناها التقليدي المتعلق بالحقل الزراعي، بينما أُدرج معنى آخر، هو "الزاوية"، ويعدّ ذلك من باب ما اتفق لفظه واختلف معناه؛ مما يستدعي ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الدقيقة للتوثيق بهدف الحفاظ على هذا الثراء اللغوي.
• تأثير الانفصال عن البيئة الطبيعية:
يُلاحظ أن المفردات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالطبيعة، مثل: "شرجة"، و"قرنة"، و"وقنة" قد شهدت انحسارا ملحوظا؛ بسبب تراجع ارتباط الإنسان بالطبيعة في ظل متطلبات الحياة العصرية وما أفرزته من تغييرات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية.
مجمل القول إن الدراسة تُظهر بوضوح أن معجم لهجات شمال الباطنة يخضع لعمليات تحول متسارعة نتيجة للتحديث والتغير في الاحتياجات الثقافية والاجتماعية. ويبرز هذا البحث أهمية توثيق المعاجم المحلية والحفاظ عليها كأحد مقومات الهوية التراثية واللغوية في سلطنة عمان. إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تدعو إلى تعزيز الجهود البحثية والسياسات التراثية الرامية إلى دعم اللهجات المحلية، بحيث يُمكن للأجيال القادمة الاستفادة من ثراء التراث اللغوي والاحتفاظ به بعدّه جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية. بقي أن نشير إلى أن الإحصاءات الواردة في هذه الدراسة على أهميتها إلا أنها تظل محدودة، ولا يمكن تعميمها على جميع الناطقين من مختلف الفئات العمرية في محافظة شمال الباطنة، ومع ذلك فإن فيها مؤشرا مهما لتقييم الكفاءة اللغوية لدى الناطقين من مختلف الفئات العمرية المختلفة من خلال تتبع استعمالهم لحقلين دلالين ارتبطا بحياة الإنسان في شمال الباطنة هما: الزراعة والحياة البحرية. ومن أجل إعطاء صورة أكثر شمولية للكفاءة اللغوية لا بد من إجراء دراسات إحصائية قادمة تستهدف عينات كبيرة من الناطقين.

  • قائمة المراجع العربية
    الأصطخري. (1927). مسالك الممالك. ليدن: بريل.
    ابن دريد، محمد الحسن. (1987). جمهرة اللغة، تحق: رمزي منير بعلبكي. بيروت: دار الكتب العلمية.
    ابن المجاور. (1986). صفة بلاد اليمن ومكة بعض الحجاز، ط2. المدينة المنورة: منشورات المدينة.
    بدوي، بشير . (2011). مدينة صحار ودورها التاريخي بعمان. دراسات حوض النيل، مج,7 ع،1، الصفحات 74-85.
    الداودي، زاهر، الشكيلية، وضحة. (2023). الألفاظ الزراعية في لهجة أهل الرستاق: دراسة معجمية. مسقط: المنتدى الأدبي، وزارة الثقافة والرياضة والشباب.
    القلقشندي . (د.ت). صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ج5. القاهرة: وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
    المسعودي . (د.ت). مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1. بيروت
    المقدسي. (1967). أحسن التقاسيم، ط2. ليدن: بريل.
    وزارة الإسكان والتخطيط العمراني. (2020). الاستراتيجية العمرانية الإقليمية محافظة شمال الباطنة. مسقط: وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.
    وزارة الإعلام. (2023). عمان الرؤية وصناعة المستقبل. مسقط: وزارة الإعلام.

  • قائمة المراجع الأجنبية
    Brockett, A. (1985). The Spoken Arabic of Khābūra on the Bāṭina of Oman. Manchester: Manchester University Press.
    Crystal, D. (2000). Language Death. Cambridge University Press.
    Dorian, N. C. (1989). Investigating Obsolescence: Studies in Language Contraction and Death. Cambridge University Press.
    Fishman, J. A. (1991). Reversing Language Shift: Theoretical and Empirical Foundations of Assistance to Threatened Languages. Multilingual Matters.
    Grünbichler, E. (2015). Linguistic Remarks on the Dialect of AL-Buraymi, Oman. In G. G. Bituna (Ed.) . Arabic Varieties: Far and Wide (pp. 267-272). Bucharest: Proceedings of the 11th International Conference of AIDA.
    Holes, C. (1989). Towards a dialect geography of Oman. Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 52(3), pp. 446-462.
    Kusters, C. (2003). Linguistic complexity : the influence of social change on verbal inflection. Leiden: LOT [Dissertation].
    Romaine, S. (2007). "Preserving Endangered Languages." Language and Linguistics Compass, 1(1), 115-132.
    Thomason, S. G. (2001). Endangered Languages: An Introduction. Cambridge University Press.
    Valeri, M. (2007). Nation-Building and Communities in Oman Since 1970: The Swahili-Speaking Omani in Search of Identity. African Affairs, Vol. 106, Issue 424, pp. 479-496.