كلمة العدد
الباحث المراسل | د. يعقوب آل ثاني | جامعة نزوى |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
يسرّنا في مجلة الخليل للدراسات اللغوية والأدبية أن نضع بين يدي الباحثين والمختصين العدد الخامس عشر من المجلة، متضمّنا ستة بحوث علمية خضعت إلى مراجعة محكّمين مختصِّين اعتمدتهم المجلة من داخل الجامعة وخارجها -حسب النظام الجاري في نشر المجلة.
وحرصا منا على أن تكون البحوث متنوّعة بما يتوافق مع اسمها، فقد طرقت موضوعات تطال الدرس الصوتي والصرفي، وأدب الرحلة، وقضايا الشعر العربي القديم، والرواية العمانية. آملين أن تسهم في الحراك اللغوي والأدبي، وتشكّل مرجعا للباحثين والمختصّين.
تناولت الدراسة الأولى مظاهر التحاورية وأشكالها في فن النقائض، فقد أسهمت طبيعة فنِّ النقائض في انتشاره وولع الجمهور به، فهو فعل إنشائي عماده المباراة والمناظرة والتسلية وتحويل غرض المعنى إلى نقيضه، فشعراء النقائض ينشئون قصائدهم ويتوقعون ردود خصومهم ويستشرفونها، فالقصيدة المنقوضة بالفعل هي قصيدة نقيضة بالقوة.
أما البحث الثاني فيهدف إلى دراسة انسجام خطاب رحلة الحج في قصيدة الشيخ محمد بن موسى الكندي، متبعا منهج لسانيات النص. إذ وثَّق الشيخ محمد بن موسى الكندي رحلته إلى الحج شعرا، فكان للتوثيق بالشعر خصوصية لما له من أساليب تمايزه عن النثر، وقوانين تكبّله أحيانا وتطلق له مجالات إبداعية في بعض الأحيان، وتناول الباحث الغرض من الرحلة والبعد المكاني وما يواجهه المرتحل ويكابده من مشقَّة وعناء، كما عُني بتنوع خطاب الرحلة بين سرد وتقرير وحجاج، ووصف صورة الآخر، منفتحا على وصف الأمكنة والعادات والتقاليد.
والتفت البحث الثالث إلى دراسة "الشفاعة في رسالة صاعد البغدادي للوزير ابن الدبّ" وقد صنَّف الباحث الرسالة ضمن الرسائل الإخوانية من حيث المحتوى، والموضوع يتعلَّق بالتوسل إلى أرباب النفوذ للشفاعة لأصحاب الحاجات، لا لعمق العلاقة بين الشفيع والمستشفع، وهدف البحث إلى الكشف عن البنية الفنّيّة والاجتماعيّة النّفسيّة وتأثير هاتين البنيتين في نجاح (صاعد) أو تقصيره في تحقيق مطلبه من شفاعته عند الوزير (ابن الدّبّ) لصالح صديقه (ابن مسلمة)، وقد اعتمد المنهج التحليلي بما يُتيحُه من أدوات التَّحليل والاستنتاج وتفسير الظواهر والمشكلات الأدبية.
وقد جعلت المجلة مساحة للدراسات اللغوية في مستواها الصوتي، فجاء البحث الرابع ليدرس المخالفة الصوتية وأثرها في بنية الكلمة ودلالتها؛ إذ تحدث المخالفة لأسباب صوتية، وأحيانا نفسيَّة، وخرج الباحث بتأثير تلكم الأنواع على البنية والدلالة.
وفي المجال المعرفي ذاته درس البحث الخامس ظاهرة الإعلال والإبدال عند قطرب في معاني القرآن وتفسير مشكل إعرابه، وهي مدونة اهتمت بالجانب اللغوي في التفسير، وقد تتبع البحث ما وصل إليه قطرب في الدراسة الصوتية، وقارن الباحث بينه وبين شيخه سيبويه في دراسة ظاهرتي الإبدال والإعلال برصد مواطن المخالفة والموافقة والإضافة، وإذا كان البحث قد اهتم بظاهرة من الظواهر الصوتية فإنه يتضمن دعوة الباحثين إلى دراسة الظواهر اللغوية في معاني القرآن وتفسير مشكل إعرابه.
أما البحث السادس فالتفت إلى النقد الأدبي، إذ اختار الكاتب رواية "إنسان الزمن الجديد" ليدرس فيها الشخصيَّة/ البطل وإشكالية الزمن في الرواية، وسوّغ لاختياره دراسة الشخصية لتعدد نظرة الكتّاب وأساليبهم في بناء الشخصيات، ولاسيَّما شخصية البطل، واختلاف قدرتهم على توظيف هذه الشخصيات والاقتراب من كشف التقنية السردية التي تكمن في نص الكاتب ورسالته ومواقفه.
تلك إضاءات عامة لمادة هذا العدد، الذي يأتي امتدادا لمسيرة المجلة، والمجلة -بإذن الله- ماضية في رسالتها، ونشر ما يرد إليها من بحوث جادة تمثل إضافة في مجال الاختصاص. فحي هلا بكل البحوث الجادة. شاكرين الباحثين المشاركين، راجين لكم قراءة واعية، مرحبين باقتراحاتكم واستفساراتكم.
د. يعقوب بن سالم آل ثاني
رئيس التحرير