السبك النحوي الإحالي بالضمائر وعلاقته بالحبك لدى يونس البوسعيدي في مجموعته (كطائر يحلم بالمطر)

الباحث المراسلأ.د. فايز صبحي عبدالسلام جامعة السلطان قابوس

Date Of Submission :2023-02-22
Date Of Publication :2023-02-22
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

المُقدِّمة:

ممَّا لا شك فيه أنَّ اللُّغة تشكِّل بنية النَّص، يُفْتَرَضُ فيه أنْ تتوالى الكلمات متلاحمةً مبنيةً بناء منطقيًّا، يُفصح عن دلالةٍ مَّا أو رؤيةٍ مَّا لصاحبه، وقد تكون مُرْدَفَةً بفلسفةٍ مَّا، تكشف عن فِكْره وروح عصره الذي يعيش فيه، وقيمِ المجتمع التي تتوافق مع الشروط والمعايير الثقافية لبيئة الشَّاعر أو الكاتب أو ما يحيط به.

ويُلاحظُ أنها في  الوقت نفسِه تُفصحُ عن مقوماتِ شخصية الشَّاعر، سواءٌ أكانت مقوماتٍ فنيةً أم وجوديةً، والخطاب أو النَّص هو الشَّاعر نفسُه في النَّص؛ ثمّ فالتَّشكيل اللُّغوي يأتي انعكاسًا لِما يريده الشَّاعر أو الكاتب في أسلوبٍ يُفترضُ أنْ تتشكل المعاني الشِّعْريةُ به في النَّص الشِّعْريِّ.

ولمَّا كان النَّصُّ في بنائه مكوَّنًا من نُسُجٍ مُختلفة، فإنَّه يجب أنْ تكون مُتلاحمةً فيما بينها مكونةً بناء دلاليًّا، يُفصح عن معنًى نَصِّيِّ مَّا، ولمَّا كان ذلك كذلك فإنَّ سَبْكَ النَّص نحويًّا تُسهمُ فيه كثيرٌ من العناصر، نحوُ الإحالة، والاستبدال، والحذف، والوصل. وبَحْثُ هذه الوسائلِ في نصٍّ مَّا يحتاج إلى فُسحةٍ مكانيةٍ وزمانية، في أيِّ نتاجٍ، سواءٌ أكان شعرًا أَم نثرًا، ومن ذلك ما نراه من إنتاج أدبيٍّ مُتنوِّعٍ في سلطنة عُمان؛ ثم كانت هذه النظرة البحثية في مجموعة "كطائر يحلُم بالمطر" للشَّاعر العُمانيِّ يونس البوسعيدي، تلك النَّظرة التي راعت وعاء النشر وشروطه، فاقتصرت على السَّبك النَّحْوِيّ الإحاليّ وعلاقته بالحَبْك لاسيَّما السَّبكُ من خلال استعماله الضمائرَ، في إطار ما يكون به الملفوظ نصًّا(الزناد، 1998م: 18).

بناءً على ما سبق كان العنوان على ما هو عليه مُقيِّدًا ذلك في هذه المُقدِّمة بكونه في الضمائر فقط، من خلال بعض النماذج، من بين وسائل الإحالة التي تكمن في الضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة والإحالة بالمُقارنة (البوسعيدي، 2021م:12)([1])، وغير ذلك، وما كان ذلك كذلك أيضًا إلَّا من مُنطلق سمَاعِي تصريحَ الشَّاعر في مقابلةٍ معه أنَّه يسعى في نتاجه إلى حُسْنِ السَّبكِ مُتأثِّرًا بالقدماء، فهل تحقَّق ذلك عنده على نحو ما أشار؟([2]).

مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في السؤال الآتي:

  1. هل  يوجد لدى يونس البوسعيدي في مجموعته (كطائر يحلم بالحب) سبكٌ يُفضي إلى الحبك من خلال استعماله الضمائر؟

أهدافُ البحث:

يمكن تلخيص أهدافِه في الآتي:

  1. بيان دور الضمائر في الإحالة الخارجية المفصحة عن سَبْكٍ يؤدِّي إلى تحقُّق الحَبْك في النَّص لدى يونس البوسعيدي، في مجموعته.
  2. بيان دور الضمائر في الإحالة الدَّاخلية المفصحة عن سَبْكٍ يؤدِّي إلى تحقُّق الحَبْك في النَّص لدى يونس البوسعيدي، في مجموعته.

 إجراءات البحث ومنهجه:

يكمن ذلك في استقراء المدونة مُتلمِّسًا فيها دور الضَّمائر بأنواعها المختلفة في الإحالة المُفضية إلى حُسْن السَّبك المؤدِّي إلى تحقُّق الحَبْك، من خلال بعض النماذج المسبوقة باستقراء المدونة كلِّها، في ضوء كتابات القدماء ودراستها دراسةً وصفية تحليلية في ضوء منهج اللسانيات النَّصِّية .

مكونات البحث:

يتضمن البحث من مقدمةً وثلاثة مباحث، هي:

 المبحث الأوَّل: "مصطلحات البحث (السبك، الحَبْك، الإحالة)، وماهية المدونة.

المبحث الثَّاني: السَّبك بالضمائر إحالةً خارجيةً في (كطائرٍ يحلُمُ بالمَطر) وعلاقته بالحَبْك.

المبحث الثَّالث: السَّبك بالضمائر إحالةً داخليةً في (كطائرٍ يحلُمُ بالمَطر) وعلاقته بالحَبْك.

وقد أتبعْتُ المباحث بخاتمةً، تضمنت أهمَّ نتائج البحث، ثُمَّ كانت قائمة المصادر والمراجع.

 

 

المبحث الأوَّل 

مُصطلحاتُ البحث (السبك، الحَبْك، الإحالة)، وماهية المدونة

تُشكِّل الإحالةُ في النَّصوص ملمحًا مُهمًّا، يُسهم في سَبْكِ النَّصِّ سبكًا جيِّدًا، من جهة الرَّصْف السَّطحيِّ على مستوى ظاهر النَّص، وهو ما ينعكس على حَبْكِه، حيث البنيةُ الدلالية للنَّصِّ، في إطار الإعراب عن المعنى النَّصيِّ لنَصٍّ مَّا، ذلك السَّبكُ الذي يُعدُّ عنصرًا فاعلًا من عناصر النَّصية في النَّصوص أو معاييرِ النَّصيَّة ([3])، وهي : السَّبْك cohesion   - الحَبْك  coherence - القَصْد  intentionality  - القبولacceptability  - الإعلام informatlvity  - المقاميةsituationality   -التَّناص intertextuality (دي بوجراند، 1998م: 103-205) ([4])، وفيما يأتي تعريفٌ بمُصطلحَات البحث.

أولًا- السَّبْكُ:

إنَّ السَّبْك يَعْنِي"إحكامَ علاقاتِ الأجزاءِ، ووسيلةُ ذلك إحسانُ اسْتعمَالِ المناسَبةِ المُعْجَميَّةِ مِــنْ جِهةٍ، وقرينَة الرَّبْطِ النَّحْوِيّ مِـنْ جهةٍ أُخرى، واستصحاب الرُّتَبِ النَّحْوِيّةِ إلَّا حين تدعو دواعي الاختيارِ الأسلوبـيِّ، ورعايةِ الاختصاصِ والافتقارِ فــي ترتيب الجُمَل" (حسان، 1998م: 2/ 789)([5]). إنه "خاصية دلاليةٌ للخطاب، تعتمد على فهْم كلِّ جملةٍ مكونةٍ للنَّصِّ في علاقتها بما يُفهَم من الجمل"([6])؛ ثم يمكن أنْ يُعبَّر عن السَّبكِ بالتَّماسك، "ذلك التماسك الذي يتحقق من خلال وسائل دلالية في المَقام الأوَّل، ويمكنُ تتبعُ إمكاناته على المستوى السطحي للنص"(بحيري، 2005: 122)، والسَّبكُ في ظاهر النَّصِّ بدوره يؤدِّي إلى الحَبْك أو الانسجام أو الاتساق، حيث تحقَّقُ الاستمرارية الدلالية في عالم النَّصِّ (عفيفي، 2001م:90-91).

وما ذلك ببعيد عمَّا قاله القدماءُ، فقد وجِدَ المصطلحان عند القدماء  قبل ذلك في حديثهم عن تلاحم الشِّعْر وجودتِه، يقول الجاحظ مثلاً:"وأجودُ الشِّعْرِ ما رأيتَه متلاحمَ الأجزاء سهْلَ المخارج، فيُعلمَ بذلك أنَّه أُفْرِغَ إفراغًا جيدًا وسُبِكَ سبكًا واحدًا، فهو يجرى على اللِّسان كما يجري على الدهان"( الجاحظ، 1975م: 1/67). وقـد عقـد أسامةُ بنُ مُنقذٍ في كتابه البديع في نقْد الشِّعْر بابًا بعنوان "الفَكُّ والسَّبْك"، معرِّفًا السَّبْك بقوله:"وأمّا السَّبْك، فهو أنْ تتعلق كلمات البيت بعضها ببعض من أوله إلى آخره، ... ولهـذا قيل:خيرُ الكـلامِ المحبوكُ المسبوكُ، الذي يأخذُ بعضُه برقـابِ بعضٍ"(ابن منقذ، 1960م: 163) .

ثانيًا- الحَبْك:

نأتي إلى الحَبْك، فأشيرُ إلى أنَّه لمّا كان السَّبْكُ (التلاحم النَّصيّ) يختص بالوسائل التي تتحقَّقُ بها خاصيةُ الاستمرارية في ظاهر النَّص، فإنَّ معيار الحَبْك (التماسك النَّصيّ) "يختصُّ بالاستمرارية المتحقِّقة فـي عالَم النَّصِّ textual world، ونعني بها الاستمراريةَ الدَّلاليةَ، التي تتجلى في منظومة المفاهيمِ concepts  والعلاقاتِ relations الرَّابِطة بين هذه المفاهيم. وكلا هذين الأمرين هو حاصل العمليات الإِدراكية المصاحبة للنَّصِّ إنتاجًا وإبداعًا أو تلقِّيًا واستيعابًا، وبها يتم حبْكُ المفاهيم، من طريق قيام العلاقات (أو إضفائها عليها إنْ لم تكن واضحةً مستقلةً ) على نحوٍ يستدعي فيه بعضُها بعضًا، ويتعلَّقُ بواسطته بعضُها ببعضٍ"([7]).        

إنَّ السَّبك ينقسمُ إلى السَّبك النَّحْوِيّ - ووسائلُه الإحالة والاستبدال، والحذف، والربط أو الوصل - والآخر السَّبْكُ المعجميُّ، ووسائلُه التكرار، والتَّضام، والمصاحبة اللُّغوية، ولمَّا كان موضوع البحث يتصل بالسَّبكِ النَّحْوِيِّ الإحاليِّ، ففيما يأتي تعريفٌ بالإحالة.

ثالثًا- الإحالة:

  1. تعريفها:

تُعرَّفُ الإحالةُ بأنَّها علاقةٌ بين طرفين، أحدهما مُحيلٌ، أي ما يُعرف بالعنصر الإحاليِّ، والآخر المُحال إليه، ويُعرفُ بالعُنْصر الإشاريِّ، وهو ما يوضِّحُ العنْصرَ الإحاليَّ؛ ثم كان تعريفُها أيضًا بأنها"علاقةٌ معنويةٌ بين ألفاظ معينةٍ وما تشيرُ إليه من أشياء أو معانٍ أو مواقفَ، تدلُّ عليها عباراتٌ أخرى في السياق أو يدلُّ عليها المُقام، وتلك الألفاظُ المُحيلةُ تعطي معناها عن طريق قَصْد المتكلِّم، مثلُ الضمير، واسم الإشارة، والاسم الموصول"(عفيفي، د.ت: 12-13) )([8]).

  ولمَّا كانت الإحالة تتشكَّلُ من عنصرين لُغويين، يُشكِّلان طرفيها، فإنَّه من الجدير بالذِّكر أنَّ العنصر الإشاريَّ: هو "كل ما يشير إلى ذاتٍ أو موقعٍ أو زمنٍ إشارةً أوليةً، لا تتعلقُ بإشارةٍ أخرى سابقة أو لاحقة؛ فيمثل العنصر الإشاري مَعْلَمًا (Index) لذاته، لا يقوم فهمُه أو إدراكُه على غيره. وتمثِّل العناصر الإشارية فيه جملة الذوات التي تكوِّن العناصر الأساسية الدُّنيا في عالم الخطاب، وتتَّصل هذه الذوات مباشرةً بالمقام دون توسُّطِ عناصرَ إحاليةٍ أخرى، فهي ترتبط بالحقل الإشاريِّ (Deictic field) ارتباطًا آنيًا محدودًا مباشرًا لا يتجاوز ملابسات التلفُّظِ التي يتقاسمها طرفا التَّواصل، وهي في ذلك تقابل العناصر الإحالية التي ترتبط بالسَّابق وما يتعلَّقُ به من ملابسات. ويشمل العنصرُ الإشاريُّ:

  • لفظًا مفردًا دالًّا على حدثٍ أو ذاتٍ أو موقعٍ مَّا في الزَّمان أو المكان.
  • جزءًا من الملفوظ أو الملفوظ كاملًا" (الزناد، 1998: 115-116، 131 -132) ([9]).

أمَّا العنصرُ الإحاليُّ فهو "قِسْمٌ من الألفاظ، لا تملكُ دلالةً مستقلةً، بل تعودُ على عنصرٍ أو عناصرَ أخرى مذكورة في أجزاء أخرى من الخطاب. فشرْطُ وجودها هو النَّص. وهي تقومُ على مبدأ التماثل بين ما سبق ذِكْره في مقامٍ مَّا وبين ماهو مذكورٌ بعد ذلك في مَقامٍ آخر، وهي لذلك تتميز بالإحالة على المدى البعيد"(الزناد، 1998: 118-132). فهو مكون يحتاج إلى مكونٍ آخرَ يفسِّره؛ ثم فإنَّ العنصرَ الإحاليَّ يظلُّ فارغًا من النَّاحية الدَّلالية، إلى أنْ يُرْبَطَ بالعنصر الإشاريِّ الذي يوضِّح المقصودَ من هذا العنصر الإحاليِّ.

  1.  نَوْعا الإحالة:

للإحالة قسمان، هما الخارجية والداخلية(الزناد، 1998: 118):

  1. الإحالة المقامية  Situational أو (الخارجية) Exophora

هي " إحالةُ عنصر لغويٍّ إحاليٍّ على عنصرٍ إشاريٍّ غير لغويٍّ موجود في المقام الخارجيِّ؛ كأنْ يحيل ضميرُ المتكلم المفرد على ذاتِ صاحبه المتكلم، حيث يرتبط عنصر لغويٌّ إحاليٌّ بعنصرٍ إشاريٍّ غير لغويٍّ هو ذات المتكلم. ويمكن أن يشيرَ عنصرٌ لغويٌّ إلى المقام ذاته، في تفاصيله أو مُجملًا إذْ يمثل كائنًا أو مرجعًا موجودًا مستقلًّا بنفسِه، فهو يمكن أنْ يحيل عليه المتكلم. ومهما تعددت أنواع الإحالة فإنَّها تقوم على مبدأ واحدٍ، هو الاتفاق بين العنصر الإشاريِّ والعنصر الإحاليِّ في المرجع"(الزناد، 1998م:119، 130)([10]).

  1. الإحالة الدَّاخليّة Endophora، أو النَّصيَّة Textual  :

هي إحالةٌ تحيل على عنصرٍ إشاريٍّ داخلَ النَّصِّ، وتنقسمُ إلى إحالةٍ داخليَّةٍ  قبليَّةٍ Anaphora؛ فيها يُحالُ على عنصرٍ سابقٍ، مُتلفَّظٍ به، فهي " نوعٌ من الإِحالَةِ المشتركةِ يأتي فيه الضَّميرُ بعد مَرْجِعه في النَّص السَّطحيِّ" (دي بوجراند، روبرت، 1998م:301)([11]). أمَّا القِسْمُ الآخرُ من هذه الإِحالَةِ الدَّاخليَّة، فهو الإِحالَةُ البَعْدِيَّةُ Cataphora، وفيها يُحالُ على عُنْصرٍ لاحقٍ في الكلام ذاته .

ثالثًا- أثر العنصر الإحالي:

العنصر الإحاليَّ يمثِّلُ"مكونًا يعوِّضُ مكونًا آخر، ذُكِرَ في موضعٍ آخر سابق عادة. ويتيسر هذا التعويض بعمل الذَّاكرة في محتواها المُشترك بين طَرَفَيّ التواصل. فعِوضُ أنْ يَرد العنصر الإشاريُّ في موضع الحاجة إليه، بعد أنْ ورد أول مرةٍ، يردُ عنصرٌ إحاليٌّ ينوبُ عنه، ويؤدِّي معناه، ويحملُ جُملة المقولات التي يحملها مُفسِّرُه: الجنس، العدد، فهو صدًى لغيره من وجْهٍ، وحاملٌ لِمَا لا يتوفر في مُفسِّره من وجهٍ آخر. هو صدًى لغيره من المكونات، إذ لا يُفهم إلَّا بالعودة إليها، ثُمَّ هو يُطابقها في عددٍ من السِّمات التَّركيبية والمقولية؛ ومن ذلك مقولتا الجنس والعدد، فتجري الإحالةُ وَفْقَ الجدول الذي ضبطه نظام الإحالةِ في اللغة ... وهو حاملٌ للجديد، إذْ يتوفر فيه أحيانًا ما لا يتوفر في مُفسِّره؛ ومن ذلك الإحالة على مُفسِّر نكرة بأحد المُضمرات، وهي من المعارف كما هو معلوم، والمعرفة هنا معرفة عهدٍ، وهذا وجْهٌ يتصل بعمل الذَّاكرة. فالعنصرُ الإشاريُّ الوارد نكرةً أوَّل الأمر يمثِّل مَعْلمًا تتوفر فيه جميع السِّمات المقوليةُ التي تميِّزه، ومن بينها التَّنكير...لكن اللغة تُحيلُ عليه عند الحاجة إلى ذِكره ثانيةً بمُضمرٍ يُطابقه في جميع السِّمات المقولية ما عدا التَّعريف"(الزناد، 1998م:133).

وهو ما يتَّضح من طريقه أنَّ الإحالة ملمحٌ من ملامح حُسْن السَّبك في النَّص؛ ثم أشار دي بوجراند إلى أنَّها "صياغةُ أكبرِ كميةٍ من المعلومات بإنفاق أقلِّ قَدْرٍ مُمكن من الوسائل"(دي بوجراند، 1998م:299)، في إطار تحقُّق النَّصِّية التي تتحقق من خلال المعايير المُشار إليها آنفًا. ولمَّا كان ذلك، فإنَّه يمكن القول: "من المزايا المُهمة للإحالة أنَّها قادرةٌ على صُنْع جسورٍ كبرى للتواصل بين أجزاء النَّص المُتباعدةِ والرَّبط بينها رَبْطًا واضحًا"(عفيفي، د.ت: 549).

ج- أدوات الإحالة:

أدوات الإحالة أو ألفاظُها هي ما نعتمدُ عليه من ألفاظ، من خلالها نقومُ بتحديد المُحال إليه داخل النَّصِّ، إنْ كانت الإحالة داخلية، أو خارج النَّص، إنْ كانت الإحالة خارجيةً؛ ثمّ قيل عنها: "الأدوات التي نعتمد عليها في فهمنا، لا على معناها الخاص، بل على إسنادها إلى شيءٍ آخر"(براون، ويول، 1997م:230)([12])، وتكمن وسائل الإحالة في الضمائر، وأسماء الإشارة، والموصولات، وأدوات المقارنة، وأدوات التعريف(خطابي، 1991م: 16-17)([13]).

رابعًا- ماهية مجموعة "كطائر يحلم بالمطر":

تنقسم نصوص "كطائر يحلُم بالمطر" على مجموعتين من النَّصوص متواليتين، أو أُفقين شعريين رئيسين: الأول: جاء تحت عنوان "أضغاث أنا"، وقوامه قصيدةُ العمود والتفعيلة، والآخر: بعنوان " بئر الدهشة"، وقوامُه قصيدة النثر. 

والحقيقة أنَّ الشَّاعر مثلُه مثلُ الطائر يبحثُ عن الخَلَوات في مساحاتٍ شاسعةٍ منعزلةٍ مُلتقطًا قطراتِ المطر، فإذا كان الطَّائرُ يلتقط تلك القطراتِ في هذه الأماكنِ المفتوحةِ، فإنَّ الشَّاعرَ في حُلْمِه تتراءى له النفثاتُ الشِّعْريةُ التي يحلمُ بالتقاطها، لكنَّه لا يستطيعُ القبضَ عليها جميعا، فهو يُريد التقاطَ مطرِ الشِّعْر المُصوِّرِ فلسفةَ الشَّاعر في الحياة والعالم من حولِه، ويمكنني أنْ أقولَ إجمالًا إنَّه عنوانٌ يرمزُ إلى إنسانٍ يبحثُ عمَّا يُخلِّصُه مِمَّا هو فيه، كالطير الذي يبحث –على سبيل المثال- عن شجرة يظنُّها ظلًّا ظليلًا، فإذا هي مجردُ أغصانٍ، ليس فيها إلَّا ما يتعلقُ به الإنسانُ، كالأماني والأحلام الكاذبةٍ، كما هو في قصيدة (كشجرةٍ عارية).

 

المبحث الثَّاني

السَّبك بالضَّمائر إحالةً خارجيةً في (كطائرٍ يحلُمُ بالمَطر) وعلاقتُه بالحَبْك

لَمَّا كان الضَّميرُ قد وضِعَ لمتكلمٍ أو مخاطبٍ أو غائبٍ، أى أنَّه يُسْتعملُ بدلاً مِنَ الاسمِ، فإنَّه يُعَدُّ أحدَ صورِ الإِحالَةِ في التَّراكيبِ النَّحْوِيّةِ؛ ثمّ في النَّص كلِّه؛ وذلك من أجْلِ الإيجازِ والتَّركيزِ الدَّلاليِّ، ورَفْعِ الالتباس(الاستراباذي، 1982م: 2/401)؛ ثمّ يكونُ التَّرابُط . ولمَّا كان الضَّميرُ من المبهماتِ في النَّحو العربيِّ؛ ثمّ يحيلُ على مرجعٍ يتَّضحُ به المقصودُ منه، وهذا المرجعُ أو المُحالُ عليه قد يكونُ خارجيًّا، وقد يكونُ داخليًّا، وإذا كان داخليًّا، فقد تكونُ الإِحالَةُ قبليةً، وقد تكونُ بعديةً؛ فإنَّ مجموعة (كطائر يحلم بالمطر)، كغيرها من النَّصوصِ الإبداعيَّةِ، يسعى فيها مُنْشئُ النَّصِّ إلى المقصِديَّة المُفضية إلى تحقُّق السَّبك والحَبْك من طريق الضمائر، التي تشكِّلُ عنصرًا إحاليًّا يفوقُ كلَّ أنواع الإِحالَةِ، لاسيَّما ضميرُ الغائبِ أو الغائبةِ خادمًا المعنى النَّصيِّ.

ومِنَ المعلومِ أنَّ الإحالةَ – وكذلك الاستبدالُ والحذفُ على سبيلِ المثالِ – مِنْ وسائلِ التَّرابطِ أو السَّبك أو التماسك، والتَّرابطُ أو السَّبكُ أو التَّماسكُ وسيلةٌ لبيان قُدرةِ الكاتبِ أو المُبدعِ؛ ثم يكونُ إظهارُ مهاراتِه في توظيفِ هذه الأدوات مُرتبطةً بسياقها؛ ليجعلَ اللُّغة أكثرَ تأثيرًا وتفاعُلًا(فرج، 2007م:81- 82)، وهو ما يدلِّلُ على أنَّ الإحالةَ – كغيرها من وسائلِ التَّرابُطِ أو السَّبك – تَنْطوي على جانبٍ إبداعيٍّ، يتمثَّل في كيفيَّةِ توظيفِها في إطارِ البِنْيَةِ الكُبرَى للنَّصِّ(خطابي، 1991م:229).

وفي الإِحالَة الخارجيَّةِ يكون توجيهُ المخاطَبِ إلى شيءٍ أو شخصٍ في العالم الخارجيِّ، أي خارج النَّص، وهو ما يُسمَّى بالإضمار لمرجعٍ مُتصَيّد، أو بالإِحالَة لغير مذكورٍ(دي بوجراند، 1998م: 301-303)([14])، فالمُحالُ إليه غيرُ موجودٍ بشكلٍ مباشرٍ داخلَ النَّصِّ في بنائِه، وعندئذٍ تعتمدُ الإحالةُ على التَّأويلِ(عفيفي، د.ت: 528)، فَمِنَ المعلوم أنَّ "مجالَ اللِّسانيات الحديثةِ هو التَّفسيرُ والتَّأويلُ، فقَدِ انْتقلَ مجالها من البحثِ في اللُّغةِ إلى البحثِ في نَحْوِ اللُّغَةِ، أي في أنساقِ الذِّهْنِ التي تُنْتِجُ ظواهرَ اللُّغة، وهو مجالٌ جاوزَ الوَصْفَ إلى مبادئ التَّفسير"(بودرع، 2005م:41).

 ومثالُها بالضَّميرِ ما وردَ في قصيدةِ يونس البوسعيدي، (ناسوت العناقيد)، حيثُ قولُه (البوسعيدي، 2021م:49): (من الطَّويل)

       قُلُوبهــــــــــم مثلُ العناقيدِ تَنْظُرُ

        إلى أُفُقٍ لا ينتهي فيه مَهْجَــــــــــرُ

      لِذَاكرةٍ مـــا استُئصِلَتْ حَسَراتُها

         وليس سِوى حَسَرَاتِهــــــــــا تَتَذكَّرُ

       لِشِبْهِ سُؤالٍ لا يُريدُ إجـــــــــابةً

        أطلُّوا، ونَزْفٍ فـــي الشَّوارِعِ يُهْدَرُ

       فَشَامُـــوا جَنِيْنًا كُلَّ يومٍ، يَفِرُّ مِنْ

         مَشِيمَتِه، فـــــــــــــــي أَمْسِهِ يتكَوَّرُ

       ومـــــاتُوا قُلوبًا كالشَّبابيكِ كُلَّما

       رَأَوْا نَوْرَسًا، قالوا مَتَى سوفَ نُبْحِرُ؟

      وما نحنُ إلَّا كالسَّكَارَى، تَمَلْمَلتْ

         حــــــــوانِيْتُنا مِنَّا، وبالحُــــلْمِ نَسْكَرُ

فهذه القصيدةُ بعنوان (ناسُوت العناقيدِ)، ومن المعلوم أنَّ (الناسوت) يعني الطَّبيعة البشريةَ، ويقابله (اللاهوت) بمعنى الألوهية، فيها يتحدثُ الشَّاعرُ عن قلوبِ هؤلاء المُتحدَّثِ عنهم مُشبِّهًا إيَّاها بالعناقيد الحاملةِ صيغةَ جمع التكسير (فعاليل) التي هي شِبْه (فَعالِل) عددًا وهيئةً، لكنَّها تُخالفها وزنًا، فمفرد (عناقيد) هو (عنقود) (الاستراباذي، 1982م:2/ 183)([15]).

ثم كانت بدايته في مُفتَتح القصيدة مُحيلًا بضمير الغائب البارز (هم) في الجملة الاسمية الخبرية المثبتة (قُلُوبهم مثلُ العناقيدِ)، إنه رَصْفٌ فيه تتضمَّن الجملةُ مبتدأً، هو كلمةُ (قلوب) المضافةُ إلى ضمير الغائب للجمع. وذلك من حُسْنُ السَّبْكِ، الذي يتطلَّبُ مُحالًا عليه، يُرجع إليه هذا الضَّميرُ، وهو لا وجود له في جُمَلِ النَّصِّ قبل ذلك، فهذه أوَّلُ جملة فيه، فإلامَ يُشيرُ هذا الضميرُ؟

هذا ما سنؤجَّلُ الحديث عنه للإشارةِ إلى أنَّه لمَّا كان مِن المعلُوم أنَّه "لابدَّ أنْ يوجد تفاعلٌ بين المُتلقِّي والنَّص، من خلالِ إعادةِ اللَّفْظِ المُحِيلِ إلى مَا يحيلُ إليه، ورَبْطِه بذلك الموقفِ الخارجيِّ، ذلك الموقفُ الذي يحتاجُه المُتلقِّي لتأكيدِ الاستمرارِ الحقيقيِّ مع النَّص"(عفيفي، د.ت: 547، 543)، فإنَّه مِن المُلاحظِ أنَّ الشَّاعر قدْ بدأ قصيدتَه بقولِه : (قلوبُهم)، بدون الإفصاح عن مَرْجعِ ضميرِ الغائبِ الذي يتَّصفُ بأنَّه "عارٍ عن المُشاهدةِ، فاحْتِيجَ إلى ما يُفسِّره"(السيوطي، 1998م: 1/218)، مِمَّا يجعَلُ المُتَلَقِّي يتساءَلُ عن المُحالِ عليه مُشاركًا المُبدعَ في تشكيل المعنى.

 إنَّه يُحيلُ على خارج السِّياق الرَّصْفي للكلمات في النَّص حيث المُتحدث عنهم مُفصِحًا أنَّ قلوبهم تُشبه العناقيدَ، في إشارة من الشَّاعر إلى أنَّ قلوبَ المُتحدَّثِ عنهم لا تنافرَ فيما بينها من اتفاقٍ مَّا، مِثْلُ حبَّات العنقود، بل مِثْلُ حبَّات العناقيد، إنَّها طبيعتهم العنقوديةُ المُتشابكة، من جهة كونِها ناظرةً أُفقًا لا حدودَ له، ففي الذَّاكرةِ حسراتٌ، تتضمنُ أسئلةً لا إجابةَ لها، وإهدارٌ في الشوارع بمعناه الواسع، كأنَّه نزيفُ دمٍ، سببُه ما تآلَفَتْ قلوبُ هؤلاءِ النَّاسِ عليه.

ثم يحيل إليهم الشَّاعر مرة أخرى بضمير الجماعة في الفعل (شاموا) حيث الجملةُ الفعلية المُثبتة (فَشَامُوا جَنِيْنًا كُلَّ يومٍ) المُشيرةُ إلى قضائهم كلَّ يومٍ على جنينٍ يُولدُ، قد كان مُتكوِّرا بالأمس في بطن أُمِّه؛ ثم كانت الإحالة الخارجية أيضًا في الجملة الفعلية المُثبتة ذاتِ الفعل الماضي(ماتوا قلوبًا) للدلالة على أنَّ موت هؤلاء لم يكن كموتِ البشَر، بل هو موتُ القلوب، ومن مات قلبُه لا يُنْتَظَر منه إلَّا كلُّ خبيثٍ، على نحو ما تُشير أحداثُ الأبيات التالية لِما ذكرناه آنفًا من أبيات، حيث قوله(البوسعيدي، 2021م:49)([16]): (من الطَّويل)

كأنَّا دُخَّــــــــاناتُ السَّجائرِ- رَقْصُها

كَرَقْصِ السَّعالِــــي-ميِّتاتٍ تُطَيَّرُ

كَحــــــــــــظٍّ سِهامُ البرْقِ لُعْبَتُه، وقد

رمانا بِنَحْسٍ، بَيْنَما الموتُ أحمرُ

أرانا سلِمْنَا كُلَّمـــــــــا الخمرُ هُشَّمَتْ

ولم نَعُدْ فــــــــي يَحمُومِها نَتَبَخَّرُ

يفُوحُ بصَدْرِي عِطْرُهـا، إنَّ عِطْرَها

كَقَوَّادةٍ، فـــــــي حَمْأةِ اللَّيل تَنْشُرُ

فيا امرأةً لا اللَّيلُ يأتــــــــي بها، ولا

رَضِيْتُ بإلَّاهــــــــا كُرُومًا تُؤْجَرُ

تُرَبِّتُ مـــــوج البحر، تجعلُ عَصْفَهُ

كقِطٍّ أليفٍ وادِعًــــــــــــــا يتكَسَّرُ

تَعَالَــــــــــي، فهذا اللَّيلُ مـا لمَّنِي به

سِواكِ، ويكفي فــــ التَّمَرُّد أَخْسَرُ

إلى الحُبِّ-وهــو ابنُ الأساطير-لَيْتَنا

نُبايِعُهُ، فالحُبُّ يَنْهَـــــــــى ويأمُرُ

نُبايِعُــــهُ أنَّا سَنُؤْمِـــــنُ، إنَّمـــــــــــا

مَتَى منهُ، مِـــــــنْ ناسوتنا نتحَرَّرُ

فعدَمُ تحديدِ هؤلاءِ المُشارِ إليهم الموصوفين بتلك الأوصافِ المُبَيَّنَةِ أحوالُهم- على نحو ما تقدَّم في الأبيات- هو ما يبقى حبيسَ ذِهنِ الشَّاعرِ، وهو ما يَزيدُ في حُسْنِ السَّبكِّ، وجَعْلِ المُتلقِّي دائمَ إعمال الذِّهن في المُحال إليه إحالة خارجيةً، وكأنِّي به يريد أن يقول لِشعرِه: أُريدُ أنْ تقولَ معي ما أُريدُ قولَه، وبمعنى آخر كأنَّه يقول له : أريدُك أنْ تمنَحنِي صوتَك([17]).

 إنَّ في عودِ ضمائر الغائب على المُحالِ إليه إحالةً خارجيةً، وما تبِعَ ذلك من تفصيلاتٍ، تعضيدٌ لقولِ القائلِ بأنَّه "يمكنُ أنْ يتحمَّل النَّص بعضَ التفصيلاتِ التي تُساعدُ المُتلقِّي على تحديدِ المرجعِ غيرِ المذكورِ، كأوصافِ رجلٍ، أو تفصيلاتٍ عن حيوانٍ مَّا، أو مجموعةٍ من النَّاس...إلخ . غيرَ أنَّه من المُؤكَّدِ أنَّ المُتلقي عليه أنْ يتأمَّل الموقفَ خارجَ النَّص؛ ليُحدِّدَ مرجِعَه"(عفيفي، د.ت:547)، وهو ما حدث في نَصِّ يونس البوسعيدي، فقد ساعدَت التَّفصيلاتُ المذكورةُ فيما بعدَ جُملةِ (قلوبُهم مثلُ العناقيدِ) في التَّوصُّلِ إلى أنَّ المقصودَ بمرْجِعِ الضَّميرِ هو كلمةُ (أناسٌ) لا طموح لهم، ولا يفيدون البشر، على سبيل المثال .

وهنا يمكن الإشارة إلى إسهامِ هذه الإحالةِ في تآزرِ النِّظامِ النَّحويِّ مع النَّسْجِ الشِّعريِّ، فالبيتُ من الطَّويل، وتقطيعه ووزْنه هكذا:

  قُلُوبُ/هُمُ مِثلُ لْ/عَنَاقِيْ/دِ تَنْظُرُ

إلى أُ/فُقِن لا ينْ/تَهِي في/هــِمَهْجَرو

 فعُولُ/ مَفَاعيْلُن /فعولن /مَفَاعِلُن

           فعولُ/ مفاعيْلُن/ فعولُن/ مفاعِلُن

فلو لم تكن الإحالةُ بالضمير إحالة خارجيةً أو أنَّ الشَّاعرَ استعمل اسمًا ظاهرًا مكان الضمير، لَمَا استقام وزْنُ الطَّويل، ولَمّا صَحَّت القافيةُ برَوِيِّها المُراد.

فالشَّاعر قد أرادَ إخبارَنَا من وراء الإضمارِ قبلَ الذِّكرِ، بأنَّه يَحُطُّ من شأنِ هؤلاء، ولا يُعظِّمُهم، على خلاف ما هو معهودٌ من غرضٍ دلاليٍّ لمثل هذا الإضمار قبل الذِّكر، فلا عنايَةَ بهم؛ لأنَّ النَّفْسَ تمُجُّهم؛ ثم يُعدُّ الإضمار هنا لغير مذكورٍ آنفًا بمثابة تهيئةِ المخاطبِ وإيقاظه لتلقِّي ما سيأتي من كلام، بعد أنْ كان الإبهامُ في الضَّمير(الزمخشري، 1997م: 1/302)([18]).

ولمَّا كانت هذه الإحالةُ تُوجِدُ نوعًا من التَّفاعل بين المُتلقِّي والنَّصِّ، من خلالِ إعادةِ اللَّفْظِ المُحِيلِ إلى مَا يحيلُ إليه، ورَبْطِهِ بذلك الموقفِ الخارجيِّ، ذلك الموقفُ الذي يحتاجُه المُتلقِّي لتأكيدِ الاستمرارِ الحقيقيِّ مع النَّص، فإنَّ في ذلك ما يتنافى مع قول القائل:" وهذا النوع من الإِحالَةِ لا يمنحُ النَّص سِمَةَ التَّماسكِ؛ لأنَّه لا يربطُ عنصرين معًا في السِّياق"(يونس، 2004م:167)([19])، وعلى الرَّغمِ من ذلك، فإنَّني أشير إلى الإقرار بضعْفِ التَّرَابُط النَّصيِّ معها عنه مع الإحالةِ الداخليةِ أو النَّصيَّة، وهذا ما يؤنسُه إشارةُ (براون ويول) في جُزئها الأوَّل إلى أنَّها" تُضْعِفُ الاتساقَ وتقلِّلُ التآخذَ ولا تلعبُ دورًا في ترابطِ النَّص"(براون، ويول، 1997م:230).

وفي مَوْضِعٍ آخرَ أيضًا يمكنُنا – اتِّكالاً على السِّياقِ أو المقامِ بمفهومِه الواسِعِ – أنْ نُحدِّدَ الأشياءَ أو الأشخاصَ، أو العناصرَ اللُّغويَّةَ التي تُحيلُ عليها العناصرُ المُحيلةُ إحالة خارجيةً (عبد اللطيف، 2005م:47) ([20])، وهو ما تتضحُ فيه أيضًا تلك الأهميةُ المُشارُ إليها، فنرى الشَّاعر في قصيدة (بورتريه)(البوسعيدي، 2021م:51) يقولُ: (من الوافر) 

أجيء، وكم ذَرَعْتُ لكِ الدُّرُوبا

وتَسْأَلُنِـــي المَهَالِكُ أنْ أتُوبا

وَكَمْ حَجَرًا يُعَثِّرُنِــــــي ويُدْمِي

جَبِيْنِي، مَــا جَعَلْتُ له طبيبا

تُعَنْدَمُ جَبْهَتِي بِدَمِـــي، وعَزْمِي

يُرَقْرِقُ في ضَفِيْرَتَي الحليبا

كأنَّما فــــي ضمير الغيبِ سَهْمٌ

رَمَى بـــي ربُّه حتَّى يُصيبا

     ففي هذه الأبيات نلمسُ تَرَابُطًا مَّا، هدفَ إليه الشَّاعر مِن وراء هذه الإِحالَةِ الخارجيَّةِ التي اسْتُخْدِمَ فيها ضمير المخاطب في (لك)، في الجُملةِ الفعلية الخَبَرِيَّةِ المُثبَتَةِ (ذرعتُ لكِ الدُّروبا) المُتَّخِذَةِ نَمَطَ (الفعل الماضي+الفاعل+الجار والمجرور+ المفعول به)، ومن خلالها يتَّضحُ أنَّ الضَّميرَ في (لك) يُحيلُ إحالةً خارجيَّةً على مُحالٍ عليه، يجبُ على المُتلقِّي البحثُ عنه، من خلال التَّفاعُلِ مع السِّياق، ذلك السياقُ الذي يُشكِّلُ النَّص، ويكونُ محورًا للتفصيلات التي تُحيلُ عليها الضمائر في هذه اللَّوحة؛ ثم يكونُ توجيه الخطابِ نَحوَ سِياقِ الحالِ (المقام) مِنْ وظائف الإحالة بالضمائرِ في شِعْرِ يونس البوسعيدي، فَمِنَ المعلومِ أنَّ الضميرَ مِن أبرزِ العلامات اللُّغويَّة التي تربطُ المقال بالمُقام (الجراح، 2008م: 544)([21]).

واتكالًا على السياق في بقية الأبياتِ يمكننا الإشارةُ إلى أنه قد يُحيلُ في (لكِ) على محبوبةٍ مَّا قد كابد في الشوقِ إليها ما كابدَ؛ لدرجة أنَّه في البيت الثالثِ يُفصحُ عن تَعَنْدُمِ جبهته بدَمِه هو دون دَمِ غيره، ومُحرِّكُه في كلِّ هذا عَزْمُهُ الذي يدفعُه دفعًا، كمن يتغذى على الحليب الذي يسري في دمه مُترقرِقًا، وهو ما أحدث نوعًا من السَّبك، رافقه نوعٌ من الحَبْك، تمثَّل في الاستمرارية الدَّلالية التي لا تقفُ عند تفسيرٍ واحدٍ، بل تحتمل عدةَ تأويلاتٍ من أكثر من جانب.

أضف إلى ذلك أنَّ هذه الإحالةَ قد أسهمت في توافُقِ النِّظامِ النَّحويِّ مع النَّسْجِ الشِّعريِّ، فالبيتُ من الوافر، وتقطيعه ووزْنُه هكذا:

أجيء، وكم/ ذَرَعْتُ لكِدْ/دُرُوبا

وتَسْأَلُنِي ال/مَهَالِكُ أنْ/ أتُوبا

         مُفَاعَلَتُنْ/ مُفَاعَلَتُنْ/ فعُولُن

مُفَاعَلَتُنْ/ مُفَاعَلَتُنْ/ فعُولُن

وهو ما يتَّضح من خلاله مدى إسهام الإحالة الخارجية بالضمير في (ذَرَعْتُ لكِ الدُّرُوبا) في استقامة الوزن، في اتِّجاه صِحةِ القافية، برويِّها المُراد. 

 ويُلاحظ من خلال النَّصين السَّابقين أنَّ استعمال الضَّمير في السَّبك وصولا إلى الحَبْك، في إطار الإحالة الخارجية لم يقتصر على مَوضِع الإحالة، على نحو ما تقدَّم، بل توالت الإحالات المترتبة على هذه الإحالة الأولى، باستخدام الضمير البارز والمستتر، في جُمل النعت والحال والصلة والخبر، اسميةً أو فِعليةً (البوسعيدي، 2021م: 11)([22])، وما يتعلَّق بمُتعلَّقٍ مَّا في هذه الجمل، فقد تكرَّر بعد ذلك، بارزًا أو مُسْتترًا، كما في قوله (في أَمْسِهِ يتكوَّرُ، سِهامُ البرْقِ لُعْبَتُه، وقد رمانا بِنَحْسٍ) من قصيدة (ناسوت العناقيد) على سبيل المثال، وهو ما يتَّضحُ من خلالِه تكثيفُ الضمائرِ لاسيَّما ضمير الغائب، من أجْلِ تحديدِ المعلوماتِ الأساسيَّةِ والثَّانويةِ، وبيانِ الفكرةِ الأساسيَّةِ في النَّص، وزيادةِ السَّبك المُفضي إلى الحَبْك في عالم النَّصِّ؛ ثم يكون يكون التَّرابُطُ والتَّماسُكُ أو الاتِّساقُ(عفيفي، د.ت: 528)([23]).

وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ تكثيف ضميرِ الغائب -على نحو ما سبق- يجعلني أُشيرُ إلى أنَّ ما تُحقِّقه الإِحالَةُ الخارجيّةُ من استمراريةٍ دَلاليَّةٍ لا تتساوى فيه كلُّ الضَّمائر، فعندما يكون الضَّميرُ ضميرَ الغائبِ – على نَحْوِ ما تقدَّم- تكون الاسْتِمْراريَّةُ الدَّلالِيَّةُ في أبْهى صورِها، مِمَّا ينعكسُ على التَّواصلِ بين المُبدعِ والمُتَلَقِّي. أمَّا عندما تكونُ الإِحالَةُ الخارجيَّةُ باستخدامِ ضميرِ المتكلِّم(أنا) أو (نحن) ...إلخ، أو بضميرِ المُخاطَبِ، نَحْوُ (أنت)، و(ياء المخاطبة)، فإنَّ تلك الاسْتِمْراريَّةَ لا تكونُ بالقدْرِ الذي يحملُه ضميرُ الغائبِ، حيثُ إنَّ هذين النوعين من الضَّمائرِ- أعني (المتكلِّم، والمُخاطَب)- تكونُ الإِحالَة بهما إحالةً خارجيَّةً دائمًا، ولعلّ مسوِّغ ذلك كونُهما حاضرين في المقام التخاطبيِّ، يُفسِّرهما المُشاهدةُ، على حدِّ قولِ السيوطيّ (السيوطي، 1998م، 1/ 218)([24])؛ ثم تكونُ الاسْتِمْراريَّةُ الدَّلالِيَّةُ أقلَّ كمًّا وكيفًا منها مع ضميرِ الغائبِ، مِنْ مُنْطَلَقِ أنَّ تَحْفِيْزَ المُتلقِّي مِنْ أجْلِ البَحْثِ عن المُحالِ عليه، مع ضميرِ الغائبِ يكونُ أكثرَ مِنْه مع بقيَّة الضمائر، فالقول بأنَّ (عليها) يتساوى في اسْتِمْرَاريته الدَّلاليَّة مع (علَيْكِ) قولٌ تَعُوزُه الدِّقَّةُ؛ لأنَّ ضميرَ المُخاطَبِ أوِ المُتَكَلِّمِ يُرافقهُما الحضورُ التَّخاطبيُّ والمُشاهدَةُ، حقيقةً أو مجازًا، وهو ما يمثِّلُه قولُ يونس البوسعيدي، من قصيدة (بالباء العميقة) (البوسعيدي،2021: 38)([25]):(من الطَّويل)

أُحِبُّكِ، بالباءِ العَمِيْقَةِ فِــي فَمِي

وبالخَوْفِ مِــنْ حُبٍّ تغَلْغَلَ في دَمِي

أُحِبُّكِ كالأمطارِ سالتْ كأنَّهـــا

سَلالِمُ موسيقا علــــــى غَيْرِ مَوْسِمِ

أنَا كوكبٌ أَغْرَى السَّديـمُ دُوارَهُ

بكُلِّ فراغٍ فــــــــي المَجرَّةِ يَرْتَمِي

أُحاولُ أنْ أَلْقَى لِقَلْبِــــي حديقةً

ولو كان وَرْدًا فـي أصِّيْصٍ لأنْتَمِي

وأُمْسِكُ أيَّامِـــــــــي بآخرِ قَشَّةٍ

ولَكِنَّ كَفَّ الرِّيْحِ تُمْسِكُ مِعْصَمِي([26])

هواكِ بِلادٌ، إِنَّما قد أضَاعَهــــا

حُرُوبٌ، كأُمٍّ ذُقْتُ منها تَيَتُّمِـــــــي

فالجملة الأولى (أُحِبُّكِ، بالباءِ العَمِيْقَةِ فِي فَمِي) من البيت الأول جملةٌ فعليةٌ خبريةٌ مثبتةٌ، أحال فيها الشَّاعرُ إحالةً خارجيةً مُستخدمًا ضميرَ المخاطب (الكاف)، وهو لفظٌ كمِّيٌّ وجوديٌّ؛ لكونه يصدق على مُخاطَبٍ موجودٍ في عالم الحقيقة (عفيفي، د.ت:530)([27])- مُشيرًا إلى أنَّه يُحبها حبَّا عميقًا، من شدَّته يملأ حرفُ الباءِ فَمَه؛ ثم  يخاف من تغلْغلُ هذا الحبِّ في دمِه، حيثُ قولُه(مِنْ حُبٍّ تغَلْغَلَ في دَمِي)، وهو ما أحال فيه أيضًا إحالةً داخليةً قبليةً بالضَّمير المُستتر في (تغلغل) على (الحُبِّ)، وهو ما أدَّى إلى التَّرابُطِ بين المفهومين، أعني مفهومَ جُملةِ النَّعتِ ومفهومَ المنعوت(حُبٌّ)؛ ثم حَسُنَ السَّبْكُ، وأفضى إلى تحقُّق الحبْكِ.

ذلك الحبُّ الذي أصبح كالمطر المنهَمِر في موسمه وفي غير موسمه كسلالم الموسيقى، ثُمَّ يحيل إحالة خارجيةً أُخرى باستخدام ضمير المتكلِّم (أنا) في الجملة الاسمية الخبرية المثبتة، حيث قوله (أنَا كوكبٌ) في إطار السَّبكِ الرَّصفيّ المُفضي إلى الحَبْك حيث الاستمرارية الدلالية على نحو ما أوضحنا. هنا أستطيعُ القولَ:إنَّ المُتلقِّي لم يكُنْ مُتحفِّزًا لمَعرفة المُحال عليه بِقَدْر تحفُّزِه مع ضميرِ الغائبِ، كما سبق، فبمجرَّدِ قولِه (أُحبُّكِ) أو قولِهِ (أنا) عُرِف المُحالُ عليه، وهو ما يمكِّنُنا من القولِ: إنَّ الاسْتِمْراريَّةَ الدَّلالِيَّةَ مع هذا الضَّميرِ مرهونةٌ بالبيتِ الذي وُجدَ به، أمَّا إذا أتَى الشَّاعر به في أبياتٍ أُخَر من القصيدةِ، فإنَّ ذلك يخرجُ من باب الإِحالَةِ الخارجيَّةِ بالضَّميرِ إلى بابِ التِّكرار، الذي يُعدُّ مِنْ وسائلِ السَّبك المفضي إلى الحَبْك أو التَّرابُطِ النَّصيِّ أيضًا، ما لم يَكُنْ تكرارًا مَمْجُوجًا.

 وبناءً على ذلك وما سبقَ عَرْضُه مِن أنَّ الإحالة بضميرِ الغيابِ تُقدِّمُ استمراريةً دَلاليَّةً لا تقدِّمُها الإحالةُ بضَميرِ المتكلِّمِ أو المخاطَبِ، إنْ وَاجَهَهُ قَولُ قائلٍ مَّا :بأنَّ هذا أمرٌ غيرُ مُسلَّمٍ به؛ فماذا لو أنَّنا استبدَلْنا في إحدى الإحالات الخارجية ضمير الغائب بضمير المخاطب، في إحدى قصائدِ يونس البوسعيدي، نحو أنْ نستبدلَ قولَه (قُلُوبُهم مِثلُ العناقيدِ) بقولنا (قُلُوبُكُم مثلُ العناقيدِ)؟ أليستْ الإحالةُ بضميرِ المخاطَب مِمَّا يُمَكِّنُ من استحضارِ المخاطـَبِ غيرِ المُعرَّفِ سَلفًا بحسَب عبارةِ الباحث؟ أَوَليس مِن شأنِ ذلك أنْ يُثِيرَ في المتلقي إعمالَ ذِهْنِه في استجلاءِ المقصودِ بهذا الضَّميرِ، تمامًا كضَميرِ الغَيْبة؟ وأنَّ ما يتَحدَّثُ عنهُ الباحثُ مُجرَّدُ افتراضاتٍ غيرِ لازمةٍ ولا مُلزمةٍ. كلُّ ما في الأمرِ في الإحالةِ الضَّميريَّةِ التي أشارَ إليها الباحثُ أنَّها ليستْ عَصِيَّةً على التفسيرِ، ثم فهي تُسْهِمُ في إبرازِ التَّرابُطِ النَّصيِّ، للغيبةِ كان الضميرُ المُحيلُ أو للخطابِ(تركي، 2014: 119).

أقولُ: إنَّ قولَ المُفتَرِضِ: فماذا لو أنَّنا استبدلنا قول الشَّاعر (قُلُوبُهم مِثلُ العناقيدِ) بقولنا (قُلُوبُكُم مثلُ العناقيدِ)؟ يمكنُ أنْ يُردَّ عليه بأنَّ الحضورَ والمُشاهدةَ في ضمير المُخاطَبِ وضميرِ المُتكلِّم – سواءٌ أكانت مُشاهدةً حقيقيَّةً أم غيرَ حقيقةٍ - يجعلانِ الاستمرايةَ الدَّلاليةَ في الإحالةِ بهما أقلَّ من الإحالةِ بضميرِ الغائبِ.

فالإحالة الخارجية بضمير المخاطب لا تستوي مع السَّبك بضمير الغائب في قول:ِ يونس البوسعيدي (فديتُ عُمركَ)، حيثُ قولُه (البوسعيدي، 2021م:17):(من البسيط)

 مـــــــاذا سأفعلُ بالأيَّامِ ليس بهـــــا

غَيْرُ الكَهانــــةِ تَقْفُو سَيْرَ كَوكَبهـــــا

  أبريلُ مِثْلُ"سَجَـــــــاحٍ" لا أُصَدِّقـهُ

أيَّامَ أبريلَ إِنِّــــــــــي مِنْ مُكَذِّبهـــــا

    تساقطتْ خرزاتُ العُمْرِ، لستُ أنا

مِــنْ مُمْسكِيها إذا تَهْوِي لِغَيْهَبِهَــــــا

  إِلَّا بقيَّةَ رُوحٍ طِفْلَةٍ هَــــــــــــــزَأَتْ

مِـــنَ الحياةِ، وتَلْهو وَسْطَ مَلْعبِهـــــا

 فَدَيْتُ عُمْرَكَ، لا تَحْسِبْ لياليَهـــــا

وانْعَمْ بِما اسْطَعْتَ في الدُّنْيَا وأَطْيَبِها

فكاف الخطاب في قوله (فديتُ عُمرك) ضميرُ مُخاطبٍ حاضر حضورًا مجازيًّا، يُحيل إلى مخاطبٍ خارجَ السِّياقِ، يتمثَّل في جِنْس الإنسان، لك أنْ تتخيلَ كُنْهَهُ وأوصافَهُ، لكنَّ الشَّاعر يريد شخصًا مَّا في عالَمِهِ، قد نستطيع التَّكهُّنَ به أولا نستطيع، ولكلٍ تأويلُه، لكنَّه نجح من خلال استخدامه هذا الضمير أنْ يحيلنا على مُخاطبٍ مَّا إحالة خارجية رابطًا بين النَّص وخارجه، وهو ما تكمُن أهميته في جَعْل المُتلقي دائم البحث عن الشَّخص المُراد في فِكْر الشاعر وفي فلسفته، لكن الاستمرايةَ الدَّلاليةَ في الإحالةِ مع المُخاطَبِ أقلُّ من الإحالةِ بضميرِ الغائبِ.

 هذا، ولا أريدُ مغادرةَ هذه القصيدة إلا بعد الإشارةِ إلى أنَّ الضَّمير المُستترَ قد شارك الضَّميرَ البارزَ أيضًا في هذه اللَّوحةِ التي تُسيطرُ عليها الإحالةُ الخارجيةُ، فبعد آخر بيتٍ أشرنا إليه في الأبيات السَّابقة يقول: (من الوافر)

إذَا حَـطَّ الفَرَاشُ على زُجاجٍ

فكَسَّرَهُ، فقُلْ لِـــــيْ مَنْ يُلامُ

غَدَوْتَ إذَا تمُرُّ بِكَ الأمَانِـي

تَقُولُ: عَلَيْكِ يـــا دُنْيَا السَّلامُ

وَتَشْكُـرُ أنَّ قَلْبَكَ دُونَ قَلْبٍ

وَقَدْ كَسَرَ السِّهامَ بِـــــهِ السِّهامُ

وهو ما يُلْحَظُ منْ خلالِه أنَّ في كلٍّ مِن الأفعال (فكَسَّرَهُ، فقُلْ، تَقُولُ، وَتَشْكُر) ضميرًا مُستترًا، تقديرُه: هو، أنت، وأنَّه يُحيلُ على شخصٍ خارجيٍّ موجودٍ في عالَم الحقيقةِ، لكنَّه غيرُ مذكورٍ في النَّصِّ (حموده، 1982:251)([28])، مِمَّا يَحْمِلُ المُتَلَقِّي على التَّفكيرِ فيه ومشاركةِ الشَّاعر في تشكيلِ المعنى النَّصِّيِّ للأبيات، وهو مَا يُشْعرُك بأنَّ ثَمَّة تماسُكًا وحبْكًا، أحدَثه ذلك الضَّرْبُ مِن الإِحالَةِ الخارجيَّةِ، بين أبيات القصيدة، وبينها وبين العالم الخارجيِّ من جهةٍ أُخرى حيثُ المُحالُ عليه المُتمثِّلُ في المُخاطَبِ، باستخدام الضَّميرِ المُستترِ (السيوطي، 1998م:1/284) ([29]).

 وهنا تظهرُ مهارةُ الشَّاعر في استخدامِ مَا أتاحهُ له النِّظامُ النَّحْوِيّ من استتارِ الضميرِ في الفِعْل، مِنْ أجْلِ الوفاءِ بالحَبْك المُفضي إلى التَّرَابُطِ النَّصيِّ والتماسك النَّصيِّ والمعنى المُراد، وتحقُّقِ الوزن، فالأبياتُ من بحر الوافر، ولو قال على سبيلِ المثال : فكسَّر الفراشُ الزُّجاج، لَمَا استقامَ الوزنُ، ولَمَا صَحَّتْ القافية برويِّها المُراد، بالإضافة إلى أنَّ تكرارَ الظَّاهر (الفراش) يخلو حينئذٍ من أغراض تكرار الظاهر التي هي التزامٌ بالأصل لأغراضٍ بلاغيةٍ أو دلالية، على نحو ما ذكره السيوطي من هذه الفوائد(السيوطي، 1998م:1/284) ([30]).

هنا أشِيرُ إلى أنَّ ثَمّةَ انتشارًا للضَّميرِ المُسْتَترِ في شِعْرِ يونس البوسعيدي (البوسعيدي، 2021: 11)([31])، سواءٌ أكان مُحيلًا على خارج النَّص أَمْ غيرَ مُحيلٍ على خارجِه – حيثُ مثَّل غيرُ المُحيلِ على خارجِ النَّص رابِطًا بين الجُمَل، لاسيَّمَا الفرعيَّةُ مِنْها، وهو مَا أسْهَمَ في التَّرَابُطِ على مستوى الجُمْلَة، ثم على مستوى النَّصِّ– في إطارِ اعْتمادِ الشَّاعر على الإيحاءِ في الخطابِ الأدبيِّ؛ ثم كان تقلُّصُ التَّصريحِ، وهو – أي الإيحاءُ - ما يُعرفُ "بأنَّه مجموعُ الطَّاقاتِ الإيحائيةِ في الخِطَابِ الأدبيِّ، وذلك أنَّ الذي يُمَيِّزُ هذا الخطابَ هو كثافةُ الإيحاءِ وتقلُّصُّ التَّصريحِ..."(المسدي، 1986م: 95- 96).

 وما كان ذلك إلاَّ مِنْ مُنطلَقِ أنَّ موضوعَ الكلامِ لدى الشَّاعر يزاحمُهُ، مِمَّا جعلَه يستغني عن تكرارِ اللَّفظِ المعبِّرِ عنْ موضوعِ الحديثِ، ويعبِّرُ عنه بالضَّمائرِ، سواءٌ أكانتْ بارزةً أَمْ مُسْتترةً (الخويسكي، 1986م: 1/430)([32])، فالجُمْلَةُ " قد تُصَاغُ بطريقةٍ معيَّنةٍ، وتحتملُ عِدَّةَ معانٍ مُختلفةٍ بعضُها بطريقِ التَّضمينِ، وبعضُها بطريقِ الإيحاءِ أو الرَّمزِ إلى آخرِه"(عبد اللطيف، 1983م:10)، وهو ما سيتضحُ أكثر في تناولِنا الإِحالَةَ الدَّاخليَّة لدى يونس البوسعيدي، وهو ما يوقفنا على أنَّ ما نحنُ بصدَدِه مِنْ تَتابُع أو تواتُر للضمائر المُختَلِفَةِ في النَّص– سواءٌ أكان ما تُحيلُ عليه واحدًا أمْ مُتعدِّدًا – يفضي بنا إلى أنَّ مِنْ وظائفِ الإحالة بالضمائرِ في شِعرِ يونس البوسعيدي، تعزيزَ بِنْيَةِ التَّعدُّد المرجِعيّ أو التَّعدُّد الإحاليِّ، مِنْ جِهةِ تحفيزِهِ القارئَ وتنشيطه على فَهْمِ المُحتوى المفهومِيِّ للأحداثِ المُتعاقبةِ عَبْرَ البِنْيَةِ النَّصيَّةِ وإدْراكِهِ بطريقةٍ جيِّدَة (الجراح، 2008م: 542-543)([33])، وهو ما أعرب عن تطلُّعِ الشَّاعر إلى كونه مُسايرا خُطى القدماء في حُسْنِ السَّبك حيث القُدرةُ على امتلاك ناصيةِ اللُّغة، بدون تصنُّعٍ أو تكلُّف، حتى أمكنَ وصْفُها بأنَّها طَبْعٌ أو أنَّها بِذْرةٌ وتنميةٌ.

 

المبحث الثَّالث 

السَّبك بالضمائر إحالةً داخليةً في (كطائرٍ يحلُمُ بالمَطر) وعلاقته بالحَبْك

الإِحالَة الدَّاخليَّة في ديوان الشَّاعر يونس البوسعيدي، تتنوع بين (الإحالة القبلية) Anaphora، أو الإحالة على اللاحق (الإحالة البَعْدِيَّة)، فمثال القَبْلِيَّة مَا جاء في قصيدةِ (أويسِيٌّ)، حيثُ قولُه (البوسعيدي، 2021:30):(من الوافر)

كأنِّــي مَــــا أنا، كالخِضْر قالا

فَقَدْ نَسِيَتْ إجــــــــــــابتُه السؤَالا

وقد غارت مــلامِحُه وصارتْ

ضبابًا لا تَرى إلَّا ظِــــــــــــلالا

فَتَلْحَقَها لِتَرْسُمَهـــــــــا، ولكنْ

يَتُوهُ اللَّونُ يَسْتَقْصِـــــــي الخيالا

يقومُ...، وقالَ قد نبتَتْ جـبـالٌ

بِصَدْرِي، هَلْ تَرى سِرًّا جِــــَالَا

أنّا حـمَّالُ أسرارٍ، ويأْبَــــــــى

جَـــــــلَّادِي لَو يَنُوءُ الحِمْلَ مالا

ولكنِّـــــــــي أحِنُّ لِصَوتِ أُمِّي

على مَهْدِي تُمَرْجِحُنِــــــــي دَلَالَا

أُحَدِّثُكُــــــــم، ولِلإكسيرِ طيفٌ

يَشِفُّ بـــــــــه السَّرابُ إذًا تَلالا

رَكَبْتُ له البُراقَ، كأنَّ رُوحِي

إلى المِعْراجِ تَخْتِمُها سِجَـــــــالا

فلو أنِّـــــي هَوَيْتُ على المنايا

فإنِّــــــي قد صَعَدْتُ بها الجِلالا

ولم تَرَني كباقــي النَّاس عَينِي

كذاكَ الأنبياءُ سَمَوَا خِــــــلالا

وما حدثتُكم عنِّـــــــي، فَذِكْرِي

أذانٌ، قد كُفِيْتُ به وقـــــــــــالا

أويْسِيٌّ، تَشيحُ العينُ عنِّـــــــي

ويعرِفُ قَدْرَه رَبٌّ تعالــــــــى

فهذا النَّصَّ بعنوان (أُويْسِيٌّ) والأَوْسُ في اللغة – كما نعرفُ- هو" الذِّئبُ، وبه سُمِّي الرَّجُلُ. ابن سيده: وأَوْسٌ الذئبي معرفة"(ابن منظور، د.ت:أوس)، لكنَّ النِّسبة لدى الشَّاعر إلى (أويس القرنيّ) الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه(النيسابوري، (1955م): 4/969، حديث 2542 ). لقد بدأ الشَّاعر نصَّه بإحالة خارجيةٍ مُستخدمًا ضمير المتكلِّم في قوله (كأنِّي مَا أنا)، وهذا ما فرغنا من مِثْلِه في المبحث السَّابق، ومنها يتَّضحُ لي أنّه يُريد بكلمة (كأنَّ) هنا التنبيهَ والإنكارَ، فمن المعلوم أنَّها قد تكون للتشبيه، وقد تكون للتقريب (الإشبيلي، 1998م: 1/ 453)([34])، قال أبو حيان " وقد تدخل كأنَّ للتنبيه والإنكار والتعجب، تقول : فعلتُ كذا وكذا كأنِّي لا أعلمُ، وفعلتم كذا وكذا كأنَّ الله لا يعلم ما تفعلون"(الأندلسي، 1988م: 3/ 1240)([35]). فهو مِثلُ (الخِضْر) عندما سأله موسى عن خَرْق السفينة، فسأله الخضرُ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قد اختفت ملامُحُ الشَّاعرِ بالنَّظر إلى الحالة السَّابقة، وتحولت إلى ضباب، كأنَّها ظلالٌ... إلخ الأبيات.

وفيها نُلاحظ تعدُّدَ الإحالات الدَّاخلية، بدايةً بالجملة الفعلية الخبرية (فَقَدْ نَسِيَتْ إجـــــــابتُه) حيث الضَّميرُ المضافُ إليه في (إجابتُه) رابطًا بين المفهومين، أعني مفهوم هذه الجملة وما يحيل إليه الضَّمير، وهو كلمة (الخِضر) في الجملة السَّابقة إحالةً قبليةً على المرجع القريب، ثُمَّ الإحالة بالضمير المُضاف إليه الفاعل في (ملامِحُه) من الجملة الحالية (وقد غارت مــــلامِحُه) مُحيلًا على (الخضر) أيضًا، ثُمَّ يعطف الشَّاعر بالجملة الفعليةِ (وصارتْ ضبابًا) حيث الضميرُ المُستتر (هي) في الفعل (صار) مُحيلًا على (الملامح) في الجُملة السابقة.

هذه الملامح أشار الشَّاعر إلى أنَّك من شِدَّة ضبابيتها تراها كأنَّها ظِلالٌ، وذلك مفهومٌ من مفعول الفعل (ترى) الذي هو الضمير المحذوفُ، فكأنَّ تقديرَ الكلام لا تراها إلاَّ ظِلالا)، وهنا تظهرُ مهارةُ الشَّاعرِ في جَدْل ضفيرتين معًا، أعني ضفيرة حُسْن السَّبْك، باستخدام الضمير العائد على الملامح، رابطًا بين المفهومين (مفهوم الجملة الحاملةِ الضَّميرَ، ومفهومِ المحال عليه(الملامح)، وهو ما أفرزَ حبْكًا دلاليًّا، وتلك هي الضفيرة الأولى، أمَّا الثَّانيةُ، فهي استعمالُ الضمير الرابط مُحذوفًا، وهو ما أدَّى إلى إعمال المُتلقي ذِهنَه فيه؛ ثم كان الانتهاءُ إلى كونهِ محذوفًا حذْفًا جائزًا؛ من منطلق أنَّ الفِعل يقتضيه (ابن يعيش، د.ت: 2/39)([36]).

هنا أشيرُ أيضًا إلى أنَّ هذا الحذْف من قبيل حَذْفِ المفعول به اختصارًا مُرادًا به أنْ " يُحْذَفَ من جهة اللَّفظ ويُراد من طريق المعنى والتقدير"(العلوي، 1995م: 252)([37])، وهو من أفصح كلام العرب؛ لأنَّ المحذوفَ كالمنطوق به، من حيثُ كان الكلام مقتضيًا له، لايكمل معناه إلاّ به " (ابن الشجري، 1992م: 2/123)، ويكون ذلك لدليلٍ، أي قرينة حالية أو لفظية (تركي، 2022م: 105- 107). 

هذا، ويتوالى السَّبك المُفضي إلى حُسْن الحَبْك من خلال الضَّمير المُحيل إحالةً داخليةً قبليةً، فيُشيرُ الشَّاعر إلى أنَّه لمَّا كانت هذه الملامحُ قد غارت، وأصبحتْ ضبابًا؛ ثم لا تراه إلَّا ظلالًا، فإنَّ كونَ الملامحِ كذلك تجعلُكَ تُلاحقُها راسمًا إيَّاها، وذلك من خلال جُمْلَتَي (فَتَلْحَقَها لِتَرْسُمَهـا) المشتملتين على الهاء في (فتلحقَها) و(لترسمَها) العائدةِ على (الملامح)؛ ثم حَسُنَ السَّبكُ في عدم تكرارِ الظَّاهرِ (الملامح).

 إنَّ هذه الملامح بهذا الوصف دعت الشَّاعرَ إلى الاستدراك بقوله:( يَتُوهُ اللَّونُ يَسْتَقْصِــــي الخيالا)، وهو ما يُعربُ عن حَيرةٍ تكمنُ في عدم القبضِ على كُنْه هذه الملامِح؛ ثم فإنَّ رَسْمَها ليس بمستَطَاعٍ، وهو ما جعله يستقصي هذه الخيالاتِ أو الظلالَ؛ لتكتملَ اللَّوحةُ، وذلك من الجملة الحالية (يَسْتَقْصِي الخيالا) المربوطةِ بصاحبها (اللون) من خلال الضَّميرِ المستتر في الفعل (يستقصي) فكان رابطًا بين المفهومين، أعني مفهوم جملة الحال، ومفهومَ صاحبها (اللون).

وبانتهاء هذه الإحالة الداخلية القبلية ينتقل بنا الشَّاعرُ في البيت الرابع إلى إحالة خارجيةٍ، سيشكِّل الضمير الرَّابط فيها بؤرةً لإحالات داخلية قبلية مُتلاحقةٍ بعد ذلك، ثُمَّ تزدادُ الإحالة الخارجية تداخلًا مع الإحالة الداخلية، فتتوالى في البيت الخامس الإحالة الخارجية من خلا تحوُّل الشَّاعر إلى الحديث عن نفسه، تلك النفس المنفية فيما بعد بأنَّها ليست ذاتًا للشَّاعرِ، من طريق الجملةِ الاسميةِ الخبريةِ المثبتةِ (أنّا حمَّالُ أسرارٍ)، تلك الجملةُ التي ترابطت معها جملة الحالِ الآتية (ويأْبَى جَلَّادِي لَو يَنُوءُ الحِمْلَ مالا) مفيدة أنه حالة كونِ الأُويسيِّ يحمل أسرارًا فإنَّ جَلَّاده يرفض النهوض بالحمل الثقيل. 

وفي البيت السَّادس نجدُ جملةَ (تُمَرْجِحُنِي دَلَالَا) يحيلُ فيها الضميرُ المستترُ على الأُم في (أمي)، ثُم تأتي الجملة الفرعية النعتية (يَشِفُّ به السَّرابُ) لكلمة (طيف) أيضًا مُحيلا فيها الضمير البارز في (به) على الطَّيفِ رابطًا بين المفهومين، أعني مفهومَ جملة النعتِ ومفهومَ المنعوتِ (طيف)، وهو ما تكرَّر في البيت الثامن، في جملة (رَكَبْتُ له البُراقَ)، فكان السَّبك النَّحْوِيّ المُفضي إلى الحَبْك، ذلك السَّبكُ الذي لم يتوقف في هذا البيت حيثُ الإحالة في جملة الحال (كأنَّ رُوحِـــــي إلى المِعْراجِ تَخْتِمُها سِجَالا) فقد أحال الضمير في (روحي) على صاحبه في الفعل (رَكَبْتُ)، وأحال الضَّميرُ المُستترُ في الفعل (تَخْتِمُها) على اسم كأنَّ (رُوحِي)، فكان الضميرُ رابطًا بين المفهومَين.

وتتتابع الإحالات الداخلية القبلية في البيتين التاسع والعاشر، لكنَّ الإحالة الداخلية بالضمير تعترضها إحالة قبلية باستخدام اسم الإشارة (ذا) المُشير إلى ما تقدم ذِكْره حيث ارتقاءُ الشَّاعرِ الأمورَ الصِّعاب مُرتقيًا الجِلالَ؛ ثم  فإنه في عينه ليس كبقيةِ الناسِ، ثُم يعود الشَّاعر إلى الإحالة الخارجية في الجملة الفعلية (أحدِّثكم) مُفيدًا أنَّ ما سبق لم يكن حديثًا عن ذاتِ الشَّاعرِ، فذِكْرُ الشَّاعر رمزٌ لحال الأويسيِّ الذي لا يُقْبِلُ الناسُ عليه، لكنَّ قَدْرَهُ يعرفُه خالقُه، وذلك ما نجده في الجملة الفعلية المثبتةِ في آخر الآبيات (ويعرِفُ قَدْرَه رَبٌّ تعالى) مُتضمِّنة الضميرَ المضافَ إليه في (قَدْرَهُ) محيلا إحالةً داخليةً على (الأُويْسِيِّ).

تلك الإحالةُ التي تلتها إحالةٌ أخيرةٌ في جملة (تعالى) حيث الضميرُ المستتر المُحيلُ على كلمة (رَبٌّ)، فكان رابطًا بين المفهومين، أعني مفهوم جملة الصِّفة (تعالى) ومفهومَ الموصوف (ربٌّ)؛ ثم أسهم حُسْن السبك في تحقُّق الحَبْك، فكان التماسك النَّصيُّ في شعر الشاعر، وهو ما يُوحي بأنَّ ثَمَّة نوعًا من التَّركيزِ الدَّلاليِّ والرَّمزيَّةِ، وهو مَا يدعو إلى إعمالِ العقلِ، مْنْ حيثُ قَصْديَّةُ الشَّاعر إلى ما قصد إليه من طريق توظيفِ الضَّمائرِ في ظِلِّ قيودِ الوزنِ والقافيةِ وما يريدُه الشَّاعر مِن معنًى نَصِّيٍّ، فبدا من خلالِ ذلك الإيجازُ والتَّركيزُ والاعتمادُ على اللَّمْحَةِ المُوحية(دي بوجراند، 1998م: 299).

أمَّا عن الإِحالَة الدَّاخليَّةِ البَعْدِيَّةِ، وهي المعروفةُ بالإِحالَة على اللاحق Cataphora، فقبلَ التَّمثيلِ لها أُشيرُ إلى أنَّ الأصلَ في النَحْو العربيِّ أنْ يعودَ الضَّميرُ على مُتقدِّمٍ (ابن الشجري، 1992م: 1/89)([38])، ويجوزُ أنْ يعودَ على مُتأخرٍ لفظًا ورُتبة ً، في حالاتٍ قليلةٍ، ذكرَها النُّحاةُ (ابن هشام، 1979: 1/635- 641). وقبل أنْ أنتقلَ إلى الإِحالَة الدَّاخليّة البَعْدِيَّة أُشيرُ إلى قولِ دى بوجراند: "وتأخُّرُ الألفاظِ الكنائيةِ عن مراجعِها anaphorically، أي ورودُها بعد الألفاظِ المشتركةِ معها في الإِحالَةِ أكثرُ احتمالاً من ورودِها متقدمةً عليها Cataphorically، فرجوعُ اللَّفظ الكنائيِّ إلى متقدِّمٍ عليه يهيئُ مرْكزَ ضبطٍ أنْ تُضافَ إليه المادةُ المتعلِّقةُ باللَّفظِ الكنائيِّ، ومن الأكثرِ صعوبةً أنْ نتصورَ كيف يمكنُ التصرُّفُ بالنِّسْبةِ للعَوْدِ إلى مُتأخرٍ. عندئذ يتحتَّمُ للَّفظِ الكنائيِّ أنْ يركُمَ حتَّى تأتِيَ العبارةُ المشاركةُ له في الإِحالَةِ أو يُتركَ بحسبانِه حالةً نَحْويَّةً، تظلُّ لا مرجعَ لها في تحليلٍ مهوَّشٍ Fuzzy Parsing حتى يُعثَرَ لها في النهاية على مَرْجِعٍ، وليس من المُسْتحسَنِ في أيٍّ من الحالتين أنْ تجْعلَ مسافةً كبيرةً بين اللَّفظِ الكنائي وما يشتركُ معه في الإِحالَة"(دي بوجراند، 1998م: 327)([39] وهو ما يُفهمُ من خلالِه أنَّ الإحالةَ القبليَّة أكثرُ في الاستخدام من الإحالةِ البعديَّة.

 ومثال الإِحالَة البَعْدِيَّة قول يونس البوسعيدي (البوسعيدي، 2021م:41)([40]): (من الكامل)

حُزْنٌ بـِ"مَسْقَطَ" حينَ تُوغِلُ في الدُّجَى

مِثْلِي فَمَنْ يَلْقَى لِحُزْنِيَ مُخْرَجَا

رُدُّوا إلَــــــــــــــــــيَّ الرُّوحَ يا سُلَّابَهَا

لِيَظَلَّ شَيءٌ لِي أَعِيْشُ مُتَوَّجَـا

أَجْرِي وراءَ فَراشةِ المَعْنَى ومــــــــــا

حدَّثْتُ نَفْسِي بالرَّجاءِ أو النَّجَا

لا دَهْشَةٌ تُغْرِي المُغَنِّيَ، رُوْحُــــــــــهُ

بَرَدَتْ، ومَـنْ بين الحنَايا ثُلِّجَا

هو واحِدٌ في النَّاسِ مِـــــــنْ بُسطائِهِم

لكنَّه ما كان فيهم عَوْسَجَــــا

مــــــــــــــِنْ لَعْنَةِ العُشَّاقِ يحْمِلُ لَعْنَةً

أنْ لا مَفَرَّ مِنْ الأَسَى أو مُلْتَجَا

ويخافُ مِثْل الطِّفْلِ مِــــــــنْ أحلامِهِ

مـا كانَ أَبْسَطَها فكيفَ تَشَنَّجَا

يَبْكِي كما الكروانُ، لا يَدْري لِمَــــــا

يَرْتَاحُ ما سَترتْ مَدَامِعَهُ الدُّجَى

فهذه الأبيات من قصيدة (حُزنٌ بمسقط) يُشير فيها الشَّاعر إلى أنَّ ثَمَّة حُزنًا قد وُجِدَ بمسقط عندما توغَّل الشَّاعر في سَوادُ الليلِ المُشرَب بالغَيم بِفْعلِ فاعلٍ مَّا؛ ثم يكرِّر الاسم الظاهر الحُزن المضاف إلى ضمير ذات الشَّاعر المُتكلِّمة مُتسائلًا عن مُخْرَجٍ له مِمَّا هو فيه.

وفي البيت الثاني تأتي الإحالة الدَّاخلية البعدية، من خلال الجملة الطلبية ذات فِعل الأمر (رُدُّوا إلَيَّ الرُّوحَ يا سُلَّابَهَا) حيث أحال الضَّميرُ (واو الجماعة) في الفِعْل (رُدُّوا) على كلمة (سُلَّاب) فيما بعد، مُحْدِثًا نوعًا من السَّبك المُفضِي إلى الحَبْك، من جهة الإبهامِ في الضمير غيرِ المحيلِ على سابقٍ في الكلام، وهو ما يجعل المتلقي مُتعطِّشًا إلى المقصودِ منه، فإذا به يتوصل بعد ذلك إلى أنَّ المُحال عليه ليس مُتقدِّمًا، كما هو معهودٌ لدى الشَّاعر، بل هو مُتأخِّرٌ حيثُ كلمةُ (سُلَّاب)، وهو ما أدَّى إلى تحقُّق الحَبْكِ، من جهة الاستمرارية الدلاليةِ المتضمنةِ تفسيرَ هذا الضمير، وإنْ كنتُ أرى أيضًا أنَّ تأخيره هنا له علاقةٌ بما يريده الشَّاعر من معنًى ما، يمكن أنْ يكتنفَهُ نظْرةُ الشَّاعرِ الدونيةِ إلى هؤلاء السُّلَّابِ الذين يُنظَرُ إليهم على أنَّهم ليسوا في مقدمة القوم مهما كانوا، بل هم في المؤخِّرة، سواءٌ أأفصح الناسُ- ومنهم الشاعر- أم لم يُفصِحوا.

هنا أقتطعُ الحديث أيضًا للإشارة إلى أنَّ من أمارات حُسْنِ السَّبْكِ إسهامَ تِلْكَ الإحالةَ البَعدِيَّةَ في استقامة وزْن الكامل، فتقطيعُ البيتِ ووزْنُه هكذا:

رُدُّوا إلَيْ/يـرْرُوحَ يا/ سُلَّابَهَا

لِيَظَلَّ شَي/ءٌ لِي أَعِيْ/شُ مُتَوَّجَا

مُتْفاعِلُنْ/ مُتْفاعِلُنْ/ مُتْفاعِلُنْ

مُتَفَاعِلُنْ / مُتْفاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ

وهو ما يتَّضحُ من خلاله أنَّه لو تصرَّف بغير ذلك في البيت لَمَا استقام وزْنُ الكامل، ولَمَا صحَّتِ القافية بروِيِّها المُراد، فكانت القافية مبنيَّةً على ما قبلها، وما قبلها مبنيٌّ عليها(القرطاجني، 1986م: 278)، وفي كلِّ ما تقدَّم من لفتاتِ الإشارةِ إلى إسهامِ الإحالةِ في صِحَّةِ الوزنِ وتحقُّقِ القافيةِ ما يُشيرُ إلى أنَّ كلًّا من الوزن والقافيةِ جزءٌ من إنتاج المعنى النَّصِّيِّ (عبد اللطيف، 1990م:36).

أعودُ فأشيرُ إلى أنَّ الشَّاعر بناء على ما طاله من حُزْنٍ في سواد اللَّيل الذي لا تَرَى نَجْمًا فيه ولا قمَرًا، يطلب مِمَّن سلبُوا رُوحَهُ أنْ يردُّوها عليه؛ ليبقى له ما يُتوِّجه من العيش؛ ثم كانت المُطابقةُ بين الضَّميرِ ومرجعِه، في إطارِ سَلْكِ المعنى النَّصِّيِّ – من خلال نَحْو النَّصِّ – في عِقْدٍ لا ينفرطُ، يجولُ جَوْلَ الجُمانِ جَرَى في سِلْكِهِ الثُّقَبُ (ذو الرمة، 1982: 21)([41])، مِمَّا يؤكِّد القول بأنَّ" الشَّاعر يستعمل اللُّغةَ، واللُّغةُ تنطقُ بلسان الشَّاعر، فعندما يقولُ الشَّاعر تقولُ اللُّغةُ"(عبد اللطيف، 2008م: 54).

فالشَّاعر يريدُ لَفْتَ الانتباه إلى مهارتِه كمٌرْسلٍ - في إطار الرَّمزِيَّةِ التي لا تُفضي بمحتواها إلى قارئٍ واحد(أحمد، 1984م: 137- 138)- إلى أنَّه المحورُ في إنتاجِ الخطابِ من أَجْلِ أنْ يفهمَ المُتَلَقِّي قَدْرَ هذا الشَّاعر؛ ولذلك كانت الإشارةُ إلى " أنَّ المُرْسِل هو الذَّاتُ المحوريةُ في إنتاجِ الخطاب؛ لأنَّه هو الذي يتلفَّظُ به؛ من أجْلِ التَّعبيرِ عن مقاصدَ معيَّنةٍ، وبغرضِ تحقيقِ هدفٍ فيه، ويجسِّدُ ذاتَه من خلال بناءِ خطابِهِ، باعتمادِه استراتيجيةً خطابيَّةً، تمتدُّ من مرحلة تحليلِ السِّياقِ ذهنيًّا والاستعدادِ له، بما في ذلك اختيارُ العلامةِ اللُّغويَّةِ الملائمة، وبما يضمَنُ تحقُّقَ منفعتِه الذَّاتية؛ بتوظيفِ كفاءتِه للنَّجاحِ في نَقْلِ أفكارِه بتنوّعاتٍ مناسبة"(الشهري، 2004م:45)([42]).

وها نحن قد أعربنا عن علامةٍ لغويةٍ، تمثَّلت في الضمير بوصفه دالةً نحويةً مُسهمةً في الإحالة الخارجية والداخلية المُفضية إلى حُسْنِ السَّبكِ المُترتِّبِ عليه تحقُّقُ الحَبْك، بوصفهما (السَّبك والحَبْك) من معايير النَّصِّيةِ.

 

 

الخاتمة:

يمكن الإشارة في هذه الخاتمة إلى الآتي: 

  • تبيَّن من خلال البحث اهتمامُ الشَّاعرِ بوسائل الإحالة المختلفةِ لاسيَّما الربطُ بالضمير؛ ثم  كان ساعيًا إلى إحكام العلاقات بين الأجزاء أو المفاهيم في نصوص مجموعته.
  • أسهمت الإحالة الخارجية بالضمير، من خلال أنواعه المختلفة في تحقَّق حَسُن السَّبك لدى يونس البوسعيدي، فكان مُفضيًا إلى تحقُّق الحَبْك، وهو الأمر نفسُه في الإحالة الداخليةِ بالضمير؛ ثم كان شِعْرُه متلاحمَ الأجزاء، بالإضافة إلى إسهامها في استقامة الوزن وصِحَّةِ القافية.
  • تبين أنَّ استخدام الضمير في حُسْنِ السَّبك المُفضي إلى تحقُّق الحَبْك، سواءٌ أكان مُحيلًا إحالة خارجيةً أم داخليةً، قبليةً أو بعديةً، لم يكن في الجملة الأساسية فقط، بل كان في الجملة الفرعيةِ أيضًا، وهو ما أفضى إلى نوعٍ من الإيجازِ والتَّركيزِ الدَّلاليِّ، ورَفْعِ الالتباس.
  • إنَّ مجموعة (كطائر يحلم بالمطر) للشَّاعر، كغيرها من النَّصوصِ الإبداعيَّةِ، سعى فيها المُرْسِلُ إلى المقصِديَّة المُفضية إلى تحقُّق السَّبك والحَبْك في نصِّه من خلال الضمائر، التي تشكِّلُ عنصرًا إحاليًّا يفوقُ كلَّ أنواع الإِحالَةِ، لاسيَّما ضميرُ الغائبِ أو الغائبةِ خادمًا المعنى النَّصيِّ، من جهة مناسبته الماضي وسَرْدِه.
  • لمَّا كانت الإِحالَة الخارجيَّةِ فيها يكون توجيهُ المخاطَبِ إلى شيءٍ أو شخصٍ في العالم الخارجيِّ، أي خارجَ النَّصِّ، فإنَّها حينئذٍ تعتمدُ على التَّأويلِ والاجتهاد الشَّخصِيِّ، بانتقال مجالها من البحثِ في اللُّغةِ إلى البحثِ في نَحْوِ اللُّغَةِ.
  • لمَّا كان ذلك كذلك، فإن الشاعر كان كثير اللجوء إلى الإحالة الخارجية، لكنها كثرةٌ لا تفوق مواضع الإحالة الدَّاخية بالضمائر، ولا تُقارنُ بها؛ من منطَلق أنَّ سياق الحديث قائمٌ على سرْد الأحداث.
  • إنَّ ما يذكره الشَّاعر من تفصيلات في النَّصِّ بعد أنْ يحيل إحالة خارجيةً مَّا قد تُسهم أحيانًا في الاهتداء إلى المُحال إليه وتخمينه، غيرَ أنَّه من المُؤكَّدِ أنَّ المُتلقي عليه أنْ يتأمَّل الموقفَ خارجَ النَّص؛ ليُحدِّدَ مرجِعَه، وهو ما حدث في نَصوص يونس البوسعيدي.
  • تبين أنَّ ما تُحقِّقه الإِحالَةُ الخارجيّةُ من استمراريةٍ دَلاليَّةٍ لا تتساوى فيه كلُّ الضَّمائر، فعندما يكون الضَّميرُ ضميرَ الغائبِ تكون الاسْتِمْراريَّةُ الدَّلالِيَّةُ في أبْهى صورِها، مِمَّا ينعكسُ على التَّواصلِ بين المُبدعِ والمُتَلَقِّي. 
  • إنَّ انتشار الضميرِ المُسْتَترِ في شِعْرِ البوسعيدي، قد أسْهَمَ في التَّرَابُطِ على مستوى الجُمْلَة والنَّص، في إطارِ اعْتمادِ الشَّاعر على الإيحاءِ في الخطابِ الأدبيِّ؛ ثم كان تقلُّصُ التَّصريحِ.
  • في الإحالة الدَّاخلية بالضمائر قد تظهر مهارة يونس البوسعيدي في جَدْل ضفيرتين معًا، أعني ضفيرة حُسْن السَّبْك، باستخدام الضمير المُحيل إحالة قبليةً، رابطًا بين المفهومين، أمَّا الضفيرة الثَّانية، فهي استعمالُ الضميرِ الرابط مُحذوفًا، وتلك مهارةٌ لا تأتَّى إلَّا لقليلٍ من الشُّعراء، بالإضافة إلى إسهام هذه الإحالة الدَّاخلية في استقامة الوزن وصِحَّةِ القافية.
  • كثيرًا ما تتداخل الإحالات الدَّاخلية لدى الشاعر مع الإحالات الخارجية بالضمائر؛ من منطلق كونِ الضميرِ المُستخدمِ في الإحالة الخارجية يُشكِّلُ بؤرةً لإحالاتٍ داخليةٍ قبليةٍ مُتلاحقةٍ بعد ذلك، ثم أسهم كلُّ ذلك في حُسْن السَّبك المُفضي إلى تحقُّق الحَبْك، وهو ما يُوحي بأنَّ ثَمَّة نوعًا من التَّركيزِ الدَّلاليِّ والرَّمزيَّةِ.
  • أسهمت الإحالة الدَّاخلية البعدية، في حُسْن السَّبْكِ المُفضي إلى تحقُّق الحبك، من جهةِ  الإبهامِ في الضمير غيرِ المحيلِ على سابقٍ في الكلام، وهو ما يجعل المتلقي مُتعطِّشًا إلى المقصودِ منه، فإذا به يتوصل بعد ذلك إلى أنَّ المُحال عليه ليس مُتقدِّمًا، كما هو معهودٌ لدى الشَّاعر، بل هو مُتأخِّرٌ، وهو ما أحدث نوعًا من الاستمرارية الدلاليةِ.

 

 

 المصادر والمراجع:

أولًا- المصادر والمراجع العربية:

  1. ابن الحاجب، أبو عمرو عثمان (1989م)، أمالي ابن الحاجب، تحقيق فخر صالح سليمان قداره، عمّان، دار عمار.
  2. ابن السرَّاج، أبو بكر محمد (1996م)، الأصول في النحو، ابن السراج، تحقيق عبد الحسين الفتلي، مؤسسةالرسالة، ط 3.
  3. ابن الشجري، أبو السّعادات هبة اللّه (1992 م)، أمالي ابن الشَّجرِيّ، تحقيق محمود الطناحي، مكتبة الخانجي، ط 1.
  4. ابن منظور " أبو الفضل جمال الدين ت 711 هـ " (د.ت)، لسان العرب، دار المعارف، د . ت .
  5. ابن منقذ، أسامة، (1960م)، البديع في نقد الشعر، تحقيق أحمد بدوي، وآخر، وزارة الثقافة، مكتبة البابي الحلبي.
  6. ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، (1979)، مغني اللبيب. تحقيق مازن المبارك، دار الفكر.
  7. ابن يعيش، موفق الدين، (د.ت)، شرح المُفَصَّل، إدارة الطباعة المنيرية.
  8. الاستراباذي، الرضي ت 686هـ، (1982م)، شرح شافية ابن الحاجب،  تحقيق محمد نور الحسن وآخرين، دار الكتب العلمية.
  9. الإشبيلي، ابن عصفور، (1988م)، شرح جمل الزجّاجي، قدّم لـه فوّاز السعّار، دار الكتب العلمية، ط 1.
  10. الأندلسي، أبو حيان، (1418 هـ - 1998 م )، ارتشاف الضَّرْب من لسان العرب، تحقيق  رجب عثمان محمد، مكتبة الخانجي،  ط 1.
  11. الأندلسي، أبو حيان، (1419 هـ-1988م)، التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل، تحقيق الدكتور حسن هنداوي، دار القلم.
  12. بحيري، د. سعيد،( 1977م)، علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات، مكتبة لبنان، الشركة المصرية العالمية للنشر.
  13.  براون، جليان و يول، جورج، (1997 م)، تحليل الخطاب، ترجمة محمد لطفي الزليطي،ومنير التركي، جامعة الملك سعود.
  14. بشار، إبراهيم، (2010 م)، الاتِّساق في الخطاب الشعري "من شمولية النَّصِّيَّة إلى خصوصية التَّجربة الشعرية"، مجلة المَخبر، العدد السادس، جامعة محمد خيضر.
  15. بلاوي، د.رسول، (2020م)، الحقول الدلالية لمفردة"الرِّيح" في شعر يونس البوسعيدي، مجلة التواصلية، جامعة يحيى فارس، مج6، ع 1.
  16. بودرع، عبد الرحمان، (2005م)، من ظواهر الأشباه والنَّظائر بين اللُّغويات العربية والدَّرس اللساني المعاصر "التَّرادف"، حوليات كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، الحولية 25، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت. 
  17. البوسعيدي، يونس، (2021م)، كطائرٍ يحلم بالمطر، يونس البوسعيدي، الجمعية العمانية للكتَّاب والأدباء، ط 1 .
  18. تركي، فايز صبحي عبد السلام، (2014م)، التَّرَابُطُ النَّصِّيُّ في شِعْرِ خليفة التِّلِّيْسِي، دراسة تطبيقية في ضوء نحو النص، مجلة الدراسات اللغوية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، ج 16، ع 3 .
  19. تركي، فايز صبحي عبد السلام، (2022م)، تعالُقُ القَصْد التَّركيبيِّ بالمعنى النَّصِّيِّ في شِعر الأعشى الكبير، دار الجنان للنشر والتوزيع، ط 1.
  20. تركي، فايز صبحي،(2017م)، دراسات لسانية في العلاقة بين النحو والنسج والدلالة، مركز الترجمة والتأليف والنشر، جامعة الملك فيصل.
  21.  الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، ت 255 هـ"، (1975م)، البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي.
  22. الجاحظ، أبو عثمان، ت 255 هـ"، (1997م)، الحيوان، شرح وتحقيق يحيى الشامـي، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط 3.
  23. الجراح، عبد المهدي، الكوفجي، إبراهيم، (2008م)، العناصر المرجعية (الضميرية) في سورة الكهف دراسة نصِّية وظيفية، عبد المهدي الجراح، إبراهيم الكوفحي، وآخر، مجلة دراسات، الجامعةالأردنية، مج35، ع 3.
  24. حامد، عبد السلام السيد، (1997 م )، تحليل اللَّفظ وتقويم المعنى وأثرهما في التراث النَحْوي، رسالة دكتوراه بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة.
  25. حسان، تمام، (1988م)، موقف النقد العربي التراثي من دلالات ما وراء الصِّياغة اللُّغويَّة، ضمن كتاب (قراءة جديدة لتراثنا النقدي)، النادي الأدبي الثقافي بجدة، العدد 59.
  26. حسنين، صلاح الدين صالح، (2005 م)، الدَّلالة والنَّحْو، مكتبة الآداب، ط 1.
  27. خطابي، محمد، (1991م)، لسانيات النَّصِّ "مدخل إلى انسجام الخطاب"، المركز الثقافي العربيّ، ط 1 .
  28. الخويسكي، زين، (1986 م)، الجملة الفعليَّة بسيطة وموسعة "دراسة تطبيقية على شعر المتنبى، مؤسسة شباب الجامعة.
  29. الخويسكي، زين، (1996م)، ظاهرة الاستغناء في قضايا النَّحْو والصَّرف، دار المعرفة الجامعية.
  30. دي بوجراند، روبرت، (1998م)، النَّصُّ والخطاب والإجراء، ترجمة تمام حسان، عالم الكتب، ط1 .
  31. فرج، حسام أحمد، (2007م)، نظرية عِلْم النَّصِّ، مكتبة الآداب، ط 1 .
  32. ذو الرمة، غيلان بن عقبة، (1402 هـ - 1982 م)، ديوان ذي الرُّمَّة، تحقيق عبد القدوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان. 
  33. الزمخشري "جار الله أبي القاسم محمود ت 538"، (1988م)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، تحقيق ودراسة عادل عبد الموجود، وآخر، مكتبة العبيكان،  ط 1.
  34. الزناد، الأزهر، (1998م)، نسيج النص، الأزهر الزناد، المركز الثقافي العربي، ط 1.
  35. سيبويه "أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر ت180هـ"، (1968م)، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، دار الكاتب العربيّ .
  36. السيوطي، جلال الدين، (1998م)، همع الهوامع، تحقيق أحمد شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية.
  37. الشهري،عبد الهادي بن ظافر (2004م)، استراتيجيات الخطاب " مقاربة لغوية تداولية "، دار الكتاب الجديدة المتحدة، بيروت،دار أويا،  ط 1 .
  38. عبد اللطيف، محمد حماسة، (1983م)، النَّحْو والدَّلالة "مدخل لدراسة المعنى النَّحْويِّ الدَّلاليِّ"، مطبعة المدني.
  39. عبد اللطيف، محمد حماسة، (2008م)، فتنة النَّصِّ " بحوث ودراسات "،  دار غريب.
  40. عفيفي، أحمد، (2001م)، نَحْو النَّص اتِّجاه جديد في الدرس النَحْوي، مكتبة زهراء الشرق، ط1.
  41. عفيفي، أحمد، (د.ت)، الإحالة في نحو النص، كلية دار العلوم، جامعة القاهرة.
  42. العلوي، "يحيى بن حمزة ت749هـ"،(1995م)، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، مراجعة وضبط محمد عبد السلام شاهين، دار
  43. فضل، صلاح، (1992م)، بلاغة الخطاب وعلم النص، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
  44. الفقي، صبحي إبراهيم، (2000م) عِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النَّظرية والتَّطبيق، دار قباء.
  45. القرطاجني، حازم، (1986م)، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني،  تقديم وتحقيق محمد الحبيب، دار الغرب، ط 3.
  46. المبرِّد، أبو العباس، المقتضب، (1994م)، تحقيق محمد عُضَيمة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ط 3 . 
  47. محمود، آلاء طارق محمود، خضر، عائشة، (2010م)، تبادل الضمائر في سورة الكافرون دراسة تحليليَّة، مجلة كلية التَّربية والعِلْم، ج 17، ع 4 .
  48. المسدي، عبد السلام، (1982م)، الأسلوبية والأسلوب، الدَّار العربيّة للكتاب، ط 3 .
  49. المسدي، عبد السلام، (1986م)، التفكير اللِّسانيّ في الحضارة العربيّة، الدَّار العربيّة للكتاب.
  50. مصلوح، سعد، (1991م)، نَحْو أجرومية للنَّصِّ الشِّعريِّ، مجلة فصول، المجلد العاشر، العددان الأوَّل والثاني، يوليو، أغسطس.
  51. مقابلة قناة كوريان الثقافية، برنامج توقيع كتاب عن بُعد، بالنادي الثَّقافي، سطنة عُمان، تقديم عبد الرزَّاق الرَّبيعي، والرابط أدناه: https://www.youtube.com/watch?v=kmF-0frxqq4
  52. النيسابوري، أبو الحسين مسلم (1955م)، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي .
  53. هاينة، فولفجانج، (1999م)، مدخل إلى عِلْم اللُّغَة النَّصِّيّ، ترجمة فالح العجمي، النشر والمطابع، جامعة الملك سعود.
  54. يونس، محمد محمد، (يونيه 2004م)، الإحالة وأثرها في دلالة النَّصِّ وتماسكِه، مجلة الدِّراسات اللُّغويّة، مركز الملك فيصل للبحوث والدِّراسات الإسلامية، مج 6، ع 1 .

 

ثانيًا- المراجع الأجنبية:

- Hallidy M.A.K and Ruqaiya Hasan. (1976). Cohesion in English, Longman.

 

 

 

الهوامش


 


([1]) يُنظر: كطائر يحلم بالمطر، على سبيل المثال صــ 12، 14، 15، 16، 30 ، 32، 33، 35، 37، 38، 39 ، 44، 46، 49، 51، 53، 57، 58، 59، 61، ، 73، 79، 88، 94، 99، 104، 107، 110.

([2]) كان ذلك في مقابلة قناة كوريان الثقافية، برنامج توقيع كتاب عن بُعد، بالنادي الثَّقافي، سطنة عُمان، تقديم الأستاذ عبد الرزَّاق الرَّبيعي بتاريخ30/11/2021م،https://www.youtube.com/watch?v=kmF-0frxqq4

([3]) تعدُّ النَّصِّيَّة مُحصِّلةَ الإجراءات الاتصالية المتّخذة من أجل استعمال النص، من خلال المعايير السَّبعة التي يكونُ بها النَّصُّ نصًّا؛ ثم تكونُ النَّصِّيَّةُ أساسًا مشروعًا لإيجاد النصوص؛ ثم يكون استعمالها :يُنظَر: النَّصُّ والخطاب والإجراء، دي بوجراند، ترجمة د.تمام حسان، صـ 95، 97، وينظر: التَّرَابُطُ النَّصِّيُّ في شِعْرِ خليفة التِّلِّيْسِي، دراسة تطبيقية في ضوء نحو النص، د.فايز صبحي تركي، صـ 86 هامش 1.

([4])  يُنْظَر :مدخل إلى عِلْم اللُّغَة النَّصِّيّ، فولفجانج هاينة، ترجمة د. فالح العجمي، صـ 7 – 12، 93 – 95، وعِلْم لُغَةِ النَّصِّ:المفاهيم والاتجاهـات، صـ 146، ونَحْو أجرومية للنَّصِّ الشِّعريِّ، د. سعد مصلوح، صـ154-155، والدَّلالة والنَّحْو، د. صلاح الدين صالح حسنين، صـ 226 – 234، ونَحْوُ النَّصِّ اتِّجاه جديد في الدرس النَّحْويِّ، د. أحمد عفيفي، صـ 65 – 92، وعِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النَّظرية والتَّطبيق، د. صبحي الفقي، 1/93 - 102، ودراسات لسانية في العلاقة بين النحو والنسج والدلالة، د. فايز صبحي تركي، صـ 189-195 ، والتَّرَابُطُ النَّصِّيُّ في شِعْرِ خليفة التِّلِّيْسِي، دراسة تطبيقية في ضوء نحو النص، صـ 86 هامش 2.

([5]) يُنْظَر: لسانيات النَّصِّ "مدخل إلى انسجام الخطاب"، د. محمد خطابي، صـ 5، وعِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النَّظرية والتَّطبيق، د. صبحي الفقي 1/41، والإِحَالَة ودورها في التَّماسك النَّصِّيِّ، رواية في سبيل التَّاج للمنفلوطي نموذجًا، صـ 28 – 32، وينظر: التَّرَابُطُ النَّصِّيُّ في شِعْرِ خليفة التِّلِّيْسِي، دراسة تطبيقية في ضوء نحو النص، صـ 87، هامش 2. 

([6]) بلاغة الخطاب وعلم النص، د. صلاح فضل، صـ 44.

([7]) يُنْظَر: من أشكال  الرَّبْط في القرآن الكريم، صـ 91ـ . 

([8]) ينظر: نسيج النص، الأزهر الزناد، صـ 118.

([9]) حيث إشارته إلى أنَّ العنصر الإحالي هو كل مكوِّنٍ يحتاج في فهمه إلى مكوِّنٍ آخر يفسِّره، وهو يمثِّل أبسط عنصرٍ في بنية النص الإحالية.

([10]) ينظر: عِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النَّظرية والتَّطبيق، د. صبحي الفقي 1/41، وكذلك:

  Halliday&Hasan, 1976, p37. 

([11]) يُنْظَر: نَحْو النَّصِّ اتِّجاه جديد في الدَّرس النَّحْويّ، د.أحمد عفيفي صـ 116 – 122، ونسيج النَّصِّ "بحث فيما يكون الملفوظ به نصاً"، الأزهر الزناد، صـ 118- 119 حيثُ مفهومُ الإِحالَةِ وأنواعِها، وكذلك : وتحليل الخطاب، جليان براون، وجورج يول، ترجمة محمد لطفي الزليطي،ومنير التركي، صـ 238 -239، وعِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النَّظرية والتَّطبيق، د. صبحي الفقي 1/38، 40، 2/29.

([12]) تحليل الخطاب، براون، يول، صـ 230، وينظر: النص والخطاب والإجراء صـ 320، ولسانيات النص، محمد خطابي صـ 16 - 19، والإحالة في نحو النص، د. أحمد عفيفي صـ 15-16، 21-29.

([13]) ينظر: نسيج النص، الأزهر الزناد، صـ 131 – 133، 137، وعِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النظرية والتطبيق، د. صبحي الفقي 1 /38 - 39، ونَحْو النَّصِّ اتِّجاه جديد في الدَّرس النَّحْويّ، د.أحمد عفيفي صـ 118، والإحالة وأثرها في دلالة النَّصِّ وتماسكِه، د. محمد محمد يونس علي، صـ 159 – 202 ، وعِلْمُ لُغَة النَّصِّ المفاهيم والاتجاهات، د. سعيد بحيري صـ 123، والتَّرَابُطُ النَّصِّيُّ في شِعْرِ خليفة التِّلِّيْسِي، دراسة تطبيقية في ضوء نحو النص، صـ 101، ومن الإحالات باسم الإشارة – على سبيل المثال- في مجموعة (كطائر يحلم بالمطر) صـ 12 ، 25، 28، 50، 53 ، 57، 59، 61، 63، 69، 74، 81، 85، 88، 94، 99، 101، 104، 106، 108، 110، 111 .

([14]) يُنْظَر: نَحْو النَّصِّ اتِّجاه جديد في الدَّرس النَّحْويّ، د.أحمد عفيفي صـ121، وكذلك :  Cohesion in English ,p33 

([15]) يُنظر: الأصول في النحو، ابن السراج، 3/192.

([16]) السَّعالي في الآبيات جَمْعُ سِعلاة، وهي ساحرةُ الجِنِّ، واليحموم:دُخانٌ أسود شديد السواد، وحمأة الليل: سوادُه، والكَرْمُ: القِلادة من الذهب والفضة، ينظر: لسان العرب، مادة (شمس، حمم، كرم).

([17]) يمكن الرجوع في هذا إلى مقابلة قناة كوريان الثقافية مع الشاعر يونس البوسعيدي، برنامج توقيع كتاب عن بُعد، بالنادي الثَّقافي، سطنة عُمان، تقديم الأستاذ عبد الرزَّاق الرَّبيعي بتاريخ 30/11/2021م،https://www.youtube.com/watch?v=kmF-0frxqq4

([18]) ينظر:الترابط النصي في شعر خليفة التليسي، د. فايز صبحي تركي، صـ 111.

([19]) يُنْظَر : لسانيات النَّصِّ، د. محمد خطابي، 17، ونَحْو النَّصِّ اتِّجاه جديد في الدَّرس النَّحويّ، د. أحمد عفيفي صـ 122، والإحالة في نَحْو النَّصِّ، د. أحمد عفيفي صـ 533، وكذلك :

 Cohesion in English, p18. 

([20]) يُنْظَر: الإِحالَة وأثرها في دلالة النَّصِّ وتماسكه، د.محمد يونس، صـ 166، وكذلك : Cohesion in English,p20  .

([21]) يُنْظَر: تبادل الضمائر في سورة الكافرون دراسة تحليليَّة، د.آلاء طارق محمود، د. عائشة خضر، صـ 82.

([22]) يُنظر: كطائر يحلم بالمطر، صــ ، 18، 36، 44، 46، 50، 51، 53 ، 61، 63، 69.

([23]) حيثُ إشارتُه إلى أنَّ للإحالة طريقين، أحدهما طريقٌ مباشرٌ، وهو القَصْدُ الدلاليُّ إلى ما يشيرُ إليه اللَّفظُ مباشرةً، فالعنصرُ المُحيلُ والمُحالُ عليه، لابُدَّ أنْ يكونا بارزَين دون حاجةٍ إلى التَّأويل. والآخرُ:التَّأويل، وذلك في حالةِ عدمِ وجود المُحالِ عليه بشكلٍ مباشرٍ داخلَ النَّصِّ.

([24]) يُنْظَر:التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل، أبو حيان الأندلسي، 2/128 – 171، 252 – 269 وارتشاف الضَّرْب، لأبي حيان صـ 941، والدَّلالة والنَّحْو، د. صلاح الدين صالح حسنين صـ 248 -249، والإِحالَة وأثرها في دلالة النَّصِّ وتماسكه، د. محمد يونس صـ 172، والضمائر في اللُغَة العربية، د. محمد عبد الله جبر، صـ 95.

([25]) يُنْظَر:الإحالة في نَحْو النَّصِّ، د. أحمد عفيفي ، صـ 536 ، والسَّديمُ الضَّبابُ الرقيق، والسَّدِيمُ: التَّعَب، والسَّديمُ الماء المُنْدِفق، والسَّديمُ الكثير الذِّكْرِ، والدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ في الرأْس، ودُوَّارَةُ الرأْس ودَوَّارَتُه: طائفة منه، ينظر: لسان العرب، مادة (سدم).

([26]) للريح هنا طابع سلبيِّ، وهو ما درج عليه الشاعر في مجموعته، وغير ذلك من شعره، كالدَّمار، والعبثية، والضياع، والقلق، والاغتراب. يُنْظَر:الحقول الدلالية لمفردة"الرِّيح" في شعر يونس البوسعيدي، د.رسول بلاوي، صـ 116 .

([27]) يُنْظَر:النَّص والخطاب والإجراء، روبرت دي بوجراند، صـ 172 .

([28]) قد يكون مرجع الضَّمير غير مذكورٍ في البنية السَّطحية للنَّصِّ، فهو من قبيل المُحدَّد غير الصَّريح، يُنْظَر: شرح المُفَصَّل، ابن يعيش، 2/ 70  وتحليل اللَّفظ وتقويم المعنى وأثرهما في التراث النَحْوي،د. عبد السلام السيد حامد، صـ 43.

([29]) مِن الدِّراسات التي تحدَّثتْ عن حُدوثِ الاتِّساقِ بالضمير المُستتر دراسة:الاتِّساق في الخطاب الشعري "من شمولية النَّصِّيَّة إلى خصوصية التَّجربة الشعرية"، إبراهيم بشار، صـ 7.

([30]) ينظر: الكتاب1/62، وشرح الكافية، الرَّضِيّ 1/238، 241-242، وتعالُق القصد التركيبي بالمعنى النصي، د. فايز تركي، صـ 189- 198، ومن تكرار الظاهر عند يونس البوسعيدي ما جاء في صـ 23 حيث قوله:(مَنْ كَسَّر الطَّيرَ، كان القلبُ يسألُني***كأنَّه الحُلْمُ؟ قال الحُلْمُ: لستُ بَرِيْ).

([31]) يُنْظَر به أيضًا 12، 13، 18 ، 37، 44، 46، 74، 88، 101، 108 ، ومن تكراره الظاهر صـ 42 .

([32]) يُنْظَر: أيضًا: ظاهرة الاستغناء في قضايا النَّحْو والصَّرف، د. زين الخويسكي، صـ39-57، وعِلْمُ اللُغَة النَّصِّيِّ بين النظرية والتطبيق، د. صبحي الفقي 1/ 198 - 199 .

([33]) يُنْظَر: النَّص والخطاب والإجراء، روبرت دي بوجراند، صـ 301 .

([34]) يُنْظر: الجنى الداني في حروف المعاني صـ 573، وارتشاف الضرب 3/1239 – 1240، ومغني اللبيب 1/192 .

([35])  يُنْظر : شرح الكافية 3/125، وهمع الهوامع 1/486 . 

([36]) يُنْظر : الكتاب1/ 40-  43، والإيضاح في علوم البلاغة صـ  109-   115 .

([37]) يُنْظر: المقتضب3/115 حيث يرى المبرِّد أنَّ المفعول به قد يُحْذَف استخفافًا وهو في النية .

([38]) يُنْظَر به أيضًا 169، 243، 3 /115 ، وأمالي ابن الحاجب، ، 2 / 772  .

([39]) صدد حديثه عن اتحادِ الإِحالَة بواسطة الكنائيات ، ويُنْظَر:الإحالة في نَحْو النَّصِّ ، د. أحمد عفيفي صـ 544 ، وينظر: الترابط النصي في شعر خليفة التليسي، د. فايز تركي، صـ 136- 137.

([40]) ينظر به كذلك صـ 22، 25، 28 ، والحَنِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: القَوْسُ : حَنِيٌّ وحَنايَا، والثُّلْجُ: البُلَداءُ من الرجال، والعَوْسَج شجر شاكٍ نجديّ، له جَناة حمراء، ومنه سُمِّي الرجل، ينظر: القاموس المحيط (حناه)، ولسان العرب، مادة (ثلج، عسج).

([41]) هذا من قول ذي الرُّمَّة في ديوانه، رواية ثعلب، صـ 21، من البسيط :

وَالوَدْقُ يَسْتَنُّ عَنْ أَعْلَى طَرِيقَتِهِ جَوْلَ الجُمانِ جَرَى في سِلْكِهِ الثُّقَبُ

والثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً، والثَّقْبُ اسم لما نفَذ.الجوهريالثَّقْبُ، بالفتح، واحد الثُّقُوبِ. ينظر: لسان العرب، مادة (ثقب).

([42]) يُنْظَر: الحيوان، للجاحظ 1 / 41.