أثر الدلالة السياقية في تفسير إثبات الألف وحذفها في الرسم العثماني

الباحث المراسلد. محمد نور الدين المنجد جامعة السلطان قابوس

Date Of Publication :2023-02-22
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


فإن الوحي المنزّل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو آيات مقروءة مكتوبة، وبهذين الوصفين جاء التنزيل، فقال جل شأنه: ﴿الر تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ (القرآن الكريم، الحِجْر: 1)، وقال أيضًا: ﴿طس تِلْكَ ءايَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (القرآن الكريم، النَّمْل: 1)، وشاءت حكمة الله تعالى أن يختلف الرسم الكتابي في كثير من كلماته، وقد تكفّل جلّ شأنه بحفظه قرآنًا يُتلى وكتابًا يُسطر فلا يخالطه مسّ من تحريف أو تبديل؛ فقال في وصف يجمعهما: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (القرآن الكريم، الحِجْر: 9).
وتفنّن العلماء في خدمة كتاب الله وتفانوا في تأصيل علومه؛ فكان منها: علم القراءات، وعلم الرسم، وعلم العدّ والضبط، وعلم التفسير، وغيرها كثير، غير أن البحث في دلالات رسمه وتعليل اختلافه يكاد يكون بكرًا، أحجم عنه الدارسون إلا قليلًا؛ لخفاء مداخله والتباس مسالكه.


موضوع البحث، ومشكلته، وأسئلته، وأهدافه، ومسوغاته:


وهذا جهد قليل إزاء علم كبير، ألا وهو علم رسم المصحف الشريف وضبطه، يتناول مسألة أشكلت على كثير من الدارسين قديمًا وحديثًا، ألا وهي التماس العلة في إثبات الألف وحذفها من رسم الكلمة بين موضعين من كتاب الله، نحاول الإجابة فيه عن سؤال: هل ثمة دلالات خاصة تصاحب كلًّا من إثبات الألف وحذفها في الكلمة القرآنية في سياقين مختلفين؟ وما من شك في أن التنقيب عن وجه جديد من وجوه الإعجاز في كتاب الله شرف عظيم يوجب الأجر ويُحسن الذخر، فكيف إذا وفّق الله للخروج بشيء من لآلئه وعرضها على الناس؟
منهج البحث وإجراءاته:
المنهجُ في هذا البحث مزيج من الإحصاء والوصف واستقراء الكلمة برسميها حذفًا وإثباتًا في سياقاتها القرآنية ومقارنة الرسم بالدلالة بين سياقين وصولًا لفارق دلالي يميز حذف الألف من إثباتها في الرسم العثماني؛ ولتحقيق ذلك كان البدء باختيار ست كلمات قرآنية رسمت في المصحف الشريف بحذف الألف وإثباتها، وهي: (إِمَام، أَيَّام، تَمَاثِيل، شَعَائِر، مِهَاد، مِيعَاد)، ثم إحصاء تكرار كل منها، ثم ذكر الآيات القرآنية بالرسم العثماني مع التوثيق باسم السورة ورقم الآية مرتبة حسب ترتيب المصحف الشريف بدءًا بصورة إثبات الألف وتثنية بالآيات التي حُذِفت منها الألف في تلك الكلمات، ثم التأصيل اللغوي لدلالة الكلمة في المعاجم، يعقبه التنقيب في كتب اللغة وأمهات التفسير عن خصوصية الدلالة للكلمة في سياقها القرآني ومكوناته النصية، واستنتاج خصوصية دلالية تصاحب إثبات الألف في رسم الكلمة وتميزها من خصوصية أخرى تلازم حذف الألف في الكلمة نفسها بما لا يخرج عن المعنى المعجمي العام الذي يشمل الكلمة في حالتيها.


إطار البحث وتقسيماته:


آثر البحث الجانب التطبيقي بعيدًا عن اتجاهات الدارسين قديمًا وحديثًا في تاريخ الرسم العثماني وتأصيله وتوقيفه ومذاهبهم في تعليله؛ ولذلك جاء البحث وفق التقسيم الآتي:


 الملخص.
 المقدمة.
 الدراسة الوصفية التحليلية.
 الخاتمة.
 المصادر والمراجع.


الدراسات السابقة:


لعل ابن البناء المراكشي (ت721هـ) كان أول من تنبّه للربط بين الرسم والدلالة في كتابه (عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل)، وحديثًا صدرت بعض المحاولات في هذا الشأن، منها: محاولة محمد شملول في كتابه (إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة)، وسامح القليني في كتابه (الجلال والجمال في رسم الكلمة في القرآن)، وحمدي الشيخ في كتابه (الإعجاز الدلالي والبياني في الرسم العثماني)، وعمر عبد الهادي عتيق في بحثه (العلاقة بين رسم القرآن الكريم والدلالة)، وعبد العظيم المطعني في كتابه (لطائف وأسرار خصوصيات الرسم العثماني للمصحف الشريف).
ولعل أبرز ما يميز بحثنا هذا من تلك الدراسات إنما هو إحكام المنهج واستخلاص النتائج، ويتمثل ذلك في الوقفة المتأنية مع الدلالة المعجمية لكل كلمة، وتحري آراء المفسرين في مظانها، وتتبع الكلمة في سياقاتها القرآنية برسمها ودلالتها إحصاءً ووصفًا وتحليلًا يستنطق السياق ويقرنه بالرسم وصولًا لضوابط لكل كلمة تُحكِم صورتها بإثبات الألف في موضع وحذفها في آخر.

 

الدراسة الوصفية التحليلية:


في ما يلي محاولة لتلمُّس فروق دلالية تُصاحب إثبات الألف في كلمات قرآنية، وتُميّزها من سياقات أخرى حُذف فيها الألف من الكلمة ذاتها، وقد اختيرت النماذج الآتية على الترتيب: (إِمَامٍ/ بِإِمَـٰمِهِمۡ)، (أَيَّامِ/ بِأَيَّىٰمِ)، (ٱلتَّمَاثِيلُ/ تَمَٰثِيلَ)، (شَعَآئِرِ/ شَعَٰٓئِرَ)، (مِهَادٞ/ مِهَٰدٗا)، (ٱلۡمِيعَادَ/ ٱلۡمِيعَٰدِ)، فنسأل الله التوفيق والسداد:


1. (إِمَامٍ/ بِإِمَـٰمِهِمۡ):


ورد اللفظ في القرآن الكريم سبع مرات برسمين مختلفين، الرسم الأول: بإثبات الألف ست مرات، وذلك في قوله تعالى:
• ﴿وَإِذِ ٱبۡتَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِـۧمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٖ فَأَتَمَّهُنَّۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗا﴾ (القرآن الكريم، البَقَرَة: 124).
• ﴿وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةً﴾ (القرآن الكريم، هُود: 17).
• ﴿وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗ﴾ (القرآن الكريم، الأَحۡقَاف: 12).
• ﴿وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ * فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ﴾ (القرآن الكريم، الحِجۡر: 78-79).
• ﴿وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (القرآن الكريم، الفُرۡقَان: 74).
• ﴿إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ﴾ (القرآن الكريم، يسٓ: 12).
والرسم الثاني: بحذف الألف مرة واحدة، وذلك في قوله تعالى:
• ﴿يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ (القرآن الكريم، الإِسۡرَاء: 71).
و(الإمام) في اللغة الـمُتَّبَع، ويستوي فيه الإنسان وغيره، يقول الخليل: "وكلّ من اقتُدِيَ به، وقُدِّم في الأمور فهو إمامٌ، والنبيّ عليه السّلام إمام الأمة، والخليفة إمام الرَعيّة، والقرآن إمام المسلمين، والمُصْحَفُ الذي يُوضَعُ في المساجد يُسَمَّى الإمام، والإمام إمام الغلام، وهو ما يتعلَّم كلّ يوم، ... والإمام: الطريق" (الفراهيدي، د.ت، ج.8 ص.428)، ويقول الراغب: "والإمام: المؤتَمّ به، إنسانًا كان يُقتدى بقوله أو فعله، أو كتابًا، أو غير ذلك، محقًّا كان أو مبطلًا". (د.ت، ص.24)
وكتب التفسير لم تخرج عن هذه المعاني في بيان المقصود من الكلمة في سياقاتها القرآنية؛ ففي قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗا﴾ (القرآن الكريم، البَقَرَة: 124)، يقول الرازي: "حقّق الله تعالى ذلك الوعد فيه إلى قيام الساعة؛ فإن أهل الأديان على شدة اختلافها ونهاية تنافيها يعظّمون إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويتشرّفون بالانتساب إليه إما في النسب وإما في الدين والشريعة حتى إن عبدة الأوثان كانوا معظّمين لإبراهيم عليه السلام". (2000، ج.4 ص.37)
وفي إمامة كتاب موسى في قوله تعالى" ﴿وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةً﴾ (القرآن الكريم، هُود: 17، والأَحۡقَاف: 12)، يقول البيضاوي: "إِمامًا كتابًا مؤتمًّا به في الدِّين" (1418هـ، ج.3 ص.131)، ويقول ابن عاشور: "﴿إِمَامٗا وَرَحۡمَةً﴾ حالان ثناء على التوراة بما فيها من تفصيل الشريعة، فهو إمام يُهتدى به ...؛ إذ الإمام ما يُؤتَمّ به ويُعمَل على مثاله" (1984، ج.12 ص.28)، ويقول أيضًا: "والإمام: حقيقته الشيء الذي يجعله العامل مقياسًا لعمل شيء آخر، ويطلق إطلاقًا شائعًا على القدوة...، واستعير الإمام لكتاب موسى لأنه يرشد إلى ما يجب عمله فهو كمن يرشد ويعظ" (1984،ج.26 ص.24)، وخلاصة القول أن إطلاق (الإمام) على كتاب موسى في آيتي هود والأحقاف إنما هو للحثّ على الاقتداء به والاهتداء بهديه، واتباع ما فيه من توجيه وإرشاد، ولا سيما التبشير بمقدَم محمد صلى الله عليه وسلم وضرورة اتباعه.
وأما (الإمام) في آية الحِجر فذهب العلماء فيه إلى معنى الطريق، يقول الفراء: "وقوله: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ﴾ يقول: بطريق لَهم يَمرّونَ عليها فِي أسفارِهم، فجعل الطريق إمامًا لأنّه يُؤَمّ ويُتَّبع" (د.ت، ج.2 ص.91)، ويقول ابن قتيبة: "وقد يجعل الطريق إمامًا؛ لأنّ المسافر يأتمّ به ويستدلّ، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ﴾ (القرآن الكريم، الحِجۡر: 79) أي: بطريق واضح". (2002، ص.255)
وأما (الإمام) في آية الفرقان فهو على المعهود من معنى القدوة في دعاء عباد الرحمن، يقول ابن قتيبة: "وقوله سبحانه: ﴿وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (القرآن الكريم، الفُرۡقَان: 74) يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون" (2002، ص.130)، ويقول فيها الرازي: "سألوا الله تعالى أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي يُشار إليهم ويُقتدى بهم". (2000، ج.24 ص.100)
وأما (الإمام) في آية يس فهو اللوح المحفوظ، يقول مكي القيسي: "﴿وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ﴾ أي: ما كان وما هو كائن أثبتناه في أم الكتاب. ومعنى ﴿مُّبِينٍ﴾ أي: بَيِّنٍ عن حقيقة ما أثبت فيه، وهو اللوح المحفوظ. قاله مجاهد وقتادة وابن زيد". (2008، ج.9 ص.6013)
والحاصل أن الآيات الست التي أُثبتت فيها الألف في كلمة (إِمَام) دلت على الاقتداء بمُعَيَّن؛ فهو إمّا (بَشَر صالحون) كسيدنا إبراهيم في آية البقرة، وعباد الرحمن في آية الفرقان، وإمّا (كتاب) ككتاب موسى (التوراة) في آيتي هود والأحقاف، واللوح المحفوظ في آية يس، وإمّا (طريق) كما في آية الحِجر.
وإذا تأمّلنا (إِمَام) بحذف الألف في قوله تعالى: ﴿يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ (القرآن الكريم، الإِسۡرَاء: 71) وجدنا اتساعًا في دلالتها، يحتمل أقوال المفسرين على اختلافها؛ فقد ذهب فيها المفسرون مذاهب شتى، فهم بين قائل: بصحائفهم، وقائل: بكتابهم المنزَّل عليه، وقائل: بنبيّهم، وثالث: بإمام زمانهم، ورابع: بأعمالهم، وغيره: بمذاهبهم، وآخر: بأمهاتهم، يقول القرطبي: "قال ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك: ﴿بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ أي بكتابهم، أي بكتاب كل إنسان منهم الذي فيه عمله...، وقال ابن زيد: بالكتاب المنزَّل عليهم... وقال مجاهد: ﴿بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ بنبيّهم... وقال علي رضي الله عنه: بإمام عصرهم...، وقال الحسن وأبو العالية: ﴿بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ أي بأعمالهم. وقاله ابن عباس. فيقال: أين الراضون بالمقدور؟ أين الصابرون عن المحذور؟، وقيل: بمذاهبهم، فيُدعَون بمن كانوا يأتمّون به في الدنيا: يا حنفي، يا شافعي، يا معتزلي، يا قدَرِي، ونحوه... وهذا معنى قول أبي عبيدة، ... وقال أبو هريرة: يُدعى أهل الصدقة من باب الصدقة، وأهل الجهاد من باب الجهاد ... أبو سهل: يقال: أين فلان المصلّي والصوّام، وعكسه الزَّفَّاف والنمَّام. وقال محمد بن كعب: ﴿بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ بأمهاتهم... قالت الحكماء: وفي ذلك ثلاثة أوجه من الحكمة، أحدها: لأجل عيسى. والثاني: إظهار لشرف الحسن والحسين. والثالث: لئلا يفتضح أولاد الزنى". (2006، ج.13 ص.130-131)
وذهب فيها الرازي إلى معنى الأخلاق، فقال: "في اللفظ احتمال آخر وهو أن أنواع الأخلاق الفاضلة والفاسدة كثيرة والمستولي على كل إنسان نوع من تلك الأخلاق...، فذلك الخلق الباطن كالإمام له والملِك المطاع والرئيس المتبوع؛ فيوم القيامة إنما يظهر الثواب والعقاب بناء على الأفعال الناشئة من تلك الأخلاق، فهذا هو المراد من قوله: ﴿يَوۡمَ نَدۡعُواْ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡ﴾ فهذا الاحتمال خطر بالبال والله أعلم بمراده". (2000، ج.21 ص.15)
والخلاصة مما سبق أن إثبات الألف في رسم كلمة ﴿إِمَام﴾ تَرافقَ مع تعيين النوع وتخصيص الدلالة في كل آية من الآيات الست، وأنّ حذف الألف في ﴿إِمَٰمِهِمۡ﴾ تَرافقَ مع الاحتمال في المعنى والاتساع في التأويل بما لا يخرج عن عموم المعنى اللغوي للكلمة.

 

2. (أَيَّام/ بِأَيَّىٰمِ):


وردت كلمة (أيام) في المصحف الشريف سبعًا وعشرين مرة على النحو الآتي: ٱلۡأَيَّامُ(1) ٱلۡأَيَّامِ(1) أَيَّامَ(1) أَيَّامِ(1) أَيَّامٍ(18) أَيَّامًا(3) بِأَيَّىٰمِ(1) وَأَيَّامًا(1).
والذي يعنينا موضعان أضيف إليهما لفظ الجلالة، أحدهما: بإثبات الألف في قوله تعالى: 
• ﴿قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ (القرآن الكريم، الجَاثِيَة: 14).
والآخر: بحذف الألف وزيادة ياء بعد الياء في قوله تعالى: 
• ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، إِبۡرَاهِيم: ٥).
واليوم في اللغة معروف "مِقدارُه مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى غُرُوبِهَا" (ابن منظور، د.ت، ج.6 ص.4974)، و(الأيام) ظرف لما يقع فيها من أحداث؛ فجاءت في كلام العرب مجازًا بمعنى الوقائع المشهورة كيوم ذي قار ويوم الفجار، يقول الزمخشري: "ومن المجاز: ذُكِر في أيّام العرب كذا، أي في وقائعها" (1998، ج.2 ص.392)، وفي التهذيب: "يُقال: هُوَ عَالم بأيّام الْعَرَب، يُرِيد: وقائعها". (الأزهري، 1967، ج.15 ص.646)
وإضافة الأيام إلى الله تعظيم لما يقع فيها من سراء أو ضراء، جاء في مشارق الأنوار: "وَأَيَّام الله نعماؤه وبلاؤه. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أَيَّام الله نقمه. وَقَالَ مُجَاهِد: نعمه. وَمعنى ذَلِك كُله الْأَيَّام الَّتِي انتقم مِمَّن انتقم أَو أنعم فِيهَا على من أنعم". (ابن عياض، د.ت، ج.2 ص.305)
وقد اختلف المفسرون في تأويل (أَيَّام ٱللَّهِ) بالنعم والنقم، كلاهما أو أحدهما في كلٍّ من الآيتين، والمعنى أساسًا مجازي واللفظ يحتمل؛ ففي قوله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، الجَاثِيَة: 14) يقول مجاهد: "لَا يُبَالُونَ نِعَمَ اللَّهِ لَا يَشْكُرُونَهَا، لَا يَعْرِفُونَهَا" (1989، ص.600)، وعن ابن عباس رضي الله عنه: "لِلَّذِينَ لَا يَخَافُونَ مِثْلَ عُقُوبَاتِ الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ" (النَّحَّاس، 1408هـ، ص.662)، ومثل ذلك في قول مقاتل: "لا يخشون عقوبات الله مثل عذاب الأمم الخالية" (البلخي، 1423هـ، ج.3 ص.837)، ونقل القرطبي الرأيين فقال: "ومعنى ﴿لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ أي لا يرجون ثوابه. وقيل: أي لا يخافون بأس الله ونقمه". (2006، ج.19 ص.151)
والذي نرجحه حمل اللفظ على معهود العرب في مجازاتها، وقد اجتمع في الآية مجازان: الرجاء والأيام، أما (الأيام) فسبق بيانه في قول الزمخشري: "ومن المجاز: ذُكر في أيّام العرب كذا، أي في وقائعها" (1998، ج.2 ص.392)، وأما مجاز (الرجاء) فذكره أبو عبيدة في قوله: "﴿ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا﴾ (القرآن الكريم، يونس: 7) مجازه: لا يخافون ولا يخشون" (1381هـ، ج.1 ص.275)، وبيّن الفراء خصوصيته بملازمة الجحد فقال: "ولم نجد معنى الخوف يكون رجاء إلا ومعه جحد. فإذا كان كذلك كان الخوف على جهة الرجاء والخوف، وكان الرجاء كذلك، كقوله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾: هذه للذين لا يخافون أيام اللَّه، وكذلك قوله: ﴿مَا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا﴾: لا تخافون لله عظمة". (د.ت، ج.1 ص.268)
وحاصل المجازين أن يكون معنى ﴿لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ لا يخافون عقابه، وكيف يخافونه وهو غيب لا يؤمنون به؟ ويؤيده وصفهم في القرآن بأنهم لا يخافون الآخرة في قوله تعالى: ﴿كَلَّاۖ بَل لَّا يَخَافُونَ ٱلۡأٓخِرَة﴾ (القرآن الكريم، المُدَّثِّر: ٥٣)، ووصف المؤمنين بالخوف منها في آيات عديدة، كقوله تعالى: ﴿وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ﴾ (القرآن الكريم، الرعد: ٢١).
والذي نخلص إليه أن إثبات الألف في ﴿لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ صاحَب المعنى الراجح في كلام العرب وهو البأس والنقمة، فكان الرسم والمعنى على المعهود كتابةً ودلالةً.
وأما (الأيام) في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، إِبۡرَاهِيم: ٥) -فلم يخلُ هو الآخر من اختلاف المفسرين؛ فمجاهد ذهب إلى أنها النعم التي أنعم بها عليهم: أنجاهم من آل فرعون، وفلق لهم البحر، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى" (الطبري، 2001، ج.13 ص.597)، والفراء يراها شدة ولينًا (د.ت، ج.2 ص.68)، وابن زيد يقول: "أيامه التي انتقم فيها من أهل معاصيه من الأمم، خوِّفْهم بها، وحذِّرهم إياها" (الطبري، 2001، ج.13 ص.597)، أما الرازي فيحملها على الترغيب والترهيب، يقول: "فالترغيب والوعد أن يذكرهم ما أنعم الله عليهم وعلى من قبلهم ممن آمن بالرسل...، والترهيب والوعيد أن يذكرهم بأس الله وعذابه وانتقامه ممن كذب الرسل". (2000، ج.19 ص.66)
والذي يطمئن إليه القلب أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لنا المراد في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده، يقول: "عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ﴾ (إِبۡرَاهِيم: 5) قَالَ: بِنِعَمِ اللهِ" (1999، ج.19 ص.65)، وكذلك رواه الشاشي بلفظ آخر، وهو: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ: "أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: ﴿وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ﴾ (إِبۡرَاهِيم: 5) قَالَ: وَأَيَّامُهُ نِعَمُهُ" (1993، ج.3 ص.311)، ورواه أيضًا البيهقي في شعب الإيمان (2003، ج.6 ص.241)، وعلى هذا الحديث بنى مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة (الطبري، 2001، ج.13 ص.596-598)، وعن أقوالهم صدرت آراء كثير ممن جاء بعدهم من أهل اللغة والتفسير.
والذي يُرَجِّح هذ المعنى ما أعقب الآية من تذكير موسى عليه السلام قومَه بنِعمٍ من الله سالفة، يعرفونها حق المعرفة، في قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ﴾ (القرآن الكريم، إِبۡرَاهِيم: 6)؛ فها هو سيدنا موسى عليه السلام يلتزم الأمر فيقول لقومه: ﴿ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ﴾ ويبين بعضًا منها كإنجائهم من آل فرعون، وخلاصهم من سَوم العذاب وتذبيح الأبناء، واستحياء النساء.
والحقّ أن العرب لم تذكر (الأيام) مجازًا إلا بمعنى النقمة والوقائع، يقول أبو عبيدة: "هذه كلمة قلمَّا وجدنا لها شاهدًا في كلامهم: أن يقال للنِّعم أيام، إلا أن عمرو بن كلثوم قد قال: (وأيامٍ لنا غُرٍّ طوال)؛ فقد يكون جعلها غُرًّا طوالًا لإنعامهم على الناس فيها، فهذا شاهد لمذهب مجاهد" (الأنباري، د.ت، ص.389)، غير أن الطبري فنَّد شاهِدَ أبي عبيدة لمعنى النِّعم بفهم آخر لمراد الشاعر فقال: "إنَّما وصف ما وصف من الأيام بأنها غُرّ لعِزِّ عشيرته فيها، وامتناعهم على الملِك من الإذعان له بالطاعة...، وأما وصفه إياها بالطول فإنها لا توصف بالطول إلا في حال شدة...، فإنما وصفها عمرو بالطول لشدة مكروهها على أعداء قومه، ولا وجه لذلك غير ما قلت". (الطبري، 2001، ج.13 ص.595)
أقول: لعلها الحكمة الربانية التي أوحيت إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَخُصّ (أيام الله) في هذه الآية بالتفسير دون أختها في سورة الجاثية، ولولا أنها تخالف معهود العرب في ألفاظها ومجازاتها لما اختصّها النبي ببيانيه الشريف، ولعله من تمام الحكمة أن تخالف الكلمة برسمها كما خالفت في معناها؛ فكان رسمها بحذف الألف ودلّت على النعم، خلافًا لنظيرتها بإثبات الألف في المعهود من معنى النقم.
وصفوة القول أن رسم الألف في ﴿أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ جاء على أصل الباب، مرافقًا معهود المجاز في الخطاب، متحدثًا عن نقم مستقبلية مجهولة تنال الكافرين عامة في الآخرة، أما حذف الألف من ﴿وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ﴾ فخالف المعهود رسمًا ومعنًى، وتحدّث عن نِعَم سابقة معلومة، نالت قوم موسى خاصة.


3. (ٱلتَّمَاثِيلُ/ تَمَٰثِيلَ):


وردت الكلمة في القرآن الكريم مرتين وبصورتين مختلفتين:
الأولى بإثبات الألف في قوله تعالى:
• ﴿إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ (القرآن الكريم، الأَنبِيَاء: 52).
والثانية بحذف الألف في قوله تعالى:
• ﴿يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍ﴾ (القرآن الكريم، سَبَإ: 13).
والتمثال في اللغة اسم للمصنوع باليد على شاكلة صنع الله تقديرًا وتشبيهًا، جاء في التهذيب: "والتّمثال: اسْم للشَّيْء المَصْنوع مُشَبَّهًا بِخَلْقٍ مِن خَلْق الله؛ وَجمعه: التّماثِيل، وَأَصله من: مَثَّلت الشيءَ بالشَّيْء، إِذا قَدَّرْتَه على قَدْره، وَيكون تَمثيل الشَّيْء بالشَّيء تَشْبِيهًا به". (الأزهري، 1967، ج.15 ص.98)
ويكون التمثال مُجَسَّمًا كالدُّمية والصنم، ومنه تصوير العجين على هيئة حيوان، يقول الشيباني في معنى (الجَعاجِر): "يَتخذون من العجين مثلَ الجِمال وغير ذلك من التماثيل، فيجعلونها في الرُّب إذا طبخوه فيأكلونه؛ الواحدة: جُعجُرَّةٌ" (1974، ج.1 ص.131)، ومن ذلك أيضًا ما ذكره الجوهري من معنى (البنات) في قوله: "و(البنات): التماثيل الصغار التي تلعب بها الجواري، وفي حديث عائشة: كنت ألعبُ مع الجواري بالبنات" (1987، ج.6 ص.2287)، ومثله قول ابن سيده: "واللُّعَب تماثيل من عاج". (1996، ج.4 ص.14)
وبهذا المعنى من التجسيم فسّر كثير من أهل التأويل ﴿ٱلتَّمَاثِيل﴾ بإثبات الألف في قوله تعالى: ﴿إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ (القرآن الكريم، الأَنبِيَاء: 52)، يقول الطبري: "قال لهم: أيّ شيء هذه الصور التي أنتم عليها مقيمون؟ وكانت تلك التماثيل أصنامهم التي كانوا يعبدونها" (2001، ج.16 ص.291)، ويقول ابن عطية: "و﴿ٱلتَّمَاثِيلُ﴾ الأصنام لأنها كانت على صورة الإنسان من خشب" (1422هـ، ج.4 ص.86)، ولم نجد خلافًا بين المفسرين في دلالة الكلمة على الأصنام التي اتخذها قوم إبراهيم آلهة يعبدونها من دون الله.
وكما يدل التمثال في اللغة على الدُّمْية والصنم يدل أيضًا على النقش أو الرسم بالقلم، ومن ذلك ما ذكره الجوهري بقوله: "ومَثَّلْتُ له كذا تمثيلًا، إذا صوَّرت له مِثالَه بالكتابَةِ وغيرها، والتِمْثالُ: الصورَةُ" (1987، ج.5 ص.1816)، وكذلك ما قاله الفيومي في المصباح: "و(التِّمْثَالُ) الصورة المصوّرة، وفي ثوبه (تَمَاثِيلُ) أي صور حيوانات مصورة" (د.ت، ج.2 ص.564)، ويُعضدهما ما ورد في صحيح مسلم: "عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ، وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوِّلِي هَذَا، فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا»" (النيسابوري، 1991، ج.3 ص.1666)؛ فالتمثال هنا صورة مرسومة على سِتر.
وإلى هذا المعنى من التصوير بالنقوش والرسوم ذهب الرازي في تفسير قوله تعالى: ﴿يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ﴾ (القرآن الكريم، سَبَإ: 13)، يقول: "المحاريب إشارة إلى الأبنية الرفيعة... والتماثيل ما يكون فيها من النقوش... قدّم المحاريب على التماثيل لأن النقوش تكون في الأبنية" (2000، ج.25 ص.215)، ونقل عبارته أبو حيان (1420هـ، ج.8 ص.529)، وتبعه ابن عادل (1998، ج.16 ص.27)، والألوسي (د.ت، ج.22 ص.120)، وكذلك القاسمي في قوله: "(وَتَماثِيلَ) أي صور ونقوش منوّعة على الجدر والسقوف والأعمدة". (1418هـ، ج.8 ص.137)
وبهذا نخلص إلى فرق جوهري في دلالة ﴿ٱلتَّمَاثِيل﴾ بإثبات الألف و﴿تَمَٰثِيلَ﴾ بحذف الألف، إذ الأولى تصاحب أصنامًا مجسَّمة، لها ظل، وبهذا الرسم والمعنى وردت الكلمة في سياق التعظيم لأصنام يتخذها قوم إبراهيم آلهة يعبدونها من دون الله. والثانية ﴿تَمَٰثِيل﴾ لا ظل لها، إنْ هي إلا نقوش على جدران أو خطوط ترسم على جدار أو عمود أو قماش.
والحق أن كثيرًا من المفسرين بدءًا بمجاهد ذهبوا إلى أن التماثيل التي كان يصنعها الجن لسيدنا سليمان إنما هي تصاوير مجسمة وأنها لم تكن محرّمة كما في شريعتنا، يقول ابن سلام: "﴿وَتَمَٰثِيلَ﴾ الصور في تفسير الحسن، قال: ولم تكن يومئذ محرّمة، وتفسير مجاهد: أنها تماثيل من نحاس" (ابن سلام، 2004، ج.2 ص.749)، ومنهم من رأى أنها تمثّل الطواويس والعقبان، ومنهم من أوّلها بصور الأنبياء، يقول الماوردي: "فيها قولان: أحدهما: أنها كانت طواويس وعقبانًا ونسورًا على كرسيه ودرجات سريره لكي يهاب من شاهدها أن يتقدم، قاله الضحاك. الثاني: صور الأنبياء الذين قبله، قاله الفراء" (د.ت، ج.4 ص. 438-439)، ونقل الزمخشري قريبًا من ذلك فقال: "ورُوي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما". (د.ت، ج.3 ص.582)
ومن المفسرين من جمع في دلالة (التماثيل) بين الأصنام والرسوم كالألوسي إذ قال: "ولا فرق عندنا بين أن تكون الصورة ذات ظل وألّا تكون كذلك، كصورة الفرس المنقوشة على كاغد أو جدار مثلًا...، وقدمت المحاريب على التماثيل لأن الصور توضع في المحاريب أو تنقش على جدرانها". (د.ت، ج.22 ص.120)
غير أن الشعراوي رحمه الله سلك في تفسير الآية مسلكًا فريدًا إذ خالف سابقيه فمايز بين تماثيل تُعبَد وتعظّم، وأخرى ذلول تستخدَم، يقول: "أما التماثيل فهي معروفة، والموقف منها واضح منذ زمن إبراهيم عليه السلام حينما كسَّرها ونهى عن عبادتها، وهذا يردُّ قول مَنْ قال بأن التماثيل كانت حلالًا...، نقول: كانوا يصنعون له التماثيل لا لغرض التعظيم والعبادة، إنما على هيئة الإهانة والتحقير، كأن يجعلوها على هيئة رجل جبار، أو أسد ضخم يحمل جزءًا من القصر أو شرفة من شرفاته، أو يُصوِّرونها تحمل مائدة الطعام... إلخ. أي أنها ليست على سبيل التقديس" (1991، ج.15 ص.9614)، وهذا ملمح دقيق يضاف إلى الكلمة ويصاحب رسمها في السياقين.
والخلاصة أن المفسرين اتفقوا على أن تماثيل قوم إبراهيم إنما هي أصنام شاخصة، وهم يذلّون لها بالعبادة والتعظيم، وفي هذا السياق صاحب علوَّ المقام إثباتُ الألف، أما تماثيل سليمان فهي إما نقوش ورسوم مخطوطة للزينة، وإما أصنام لا تقديس لها ولا كرامة، وإنما شأنها أن تكون في الخدمة مهانة، كأن تكون مقعدًا للجالس أو زينة للمجالس، وقد رافق انحطاطَ المقام حذف الألف.

 

4. (شَعَآئِرِ/ شَعَٰٓئِرَ):


ورد اللفظ أربع مرات بصورتين مختلفتين، الأولى بإثبات الألف في قوله تعالى:
• ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، البَقَرَة: 158).
والثانية بحذف الألف في ثلاثة مواضع، وهي قوله تعالى:
• ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، المَائـِدَة: 2).
• ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 32).
• ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 36).
والشعائر في اللغة من الإشعار بمعنى الإعلام، جمع شعيرة، وهي ما جُعل شِعارًا ومعلمًا من معالم الحج، يقول ابن قتيبة: "وإشعار الْهَدْي هُوَ أَن تطعن فِي أسنمتها، وَإِنَّمَا سمي إشعارا لِأَنَّهُ جُعل عَلامَة لَهَا ودليلًا على أَنَّهَا لله تَعَالَى، وكل شَيْء أعلمته بعلامة فقد أشعرته" (1977، ج.1 ص.220)، وإلى مثل ذلك ذهب السمين الحلبي في قوله: "فسميت مواضع الحج وأفعاله شعائر؛ لأنها علامات، واشتقاق ذلك من الشعور وهو العلم". (1996، ج.2 ص.274)
ولعل أول ما يلفت النظر في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، البَقَرَة: 158) تميّز كلمة (شَعَآئِرِ) بإثبات الألف في سياق (الصفا والمروة)، وهما الجبلان المعروفان في طرفي المسعى.
وقد ربط المفسرون دلالة (الشعائر) هنا بالمكان، يقول الطبري: "وأما قوله: ﴿مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ﴾ فإنه يعني به: من معالم الله التي جعلها جلّ ثناؤه لعباده مَعلمًا ومَشعَرًا يعبدونه عندها إما بالدعاء، وإما بالذكر، وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها" (2001، ج.2 ص.710)، وغير بعيد عن هذ المعنى ما ذهب إليه البغوي في قوله: "وكل ما كان مَعْلَمًا لقربان يتقرب به إلى الله تعالى من صلاة ودعاء وذبيحة فهو شعيرة، فالمطاف والموقف والمنحر كلها شعائر لله، ومثلها المشاعر، والمرادُ بالشعائر هاهنا المناسكُ التي جعلها الله أعلامًا لطاعته؛ فالصفا والمروة منها". (1420هـ، ج.1 ص.191)
والملمح المستخلص من أقوال المفسرين ورسم (شَعَآئِرِ) هو تَصاحُبُ إثبات الألف مع الدلالة على مَعْلَمَين ما زالا شاخصين للعَيان، وسيبقيان ليطّوّف بهما كل حاجّ ومعتمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأما ما ورد مِن (شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ) بحذف الألف في سورتي المائدة والحج فكان في سياق نحر الهدي وتعظيمها، وفي النهي عن استباحة ما حرم الله؛ ففي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، المَائـِدَة: 2)، يقول الطبري: "وأَولى التأويلات بقوله: ﴿لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ﴾ قولُ عطاء الذي ذكرناه من توجيهه معنى ذلك إلى: لا تُحلّوا حرمات الله ولا تضيعوا فرائضه...؛ لأن الله نهى عن استحلال شعائره ومعالم حدوده وإحلالها نهيًا عامًا من غير اختصاص شيء من ذلك دون شيء". (2001، ج.8 ص.24)
ودلالة (الشعائر) على (البُدْن) في قوله تعالى ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 36) ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل، و(الْبُدْنُ) في اللغة الإبل، جمع بَدَنة، يقول الزمخشري: "سميت لعظم بدنها، وهي الإبل خاصة" (د.ت، ج.3 ص.159)، ويفرّق مقاتل بن سليمان بين البُدْن والهَدْي والجزور بقوله: "وإنما سميت (البُدْن) لأنها تقلّد وتُشعر وتُساق إلى مكة، و(الهَدْي) الذي ينحر بمكة ولم يقلّد ولم يُشعَر، و(الجزور) البعير الذي ليس ببدنة ولا بهدي" (البلخي، 1423هـ، ج.3 ص.137)، ويبين الطبري الخير المذكور في تتمة الآية ﴿لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞ﴾ بقوله: "وذلك الخير هو الأجر في الآخرة بنحرها والصدقة بها، وفي الدنيا الركوب إذا احتاج إلى ركوبها" (2001، ج.16 ص.553)؛ فالشعائر في الآية هنا البُدن تُنحر وتؤكل، ولا يبقى منها في الناس شيء.
وكذلك (الشعائر) في قوله تعالى: ﴿وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 32)؛ إذ لا خلاف بين المفسرين أنها (البُدْن) المذكورة في قوله تعالى ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 36)، بدليل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ﴾ (القرآن الكريم، الحَجّ: 33)، و﴿مَحِلُّهَا﴾ يعني: حيث يحلّ نحرها، أما تعظيمها فاختيار أسمنها وأغلاها، يقول الثعلبي: "و﴿شَعَٰٓئِر ٱللَّهِ﴾: الهَدْي والبُدْن، وأصلها من الإشعار، وهو إعلامها لتُعرَف أنها هَدي فسمّيت به" (2002، ج.7 ص.21)، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن تعظيمها "استعظامها واستحسانها واستسمانها" (الطبري، ج.16 ص.540)، وبقوله أخذ الزمخشري فقال: "تعظيم الشعائر-وهي الهدايا؛ لأنها من معالم الحج-: أن يختارها عظام الأجرام حسانًا سمانًا غالية الأثمان، ويترك المكاس في شرائها" (د.ت، ج.3 ص.157)، ثم مآلها كما بينا آنفًا النحر والأكل، ولا يبقى منها إلا الأجر.
والذي رأيناه في سياق هذه الآيات الثلاث التي حذفت فيها الألف من ﴿شَعَٰٓئِر﴾ دلالتها في الأولى على الامتثال لشرع الله والتزام حدوده بفعل ما أمر واجتناب ما نهى، وكل ذلك يدرك بالعقل لا بالحواس، وفي المقابل دلت ﴿شَعَٰٓئِر﴾ في الأخريين على البُدْن وتعظيمها وهذ مما يدرك بالحواس إلى أجل مسمّى، ثم تزول بزوال أعيانها بالنحر والأكل.
والخلاصة أن إثبات الألف في رسم ﴿شَعَآئِر﴾ صاحَب دلالتها على جبلين باقيين ما بقيت السماوات والأرض، وأن حذف الألف من ﴿شَعَٰٓئِر﴾ صاحَب دلالتها على ما لا يدرك بالحواس من معانٍ أو ذوات فانية، وكأن مع البقاء إثبات، ومع الزوال حذف.

 

5. (مِهَادٞ/ مِهَٰدٗا):


ورد اللفظ سبع مرات بصورتين مختلفتين، الأولى بإثبات الألف في ست آيات، وهي قوله تعالى:
• ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ (القرآن الكريم، البَقَرَة: 206).
• ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ (القرآن الكريم، آل عِمۡرَان: 41).
• ﴿مَتَٰعٞ قَلِيلٞ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ (القرآن الكريم، آل عِمۡرَان: 197).
• ﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖ﴾ (القرآن الكريم، الأَعۡرَاف: 41).
• ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ (القرآن الكريم، الرَّعۡد: 18).
• ﴿جَهَنَّمَ يَصۡلَوۡنَهَا فَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾ (القرآن الكريم، صٓ: 56).
والثانية بحذف الألف في آية واحدة، وهي قوله تعالى:
• ﴿أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا﴾ (القرآن الكريم، النَّبَإ: 6).
والمِهاد في اللغة الفِراش، والمَهد للصبي خاصة، يقول الخليل: "المَهْدُ: الموضِع يُهَيَّأُ لينامَ فيه الصبي، والمِهاد اسمٌ أجمع من المَهْدِ، كالأرضِ جَعَلها الله مِهادًا للعِباد" (الفراهيدي، د.ت، ج.8 ص.428)، وفي الصحاح: "مهَدت الفراش مهدًا: بسطته، ووطّأته. وتمهيد الأمور: تسويتها وإصلاحها". (الجوهري، 1987، ج.2 ص.541)
والمتأمل في الآيات التي رُسمت فيها ﴿مِهَاد﴾ بإثبات الألف يجد أنها جميعًا وردت في سياق التهكم مقرونة بـ ﴿جَهَنَّمَ﴾ ذمًا لعاقبة الذين كفروا في الآخرة؛ إذ الأصل في الفراش أن يكون وثيرًا تُلتَمس فيه الراحة، فلمّا ذكر أنّ لهم من جَهَنَّمَ وِطاءً وغِطاءً ﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖ﴾ كان ذلك منتهى التهكم والاستهزاء، كقوله تعالى ﴿فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ﴾، فضلًا عن اقترانها مُعرَّفةً بفعل الذم ﴿فَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾، يقول السمين الحلبي: "تهكَّم بهم في اللفظين: المهاد والغواشي؛ لأن كلًا منهما إنِّما يستعمل في الأمر المحمود". (1996، ج.3 ص.164)
والآية الوحيدة التي رسمت فيها ﴿مِهَٰدٗا﴾ بحذف الألف صيغت استفهامًا تقريريًا لبيان عظمة الخالق وانفراده في عظيم خلقه من بسط الأرض وتذليلها، ورفع السماء وتزيينها، يقول ابن عاشور: "وحاصل الاستدلال بالخلق الأول لمخلوقات عظيمة أنه يدل على إمكان الخلق الثاني لمخلوقات هي دون المخلوقات الأولى قال تعالى: ﴿لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ (أي الثاني) وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ (غافر: 57)". (1984، ج.16 ص.232)
أضف إلى ذلك ما تضمنته الآية من امتنان على الخلق بجعل الأرض ممهدة ذلولًا صالحة للسعي في مناكبها، يقول الطبري: "يقول تعالى ذكره معدِّدًا على هؤلاء المشركين نِعَمه وأياديَه عندهم، وإحسانَه إليهم، وكفرانَهم ما أنعَم به عليهم...، فقال لهم: ألم نجعل الأرض لكم مهادًا تمتهدونها وتفترشونها". (2001، ج.24 ص8)
وخلاصة القول أن إثبات الألف في رسم ﴿مِهَاد﴾ كان في سياق الحديث عن ﴿جَهَنَّمَ﴾، وكفى بذكرها تهويلًا لما استخفوا به من عذاب الله في الآخرة، وكان بأسلوب ساخر يزيدهم عذابًا فوق العذاب، أما حذف الألف من ﴿مِهَٰدٗا﴾ فصاحَبَ تهوينًا لما استعظموا من الخلق في الدنيا، واستدلالًا على وحدانية الخالق وقدرته، وامتنانًا على الخلق بتعداد نعمه، وكان ذلك بسؤال لا يسعهم إنكاره ولا محيص عن الإقرار به ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ َٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ﴾ (القرآن الكريم، الزُّخۡرُف: 9).

 

6. (ٱلۡمِيعَادَ/ ٱلۡمِيعَٰدِ):


ورد اللفظ ست مرات بصورتين مختلفتين، الأولى بإثبات الألف في خمس آيات، وهي قوله تعالى:
• ﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ (القرآن الكريم، آل عِمۡرَان: 9).
• ﴿رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ (القرآن الكريم، آل عِمۡرَان: 194).
• ﴿... وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ (القرآن الكريم، الرَّعۡد: 31).
• ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٩ قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوۡمٖ لَّا تَسۡتَـٔۡخِرُونَ عَنۡهُ سَاعَةٗ وَلَا تَسۡتَقۡدِمُونَ﴾ (القرآن الكريم، سَبَإ: 29-30).
• ﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ (القرآن الكريم، الزُّمَر: 20).
والثانية بحذف الألف في آية واحدة، وهي قوله تعالى:
• ﴿إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا﴾ (القرآن الكريم، الأَنفَال: 42).
والميعاد في اللغة ظرف للأحداث زمانًا أو مكانًا، يقول الخليل: "والميعاد لا يكون إلّا وقتًا أو موضعًا" (الفراهيدي، د.ت، ج.2 ص.222)، وهو أيضًا مصدر ميمي كالموعد، جاء في تصحيح الفصيح: "والمصدر: الوعد والعدة والميعاد والموعد" (ابن دُرُسْتَوَيْه، 2004، ص.157)، ويقع في المحبوب والمكروه خلافًا للوعيد، يقول الراغب: "الوعد يكون في الخير والشر، يقال: وعدته بنفع وضر وعدًا وموعدًا وميعادًا، والوعيد في الشر خاصة". (د.ت، ص.526)
أما عن اختلاف رسمها في المصحف بين إثبات الألف وحذفها فقد أشار المارغني إلى فارق لطيف في المعنى إذ قال: "والفرق بين ما في "الأنفال" وغيره أن ما في "الأنفال" ميعاد من المخلوق، وهو قد يختلف، فناسبه الحذف بخلاف ما في غير "الأنفال" فإنه ميعاد من الخالق تعالى، وهو لا يتخلف فناسبه الإثبات" (د.ت، ص167)، وهذا سَبْقٌ سياقي يحسَب للمارغني، ويؤيده قول الزمخشري: "﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ معناه أنّ الإلهية تنافي خلف الميعاد، كقولك: إن الجواد لا يخيب سائله، والميعاد: الموعد" (د.ت، ج.1 ص.367)، غير أنّ فوق هذا الفارق فروقًا:
أولها: أننا لو تأملنا السياق في خمس الآيات الكريمة لوجدنا ﴿ٱلۡمِيعَادَ﴾ فيها مصدرًا ميميًا بمعنى (الوعد)، دلّ عليه السياق صراحة كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا﴾، ﴿حَتَّىٰ يَأۡتِيَ وَعۡدُ ٱللَّهِ﴾، ﴿مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ﴾، ﴿وَعۡدَ ٱللَّهِ﴾، وعلى مصدريته انعقد رأي المفسرين، وقد رأينا آنفًا تعقيب الزمخشري على الآية الكريمة: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ بقوله إن الإلهية تنافي خلف الميعاد، والميعاد: الموعد (د.ت، ج.1 ص.367)، وفي قوله تعالى: ﴿قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوۡمٖ﴾ يقول أبو حيان: "والظاهر أن ﴿ٱلۡمِيعَادَ﴾ اسم على وزن مِفعال استعمل بمعنى المصدر، أي قل لكم وقوع وعد يوم وتنجيزه". (1420هـ، ج.8 ص.550)
أما ﴿ٱلۡمِيعَٰدِ﴾ في قوله تعالى: ﴿وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ﴾ فهو لا يخرج عن الظرفية المكانية أو الزمانية عند المفسرين، وقد جمعهما البقاعي بقوله: "﴿وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ﴾ أي أنتم وهم على الموافاة إلى تلك المواضع في آن واحد ﴿لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ﴾ أي لأن العادة قاضية بذلك لأمرين: أحدهما بعد المسافة التي كنتم بها منها، وتعذر توقيت سير كل فريق بسير صاحبه...". (1995، ج.3 ص.221)
ثانيها: أن الآيات الخمس تتحدث عن وعد من واحد أحد جل جلاله، أما ﴿ٱلۡمِيعَٰد﴾ بحذف الألف فهو تواعد بين فريقين اثنين: مؤمن وكافر.
ثالثها: أن ثمة فرقًا بين الإخلاف والاختلاف؛ إذ مآل الوعد من طرف واحد أن يكون وفاءً أو إخلافًا، وعلى ذلك دلت الآيات الكريمة بلفظ الإخلاف، وماضيه (أخلَفَ)، أما التواعد بين طرفين فمآله أن يكون توافقًا أو اختلافًا، وعلى ذلك جاءت الآية بلفظ الاختلاف، وماضيه (اختلَفَ).
رابعها: أن إثبات الألف في الآيات الخمس رافق النفي ﴿لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾ ﴿مِّيعَادُ يَوۡمٖ لَّا تَسۡتَـٔۡخِرُونَ عَنۡهُ﴾، أما الحذف فرافق الإثبات ﴿لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ﴾.
خامسها: أن إثبات الألف كان مع وعد الله، وهو وعدٌ حقٌ، أما حذفها فكان مع تواعد افتراضي بأداة الشرط (لو)، وفعل الشرط لم يكن، وما كان جزاؤه.
سادسها: أن وعد الله في الآيات شأنه الآخرة كما في قوله: ﴿وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ﴾، أما تواعد الفريقين فشأنه -لو تم- أن يكون في حياتنا الدنيا، في العدوتين القصوى والدنيا كما ذكرت الآية: ﴿إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ﴾.
والخلاصة أن إثبات ألف ﴿ٱلۡمِيعَاد﴾ صاحَب النفي في إخلاف الوعد، والواعد هو الله الخالق الواحد، وهو وعد حقيقي بثواب أو عقاب يوفّى في الآخرة، أما حذف ألف ﴿ٱلۡمِيعَٰدِ﴾ فصاحَب إثبات الاختلاف في مكان الموعد وزمانه بين فريقين اثنين، وهو موعد افتراضي دنيوي، ولو تمّ لكان في العدوتين المذكورتين في الآية الكريمة.

 

الخاتمة:


بعد هذه السياحة اللغوية والتطوافة القرآنية في ست كلمات رسمت في المصحف الشريف برسمين مختلفين تبيّن أنه ما من ضابط عام يحكُم رسم الألف وحذفها في كلمات القرآن، وإنما لكل كلمة معالمها الخاصة في الحذف وفي الإثبات بما يلائم السياق ومكوناته النصية، وبما لا يخرج عن المعنى اللغوي العام.
وقد خَلُص البحث إلى نتيجة عامة، وست نتائج خاصة، أما النتيجة العامة فمفادها أنه لا غنى عن توظيف الدلالة السياقية في تفسير اختلاف رسم الكلمة القرآنية بين موضعين أو أكثر من المصحف الشريف، واعتمادُ السياق ودلالاته في البحث العلمي وسيلة علمية لا يختلف على أهميتها اثنان، وهذا مما يُقصي عن الرسم القرآني أية شبهة تُثار بشأنه وتحوم حوله كادّعاء خطأ الكتّاب، أو سوء الهجاء لدى الأولين، أو بدائية الكتابة في زمانهم، وأما النتائج الخاصة فهي:
 إثبات الألف في ﴿إِمَام﴾ ترافق مع تعيين النوع وتخصيص الدلالة، أما حذفها فترافق مع الاحتمال في المعنى والاتساع في التأويل.
 إثبات الألف في ﴿أَيَّامَ ٱللَّهِ﴾ جاء في الحديث عن نقم مستقبلية مجهولة تنال الكافرين عامة في الآخرة، أما حذفها فتحدّث عن نِعَم سابقة معلومة، نالت قوم موسى خاصة.
 إثبات الألف في ﴿تماثيل﴾ دلّ على أصنام شاخصة تُعبد، ذات مقام ومكانة، أما بحذف الألف فهي إما نقوش ورسوم للزينة، وإما أصنام في الخدمة مهانة.
 إثبات الألف في ﴿شَعَآئِر﴾ صاحَب دلالتها على جبلين باقيين، وحذف الألف من ﴿شَعَٰٓئِر﴾ صاحَب دلالتها على ذوات فانية أو معانٍ لا تدرك بالحواس، فكان مع البقاء إثبات، ومع الزوال حذف.
 إثبات الألف في ﴿مِهَاد﴾ لا ينفك عن ذكر ﴿جَهَنَّمَ﴾، وكفى بذكرها تهويلًا في الآخرة، وكان بأسلوب ساخر يزيد الكافرين عذابًا، أما حذف الألف من ﴿مِهَٰدٗا﴾ فصاحَبَ ذكر الأرض تهوينًا لما استعظموا من الخلق في الدنيا، واستدلالًا على وحدانية الخالق وقدرته، وامتنانًا على الخلق بتعداد نعمه.
 إثبات ألف ﴿ٱلۡمِيعَاد﴾ صاحَب النفي في إخلاف الوعد، والواعد هو الله الخالق الواحد، وهو وعد حقيقي بثواب أو عقاب يوفّى في الآخرة، أما حذف ألف من ﴿ٱلۡمِيعَٰدِ﴾ فصاحَب إثبات الاختلاف في مكان الموعد وزمانه بين فريقين اثنين، وهو موعد افتراضي دنيوي، ولو تمّ لكان في العدوتين المذكورتين في الآية الكريمة.



المصادر والمراجع:


1. الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد. (1967). تهذيب اللغة. (عبد السلام هارون وآخَرونَ، مُحقِق). مطابع سجل العرب.
2. الألوسي، أبو الفضل شهاب الدين محمود (د.ت.). روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي.
3. الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم. (د.ت.). شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات. (عبد السلام محمد هارون، مُحقِق). (ط.5). دار المعارف.
4. البغوي، الحسين بن مسعود. (1420هـ). معالم التنزيل في تفسير القرآن. (عبد الرزاق المهدي، مُحقِق). دار إحياء التراث العربي.
5. البقاعي، إبراهيم بن عمر. (1995). نظم الدرر في تناسب الآيات والسور. (عبد الرزاق غالب المهدي، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
6. البلخي، مقاتل بن سليمان. (1423هـ). تفسير مقاتل بن سليمان. (عبد الله محمود شحاته، مُحقِق). دار إحياء التراث.
7. البيضاوي، عبد الله بن عمر. (1418هـ). أنوار التنزيل وأسرار التأويل، إعداد: محمد عبد الرحمن المرعشلي. دار إحياء التراث العربي.
8. البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين. (2003). الجامع لشعب الإيمان. (مختار أحمد الندوي، مُحقِق). مكتبة الرشد.
9. الثعلبي، أحمد بن محمد. (2002). الكشف والبيان عن تفسير القرآن. (الإمام أبو محمد بن عاشور، مُحقِق). دار إحياء التراث العربي.
10. الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد. (1987). الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية. (أحمد عبد الغفور عطار، مُحقِق). (ط.4). دار العلم للملايين.
11. ابن حنبل، أحمد بن محمد. (1999). مسند الإمام أحمد بن حنبل. (شعيب الأرنؤوط وآخرونَ، مُحقِق). مؤسسة الرسالة.
12. أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف. (1420هـ). البحر المحيط في التفسير. (صدقي محمد جميل، مُحقِق). دار الفكر.
13. ابن دُرُسْتَوَيْه، عبد الله بن جعفر. (2004). تصحيح الفصيح وشرحه. (د. محمد بدوي المختون، مُحقِق). المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
14. الرازي، فخر الدين محمد بن عمر. (2000). مفاتيح الغيب. دار الكتب العلمية.
15. الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد. (د.ت.). المفردات في غريب القرآن. (محمد سيد كيلاني، مُحقِق). دار المعرفة.
16. الزمخشري، محمود بن عمر. (1998). أساس البلاغة. (محمد باسل عيون السود، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
17. الزمخشري، محمود بن عمر. (د.ت.). الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. (عبد الرزاق المهدي، مُحقِق). دار إحياء التراث العربي.
18. ابن سلام، يحيى. (2004). تفسير يحيى بن سلام. (د. هند شلبي، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
19. السمين الحلبي، أحمد بن يوسف. (1996). عُمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، (محمد باسل عيون السود، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
20. ابن سيده، علي بن إسماعيل. (1996). المخصص. (د. خليل إبراهيم جفال، مُحقِق). دار إحياء التراث العربي.
21. الشاشي، أبو سعيد الهيثم بن كليب. (1993). المسند للشاشي. (د. محفوظ الرحمن زين الله، مُحقِق). مكتبة العلوم والحكم.
22. الشعراوي، محمد متولي (1991). تفسير الشعراوي. مطابع أخبار اليوم.
23. الشيباني، أبو عمرو إسحاق بن مرّار. (1974). الجيم. (إبراهيم الأبياري، مُحقِق). الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة.
24. الطبري، محمد بن جرير. (2001). جامع البيان عن تأويل آي القرآن. (د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مُحقِق). دار هجر.
25. ابن عادل الدمشقي، سراج الدين عمر بن علي. (1998). اللباب في علوم الكتاب، (عادل أحمد عبد الموجود وآخَرونَ، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
26. ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد. (1984). التحرير والتنوير. الدار التونسية.
27. أبو عبيدة، معمر بن المثنى. (1381هـ). مجاز القرآن، (د. محمد فواد سزگين، مُحقِق). مكتبة الخانجي.
28. ابن عطية الأندلسي، عبد الحق بن غالب. (1422هـ). المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. (عبد السلام عبد الشافي محمد، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
29. ابن عياض، أبو الفضل عياض بن موسى. (د.ت.). مشارق الأنوار على صحاح الآثار. المكتبة العتيقة بتونس ودار التراث بالقاهرة.
30. الفراء، يحيى بن زياد. (د.ت.). معاني القرآن. (أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار وعبد الفتاح إسماعيل الشلبي، مُحقِقون). الدار المصرية.
31. الفراهيدي، الخليل بن أحمد. (د.ت.). كتاب العين. (د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، مُحقِقان). دار ومكتبة الهلال.
32. الفيومي، أحمد بن محمد. (د.ت.). المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، (د. عبد العظيم الشناوي، مُحقِق). (ط.2). دار المعارف.
33. القاسمي، محمد جمال الدين بن محمد سعيد. (1418هـ). محاسن التأويل، (محمد باسل عيون السود، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
34. ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم. (1977). غريب الحديث، (د. عبد الله الجبوري، مُحقِق). مطبعة العاني.
35. ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم. (2002). تأويل مشكل القرآن. (إبراهيم شمس الدين، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
36. القرطبي، محمد بن أحمد. (2006). الجامع لأحكام القرآن. (د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وآخرون، مُحقِق). مؤسسة الرسالة.
37. القيسي، مكي بن أبي طالب. (2008). الهداية إلى بلوغ النهاية. (مجموعة من الباحثين، مُحقِقون). (رسائل جامعية بإشراف أ. د. الشاهد البوشيخي). جامعة الشارقة.
38. المارغني، إبراهيم بن أحمد. (د.ت.). دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم والضبط. دار الحديث.
39. الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد. (د.ت.). النكت والعيون تفسير الماوردي. (السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، مُحقِق). دار الكتب العلمية.
40. مجاهد، أبو الحجاج مجاهد بن جبر التابعي. (1989). تفسير الإمام مجاهد بن جبر. (د. محمد عبد السلام أبو النيل، مُحقِق). دار الفكر الإسلامي الحديثة.
41. ابن منظور، محمد بن مكرم. (د.ت.). لسان العرب. (عبد الله علي الكبير وآخرَانِ، مُحقِقان)، دار المعارف.
42. النَّحَّاس، أبو جعفر أحمد بن محمد. (1408هـ). الناسخ والمنسوخ. (د. محمد عبد السلام محمد، مُحقِق). مكتبة الفلاح.
43. النيسابوري، مسلم بن الحجاج. (1991). صحيح مسلم. (محمد فؤاد عبد الباقي، مُحقِق). دار إحياء الكتب العربية