ظَوَاهِرُ نَحْویَّةٌ وَعَرُوضِیَّةٌ في شِعْرِ أبي مُسْلِمٍ الْبَهْلَانِي
الباحث المراسل | د. فضل یوسف زید | جامعة السلطان قابوس |
أبو مسلم ناصر بن سالم بن عدیم بن صالح بن محمد بن عبد الله بن محمد البهلانی العُمانی، ولد فی قریة محرم من أعمال ولایة سمایل بعمان 1237هـ، نشأ الشاعر فی بیت یعمل بالقضاء کما أشار إلى ذلک محقق الدیوان المرحوم علی النجدی ناصف([1])، فکان جَدُّهُ عبد الله بن محمد قاضیا أیام الیعاربة، وکان والدُهُ سالم بن عدیم قاضیا للإمام عزّان بن قیس أحد أئمةِ عُمانَ، وقد درس الشاعر ببلده محرم، وتتلمذ فیها على الشیخ محمد بن مسلم الرواحی، وکان وَلُوعًا بطلب العلم وتحصیله، وقد انقطع إلى الله فی سبیل ذلک، وتأدب بآداب الصوفیة فی ممارسة شؤون الحیاة، ومنهج السلوک، وقد ظهرُ أثرُ ذلک جلیًّا واضحًا فی شعره، فقد جاء معظم شعره فی هذا الباب، أعنی الصوفیةَ والتَّنَسُّکَ والتَّعَبُّدَ والتَّحَوُّبَ إلى الله، توفی رحمه الله عام 1339هـ عن عمر یناهز السبعین سنة، وقد مضت حیاتُه فی طلب العلم والاجتهاد فی نصر الإسلام وتأیید کلمته وإعلاء مجده مَرْضِیَّا عنه فی نفوس الأمة العربیة وغیرها، کما قال فیه سالم بن سُلیمان الرَّوَاحی: (بحر الوافر)
کریمُ الخِیم منفردُ المزایا رفیعٌ سقْفُهُ زاکی النِّجـارِ
سلیلُ المجد محمودُ السجایا أبیُّ الضَّیْم محروسُ الذِّمار
أبو الأیتامِ والفقراءِ مهما عنتْ شهباءُ تُهلِک للذَّرَارِی
یعود الفضلُ منه على أُناسٍ لدى البأساءِ والنُّوَبِ الکِبارِ
تساوى عنده عَفْرٌ ومالٌ کأنَّ المالَ من جُمَل العَوَارِی
أدار أبو مسلم البهلانی جُلَّ شعره على السَّبَحَات الدینیة والرُّوحیة، وهو یتحوّب إلى الله کثیرا، والملاحظ أن القصائد التی یتحوّب فیها تطول طولا مفرطا حتى إنها لتتجاوز الألف بیت، فالرجل طویل النَّفَس جدا فی شعره، بید أن شعره یخلو من المعاظلة والالتواء، والغریب والسوقیّ. وأشیر إلى أن دراسات کثیرة کُتبت فی البهلانی، وقد رجعت إلى بعض هذه الدراسات، ولکنها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ إذ تدور معظم هذه الدراسات -إن لم تکن کلها- فی قضایا أدبیة ونقدیة ودینیة، وهو ما لم أجد فیه بُغیتی؛ مما قد یخدم موضوع البحث ولیس هَضْمًا للشاعر ولا بَخْسًا لحقه، أستغفر الله، فالشاعر البهلانی له کل التقدیر والاحترام، ویکفی أنْ حقق شعره العلامة علی النجدی ناصف، وأثنى علیه ثناء کبیرا، ومن الدراسات التی رجعت إلیها ولم تکن ذات صلة بموضوع البحث:
- دلالة الخطاب الدینی فی شعر أبی مسلم البهلانی فی إطار مدرسة الإحیاء للدکتور محمد بن قاسم ناصر بو حجام .
- شعر أبی مسلم البهلانی الرواحی بین التصوف والسلوک، للدکتورة شیخة بنت عبد الله المنذریة .
- الخطاب الدینی ونسق المرجعیات فی شعر أبی مسلم البهلانی، للدکتور محسن بن حمود الکندی .
وثمة ظاهرةٌ أسلوبیة تکثر فی شعر أبی مسلم کثرة ملحوظة لم أعهدها عند غیره من الشعراء، وهی الإکثار من ذکر المصادر الصناعیة ذکرا مفرطا فی قوافی کثیر من قصائده، وهو ما انفرد به، ولا أکاد أراه فیما قرأته من شعر غیره فی کل العصور، ومن ذلک قوله ([2]): (الطویل)
فما یستمِدُّ الکلُّ إلا ببحـــــــرهِ لـــــهُ الحکمُ فی الذاتیّ والصِّفتیّة
فالصفتیة مصدر صناعیّ من الصِّفة.
وقوله ([3]): (الطویل)
إلى الملک الکافی أبثُّ شکایتی لأُکفَـــــى هُمـومَ الدِّینِ والدُّنْیویَّةِ
فالدنیویة مصدر صناعی من الدنیا.
وثمة مواضع أخرى کثیرة یضیق هذا البحث عن ذکرها جمیعا، ومن أجل هذا اجتزأت بما فَرَطَ تدلیلا على الظاهرة اللافتة التی لم تُستعمل فی علمی إلا عند البهلانی.
وشعر البهلانی عفّ نزیهٌ یصور عصره وشخصیته تصویرا حقیقیا صادقا، وقصائده معظمها من البحر الطویل وهو یتناسب مع مقامات الجلال والوقار وخاصة فی السبحات الدینیة والروحیة والقصائد التی یناجی فیها الله سبحانه وتعالى، وبحر الطویل یحفل بالجلال والرصانة والعمق کما یقول الدکتور عبده بدوی([4])، وقد نبّه حازم القرطاجنی إلى عَلاقة موسیقى الشعر بمعناه فی کتابه منهاج البلغاء بقوله: "لما کانت أغراض الشعر شتّى وکان منها ما یقصد به الجِدّ والرَّصَانة وما یقصد به الهزل والرشاقة، ومنها ما یقصد به البهاء والتفخیم وما یقصد به الصَّغار والتحقیر، وجب أن تحاکی تلک المقاصد بما یناسبها من الأوزان ویخیّلها للنفوس"([5]) ویتابع القرطاجنی: "فالعروض الطویل تجد فیه أبدا بهاء وقوة، وتجد للبسیط سباطة وطلاوة، وتجد للکامل جزالة وحسن اطراد، وللخفیف جزالة ورشاقة ..."([6])
وهذا البحث یهتمّ بأسلوب البهلانی، ویتشرَّفُ مستشفّا الکشف عن أسرار بعض ألفاظه ومعانیه، فثمةَ ظواهرُ لغویةٌ اتسم بها شعر البهلانی، وظواهرُ نحویة وصرفیة خالف فیها جمهور النحاة، أو مال فیها إلى تقلید مَهْیَعٍ نادراً و استعمال ضعیف، ومهما یکن من أمر فإنَّ الدراسات التطبیقیة التی تتناول دور النحو فی تفسیر الشعر وتفسیر النص بصفة عامة قلیلة نسبیًا؛ ومن أجل هذا بات من الضروری أن نعید قراءة النصّ من منظور نحوی ترکیبی.
وقد لاحظت وجود ظواهر نحویة کثیرة فی شعر البهلانی بعضها موافق لما تقرره القواعد النحویة، وبعضها مخالف لما تقرره تلک القواعد، وفی کلتا الحالتین کانت هذه الظواهر اللغویة ذات أبعاد دلالیة وإیقاعیّة فی شعره.
وأحب أن أشیر إلى أننی کنت حریصا وأنا بصدد رصد الظواهر اللغویة فی شعر أبی مسلم على أن أعرضها على آراء النحاة واللغویین لمعرفة ما وافق هذه الظواهر وما ندّ عنها مع محاولة تفسیر هذه الظواهر تفسیرا نصیًّا قدر الطاقة دون تعسف أو لیّ طُلَى النصوص.
ومن منطلق الحریة التی تُتاح للشاعر دون الناثر فی استعمال اللغة، والخروج أحیانًا على بعض قواعدها بحیث تکون للشاعر لغته الخاصة أو لغته الشعریة poetic Language، حاولت تفسیرَ ظواهرَ وردت فی شعر البهلانی فی ضوء ما تتمیز به لغة الشعر من الخصوصیة التی أشرت إلیها، معتمدًا فی ذلک على النسخة التی قام بجمعها وتحقیقها الأستاذ علی النجدی ناصف، وهو تحقیق جدیر بکل إکبار وتقدیر.
والشاعر لم یرکب من البحور الشعریة إلا القلیل على طول الدیوان وسَبَاطته، وأکثر هذه البحور استعمالا لدى الشاعر هو البحر الطویل، وربما کان السبب فی قلة البحور المستعملة لدى الشاعر هو طول القصائد طولا مفرطا مما لم نجده عند غیره من الشعراء، وقد أسلفت إلى أن بعض القصائد عنده تربو على الألف بیت، ومهما یکن من أمر فثمة أبیاتٌ غیر مستقیمة الوزن عند الشاعر، وربما کان ذلک بسبب أخطاء النسخ والطباعة، ومن ذلک قوله من الطویل ([7]):
بَصُرْتَ البصیر بالذات لا بما یقولون من حلّ الصفات القدیمةِ
فالشطر الأول غیر مستقیم الوزن، أما الشطر الثانی فمستقیم لا شیء فیه، وإن کان العلامة المحقق الأستاذ علی النجدی ناصف قد ذکر تعلیقا على البیت کله بقوله: "البیت غیر مستقیم الوزن"([8])
وقوله من الطویل مُثنیا على الله ﷻ ([9]):
ببابِ کریم العفو عن أیّ مذنبٍ بباب کریم الوجود قبل الوسیلة
والشطر الثانی غیر مستقیم، ولعل صوابه: کـریم الجُـــــــــــــودِ.
وقوله من الطویل([10]):
وإنک إن تشدد على ذی جراءة بغى بی السوء أودى بقصمـــةِ
والشطر الثانی بـــــه خلل عروضـــی واضـــــــــــــــــــــــــــــح.
وقوله([11]):
ویا جامع المظلوم والظالمین فی دار الجزا والفصل یوم القیامةِ
الشطر الثانی غیر مستقیم الوزن، ویستقیم أوله بإضافة (واو) قبل کلمة (دار)، وقد یکون البیت مخرومًا؛ فالنظام العروضیّ یُجیز فی (فعولن) فی ابتداء أبیات الطویل وغیره (الخَرْم)، وهو حذف أول متحرک من الوتد المجموع فی أول البیت([12]).
ومن ذلک قوله من الطویل مادحا النبیَّ ﷺ([13]):
فکلُّ مزایا الرسْل والأنبیاء فی بحار مزایا شأنه حُکمُ نقطةِ
والشطر الأول غیر مستقیم الوزن، ولم یعلق على ذلک العلامة المحقق، وإن کان دأبه التعلیق على مثل هذه الأبیات، وربما کان ذلک سهوا منه.
وفی قوله([14]):
ومـــــــــــــــن لــــی بأن یرضى بسلطانِ مفـــســـــــد
مغیر بحرب للاستقامة منجــــــــدِ
الشطر الثانی غیر مستقیم الوزن، ولعلّ صوابه: مغیر بحرب لاستقامة منجد.
وقوله من الرجز: ([15])
سمعتُ من نادى للإیمان قد آمنت لا أعدلُ بالله أحــدْ
فالشطر الأول غیر مستقیم، ولعل صوابه: نـــــــاداک.
قوله من الکامل:([16])
الله باسم الله یا متکبر ال متعالی امحق المتکبرین على عجلْ
الشطر الثانی به خلل واضح.
وقد صنفتُ الظواهر اللغویة فی شعر البهلانی إلى ظواهرَ تعتری بنیة الکلمة، وهی ظواهر صرفیة، وظواهر سیاقیة تتعلق بالکلمة فی علاقاتها مع غیرها من الکلمات فی الترکیب، وظواهر عروضیة تحدثت عنها حدیثا خاطفا فی بدایة البحث، والآن أنتقل إلى الحدیث عن الظواهر النحویة أو السیاقیة التی تُعنی بأحوال الکلمة مع غیرها فی التراکیب المختلفة، ثم من بعد عن الظواهر الصرفیة أو تلک التی تتعلق ببنیة الکلمة.
الظواهر النحویة (السیاقیة) فی شعر البهلانی:
إیلاء أفعل التفضیل المقرون بأل (مِنْ) التی تَجُرُّ المفضل علیه:
تعتور أفعلَ التفضیل حالتان متضادتان: لزوم التنکیر عند مصاحبة (مِنْ)، ولزوم التعریف عند مفارقتها؛ فلا یقال: زید الأفضل من عمرو، ولا زید أفضل، والسبب فی أن یمنع النحاة مجیء (مِنْ) بعد أفعل التفضیل المعرف بالألف واللام أو الإضافة، "أنّ (مِنْ) تُکسب ما تتصل به من (أفعل) هذه تخصیصا ما، ألا ترى أن فیه إخبارا بابتداء التفضیل وزیادة الفضل من المفضول ... فلما کانت مِنْ للتخصیص، واللام إذا دخلت علیه استوعبت مِنَ التعریف أکثر مما تفیده من التخصیص کرهوا الجمع بینهما فیکون نقضا لغرضهم وتراجعا عما حکموا به من قوة التعریف إلى ما هو دونه، فلما لم یجز الجمع بین اللام و(مِنْ) عاقبوا بینهما، فإذا وجد أحدهما سقط الآخر ولم یجز أن یسقطا معا؛ لئلا یذهب ذلک القدر من التخصیص المفاد من (مِنْ)، والتعریف المفاد من الألف واللام . لا یقال: زید الأفضل من عمرو..."([17])
وقد ورد هذا التصرف مرتین فی شعر البهلانی فی قوله([18]):
بِسَطْوَةِ اللهِ ولا عنهُ محیدٌ بقُرْبِهِ الأقربِ من حبل الوریدْ
فقد خالف الشاعر بإیلاء اسم تفضیل المعرف بأل( الأقرب) مِنْ التی تجرّ المفضل علیه خضوعا لضرورة الوزن والقافیة، والأمر کذلک فی قوله: ([19])
بِرَوْحِکَ الأقربِ من لمْح البصرْ
عدم جرّ تمییز (کم) الخبریة بمِنْ مع وجود الفصل بینهما:
أجاز النحاة الفصل بین کم الخبریة وتمییزها بالظرف والمجرور فی فصیح الکلام، فلک أن تقول: کم فی الدار رجلا، وکم الیوم عندک رجلا، أما إذا کان الفاصل غیر ظرف أو مجرور بأن کان جملة، فإنه یلزم فی هذه الحالة جرُّ تمییز کم بمن، لأن الفصل بالجملة بین المتضایفین لا یجوز البتة ([20]). وقد ورد الفصل بین کم الخبریة وتمییزها بالجملة الفعلیة، ومع ذلک لم یُجَرّ التمییز بمن فی شعر البهلانی مرة واحدة فی قوله: ([21])
دعوْتَ للخیر وکم وقیتَ شرْ
فعلى الرغم من أنه فصل بین کم وتمییزها بـ (وقیت) وهو فعل متعدّ إلا أنه لم یجر التمییز بمن، طلبا لاستقامة الوزن؛ لأنه لو جُرَّ التمییز بمن لم تسلم له موسیقى بحر الرجز، کما أنه خفّف المشدد؛ إذ خفّف الراء من شرّ .
إضافة الصفة إلى الموصوف:
منع النحاة إضافة الموصوف إلى صفته، والصفة إلى موصوفها، وتأوّلُوا ما جاء من ذلک عن العرب کقولهم: (صلاة الأولى) حیث أضیف الموصوف إلى صفته، وعلیه أخلاقُ ثیاب، وسحقُ عمامة، حیث أضیفت الصفة إلى موصوفها .. ، والسبب فی عدم جواز إضافة الصفة إلى الموصوف أو الموصوف إلى صفته هو أن الصفة والموصوف شیء واحد؛ فلا تقول: هذا زیدُ العاقلِ، وهذا عاقلُ زیدٍ، بالإضافة وأحدهما هو الآخر، وما ورد عنهم من ألفاظ ظاهرها من إضافة الموصوف إلى صفته والصفة إلى موصوفها فمُأَوّلٌ، فقولهم: صلاة الأولى أی صلاة الساعة الأولى؛ حیث الأولى صفة للصلاة؛ إذ الصلاة هی الأولى، وإنما أزیل عن الصفة وأضیف الاسم إلیه على تأویل أنه صفة لموصوف محذوف، وفی قولهم: علیه سحق عمامة؛ أی عمامة سحق، وهی البالیة؛ فقد قدّم الصفة وأزالها عن الوصفیة وأضافها إلى الاسم إضافة بعض إلى الکلّ على مذهب: خاتم ذهب، أی من ذهب؛ کأنه سحق من عمامة جعل السحق بعض العمامة ([22])، والمهم أن إضافة الصفة إلى الموصوف وردت مرتین فی شعر البهلانی فی قوله:([23]) (الطویل)
عدوتُ إلى المحظور حتى اقترفْتُهُ وأنت ترى یاربّ سیِّئَ خُطوتی
أراد خطوتی السیئة، فأضاف الصفة إلى الموصوف للمبالغة والبیان والتلخیص، وتقدیم ما هو به أعنى وأهم عنده وهو سیئ خطواته، ولو جاء الترکیب على الأصل لذهب جماله وروعته، ولأصبح مغسولا باردا، إلى جانب إقامة القافیة.
وقوله: ([24]) (الطویل)
وقدْ دفعتنی الکائناتُ بأسرهـــــا إلیکَ ولم تحفظْ وثیقَ عهــودی
أراد: عهودی الوثیقة، فأضاف الصفة إلى الموصوف مبالغة منه وبیانا، والتأکید على هذه العهود الوثیقة المغلظة التی لم تحتفظ بها الکائنات، إلى جانب المحافظة على القافیة.
إیلاء (لات) على غیر ما یدلّ على الزمان:
النحاة والواقع اللغوی على أن (لات) المشبهة بلیس لا تعمل إلا فی الأحیان خاصة، سواء نصبت أم رفعت، کما جاء فی قوله تعالى: ﴿ وَلَاتَ حِینَ مَنَاصَ﴾([25]) إنه قد قرئ ولات حین مناص بالرفع، والنصب أکثر؛ فالنصب على أنه الخبر، والاسم محذوف والتقدیر: ولات حینٌ نحن فیه حینَ مناص، ولا یقدر الاسم المحذوف إلا نکرة. ([26])
وقد أعملها البهلانی فی غیر الزمان مرة واحدة فی قوله ([27]): (الطویل)
بسرِّک فی الأقدار تجری کما تشا ولات مجالٌ لاعتراضِ لَمیَّةِ
فقد أدخل الشاعر لات على اسم لا یدل على الزمان، وهو ما لم یقل به أحد من النحاة، کما أنه لا یوافق الواقع اللغویّ، ولو قال ولات أوانٌ لربما ساغ.
الوقف على المنون المنصوب بحذف الألف:
فی الوقف على المنون ثلاث لغات، الأولى وهی الفصحى أن یوقف علیه بإبدال تنوینه ألفا إن کان بعد فتحة تقول: رأیت زیدا، وبحذفه إن کان بعد ضمة أو کسرة بلا بدل تقول: هذا زید، ومررت بزید، والثانیة: أن یوقف علیه بحذف التنوین وسکون الآخر مطلقا ونسبها ابن مالک إلى ربیعة، والجمهور على أن ما ورد من ذلک ضرورة، کقوله: (الطویل)
ألا حبذا غُنْمٌ وحسنُ حدیثها لقد ترکتْ قلبی بها هائمًا دَنِفْ
بسکون الفاء، والقیاس فیه دنفا وسکنت للضرورة، أو على أنه لغة ربیعة ....والثالثة: أن یوقف علیه بإبدال التنوین ألفا بعد الفتحة وواوا بعد الضمة ویاء بعد الکسرة ونسبها ابن مالک إلى الأزد.([28])
وقد وقف الشاعر على المنون المنصوب وحذف التنوین وسکّن الآخر سبع مرات فی شعره من ذلک قوله:([29])
أصبحت لا أملک للنفس وطرْ ولا أردّ ذَرَّةً من القدرْ
والقیاس أن یقال: وطرا؛ لأن الکلمة مفعول به، فاضطره الوزن إلى حذف التنوین وتسکین الآخر حتى یستقیم له وزن الرجز.
وقوله: ([30]) لا أبتغی بها سوى العفو وطرْ
والوجه: وطرا.
وقوله: ([31]) إن یکن اللهم ذنبی مغتفرْ
والوجه: مغتفرا.
وقوله: ([32]) طَوْلًا إلهیًّا وإحسانًا وبرّْ
وقوله: ([33]) بالقُرب بالدُّنُوِّ علمًا ونظرْ
وقوله: ([34]) بالواسع الحکیم صنعا وخِیَرْ
وقوله:([35]) سمعتُ من نادى للإیمان قد آمنت لا أعدل بالله أحدْ
والوجه: أحدًا.
وقوله: ([36])
اللهُ باسم الله أوْجدَ مطلبی یا مُوجدَ الأشیاء لا یحکی مثلْ
أراد: مثلًا، فوقف علیه بالسکون لاستقامة الوزن.
تجرّد خبر (عسى) من (أنْ):
مذهبُ جمهورُ البصریین أنَّ (عسى) لا یتجرّد خبرُها من (أنْ) إلاّ فی الشعر؛ والسبب فی ذلک أنَّ (أنْ) تخلص الفعل للاستقبال؛ ولذلک یقول ابنُ یعیش: "ولا یکون خبرُها إلا فعلا مستقبلا مشفوعًا بأنْ الناصبة للفعل، قال الله تعالى: ﴿فَعَسَى اللهُ أَنْ یَأْتِیَ بِالْفَتْحِ﴾.... وأما لزوم (أنْ) الخبر فلما أرید من الدلالة على الاستقبال، وصرف الکلام إلیه؛ لأن الفعل المجرد من (أنْ) یصلح للحال والاستقبال، و(أنْ) تخلصه للاستقبال، الذی یؤید ذلک أن الغرض بـ (أنْ) الدلالة على الاستقبال لا غیر"([37]).
أمَّا سیبویه فإنه یجیز اقتران خبر (عسى) بـ (أنْ) قال: "واعلم أن من العرب من یقول، عسى یفعل؛ یشبهها بـ (کاد یفعل)، فـ (یفعل) حینئذ فی موضع الاسم المنصوب فی قوله: عسى الغویر أبؤسًا"([38]).
وأیا ما کان الرأی حول اقتران خبر (عسى) بـ (أنْ)، فقد ورد خبر (عسى) مجردًا من (أنْ) فی شعر البهلانی فی قوله ([39]): (بحر الطویل)
عسى نفحات اسم الرحیم ورَوْحِهِ تهبّ على ضُرّی برَوْحٍ ورحمـــــــةِ
عسى نفحات اسم الرحیم بسبقهـــــا تَدارکُ إنقـــــــاذی بمحـو خطیئتی
عسى نفحات اسم الرحیم حنانــهـــا قریب على قدر العَنا والبـــــلیــــة
عسى نفحات اسم الرحیم تحفــــــنی لطائفُها بالصالحات وبــالـــتــــــی
عسى نفحات اسم الرحیم وشیــــکـةً تعالج بالتفریج همی وغُمّــتـــــــی
عسى نفحات اسم الرحیم تَمُـدُّنـــــی بفضلٍ وغفرانٍ ولطفٍ وعصـمــةِ
عسى نفحات اسم الرحیـم تــواردتْ بعارفة الحسنى على حَلِّ عُقدتــی
عسى نفحات اسم الرحیـم تکون لی على خطة أعیتْ مِحالی وقوتــــی
عسى نفحات اسم الرحیــــــم تُنیلنی بوسعِ ندًى یجتاح فقری وعُسـرتی
عسى نفحات اسم الرحیم تقوم بــی وقد قعدت عنی رجالی وأسـرتـــی
عسى نفحات اسم الرحیم تغیثنـــی فوالله ما ضاقت بأیة فطــــــــــرة
وقوله: ([40])
سبحان ذی السُّبُحَاتِ الطاهرات وما عســــــــــــاه یبلغ نعتی سُبْحَةَ اللهِ
وقوله: ([41])
الحمد لله ذی الحمد الحمید وما عســــــــــاه أَبْلغُهُ فی الحمد لله
وضع الاسم موضع أنْ والفعل الواقع فی موضع خبر (عسى)
عدَّ ابن عصفور هذه الظاهرة من الضرائر، وساق لذلک قول الشاعر:
أکـــــــــــــــــثــــــــــــرت فـــــــــــــی الـــــــــعـــــــذل مُلِحًّا دائمــــــــــــــا
لا تکـــــــــــــثــــــــــــرَنْ إنـــــــــــــــــــی عَسیـــــــــتُ صـــــــــــائمـــــــا
"وکان الوجه أن یقال: إنی عسیت أن أصوم، إلا أن الضرورة منعت من ذلک. وقولهم فی المثل: عسى الغویر أبؤسا، شاذ یحفظ ولا یقاس علیه."([42]) ولم ترد هذه الظاهرة فی شعر البهلانی إلا مرة واحدة فی قوله:([43])
بـــــــــــــک البلاغ الصِّرف فی آماله ماذا عساه بالغٌ بحـــالــــــــــــهِ
والوجــــــــــــــه أن یقال: عساه أن یبلغ بحاله، إلا أن الوزن منعــــــــــــــه.
الفصل بین المعطوف والمعطوف علیه:
عدّ ابن عصفور الفصل بین المعطوف والمعطوف علیه من الضرائر، وأورد لذلک قول الشاعر:
فصلقنــــــــــــــا فی مرادٍ صلقةً وُصداءٍ ألحقتهـــــــــــــــــــــم بالثلــــــلْ
یریــــــــــــــد: فصـــــــــــــــلـــــــــــقنا فی مراد وصداء صلقـــة .([44])
وقد وردت هذه الظاهرة مرة واحدة فی قول البهلانی:([45])
وصـــبّ علیهــم سوط منتقم کما لعــــادٍ وفرعونٍ جرى وثمــــــــــودِ
یریـــــــــــد: کمــــــــــــا جـــــــــــرى لعاد وفرعون وثمــــــــــــــــــــود.
إدخال الحرف على الحرف على جهة التأکید:
التنازع فی العمل بین حرف وغیره، أو بین جامد وغیره؛ مما ترفضه القواعد النحویة، وقد أورد ابن عصفور فی ضرائره إدخال الحرف على الحرف على جهة التأکید لاتفاقهما فی اللفظ والمعنى، أو فی المعنى لا فی اللفظ، وعد ذلک من الضرورة، کأن یَزید الشاعر لام التأکید على لام الجرّ کما فی قول الشاعر:
فـــــــــــــــــلا والله لا یلفى لما بی ولا للما بهم أبدا دواء ([46])
وقد وردت هذه الظاهرة فی شعر البهلانی مرتین فی قوله:([47])
عسى ولعلّ الله یُظهر دینَهُ على کل دین لم یکن بسدیـــــــــــد
عــــــــــــســــــــــــــــى ولعـــــــــــــــل الله یسمع دعوتــــــــــــی
فقد أدخل عسى على لعلّ وکلاهما یفید الرجاء، غیر أن عملهما مختلف فعسى من أفعال الرجاء ترفع الاسم وتنصب الخبر، ولعل حرف ناسخ من أخوات إنَّ ینصب المبتدأ ویرفع الخبر، فتنازعا العمل، مع أنَّ القواعد النحویة لا تجوّز التنازع فی العمل بین حرف وغیره، ولا جامد وغیره، وربما کان وراء هذا الاستعمال الذی لا تقره اللغة رغبة الشاعر فی التأکید على أن یظهر الله دینه على کل دین، وأن یستجیب دعوته.
حذف الفاء فی جواب الشرط:
اشترط النحاة إذا کان جواب الشرط بشیء یصلح الابتداء به کالأمر والنهی والابتداء والخبر، فإنه یجب ربطه بالفاء مع الشرط: "لأنه یفتقر إلى ما یربطه بما قبله فأتوا بالفاء؛ لأنها تفید الاتباع وتؤذن بأن ما بعدها مسبب عما قبلها؛ إذ لیس فی حروف العطف حرف یوجد فیه هذا المعنى سوى الفاء؛ فلذلک خصوها من بین حروف العطف"([48])
ویقول السیرافی: "وإنما کانت الفاء واجبة هنا؛ لأن جواب الشرط متى کان جملة أو فعلا مرفوعا، لم یکن بد من الفاء؛ لأنها إنما أتى بها لئلا یتسلط ما قبلها على ما بعدها؛ ألا ترى أنک تقول: إن تقم أقم فتجزم أقم بما تقدم، ولو أدخلت الفاء علیها بَطَلَ جزمها، لا تقول: لإن تقم فأقم، فحذف الفاء مع الحاجة إلیها لما ذکرنا من ضرورة الشعر"([49])
وقد ورد حذف الفاء فی جواب الشرط ضرورة فی شعر البهلانی فی قوله([50]): (الطویل)
ومُزْدَلَفِی للخیر حولٌ تسوقهُ إلیَّ وإلا أین حَوْلی وقوتــــــی
أراد: وإلا فأین حولی وقوتی، فلم یتزن له بحر الطویل فحذف الفاء من جواب الشرط (أین حولی) وهو جملة اسمیة، مبتدؤها (حولی) وخبرها (أین) .
وقوله([51]):
سیدی یا عفوّ إن تعفُ عنی فبفضلٍ وإنْ تعذبْ بعــــــــــــدلِ
أراد: وإن تعذب فبعدلِ، فلم یتزن له بحر الخفیف فحذف الفاء من جواب الشرط (فبعدلِ) وهو جملة اسمیة، والتقدیر: فأنت تعذب بعدل.
وقوله: ([52])
إن فاتنی حظیَ من سوء العمل ما فاتنی حظیَ من حسن الأملْ
أراد: فما فاتنی ..، ولما لم یتزن له الرجز حذف الفاء من جواب الشرط مع وجوب إثباتها لأنه جملة مسبوقة بما النافیة.
الظواهر الصرفیة: وهی الظواهر التی تعتری بنیة الکلمة، سواء أکانت الظاهرة لها علاقة بصوت من أصوات الکلمة أم بصیغتها کلها، ومن تلکم الظواهر:
حذف الهمزة جزء الکلمة:
حذف البهلانی الهمزة التی هی جزء من الکلمة ضرورة ست مرات جاءت کلها فی کلمة (تشاء) فی قوله([53]):
وَقَیتَ وَدَبَّرْتَ الأمورَ کما تَشَا وَکِیلًا حَفِیًّا واقِیًا لِلْبَلِیّةِ
أراد: کما تشاء، فحذف الهمزة تخفیفًا، وقد ساعد ذلک على ضبط الوزن، فکان حذفها مطلبًا موسیقیًا یقیم أَوَدَ البیت؛ إذ لو قال (تشاء) لما استقام له وزن الطویل، بالإضافة إلى ما یوحی به مطل حرکة الشین المفتوحة من التأکید على مشیئة الله المطلقة، وأن مشیئته وإرادته جلَّ وعلا مطلقة لا یقف أمامها شیءٌ، والأمر کذلک فی قول الشاعر([54]):
إلهیَ بالإرشاد أسعدت من تشا وأشقیت بالإبعاد وفق المشیئةِ
قصر الممدود:
أجمع النحاة على جواز قصر الممدود للضرورة؛ ولذلک یقول ابن مالک:
وقصر ذی المدِّ اضطرارًا مجمعُ |
| علیه، والعکس بخلف یقعُ |
والعلّة فی ذلک کما یقرر الألوسی أن قصر الممدود رجوع إلى الأصل؛ إذ الأصل القصر؛ بدلیل أن الممدود لا تکون ألفه إلا زائدة، وألف المقصور قد تکون أصلیة، والزیادة خلاف الأصل، ومنه قوله:
لا بُدّ من صنعا وإنْ طال السَّفر |
| وإن تحنَّى کل عوْد وَدَبِرْ |
وقوله:
وهم مَثَلُ الناس الذی یعرفونهُ |
| وأهل الوفا من حادثٍ وقدیم |
والشواهد فی مثل هذا الباب أکثر من أن تُحصى، وهذه الضرورة من الضرائر الحسنة"([55])
على أن الفرّاء قد خالف إجماع النحاة على جواز قصر الممدود، وذهب إلى أنه لا یجوز أن یُقصر من الممدود إلا ما یجوز أن یجیء فی بابه مقصورًا، فلا یجوز عنده قصر حمراء، وصفراء وأشباههما؛ لأن مذکرهما أفعل، والصفة إذا کانت للمذکر على وزن (أفعل) لم یکن المؤنث إلا على وزن فعلاء. وقد فنّد هذا الرأیَ ابنُ عصفور معلّقًا علیه بقوله: (وهذا الذی ذهب إلیه باطل، بدلیل قوله الأعشى:
وَالقارِحَ العَدّا وَکُلَّ طِمِرَّةٍ |
| ما إِن تَنالُ یَدُ الطَویلِ قَذالَها |
.... ألا ترى أن (العدا) فعال کقتال، وضراب، والصفة التی تکون على هذا الوزن لا تجیء على مثال فعلى فتکون من المعتل مقصورة"([56]).
وقد ورد قصر الممدود فی شعر البهلانی مائة وأربع مرات لجأ الشاعر فی بعضها إلى إقامة الوزن والقافیة، وفی بعضها الآخر إلى جانب الغرض الإیقاعی غرض دلالی؛ ففی قوله([57]):
وأمتن أسباب النجا أصدق الرجا وإلا فدون الدَّرْک جِدُّ المَجَدَّةِ
قصر الشاعر کلمة (النجاء) فی حشو البیت، وکلمة (الرجاء) الواقعة عروضا فی بحر الطویل، لتسلم له، وهی لا تأتی إلا على وزن (مفاعلن) مقبوضة، وإلى جانب هذا الغرض الموسیقی الذی حققه قصر الکلمة فی الموضعین نستشف أن الشاعر لم یشأ أن یرکز على هذه الکلمة بمدّها بل جاء بها مقصورة، وما یوحی به هذا القصر من دلالات السرعة، وکأنه یرید أن یمرّ علیهما سریعًا دون طویل توقف أمام هاتین الکلمتین.
ومن ذلک قوله([58]):
إلهیَ لم أیأس من الرّوْح والوفا وإن ضاعف التقدیر قدر بلیتی
فقد قصر الشاعر کلمة (الوفاء)، وقد ساعد ذلک على إقامة الوزن وضبطه، وإلى جانب ذلک فإن قصر هذه الکلمة یُوحی بامتداد الأمل غیر المنقطع والتشوف إلى إجابة الله دعاءه.
ومن ذلک قوله([59]):
فما ضاق ما وسَّعتَ یا واسع العطا ولا قلَّ ما کثّرته من عطیةِ
وقد ساعد قصر کلمة العطاء على إقامة وزن البیت، ومن ذلک قوله أیضًا([60]):
تعالیت یا حقَّ الوجود بلا انتفا ولا أمد یقضی على الثابتیةِ
تعززت یا حقّ الجلال بما له من الکبریا والمجد والسطویّةِ
فقد قصر کلمتی (انتفاء، والکبریاء) وهو ما عمِل على ضبط الوزن واستقامته.
وقوله: ([61])
قد قفَّ شعری من خطب خذیت له تکاد منه السما والأرض تنفطر
مدّ المقصور:
أجمع النحاة على جواز قصر الممدود للضرورة کما مرّ، واختلفوا اختلافًا بیّنًا فی مدّ المقصور؛ فذهب الکوفیون إلى جواز ذلک قیاسًا على جواز إشباع الحرکات التی هی الضمّة والکسرة والفتحة فینشأ عنها الواو والیاء والألف فی ضرورة الشعر، وإذا کان هذا جائزًا بالإجماع جاز أن یشبع الفتحة قبل الألف المقصورة فتنشأ عنها الألف فیلتحق بالممدود، کما أن الدلیل على جواز مدّ المقصور أیضًا ما جاء عن العرب فی أشعارهم([62]). أما البصریون فقد ذهبوا إلى عدم الجواز؛ لأن المقصور هو الأصل، ولو فعل الشاعر ذلک لأخرج الأصل إلى الفرع، والأصول ینبغی أن تکون أغلب من الفروع([63])، کما أنهم رأوا فی مدّ المقصور تثقیلا للکلام بزیادة الحروف([64]).
ومضى البصریون یتأولون الشواهد الشعریة التی احتج بها الکوفیون على جواز مدّ المقصور، واصفین إیاها بأنها غیر معروفة، ولا معروف قائلها، ولا یجوز الاحتجاج بأمثالها.
وأرى أن البصریین محجوجون بما ورد عن العرب فی أشعارهم من مّد المقصور کما فی قول الشاعر:
سَیُغنینی الَّذی أَغناک عَنّی |
| فَلا فَقرٌ یَدومُ وَلا غناء |
ولیس هو من غانیته إذا فاخرته بالغنى، ولا من الغناء بالفتح بمعنى النفع کما قیل لاقترانه بالفقر. وقوله:
یا لک من تمر ومن شیشاء |
| ینشب فی المسعل واللِّهاءِ([65]) |
وقد دفع موقف البصریین من منع جواز مدّ القصور أحد أئمتهم وهو ابن هشام إلى الحکم على هذا الموقف بالتعسف، إذ قال: "واختلفوا فی جواز مدّ المقصور للضرورة، فأجازه الکوفیون متمسکین بنحو قوله:
فلا فقرٌ یدوم ولا غِناءُ |
ومنعه البصریون، وقدّروا الغناء فی البیت مصدرًا لغانیت لا مصدرًا لغنیتُ، وهو تعسّف"([66]).
ولم یرد مدّ المقصور فی شعر البهلانی إلا أربع مرات فی قوله([67]):
فیا ویلتا مما جنیتُ ولیته جَناءٌ زکا منی ونفسٌ تزکّتِ
حیث مدّ کلمة (جَنًى)، وهی مقصورة، ولو جاء الشاعر بها على أصلها مقصورة لانکسر الوزن حیث تتحول (فعولن) إلى (فعو) محذوفة السبب الخفیف، وهو مما لا یجوز فی زحاف الطویل، وإلى جانب هذا المطلب الموسیقی فقد أوحت هذه الکلمة الممدودة بتبرم الشاعر مما جنته یداه، وکأن الشاعر یدعو بالویل والثبور على نفسه مما جناه .
ومن ذلک قوله([68]):
أحطتَ بخَطبی یا محیطُ وما انطَوى علیه عِدائی من حبائلِ هَلْکَتِی
فقد مدّ الشاعر کلمة (عِدای)، ولو جاء بها مقصورة لما اتزن له الطویل، ویلاحظ أنه جمع بین ضرورتین فی هذا البیت، فکلمة هلَکة بتحریک اللام، وقد أسکنها الشاعر لیستقیم له الوزن.
وقوله: ([69])
وصلِّ یاربِّ وسلم أبدا فوق الرِّضاءِ لیس یُحْصَى عددا
فقد مدّ البهلانی کلمة (الرضا) لیتزن له بحر الرجز.
إبدال الحرف من الحرف
- إبدال الهمزة ألفا
قد یلجأ الشاعر إلى التخفیف من الهمزة بإبدالها حرف مدّ من جنس حرکة ما قبلها لضبط الوزن أو لمعنى یحاوله، قال ابن عصفور: "فإنهم قد یفعلون ذلک فی الشعر فی الموضع الذی لا یجوز فیه مثله فی الکلام، لیتوصلوا به إلى ما اضطروا إلیه من تحریک ساکن، أو تسکین متحرک أو غیر ذلک"([70]).
وقد أبدل البهلانی الهمزة المفتوحة المفتوح ما قبلها ألفا فی سبعة مواضع ومن ذلک قوله([71]): (الطویل)
إلهیَ توبا قابلَ التوب إننی أقدم توبا خالصا من طویتی
أُقدِّمُهُ عما ارتکبتُ من الخطا وأنت إلهی عالمٌ صدقَ توبتی
أراد: الخطأ. فأبدل من الهمزة ألفا؛ لأنه احتاج إلى التسکین لیستقیم البیت عروضیًّا؛ لأن الألف تسکن فی هذا الموضع، والهمزة لا تسکن فیه، ولو أبقى الشاعر الفعل على أصله لما سلمت له عروض بحر الطویل التی ینبغی أن تکون على زنة (مفاعلن) مقبوضة.
وربما کان طول حرکة الطاء الناتج عن إبدال الهمزة موحیًا بطول اجتراء الشاعر على ارتکاب الأخطاء وهو ما یفسح المجال لتصور أی شَرْج من شُروج الخطأ؛ ولذلک یلتمس الشاعر أن یمحوَها الله له بتوبته الصادقة.
وقوله: ([72])
ویا غافرَ الذنبِ اغفرِ الذنبَ والخَطا وإن کان وِزْرًا یقصِمُ الظهر مُثْقِلا
أراد الخطأ، فأبدل الهمزة ألفا لما احتاج إلى التسکین؛ لأن الألف تقابل نون (مفاعلن) فی عروض الطویل، والهمزة لا تسکن .
وقوله: ([73])
إلهیَ یا رحمنُ ضاقَ بی الفضا وعزّنیَ الملجا وذَلَّ مُقامیا
أراد الملجأ، فأبدل الهمزة ألفا لما احتاج إلى التسکین؛ لأن الألف تقابل نون (مفاعیلن) فی حشو الطویل، والهمزة لا تسکن فی مثل هذا الموضع. وسهل ذلک کون الهمزة والألف من مخرج واحد.
وقوله: ([74])
اللهُ باسمِ اللهِ یا عدلُ اجترا هذا الظلومُ وأنت أعدلُ مَنْ عدلْ
أراد: اجترأ، فأبدل الهمزة ألفا لما احتاج إلى التسکین؛ لأن الألف تقابل نون (مُتْفاعلن) فی عروض الکامل، والهمزة لا تسکن فی هذا الموضع.
إبدال الهمزة یاء
ورد هذا التصرف مرتین فی شعر أبی مسلم، فی قوله([75]):
وَیَسِّرْ بها الأرزاقَ من کل وِجْهة ولا تُبقِ عُسرا فی المعیشة کَالِیا
أراد کالئا أی حافظا؛ فقلب الهمزة یاء من أجل القافیة.
وقوله: ([76])
بالقادر المقتدرِ المُنْشِی القُدَرْ
أراد: المنشئ فقلب الهمزة یاء لیستقیم وزن الرجز.
إثبات هاء السکت فی حال الوصل:
زاد البهلانی هاء السکت فی الوصل ضرورة، وکان الوجه أن تزاد فی الوقف مرتین فی شعره فی قوله([77]):
وکیفَ ابتعادی عنک، قُربُک سیِّدا هُ أقرب من حبل الورید لفِطرتی
وقوله: ([78])
ندامةَ عبد طَرَّدَتْهُ ذنوبُهُ کمالُک واغوثاهُ کهفُ الطریدةِ
فقد زاد بعد ألف المستغاث الهاء فی الوصل، والوجه زیادتها عند الوقف، وقد مثل لهذه الظاهرة ابن عصفور فی ضرائر الشعر بقول الشاعر:
یا مرحباهُ بحمارِ عفراءْ
إذا أتى قربته لما شاءْ
بید أن أبا الفتح عدّ ذلک شاذا ضعیفا لا یَثبت فی الروایة ولا یُحفظ فی القیاس، من جهة أنه لا یخلو من أن تجریَ الکلمة على حدّ الوقف أو على حدّ الوصل. فإنْ أجراها على حدّ الوصل فسبیله أن یحذف الهاء وصلا؛ لاستغنائه عنها فی الوصل بما یتبع الألف. وإنْ کان على حدّ الوقف فقد خالف ذلک بإثباته إیاها متحرکة بالکسر کانت أو بالضمّ، وهی فی وقف بلا خلاف ساکنة، ولا یعلم هنا منزلة بین الوصل والوقف یرجع إلیها وتجری هذه الکلمة علیها؛ فلهذا کان إثبات الهاء متحرکة خطأ عندنا، وقد ردّ علیه ابن عصفور بأن هذا الذی أنکره قد جاء مثلُه، وهو قوله:
له زَجَلٌ کأنهُ صَوْتُ حادٍ إذا طلب الوَسیقَةَ أو زمیرُ
وأشباهه ألا ترى أن قوله: (کأنه صوت حاد) لیس على حدّ الوقف؛ لأن الضمیر متحرک، ولا على الوصل؛ لأنه غیر ممطول، فهو بین الوصل والوقف، وقد أثبت هو هذا وأمثاله، ولم ینکره، فکذلک ینبغی أن لا ینکر (یا مرحباه) وأمثاله من جهة القیاس؛ لأنه لا فرق بینهما ...([79])
وعلى هذا فإن البهلانی یستعمل ما سُبق إلى استعماله ولیس منکورا علیه أن یثبت هاء السکت فی حال الوصل، وخاصة أن اللغویین سوّغوا هذا الاستعمال.
حذف الفتحة التی هی علامة إعراب من آخر الاسم المعتلّ:
کثر ورود هذا التصرّف فی الشعر العربی القدیم، ووصف ابنُ عصفور ذلک بأنه من الضرائر الحسنة قال (وتسکین الیاء فی حال النصب من الضرائر الحسنة)([80]).
ولم ترد هذه الظاهرة إلا لماما فی شعر البهلانی، کقوله:([81])
آتی معاصیکَ على غیرِ وَجَلْ ثم ألحُّ فی الدعا بلا خجلْ
حیث سکّن الیاء من (معاصیَک) مع أنها فی موضع نصب، وهی تقابل سین مسْتعلن فی بحر الرجز، ولا یمکن تحرکها بحال، وإلا توالى خمسة متحرکات، وهو مستحیل.
ومن ذلک أیضًا حذف الفتحة من آخر الفعل الماضی تخفیفًا، وقد ورد ذلک فی شعر البهلانی ثلاث مرات فی قوله([82]):
بما خَفِی من صفةٍ وما ظَهَرْ |
|
أراد: (خَفِیَ) فأسکن الیاء؛ لأنها تقابل نون متفْعلن فی بحر الرجز، ولا یمکن تحریکها، وقد وصف ابن عصفور هذا التصرف بقوله: "وحذفها من الفعل المعتل اللام أحسن من حذفها من آخر الصحیح اللام... وقد جاء ذلک فی سَعة الکلام، قرأ الحسن: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِی مِنَ الرِّبَا﴾([83])، سکّن الیاء، إلا أن ذلک شاذٌّ یُحفظ ولا یُقاس علیه"([84]).
وقوله: ([85])
بما خفِی أحاط علما أو ظهرْ
وقوله:([86]) إذا أخلصتُ إیمانی وتوْبی إلیک فما بَقِی إلا الرضاءُ
أسکن الیاء فی بقی؛ لأنها تقابل ألف مفاعلْتن فی بحر الوافر، ولا یمکن تحریکها، ونلاحظ أنه جمع إلى ذلک مدّ المقصور فی القافیة، فقد مدّ کلمة الرضا عن قصر .
فکّ الإدغام الواجب:
ذکر الألوسی أنه إذا اجتمع حرفان متماثلان فی کلمة واحدة، وکان أولُ الحرفین ساکنا وجب إدغامُ الحرف الأول فی الثانی، وما ورد خلاف ذلک عُدّ من الضرورة کقول أبی النجم العجلی:
الحمد لله العلیّ الأجْلَلِ الواهبِ الفضل الوهوب المجزِلِ
والقیاس الأجلّ...([87])
وقد وردت هذه الظاهرة فی شعر البهلانی خمس مرات، فی قوله:([88])
ویا جامعَ الألباب جمعَ تَوَادِدٍ لیلطف بالتألیف بین الأحبّةِ
فکان القیاس أن یقول: توادٍّ، لکنه اضطر إلى فکّ الإدغام؛ حتى یستقیم له الوزن؛ لأن توادّ تساوی فعولن، وتوادد تساوی مفاعلن وهو المطلوب فی عروض الطویل.
وفی قوله: ([89])
بغیرِ مقاساة لداعٍ مُضَادِدٍ إرادتَک العظمى ولا بمشقةِ
کان الوجه أن یقول: مضادّ بإدغام الدالین، ولکن اضطره الوزن إلى فکّ الإدغام کما ترى؛ لأن مضاددن تقابل مفاعلن، وهو المطلوب ولیس (مضادّ) التی تقابل فعولن.
وفی قوله: ([90])
الله أکبرُ قهرًا أنْ یُضَادِدَهُ شیءٌ على کل شیء سَطْوَةُ اللهِ
الله أکبرُ ملکا عن مُنَادَدَة ٍ الندُّ لله منفیٌّ عن اللهِ
الوجه: یُضادّه، ومنادّة.
تنوین المنادى المبنی على الضم:
لم ترد هذه الظاهرة فی شعر البهلانی إلا مرة واحدة فی قوله: ([91])
فیا وارثٌ أورثنیَ العلم والصَّفا وحلیةَ أهلِ العلمِ أهلِ الحقیقةِ
فقد نوّن کلمة (وارث) وکان حقها البناء على الضمّ، وقد أشار الألوسی إلى أن ذلک من الضرائر المشهورة، وفیه شواهدُ من الشعر القدیم کثیرة، کقول الأحوص الأنصاری:
سلام الله یا مطرٌ علیها ولیس علیک یا مطرُ السلام
فقد نوّن (مطر) فی الشطر الأول وحقه البناء على الضمّ([92])، والمهم أن البهلانی اضطر إلى التنوین، حتى یستقیم له وزن الطویل.
تخفیف المشدد:
وردت هذه الظاهرة کثیرا فی شعر البهلانی فی القوافی وفی غیر القوافی، فی سبع وأربعین موضعا، ومن ذلک قوله فی غیر القوافی ([93]):
ویا ضارُ حالَ النفع عمّن أردته بضَیرٍ وکشفُ الضُّرِّ مِلکُ الأُلوهةِ
أراد: یا ضارّ، فاضطره الوزن إلى تخفیف الراء حتى یستقیم له وزن الطویل، وقد وصف ابن عصفور التخفیف فی غیر القوافی بالقلة، قال: (وقد یخففون المشدد فی غیر القوافی، إلا أن ذلک قلیل)([94])
وقوله: ([95])
بالضَّارِ بالنافعِ کاشفِ الضَّرَرْ
فقد خفف راء الضار لیستقیم وزن الرجز.
وقوله: ([96])
الله ُباسمِ الله یا ضارُ انتقمْ من ظالمٍ لصوارمِ العدوان سَلْ
وفی الأبیات السابقة کان التخفیف فی حشو البیت، أما تخفیفه المشدد فی القوافی فکان کثیرا کقوله([97]):
فاحملْ على فضلک عبدا ما أصرْ
والویل إن لم ترضَ ویلٌ مُستمر ْ
إعراضک اللهم أدهى وأمرْ
أراد: أصرَّ، ومستمرّ، وأمرّ، وإنما خفف لیستوی له بذلک الوزن وتطابق أبیات القصیدة، ألا ترى أنه لو شدد (أصرَّ) مثلا لکان آخر أجزائه على مستفعلن مع زیادة حرکة، فضلا عن استحالة ذلک، وهو یقول بعد هذا:
ومن ذنوب غِبُّهَا مَسُّ سَقَرْ
ومن صغیر وکبیر مُستطرْ
وآخر جزء من هذا البیت والذی بعده هو مستفعلن، ولیس من الجائز، بل من المستحیل هنا أن یأتی فی قصیدة واحدة بأبیات من ضربین متباینین، فخفف لتکون الأبیات کلها على مَهْیَعٍ واحد وضرب متسق.
وسواء فی ذلک الصحیح والمعتلّ. ومن التخفیف فی المعتلّ قوله: ([98])
أعوذ بالرحمن من حال الشَّقِی أعوذ بالله من الشرک الخفِی
ربی لطیف بعباده حَفِی لا یُصلحُ القلوبَ إلا الله
بحقّ لا إله إلا الله
یرید: الشقیّ، والخفیّ، وحفیّ .
وقوله: ([99])
وکیف عن الأحوال جاء سؤالهُ وعزَّ عن الأحوال فی وصفه وَجَلْ
وأین محلٌّ قابلٌ مُتَحیِّزًا وما صفة الله التَّحَیُّزُ فی مَحَلْ
صرف ما لا ینصرف:
جمهور النحاة على أن صرف الممنوع من الصرف ضرورة تجوز للشاعر یقول ابن مالک:
وَلاِضطِرارٍ أو تَنَاسُبٍ صُرِف |
| ذُو المَنعِ وَالمَصرُوفُ قد لاَ یَنصَرِف |
ویقول أبو سعید السیرافی: "ومن ذلک صرف ما لا ینصرف، وهو جائزٌ فی کل الأسماء مطرد فیها؛ لأن الأسماء أصلُها الصرف ودخولُ التنوین علیها. وإنما تمتنع من الصرف لعلل تدخلها، فإذا اضطر الشاعر ردّها إلى أصلها ولم یَحْفِلْ بالعلل الداخلة علیها"([100]).
على أن فریقًا آخرَ من النحاة أجاز صرف الممنوع فی الشعر وغیره، قال الأخفش: "إن صرف ما لا ینصرف مطلقًا، أی فی الشعر وغیره: لغة الشعراء؛ وذلک لأنهم کانوا یضطرون کثیرا لإقامة الوزن إلى صرف ما لا ینصرف، فتمرن على ذلک ألسنتهم، فصار الأمر إلى أن صرفوه فی الاختیار أیضا، وعلیه حُمل قوله تعالى: ﴿سلاسلًا وأغلالًا وقواریرًا﴾([101]) وقال هو والکسائی: إن صرف ما لا ینصرف مطلقًا لغة قوم إلا أفعل منک"([102]). وأیا ما کان الأمر فقد کثرت هذه الظاهرة فی الشعر حتى قال ابن عصفور: "وصرف ما لا ینصرف فی الشعر أکثر من أن یُحصى"([103]).
وقد وردت هذه الظاهرة فی شعر البهلانی اثنتی عشرة مرّة، إذ صرفت صیغة منتهى الجموع عشر مرات فی الأبیات الآتیة([104]): (الطویل)
إلهی طغتْ فوق العباد عصائبٌ فعمَّتْ سیولُ الظلم منها وطمّتِ
وَوُدّک ممن تجتبیهِ عوارفٌ تُنَزِّلُها دلَّتْ لسبقِ المودةِ
إلهیَ آحادُ الوجود حواسرٌ حقائقُها عن حَقّةِ الأَحَدیّةِ
إلهی ما أبرزْتَهُ من غرائبٍ شهودٌ على الإبداع فی کلّ ذرّةِ
إلهی ابتدعتَ المبدعاتِ عجائبًا لیَظهرَ فیها واجبُ الأحدیّةِ
وتوسیعِک اللهم لی من رغائبٍ سعدتُ بها فی غِبطةٍ من معیشتی
وکم من غدرةٍ جاءتْ بها وشنائعٍ أتتْها وعِصیانٍ علیه استمرّتِ
وما صاعدٌ من طیبٍ وصوالحٍ رفعتَ بفضلٍ ربِّ من لَدُنیتی
وبیّن لسرّی یا مبینُ معارفًا شوارقُها من مطلع اللطف تُجْتَلَى
لقد طرقَتْنِی یا رحیمُ قوارعٌ غواشٍ کثیفاتٌ تبثُّ غواشیا
حیث صرف الکلمات (عصائب، عوارف، حواسر، غرائب، عجائب، رغائب، شنائع،صوالح، معارف ) وکان حقها المنع من الصرف؛ لأنها على صیغة منتهى الجموع، وقد وقعت هذه الکلمات عروضًا فی بحر الطویل، وقد اضطر الشاعر إلى صرفها جمیعًا لتستقیم له هذه العروض التی لا ینبغی أن تأتیَ إلا على زِنة (مفاعلن) المقبوضة ما دام البیت غیر مصّرع.
کما صرف العلم الذی على وزن الفعل فی قوله([105]):
ومن لی بأنْ یرضى لأمة أحمدٍ وقد سامَها بالخسف کلُّ کَنودِ
فقد صرف کلمة (أحمد) للعلمیة ووزن الفعل حتى تستقیم له عروض بحر الطویل.
و صرف العلم الأعجمی فی قوله: ([106])
وَصُبّ علیهم سوطَ منتقمٍ کما لعادٍ وفرعونٍ جرى وثمودِ
فقد صرف العلم الأعجمی (فرعون) لیستقیم له بحر الطویل.
ترک صرف ما لا ینصرف:
أجاز الکوفیون والأخفش ترک صرف ما ینصرف، وأباه سیبویه وأکثر البصریین، لأنه لیس یُحَاول بمنع صرف ما ینصرف أصل یُردّ إلیه. وأنشدوا فی ذلک أبیاتا کلها تتخرج على غیر ما أوّلوه، وتُنشد على غیر ما أنشدوه؛ فمن ذلک إنشادهم قول عباس بن مرداس السلمی:
فما کان حصنٌ ولا حابسٌ یفوقانِ مِرداسَ فی مَجْمَعِ
فلم یصرف مرداسا وهو أبوه، ولیس بقبیلة...([107])
ولم یرد منع المصروف فی شعر البهلانی إلا مرة واحدة فی قوله([108]):
بجعفرَ الطیارِ نورُ الشُّرَفا وبابن عباسٍ إمامِ مَنْ صفا
فقد منع جعفر من الصرف لإقامة الوزن.
قطع همزة الوصل:
صرّح النحاةُ بامتناع قطع همزة الوصل فی الدرج إلا لضرورة، وقد وصف ابن السَّرّاج هذه الظاهرة بالقبح بقوله: "ویقبح أن یُقطع ألف الوصل فی حشو البیت، وربما جاء فی الشعر، وهو ردیء"([109]).
کما عدّ ذلک الزمخشری خروجًا عن کلام العرب وقیاس استعمالها؛ إذ قال وهو بصدد الحدیث عن همزات الوصل: (وإثبات شیء من هذه الهمزات فی الدرج خروج عن کلام العرب ولحن فاحش؛ فلا تقل: الإسم، والإنطلاق، والإقتسام، والإستغفار، ومن إبنک؟، وعن إسمک، وقوله:
إذا جاوز الإثنین سرُّ |
من ضرورات الشعر"([110]).
وقد علّق ابن یعیش على الشاهد السابق الذی أورده الزمخشری بقوله: "فإنه أورده إذ کان ناقضًا لهذه القاعدة؛ إذ قد أثبت الشاعر الهمزة مع تقدم لام التعریف"([111]).
ویقع قطع همزة الوصل فی حشو البیت، وفی أوائل أنصاف الأبیات وقد استحسن النحاة وقوع ذلک فی أوائل أنصاف الأبیات، واستسهلوه عن وقوعه فی حشو البیت، قال ابن یعیش تعلیقًا على قول الشاعر:
لا نسب الیوم ولا خُلّة |
| إتسع الخرق على الراقع |
"فأثبت همزة القطع فی حال الوصل ضرورة، وهو- ههنا- أسهل لأنه فی أول النصف الثانی؛ فالعرب قد تسکت على أنصاف الأبیات وتبتدئ بالنصف الثانی فکأن الهمزة وقعت أولًا..."([112]).
وقد أکثر البهلانی من قطع همزة الوصل فی مواطن عدیدة من شعره، فی سبعة وستین موضعا ومن ذلک قوله([113]):
لقد هام أهل الإستقامة قبلنا بها فانتشوا بین الخلیقة هُیّما
فقد قطع همزة کلمة الاستقامة خضوعا لضرورة الوزن، حتى یستقیم له بحر الطویل، ولعله أراد أن یلفت الانتباه إلى أهمیة الاستقامة وکیف أن أصحابها یفوزون بسببها وینتشون بین الخلیقة، وأن لهم النعیم الدائم فی الآخرة، وقد استدعى ذلک الترکیز الصوتی بقطع همزة الکلمة والضغط علیها، بما یشعر المتلقی أنها مقصودة فی ذاتها.
وقوله([114]):
ربّ أشکو إلیک طاغیة فاکــ بته کبتا وابْهَلْهُ أعظم بَهْلِ
ربّ نکّل به وشدّد علیه وطأة الإنتقام فی غیر مهْــلِ
حیث قطع همزة الوصل فی کلمة (الانتقام) لغرض موسیقی؛ إذ لا یستقیم وزن بحر الخفیف فی البیت إلا بهذه المخالفة اللغویة، ویبدو لی أن قطع الهمزة فی البیت کان بمثابة التأکید على الانتقام من الطاغیة الذی یدعو علیه الشاعر ویبهله کل بهل، وکأن الشاعر بإعطائه الکلمة هذا الترکیز الصوتی الخاص یرید أن یؤکد على هذا المعنى.
ومن ذلک قوله: ([115])
واکسُنی من جلال إسمک یاألله قهرا محققا فیک ذلّی
حیث قطع همزة کلمة (اسم) وهی من الأسماء العشرة التی تکون همزتها همزة وصل، وقد أکثر الشاعر من قطع همزة هذه الکلمة، وخاصة حینما ترتبط بذات الله جل وعلا، وکأنه یرید أن یلفت الانتباه إلى جلال اسم الله بالترکیز الصوتی علیها إلى جانب استقامة الوزن.
وقوله: ([116])
بسوء الإختیار عصیت ربی وتلک قضیة منها أتوبُ
وصل همزة القطع:
همزة القطع هی ما تثبت فی الابتداء ولا تسقط فی الدرج، وقد ورد سقوطها فی النثر والنظم جمیعًا. وکلاهما غیر مقیس علیه، إلا عند الضرورة کما یقول ابن جنی فی باب حذف الهمز وإبداله ([117])، کما قد ورد حذفها فی جمیع أنواع الکلمة: فی الاسم، والفعل، والحرف، وفی شعر البهلانی نراه یوصل همزة القطع أربع عشرة مرة ؛ ومن ذلک قوله([118]):
ویا مالک الملک الذی بیمینه مفاتیحُ الاشیاء انتهتْ واستقرتِ
صِبغة الله صبغتی لک یا وا حدُ وجهی وحبل الاسلام حبلی
ولسانی یدعو وإخلاص قلبی تحت میزاب سرّ الاسماء یُملی
فقد حذف الشاعر الهمزة من (الأشیاء، الإسلام، الأسماء) فی الوصل مع أنها همزات قطع، وقد ساعد ذلک على ضبط الوزن فی الأبیات الثلاثة.
حذف نون لم (یکن) الملاقی للساکن:
النحاة على أن نون (یکن) إذا ولیها الألف واللام لم تحذف؛ لأن هذا موضع تحرک فیه النون، فلا نقول لم یک الرجل، والوجه أن یقال: لم یکن الرجل، إلا أن یضطر إلیه شاعر فیجوز ذلک على قبح واضطرار کما فی قول الشاعر:
لم یک الحق على أن هاجه رسمُ دار قد تعفّى بالسَّـــــــــــــــــرَرْ
غیّر الجدة من عِرفانــــــه خرَقُ الریح وطوفان المطرْ([119])
وقد ورد حذف نون لم یکن الملاقی للسکون فی شعر البهلانی مرتین فی قوله([120]):
سیدی إن یکُ اقْترافی عظیما فهْو فی حِلم الله عینُ الأقلِّ
فقد حذف الشاعر نون (یکن) مع أنها ملاقیة لسکون قاف اقترافی، وکان الوجه أن یقول: إن یکن اقترافی، وقد اضطره إلى ذلک ضرورة الوزن حتى یستقیم له الخفیف.
وفی قوله: ([121])
الله باسم الله یا ذا القوة اد فع کید خصمی ولیکُ النِّکْسُ الأذلْ
حذف نون لیکن مع أن ما بعدها ساکن لضرورة الوزن، کما أنه جمع إلى ذلک تخفیف المشدد فی القافیة للغرض نفسه.
إسکان المتحرک أو تسکین الفتحة من عین (فَعَل):
أجاز النحاة تسکین عین (فَعل)فی سَعَة الکلام؛ فیقال فی عَضُد: عَضْد، وفی نَمِر: نَمْر، أما تسکین عین (فَعَل) فمقصور على لغة الشعر، قال السیرافی: "ومن ذلک حذفهم الفتحة من عین (فَعَل)؛ کقولهم فی (هَرَب): (هَرْب)، وفی (طَلَب): (طلْب).
قال الراجز، أنشده الأصمعی:
على محالات عکسن عَکْسَا |
إذا تسدّاها طِلابًا غَلْسَا |
أراد: غَلَسَا.
ولیس ذلک وجهَ الکلام؛ لأن الفتحة غیر مستثقلة، وإنما یفعلون مثل ذلک فی الضمة والکسرة؛ کقولهم فی (فَخِذ): (فَخْذ)، وفی (عَضُد): (عَضْد). ولا یقولون فی (جَبَل) (جَبْل)...."([122]).
وقد وصف السیوطی هذا التصرف بأنه من أسهل الضرورات. قال: "والضرورة کقوله:
وَحُمِّلْتُ زفْرات الضحى فأطلقتها |
| ومالی بزفْرات العشىِّ یدانِ |
وهو من أسهل الضرورات"([123]).
وقد ورد إسکان المتحرک فی شعر البهلانی اثنتی عشرة مرة فی کلمات على وزن فَعَل، ومن ذلک قوله([124]):
واملأ بحبک قلبی واجتذب رمقی من بین أبحر أوهامی وغفْلاتی
والفاء فی غفلاتی مقابل نون (مستفعلن) فی الخفیف، ولا مَزْحَل عن إسکانها.
قوله([125]):
ووردی وصَدْری یا متین معوِّقٌ وحظیَ مقرون بشؤمٍ وخیبةِ
أراد صدَری بفتح الدال وهو الرجوع، فلم یتزن له بحر الطویل فاضطر إلى إسکان الدال المتحرکة مراعاة للوزن ؛ لأن الدال هی المقابل لألف (مفاعیلن) فی وزن بحر الطویل، ولا یمکن بحال تحریکها.
وقوله([126]):
فهب لی على الشیطان والنفس قدرة وإن لم تقدرنی فیا بؤس هَلْکتی
واللام فی (هلکتی) مقابل ألف (مفاعلن) فی ضرب الطویل، ولا محید عن تسکینها، کما تکررت هذه الکلمة للغرض نفسه فی قوله([127]):
أحطت بخطبی یا محیط وما انطوى علیه عِدائی من حبائل هلْکتی
وفی قوله([128]):
وحصنتنی من قوم سوء تحزَّبُوا عِزینَ على ضعفی صلابا لهلْکتی
ومن ذلک قوله([129]):
هو أنت الله العزیز الثنا عن سنة أو نوم وسهو وغَفْلِ
والفاء من (غفل) مقابل ألف (فاعلاتن) فی الخفیف، ولا معدل عن تسکینها.
وقوله([130]):
واسقنی من عین الحیاة بسرّ اســـ مک مُحْیی واجعله علّی ونهْلی
الهاء من نهْلی مقابل ألف (فاعلاتن) فی الخفیف، ولا مندوحة عن تسکینها.
وقوله: ([131])
سیدی إن أسرفت فی الذنب لا آ تی بخیر فتلک فعْلات مثلی
والعین من (فعلات) مقابل نون (مُتَفْعِلُنْ) فی الخفیف، ولا مهرب من إسکانها.
تحریک الساکن:
ورد تحریک الساکن فی شعر البهلانی مرتین فی قوله([132]):
تعززتَ یا حقَّ الجلالِ بما لهُ من الکبریا والمجد والسَّطَوِیَّةِ
والسطویة مصدر صناعی من السطْوة بسکون الطاء، ولکن الشاعر حرکها بالفتح لیستقیم له الوزن، فالطاء تقابل میم (مفاعلن) فی ضرب الطویل، ولا محیص من تحریکها.
وفی قوله([133]):
تعالیتَ لیستْ وَحدةُ الذات وَحدةً تؤول إلى التحدید والجُزُئیَّةِ
المعروف جزْئیة بسکون الزای، ولکن الشاعر حرکها اقتضاء للضرورة الوزن، حیث تقابل الزای میم مفاعلن فی ضرب الطویل، ولا معدى عن تحریکها.
وقوله: ([134])
اللهُ باسمِ الله حُلّ شدائدی یا قادرُ امحقها فقد ضاق الکبَلْ
اللهُ باسمِ الله جامع خلقه للقائه اجمعنی وعجِّلْ للشَمَلْ
استعمال بعض الحروف فی غیر مواضع استعماله:
لم یردْ هذا التصرف الأسلوبی إلا مرة واحدة فی شعر البهلانی فی قوله متحدثا عن الله: ([135])
هو أنت الله الذی لم یلد کلّا ولمَّا یُولدْ وینسبْ لأصلِ
فالمعروف أن (لمّا) تفید توقع الحصول، وهو ما ینسف المعنى؛ إذ لا یُتوقع ولادة الله، تعالى الله عن ذلک علوّا کبیرا، والصواب استعمال (لمْ) بدلا من لمّا، ولکن لمَّا لم ینقدْ له الوزن تمحَّل فی استعمال لمَّا.
تعدیة الفعل اللازم بغیر شروط التعدیة:
ثمة أفعال فی شعر البهلانی لازمة، ولکنه عدَّاها بغیر شروط التعدیة المعروفة کالهمزة وألف المفاعلة والتضعیف، ومن ذلک قوله: ([136])
وفی حکمةِ التخصیص سرُّ مُخصّصٌ لذاتک لا یقواهُ إدراکُ فطرةِ
أراد: لا یقوى علیه، ولکنه تصرف وعدّى الفعل وهو لازم بغیر وسائل التعدیة المعروفة.
وقوله أیضا:([137])
آها لنفسی لم أجدْها شاکرةْ لِنِعَمٍ باطنة وظاهرةْ
إلا إذا أَوْزَعْتَهَا ([138]) المبادرةْ وشکرُک الحقیقُ لا أقواهُ
أی لا أقوى علیه؛ لأن قوِی فعل لازم.
وقوله: ([139])
بقاءٌ قدیمٌ لا یُجَدِّدُهُ بَقَا ولا تَتَقَضَّاهُ قضایا الخلیقةِ
فالفعل تقضّى معناه فنی، وهو فعل لازم، ولکن الشاعر عدّاه بغیر وسائل التعدیة لیستقیم له وزن الطویل.
وقوله: ([140])
ولکنْ قصارى العبد شکوى یَبُثُّهَا إلیک ودمعٌ یَسْتَهِلُّ المآقیا
فالفعل استهل فعل لازم، تقول استهلّ المطر أی انصبّ وجرى، بید أن الشاعر عداه بنفسه.
والفعل أذنب فعل لازم، تقول: أذنبت فی حق الله، ولکنه عداه فی قوله: ([141])
أستغفرُ الله لذنب اختفى وکلّ ما أَذْنَبْتُهُ مُنکشفا
إسکان عین مَع:
جعل سیبویه إسکان عین مع من ضرورات الشعر فقال: "وسألت الخلیل عن مَعَکُمْ ومعَ لأی شیء نصبتها؟ فقال: لأنها استُعملت غیرَ مضافة اسما کجمیع ووقعت نکرة، وذلک قولک: جاءا معا وذهبا معا وقد ذهب معه، صارت ظرفا، فجعلوها بمنزلة: أمام وقدامَ. قال الشاعر فجعلها کهلْ حین اضطر، وهو الراعی:
وریشی منکمُ وهوای معْکم وإن کانت زیارتکم لِماما"([142])
وعلى حین جعل سیبویه إسکان عین مع من الضرورة، عدها کثیر من النحاة لغة ربیعة وغنم، یبنونها على السکون قبل متحرک، ویکسرون قبل ساکن([143])، ومهما یکن من أمر فقد ورد هذا التصرف فی شعر البهلانی مرتین فی قوله: ([144])
صلاةً وتسلیمًا علیه وآله وأصحابه معْ مخلصی التَّبَعِیَّةِ
وقوله: ([145])
غنیٌّ علیٌّ معْ لطیف وعدُّهُ ملیکٌ ووهَّابٌ فخذهُ مُفَصَّلا
الخاتمة:
- فی نهایة هذا التطواف مع شعر أبی مسلم البهلانی، حاولت تسجیل الظواهر اللغویة التی وردت فی شعره، وافقت آراء النحاة أو خالفتها.
- تسجیل بعض الظواهر العروضیة فی شعره، فنبهت على الأبیات التی ظهر فیها خلل موسیقی، أشار إلى بعضها العلامة المحقق، وأشرت أنا إلى بعضها الآخر.
- یمکننا القول إن أبا مسلم سار على ما سار غیره من الشعراء فی کثیر من الظواهر التی وجدناها عنده، کقصر الممدود ومدّ المقصور وصرف الممنوع ومنع المصروف.
- توسّع أبو مسلم فی صیاغة بعض الأفعال، مثل: إیراده بعضَ الأفعال المتعدیة على غیر قیاس أو سماع عن العرب کأنْ یتصرف بتعدیة الفعل اللازم بغیر شروط التعدیة کتعدیته الفعل أقوى والفعل تَقَضَّى، والفعل استهلّ، والفعل أذنب.
- خروج أبی مسلم بهذه الظواهر اللغویة عن نظام القواعد المعیاریة التی وضعها النحاة، کان مظهرا من مظاهر الترخص لأغراض کان جُلُّها إیقاعیا، وبعضها کان لأغراض دلالیة حاولت إبرازها اعتمادا على فهمی للتراکیب.
- نستطیع أن نقول إن لأبی مسلم لغةً خاصة کما أن للشعر العمانی لغتَهُ الخاصة.
- کنت حریصا على عرض ظواهر أبی مسلم تلک على آراء النحاة واللغویین ومعرفة ما وافق وما خالف مع محاولتی ما وسعنی ذلک تفسیر تلک الظواهر دونما تعسف أو تمحّل.
- الذی أرجوه هو دراسة أکبر قدر من الشعراء لوصف إنتاجهم الشعری ألسنیا، ثم وصف اللغة وتقدیم دراسة علمیة لها؛ باعتبار أن الشعر هو فنّ العربیة الأوّل، حتى وإن کان قد تعرض نفرٌ من الباحثین لمثل هذه الظواهر فی شعر شعراء آخرین.
الهوامش والإحالات:
[1] مقدمة المحقق ص (و).
[2] دیوان البهلانی، تح: علی النجدی ناصف، ط2، سلطنة عمان، وزارة التراث القومی والثقافة، 1412هـ، ص16.
[3] دیوان البهلانی، ص20.
[4] بدوی، عبده، دراسات فی النص الشعری - العصر العباسی ط2، الریاض، دار الرفاعی 1405هـ- 1984م، ص116.
[5] القرطاجنی، أبو الحسن حازم: منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تح: محمد الحبیب بن الخوجة، دار الکتب الشرقیة، ص266 .
[6] منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص269 .
[7] دیوان البهلانی، ص38.
[8] دیوان البهلانی، هامش ص38.
[9] دیوان البهلانی، ص49.
[10] نفسه، ص58.
[11] نفسه، ص82.
[12] التبریزی، الخطیب، الوافی فی العروض والقوافی ط 4، دمشق، دار الفکر، 1407هـ، ص41.
[13] دیوان البهلانی، ص116.
[14] نفسه، ص168.
[15] نفسه، ص204.
[16] نفسه، ص275.
[17] ابن یعیش، شرح المفصل جـ 6/ 95.
[18] دیوان البهلانی، ص 184.
[19] نفسه، ص185.
[20] السیوطی، همع الهوامع جـ 2/ 278.
[21] دیوان البهلانی، ص 202.
[22] ابن یعیش، شرح المفصل ، بیروت، عالم الکتب، جـ 3، ص 10 ص11.
[23] دیوان البهلانی، ص 29.
[24] نفسه، ص 161.
[25] من الآیة 3/ سورة ص .
[26] ابن یعیش، شرح المفصل جـ 2/ 116.
[27] دیوان البهلانی، ص 69.
[28] الألوسی، الضرائر، ص43 ص44.
[29] دیوان البهلانی، ص 177.
[30] نفسه، ص 178.
[31] نفسه، ص 180.
[32] دیوان البهلانی، ص 183.
[33] نفسه، ص 184.
[34] نفسه، ص 189.
[35] نفسه، ص 204.
[36] نفسه، ص 277.
[37] ابن یعیش، شرح المفصّل، جـ7/ 116-118، وابن عقیل، شرح ألفیة ابن مالک جـ1/ 301.
[38] سیبویه، الکتاب ط1 ، تح: عبد السلام هارون، بیروت، دار الجیل جـ 3/ 158.
[39] دیوان البهلانی، ص 19 ص20.
[40] نفسه، ص 239.
[41] نفسه، ص244.
[42] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ط1، 1980م، تح: السید إبراهیم محمد، القاهرة، دار الأندلس، ص 265 ص266.
[43] دیوان البهلانی، ص 205.
[44] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 205.
[45] دیوان البهلانی، ص 172.
[46] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 69.
[47] دیوان البهلانی، ص 175.
[48] ابن یعیش، شرح المفصل جـ9، 2.
[49] السیرافی، ضرورة الشعر، ط1 1985، تح: د. رمضان عبد التواب، بیروت، دار النهضة العربیة ص116، وانظر کذلک، ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص160.
[50] دیوان البهلانی، ص110.
[51] نفسه، ص 125.
[52] نفسه، ص 205.
[53] نفسه، ص 57.
[54] نفسه، ص 90.
[55] الألوسی، الضرائر وما یسوغ للشاعر دون الناثر، ص 39 ص 40.
[56] ابن عصفور، ضرائر الشعر ص 118 ص 119، وانظر کذلک السیرافی، ضرورة الشعر، ص 92 - 97، والأشمونی، شرح الأشمونی على الألفیة جـ2/412.
[57] دیوان البهلانی، ص 44.
[58] نفسه، ص 51.
[59] نفسه، ص 52.
[60] نفسه، ص 56.
[61] نفسه، ص 292.
[62] قف على خلاف النحاة حول هذه المسألة فی کتاب (الإنصاف فی مسائل الخلاف) لابن الأبناری جـ2/259- 265، وانظر کذلک ضرائر الشعر لابن عصفور، ص 38 - 42.
[63] ابن السرّاج، الأصول، ط4، 1420هـ، تح: عبد الحسین القتلى، بیروت، مؤسسة الرسالة، جـ4/447.
[64] السیرافی، ضرورة الشعر، ص 99.
[65] الأشمونی شرح الأشمونی على الألفیة، القاهرة، دار إحیاء الکتب العربیة، جـ2/413.
[66] ابن هشام، أوضح المسالک، تح: محمد محیی الدین عبد الحمید، بیروت، المکتبة العصریة، جـ4/297.
[67] دیوان البهلانی، ص44.
[68] نفسه، ص 92.
[69] نفسه، ص 206.
[70] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 22.
[71] دیوان البهلانی، ص 98.
[72] نفسه، ص 142.
[73] نفسه، ص 147.
[74] نفسه، ص 276.
[75] نفسه، ص 151.
[76] نفسه، ص 190.
[77] نفسه، ص 106.
[78] نفسه، ص 112.
[79] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص51 - 53.
[80] نفسه، ص 93.
[81] دیوان البهلانی، ص 181.
[82] نفسه، ص 188 - 272.
[83] سورة البقرة آیة 278.
[84] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص88 ص89.
[85] دیوان البهلانی، ص 188.
[86] نفسه، ص 272.
[87] الألوسی، الضرائر، ص 93.
[88] دیوان البهلانی، ص 82.
[89] نفسه، ص 91.
[90] نفسه، ص 264.
[91] دیوان البهلانی، ص 90.
[92] الألوسی، الضرائر، ص 203 ص204.
[93] دیوان البهلانی، ص 85.
[94] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 135.
[95] دیوان البهلانی، ص 190.
[96] نفسه، ص 279.
[97] نفسه، ص 179.
[98] نفسه، ص 226.
[99] نفسه، ص294 ص 295.
[100] السیرافی، ضرورة الشعر، ص 39 ص40
[101] من الآیتین 4، 15 من سورة الدهر.
[102] الرضی، شرح الرضی على الکافیة، جـ1، ص106 ص107.
[103] ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 24.
[104] دیوان البهلانی، ص29، 53، 67، 88، 108، 109، 111، 139، 148.
[105] نفسه، ص 168.
[106] نفسه، ص 172.
[107] السیرافی، ضرورة الشعر، ص 43 ص44.
[108] دیوان البهلانی، ص 193.
[109] ابن السراج، الأصول، جـ3/447.
[110] ابن یعیش، شرح المفصل، جـ9/137
[111] نفسه، جـ9/137.
[112] نفسه، جـ9/138
[113] دیوان البهلانی، ص 3.
[114] نفسه، ص 133.
[115] نفسه، ص 123.
[116] نفسه، ص 273.
[117] ابن جنی، الخصائص جـ3/149، انظر کذلک ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص 100، الألوسی، الضرائر، ص 93.
[118] دیوان البهلانی، ص 80، 123، 135.
[119] الألوسی، الضرائر ،ص 79.
[120] دیوان البهلانی، ص 131.
[121] نفسه، ص 281.
[122] السیرافی، ضرورة الشعر، ص118، ابن عصفور، ضرائر الشعر، ص84 - 87، ابن جنی، الخصائص، جـ2/338.
[123] السیوطی، همع الهوامع، جـ1/84.
[124] دیوان البهلانی، ص 4.
[125] نفسه، ص 56.
[126] نفسه، ص 69.
[127] نفسه، ص 92.
[128] نفسه، ص 108.
[129] نفسه، ص 121.
[130] نفسه، ص 124.
[131] نفسه، ص131.
[132] نفسه، ص 56.
[133] نفسه، ص 66.
[134] نفسه، ص 278 ص279.
[135] نفسه، ص 121.
[136] نفسه، ص 26.
[137] نفسه، ص 233.
[138] جاءت هذه الکلمة فی الدیوان مشکولة هکذا (أوْزَعَتْها) وضبطها بهذه الصورة یکسر الوزن، والغریب أن العلامة المحقق قال فی الهامش: أوزعتها: أغرتها؛ مما یعنی أنه جعل فاعل هذا الفعل هو المبادرة، ومعنى ذلک أنه تعمد ضبط الکلمة بهذه الصورة، ولا یستقیم الوزن إلا بجعل التاء فی أوزعتها تاء الفاعل، ولیس تاء التأنیث، وجعل المبادرة مفعولا به ثانیا.
[139] دیوان البهلانی، ص 89.
[140] نفسه، ص 150.
[141] نفسه، ص 216.
[142] سیبویه، الکتاب، جـ3/ 287.
[143] المرادی، الجنى الدانی، ص 305.
[144] دیوان البهلانی، ص 117.
[145] نفسه، ص 145.
المصادر والمراجع:
1. الأصول فی النحو لأبی بکر محمد بن سهل بن السَّرَّاج، تحقیق: عبدالحسین القتلی. مؤسسة الرسالة. الطبعة الرابعة 1420هـ - 1999م.
2. الإنصاف فی مسائل الخلاف بین النحویین: البصریین والکوفیین. تألیف الشیخ أبی البرکات عبد الرحمن بن محمد بن أبی سعید الأنباری. تحقیق: محمد محی الدین عبد الحمید. دار الطلائع. القاهرة.
3. أوضح المسالک على ألفیة ابن مالک. تحقیق: محمد محیی الدین عبد الحمید، المکتبة العصریة، بیروت.
4. الخصائص صنعة أبی الفتح عثمان بن جنی. تحقیق: محمد علی النجار، مطبعة الکتب المصریة، 1952م.
5. دراسات فی النص الشعری العصر العباسی، ط2، د. عبده بدوی، الریاض: دار الرفاعی، 1405هـ- 1984م.
6. دیوان أبی مسلم البهلانی، للشاعر ناصر بن سالم بن عدیم الرواحی، تحقیق: علی النجدی ناصف، وزارة التراث القومی والثقافة، سلطنة عمان، الطبعة الثانیة 1412هـ - 1992م.
7. رصف المبانی فی شرح حروف المعانی للمالقی، تحقیق: أحمد محمد الخرّاط، مطبوعات مجمع اللغة العربیة بدمشق.
8. شرح الأشمونی على ألفیة ابن مالک ومعه شرح الشواهد للعینی، دار إحیاء الکتب العربیة، القاهرة.
9. شرح التصریح على التوضیح للشیخ خالد الأزهری، دار إحیاء الکتب العربیة، القاهرة.
10. شرح الرضی على الکافیة، تصحیح وتعلیق: یوسف حسن عمر.
11. شرح شافیة ابن الحاجب للرضی الإستراباذی، تحقیق: محمد نور الحسن، ومحمد الزفراف، ومحمد محی الدین عبد الحمید، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1395هـ - 1975م.
12. شرح ابن عقیل على ألفیة ابن مالک، تحقیق: محمد محیی الدین عبد الحمید- المکتبة العصریة، بیروت، طبعة 1419هـ - 1998م.
13. شرح المفصل لموفق الدین یعیش بن علی بن یعیش، عالم الکتب، بیروت.
14. الصاحبی فی فقه اللغة العربیة ومسائل وسنن العرب فی کلامها لأبی الحسین أحمد بن فارس، تحقیق: د. عمر فاروق الطباع، مکتبة المعارف، بیروت الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م.
15. ضرائر الشعر لابن عصفور الإشبیلی، تحقیق: السید إبراهیم محمد، دار الأندلس، الطبعة الأولى، ینایر 1980م.
16. ضرورة الشعر لأبی سعید السیرافی، تحقیق: د. رمضان عبد التواب، دار النهضة العربیة، بیروت، الطبعة الأولى، 1985م.
17. الکتاب لسیبویه، تحقیق: عبد السلام هارون، دار الجبل، بیروت، الطبعة الأولى.
18. مغنی اللبیب عن کتب الأعاریب لابن هشام الأنصاری، تحقیق: محمد محیی الدین عبد الحمید، المکتبة العصریة، بیروت.
19. مقالات فی اللغة والأدب، جـ 1 د. تمام حسان، معهد اللغة العربیة بجامعة أم القرى، مکة المکرمة 1985م.
20. منهاج البلغاء وسراج الأدباء، لأبی الحسن حازم القرطاجنی ،تحقیق : محمد الحبیب بن الخوجة، دار الکتب الشرقیة.
21. نظریة اللغة فی النقد العربی، د. عبد الحکیم راضی، مکتبة الخانجی بالقاهرة.
22. همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع للسیوطی، تحقیق: أحمد شمس الدین، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الثانیة، 1427هـ - 2006م.
23. الوافی فی العروض والقوافی للخطیب التبریزی، تحقیق: د. فخر الدین قباوة، دار الفکر دمشق، الطبعة الرابعة، 1407هـ -1986م.