النسق المضمر في الأمثال الشعبیة العمانیة

الباحث المراسلخالد المعمری طالب دكتوراه بجامعة السلطان قابوس

Date Of Publication :2022-11-13
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

تُعدُّ الأمثال مرآةً تعکسُ ثقافات الشعوب، وصوتاً یدلُّ على فکرها، وتاریخ حضارتها، وتجربة حیاتها لما تُقدّمه من صورةٍ حیّةٍ للمجتمعات، یتم تناقلها تاریخیاً من السلف إلى خلفهم مقدّمین فیها عصارة تجاربهم التی عاشوها، وحکمتهم التی خبروها فی واقع حیاتهم الیومی.

إنّ الأمثال فی مبناها الترکیبی لیست قولاً تردّدُه الألسنة فقط، بل هی صورةٌ حیّةٌ لواقع مَعِیش، وصورةٌ لتجربةٍ فریدة مرَّ بها المجتمع یُرادُ من طریقها الوقوف على هذه التجارب والاستفادة منها؛ بهدف تکوین مجتمع واعٍ قائم على المشارکة والاستفادة من تراکم الخبرات الطویلة. إنّ شأن الأمثال شأنُ کثیر من النصوص الإبداعیة ینبغی الوقوف على خطابها، وإعادة قراءته، وتفکیک أنساقه المضمرة؛ فهی تضم داخلها أنساقاً ینبغی الکشف عن مدلولاتها الثقافیة، والوقوف على المسکوت عنه مجتمعیا، إذ إنها صورة واضحة دون غیرها على صدق الواقع المعیش، ففی الخطاب الشعبی للمثل تتضح الصورة القابعة فی الذات الإنسانیة، المتجذّرة فی بواطنها، التی اختبأت داخلها زمنا مکوِّنةً صورة المجتمع/ الفرد بما یحمله من تناقضات الحیاة والفکر والفلسفة تجاه ذاته والآخر، وعلیه فإنّ المثل أهمُّ ناقلٍ للمضمر النسقی فی الحیاة الاجتماعیة.

أهمیة الأمثال:

نظراً لأهمیة الأمثال عند الشعوب فقد حفلتْ مصادر الأدب العربی باستقصاء الأمثال وحصرها وذکر نشأتها وتحلیل مصادرها، ویمکن الوقوف على بعض هذه المصادر مثل: کتاب مجمع الأمثال للمیدانی الذی جمع من الأمثال فی کتابه قرابة ستة آلاف ونیف[1]، وکتاب المستقصى فی أمثال العرب للزمخشری الذی یُحکى أنّ مؤلفه بعدما ألّفه "اطّلع على مجمع الأمثال للمیدانی، فأطال نظره فیه، وأعجبه جداً، ویقال: إنه ندم على تألیفه المستقصى؛ لکونه دون مجمع الأمثال فی حسن التألیف والوَضع وبسط العبارة وکثرة الفوائد".[2] وکتاب العقد الفرید الذی خصص لها فصلا أسماه (الجوهرة فی الأمثال)، وعدَّ الأمثال فیها بأنها "أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة"،[3] وکتاب جمهرة الأمثال لأبی هلال العسکری. ومن الکتب الحدیثة أیضا کتاب موسوعة أمثال العرب لامیل بدیع یعقوب، فضلا عن الدراسات العدیدة التی نشرتها المجلات والدوریات الثقافیة.

وتتحدّدُ أهمیة الأمثال کونها تجربة تمثل حیاة الشعوب، نُقِلت إلینا للاستفادة من قیمتها وتجربتها، ویتم تناقلها جیلا بعد جیل، ناقلین معها أهمیتها الثقافیة والاجتماعیة وفکرها القائم على الحکمة والاسترشاد بتوجیهات الآخرین. ورغم أنّ الأمثال قصیرة فی مبناها الترکیبی؛ فإنّ لها دوراً کبیراً ومهماً فی نشر الفائدة، ونقل التجربة بین الناس؛ وذلک لسهولة انتشارها بین الناس وحُسْن ترکیبها البلاغی والدلالی.

والجدیر بالذکر أنّ من الأمثال ما هو مختص ببلد معین وشعب معین، ومنها ما هو مشترک بین بلدان وشعوب مختلفة؛ وذلک عائد إلى الاطلاع الواسع على ثقافات الشعوب الأخرى، ونقل تجاربهم وخبراتهم وأصواتهم، وإلا کیف یمکن لنا قراءة المثل نفسه مع تغیّر بسیط فی ألفاظه بین بلدان متباعدة وشعوب مختلفة، أضف إلى ذلک تغیّر اللهجات بین بلد وآخر یؤدی إلى تغیر فی لفظ المثل نفسه، فعلى سبیل المثال نجد المثل العمانی یقول: "نار الزوج ولا جنّة الحبّان (الأهل)، ومن نظائره الشعبیة کما یورد مؤلف أقوال عمان: ناره ولا جنة أهلی (الکویت)، نار جوزی ولا جنة أبویا (مصر ولبنان)، نارک ولا جنة غیرک (سوریا)، ناره ولا جنة غیره (العراق)".[4]

الأمثال: تعریفها، خصائصها الفنیة:

تُشتَقُّ الأمثال لغویاً من الجذر (م ث ل)، ویعرّف الفیروزآبادی المثل بأنّه الشبیه وجمعه أمثال، وتمثّلَ بالشیء: ضَرَبَهُ مثلاً.[5] وفی المعجم الوسیط، "المثال: القالب الذی یُقدَّرُ على مِثْلِهِ، والمِثْلُ: الشبه والنظیر، والمَثَل: جملة من القول مقتطعة من کلام، أو مرسلة بذاتها، تُنقلُ ممن وردت إلى مُشابِهِهِ دون تغییر".[6] وقال المبرد: "المَثَلُ مأخوذٌ من المثال"،[7] وعلیه فإنّ الدلالة اللغویة للمثل تأتی بمعنى الشبیه أو المشابهة؛ أی أنه لفظٌ لحادثةٍ معینة یتم تکراره کلما تکرّرتْ حادثة (مشابهة) لتلک الحادثة، باللفظ ذاته الذی یشیر إلى الحادثة.

ویُعرّف المثل اصطلاحا بأنّه "عبارة موجزة یستحسنها الناس شکلاً ومضموناً فتنتشرُ فیما بینهم، ویتناقلها الخلف عن السلف دون تغییر، متمثلین بها، غالبا، فی حالات مشابهة لما ضُرِبَ لها المثل أصلا وإن جَهُلَ هذا الأصل".[8]

ویتمیز المثل بخصائص عدّة تُحدّدُ بناءه الترکیبی، ومن هذه الخصائص قِصَرُ لفظه، والإیجاز، والسجع. وهی خصائص تمیّزُ المثل دوناً عن غیره من الأجناس الأخرى، ولعلّ من أهم الخصائص التی یتّسمُ بها المثل إصابتُهُ للمعنى المراد، وقربُهُ من الحقیقة المنشودة. وقد جمع إبراهیم النظّام هذه الخصائص حین قال: "یجتمع فی المثل أربعة لا تجتمعُ فی غیره من الکلام: إیجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبیه، وجودة الکنایة؛ فهو نهایة البلاغة".[9]

ولقد شبّه الشاعر الإنجلیزی تینسون  Tennysonالأمثال بالجواهر، لقیمتها الفنیة بین الشعوب، فقال: "إنها جواهر ترمی بلآلئها الأخاذ فی خضم الأبدیة من فوق أنامل الزمان الممدودة".[10] وقد جمع امیل بدیع یعقوب الأمثال التی عَرَفها العرب فی ثلاثة أنواع، هی: المثل السائر، والمثل القیاسی، والمثل الخرافی.[11] إلا أن ما یتقارب مع المثل الشعبی العمانی من تلک الأنواع هو المثل السائر.

وبالنظر فی التراث الشعبی العمانی نجد أنّ السابقین قد اهتموا بالأمثال شأنهم فی ذلک شأنُ غیرهم من الشعوب، فقاموا بصیاغتها ونقلها شفهیا وفقا لتجارب حیاتهم الیومیة، فکانت الأمثال معبّرةً عن حیاتهم وتاریخهم وثقافتهم ونظرتهم إلى الحیاة. کما تنوعت دلالات الأمثال وفقا لتنوع مضامینها وتجاربها، وتنوع قائلها وتجربته الشخصیة فی الحیاة، فنجد المثل الذی یشیر إلى طوائف وأجناس مختلفة، مثل: البدو والحضر والزط والعبید وغیرهم، والمثل الذی یتضمن الفائدة المستخلصة من الواقع المعیش، ونجد کذلک الأمثال المرتبطة بالمرأة، والمرتبطة بالحیوانات. ولا شکّ أنّ هذا التنوع له أهمیته فی التعرف على الثقافة الخاصة بالمجتمع آنذاک، کما له أهمیته فی التعرف على المنجز الثقافی والاجتماعی والتعددیة الحضاریة فی المجتمع، "فالباحث المدقق یستطیع معرفة عقلیة الأمة کما تبدو فی أمثالها أکثر مما یستطیعه إذا اعتمد على آراء الشعراء وروایات القصاصین".[12]

کما تجدر الإشارة إلى أنه یوجد تداخلٌ فی المضمون الداخلی للأمثال مع مضمون فنّ المیدان الشعبی العمانی،[13] إذ یقوم المیدان، إضافة إلى قصر ألفاظه المکونة من بیتین شعریین موجزین أو ثلاثة أو أکثر، على إصابة المعنى المراد، واعتماده على التوریة التی یقابلها الحکمة فی المثل. ویراد من التوریة فی المیدان التشبیه فی دلالتها بواقعة مماثلة حدثت من قبل، وفی هذا التداخل ما یدلّ على تقارب الأمثال والحکم مع غیرها من الموروثات الشعبیة، وأنّ الإنسان بطبعه جزء من ثقافته، وثقافة المکان الذی یسکنه وأنه یترجم لمشاهداته الیومیة فی إطار أدبی/ ثقافی عام ویتم نقله إما شفهیاً أو کتابیاً على مرّ التاریخ.

بناء المثل العمانی وترکیبه:

لا تختلف الأمثال الشعبیة العمانیة[14] فی ترکیبها عن الأمثال فی المجتمعات الأخرى؛ إذ تتمیز جمیعها بِقِصَرِ ألفاظها، واتساع دلالاتها ومعانیها، وإصابتها للمعنى المقصود، واهتمامها بالسجع مع احتوائها للحکمة داخل منظومتها الترکیبیة. إلا إنّ المتأمل فی الأمثال الشعبیة العمانیة یستوقفه أمران اثنان فی ترکیبها العام:

الأمر الأول: تأنیث ألفاظ کثیر من الأمثال باستعمال الخطاب الموجه إلى الأنثى، رغم أنّ الخطاب فی أکثره موجّه إلى المذکّر؛ ویمکن استعمال دلالاته بصیغ التذکیر، أو أن حادثة المثل وقعت لشخص مذکر، فلا توجد دلالة خاصة لمخاطبة أنثى دون الذکر، وهذا یدفعنا للبحث فی مثل هذا الاستعمال، ومن ذلک الأمثال الآتیة:

- "محمولة وتترفّس".[15]

- "شالّنها السیل وتصیح العطش".[16]

- "یوم ما ترومیله ردّیله غوازیه".[17]

- "یوم ما عرفتْ تلعب قالتْ الملعب ضیّقْ".[18]

- "الغرقانة ما تبالی بالطّشّ".[19]

إنّ الأمثال السابقة تأخذ فی ترکیب خطابها دلالة اللفظ المؤنث، کما أنه یجوز استبدال الخطاب فیها بصیغة التذکیر، فما دلالة استعمال اللفظ المؤنث هنا وفی غیرها؟ إنه على الأغلب وفی مثل هذه الأمثال التی یکون فیها المخاطب یحمل دلالة الضعف، وقلّة الحیلة فإنه یتم تشبیهه بالأنثى ومخاطبته بصیغة التأنیث، وهذا فی حدّ ذاته نسق مضمر انطوى علیه الخطاب سیتم تناوله فی الدراسة لاحقا.

الأمر الثانی: التصرف فی المثل وتغییر بعض ألفاظه تغییراً لا یستقیم مع خاصیة السجع أو مع المعنى العام للمثل. هذا التغییر یقابله تغییر فی الحادثة الأصل للمثل فی المجتمع الذی قیل فیه، ومن ذلک المثل الشهیر: "عادتْ حلیمة لعادتها القدیمة"، إذ تمّ تغییر اسم حلیمة فی المثل العمانی إلى "رجعتْ حمیدة على عادتها القدیمة"،[20] إنّ لفظ حمیدة یُخالف الدلالة السجعیة فی المثل، فحمیدة تخالف القدیمة فی السجع، وتناسبها لفظ حلیمة التی هی فی أصل المثل العربی.

إنّ عملیة التغییر هنا خاضعة لعامل الزمن الذی یتم فیه تناقل الأمثال، وما یحدث فیه من تصحیف وتحریف وتغییر لألفاظه وفق أحداث الواقعة الجدیدة، فحمیدة ربما هی امرأة أخرى ینطبق علیها المثل السابق، فأُسقط المثل علیها، وحدث تغییر الاسم فی لفظ یشابه الحادثة الجدیدة، وجرى المثل إلى الیوم بلفظه الآخر.

الأمثال وفعل النسق:

عند الحدیث عن الأنساق الثقافیة فی الخطاب، فإنّه من الضروری الوقوف على تجربة عبدالله الغذامی فی حدیثه عن النسق المضمر  Lmplied Patterns ضمن مشروع النقد الثقافی  Cultural Criticism. ولقد استفاد الغذامی من مشروع النقد الثقافی لدى الناقد الأمریکی فنسنت. ب. لیتش Vincent B Leitch وعمل على تطویره، وتطبیق أدواته على المنجز الثقافی العربی فی محاولة لکشف الأنساق المضمرة فی الخطاب الثقافی، فجاء کتابه (النقد الثقافی)[21] الصادر فی طبعته الأولى عام 2000، قراءةً فی الأنساق المضمرة للخطاب الثقافی العربی، عمل من طریقه على إعادة قراءة الشعر العربی، والکشف عن مضمرات الخطاب فیه.

لقد أحدث کتاب الغذامی إشکالاً فی مجال الدراسات النقدیة، وصداماً مع عدد من دارسی الأدب والنقد، لا سیما عند دعوة الغذامی إلى موت النقد الأدبی وإحلال النقد الثقافی بدیلاً عنه، فانبرى له غیر واحد من النقاد مفنّداً هذه الدعوة، داحضاً الآراء التی جاء بها الغذامی فی کتابه. ولعلّ أول من ردّ على الغذامی ووضّح الخطأ الذی اعترى آراءه هو عبدالنبی اصطیف فی الکتاب المشترک بینهما (نقد ثقافی أم نقد أدبی؟) إذ ردَّ فیه على الغذامی قائلاً: "إنّ لکل من "النقد الأدبی" و"النقد الثقافی" وظائف خاصة به، وقد یستعین أحدهما بأدوات الآخر التحلیلیة، أو باستبصاراته، ولکنه لا یفکر لحظة فی التنحی وإفساح المجال له لیأخذ مکانه ویؤدی وظائفه الخاصة به؛ لذا فلیس ثمة حاجة إلى خلق هذا التنافس الجذری بین هذین النشاطین المهمین، بل الحیویین، لتدبّر الإنتاج الأدبی والثقافی فی المجتمعات الحدیثة، الغربیة والعربیة على حد سواء".[22]

وردَّ سعید علّوش أیضا على الغذامی فی کتابه (نقد ثقافی أم حداثة سلفیة؟) وشنَّ هجوماً لاذعاً علیه فی إطار دعوة الأخیر لموت النقد الأدبی، یقول علّوش: "فالمصادر الأساسیة المنظّرة للنقد الثقافی لم تجد فیه بدیلاً للأدبی بقدر ما وجدت فیه نقطة اهتمام تکشف عن بعض التعقیدات فی تفرد أعمال بحالات وأغراض وأحداث"،[23] وقوله: "وإذا کان ناقدنا الثقافی یجعل من نقده بدیلا عن النقد الأدبی، فهل نجحت الدعوى فی الغرب إذ ظهر النقد الثقافی دون تجریم وتحریم وتعییب وسقطات، دون أن یحتلّ مکانه النقد الأدبی أو یلغیه؟".[24]

لقد اشتغل الغذامی فی کتابه على فکرة النسق المضمر، فأصّل لهذه الفکرة، إلا أنه لم یضع لفکرة النسق أی مفهوم محدّد یمکن للباحث أن یتلمّس خطاه، ویقف على حدوده، الأمر الذی دفع بالنقاد أنْ یردّوا علیه مرة أخرى، یقول عبدالنبی اصطیف: "فقد قبلتُ اجتهاد الصدیق الدکتور عبدالله الغذامی، وناقشتُهُ ضمن إطاره المرجعی، وبیّنتُ ما اعتور منطلقاته الناجزة من ثغرات، کما وضّحتُ ما وقع فیه من إشکالٍ منهجی عندما اختزل النقد الثقافی بمهمة البحث عن النسق، الذی أضافه عنصراً سابعاً إلى أنموذج رومان جاکبسون فی الاتصال اللغوی، دون أنْ یعرّفه، أو یوضّح سبل البحث عنه وفیه، ثم مضى بعیداً عن النقد الثقافی مثلما افترق عن مستن مساراته/ دروبه فی المشهد النقدی العالمی".[25] ومن ذلک، فإنّ تناول النسق وفق رؤیة الغذامی له أصبح یحیل على أزمة فی تناول المصطلح، وقد ردَّ عبدالقادر الرباعی على آراء الغذامی فی تعریفه للنسق، وعدَّ وظیفة النسق وظیفة افتراضیة غیر محدّدة وغیر ملزمة لأحد.[26]

وإذا اعتبرنا النسق هو مجموعة النظم أو الأفکار التی تسرَّبتْ إلى العقل الجمعی والفکر الإنسانی بوعی أو دون وعی، فإن النسق قد عمل على إیجاد منظومة فکریة تلاقحت طیلة أزمان طویلة وتقاطعت مع السلطة والثقافة والعادات لتأسیس فعلٍ ثقافی یقیم علاقاته فی المجتمع. إنّ هذا النسق/ الأفکار مضمرة داخل الخطاب، ولا یمکن الکشف عنها إلا بإعادة قراءة لهذا المنتج/ الفکرة وتحدید مضمراته وفک شفراته.

لقد جعل الغذامی من الأنساق المضمرة مرکزاً لمشروعه فی النقد الثقافی، فأضاف عنصراً سابعاً إلى أنموذج جاکبسون، وعمل فی البحث عن دلالاته فی الخطاب؛ مما جعل جلّ مشروعه قائماً علیه، وهو ما أحدثَ ردّة فعل لدى النقاد عند تناولهم مشروع الغذامی النقدی.

إنّ دلالات الخطاب فی الأمثال تتشابه فی دلالات الخطاب فی النصوص الأخرى؛ نظراً لما ینطوی علیه الخطاب من أنساق مضمرة تختبئ داخله، بل إنّ الأمثال أکثر الأجناس جمعاً لهذه الأنساق؛ کونها مرتبطة ارتباطاً مباشراً ووثیقاً بالتراث والثقافة والمجتمعات وسلوک الأفراد والحیاة الاجتماعیة، وبذلک نوّه الغذامی عن تجمّع هذه الأنساق بخاصة فی الأمثال حین قال: "وأشدّ أنواع هذه الحیل مکراً هی فیما نجده فی (الأمثال) وفی (الأساطیر)".[27] لذا فإنَّ مهمة الکشف عنها مهمة تتسم بالمشقة؛ إذ ینبنی علیها الکشف فی الخطاب الثقافی الشعبی للمجتمعات، ومحاولة إبراز العیوب التی اختبأت طویلاً فی الفکر، وعملت على تشکیل صورة ثقافیة للمجتمع والأفراد والمؤسسات والبیئة الاجتماعیة.

إنّ المتأمل فی الأمثال الشعبیة العمانیة، على سبیل المثال، یدرک أنها عملت على ضم العدید من الأنساق المضمرة؛ وذلک واضح فی بنیة المثل وترکیبه الأسلوبی، والرمز الذی یتحرک داخله، کل ذلک یُحیلُ على أنّ الثقافة فی مضمونها تشتغل فی بناء أسسها على الفکر العمیق لمنظومة الأفراد.

إنّ محاولة الکشف عن هذه الأنساق فی خطاب الأمثال الشعبیة هو کشفٌ عن الصورة التی تسرّبتْ إلى الذات الجمعیة فی المجتمع العمانی، ووقوفٌ على الحیاة الاجتماعیة، ومحاولة إیجاد تغیّر واضح فی مسار الثقافة الشعبیة العمانیة.

تمثّلات الأنساق الثقافیة فی الأمثال الشعبیة العمانیة:

یمکن تناول الأنساق المضمرة فی خطاب الأمثال الشعبیة الثقافیة من زاویتین اثنتین:

الأولى: أنساق متعلّقة بالمرأة، وتکوینها البیولوجی، وعلاقتها بالآخر: الفرد/ المجتمع، وما علیه وجودها من تهمیش وهیمنة وإقصاء.

الثانیة: أنساق متعلقة بالمجتمع، تعکس صورته المختبئة داخل الخطاب الجمعی.

أولاً: أنساق المرأة:

تُعدُّ المرأة النصف الآخر فی المجتمع، علیها تقوم البیوت وتُبنى الأُسَر. وقد عدَّ الإسلام النساء شقائق الرجال؛إیماناً بأهمیة أدوارها فی المجتمعات الإسلامیة، إلا إنّ النظرة إلى المرأة فی مجتمعاتنا قد تضیق أحیاناً، فیتم إقصاؤها، وتهمیشها، وتحدید أدوارها فی الحیاة بما یتلاءم وصورة الآخر الذکوری. لقد أصبحت المرأة فی المجتمعات العربیة قرینة الضَّعف، تعیش على هامش المرکز (الذکوری)، لیس لها أی قیمةٍ سوى إسعاد الرجل جنسیاً، والاهتمام بشؤون المنزل. إنّ هذه الصورة تجذّرتْ عمیقاً فی الفکر الإنسانی وفی الخطاب الثقافی، وعملت على تکوین صورة نمطیة للمرأة؛ کونها امرأة خاضعة ومهمّشة، لا حظَّ لها من التعلیم والعمل؛ لذا فإنّ أرسطو على سبیل المثال فی نظرته إلى المرأة یرى أنّ خصائص النساء عیبٌ خلقیٌ طبیعیٌ.[28] أما الکاتب الفرنسی Alfred Victor Vigny فیصفُ "المرأة بأنها کائنٌ نجسٌ وقذر، إنها حسب تعبیره أنجس (اثنتا!!) عشرة مرة من الرجل، وهذا ما یفسّر اهتمامها المفرط بتجمیل ورعایة جسدها".[29] وإذا کانت هذه النظرة للمرأة من الفلاسفة والکُتّاب الغربیین، فإنّ بعض العرب أیضا ترسّختْ فیهم النظرة الدونیة إلى المرأة، فها هو خیر الدین نعمان بن أبی الثناء یقول فی کتابه (الإصابة فی منع النساء من الکتابة): "أما تعلیم النساء القراءة والکتابة فأعوذ بالله، إذ لا أرى شیئا أضر منه بهن، فإنهنّ لما کنّ مجبولات على الغدر کان حصولهن على هذه الملکة من أعظم وسائل الشر والفساد، وأما الکتابة فأول ما تقدر المرأة على تألیف الکلام بها، فإنه یکون رسالة إلى زید ورقعة إلى عمر، وبیتاً من الشعر إلى عزب وشیئاَ آخر إلى رجل آخر، فمثل النساء والکتب والکتابة، مثل شریر سفیه تهدی إلیه سیفاً، أو سکّیر تعطیه زجاجة خمر، فاللبیب من الرجال من ترک زوجته فی حالة من الجهل والعمى فهو أصلح لهنّ وأنفع".[30]

إنّ المتأمل فی الأمثال الشعبیة العمانیة یجدها قد تناولت المرأة وفق منظور ثقافتها المجتمعیة، فتعدّدتْ صورة المرأة بین: المرأة المهمشة المحتقرة إلى المرأة المرتبطة بثقافة العیب المجتمعی، إلى المرأة المتمثلة فی کونها جسداً فقط، ویمکن أن نقف على بعض هذه الأنساق فی خطاب الأمثال کما یأتی:

أ- المرأة من التهمیش إلى التحقیر:

  عند استقراء عدد من الأمثال العمانیة المرتبطة بالمرأة نجدها تحمل فی خطابها مدلولاً ثقافیاً قائماً على التهمیش، وإقصاء لشخصیة المرأة؛ یظهر ذلک من الدور المهمش الذی تلجأ إلیه صیغة الأمثال مقابل شخصیة الذکر، ویمکن إرجاع هذا التهمیش إلى البیئة التی قیل فیها، والنظام الاجتماعی الذی یرى تمییزاً بین جنسی الذکورة والأنوثة، وهو تمییز موغل فی جسد المجتمع والفکر. ولقد عملت الثقافة بکل قوتها على توطید هذه الحیلة وغرس أنساقها.

إنّ مثل هذه الأمثال: "رجل فی صرار ولا میة حرمة فی دار"،[31] و"شاورها وخالفها"،[32] و"الحریم محرومات عقل"،[33] و"لا تعطِ سرّک حرمتک"،[34] و"رجّال فی صرار ولا 100 حرمة فی دار"،[35] و"شاور حرمتک واعصاها".[36] تؤکد فعلیاً على وجود فِعْل التهمیش ودلالات تحقیر المرأة، فهی فی نظر المجتمع محرومة من العقل، ومحرومة من المشورة، ولا یمکن منحها الأسرار، بل إنّ قیمتها تکمن فی أنّ المائة امرأة منهن تعادل قیمة رجل واحد، وهنا یتضح فعل النسق، ومکر وحیلة الثقافة، إذ إنها عملت على الرفع من شأن الذکور وعدّتْ المائة امرأة تعادل رجلا واحداً؛ وذلک مما لا شک فیه أنّ المجتمعات العربیة فی تکوینها ذکوریة النشأة، تمنح الذکر الأهمیة الکبرى مقابل الأنثى. ولعل ما یؤیّد تلک النظرة ما قاله الشاعر العمانی خلف بن سنان الغافری (ت: 1125ه) [مجزوء الوافر]:[37]

متى یوماً ترى امرأةً      فشاورْها وخالفْها!

فهی إشارة مهمة إلى نسق مضمر یبدو فعلا أنه مترسخ فی جسد الثقافة والمجتمع تجاه المرأة، لا سیما وأنه صادر من عالم فقیه وشاعر له مکانته العلمیة فی عُمان.

لقد جرى فعل التهمیش والتحقیر للمرأة بحرمانها من العقل، بل وتشبیهها بالشاة التی لا عقل لها، ویتضح ذلک بالمَثَلَیْنِ: "عقلُهُ عقل حرمة"،[38] و"عقلُهُ عقل شاته".[39] لقد ربط المصدر فی المَثَلَیْنِ السابقین بین المرأة والشاة مما یؤکد ضمنیاً النظرة على خلو المرأة من العقل شأنها شأن الشاة، وفی ذلک دلالة على تحقیر المرأة، والحطّ من قیمتها وصورتها الإنسانیة. لقد تناست الثقافة أنّ الإنسان مکرّمٌ بنص القرآن، فلجأتْ إلى التغاضی عن هذا التکریم وتشبیه المرأة بالشاة؛ وذلک یقتضی منا الکشف عن هذه الأنساق التی أحالت قیمة المرأة على الدونیة، وإعادة قراءة هذا الموروث القائم على التهمیش والإقصاء.

ب- المرأة وثقافة العیب:

وکما عملت الثقافة الشعبیة على تهمیش المرأة وتحقیرها، فإنها أیضا قد قرنتها فی مجتمعها بالعیب والعار، ویأتی هذا الاقتران کون المرأة فی منظور الآخر الذکوری/ النظام الاجتماعی قد تعمل على زعزعة قیم المجتمع والأسرة عبر ارتباطها بالشرف الذی قد تفقده إذا ما خالطت الآخر الذکوری. لقد تناولت أعدادٌ من النصوص فی الثقافة الشعبیة العمانیة اقتران المرأة بالشرف والعیب والعار، وأظهرتْ أنَّ المرأة جنسٌ محمّلٌ بالشرور والخطیئة یجب الحد من خطایاه وشروره، ولقد جاءت الأمثال الشعبیة العمانیة مؤکّدة على ذلک بزرع الأنساق المجتمعیة فی خطاب الثقافة.

إنّ الأمثال الشعبیة العمانیة تنضح بمثل هذه الأنساق تجاه المرأة، فقد جاءت الأمثلة متناولة طبیعة المرأة، واقترانها بالشرف، والتحذیر من فعلها، یقول المثل فی التحذیر من المرأة: "بو أمها فی البیت ما تقحبْ"،[40]؛ وذلک یوصی بضرورة مراقبة المرأة/ الفتاة، إذ إنّ التی تکون أمها فی المنزل وتراقبها باستمرار فإنّ أخلاقها لا تفسد خلاف الفتاة التی لا تراقبها أمها. إنّ المثل السابق یتضمن صورة المرأة بأنها مسکونة بالخطیئة فی المجتمع، ینبغی التحذیر منها وضرورة مراقبة فعلها باستمرار. وتُحذّرُ الأمثال الشعبیة العمانیة من فعل الفتاة المسکونة بالخطیئة باستمرار فی إشارة للمثل: "بو رافعة عذوقها ما حدّ یذوقها"،[41] وهنا یُشَبّهُ المثلُ المرأةَ بالنخلة المرتفعة التی لا یمکن أنْ یطالها أحدٌ. إنّ مجرد التمثیل بالفتاة هنا وربطها بالشرف، یحیلنا على أنّ هناک نسقاً مضمراً تتناوله الثقافة متمثلا فی هاجس الخوف من فعلها الأنثوی؛ لذا جاء المثل بضرورة الارتفاع حتى لا تجلب المرأة العار. وجاءت الأمثال محذّرة من کل ما من شأنه جلب العار والعیب؛ فحذّرتْ الأمثال من الزواج بالمرأة من المکان البعید وضرورة الاقتران بالمرأة الجارة؛ وذلک لمعرفة أصلها وأخلاقها، یقول المثل: "خذ جارتک ولا من قفا حارتک".[42]

لقد رسمت مثل هذه الأمثال صورة داخلیة لثقافة المجتمع فی نظرته إلى المرأة، إنها أنساق مضمرة انغرست فی عمق الخطاب الثقافی الشعبی، وتناقله المجتمع على مرّ تاریخه الطویل، حتى غدا المجتمع العربی مجتمعاً ذکوریاً قائماً على التمییز الجنسی بین الذکر والأنثى، وإلا لمَ کان الخطاب الشعبی للأمثال فی صورته الأخلاقیة رهیناً بالأنثى دون الذکر؟ ولمَ کان تأنیث أغلب الأمثال فی صیغتها اللفظیة یحمل إشارة أنثویة؟

ج_ المرأة الجسد المشتهى: 

تُظهرُ بعض الأمثال الشعبیة العمانیة صورة أخرى للمرأة، صورة قائمة على جمالیات الجسد، فالمرأة هنا لا تحظى من أنوثتها، فی نظر الرجل، سوى باللذة المشتهاة؛ لذا رسمت الأمثال صورةً للمرأة نابعة من الجسد؛ وذلک افتتاناً بها وبجسدها الذی یُشکّل رغبة ملحّة فی العلاقة بین الاثنین.

لقد بیّنت الأمثال صورة المرأة بناء على جمالها، وحسن صورتها، وطلعتها الحسنة، ومن هذه الأمثال: "کما زایعتنها طیرة"،[43] و"کما لمنیقیش"،[44] وهما مثلان یضربان لجمال المرأة وحسنها. کما حبّبتْ الأمثال الزواج بالفتاة الصغیرة فی السن والابتعاد عن الکبیرة؛ لأنّ الفتاة الصغیرة تحمل دلالات الحسن والجمال أکثر من الکبیرة، وفی ذلک یقول المثل: "لا تِفْسِلْ الصّریمة ولا تأخذ الحریمة"،[45] فالارتباط بالصغیرة یُحیل إلى اشتهاء الرغبة الجمالیة المتمثلة فی مخیلة الآخر الذکوری، ولا یضر الفتاة الصغیرة حتى لو فسدت أخلاقیاً، فقد أوصت الأمثال بالحصول على هذه الفتاة، یقول المثل: "علیک بالبنت ولو بارتْ"،[46] ففیه ترغیب فی الزواج من البنت الصغیرة ولو فسدت أخلاقها، فهی تمثّل الجسد المشتهى، وکما أنّ صورة المرأة قد تشکّلتْ فی الثقافة الجمعیة على أنها خُلِقَتْ لإسعاد الرجل جنسیاً، وللحمل والإنجاب، فإنها أیضا لا تَشبعُ من رغبتها فی الرجل الفحل؛ ولذلک رسم المجتمع صورة للمرأة الردیئة بأنها لا تکتفی من الرجال، وجاءت الأمثال معبّرة عن ذلک قائلة: "زبّیة ما تِشْبَعْ"[47] أی لا تشبع من الرجال ولا تستطیع منع الرغبة الجنسیة الکامنة داخلها. إنّه تشبیه موغل فی احتقار الصورة التی علیها المرأة، والتقلیل من أهمیتها فی المجتمع، فکونها امرأة فهی مدعاة لجلب الفضیحة والعار، کما أنها مدعاة لصورة سلبیة فی توظیف جسد المرأة وقصر أدواره على اللذة والجنس.

إنّ الصورة التی علیها المرأة فی هذه الأمثال هی صورة کرَّسَتْها الثقافة الجمعیة الذکوریة للمجتمع، فهی صورة متناقلة ومتوارثة عبر الأجیال، کما أنها صورة انبنت أنساقها وفق النظرة الاجتماعیة للمرأة، فما کان من النظام المجتمعی إلا أنْ قام بتبنی هذه النظرة وترسیخ قیمها، وعمل على تهمیش المرأة وتحقیرها وتمییز أدوارها مقارنة بأدوار الآخر الذکوری، فکانت الهیمنة والغلبة للجنس الذکوری، لیس فی الدور المجتمعی فقط، ولکن فی الفعل اللغوی أیضا، فبالنظر إلى المثل العربی الشهیر "الکلام أنثى، والجواب ذکر"[48]؛ أی أنها فی دلالتها اللغویة والتعبیریة تحمل صیغة الکلام والثرثرة، أما الرجل فی فعله اللغوی صامت یمیل إلى الهدوء والصمت، وأدى ذلک إلى ربط الفعل السابق بصورة المرأة والرجل، ومنحهما أوصافاً تمییزیة یختص بها کل جنس عن الآخر، وهو فعلٌ تمییزی لعبت اللغة أدوارها فیه.

ثانیاً: أنساق المجتمع:

لقد أوجدت الأمثال الشعبیة العمانیة أنساقاً مضمرة للمجتمع ینطوی علیها الخطاب شأنها شأن الأنساق المتعلقة بالمرأة، وما المرأة سوى صورة واحدة ضمن الصور النسقیة التی یضمها المجتمع. لقد أوجدت الأمثال صوراً متعدّدة للمجتمع، ورسمت شیئاً من ملامحه وعلاقاته المختلفة. لقد ظهرت لنا صورة الفرد مع أسرته، وصورة الفرد مع أقاربه وجیرانه کما فی الأمثال الآتیة: "شمج ولا بن عم"،[49] و"اطنف قشارک ولا تتهم جارک"،[50] و"جارک الأقرب ولا أخوک الأبعد"،[51] و"إذا تحسَّنْ جارک أنت بِلّ رأسک"،[52] و"الأقارب عقارب"،[53] و"مِنْ خاصم أقاربه بات ذلیل"،[54] و"اضرب کلبک یفهم جارک"،[55] و"لا تحاسب من ترید تناسب"،[56] و"سحّة أخوک ما تسکّت ولدک"،[57] و"أدّب ولدک فی الغفلة عن یفضحک فی الحضرة"،[58] کما نقلت لنا الأمثال شیئاً من حکایات المجتمع البعیدة، فصارت حوادث التاریخ المجتمعیة ذاکرة حیّة للمجتمع مثل الأمثال: "کما لصوص الرستاق"،[59] و"عندنا کیزان مطرح، ما فیه حاجة لکیزان بلادسیت"،[60] و"شایفین مسکد وکیزانها ما مستغربین من دارسیت وکیتانها".[61] إلا أننا نلمح من الأمثال الشعبیة العمانیة ما یمکن الکشف عن أنساقه المضمرة ما قد یشیر إلى الفعل الطبقی والتمییز العنصری بین ثنایا الأمثال الدالة على المجتمع. إنها أنساق تناولت الجانب الآخر المخبوء خلف دلالات الصیغة الترکیبیة للمثل، والمخبوء خلف دلالة الحکمة فی صیاغة المثل.

إنّ دلالات الفعل العنصری المضمرة فی خطاب الأمثال هی أنساق عملت على تصنیف ترکیبة المجتمع إلى طبقات مختلفة، إذ تختلف کل طبقة عن الأخرى فی تصنیفها ولونها وعرقها وغناها وفقرها وسیادتها وعبودیتها. إننا من طریق استقرائنا للأمثال نجد أنّ المجتمع قائم على طبقات عدة تخبّئ داخلها أنساقاً لا یمکن التوصل لها إلا بتفکیک الخطاب الشعبی للثقافة والکشف عن المخبوء بین دلالاته. ویمکن حصر الدلالات الطبقیة کما نلمحها فی الأمثال فیما یأتی: دلالات الزّطّ، والعبید، والشیوخ، والبدو، والبیاسر، والبیدار، والفقیر، والحضر، والعِرْق، والسود، والسوداء. إنها دلالات مرتبطة بتکوینها داخل المثل نفسه، وتعمل على کشف الصورة الداخلیة لکل طبقة دون الأخرى، فللشیخ منزلة کبرى فی المجتمع لا تعادلها منزلة أخرى، فهو المتنفذ فی أمر رعیته، یأمر وینهى باسمهم؛ لذا جاءت الأمثال تحمل صیغ التهکم مشیرة إلى منزلة الشیخ دون غیره من الناس، وارتباط اسم الشیخ بمن حوله: یقول المثل العمانی: "دجاجة الشیخ منقارها حدید"،[62] و"کلب الشیخ شیخ"،[63] و"عنزة الشیخ نطّاحة".[64]

إنّ هذه الأمثال، وإنْ کانت ساخرةً فی مضمونها، إلا أنها تکشف لنا حجم المنزلة التی علیها الشیخ، ولقد کشفت الأمثال أیضا عن منزلة کل من هو قریب من الشیخ؛ وذلک لأنه یستمدّ قوته وصلاحیاته وتشریعاته من الشیخ نفسه، وکما إنّ طاعة الشیخ واجبة فهی أیضا واجبة لمن هو قریب منه، فکلب الشیخ شیخ ثانٍ، وعنزة الشیخ تستمد قوتها من الشیخ، ودجاجة الشیخ أیضا تستمد صلابتها وقوتها من الشیخ نفسه. إنّ مثل هذه الأمثال تقدّم صورة واضحة لما علیه المجتمع القبلی الأول، وتخفی داخلها نسقاً مضمرا هو الطاعة العمیاء لسلطة الشیخ وکل من یعاونه فی سلطته، ونحن بالکشف هنا عن مضمرات الخطاب الشعبی فإننا نستقرئ جانباً من الثقافة العمانیة فی دلالات هذا الخطاب فی الفکر الجمعی للقبیلة والمجتمع العمانی فی فترات زمنیة مختلفة من تاریخه.

لقد قدّمت الأمثال أیضا صورة طبقیة أخرى قائمة فی المجتمع على تقسیم الناس بناء على لونهم وعرقهم، إذ تظهر لنا صورة البیاسر[65] مقابل صورة الأحرار کما فی المثل: "الطّبَاخ للبیاسرة والأکل لبنات ناصر"،[66] الذی یقسّم العمل فی المجتمع إلى قسمین، العمل والخدمة فی منازل الأسیاد والأحرار للبیاسرة، والراحة للسادة، کما وصفت الأمثال المرأة من قبل وصنّفتها وفقا لعرقها بأنها "بیسریة".[67] ولا یمکن للمجتمع تناقل مثل هذه الأمثال إلا إذا کانت دلالاتها حاضرة وشائعة بین أفراده، وهو ما یؤکده المثل فی التفریق بین الأفراد: "العرق دساس ضارب إلى الأساس"،[68] ووردت الإشارة إلى الزّطّ فی أکثر من موضع منها: "کما قفیر الزّطّ"،[69] و"کما مقشاع الزّطّ".[70]

لقد قُسم المجتمع فی ضوء هذه الأمثال وغیرها إلى شیوخ وأفراد، وأحرارٍ وعبید، وعرب وزطّ، وحضر وبدو، وأغنیاء وفقراء، إلا أنّ أنساق ودلالات هذا التقسیم اختبأت وراء صیغ الأمثال واحتمت بالموروث الثقافی والفکری اللذَیْنِ سرّباها إلى الأجیال المختلفة، فقد ظلّ کثیر من أبناء المجتمع رافضین لفکرة الزواج من الأعراق الأدنى منها، إذ یُرفضُ تزویج أبناء أو بنات البیاسرة والزط من أبناء وبنات الأحرار، وهو ما تناقله التراث الثقافی فی نصوصه المختلفة.

هکذا هی الصورة الشعبیة للأمثال، صورة جمعت بین الدلالة اللفظیة ودلالة المعنى، وقد خبَّأت تحت أقنعة خطابها کثیرا من الأنساق التی یمکن الکشف عنها وتعریتها وتوضیح صورها ومعانیها المختلفة.

الخاتمة

إنّ الأمثال الشعبیة العمانیة رغم شیوعها وسهولة تناقلها شفهیاً وکتابیاً هی نصوص عملت على نقل صورة المجتمع، وقدَّمتْ تراثاً غنیّاً یمکن الوقوف على صیغه وتراکیبه ودلالاته وأنساقه، وإنها –الأمثال- شأنها شأنُ النصوص الأخرى تُقَدِّمُ فی خطابها أنساقاً یمکن البحث فی مضمراتها، وکشف حیلها وألاعیبها. إنّ النسق المضمر یختبئ خلف أقنعة الجمالیات –کما یرى الغذامی- ثم یبدأ فی تأسیس دلالاته وحیله؛ لذا فإنّ مجتمعاتنا قد تأسّستْ على الفعل النسقی مبکراً، واحتضَنَتْهُ فی الأمثال، وعملت على حمایته وتطویره، وهو ما عبّر عنه الغذامی قائلاً: "وکلّ مولودٍ یولد منا یبدأ تاریخه الثقافی من مجلس أهله فی البیت وهناک یشرع فی تلقی دروس خصوصیة فی النسق".[71]

نتائج الدراسة:

تخلص الدراسة إلى مجموعة من النتائج، منها:

  • تعد الأمثال من أهم النصوص الناقلة للأنساق المضمرة، والمسکوت عنه مجتمعیا؛ کونها ترتبط ارتباطاً وثیقاً بالثقافة المجتمعیة التی تعمل على نقل صورتها الحیة عبر خطابها.
  • للأمثال أهمیة کبرى لدى الشعوب، فهی لسانها الناطق ببیئتهم وتجاربهم وحیاتهم، ولا أدل على ذلک من المؤلفات التی تناولت الأمثال جمعا ودراسة.
  • تعددت صورة المجتمع العمانی وبیئته وحیاته فی الأمثال الشعبیة العمانیة، إذ نقلت لنا نماذج من الحیاة العامة، وعلاقة الإنسان بالآخر، والثقافة ونمط المعیشة الیومی.
  • تتفق الأمثال الشعبیة العمانیة فی ترکیبها العام ومضمونها الداخلی مع الأمثال الشعبیة فی الثقافة العربیة، وفی ذلک تأثر واضح بین الثقافات المختلفة، واستفادة من الخبرات والتجارب فیما بینها.
  • یقوم النقد الثقافی بمهمة الکشف عن الأنساق المضمرة فی الخطاب، وبالنظر فی مدلولات الخطاب للأمثال الشعبیة، یتضح الکم الهائل من هذه الأنساق التی تختبئ خلف أقنعة جمالیاتها، وتعمل على إخفاء دلالات نسقیة بینها.
  • ضمت الأمثال الشعبیة العمانیة العدید من الأنساق المتعلقة بالمرأة، المتمثلة فی تهمیشها وإقصائها وتمییزها الجنسی فی مقابل جنس الذکورة، وإضفاء صورة الضعف والرغبة الجنسیة، وأنها مکمن العیب والفضیحة والعار.
  • کما أظهرت الأمثال أنساقا أخرى متعلقة بالمجتمع، ورسمت صورة طبقیة بین أفراده وتقسیمه إلى طبقات؛ سواء کانت بصیغة طبقیة أم اجتماعیة.

الهوامش والإحالات:

(1) المیدانی، أبو الفضل النیسابوری، مجمع الأمثال، تح: محمد محیی الدین عبدالحمید، بیروت: دار المعرفة، دون تاریخ، ص5.

(2) نفسه، مقدمة الکتاب، ص (و).

(3) الأندلسی، أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفرید، تح: محمد التونجی، بیروت، دار صادر، ط1، ج3، 2001م، ص5.

(4) دیاب، نهى محمد، من صور المرأة العمانیة فی أمثالها الشعبیة، مجلة نزوى، سلطنة عمان، العدد24، أکتوبر 2000م، ص281.

(5) الفیروزآبادی، مجد الدین محمد بن یعقوب، القاموس المحیط، بیروت: مؤسسة الرسالة، ط8، 2005م، ص1056.

(6) المعجم الوسیط، مصر، مکتبة الشروق الدولیة، ط4، 2004م، ص854.

(7) مجمع الأمثال، ص5.

(8) یعقوب، امیل بدیع، موسوعة أمثال العرب، بیروت: دار الجیل، ط1، ج1، 1995م، ص21.

(9) مجمع الأمثال، ص6.

(10) الیافی، عبدالکریم، الأمثال: مکانتها، حقیقتها البلاغیة، منشؤها، صلتها بالحیاة، سوریا، مجلة التراث العربی، العدد 18، 1 ینایر 1985م، ص8.

(11) یمکن الوقوف بالتفصیل على الأنواع الثلاثة بالرجوع إلى موسوعة أمثال العرب، ص17 وما بعدها.

(12) طبارة، شفیق، فی الأمثال، لبنان: مجلة الأدیب، العدد 2، 1 فبرایر 1961م، ص34.

(13) یعرف المیدان بأنه "فن شعری تقلیدی تکثر فیه التوریة والألغاز، ویقوم على التلاعب بالألفاظ واختیار الکلمات المتجانسة التی تعد شرطاً أساساً فیه، ویشترط فیه الوزن والتزام القوافی فی شطری البیت". ینظر الموسوعة العمانیة، سلطنة عمان، وزارة التراث والثقافة، ط1، المجلد التاسع، 2013م، ص3544.

(14) سأعتمد فی مصادر الأمثال التی سأعرضها فی البحث على مصدرین اثنین فقط حتى لا تتوسع الدراسة، وهما: الرواحی، سالم محمد سالم، معجم الأمثال العمانیة، سلطنة عمان، مکتبة الضامری للنشر والتوزیع، ط1، 2013م. وعبدالفتاح، محمود، موسوعة الأمثال العمانیة، القاهرة، مرکز الرایة للنشر والإعلام، ط1، 2012م.

(15) موسوعة الأمثال العمانیة، ص116.

(16) نفسه، ص142.

(17) نفسه، ص133.

(18) نفسه، ص61.

(19) معجم الأمثال العمانیة، ص126.

(20) معجم الأمثال العمانیة، ص74. علماً بأنّ المثل نفسه یُنطق شفهیاً فی بعض الأمکنة من عُمان بلفظ (حلیمة).

 (21) الغذامی، عبدالله، النقد الثقافی: قراءة فی الأنساق الثقافیة العربیة، الدار البیضاء- بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط6، 2014م.

(22) الغذامی، عبدالله محمد، واصطیف، عبدالنبی، نقد ثقافی أم نقد أدبی؟، دمشق، دار الفکر، ط1، 2004م، ص178 ص179.

(23) علوش، سعد، نقد ثقافی أم حداثة سلفیة؟، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2010م، ص49.

(24) نفسه، ص78.

(25) اصطیف، عبدالنبی، ما النقد الثقافی؟ ولماذا؟، مجلة فصول عدد (النقد الثقافی)، القاهرة، الهیئة المصریة العامة للکتاب، العدد 99، ربیع 2017م، ص26.

(26) الرباعی، عبدالقادر، جمالیات الخطاب فی النقد الثقافی: رؤیة جدلیة جدیدة، عَمّان، دار جریر للنشر والتوزیع، ط1، 2015م، ص121.

(27) الغذامی، عبدالله، ثقافة الوهم، الدار البیضاء- بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط5، 2017م، ص84.

(28) دو بوفوار، سیمون، الجنس الآخر، تر: سحر سعید، دمشق، الرحبة للنشر والتوزیع، ج1، ط1، 2015م، ص16.

(29) وهابی، عبدالرحیم، السرد النسوی العربی: من حبکة الحدث إلى حبکة الشخصیة، عَمّان، دار کنوز المعرفة للنشر والتوزیع، ط1، 2016م، ص84. ولفظة (اثنتا) وردت کذا فی الأصل والصواب (اثنتی).

(30) الغذامی، عبدالله، المرأة واللغة، الدار البیضاء-بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط5، 2015م، ص111.

(31) معجم الأمثال العمانیة، ص74.

(32) نفسه، ص92.

(33) نفسه، ص54.

(34) نفسه، ص164.

(35) موسوعة الأمثال العمانیة، ص111.

(36) نفسه، ص23.

(37) الحجری، هلال، حداثة الأسلاف، سلطنة عمان، مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان (کتاب نزوى)، الإصدار 17، ینایر 2013م، ص37.

(38) معجم الأمثال العمانیة، ص118.

(39) الصفحة نفسها.

(40) موسوعة الأمثال العمانیة، ص147.

(41) معجم الأمثال العمانیة، ص29.

(42) نفسه، ص61.

(43) موسوعة الأمثال العمانیة، ص139

(44) الصفحة نفسها.

(45) نفسه، ص50.

(46) معجم الأمثال العمانیة، ص119.

(47) نفسه، ص80.

(48) الأبشیهی، شهاب الدین محمد بن أحمد، المستطرف فی کل فن مستظرف، بیروت، منشورات مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، ط1، 1996م، ج1، ص42.

(49) موسوعة الأمثال العمانیة، ص11.

(50) نفسه، ص26.

(51) نفسه، ص35.

(52) نفسه، ص96.

(53) نفسه، ص91.

(54) نفسه، ص86.

(55) نفسه، ص83.

(56) نفسه، ص81.

(57) نفسه، ص111.

(58) معجم الأمثال العمانیة، ص66.

(59) یقال إن لصوص الرستاق یتنازعون فی النهار ویسرقون باللیل معا. معجم الأمثال العمانیة، ص153.

(60) نفسه، ص121.

(61) موسوعة الأمثال العمانیة، ص145.

(62) نفسه، ص110.

(63) نفسه، ص115.

(64) نفسه، ص114.

(65) البیاسر: نسب مختلط الأعراق بین أسود وآخر أبیض، أو عرق آخر.

(66) موسوعة الأمثال العمانیة، ص43.

(67) معجم الأمثال العمانیة، ص37.

(68) موسوعة الأمثال العمانیة، ص144.

(69) نفسه، ص129.

(70) معجم الأمثال العمانیة، ص11.

(71) الغذامی، عبدالله، القبیلة والقبائلیة أو هویات ما بعد الحداثة، الدار البیضاء - بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط4، 2016م، ص135.

 

المصادر والمراجع:

1-الکتب:

  • ·       الأبشیهی، شهاب الدین محمد بن أحمد، المستطرف فی کل فن مستظرف، بیروت: منشورات مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، ط1، 1996م.
  • الأندلسی، أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفرید، تحقیق: محمد التونجی، بیروت: دار صادر، ط1، ج3، 2001م.
  • الحجری، هلال، حداثة الأسلاف، سلطنة عمان، مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان (کتاب نزوى)، الإصدار 17، ینایر 2013م.
  • دو بوفوار، سیمون، الجنس الآخر، ترجمة: سحر سعید، دمشق، الرحبة للنشر والتوزیع، ج1، ط1، 2015م.
  • الرباعی، عبدالقادر، جمالیات الخطاب فی النقد الثقافی: رؤیة جدلیة جدیدة، عَمّان، دار جریر للنشر والتوزیع، ط1، 2015م.
  • الرواحی، سالم محمد سالم، معجم الأمثال العمانیة، سلطنة عمان، مکتبة الضامری للنشر والتوزیع، ط1، 2013م.
  • عبدالفتاح، محمود، موسوعة الأمثال العمانیة، القاهرة، مرکز الرایة للنشر والإعلام، ط1، 2012م.
  • علوش، سعد، نقد ثقافی أم حداثة سلفیة؟، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2010م.
  • الغذامی، عبدالله محمد، واصطیف، عبدالنبی، نقد ثقافی أم نقد أدبی؟، دمشق، دار الفکر، ط1، 2004م، ص178.
  • الغذامی، عبدالله، القبیلة والقبائلیة أو هویات ما بعد الحداثة، الدار البیضاء- بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط4، 2016م.
  • الغذامی، عبدالله، المرأة واللغة، الدار البیضاء-بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط5، 2015م.
  • الغذامی، عبدالله، النقد الثقافی: قراءة فی الأنساق الثقافیة العربیة، الدار البیضاء- بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط6، 2014م.
  • الغذامی، عبدالله، ثقافة الوهم، الدار البیضاء- بیروت، المرکز الثقافی العربی، ط5، 2017م.
  • الفیروزآبادی، مجد الدین محمد بن یعقوب، القاموس المحیط، بیروت، مؤسسة الرسالة، ط8، 2005م.
  • المعجم الوسیط، مصر، مکتبة الشروق الدولیة، ط4، 2004م.
  • الموسوعة العمانیة، سلطنة عمان، وزارة التراث والثقافة، ط1، المجلد التاسع، 2013م.
  • ·       المیدانی، أبو الفضل النیسابوری، مجمع الأمثال، تحقیق: محمد محیی الدین عبدالحمید، بیروت، دار المعرفة، دون تاریخ.
  • وهابی، عبدالرحیم، السرد النسوی العربی: من حبکة الحدث إلى حبکة الشخصیة، عَمّان، دار کنوز المعرفة للنشر والتوزیع، ط1، 2016م.
  • یعقوب، امیل بدیع، موسوعة أمثال العرب، بیروت، دار الجیل، ط1، ج1، 1995م.

 

2- الدوریات:

  • اصطیف، عبدالنبی، ما النقد الثقافی؟ ولماذا؟، مجلة فصول عدد (النقد الثقافی)، القاهرة، الهیئة المصریة العامة للکتاب، العدد 99، ربیع 2017م، ص26.
  • دیاب، نهى محمد، من صور المرأة العمانیة فی أمثالها الشعبیة، مجلة نزوى، سلطنة عمان، أکتوبر 2000م، العدد24، ص281.
  • طبارة، شفیق، فی الأمثال، مجلة الأدیب، لبنان، العدد 2، 1 فبرایر 1961م، ص34.
  • الیافی، عبدالکریم، الأمثال: مکانتها، حقیقتها البلاغیة، منشؤها، صلتها بالحیاة، مجلة التراث العربی، سوریا، العدد 18، 1 ینایر 1985م، ص8.