المهلب بن أبي صفرة في المؤلفات الأجنبیة

الباحث المراسلد. سلیمان بن سالم الحسینی جامعة نزوى

Date Of Publication :2022-11-13
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

تهدف الدراسة إلى تتبع المصادر والمراجع المکتوبة باللغة الإنجلیزیة والمنشورة من دور نشر عالمیة وتناولت شخصیة القائد العُمانی المهلب بن أبی صفرة للتعرّف إلى جوانب شخصیته والموضوعات المتعلقة بحیاته وأنشطته التی تناولتها تلک المراجع بالدراسة والتحلیل. وتهدف الدراسة کذلک إلى فهم تأثیر أصول المهلب العُمانیة فی توجهه الفکری، وإسهاماته فی الأحداث السیاسیة والعسکریة فی صدر الإسلام، لا سیما أنه کان قائدا عسکریا، وزعیما قبلیا قاد الجیوش الإسلامیة فی فتوحات فارس والهند وأفغانستان، وشارک فی الحرب على الخوارج الأزارقة، وترک ذریة تولّت المناصب العسکریة والإداریة فی العراق وشمال إفریقیا وعُمان وشرق آسیا.

وتطرح الدراسة الأسئلة البحثیة الآتیة:

   ما المصادر والمراجع العالمیة المکتوبة باللغة الإنجلیزیة التی عنیت بشخصیة القائد العُمانی المهلب بن أبی صفرة؟
   ما الموضوعات التی اهتمت بها تلک المصادر والمراجع فی تناولها شخصیة المهلب بن أبی صفرة؟
   کیف أثرت أصول المهلب بن أبی صفرة العُمانیة فی تکوین توجهه الفکری واسهاماته السیاسیة والعسکریة؟

وللإجابة عن الأسئلة البحثیة السابقة تتبع، الدراسة المنهج التاریخی التحلیلی الوصفی لتحلیل محتوى عدد من الکتب والدراسات التی کتبت باللغة الإنجلیزیة وتطرقت إلى شخصیة المهلب بن أبی صفرة، وأدواره فی الأحداث التاریخیة فی صدر الإسلام، وما ترکه من إرث وإنجازات على الساحة الإسلامیة والعربیة والعُمانیة.

أولا، المصادر والمراجع العالمیة المکتوبة باللغة الإنجلیزیة التی عنیت بشخصیة القائد العُمانی المهلب بن أبی صفرة:

تتنوع المصادر والمراجع المکتوبة باللغة الإنجلیزیة التی عنیت بشخصیة المهلب بن أبی صفرة بین الموسوعات، والدراسات الجامعیة، والبحوث المنشورة فی الدوریات الأکادیمیة، والکتب، والأعمال المترجمة من اللغة العربیة. وتتنوع اهتمامات تلک المراجع والمصادر وتتعدد أماکن إصدارها ونشرها، وتتناول الدراسة الحالیة النماذج الآتیة:

1-    الموسوعات:

فقد کَتَبت عن المهلب بن أبی صفرة (موسوعة الحضارة الإسلامیة فی العصر الوسیط- Medieval Islamic Civilization: an encyclopedia) الصادرة عن دار (أوتریج - Routledge) اللندنیة للنشر عام 2006. خصصت هذه الموسوعة مدخلا عن (عُمان) ذُکر فیه أن المهلب بن أبی صفرة من الشخصیات العُمانیة التی هاجرت إلى البصرة فی صدر الإسلام، وکان لها شأن ومکانة فی المجتمع البصری والدولة الأمویة[1].

2-    الدراسات الجامعیة:

أنجز (جاسون فان ریل- Jason van-Riel) دراسة ماجستیر بقسم الدراسات العربیة والحضاریة، بالجامعة الأمریکیة بالقاهرة حمل عنوان (التجار الإباضیون فی بلاد السودان-  The Ibāḍī Traders of Bilād al-Sūdān)، ناقش فی الفصل الثانی من دراسته النشاط التجاری للمهلب بن أبی صفرة وعائلته وأثر ذلک فی المجتمع الإباضی فی البصرة والمناطق الأخرى من الدولة الإسلامیة لا سیما المغرب العربی وامتداده إلى القارة السوداء[2].

3-    البحوث المنشورة فی الدوریات المُحَکَّمَة:

نشر الباحث الهندی أس أم یوسف فی (دوریة الثقافة الإسلامیة) التی تصدر بحیدرأباد بالهند بحثین، الأول[3] فی 1943 والآخر[4] فی 1944 رکز فیهما على شخصیة المهلب واستراتیجیاته العسکریة فی الحروب والفتوحات.

4-    الکتب:

ویأتی کتاب (الهند: تکوین العالم الهند-إسلامی، ج1- India: the making of the Indo-Islamic world vol. 1)، تألیف (أندری وینک- Andre Wink)، منشورات بریل أکادیمی، بوستن، من بین الکتب التاریخیة التی عنیت بتاریخ دخول الإسلام إلى الهند، وناقش دور العُمانیین فی الفتوحات الإسلامیة فی فارس والهند والمناطق المجاورة وعلاقة المهلب بن أبی صفرة بتلک الفتوحات[5].

5-    الکتب المترجمة من اللغة العربیة:

ومن الکتب المترجمة من اللغة العربیة إلى اللغة الإنجلیزیة التی سلطت الضوء على المهلب بن أبی صفرة کتاب (عائلة إسلامیة مبکرة من عُمان: سیرة المهالبة لدى العوتبی- An early Islamic family from Oman: Al-Awtabi's account of the Muhallabids) تألیف (مارتن هیندز- Martin Hinds, 1991)، الناشر: جامعة مانشستر، المملکة المتحدة[6]. فهذا الکتاب هو ترجمة وتحقیق للجزء المتعلق بالمهلب بن أبی صفرة فی کتاب (الأنساب) للعلامة أبی المنذر سلمة بن مسلم العوتبی العُمانی. والعوتبی فقیه ولغوی ومؤرخ عُمانی من القرن الخامس الهجری یرى أن معرفة الأنساب تشکل أهمیة للعلوم الإسلامیة لا سیما الأدب والفقه والحدیث؛ «لأن طالب العلم والحدیث إذا لم یکن یدری علم النسب وسمع حدیثا قد صُحِّفَ فیه اسم أحد على غیر جهته، أو نقل من قبیلة إلى غیرها جاز علیه ذلک، وإذا کان بالأنساب عالما، وبالأخبار عارفا أنکر ذلک ورده إلى نسبه واسمه وأتى بالصواب فی موضعه وحقیقة أصله»[7].

ثانیا، الموضوعات التی اهتمت بها تلک المصادر والمراجع فی تناولها شخصیة المهلب بن أبی صفرة:

تؤکد الدراسات السابقة أن المهلب بن أبی صفرة أزدی عُمانی هاجر إلى العراق ضمن الجیش الإسلامی الذی أمر الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب، رضی الله عنه، فی سنة 16هـ/ 637م والیه على عُمان عثمان بن أبی العاص الثقفی بتشکیله من قبائل عُمان والبحرین لفتح أراضی الإمبراطوریة الساسانیة الفارسیة المطلة على الخلیج العربی منطلقا عبر البحر من میناء مدینة جلفار العُمانیة (رأس الخیمة) حالیا. وتؤکد الدراسات السابقة کذلک أن الصبغة العسکریة والمهمة القیادیة العسکریة التی خرج بها أبو صفرة من عُمان ضمن ذلک الجیش ومعه أولاده، ومنهم المهلب بن أبی صفرة موضوع الدراسة الحالیة، واثنان آخران من القادة العسکریین العُمانیین وهم صبرة بن شیبان الحدانی ومالک بن زید الجهضمی ونحو ثلاثة آلاف مقاتل من قبائل الأزد، والنجاحات التی حققتها تلک المهمة، هی التی أبرزت المهالبة إلى الواجهة السیاسیة والاجتماعیة فی صدر الإسلام، وأعطتهم مکانة مرموقة على المستوى الشعبی والنخبوی فی مرکز الدولة الإسلامیة بالحجاز والعراق والشام. فیقول مارتن هندز: «تبدأ نجاحات هذه الأسرة بخروج أبی صفرة من عُمان ضمن وفد أرسل لفتح فارس. وبعد نحو عشر سنوات، شارک أبوصفرة فی المعارک التی وقعت فی أقصى الشرق، إلا أنه استقر فی آخر المطاف فی البصرة التی أصبحت مقرا لأسرة المهالبة، التی استمرت فی الحفاظ على علاقتها مع عُمان قائمة»[8].

وتؤکد (موسوعة الحضارة الإسلامیة فی العصر الوسیط- Medieval Islamic Civilization: an encyclopedia) أن المهلب بن أبی صفرة أزدی عُمانی من العُمانیین الذین هاجروا إلى البصرة، وأنه کان من قادة المجتمع العُمانی الذی کَّون جزءًا من الترکیبة السکانیة للبصرة بشکل خاص، والعراق بشکل عام، وکان له دور فی کثیر من الأحداث فی ذلک العصر. وفی حین انضوى العُمانیون المهاجرون إلى العراق تحت مظلة السلطات الحاکمة فی مرکز الدولة الإسلامیة بدءًا من الخلفاء الراشدین ثم الدولة الأمویة وبعدها الدولة العباسیة، احتفظوا فی الوقت نفسه بعلاقات اجتماعیة فیما بینهم وبالتواصل المستمر مع بلدهم الأم عُمان. فقد ورد فی هذه الموسوعة: «هاجر الکثیر من سکان عُمان، التی تعود أصولهم إلى قبائل الأزد، إلى البصرة فی العصور الإسلامیة المبکرة وشکلوا جزءا مهما من جیش الأمویین. وقاموا کذلک بقیادة المهلب بن أبی صفرة بدور کبیر فی الشأن الداخلی فی العراق. وفی الحقبة الأمویة، احتفظ العُمانیون المهاجرون إلى العراق بعلاقتهم الوطیدة مع عُمان نفسها، وبعد فشل ثورة یزید بن المهلب فی (723م) عاد الکثیر منهم إلى عُمان. وناصر الکثیر من العُمانیین فی البصرة الحرکة الإباضیة الناشئة التی سمیت باسم عبدالله بن أباض، أحد القادة الأوائل للخوارج الذی رفض استعمال العنف ضد الحاکم غیر العادل. لذلک یشکل هذا المجتمع بؤرة المذهب الإباضی»[9]. وتوضح الموسوعة کذلک أن «عُمان، اسم مستعمل منذ العصور الکلاسیکیة لوصف الجزء الجنوبی من الجزیرة العربیة؛ فاسم عُمان موجود فی المصادر القدیمة، واستمر استعماله فی العصور الوسیطة وما بعدها. وبعد وفاة النبی محمد فی (632 م)، أصبحت عُمان جزءا من الخلافة الإسلامیة»[10].

  وناقش مارتن هندز خصائص شخصیة المهلب بن أبی صفرة ودوره التاریخی فی فتوحات فارس. ویرى هندز أن أهمیة ما کتبه العوتبی عن المهلب بن أبی صفرة فی کتاب (الأنساب) تکمن فی أنها تمثل الروایة أو الرؤیة العُمانیة للأحداث التی جرت فی تلک الحقبة المبکرة من الدولة الإسلامیة، فمن وجهة نظره: «النص بأکمله له أهمیة خاصة باعتباره یمثل الحقیقة التاریخیة من الجانب العُمانی، أی أنه تناقل لما تم جمعه محلیا عن تلک الأسرة العُمانیة التی قامت، من دون غیرها من الأسر، بالکثیر من الأعمال على مسرح الأحداث فی المرحلة المبکرة من تاریخ الإسلام»[11]. والدور المحوری للمهلب بن أبی صفرة فی کثیر من الأحداث المهمة والمحوریة فی صدر الإسلام، وإسهام العُمانیین فی الفتوحات الإسلامیة فی فارس وخراسان وغیرها من مناطق الشرق، هی الدافع الأساس لاهتمام مارتن هندز بکتاب (الأنساب) للعوتبی، إذ یقول فی هذا الصدد «تکمن أهمیة کتاب الأنساب للعوتبی فی کونه مصدرا للمعلومات عن قبیلة الأزد، والأزد محل التساؤل هم أزد عُمان ولیسوا أزد السراة. [...]. والجزء الأکثر أهمیة فی القسم الذی یتحدث عن الأزد فی کتاب العوتبی هو الجزء المعنی بالعائلة الأزدیة المعروفة باسم المهالبة، الذین برز حظهم فی مستهل الأمر بوالد المهلب، صفرة بن ظالم بن سارق العتکی، الذی ینحدر منه عدد من الأبناء غیر المهلب نفسه. فقد أصبح لهذه العائلة تأثیر بدأ ببدایة الفتوحات الإسلامیة فی 630م وامتد إلى ما یقارب المائتی عام»[12].

ویؤکد هندز کذلک أن کتاب العوتبی أضاف معلومات تاریخیة، لیس فقط عن المهلب وأسرته، وإنما عن دور القبائل العُمانیة فی الفتوحات الإسلامیة المبکرة فی فارس، أهملتها عدد من المصادر الإسلامیة الأخرى لا سیما تلک التی سبقت العوتبی واعتمدها مصادر لکتابه. فالعوتبی لم یکتفِ بالنقل من کتب المؤرخین والرواة الذین جاءوا قبله مثل (المعارف) لابن قتیبة (ت 276هـ)، و(تاریخ الرسل والملوک) لأبی جعفر الطبری (ت 310هـ)، و(الاشتقاق) لابن درید (ت 321هـ)، بل أضاف إلیها معلومات من عنده؛ مما یجعل کتاب العوتبی یمتاز عن غیره من المصادر باحتوائه على معلومات ممیزة وفریدة عن تلک الحقبة والشخصیات التی عاشت فیها. یقول هندز: «إن هذا القسم من الکتاب یقدم إلى جانب، ما ذکرناه سابقا عن العملیات العسکریة العربیة فی فارس، عددا من البنود ذات الأهمیة الخاصة»[13]. وعدَّدَ مارتن مجموعة من خصائص کتاب (الأنساب) ومیزاته منها: أن الکتاب ذکر للمهلب عددا من الأبناء وأمهاتهم، لم یرد ذکرهم فی الکتب الأخرى التی عنیت بالمهلب وأسرته. وذکر مارتن کذلک أن المعلومات التی تتعلق بالحبال السود التی أحضرها الجنود الفرس معهم فی معرکة (نابیجان) بناء على تعلیمات (یزدجرد) لکی یربطوا بها الجنود العرب تظهر مدى اهتمام العوتبی بإظهار الغطرسة الفارسیة، فالساسانیون لم یتوقعوا الهزیمة على ید هؤلاء العرب العابرین إلیهم من عُمان والبحرین التی کانت لمدة طویلة تحت الهیمنة الساسانیة، فی حین أن ما حدث هو العکس. فقد هَزَمَ العربُ فی هذه المعرکة الساسانیین، وقتلوا (شهرک) قائد الجیش، وتقدموا فی العمق الفارسی إلى مدینة (توج) لیلتحموا منها بحامیات الجیش الإسلامی المرابط فی البصرة. ویؤکد مارتن کذلک أن المعلومات التی ذکرها العوتبی عن الجماعات التی استقرت بالبصرة والکوفة فی تلک المرحلة المبکرة من الفتوحات فی العراق وفارس تتفق مع ما ورد فی المصادر الأخرى. وروایة العوتبی عن المکانة التی حظی بها أبو صفرة لدى الإمام علی بن أبی طالب، کرم الله وجهه، وتعیین الإمام علی المهلبَ فی منصب قیادی رفیع تحفل بمعلومات لم تتطرق إلیها المصادر الأخرى إلا بالشیء الیسیر والمقتضب. کما تفرد العوتبی بمعلومات عن وفاة أبو صفرة فی البصرة وإسطبلاته بها. ویرى مارتن کذلک أن المعلومات التی أوردها الکتاب عن مشارکة أبی صفرة وابنه المهلب فی الفتوحات الأولى التی قادها عبدالرحمن بن سمرة فی خراسان فی منتصف العقد الرابع الهجری/ منتصف 660م موثقة بشکل رائع[14].

وقد صعد اسم المهلب بن أبی صفرة إلى الواجهة فی حقبة مبکرة من صدر الإسلام شخصیة قیادیة عسکریة واجتماعیة فاعلة ومؤثرة فی الساحة الإسلامیة. فبرز المهلب أولا نتیجة مشارکته مع والده فی الحروب التی خاضها ضد الإمبراطوریة الفارسیة، «وقد أثبت المهلب بن أبی صفرة مکانته فی الحروب والحملات العسکریة التی استهدفت الشرق، وفی الحملات العسکریة الناجحة والمؤثرة ضد ثورات الخوارج فی المناطق الواقعة تحت نفوذه. وقد أوصلته نجاحاته تلک لیصبح والی خراسان»[15].

وفی دراسة بعنوان (الفتوحات العربیة الأولى فی بلاد فارس- The first Arab conquests in Faris) لمارتن هندز توصل هندز إلى أن الحملة العسکریة التی انطلقت من عُمان بقیادة عثمان بن أبی العاص الثقفی والی أمیر المؤمنین عمر بن أبی الخطاب على عُمان وبأوامره المباشرة وشارک فیها أبو صفرة والد المهلب هدفت إلى اجتثاث قوات الإمبراطوریة الساسانیة التی أخذت فی التجمع فی المناطق الساحلیة بین سیراف وفارس بعد هزیمتها فی معرکة جلولا بالعراق فی 16هـ/637م. وقد نصت أوامر أمیر المؤمنین عمر، المتعلقة بعُمان، على أن یدعم حاکما عُمان عبد وجیفر ابنا الجلندى والیه على عُمان آنذاک عثمان بن أبی العاص بقوة عسکریة من القبائل العُمانیة وأن یعبر عثمان بن أبی العاص بتلک القوة إلى الجانب الفارسی من الخلیج لمواجهة القوات الساسانیة، ومنعها من إعادة تکوین نفسها، وقطع الطریق البحری أمام أی قوة یمکن أن تبحر من هرمز تجاه العراق. کانت جلفار- رأس الخیمة- المیناء العُمانی الذی انطلقت منه القوات العُمانیة البحرینیة المشترکة بحرا إلى جزیرة (بن کاوان- التی یرجح أنها جزیرة قشم الحالیة) إذ التحمت بقوة ساسانیة یقودها حاکم کرمان. مهدت هزیمة القوات الساسانیة الطریق للقوة العسکریة القادمة من عُمان للتقدم برا إلى مدینة (توَّج) التی أصبحت بعد فتحها على ید هذه القوات مصرا إسلامیا ومرکزا لتجمع الجیوش شرق البصرة؛ وبذلک فقد أمنت هذه القوة خطا ساحلیا فی البر الفارسی بطول 500کم ممتد من مضیق هرمز إلى ما بعد بندر عباس، وفتحت الطریق إلى البصرة مقر القاعدة العسکریة الإسلامیة فی العراق التی تنطلق منها الجیوش لفتح الشرق. فالفتوحات التی قام بها العُمانیون فی بلاد فارس إضافة إلى أنها أول الفتوحات الإسلامیة فی شرق العراق، مهدت السبیل لنجاح الحملات العسکریة التی قامت بها الجیوش الإسلامیة بعد ذلک منطلقة من قواعدها فی العراق[16].

ویرى أندری وینک[17] أن العوامل التی ساعدت العُمانیین على تحقیق التقدم العسکری فی فارس ومکنتهم من إلحاق الهزیمة بالقوات الساسانیة تتمثل فی العلاقة التاریخیة التی ربطت العُمانیین بفارس، ومهارات العمانیین البحریة، وإسهامهم فی التجارة البحریة فی الخلیج والمحیط الهندی. وتعود تلک العلاقة التاریخیة إلى بدایة عهد الإمبراطوریة الساسانیة التی مدت نفوذها إلى الجزء العربی من الخلیج بما فی ذلک عُمان والبحرین، یقول وینک: «کان الفرس الساسانیون القوة التجاریة المهمة فی الجزء الغربی من المحیط الهندی فی القرنین الخامس والسادس. ووقعت عُمان والبحرین تحت نفوذ فارس فی الحقبة الأخمینیة. فقد أولى أردشیر [مؤسس الإمبراطوریة الساسانیة] سواحل الجزیرة العربیة اهتماما کبیرا وصعَّد إلى أعلى مستوى الحملات البحریة التی استهدفت هذه المنطقة، ونقل أعدادا کبیرة من قبیلة الأزد العُمانیة إلى فارس وإلى الساحل الواقع بین کرمان ومکران. وکان العرب الذین نقلهم أردشیر إلى فارس بحارة وتجارا، وکانوا یدینون بالزرادشتیة حتى ظهور الإسلام، وهیمنوا على نقاط التجارة البحریة الممتدة حتى الساحل الغربی للهند. وقد عزز شهبور (71-241) من السیطرة الفارسیة فی عُمان»[18]. وفی بدایة القرن السابع المیلادی، أی قبل ظهور الإسلام، «أصبح الإبحار على جانبی الخلیج الفارسی تحت هیمنة الفرس. وأصبحت الموانئ العُمانیة الرئیسة مثل صحار ودبا، التی یرتادها تجار یتاجرون مع السند والهند والصین، یدیرها ملک أزدی عربی ومعه حاکم فارسی»[19]. «لذلک؛ فإنه لیس من الصدفة أن یکون لقبلیة أزد عُمان قصب السبق من بین العرب فی فتح فارس ومکران والسند، وأن یصبحوا هم القبیلة المهیمنة لفترة طویلة على الجزء الشرقی من الخلافة الإسلامیة. فمنذ عهد (أردشدیر) انتشرت على سواحل کرمان ومکران مستوطنات یقطنها هؤلاء العرب الذین أصبحوا عرب فارس، وانتظموا فی أعمال تجاریة وصلت حتى السند. ولم تقف أعمالهم التجاریة عند الشراکة فی أعمال تجاریة مع التجار الهنود غرب المحیط الهندی وحسب، وإنما کانوا یصدرون الخیول العربیة التی تجد لها طلبا قویا فی السوق الهندی. ومع التوسع الإسلامی عزز الأزد من قوتهم التجاریة وسلطتهم السیاسیة فی المنطقة. ففی السنوات الأولى من الهجرة قام المسلمون بغزواتهم البحریة إلى فارس والهند من عُمان والبحرین، أی من الموانئ التابعة للأزد. وهیمن الأزد والقبائل المتحالفة معهم من عُمان والبحرین منذ عام 637م على الفتوحات الإسلامیة فی فارس ومکران»[20].

ویؤکد أندری وینک أن المهلب بن أبی صفرة کوَّن لنفسه مکانة مرموقة ودورا مؤثرا وفاعلا فی البصرة، «وأصبح أزد عُمان هم المهیمنون على البصرة، [...]، وأصبحت مکانتهم أکثر شأنا عندما سیطر أحد أفراد هذه القبیلة وهو المهلب بن أبی صفرة على البصرة وأصبح قائد الفتوحات فی خرسان وکرمان والجبهات الهندیة؛ حینئذ تعززت فتوحات مکران التی کان یقطنها منذ أمد بعید بعض قبائل الأزد، بل وامتدت الفتوحات إلى السند. وقد أصبح الأزد أکثر ثراء»[21].

وتوجت مکانة المهلب فی العراق عندما اختاره أهل البصرة لقیادة العملیات العسکریة ضد قطری بن الفجاءة الذی تبنى نهجا تکفیریا متشددا تجاه المجتمع المسلم فی العراق، وشکلت جماعته الأزارقة تهدیدا للأمن والسلم، لا سیما فی البصرة مقر إقامة المهلب وقومه. وقد عنی الباحث الهندی اس ام یوسف بالاستراتیجیة العسکریة التی طبقها المهلب بن أبی صفرة فی حربه على الأزارقة بین عامی 66 - 78هـ/ 696-708م، محللا الشروط التی وضعها المهلب لقبول قیادته للحرب، والعملیات العسکریة التی قام بها والتی أدت إلى تحقیق النصر وهزیمة الأزارقة، وموقف المهلب من السلطة الأمویة. ویؤکد یوسف أن الطلب الملح من أهل البصرة هو الذی دفع المهلب إلى قیادة الحرب ضد الأزارقة، ولم یکن دافعه لخوض تلک الحروب تنفیذ أوامر السلطة الأمویة الحاکمة؛ فلم تصدر إلیه أوامر بهذا الشأن من الخلیفة أو والیه. وهذا القول یتفق مع ما ذکره العوتبی بأن المهلب «لم یوله علیهم السلطان، وإنما ولاه جمیع وجوه العرب إذ عجزوا عن موضعه»[22]؛ وذلک عندما اجتمعوا عند الوالی الأموی على البصرة الحارث بن عبدالله المخزومی فاعتذر لهم عن معرفته بأی شخص یمکن أن یواجه الأزارقة بعدما ألحقوا الهزیمة بحملتین عسکریتین توجهتا من البصرة لقتالهم، «فقالوا له مل إلى المهلب، فلعله یتولى حربهم، فإنه إن فعل وقبل منا ومنک فإنا رجونا أن یدفع الله عدونا ویکفینا أمرهم»[23]. «والشروط التی وضعها المهلب تعبر عن مدى الرؤیة المستقبلیة التی یتمتع بها، وقدرته على التخطیط المنظم لصالح الحملة التی سیقودها؛ فقد ضمن لنفسه قبل کل شیء الموارد التی یتمکن بها من خوض حرب لا یعیقه فیها شیء ولا تتدخل فی شؤونها أی سلطة أخرى»[24].

 وفی الجانب العسکری جنّد المهلب تحت إمرته اثنی عشر ألف محارب یمثلون سائر مکونات المجتمع البصری ممن ضمن ولاءهم ورغبتهم فی خوض الحرب تحت إمرته. وفی الجانب المادی حصل المهلب على موافقة تجار البصرة على تقدیم الدعم المالی لحملته العسکریة بعدما اقتنعوا بأن المهلب هو أملهم الوحید فی مواجهة الأزارقة الذی خنقوا الحرکة التجاریة فی البصرة بسیطرتهم على الأهواز وفارس وهیمنتهم على المصدر الرئیس للمواد الخام التی یعتمد علیها سوق البصرة؛ إذ عرّضوا تجار البصرة إلى خسائر مالیة کبیرة. وفی الجانب اللوجستی اعتمد المهلب فی البدایة على الإمکانیات العسکریة المحدودة للبصرة، واستثمر کل شیء ممکنًا حتى الحجارة، واستغل القوارب فی تنفیذ خطة لعبور النهر لمهاجمة الأزارقة فی مکان تجمعهم وراء نهر بعد أن أُحرق الجسر. وقد أثبت المهلب قدراته العسکریة منذ أول معرکة خاضها ضد الأزارقة فی معرکة (الجسر) على بعد 12 میلا شرق البصرة؛ إذ تمکن وبمعیة ابنه المغیرة الذی قاد أحد الفرق الحربیة المساندة من هزیمة جیش الأزارقة، وإجباره على إخلاء مواقعه والتقهقر نحو الشرق، وفک الحصار عن البصرة. وتکللت جهود المهلب بالنصر العسکری التام على الأزارقة فی عام 78هـ/ 698م. وفی هذا الشأن یقول یوسف: «لقد کان المهلب استراتیجیا عسکریا، واجه مشکلة جدیدة من نوعها بمنهج وأسلوب جدید من نوعه. لقد حاز بکل امتیاز معرفة بآلیات الحرب، وإدراکا ذکیا بالجوانب النفسیة والسیکولوجیة لأعدائه، ودبلوماسیة متزنة، ومعرفة بکل الإشکالیات والصعوبات المتصلة بالحرب مثل الطبیعة الطبوغرافیة للأرض، والنقل والتموین»[25].

      یرى جاسون فان ریل، الذی عنی بدراسة الجانب التجاری فی حیاة المهلب بن أبی صفرة وعائلته، أن المهلب بن أبی صفرة لم یکن قائدا عسکریا أو زعیما قبلیا وحسب، وإنما کان تاجرا وصاحب رؤوس أموال ضخمة، وارتبط هو وأفراد عائلته بعلاقات تجاریة مع تجار البصرة والأقطار الأخرى لا سیما خراسان وفارس وعُمان وشمال إفریقیا. وقد استثمر المهلب فی ممارساته التجاریة، إلى جانب مکانته الاجتماعیة، موقع البصرة التجاری الاستراتیجی المرتبط بطرق مائیة وبریة مع فارس وشبه الجزیرة العربیة والخلیج، ومرکز جذب لکثیر من التجار المحلیین والقادمین من الأجزاء الأخرى من العالم الإسلامی. ونتیجة لذلک کون المهلب وأسرته ثروة هائلة وشبکة من العلاقات الاجتماعیة والسیاسیة والتجاریة مع أطیاف المجتمع المختلفة لا سیما المجتمع الإباضی فی البصرة الذی یجمعه بالمهلب، إضافة إلى الانتماء الفکری، الانتساب إلى قبیلة الأزد والوطن الأم، عُمان، الذی هاجروا منه وما زالوا على علاقة به. فیقول جاسون فان ریل: «کان المجتمع الإباضی فی البصرة دائما على علاقة حمیمیة مع عائلة المهالبة القویة والثریة التی تعود أصولها إلى قبائل الأزد التی استقرت فی البصرة فی وقت مبکر منذ القرن الهجری الأول/ السابع المیلادی. ویقف على هرم أسرة المهلب القائد المعروف المهلب بن أبی صفرة (10-82/ 632-702) حاکم خراسان من 78/ 697 إلى 82/702، وابنه یزید بن المهلب»[26]. وقد امتدت علاقات المهالبة بالمجتمع الإباضی سیاسیا وتجاریا خارج البصرة لا سیما فی شمال إفریقیا عندما عین العباسیون عددا من أفراد أسرة المهلب حکاما على إفریقیا فی القرن 2هـ/8م. ونظرا لاهتمام هؤلاء الحکام المهالبة بالتجارة ازدادت علاقتهم بالمجتمع الإباضی فی شمال إفریقیا الذی کان یمارس التجارة لا سیما مع وسط إفریقیا. وأما فی عُمان فإن العلاقات التجاریة بقیت مستمرة من خلال التجارة البحریة إذ کانت الموانئ والمدن البحریة العُمانیة بمثابة نقاط الاتصال بین البصرة والهند والصین التی وصلها التجار العُمانیون والبصریون منذ القرن الأول الهجری.

      وبما أن المهلب بن أبی صفرة شخصیة قیادیة فقد أثر فی التکوین الفکری والعسکری لأبنائه الذین خاضوا معه الحروب واتبعوا نهجه فی الرئاسة والزعامة. وبرز من بین هؤلاء الأبناء یزید بن المهلب الشخصیة العسکریة والقیادیة الناجحة فی خوض المعارک الحربیة، وکسب الولاءات والأتباع، والقرب من السلطة الحاکمة. وبعد موت المهلب فی 702م، «تربع یزید على ولایة خراسان بعد أبیه المهلب، إلا أنه وقع فی خدیعة الحجاج بن یوسف فخلعه من منصبه. وبعد ذلک التجأ یزید بن المهلب إلى الأمیر الأموی سلیمان بن عبدالملک الذی أجاره من الحجاج. وعندما تولى الخلافة سلیمان بن عبدالملک عیّن یزید بن المهلب والیا له على العراق، إلا أن عمر الثانی خلعه من هذا المنصب عندما تولى الخلافة. وبعد ذلک قاد یزید بن المهلب ثورة ضد الخلیفة الأموی یزید الثانی، إلا أنه هزم وقتل فی عام 720م»[27].

      وقد شکلت هزیمة یزید بن المهلب على ید الجیوش الأمویة ومقتله فی معرکة ببابل بالعراق نهایة دور آل المهلب السیاسی والعسکری فی العصر الأموی، «فقد تم ملاحقة آل المهلب فی کل مکان، وقتل الکثیر منهم وسلبت أموالهم وممتلکاتهم وتقلصت ثروتهم إلى أدنى حد خلال ثلاثین سنة»[28]، إلا أن نهایة الدولة الأمویة وصعود العباسیین إلى الحکم فی عام 750م أعاد لآل المهلب اعتبارهم ومکانتهم الاجتماعیة والسیاسیة، «فقد تمکن سفیان بن معاویة أحد أحفاد یزید بن المهلب من استعادة مکانة العائلة ونفوذها فی العالم الإسلامی فی ذلک الوقت نتیجة الدعم الذی قدمه للعباسیین فی ثورتهم ضد الأمویین»[29].

ثالثا، أصول المهلب بن أبی صفرة العُمانیة وأثرها فی تکوینه الفکری واسهاماته السیاسیة والعسکریة فی الدولة الإسلامیة:

      تأثرت شخصیة المهلب بن أبی صفرة وتکوینه الفکری وأنشطته الحیاتیة بالأحداث التاریخیة والتحولات الجوهریة التی طبعت الحقبة التی عاش فیها وتفاعل مع أحداثها وظروفها. فقد ظهر المهلب بن أبی صفرة فی مرحلة تحول تاریخی محوری تمثل فی مبعث الرسول محمد ﷺ وانتشار الإسلام فی أرجاء الجزیرة العربیة، بما فیها عُمان، والفتوحات الإسلامیة خارج بلاد العرب، بما فیها فارس التی تربطها بعُمان علاقة تاریخیة قبل الإسلام. وامتازت عُمان، إلى جانب دخولها السلمی والإداری فی الإسلام، بإیمان أهلها العمیق بفکرة الإسلام؛ الدین الذی شملت تأثیراته سائر حیاة الفرد وجمیع جوانب المجتمع العربی الدینیة والفکریة والثقافیة والسیاسیة والعسکریة، ومن أهم تلک التأثیرات تبعیة عُمان الدینیة والسیاسیة لمرکز الدولة الإسلامیة فی المدینة المنورة آنذاک. ولم یکن تفاعل العُمانیین واستجابتهم الإیجابیة للدین الجدید محصورا على فئة معینة من أفراد المجتمع العُمانی، کما لم یکن محدودًا على منطقة معینة دون أخرى من البلد، بل تجاوب العُمانیون على مختلف مستویاتهم السیاسیة والدینیة والشعبیة ومن کل ربوع عُمان ومناطقها ومدنها الساحلیة والداخلیة مع ذلک التغییر والحراک. وتمثلت بعض جوانب تفاعل المجتمع العُمانی مع الإسلام فی ذهاب بعض العُمانیین بأنفسهم إلى المدینة المنورة للقاء الرسول محمد، ﷺ، وإعلانهم بین یدیه إیمانهم به وقبولهم بدینه، ومن هؤلاء مازن بن غضوبة (ت 25هـ)، أحد الزعماء الدینیین فی سمائل قبل الإسلام، الذی ذهب مع أحد أصحابه إلى المدینة المنورة والتقى بالرسول محمد، ﷺ، وأسلم على یدیه وعاد إلى عُمان لنشر الإسلام والدعوة إلى الدین الجدید. وبعد وفاة الرسول محمد، تواصلت هجرات العُمانیین إلى الحجاز والعراق والشام بهدف تعلم الإسلام والمشارکة فی جوانب الحیاة الثقافیة والعلمیة والعسکریة والسیاسیة. ونتیجة لذلک التفاعل برز فی تلک المرحلة المبکرة من الإسلام عدد من الشخصیات العُمانیة التی کان لها حضور بارز على الساحة الإسلامیة مثل التابعی الشهیر جابر بن زید (ت 93هـ) الذی درس علوم الدین الإسلامی على کبار صحابة الرسول محمد، ﷺ، منهم ابن عمه عبد الله بن العباس الذی شهد لجابر بن زید بالمکانة العلمیة والقدرة على الفتوى، وکعب بن سور الذی عینه أمیر المؤمنین عمر بن الخطاب قاضیا على البصرة. وفی الجانب العسکری، حفظ التاریخ أسماء شخصیات عُمانیة لها إسهامات، بل وتأثیر على الساحة العسکریة مثل الصحابی عبدالله بن وهب الراسبی الذی شارک فی فتوحات فارس. وتذکر المصادر التاریخیة أن العُمانیین شارکوا فی الصراعات التی دارت بین الصحابة أنفسهم، ففی معرکة الجمل التی وقعت فی البصرة فی (36 هـ/ 656م) حارب زید بن صوحان العبدی العُمانی مع الإمام علی بن أبی طالب، فی حین أن صبرة بن شیمان الحدانی العُمانی قاتل مع أم المؤمنین عائشة فی المعرکة نفسها. لذلک یروی العوتبی أن الإمام علی شکا إلى أبی صفرة موقف قومه الأزد الذین وقفوا مع خصومه فی معرکة الجمل، وقد رد علیه أبو صفرة مطیبا لخاطره ومؤکدا تعاطفه معه قائلا «عز علیَّ والله یا أمیر المؤمنین، لو کنت حاضرًا ما اختلف علیک منهم سیفان»[30]. وکان للعُمانیین حضور بارز فی الصراع المسلح الذی دار بین الإمام علی بن أبی طالب ووالیه على الشام معاویة بن أبی سفیان، وانتصار للشرعیة التی مثلها الإمام علی فی نظرهم.

   وإضافة إلى قناعة العُمانیین بالإسلام، وتبنیهم فکرته وإسهامهم فی تعزیزها ونشرها داخل عُمان وخارجها، کانت عُمان فی زمن ظهور الإسلام ومبعث الرسول محمد، ﷺ، کیانا مستقلا، ولها هویتها الحضاریة وخصوصیتها السیاسیة وسمعتها وشهرتها على مستوى شبه الجزیرة العربیة. وتلک الاستقلالیة والخصوصیة أشار إلیها الرسول محمد، ﷺ، عندما قال لأصحابه فی المدینة: «إنی لأعلم أرضا یقال لها عُمان ینضح بناحیتها البحر بها حی من العرب لو أتاهم رسولی ما رموه بسهم ولا حجر» (أخرجه الإمام أحمد). وقد أرسل الرسول محمد، ﷺ، وفدا خاصا إلى عُمان على رأسه رجل من قبیلة قریش التی ینتمی إلیها الرسول نفسه، بل أحد سیاسیها المحنکین ودبلوماسییها المشهورین، وهو الصحابی عمرو بن العاص، ومعه رسالة موجهة من الرسول محمد شخصیا إلى ملکی عُمان عبد وجیفر ابنی الجلندى، فی عاصمة عُمان صحار آنذاک، یدعوهم فیها إلى قبول دعوته والإیمان برسالته والدخول فی دین الإسلام. وقد تعامل العُمانیون مع موفد رسول الله بما یلیق بمکانته ویظهر سلوک ملوک عُمان وحنکتهم وسیاستهم فی التعامل مع الوفود والرسل. وللتعبیر مجددا عن إیمانهم برسالة الإسلام والانتماء إلى الدولة الإسلامیة والإخلاص لها والولاء للقیادة المرکزیة بالمدینة المنورة أرسل العُمانیون بعد وفاة الرسول محمد، وفدا رفیع المستوى إلى المدینة المنورة برئاسة عبد بن الجلندى التقى بالخلیفة الأول أبی بکر الصدیق وقدّم إلیه التعازی فی وفاة الرسول وجدد له الولاء والطاعة للقیادة الجدیدة.

   وقد انتبه الخلیفة الأول أبو بکر الصدیق، إلى الأهمیة العسکریة لعُمان وما یتمتع به العُمانیون من قوة قتالیة وعدة وعتاد، ونبَّه على ذلک فی کلمته الترحیبیة بالوفد العُمانی قائلا: «معاشر أهل عُمان إنکم أسلمتم طوعا لم یطأ رسول الله ساحتکم بخف ولا حافر، ولا جشمتموه ما جشمه غیرکم من العرب، ولم تزموا بفرقة ولا تشتت شمل، فجمع الله على الخیر شملکم. ثم بعث إلیکم عمرو بن العاص بلا جیش ولا سلاح، فأجبتموه إذا دعاکم على بعد دارکم، وأطعتموه إذا أمرکم على کثرة عددکم وعدتکم»[31]. وقد فهم العُمانیون من حدیث أبی بکر الصدیق أنه یرید منهم المشارکة فی الأعمال العسکریة للدولة الإسلامیة، وفعلا عین أبوبکر الصدیق عبد بن الجلندى قائدا لسریة بها مجموعة من أهل المدینة منهم الصحابی حسان بن ثابت، شاعر الرسول، الذی أشاد بعبد وحزمه وحسن تدبیره[32]. وما لبث الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب أن استثمر إمکانیات العُمانیین العسکریة بإشراکهم فی الفتوحات الإسلامیة فی العراق وفارس بما فی ذلک معرکة القادسیة (15هـ/636م) الشهیرة والحاسمة فی تاریخ الصراع مع الإمبراطوریة الساسانیة. وإدراکا من عمر بن الخطاب بالقدرات البحریة للعُمانیین وأنهم بحارة وملاک سفن وربابنة، إضافة إلى علمه بأهمیة الموقع البحری الاستراتیجی لعُمان، اختار عُمان والعُمانیین لینفذوا أول الحملات البحریة فی تاریخ الدولة الإسلامیة، فانطلقت من عُمان الحملة الحربیة التی أمر والیه على عُمان عثمان بن أبی العاص الثقفی بقیادتها لفتح الجبهة البحریة الشرقیة من الدولة الساسانیة. لذلک یؤکد مارتن هندز أن الفتوحات الإسلامیة الأولى فی بلاد فارس حدثت بین عامی 16-19هـ/637-640م وقام بها العُمانیون إضافة إلى قبائل عبدالقیس البحرینیة وبقیادة عثمان بن أبی العاص الثقفی والی أمیر المؤمنین عمر بن أبی الخطاب على عُمان وبأوامره المباشرة[33].

وقد عاش المهلب بن أبی صفرة تلک التحولات الکبرى منذ نعومة أظفاره، واکتسب من أبیه سارق بن ظالم ومن قومه أهل عُمان، معانی الانتماء للإسلام وفق مفاهیم العُمانیین الذی اعتنقوا الإسلام بمحض إرادتهم ونالوا ثقة القیادة المرکزیة فی المدینة المنورة ورضاها، وتأکدت لدیهم رغبة تلک القیادة فی أن یقوم العُمانیون بدورهم فی دعم الدولة الإسلامیة وتعزیزها ونشر الإسلام. فکان والد المهلب، أبو صفرة سارق بن ظالم، أحد أعضاء الوفد العُمانی الذی ذهب إلى المدینة المنورة بقیادة عبد بن الجلندى، وتحدث باسم الوفد عندما التقى بأبی بکر الصدیق وکبار الصحابة وناقش معهم الدور المتوقع من العُمانیین فی الدولة الإسلامیة بعد وفاة الرسول محمد، ونقلوا إلیهم حسن ثنائه على أهل عُمان ومکانتهم لدیه. وکان أبوه کذلک قائدا لأحد أجنحة الجیش الذی خرج من عُمان بقیادة عثمان بن أبی العاص إلى فارس وإلحاق الهزیمة بالقوة الساسانیة المتجمعة عند مضیق هرمز والتقدم من هناک على طول الشریط الساحلی فی البر الفارسی نحو العراق لتأمین ذلک الخط الساحلی وضمه إلى سیطرة الدولة الإسلامیة.  

     وقد اکتسب المهلب، الذی کان لم یزال طفلا عندما خرج أبوه من عُمان لقیادة الأزد العُمانیین فی جیش عثمان بن أبی العاص فی فتوحات الساحل الشرقی من فارس، القیادة العسکریة، والزعامة القبلیة، والانتماء للدولة الإسلامیة والإخلاص لقیادتها المرکزیة فی المدینة المنورة. فنظرا لمکانة أبی صفرة فی المجتمع رشحه العُمانیون لعثمان بن أبی العاص فی المشاورات التی أجراها معهم فی الکیفیة التی سینفذ بها أوامر أمیر المؤمنین عمر. وتعززت مکانة أبی صفرة بالقوة التی جهزها من عُمان لدعم جیش عثمان بن أبی العاص، فقد خرج من عُمان بمائة ناقة ومائة فرس بقیت معه حتى وفاته. کما تعززت مکانته بالنجاحات والانتصارات التی حققها جیش عثمان بن أبی العاص فی فارس، وبالمکانة التی حظی بها بعد استقراره هو وقومه الأزد فی البصرة، لا سیما أن البصرة قد قسمت، حسب توجیهات أمیر المؤمنین عمر بن الخطاب، بین القبائل وعلى وفق الانتماء القبائلی؛ مما کرس من التبعیة للقبیلة وعزز من مکانة زعماء القبائل وقادتها. ومما یؤکد على مکانة أبی صفرة فی البصرة أن عبد الله بن العباس والی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب على البصرة هو الذی تولى الصلاة علیه یوم موته وقال «لقد دفنا الیوم سید هذه النفرة»[34].

     وقد حرص أبو صفرة على تقدیم أبنائه إلى القیادة الإسلامیة، والمجتمع بشکل عام، أنهم محاربون وقادة وزعماء.  فقد اصطحب أبو صفرة أبناءه عند مشارکته فی الغزوات والحروب. فقد اصطحب أبوصفرة ابنه المهلب فی غزوة (سجستان) التی قادها عبد الرحمن بن سمرة القرشی سنة 31هـ/651م. وأثبت المهلب فی هذه الغزوة جدارته الحربیة وبسالته فی أرض المعرکة ونال إعجاب قائد الجیش عبد الرحمن بن سمرة القرشی وثقته ورضاه.

ثم ازداد صعود اسم المهلب شخصیة لها اعتبارها المستقل ودورها القیادی باللقاء الذی جمعه، وبحضور والده أبی صفرة، بأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب، کرم الله وجهه فی عام (36 هـ/ 656م). ففی هذا اللقاء حظی المهلب برضى أمیر المؤمنین وقبوله وتقلیده منصبا قیادیا بارزا لیصبح أحد القادة العسکریین للإمام علی، وممثله الشخصی لدى مناوئیه المنهزمین فی معرکة الجمل، ورسوله الذی حمل إلیهم قرار الإمام علی بالعفو عنهم وطی صفحة الماضی وفتح صفحة جدیدة فی العلاقة بهم. یقول العوتبی «وانطلق أبو صفرة بالمهلب وهو یومئذ له سبع وعشرون سنة، فأدخله على علی، فمسح من مقدم رأسه إلى قدمیه، ومن ذؤابته إلى قدمیه، وعقد له الرایة وقال: اللهم ارزقه الشجاعة والسخاء والنهى. [...]. وقال أخرج فی أثر أهل البصرة نحو الأهواز والبادیة، [...] فآمنهم عنی وأخبرهم أن یرجعوا إلى منازلهم فی أمان الله وذمة نبیه، فقد عفا الله عما سلف ومن عاد فینتقم الله منه[35]. وبعد انتقال الحکم إلى معاویة بن أبی سفیان استمرت علاقة المهلب بالخلفاء الأمویین وولاتهم فی العراق. کما حافظ المهلب على مرجعیته القبلیة ومکانته الاجتماعیة زعیما لقومه الأزد ومرجعا للعُمانیین المهاجرین إلى العراق. بل إن أداءه الممیز فی فتوحات خراسان تحت قیادة الحکم بن عمرو الفزاری أکسبته رضا معاویة بن أبی سفیان وإعجابه ودعا له سعد بن أبی وقاص فی بلاط معاویة وبحضرته بأن لا یریه الله ذلا وأن یکثر ماله وولده[36].

وإضافة إلى تأثر شخصیة المهلب بالتنشئة العسکریة والزعامة القبلیة، تأثر کذلک بالجو العلمی الذی کانت تصطبغ به تلک الحقبة من صدر الإسلام. ومثل سائر العُمانیین المهاجرین إلى العراق اهتم المهلب بالعلوم الإسلامیة وأشعار العرب حتى أصبح من رواة الحدیث والشعر ومن الخطباء المشهورین. یقول المؤرخ العوتبی «لم یکن فی وقت المهلب فی جمیع العراق وقبائل العرب رجل یفی به فی الحزم والعلم والصدق والأمانة والوفاء والروایة للحدیث، والخطابة والبلاغة والشعر والبیان الذی لیس فی الأرض مثله.  وکان أجمع الناس للخصال المحمودة للرجال. ومن کمال عقله أنه لم یحضر فتنة قط. وکان أکثر وصایاه لأولاده بلزوم الطاعة، ولم یطعن علیه فی سب، ولم یساب أحد فی شیبته، ولم یسب أحد فی کهولته»[37].

الخاتمة:

یتضح مما سبق أن المهلب بن أبی صفرة شخصیة عُمانیة اکتسبت شهرة عالمیة نتیجة مشارکته فی الفتوحات الإسلامیة فی فارس وباکستان والهند وأفغانستان، وإسهاماته فی توحید دعائم المجتمع المسلم فی العراق، وأدواره البارزة فی الصراع العسکری والفکری فی صدر الإسلام.

ویتضح کذلک تفاعلت عوامل عدة منها الزمان والمکان والوعی الفکری للمجتمع الذی ینتمی إلیه المهلب بن أبی صفرة فی إنتاج شخصیته وکونت المجموع الکلی لسیرته وإنجازاته. وعالمیة المهلب ذاتیة کامنة فی شخصه وشخصیته التی خرجت من محدودیة المکان (عُمان) الذی ولد فیه، والمجتمع الذی ینتمی إلیه (أزد عُمان)، لیصبح أحد رجالات الدولة الإسلامیة، وقیادیا فاعلا فی توطید أرکانها السیاسیة والعسکریة والاجتماعیة، وشخصیة کاریزمیة جذبت إلیها قادة المجتمع وأفراده من مختلف الطبقات والاهتمامات والانتماءات العلمیة والأدبیة والسیاسیة والاجتماعیة، وقائدا عسکریا یعود إلى قدراته العسکریة ومهاراته القتالیة واستراتیجیاته المیدانیة الفضل فی توسع الدولة الإسلامیة على مساحة شاسعة من الأرض بدءًا من العراق ومرورا بفارس والسند والهند وانتهاء بأفغانستان، ومؤسسا لأسرة (آل المهلب) التی أنجبت العدید من الشخصیات المؤثرة والفاعلة فی التاریخ الإسلامی لیس فقط فی عهد الخلفاء الراشدین بل وفی الحقبتین الأمویة والعباسیة وما بعدها، ولیس فی عُمان وحسب، بل وفی العراق وشمال إفریقیة، والأندلس وغیرها.

کما یتبین أن عالمیة المهلب بن أبی صفرة علمیة أکادیمیة من خلال الدراسات التی عنیت به، وکذلک عنایة الباحثین والمؤرخین والکتاب الذین اهتموا بالکتابة عنه والبحث فی تاریخه. وهذا الاهتمام المتجدد والمستمر من قبل الباحثین والمؤلفین والکتاب من مختلف دول العالم والمؤسسات الأکادیمیة والثقافیة والتخصصات العلمیة بالمهلب بن أبی صفرة وتراثه ومآثره، وأسرته أنتجت مادة علمیة غزیرة وتعددا فی المناهج التی درست بها شخصیته، وتنوعا فی التفسیر والتأویل للأحداث والمنعطفات التاریخیة والشخصیات والنتائج والمسببات التی ارتبطت بالمهلب وزمنه، وهی ظاهرة إیجابیة مطلوبة ومحمودة فی الأطروحات العلمیة والساحة الأکادیمیة.

وعالمیة المهلب بن أبی صفرة تأبى أن یکون المهلب حکرا لجهة محددة أو أیدولوجیة معینة؛ فهو من حیث البعد التاریخی یشکل أهمیة للدول التی وطأت أقدامه ترابها والشعوب التی أثّر فی تأریخها وتراثها ولمن أراد أن یتناوله بالدراسة والتحلیل من العلماء والکتاب والباحثین؛ فالملهب عُمانی الأصل والنشأة، وأهمیته التاریخیة عربیة إسلامیة شاملة، وتناوله الباحثون والمؤلفون من مناطق مختلفة العالم.

وتوصی الدراسة بضرورة الاستمرار فی دراسة التراث المتصل بالمهلب بن أبی صفرة، والاهتمام بالإنتاج العلمی الأکادیمی المتوافر حالیا عن المهلب وآل المهلب وتنقیحه وتحقیقه وتوفیره للقراء والمهتمین.

[1] AlNaboodah, Hassn (2006). Oman. In Mery, Josef (Ed.). Medieval Islamic Civilization: an encyclopedia Vol. 2. London: Routledge.

[2] Van-Riel, J.H. (2012). The Ibāḍī Traders of Bilād al-Sūdān. Unpublished Master thesis, The American University in Cairo, School of Humanities and Social Sciences.

[3] Yusuf, S. M. (1943). Al-Muhallab bin Abi Sufra: his strategy and qualities of generalship. Islamic Culture. Vol. XVII, No. 1, pp 1-14.

[4] Yusuf, S. M. (1944). Al-Muhallab bin Abi Sufra. Vol. XVIII, No. 2, pp 131-144.

[5] Wink, Andre (2002). Al-Hind, the Making of the Indo-Islamic World.Boston, Brill Academic Publishers, , ISBN 0-391-04173-8.

[6] Hinds, Martin (1991).  An early Islamic family from Oman: Al-Awtabi's account of the Muhallabids. Manchester: University of Manchester.

[7] العوتبى سلمة بن مسلم، الأنساب، تحقیق: د. محمد إحسان النص، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 20016، ج2، ص 53.

[8] (Hinds, (1991، ص 1.

[9] ( AlNaboodah, (2006، ص 575.

[10] نفسه، ص 575.

[11] (Hinds, (1991 ص 2.

[12]  نفسه، ص 1.

[13] (Hinds, (1991، ص 6.

[14] (Hinds, (1991، ص 6.

[15] نفسه، ص 2.

[16] Hinds, Martin. (1984). The First Arab Conquests in Fārs, Iran, 22:1, 39-53, DOI: 10.1080/05786967.1984.11834297

[17] Wink, (2002)

[18] (Wink, (2002 ص 48.

[19] نفسه، ص 51.

[20] (Wink, (2002 ص 52.

[21] نفسه، ص 52.

[22] العوتبی، سلمة بن مسلم، الأنساب ج2، ص 604.

[23] نفسه، ص 604.

[24] (Yusuf, (1944 ص 135.

[25] (Yusuf, (1943 ص 2.

[26] van-Riel, J.H.. (2012). The Ibāḍī Traders of Bilād al-Sūdān. Unpublished Master thesis, The American University in Cairo, School of Humanities and Social Sciences. ص 31.

[27] (Hinds, (1991 ص 2.

[28] نفسه، ص 2.

[29] نفسه، ص 2.

[30] العوتبی، سلمة بن مسلم، الأنساب ج2، ص 600.

[31] الإزکوی، سرحان بن سعید، کشف الغمة الجامع لأخبار الأمة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 2013، ص 109.

[32] نفسه.

[33] Hinds, (1984)

[34] العوتبی، سلمة بن مسلم، الأنساب ج2، ص 602.

[35] العوتبی، سلمة بن مسلم، الأنساب ج2، ص 601.

[36] نفسه

[37] العوتبی، سلمة بن مسلم، الأنساب، ج2 ص 603.
 

 


   الإزکوی، سرحان بن سعید، کشف الغمة الجامع لأخبار الأمة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 2013.
   العوتبى سلمة بن مسلم، الأنساب، تحقیق: د. محمد إحسان النص، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 20016، ج2.
   AlNaboodah, Hassn (2006). Oman. In Mery, Josef (Ed.). Medieval Islamic Civilization: an encyclopedia Vol. 2. London: Routledge.
   Hinds, Martin (1984) The First Arab Conquests in Fārs, Iran, 22:1, 39-53, DOI: 10.1080/05786967.1984.11834297
   Hinds, Martin (1991).  An early Islamic family from Oman: Al-Awtabi's account of the Muhallabids. Manchester: University of Manchester.
   Van-Riel, J.H. (2012). The Ibāḍī Traders of Bilād al-Sūdān. Unpublished Master thesis, The American University in Cairo, School of Humanities and Social Sciences.
   Wink, Andre (2002). Al-Hind, the Making of the Indo-Islamic World.Boston, Brill Academic Publishers, , ISBN 0-391-04173-8.
   Yusuf, S. M. (1943). Al-Muhallab bin Abi Sufra: his strategy and qualities of generalship. Islamic Culture. Vol. XVII, No. 1, pp 1-14.
   Yusuf, S. M. (1944). Al-Muhallab bin Abi Sufra. Vol. XVIII, No. 2, pp 131-144.