علاجات الشیخ منصور بن ناصر الفارسي: مدخل لفهم منهجیة الأطباء القدامى في تشخیص وعلاج الأمراض

الباحث المراسلد. سعید بن محمد الریامی كلية عمان لطب الأسنان

Date Of Publication :2022-11-10
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

تذکر الموسوعة العمانیة([1]) أن المؤرخین العرب یقسمون الممارسة الطبیة عبر العصور إلى ممارسة عملیة مبنیة على التنظیر العلمی والفلسفی، وهی التی یجمع فیها الطبیب بین الممارسة العملیة لمهنة الطب الدوائیة أو الجراحیة والتدوین المستمر لما یقوم به من أبحاث عملیة أو یضعه من تنظیرات فلسفیة، وأخرى یکتفی فیها الطبیب بکونه ممارساً لعلاجات طبیة تعلمها مباشرةً من أسلافه أو قرأها فی کتب سابقیه من الأطباء. وفی عُمان یبرز الطبیب الشیخ راشد بن عمیرة الرستاقی - الذی عاش فی الفترة التی امتدت بین أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر - کأوضح مثال على أطباء المجموعة الأولى الذین برزوا فی الطب ممارسة وتجربة وتنظیراً وتألیفاً. فراشد بن عمیرة – کما یذکر محقق کتابه "مختصر فاکهة ابن السبیل" - له من المؤلفات الطبیة ما یربوا على العشرة، لا یکتفی فیها ببیان الأمراض وأسبابها وعلاماتها وطرق تشخیصها، بل یتوسع فی مؤلفاته إلى تفصیلات فی علوم التشریح وعلم وظائف الأعضاء وأسالیب العلاج المختلفة وطرق تحضیر الدواء. أما الشیخ منصور بن ناصر الفارسی - الذی تحاول هذه الورقة التعرف من خلال علاجاته على فهم المنهجیة التی کان الأطباء القدامى یتبعونها فی تشخیص الأمراض وعلاجها – فهو ربما ینتمی إلى المجموعة الثانیة التی اکتفت بالممارسة العلاجیة دون التألیف أو التنظیر الطبی، متخذا من منهجیة القدماء وعلومهم طریقة فی ممارساته العلاجیة. أما السبب الذی أفضى بالباحث إلى تصنیف الشیخ منصور الفارسی ضمن الفئة الثانیة من الأطباء فهو غیاب مؤلفاته الطبیة رغم اشتهاره بممارسة الطب. ولعل سبب ذلک یعود إلى اشتغاله أساساً بعلوم الفقه واللغة والأدب التی برز فیها فکان أحد أعلام زمانه. وما مؤلفاته العدیدة – التی اقتصرت على هذه المجالات دون الطب - إلا دلیل على سعة وعمق علمه وتفرغه لهذه العلوم، دون الطب أیضاً – الذی اکتفى منه بالممارسة العملیة وبرع فیها.

  وانطلاقاً من هذه الحقیقة – وهی غیاب التدوین والتنظیر الطبی المکتوب عند الشیخ الفارسی – والحقیقة الأخرى، وهی کون الشیخ الفارسی عالماً وفقیها ومفکرا ومؤلفاً بارزاً یستند فی علومه إلى منهجیات واضحة، یتبادر إلى الذهن سؤال منطقی حول المنهجیة التی کان یتبعها الشیخ الفارسی فی التعامل مع الحالات المرضیة التی یتولّى فحصها ووصف الدواء لها، وفی تقسیم الأمراض وتشخیصها وتفسیر الأعراض التی یعانی منها المرضى الذین کانوا یلجؤون إلیه. کما یحیلنا هذا التساؤل عن منهجیة الشیخ الفارسی تلقائیاً إلى سؤال مشابه عن المنهجیة المتبعة عند الأطباء القدماء ممن عاصروه أو سبقوه.

   فی هذه الورقة یحاول الباحث – من خلال تحلیل لوثیقة مطبوعة تحتوی على قائمة من العلاجات التی کان الشیخ منصور بن ناصر الفارسی یمارسها – أن یجیب على التساؤل أعلاه، وأن یتبین من خلال هذه الوثیقة ما إذا کانت هناک من مرجعیة علمیة یستند إلیها الشیخ منصور فی تشخیصه للأمراض، أو منهجیة تطبیقیة ثابتة یمارسها عند الفحص للتعرف على علامات المرض ووصف العلاج. وقد وردت هذه الوثیقة إلى الباحث عن طریق الشیخ ناصر من منصور بن ناصر الفارسی الذی قام بتجمیعها من وثائق وقصاصات متفرقة کان أبوه الشیخ منصور قد دونها فی فترات متفرقة من حیاته. احتوت الوثیقة على ما مجموعه 121 مرضا تم تصنیفها إلى ثمانیة أبواب کما هو موضح فی الجدول رقم (1) فی أدناه.

الباب

الأبواب الفرعیة للأمراض

الأمراض/ العضو المصاب کما جاء ذکرها فی القائمة

1

أمراض خارج الجسم

الجلد

2

أمراض داخل الجسم

الرأس، الأذن، الفم، الأنف، الحلق، العین، الرقبة

3

أمراض الصدر

الرئتان، القفص الصدری

4

أمراض المعدة

الجهاز الهضمی

5

الأمراض الباطنیة

الجهاز البولی، المرارة، القلب، الکبد، القولون، فتحة الشرج

6

الأمراض الشائعة

الشلل، داء الفیل

7

أمراض الدم

الصفار، فقر الدم، الرعاف

8

أمراض المفاصل والعظام

المفاصل، العظام

الجدول (1): تصنیف الأمراض کما وردت فی وثیقة الشیخ منصور الفارسی

الإطار المرجعی للبحث:

        یستند البحث فی هذه الورقة إلى إطار مرجعی یتمثل فی المنهجیة العلمیة الحدیثة المتبعة فی ممارسة الطب. حیث تتم محاولة التعرف على منهجیة الأطباء القدماء - التی یمثلها فی هذا البحث الشیخ منصور الفارسی – من خلال عمل مقاربة مع المنهجیة المتبعة حالیاً فی دراسة وممارسة الطب، وذلک من خلال التعرف على الأسس المعرفیة المکونة لکلا المدرستین، والتی یستند علیها الأطباء فی فهم منشأ الأمراض وطرق تشخیصها وعلاجها والوقایة منها، والتی یمکن استخلاصها من کتب الطب الحدیثة ککتاب مبادئ طب الأمراض الباطنیة لهاریسون مثلاً([2]).

المنهج العلمی الحدیث فی التعامل مع المرض:

      تستند الممارسة الطبیة الحدیثة على مجموعة من الأسس المعرفیة التی تشکل قواعد أساسیة تعتمد علیها مدارس وکلیات الطب فی العالم لتخریج أطباء قادرین على تشخیص الأمراض ووصف الأدویة المناسبة لعلاجها، کما فی الشکل رقم (1). وقد نشأت هذه المعارف – التی هی الزاد الیومی للطبیب فی عیادته - إثر جهود علمیة قام بها علماء ومختصون خارج نطاق الممارسة الطبیة الیومیة فی العیادات والمستشفیات، فی بیئات معملیة تحکمها ضوابط وقوانین علمیة صارمة. ویمکن تلخیص هذه الأسس المعرفیة فیما یلی:

 

الشکل رقم (١): الأسس المعرفیة التی تقوم علیها الممارسة الطبیة الحدیثة

أولاً: المادة العلمیة اللازمة لفهم الجسم البشری والوظائف الطبیعیة لأجهزته وأعضائه وأنسجته وخلایاه

         إن من البدیهی أن یکون التعرف على تفاصیل الجسم البشری التشریحیة والوظیفیة شرطاً أساسیا من شروط إتقان مهنة الطب. وتضطلع بهذه المهمة مدارس وکلیات شتى فی العالم بعضها یُدرّس الطب وکثیر منها متخصص فی بحث وتدریس هذه العلوم فقط. ویکفی هنا أن نذکر أمثلة على هذه العلوم کعلم التشریح الذی یُعنى بدراسة التفاصیل الدقیقة لترکیب الجسم البشری وأعضائه المختلفة، وعلم الفسیولوجیا الذی یبحث فی وظائف الأعضاء، وعلم الکیمیاء الحیویة الذی یفند وظائف الخلیة المختلفة وتفاعلاتها، وعلم الأجنة وعلم الخلایا والأنسجة وعلم الأدویة وغیرها کثیر.

ثانیاً: دراسة وفهم علم الأمراض وکیفیة نشوئها وتطورها فی جسد المریض

       تتعدد الطرق التی تُقسم بها الأمراض فی مراجع الطب الحدیث. إلا أن التقسیم الغالب هو ذلک الذی یمکن أن یطلق علیه التقسیم التشریح – وظیفی، والذی یقسم الأمراض حسب ما تصیبه من أجهزة وظیفیة فی الجسم. فهناک أمراض الجهاز الدوری وأمراض الجهاز التنفسی وأمراض الجهاز البولی وأمراض الجهاز العصبی، وهکذا. ویتیح الفهم المتعمق لتشریح ووظائف الأعضاء فی کل جهاز من أجهزة الجسم للطبیب التعرف على ما یعتری هذه الأعضاء ووظائفها من خلل خلال المرض.  

       کما یُعد فهم مسببات الأمراض من الأمور بالغة الأهمیة فی عملیة التشخیص والعلاج، حیث تختلف سیرورة المرض وتطوره حسب مسبباته. ویمکن حصر مسببات الأمراض - کما یتم تدریسها حالیا فی کلیات الطب فیما یأتی:

  1. المیکروبات: وهی الکائنات الحیة المجهریة کالفیروسات والبکتیریا والفطریات وغیرها. حیث تنفذ هذه الکائنات عبر منافذ الجسم الطبیعیة أو غیر الطبیعیة - کالجروح مثلاً - وتهاجم الجسم مسببة أعطالا وظیفیة محددة مما یترتب علیه ردة فعل وهجوم معاکس من قبل الجهاز المناعی فی جسم المریض. وهذه تسمى الالتهابات المیکروبیة.
  2. الاختلالات الجینیة: وهی تغیرات وطفرات تطرأ على الجینات الحاملة لشفرات تکوین الجنین البشری؛ مما ینتج عنها اعتلالات تشریحیة أو وظیفیة فی الجنین. وهذه ینشأ عنها ما یعرف بالأمراض الوراثیة.
  3.  الاختلالات الأیضیة: وهی تغیرات تحدث فی عملیات الأیض الطبیعیة فی داخل الخلیة. هذه العملیات هی المسؤولة عن إنتاج الطاقة فی الجسم، إلى جانب ما یعرف بعملیات البناء والهدم داخل الخلیة. ولعل مرض السکری هو أهم الأمراض فی هذه المجموعة.
  4. الإصابات والحوادث: وهی ما یتعرض له جسم الإنسان من إصابات أثناء ممارساته الحیاتیة المختلفة. ومع أن الکسور والحروق هی الأکثر شیوعاً فی هذه المجموعة، إلا أن الإصابات والحوادث متعددة ومتنوعة ویمکن أن تطال أی مکان فی الجسم.
  5. اختلالات الجهاز المناعی: وهذه تشبه إلى حد بعید تلک التی تحدث فی عملیات الأیض بل وتتقاطع معها کثیراً؛ حیث تتسبب هذه التغییرات فی نوع من التشویش الذی ینتج عنه خلط بین ما هو خاص بالجسم وما هو خارجی مما یؤدی إلى إفراز خلایا الجهاز المناعی لأجسام مضادة تهاجم خلایا الجسم مسببة تلفاً یؤدی إلى اعتلال وظیفی. ولعل أمراض الغدد کالغدة الدرقیة والکظریة من أکثر هذه الأمراض شیوعاً فی هذه المجموعة.

ثالثا: إتقان مهارات الطب السریری اللازمة للتعامل مع المریض

وتشمل هذه المهارات ما یلی:

  1. معرفة تاریخ المرض وأعراضه:

    یحاول الطبیب من خلال أسئلة محددة وموجهة أن یتبین الأعراض التی یعانی منها المریض، مع تفنید مفصل لکل عرض من حیث حدته ومدته وموقعه فی الجسم. وتعکس أعراض کل مرض ما طرأ من تغیّر على وظیفة العضو الجسدی أو الجهاز الوظیفی المصاب. وقد تشترک مجموعة من الأمراض أحیانا فی نفس الأعراض، خاصة تلک التی تنتج عن خلل وظیفی أو تهیّج لجهاز من أجهزة الجسم ذات الانتشار التشریحی والوظیفی الکبیر فی الجسم، کالجهاز العصبی مثلاً.

  1. الفحص السریری للمریض:

    یقوم الطبیب بفحص جسد المریض حسب منهجیة تستند إلى تقسیم الجسد إلى أجهزته الوظیفیة المعروفة (الجهاز التنفسی والجهاز الدوری والجهاز الهضمی.. الخ) فی محاولة منه للتعرف على آثار المرض وعلاماته التی ترکها على جسد المریض.

        جدیر بالذکر أن الأعراض التی یشعر بها المریض والعلامات المرضیة التی یُحدثها المرض فی الجسد عادة ما تکون مُحددة وممیزة لکل مرض، مع اشتراک لمجموعة منها فی نفس المرض أحیاناً - کما تمت الإشارة سابقا.

رابعا: إجراء الفحوصات المختبریة التأکیدیة:

        تتنوع الفحوصات التی یُجریها الطبیب لتأکید أو نفی ما توصّل إلیه من تشخیص مبدئی عبر الخطوتین السابقتین، لتشمل الفحوصات المختبریة التی تُجرى على سوائل وإفرازات الجسد کالدم والبول والبراز والمخاط، إلى جانب الفحوصات الإشعاعیة والفسیولوجیة وغیرها حسب ما تقتضیه قائمة التشخیص المبدئی.

خامساً: الإلمام بطرق التداوی ووصف العلاج:

       ویکون ذلک عن طرق وصف المواد الکیمیائیة – وهی الأدویة – أو الطرق الأخرى کالجراحة وغیرها. ویقتضی ذلک دراسة مستوفیة لعلوم الأدویة والصیدلة. بعد إجازته فی کل هذه العلوم والمهارات یصبح الطبیب قادراً على التعامل مع المریض تشخیصاً وعلاجاً.

الأسس المعرفیة للممارسة الطبیة عند أطباء عمان قدیماً:

      لا تختلف الرؤیة قدیما عما هی علیه الیوم فیما یختص باشتراطات الترخیص بممارسة الطب. فالطبیب قدیما – کما هو الحال الآن – یُشترط أن یکون لدیه الأسس المعرفیة المُتفق علیها لممارسة الطب. وقد اعتمد الأطباء فی عمان قدیماً على ما توفر لدیهم حینها من المعارف الطبیة التی شملت کثیراً من کتب أطباء الیونان الأقدمین وغیرهم من مشاهیر الأطباء العرب والمسلمین. فقد اعتمد الشیخ الطبیب راشد بن عمیرة الرستاقی - مثلاً - فی ممارساته وتألیفاته الطبیة على کتب جالینوس وأبقراط إلى جانب کتب الأطباء العرب من أمثال محمد بن زکریا الرازی ومهدی بن علی الصنیبری([3]). کما أنهم اشترطوا لممارسة الطب إتقان العلوم النظریة والعملیة اللازمة لذلک. فأبو محمد الأزدی فی کتاب الماء یصنف الطب إلى طب نظری وطب عملی([4]). أما النظری فهو ما یختص بمعرفة أعضاء الجسد ووظائفها وکذلک معرفة الأمراض وأسبابها والأدویة واستعمالاتها. والعملی هو التدرب على الممارسة الطبیة على أیدی أطباء ذوی خبرة.

       وجه الاختلاف بین الممارسة الطبیة القدیمة والحدیثة إذاً لا یکمن فی الشروط والمحددات اللازمة لممارسة مهنة الطب، وهی إتقان العلوم والمهارات اللازمة لممارسة الطب، بل فی ماهیة المعارف الطبیة التی تغیرت وتطورت مع الزمن. فبالإضافة إلى ما توفر حینها من معرفة فی مجال علم التشریح ووظائف الأعضاء وعلم الأدویة والأعشاب – مما لا داعی للتفصیل فیه هنا - تبرز عناصر أخرى ذات أثر بالغ فی تشکیل المعرفة الطبیة التی بُنیت علیها الممارسة العملیة للطب فی ذلک الوقت، وهی ما یمکن تسمیته بطبائع الأشیاء. ومعنى ذلک – کما یقول إبراهیم بن عبد الرحمن الأزرق([5]) أن للأشیاء فی الدنیا خواصّ وطبائع أربع لابد من معرفتها وأخذها فی الاعتبار عند التشخیص والعلاج. فالدنیا فی البدء خُلقت من الریح والنار والتراب والماء. وبیانها فی الأشیاء بالحرارة والبرودة والیبوسة والرطوبة. وتکتسب أعضاء الجسد ومکوناته خواصها من هذه الطبائع الأربعة، فهی إما حارة یابسة أو حارة رطبة أو باردة یابسة أو باردة رطبة - کما هو موضح بالجدول رقم (2).

 

 

طبائع الأشیاء

یابس

رطب

 

حار

 

 

حار یابس

 

حار رطب

 

بارد

 

 

بارد یابس

 

بارد رطب

الجدول رقم 2: الطبائع الأساسیة للأشیاء

أما جسد الإنسان، بالإضافة إلى أعضائه ومکوناته المعروفة، فبه أخلاط أربعة هی الصفراء والدم والبلغم والسوداء([6]). وهذه أیضا تتصف بما ذُکر أعلاه من طبائع. فالصفراء حارة یابسة، والدم حار رطب، والبلغم بارد رطب، والسوداء باردة یابسة. ولکلٍّ من هذه الاخلاط موقع فی جسد الإنسان. فالصفراء فی المرارة والدم فی الکبد والبلغم فی الرئة والسوداء فی الطحال. وتلعب هذه الأخلاط دوراً مهما فی صحة الإنسان ومرضه وتناغم مزاجه. فالدم هو مصدر السرور بینما الحزن مصدره البلغم. أما الجرأة فهی من الصفراء والخوف من السوداء. وعند تشخیص الداء لابد أن یراعى مصدره وطبعه، ویوصف دواؤه من ضده، کما هو موضح فی الجدول 3.

 

الأخلاط

الصفراء

الدم

البلغم

السوداء

مسکنها فی الجسم

المرارة

الکبد

الرئة

الطحال

طبائعها

حار یابس

حار رطب

 

بارد رطب

بارد یابس

فصولها

 

الصیف

الربیع

الشتاء

الخریف

الأطعمة المهیجة

(أمثلة)

العسل، الثوم

الحلوى، الطبائخ الدسمة

الألبان، الفواکه

العدس، لحم البقر، الباذنجان

الدواء

 

کل بارد رطب

کل بارد یابس

کل حار یابس

کل حار رطب

أمثلة على الدواء

سمن الماعز، الشعیر، البطیخ

الذرة، اللبن الحامض، العنب. الحجامة، الفصد

العسل، الفلفل، الزنجبیل، القرفة

اللبن، الموز،

علامات المرض

الصداع، صفرة اللون، الدمامیل فی الرأس،

ارتفاع الحرارة، الرمد، الجدری

البرص، الفالج، الجرب

شدة العطش، قلة النوم، الجذام، الرعاف

الجدول رقم (3): الأخلاط وطبائعها وعلاقتها بالفصول والمهیجات والأمراض

      وتنسحب هذه الطبائع على فصول السنة أیضاً. حیث أجمع الأطباء قدیما على اختلاف طبائع الأبدان باختلاف الفصول. ومع اختلاف طبائعها فی الفصول تختلف ردود أفعال الأبدان ودرجات استعدادها للإصابة بالأمراض وتلقی العلاج الذی یختلف بدوره فی کل فصل. فالصیف حار یابس تهیج فیه صفرة المرارة وتتسبب حرارته فی موت کثیر من البراغیث، ویستحب فیه أکل أطعمة محددة تکون لطیفة على المعدة وسهلة الهضم. أما الخریف فبارد یابس وهواؤه ردیء متقلب، ویستحب فیه أکل الأطعمة الحارة. والشتاء بارد رطب تؤکل فیه الأطعمة الساخنة والقویة کاللحم والسمن. أما الربیع فذو مزاج معتدل ویُنصح فیه بتجنب الأطعمة الحارة والمالحة واللحوم. هذه بعض الأمثلة على أهمیة أخذ الفصول فی الاعتبار عند مباشرة التشخیص والعلاج. وهناک من التفصیل فی هذا المجال الکثیر مما لا نجد له مثیلاً فی علوم الطب الحدیث عدا ما لتغیر الفصول – بل وحتى ساعات الیوم أحیاناً - من تأثیر على أنشطة بعض الغدد ومعدل إفرازها للهرمونات([7]).

       والأطعمة والأغذیة والنباتات التی هی دواء وسبب لکثیر من الأمراض لها نصیب من هذه الطبائع، حیث یکون اختیار کل صنف غذائی دواءً بحسب طبیعته التی لابد أن تکون مُضادة لطبیعة سبب الداء أو الفصل الذی یظهر فیه الداء، کما ورد أعلاه. وقد فصّل الأطباء العرب کثیراً فی طبائع أصناف الأغذیة. ویوضح الجدول رقم (4) فی أدناه خصائص بعض الأغذیة التی ذکرت فی الوثیقة موضوع الدراسة.

 

الصنف الغذائی

طبعه

الأرز

یابس حار، وقیل بارد

البصل

یابس حار

البطیخ

رطب بارد

التمر

رطب حار

الثوم

یابس حار

الحلبة

یابس حار

الزبیب

رطب حار

الزنجبیل

یابس حار

العنب

یابس بارد

الفلفل

یابس حار

القرنفل

یابس حار

الموز

رطب حار

اللبن

رطب بارد

لحم الکبش

رطب حار

لحم الماعز

رطب بارد

لحم الدجاج

رطب معتدل

لحم السمک

رطب بارد

الشحم والسمن

رطب حار

السمسم

یابس حار

الفول

یابس بارد

الجدول رقم (4). خصائص بعض الأغذیة کما وردت فی کتاب تسهیل المنافع.

 

       یتضح لنا مما سبق أن الأسس المعرفیة التی تقوم علیها الممارسة الطبیة قدیما لا تختلف فی إطارها العام کثیرًا عن تلک التی سبق ذکرها فی معرض الحدیث عن الطب الحدیث. وتبرز المعارف الخاصة بجسم الإنسان ووظائفه والأمراض ومسبباتها ثم الدواء وطرق تحضیره کأهم هذه الأسس. لکن اختلافها یکمن فی بیان هذه المعارف وتفاصیلها التی تغیرت مع تطور العلوم وأدوات البحث.

الوثیقة موضوع البحث

       صنف الشیخ منصور الفارسی الأمراض الواردة فی الوثیقة إلى ثمانیة أبواب کما یتضح من الجدول رقم (1). تضمن الباب الأول (الجدول رقم 5) أمراضاً تظهر علاماتها على الجلد تشمل البثور والدمامیل والخراجات، وهی فی مجملها علامات مرضیة تظهر على الجلد بسبب أمراض قد یکون مصدرها الجلد ذاته أو أعضاء أخرى فی الجسم. إضافة إلى ذلک ذکر عدداً من الأمراض الجلدیة، مُبینا - فی جمیع الحالات - أسبابها وأعراضها وعلاماتها، ثم واصفاً العلاج المناسب لها. وقد ذکر کذلک مُهیجات بعض هذه الأمراض.

 

      أما الباب الثانی (الجدولان 6 و7) فقد تضمن أمراضاً قال إنها تنشأ داخل الجسم لکنه لم یشرح ما یعنیه فی هذا التصنیف، ولم یبین حدود الداخل والخارج من الجسم. وقد شمل هذا الباب أمراضا تنشأ فی مجملها فی منطقة الرأس والرقبة. فإلى جانب أنواع الصداع التی فصلها، ذکر بعض الأمراض التی تنشأ فی الفم والشفتین والحلق والعین والأنف والأذن والرقبة. کما تطرق للشلل النصفی الذی یصیب الوجه بسبب إصابة العصب السابع. وبیّن - إلى جانب الأعراض والعلامات - أسباب هذه الأمراض ومهیجات بعض منها، ثم وصف بالتفصیل العلاج المناسب لکل منها. والواضح أنها جمیعا أمراض تظهر فی – ولیس بالضرورة تُصیب – منطقة الرأس والرقبة. وعلیه، کان یمکن أن تکون تحت باب الرأس والرقبة بدل الأمراض داخل الجسم. هذا إلا إذا کان هناک سبب آخر لم یوضحه الشیخ الفارسی.

 

        وتضمن الباب الثالث أمراضاً تصیب منطقة الصدر (الجدول رقم 8). حیث ذکر خمسة أمراض فقط من بینها سرطان الثدی عند النساء. وقد فصّل کثیراً فی ضیق التنفس الذی أرجعه إلى عدة أسباب موضحاً العلاج المناسب لکل تلک الأمراض.

 

        أما الباب الرابع (الجدول رقم 9) فتضمن عدداً من أمراضٍ أطلق علیها أمراض المعدة. حیث ذکر ما مجموعه ثمانیة أمراض تتوزع بین المعدة والأمعاء والکبد، مبیناً أعراضها وأسبابها ومهیجات بعضها بالإضافة إلى تفصیل فی کیفیة علاجها وتجنّب مهیجاتها.

 

       واحتوى الباب الخامس (الجدول رقم 10) خمسة عشر مرضاً أدرجها الشیخ الفارسی تحت مسمى الأمراض الباطنیة، شملت أمراضاً فی الکلى والجهاز البولی وأخرى فی الجهاز الهضمی والأمعاء والکبد والقلب، ذاکراً وصفها وأعراضها وأسبابها. ثم فصل کثیراً فی طریقة علاجها والوقایة منها بتجنب المهیجات.

      أما الباب السادس (الجدول رقم 11) فشمل تسعة أمراض أبرزها الشلل الذی لم یوضح سببه إلا أنه أسهب فی وصف علاجه وطرق العنایة بالمریض. وإلى جانب الشلل، شمل هذا الباب أمراضاً أخرى متفرقة تنتمی لأکثر من جهاز واحد من أجهزة الجسم کالجهاز الحرکی والجهاز التناسلی والجهاز العصبی. وقد أطلق على هذه المجموعة اسم الأمراض الشائعة مبیناً أسبابها وعلاجها.

 

       وشمل الباب السابع (الجدول رقم 12) أمراضاً أطلق علیها الشیخ الفارسی أمراض الدم وهی حالات تظهر علاماتها مباشرة فی الدم کالصفرة وارتفاع الضغط والنزیف وفقر الدم، موضحاً أسبابها وعلاجها. أما الباب الثامن والأخیر (الجدول رقم 13) فکان عن أمراض العظام والمفاصل، وشمل ستة أمراض تشمل الکسور وبعض الأعراض التی تظهر فی المفاصل.

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

المُهیّجات

الحزاز

بقع على الجلد وفی الرأس

احمرار، احتراق، تشقق

البرد، الأتربة

 

حب الشباب

 

 

الدهون الزائدة، الأطعمة القویة

 

البوشة

حبوب على الفم والأیدی والأرجل

بثور، قیح، سیلان، تحشّی

انسداد المسام

الحوارف، الدهون، اللحوم

الدمامیل

خُرّاجات صغیرة

ألم، قیح

هیجان الدم

 

الغوادی/ العرائس

خُرّاجات کبیرة

 

هیجان الدم، حرارة الطقس الزائدة

أکل اللحوم والشحوم،

عدم النظافة

 

البهق

طفح أبیض فی جلد الوجه

 

تآکل البشرة

 

تشقق الأقدام والأکف وتیبسها

 

 

الأطعمة الباردة والیابسة

الأطعمة الباردة والیابسة

الثآلیل

حبوب صلبة فی الأکف والأقدام

 

خلط سوداوی

 

البرص

تحول لون الجلد إلى الأبیض

 

أخلاط صفراویة تمنع وصول الدم إلى البشرة

الأطعمة الباردة والیابسة

اللصة

مرض خبیث

ألم، تقیح

 

الأطعمة الرطبة

الرهصة

مرض یصیب باطن القدم

حرقان شدید، انتفاخ، ماء أصفر بین اللحم والجلد

بول الحیوانات والسوائل القذرة

 

الداحس

مرض یصیب أصابع الید

التهاب، احمرار، ورم، ألم، قیح

رضّة، تجمع أوساخ بین اللحم والظفر

 

الجذام

مرض خبیث معدی

تآکل فی الأطراف، بقع حمراء فی الکوع

الأطعمة الردیئة، الجفاف، البرد القارس

 

حبة الشام

طالعة خبیثة

احمرار، ورم، حمى شدیدة، ألم

فساد الدم

 

الذبّاح

تشقق بین أصابع القدم، تهتک فی الجلد، رائحة کریهة

 

تجمع أوساخ وسوائل ملوثة

 

الجزم

جفاف بالجلد فی الوجه والکفین وظاهر القدمین والسیقان

 

الهواء البارد الجاف المحمل بالأتربة

 

الرقیة

حبوب على اللسان والفم وباقی الجسد

 

زیادة الدهون

 

الجرب

مرض جلدی

بثور صغیرة، حکة، ألم، نزیف

تراکم الأوساخ

 

السحجات

کشط فی الجلد

 

السقوط على الأرض

 

الحروق

الحروق

 

النار، السوائل الحارة

 

الجروح

 

 

أداة حادة، سقوط من ارتفاع

 

الجدول رقم (5): باب الأمراض التی تصیب الجلد

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

 

 

الصداع

الصداع النصفی/ الشقیقة

صداع نصفی فی الجهة الیسرى من الرأس

هیجان الأعصاب وتقاطعها مع بعضها

العطور، الحرارة والبرودة الزائدتان

الصداع فی عموم الرأس

 

هیجان الدم

 

الصداع فی مؤخرة الرأس

صداع، طنین فی الأذن، فقدان الذاکرة.

نزیف داخلی

 

الصداع فی الصدغ

صداع فی منطقة الصدغ

التهاب الأذن أو الأسنان، هیجان الدم

 

 

الصداع فی قمة الرأس

 

ورم فی الرأس، توقف الدم فی العروق المتصلة بالخیاشیم أو الأذن أو العینین

 

الثقل فی الرأس

صداع، دوار

 

منذر بأمراض خطیرة

 

الدوار

 

 

انتفاخ المعدة بالریاح الباردة، ضربة الشمس

 

ثقل السمع

 

 

تیبس العروق الواصلة بین طبلة الأذن والمخ، تجمع الأتربة داخل الأذن، صدمة إثر سقوط من علٍ.

 

تقیح الأذن

 

 

التهاب

 

اللقوة

ریح یضرب الوجه

ثقل وعنن وتشنج فی الخد

ریح یضرب الوجه

الهواء، الماء البارد، الهواء البارد

التهاب الأذن

 

 

 

 

تشقق الشفتین

 

 

اضطراب المعدة

 

التهاب اللثة

 

 

 

 

ورم اللسان

داء الکلب، السعار

 

عضة الکلب المسعور أو الثعلب المسعور

 

ألم الأسنان

 

 

عصبی: البرودة أو الحرارة.

جانبی: تسوس الأسنان

 

المحبل

خرّاج فی اللثة

 

تراکم فضلات الطعام بین الأسنان واللثة

 

الجرح بداخل الفم

جرح داخل الفم

 

الاسنان، أداة حادة

 

الزکام

 

 

تغیر درجة حرارة الهواء بین الفصول

 

العظم إذا علق بالحلق

 

 

 

 

النخش

ألم فی الخیاشیم

ألم، سیلان القیح

ضربة على الجبین، عطاس حاد، هواء حار

 

الرعاف

نزیف من الأنف

 

تمزق بأحد عروق مقدمة الرأس بسبب الحر الشدید

 

فقدان حاسة الشم

تیبس العروق المتصلة بالدماغ

 

خلقی، إصابة

 

الجدول رقم (6): باب أمراض الرأس والرقبة (أمراض تنشأ داخل الجسم حسب وثیقة الشیخ الفارسی)

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

الرمد

 

 

نفحة حرارة أو برودة تصیب العین

 

الماء الأبیض

 

 

 

 

الماء الأسود

 

 

 

 

الظفراء

غشاء شحمی ینبت یزحف على البصیر

 

 

 

ضعف البصر

 

 

غشاوة على البصر أو ضعف العروق

 

الهدوب

نبات الشعر فی مشافر العین من الداخل

 

انعکاس الأهداب

 

الرمد الصیفی

 

 

هیجان الدم، شدة الحرارة

 

الرمد الربیعی

 

 

الأتربة

 

الدمع المتواصل

 

 

تهیج العروق وزیادة الرطوبة بالعین

أشعة الشمس، الحرارة، الغبار، الروائح النفاذة

العشا

فقدان البصر لیلاً

 

خلط سوداوی

البقول، الأسماک الجافة والمملحة

جرب العین

حب صغیر فی العین

 

الحرارة، الأتربة، عدم النظافة، اضطراب الهواء

 

الحول الطارئ

 

 

ارتخاء العروق المتصلة بالمقلة

 

الجدول رقم (7): باب أمراض العین (من الأمراض التی تنشأ داخل الجسم حسب وثیقة الشیخ الفارسی)

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

ضیق التنفس

سیلان الرئة واعتلالها

 

دخول الأتربة والأدخنة إلى الرئة، البرد الشدید، ریح ذات الجنب، السل

 

التهاب القصبة الهوائیة

 

 

البرد الشدید بعد حرارة

 

التهاب اللوزتین

 

 

 

 

اعوجاج القفص الصدری عند الأطفال

حمى، اهتزاز، تقوس فی الرأس، فلت فی رسغ الیدین والرجلین

 

 

البرد والهواء

الشبرة لدى النساء

سرطان الثدی

ورم فی الثدی، ألم

 

 

الجدول رقم (8): باب أمراض الصدر

 

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

التقمة

 

 

 

 

المغص

 

 

دخول شیء مؤثر على المعدة، ریح متحجر

 

النفخة

انتفاخ فی البطن

انتفاخ فی البطن

أکل الأطعمة الریاحیة مثل البصل والفجل والجرجیر

 

الاستسقاء

Ascites

مرض خطیر

ورم فی البطن، ضیق تنفس، ألم حاد، فقدان الشهیة

تجمع میاه فی البطن بسبب الإفراط فی أکل الملح

 

الإسهال الحاد

 

 

الطعام البارد الیابس ولحم البقر أو اللحم المملح، او الأطعمة الفاسدة

 

تقرح المعدة

 

مغص، انتفاخ البطن صباحا، دم فی البراز

 

 

جبن المعدة

 

الشعور بالشبع، عسر الهضم، نحول الجسم، خمول، جشاء

 

 

الإمساک

 

الأطعمة الجافة کالرز، أکل الحوامض، التقلیل من شرب الماء

 

 

الجدول رقم (9): باب أمراض المعدة

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

ذات الجنب

سیلان الطحال وتضخمه

ألم فی الجانب الأیسر، ورم، حمى.

 

 

التهاب الکلى

 

تغیر لون البول إلى الأصفر القاتم، ألم أسفل الظهر، حرقان فی مجرى البول

التقلیل من شرب الماء، شرب الماء غیر الصافی

 

حصى الکلى

 

ألم شدید فی الجنب وأسفل الظهر

 

 

ضمور الکلى

 

نفس أعراض الحصى + حمى، ضعف فی الجسم، سلس البول

حمل الأثقال، التقلیل من شرب الماء، الإکثار من أکل البقولیات

 

سلس البول

 

عدم التحکم فی البول

تراخی أعصاب المثانة وضعف العضلات

 

حصى المثانة

 

 

أکل البقولیات فتتراکم بقایاها

 

حصى المرارة

خلل فی إفرار سائل المرارة

التقیؤ، ألم المعدة، عسر الهضم، ضیق التنفس

أکل البقولیات، الغضب المستمر، عدم الحرکة

 

وجع القلب

 

 

ریح فی المعدة یصیب القلب، تکدس الدهون فی العروق

 

التهاب الکبد

اصفرار الجسم، ضعف وهزال

 

الإفراط فی أکل السکر

 

ریح الفتق

ورم بین الفخذ والخصیة فی جانب واحد أو الجانبین،

 

الحمل الثقیل، کثرة الجماع

 

القولنج

ریح المعدة والقولون (انسداد القولون)

ألم ومغص

جفاف القولون، تحجر محتویات القولون، الغضب والقلق

 

البواسیر

 

حکة فی الشرج، تورم، ظهور خراجات على الخاتم

طول جلوس القرفصاء، قبض البطن، الإکثار من أکل الأبزرة، کثرة الجماع، حمل الأثقال

 

الناسور

مرض یحدث بین الخصیتین وفتحة الشرج

ألم شدید

 

 

الشیصة

خراج داخل الجسم فی الجانب الأیسر (الضامرة)

حمى، قیء، فقدان الشهیة

احتقان الدم والتهاب

 

الجدول رقم (10): باب الأمراض الباطنیة

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

الشلل

 

 

 

 

داء الفیل

ورم الرکبتین

 

 

 

داء الثعلب

سقوط الشعر

 

تلف البصلات المنبتة للشعر

البرد الشدید

الباردة

الشعور بالبرد

 

الضعف العام للجسم

 

آلام الرکب

 

 

نفاذ المادة الزلالیة بین المفاصل مما یسبب احتکاک العظام.

 

الضعف فی الحرکة عند الرجال

الفتور الجنسی عند الرجال

 

 

 

سرعة القذف

 

 

 

 

القیء

 

 

الطعام الملوث، زیادة الأکل، مرض فی عنق المعدة

 

التشنج فی الأعصاب

الصرع أو الضرع

 

المشی الطویل، المشی على الرمال أو الجبال مما یسبب تلفا فی الأعصاب

 

ریح الفالج

 

تیبس الجسم، اهتزاز فی الأطراف، رعشة فی الجسم

البرد القارس

 

الجدول رقم (11): باب الأمراض الشائعة

 

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

أبو صفار

الیرقان

الضعف، الهزال، فقدان الشهیة

فیضان المادة الصفراء من المرارة واحتلالها للکبد مما یسبب اختلاطها بالدم

 

أبو صفار الأسود

الیرقان الأسود

الضعف العام، اغبرار لون الجسد، فقدان الشهیة

اعتلال الکبد بالالتهاب الحاد وتمزقها

 

فقر الدم

 

الضعف العام والوهن، بیاض حاد فی الجسم والعینین

 

 

هیجان الدم

 

ثقل فی الرأس والأرجل، دوار

 

 

ضغط الدم

 

عنن فی الأطراف، صعوبة الرؤیة

 

 

الرعاف

سبق ذکره

 

 

 

نزیف اللثة

 

 

تدفق الدم الزائد

 

الجدول رقم (12): باب أمراض الدم

المرض

وصف المرض

أعراض وعلامات المرض

السبب

مُهیّجات

النقرس

 

 

الإدمان على أکل اللحم (البقر)

 

ألم المفاصل

 

 

التهاب فی الأعصاب

 

الماء فی الرکبة

 

 

إفرازات صفراء بسبب أکل الأطعمة الباردة أو من طول الجلوس أو الوقوف

 

الفلت

إما الفلت الکامل أو الجزئی وهو تحرک المفصل من موضعه

 

 

 

الکسور

 

 

الحوادث بأنواعها

 

کسر صلبة الظهر والفقرات

 

 

 

 

الجدول رقم (13): باب أمراض العظام والکسور

تحلیل الوثیقة:

التشخیص والعلاج فی ضوء منهجیتین مختلفتین

      بلغ عدد الأمراض التی جاء ذکرها فی الوثیقة 121 مرضاً، مضافاً إلیها جمیعا طریقة العلاج. أما وصف المرض وأعراضه وعلاماته وأسبابه ومهیجاته فلم تذکر إلا لبعضها.

      لیس من العدل الحکم بصواب أو خطأ ما جاء فی وثیقة علاجات الشیخ منصور الفارسی على ضوء المنهجیة الحدیثة المتبعة فی تشخیص وعلاج الأمراض أو تفنید أسبابها. فهذا لم یکن هدف هذا البحث. کما أن الحکم على المنهجیة المتبعة هنا من قبل الشیخ الفارسی یُعد حکماً على المنهجیة القدیمة بأکملها، وهذا یجانب العدل أیضاً إذا ما قیست المنهجیة القدیمة بالحدیثة. فهناک اختلاف واضح بین الطریقتین لیس فقط فیما یتعلق بمسببات الأمراض وعلاجها، بل حتى فی وصف بعض الأمراض التی لا تعدو کونها أعراضاً أو علامات لأمراض باطنیة أخرى حسب تصنیف الطب الحدیث لها، مثل البثور والخراجات والیرقان وغیرها.

        إن الطب الحدیث ینطلق فی تعامله مع المرض من فهم متعمق مبنی على التجربة المختبریة لتشریح ووظائف الجسم البشری على جمیع مستویاته بدءاً بالأجهزة المتکاملة للجسد مروراً بالأعضاء المکونة لهذه الأجهزة فالأنسجة التی تتألف منها هذه الأعضاء ثم الخلایا الموجودة فی تلک الأنسجة فالعُضیات التی تسبح فی الخلیة الحیة والعناصر التی تتفاعل فی الخلیة وخارجها. وبعد توظیف علوم التشریح والفسیولوجیا والکیمیاء فی فهم میکانیکیة ووظائف وتفاعلات الجسد الطبیعیة التی هی قوام حیاة الکائن البشری الطبیعیة، یتم توظیف علوم أخرى کثیرة من بینها علوم الأمراض بأنواعها المتعددة وعلوم الأحیاء الدقیقة البکتیریة والفیروسیة وعلم الکیمیاء الحیویة والفسیولوجیا وعلوم الجینات والأحیاء الجزیئیة إلى جانب علوم الإحصاء، لفهم الأمراض وتأثیرها على مجریات العملیات الطبیعیة للجسم البشری. وترفد التکنولوجیا المتطورة فی أشکالها المختلفة - المختبریة والإشعاعیة وغیرها - الطب الحدیث بأنواع شتى من وسائل التشخیص التی تقیس التغیرات التی یحدثها المرض على العملیات الحیویة الطبیعیة للجسم، فهی بذلک مکملة لعملیة الرعایة الطبیة وفهم المرض بکافة مراحله بما فی ذلک مرحلة ما بعد العلاج ودرجة استجابة الجسم له. وتساهم التکنلوجیا الحدیثة کذلک فی اکتشاف وتصنیع الأدویة ووسائل العلاج المتنوعة سواء کانت مواد کیمیائیة أو أدوات جراحیة أو غیرها من طرق العلاج الکثیرة. 

       ونظراً للتطور المستمر فی أفرع العلوم المختلفة والذی یعکس البحث المستمر والتقصی الدؤوب فی جمیع مجالاته، فإن الطب الحدیث یواکب هذا التطور بتوظیف مخرجات البحوث العلمیة فی عملیات التشخیص والعلاج والوقایة. أما المنهجیة التی یعتمدها الطب القدیم فی التشخیص والعلاج فهی خلیط من التجارب العملیة والملاحظات والتطبیقات والمجربات مما وصل إلیه العلم حینها، بالإضافة إلى الکثیر من التصورات الفلسفیة والدینیة عن جسم الإنسان وأخلاطه وتأثیر الطبیعة ومکوناتها وطبائعها فی نشوء المرض وظهور علاماته وطرق علاجه، مما سبق ذکره.

     وللتدلیل على ذلک تم تحلیل وثیقة الشیخ منصور الفارسی فی ضوء النظریة الطبیة القدیمة لاستخلاص المعطیات الأساسیة التی یقوم علیها تناول المرض من حیث تعلیل مسبباته وتشخیصه وعلاجه، وذلک بغیة فهم المنهجیة التی یقوم علیها التعامل قدیماً مع المرض. وهنا عرض لنتائج هذا التحلیل.

أولاً: وصف الأمراض وتصنیفها

       یتضح لنا من خلال دراسة عملیة التبویب التی اتبعها الشیخ الفارسی للأمراض والموضحة فی الجدول رقم (1) أن التصنیف یختلف عن ذلک المتبع فی کتب الطب الحدیث. حیث أنه تصنیف تشریحی ینسب المرض إلى الجزء من الجسد – ولیس الجهاز الوظیفی - الذی ظهر فیه المرض. وهذا التصنیف مشابه لذلک الذی فی کتاب فاکهة ابن السبیل للشیخ راشد بن عمیرة الرستاقی. ویختلف هذا التصنیف عن ذلک المتبع فی کتب الطب الحدیث فی کون عدد من الأمراض المذکورة أعراض فی حقیقتها. ومثال ذلک أن الصفار الذی یظهر على الجسد مثلا لیس سوى عرض لأمراض مختلفة فی مسبباتها وبالتالی فی طرق علاجها. ولعل السبب فی ذلک یعود للاختلاف عن العلم الحدیث فی فهم وظائف الأعضاء وطبیعة ارتباطها ببعض، بالإضافة إلى اختلاف الفهم فی طبیعة الأمراض ومسبباتها.

ثانیاً: مسببات الأمراض

       یمکن تصنیف الأسباب التی وردت فی وثیقة الشیخ الفارسی إلى سبع مجموعات حسب ما هو مبین فی الجدول رقم (14) أدناه. حیث یتضح لنا تکرار الأسباب نفسها فی تفسیر أمراض مختلفة. وتتصدر الأخلاط وما یعتریها من خلل قائمة هذه الأسباب. حیث عبّر عنها الشیخ الفارسی بمصطلحات مختلفة کهیجان الدم والخلط الصفراوی والخلط السوداوی وفساد الدم، واستعمل کلمة التهاب واحتقان فی أکثر من موضع. لکن جمیع هذه الاوصاف تشیر إلى خلل فی الأخلاط کما اتضح لاحقاً من العلاج الموصوف فی کل من هذه الأمراض. ثم تأتی مباشرة بعد ذلک الأنماط الغذائیة وما یرتبط بطبیعة الأطعمة والنباتات. وقد وردت هذه فی وثیقة الشیخ الفارسی تحت أوصاف مختلفة من قبیل الأطعمة القویة والأطعمة الباردة أو الحارة أو الیابسة أو الرطبة. کذلک ورد التصریح بالأطعمة ذاتها بدون الإشارة إلى طبیعتها کاللحوم والشحوم والبقولیات والسکر والملح والحوامض والبهارات.

الأسباب

تکرار ذکرها

خلل فی الأخلاط

31

خلل فی الغذاء

23

التلوث وانعدام النظافة

16

تغیرات الطقس

15

الحوادث

14

التهاب

10

نمط سلوکی

2

الجدول رقم (14): مسببات الأمراض کما وردت فی وثیقة الشیخ الفارسی

       أما تغیرات الطقس فقد جاءت ثالثا بالتساوی تقریبا مع انعدام النظافة کسبب رئیسی للأمراض. وهذه ذکرها الشیخ الفارسی بکلمات مثل الحر والبرد والجفاف والیباس. وهی تعکس طبائع الفصول وتأثیر ذلک على جسم الإنسان وعلاقتها کمسببات ومهیجات للأمراض.

ثالثا: العلاج

     یوضح الجدول رقم (15) أنواع العلاجات الواردة فی وثیقة الشیخ الفارسی، والتی یمکن حصرها جمیعا فی عشر مجموعات. تتصدر الوصفات الموضعیة المُعدّة من قبل الطبیب قائمة هذه المجموعات، حیث یقوم الطبیب بتحضیرها عبر خلط مکوناتها التی عادة ما تکون غذائیة أو عشبیة. ثم توضع على موقع المرض، فتکون على شکل ضمادة أو دهان أو غرغرة.

 

نوع الوصفة

العدد

وصفات موضعیة (مرهم، ضمادة، دهان، قطور، النشوق)

61

وصفات غذائیة (أکل أو تجنب أکل)

53

دواء مُحضر یُتناول عن طریق الفم

43

جراحة (تشطیب، إزالة ورم، إزالة ماء العین)

14

کیّ

13

تغییر سلوکی (تجنب الشمس، زیادة الحرکة، تقلیل الحرکة)

6

النظافة

5

الکن

3

العزل

1

الجدول رقم (15): العلاجات الواردة فی وثیقة الشیخ الفارسی

       والملاحظ أن مکوناتها الصلبة عادة ما تخلط فی سائل یکون فی الغالب زیتاً کزیت السمسم أو زیت الزیتون، أو أنواع أخرى من السوائل کماء الورد أو عصیر مستخلص من الأعشاب. ویوضح الجدول رقم (16) بعض هذه الوصفات الموضعیة ومکوناتها مع إشارة إلى المرض الذی من أجله تم تحضیر الوصفة.

مکونات الوصفة الموضعیة

المرض

الثوم، الیاس، الکرکم

الدمامیل

زعفران، صندل، ماء الورد

حب الشباب

شرجبان، ثوم، ملح، کرکم، زیت السمسم أو الزیتون

الخراجات الکبیرة

دقیق النوى، الملح، الکرکم، الیمون الیابس، زیت الزیتون

اللصة

الحناء، الرمان، دقیق الحرمل، دقیق الیاس، الورس، الشب، زیت السمسم، زیت الزیتون

الرهصة

الجدول رقم (16): مکونات بعض الوصفات الموضعیة الواردة ضمن علاجات الشیخ الفارسی

        ولا شک فی أن لطریقة فهم مسببات المرض دورا فی کون هذه الوصفات الموضعیة هی المتصدرة لکافة أنواع الأدویة. وذلک یعود لکون تصنیف الأمراض موضعی تشریحی، حیث یُنسب المرض إلى مکانه ولیس إلى الجهاز أو التکوین الفسیولوجی له. فالدمامیل التی یعللها الطب الحدیث بانها التهاب بکتیری یتم علاجها بتناول المضادات الحیویة عن طریق الفم أو الورید إلى جانب المراهم، تُعالج هنا بوضع الدواء علیها مباشرة. وتتوافق الخلطات المستعملة فی هذه المجموعة من الأدویة مع مسببات الأمراض من حیث کونها مضادة لها أو مهدئة. أما الوصفات الغذائیة فتکون على شکل نصائح للإکثار من تناول نوع معین من الطعام أو التقلیل من تناوله أو الامتناع عنه. وتنسجم هذه النصائح الغذائیة مع النظریة الطبیة التی یقوم علیها التشخیص والعلاج. فالامتناع یکون عن الأطعمة التی تتسبب طبیعتها فی نشوء المرض أو تُهیجه، بینما الإکثار یکون فی الأطعمة التی تساعد طبیعتها فی الشفاء من المرض. فإذا کانت الأطعمة المسببة حارة یابسة نُصح بتجنبها ووجب تناول البارد الرطب من الأطعمة، وهکذا. ولأجل ذلک لا تخلو أیة وصفة علاجیة تقریباً من نصیحة غذائیة حتى فی وجود وصفة موضعیة أو مأکولة.

      وتأتی فی نفس مستوى أهمیة المجموعتین السابقتین تقریباً الوصفات التی یتناولها المریض عن طریق الفم. وهذه وصفات یتم تحضیرها من قبل الطبیب لغرض ابتلاعها. الجدول رقم (17) یشتمل على بعض هذه الوصفات.

 

مکونات الوصفة المأکولة

المرض

عصیر اللیمون، الماء، السکر

الدوار

الزنجبیل، القرنفل، الملح، الزیت

اللقوة

منقوع النعناع والزعتر والکمون

المغص

مطبوخ الحلبة والجلجلان مع السکر

التهاب الکلى

عصیر رؤوس الفجل، الماء، السکر

حصى المثانة

مطبوخ أوراق الخیار والقرع والفجل

حصى المرارة

الجدول رقم (17): بعض الخلطات الدوائیة المأکولة التی وردت فی وثیقة الشیخ الفارسی

       الجدیر بالذکر أن هذه الوصفات لیست عشوائیة فی مقادیرها ولا فی جرعاتها، بل لها مقادیر محددة من حیث کمیة المخلوطات وعدد مرات طبخها وتقطیرها، وکذلک الجرعة الواجب تناولها من حیث مقدار الجرعة الواحدة وعددها. یتضح ذلک فی وصفات الشیخ الفارسی کما هو الحال فی مراجع الطب القدیم.

       إن تصدر هذه المجموعات الثلاث من العلاجات قائمة العلاجات السائدة فی الطب القدیم، یتماشى تماما مع الفلسفة التی یقوم علیها هذا العلم والمنهجیة التی تُعلل بها الأمراض وتُعالج. وبالإضافة إلى هذه العلاجات الرئیسیة تبرز علاجات أخرى ذات أهمیة مشابهة لکنها أقل ممارسة منها، وهی الکی والجراحة والکنّ الذی هو نوع من العزل، ولکن لیس لاحتواء العدوى المیکروبیة کما فی الطب الحدیث، بل لإیجاد بیئة حارّة خالیة من الهواء المتجدد لمریض الشلل. ولا تخرج هذه العلاجات کذلک عن الإطار العام الذی یُحدد مسببات ومهیجات المرض.

الخاتمة

        یستعین الطبیب الذی یستقبل مریضاً فی عیادته هذه الأیام بخارطة ذهنیة للأمراض وأعراضها وعلاماتها ومُسبباتها تعینه على وضع الأعراض التی یشتکی منها المریض وعلامات المرض التی یکتشفها هو على جسد المریض أثناء الفحص السریری، فی مواضعها على تلک الخریطة الذهنیة ما یشکل بدایة الطریق نحو تشخیص المرض. ثم یستعین بعد ذلک بما لدیه من فحوصات مختبریة وغیر مختبریة؛ لیؤکد التشخیص الذی ذهب إلیه فی البدایة أو ینفیه. ویأتی العلاج بعد هذا کله ملائماً للمرض الذی تم تشخیصه. فالعلاج هو الآخر مبنی على فهم للخلل التشریحی أو الوظیفی الذی أحدثه المرض.

        حاولت هذه الورقة – من خلال تحلیل لقائمة طویلة من التشخیصات والعلاجات المأثورة عن الشیخ منصور بن ناصر الفارسی – أن تقترب من عقل الطبیب القدیم لتتعرف على الخارطة الذهنیة التی یسیر على هداها لتشخیص وعلاج الأمراض.

       یتضح لنا مما سبق بأن المعارف اللازمة لممارسة الطب قدیما وحدیثا تتلخص فی معرفةٍ للجسد الذی یطرأ علیه المرض، ومعرفةٍ للمرض الذی یهاجم الجسد، ومعرفةٍ للعلاج الذی یقضی على المرض أو یحد من هجومه. هذه هی إذاً الأضلاع الثلاثة التی تشکل المثلث الذی یعکس فلسفة الطب بشکل عام، کما فی الشکل رقم (2).

       کما یتضح لنا کذلک بأن هذه المعارف تعتمد کثیراً على بعضها البعض. فطبیعة المعرفة الخاصة بالجسد ووظائفه تحدد نوع الخلل الذی یصیبه والذی هو المرض. أما العلاج فتحدده کذلک طبیعة الخلل الذی أحدثه المرض. ومن هنا، وعلى أساس هذه العلاقة البنیویة، تنشأ المنهجیة التی تحدد أسس التعامل مع المرض تشخیصاً وعلاجا فی کلا المدرستین، والتی هی موضوع البحث فی هذه الورقة. ویمکن القول إنه لا اختلاف هنا بین المدرستین القدیمة والحدیثة من حیث طبیعة العلاقة التی تحکم المعارف اللازمة لممارسة الطب. وجه الاختلاف یکمن فقط فی طبیعة هذه المعارف وماهیتها، وفی المخزون المعرفی الذی یستدعیه الطبیب عند ممارسته لمهنته. هذا الاختلاف واضح أولاً فی طبیعة المعرفة الخاصة بالجسد ومکوناته. فهی فی السابق کانت مبنیة على ما توفر من معارف عملیة فی التشریح والوظائف، وأخرى مُستقاة من علوم أخرى نظریة کالفلسفة والأدیان شکلت رافداً لما یمکن تسمیته بعلم الأمراض ومسبباته. أما الآن فهذه العلوم عملیة تطبیقیة صِرفة تضبطها مُحددات علمیة صارمة. والاختلاف کذلک واضح فی طبیعة المرض ومسبباته التی یعتمد علیها العلاج الذی هو مختلف کذلک بسبب اختلاف الفهم لطبیعة المرض.

       هناک إذاً منهجیة واضحة للتعامل مع المرض عند الأطباء قدیماً. فالطبیب الحاذق لم یکن مجرّد عطار یبیع الأعشاب والأدویة، ولم یکن کذلک مجرد حافظ لبعض الممارسات العلاجیة، بل هو عالم ینطلق فی ممارساته من درایة عمیقة بالمعارف المؤسسة للطب فی زمانه والتی تشمل معرفة بالجسد والمعرض والعلاج والعلاقة المرکبة بین هذه المعارف.


 


([1])  الموسوعة العمانیة، المجلد السادس، ط 1، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 1434/ 2013. ص 2243.

([2]) Larry J., Jameson A. et al. (2015) Harrison’s Principles of Internal Medicine. New York, McGraw-Hill.

([3]) الأزرق، إبراهیم بن عبد الرحمن بن أبی بکر: تسهیل المنافع فی الطب والحکمة، ط2، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 1436ھ/ 2015م، ص25.

([4]) داود، سلیمان داود: النباتات الطبیة لأبی محمد الأزدی الصحاری، ط1، دار الحکمة، لندن، المملکة المتحدة، 2005، ص18.

([5])  "المصدر رقم 1، ص14".

([6])  "المصدر رقم 1، ص14"

([7]) Melemed S, Polonsky K. et al. (2011) Williams Textbook of Endocrinology. Philadelphia, Saunders Elsevier.