المنهج التعلیمي وملامح التجدید في (تقریب الأذهان إلى علمي المعاني والبیان) للشیخ العلامة منصور الفارسي

الباحث المراسلد. أحمد عبد المنعم حالو جامعة نزوى

Date Of Publication :2022-11-10
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

تتضمن هذه المقدمة حدیثاً مقتضباً فی أهمیة البحث وضرورته ثم فی إشکالیته وتساؤلاته على النحو الآتی:

أ- فی أهمیة البحث وضرورته:

  لعل من المفید أن نقف مع مخطوطة العلامة الشیخ منصور الفارسی 1976م «تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان» من خلال تحقیقها الأول فی جامعة نزوى([1])، وفی اتجاه جدید لا یتعلق بمعطیات التحقیق من حواش وتوثیق وتخریج وفهرسة، وإنما من خلال سؤال ضروری فی أولى الضرورات؛ وذلک بسبب تعلقه بهذا التراث الضخم مما ترکه العلماء الأقدمون من مخطوطاتٍ تمتلئ بها المکتبات العامة والخاصة وفی کل بقاع الأرض؛ ماذا نحقق من هذا التراث الضخم؟

أجاب فریق: إنه لا حاجة لنشر مخطوط ما لم یکن فیه جدة وإبداع وابتکار، وقد سبق بعض المتقدمین، فنادى بهذا الرأی، وهو القاضی ابن العربی، إذ قال فی صفة الکتاب الجید «إما أن یخترع معنى أو یبتدع وصفاً ومبنى، وما سوى هذین الوجهین، فهو تسوید الورق والتحلی بحلیة السرق....»([2])

ومما لا شک فیه أن المخطوطات القدیمة التی کتبها علماء القرن الثانی والثالث لها الصدارة، ولأن العلم کان فی ریعان شبابه، وکان فیه طابع الجدة والابتکار، وکلما تأخر العصر کثر التکرار، وغلبت الشروح والمختصرات([3]).

یقودنا هذا إلى استثناء فی غایة الأهمیة، إذ من المعروف أنّ تقدیم القدیم لقدمه وحسب([4]) قد لا یجدی نفعاً مع معطیات تراثیة لا حدّ لها تواجهک فی کل بقعة من بقاع العروبة والإسلام، فکیف إذا کان المتأخر یحمل میزات من المعرفة والعلم والجدة والابتکار تضاهی عمل الأولین السابقین.

أقول: وکیف إذا کانت هذه البقعة شرقی الجزیرة العربیة([5]) وکیف إذا کان القطر عُمان بما عُرف عن أبنائه من حب للعلم وجدٍّ فی تحصیله واکتسابه، وموسوعیة فیاضة فی نهله وتألیفه من لدن الخلیل بن أحمد الفراهیدی إلى وقت الناس ­­­هذا، ولاسیما فی علوم العربیة والشریعة وعلوم أخرى.

فهذا بعض ما ینبئ عن أهمیة البحث وضرورته وأنه لا مانع أن ندلف إلى مخطوطة مثل مخطوطة العلامة الفارسی: «تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان» لدراستها والعنایة بها فی أکثر من وجه تعلیمی أو إبداعی، على نحو العنوان الذی تخیرناه، وهو دراسة المنهج التعلیمی وملامح التجدید فی هذه المخطوطة الغراء.

ومما یرفع من قدر هذا التوجه البحثی أن مخطوطة الشیخ الفارسی تعدّ من المخطوطات العمانیة النادرة، وذلک لقلة المؤلفات العمانیة فی هذا الجانب البلاغی فی المدة من 1287هـ إلى 1397هـ أی قرابة قرن کامل على الرغم من النشاط الفکری الغزیر، والازدهار العلمی الکبیر فی حرکة التألیف فی مختلف العلوم والفنون إبان تلک المدة([6])، وربما یُعزى ذلک إلى اهتمام العلماء العمانیین السابقین فی جوانب أخرى، أو إلى الضیاع الذی کان حلیف کثیر من المخطوطات العمانیة([7]). ولعل ما تحدثنا به من أهمیة البحث وضرورته هیأ لنا الانتقال إلى إشکالیته وتساؤلاته.

ب- فی إشکالیة البحث وتساؤلاته:

قد لا تطول وقفتنا هنا لأهمیة الدخول فی فحوى البحث ومضمونه، ولکن هذا لا یمنع من عرض سریع لأهم إشکالیة تواجه الباحث والقارئ على حدٍّ سواء، إذ من المعروف أن للبلاغة تاریخا طویلا، وهو حافل بما کان یتنافس فیه الأدباء والشعراء، ویتسابق فیه الخطباء والبلغاء، وکل یعبر عن مشاعره وخلجات صدره بما أوتی من لسان وفصاحة تنضح بالذوق الرفیع منذ العصر الجاهلی وعبر العصور التالیة له، إلا أن البلاغة ومن خلال ما أشیر إلیه لم تعد مجرد أقوال یتفوه بها العظماء، وصور یفتن بها الأدباء، بل صارت علماً قام على تدوینه والعنایة به، وما یشتمل علیه من أسالیب متعددة وصور جمالیة متنوعة أکابر العلماء وأصحاب الباع الکبیر بالعربیة.

ولکن ما إن تتأخر المرحلة الزمنیة لما استنبطه العلماء من کلام العرب وتراثهم فی الشعر والنثر، وما ألفوه فی هذا المجال من توجهات البلاغة وأطیافها المتعددة حتى تغدو البلاغة قوالب جامدة لا تتغیر ولا تتبدل، فنمطها واحد تقریباً منذ السکاکی 626هـ فی مؤلفه مفتاح العلوم([8])، ثم من جاء بعده أمثال الخطیب القزوینی 739هـ وما استحدثوه من مختصرات وشروح([9])، وهکذا حتى فی المؤلفات البلاغیة الحدیثة فالقاسم المشترک لما ذکرناه أو أعرضنا عن ذکره إنما هو نمطیة واحدة تتکرر فی کل مؤلف مهما امتد به العمر أو تأخر به الزمن.

والمراد بما ذُکر هو هذه الاتباعیة التی صارت علیها البلاغة العربیة، إلا من ذاک التوجه إلى تغییر بعض الأمثلة والشواهد فی تطبیقاتها العامة، ألا یوافق ذلک إشکالیة وتساؤلات عدة؟ ولاسیما ما یطرحه العنوان من أمر المنهج التعلیمی، وملامح التجدید، فهل من منهج تعلیمی اختص به العلامة الفارسی إذا کان العلم الذی یدرسه قد غدا تقلیداً وحسب، وأین یمکن أن نقع على ملامح من التجدید فیما هو مُعاد ومکرر؟، فهذا ما سیسعى البحث للإجابة عنه، فیقف على المنهج التعلیمی لتألیف الشیخ، وإن کثر فیه التقلید، فمثل هذا التقلید له أصوله المحیطة به والمتعلقة فیه، مما شاکل فیه وقارب نظریات تعلیمیة حدیثة، وکذلک ملامح التجدید لا تقل شأناً عن المنهج المتبع، وهو مما سنتعرف علیه تباعاً من خلال العناوین الجدیدة الآتیة:

مادة البحث:

أولاً: بین یدی المؤلف والمخطوطة:

سنقف من خلال هذا العنوان على أهم النقاط الخاصة بالشیخ الفارسی من الوجهة التعلیمیة قدر الإمکان، ولاسیما أن مثل هذا التوجه التعلیمی سیترک أثره لا محالة فی مؤلفاته، وخاصة فی مخطوطته (تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان)، إذ کانت على ما بدا من إتمام الشیخ  لکتابتها بآخر عمره، وهذا یعنی أنها عصارة الفکر والعلم الذی وقف علیه متعلماً وعالماً ومعلماً.

فالمؤلِف هو الشیخ العلامة القاضی منصور بن ناصر بن محمد بن سیف الفارسی الخروصی.

وبعد أن أصبح ذا مکانة علمیة سامقة فی عهد الإمام الخلیلی، افتتح مدرستین توافد علیها طلاب العلم، الأولى فی موطنه فنجاء، والأخرى فی عاصمة الإمامة نزوى، وتخرج من هاتین المدرستین علماء وأدباء وقضاة. فلا غرو مع هذه الإشارة إلى وضع المؤلف العلمی أن یسأله بعض طلبته أن یضع لهم رسالة فی علمی المعانی والبیان، مما ذکره الشیخ العلامة فی مقدمة کتابه، فقال: (فقد سألنی بعض الإخوان من الطلبة أن أضع لهم رسالة فی علمی المعانی والبیان، واخترع علی أن تکون بعبارة واضحة البیان، وسهلة المأخذ قریبة المعانی خالیة من صعوبة المسلک، یفهمها رکیک([10]) الفهم، ویتناولها الفتى، فأعرضت إعراض من لم یتأهل للمراد، وتوقفت توقف من لم یکن من أهل ذلک. ثم طلب إلی ثانیة، فصرت بین إقدام وإحجام، فکَرَّ فی الطلب أخرى، فرأیت إجابته لمراده، فأجبته لما طلب، فشمرت عن ساعد الجد والاجتهاد...)([11]).

فهذه نبذة عن المخطوطة، وبدء العمل بها وهی -کما لا یخفى- غنیة بدلالتها مشیرة بمعانیها وألفاظها إلى ما نحن بصدده من أنه کان للشیخ منهج فی تألیف هذا المخطوط ورأی فی تجدید ما یمکن تجدیده من هذا العلم، قوامه وضوح البیان، وسهولة الوصول للمعنى، وقربه من الأذهان. ولم یکن انشغاله إبان تلک الفترة بأحوال الناس وأمور العباد([12])، لیمنعه مما أخذ به من منهج تعلیمی وتجدید فی هذا العلم مما سنقف علیه:

ثانیاً: المنهج التعلیمی فی مخطوطة تقریب الأذهان:

یبدو أن الشیخ الفارسی، وإن عایش معطیات الحضارة العربیة الإسلامیة وما تشتمل علیه من علوم مختلفة سار الناس على تلقیها وتدریسها على طرائق الأقدمین دونما تجدید یذکر، أو هو قلیل یشار إلیه بقوة، إلا أنه –والحق یقال- ومن خلال النموذج الذی بین أیدینا لتألیفه وتدریسه یعد من متقدمی عصره، وممن قارب غایة مرضیة من المنهج التعلیمی التی اختطه أو رضی عنه ممن سبقه مع ملامح بینة من التجدید الذی خالط معظم عطاءاته العلمیة، ویمکننا ملاحظة ذلک من خلال الأساسیات التعلیمیة الآتیة:

أ- التماسه السهولة والیسر: وواضح ذلک من سیمیاء العنوان الذی تخیره فی کتابه فی البلاغة (تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان) وکان وضعه المؤلف لشداة هذا العلم ممن قل فهمه أو کثر، فکل یأخذ بنصیبه، وهنا حومة الوغى، فالمبتدئ صنو المتقدم فی الفهم والوصول إلى معطیات هذا العلم، وأما أن یجد المبتدئ حاجته ویخرج المتقدم خاوی الوفاض صفر الیدین فهذا مما لا نجده فی هذا التألیف الجلیل، وهو قوله عن عبارته: «سهلة المأخذ، قریبة المعنى، خالیة من صعوبات المسلک، یفهمها رکیک الفهم، ویتناولها الفتى»([13]). فهذه أساسیة من أساسیات التعلیم والتدریس.

ب- وثمة أساسیة ثانیة یمکننا إدراکها للوهلة الأولى وهی ملاءمة العنوان للموضوع المطروق، فالتألیف فی الاتجاه البلاغی کاملاً والعنوان کذلک: «تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان» على أن العنوان، هنا، فیه مسحة من الاختصار والتنغیم الموسیقی، إذ لم یقتصر الکتاب على هذین العلمین، فقد أتبعهما بعلم البدیع وهو الفن الثالث من فنون البلاغة([14])، وکان تناول فی هذا الفن المحسنات المعنویة والمحسنات اللفظیة.

ج- ومن أساسیات التعلیم کذلک ألا ترى فی أی مُؤلَّفٍ أو کتاب استطراداً یخل بالکتاب ویفقده قیمته، فمثله کالجسم غیر المتوازن فی قوامه واعتداله، کأن یکون البطن مترهلاً مندحاً وسواه ضعیفاً، ویلحق بهذا التوازن بالأقسام، إنه وإن طالت بعض الأقسام عن بعضها الآخر کما فی مخطوطة الشیخ، حیث اتسع القسم المخصص لعلم المعانی، فهذا ناشئ عن طبیعة هذا العلم، وکثرة مباحثه التی تفوق فی معطیاتها وجزئیاتها المتنوعة علم البیان وعلم البدیع، فالشیخ بعد أن وقف بتأن وتؤدة على الفصاحة والبلاغة والقول فیها فی حدود أربع عشرة صفحة، انتقل إلى علم المعانی بما یزید عن مئة صفحة، ثم عاد إلى علم البیان والبدیع بحدود خمسین صفحة لکل منهما، إنها ضرورة بحثیة محضة نابعة من معطیات علم المعانی وتنوع أبحاثه([15]).

د- وقد یکون التدرج فی التعلیم([16]) بمعطیاته المتعددة أهم ما یسم منهج الشیخ فها هو ذا ینتقل من العام إلى الخاص، ومن الکل إلى الجزء، ومن الجزء إلى الکل، ومن السهل إلى الصعب، فلو أنّا تصفحنا المخطوطة المحققة بدءاً من المقدمة التی أرادها أن تکون مقدمة علم لا مقدمة کتاب فحسب، لوجدنا مثل هذا التوجه، یقول: "والمقصود بها –أی المقدمة- هنا الفصاحة والبلاغة وانحصار البلاغة فی علم المعانی وعلم البیان وعلم البدیع، والارتباط هنا نفس المطلوب من تألیف هذا الکتاب، فإن المقصود بالذات من تألیفه العلوم الثلاثة لا المقدمة فقط..."([17]).

ومن باب التدرج من العام إلى الخاص ما وقف الشیخ عنده من القول فی الفصاحة والبلاغة، وما هو ما قدم به للکتاب –کما أسلفنا- «لأنها کالأساس فی الفنون الثلاثة، فذکرها أولاً کاللازم، فإن مباحث الفصاحة والبلاغة هی فی سلامة المفرد والکلام والمتکلم من النقد الخارج عن دائرتهما»([18]) ومرة أخرى یدلف الشیخ إلى هذا التقدیم للعام على الخاص فیقول وقد قدم الفصاحة على البلاغة: «لأنها أعم من البلاغة لفظاً ومعنى، فکل فصیح بلیغ، ولیس کل بلیغ فصیحاً، ثم إن الفصاحة تطلق على الکلمة المفردة وعلى الکلام المرکب وعلى المتکلم، فیقال کلمة فصیحة، وکلام فصیح، ومتکلم فصیح..»([19]).

ومن أمثلة ذلک مما ورد فی أثناء الکتاب حدیثه عن المجاز وانقسامه، یقول فی القسمة، وقد قدّم الحقیقة على المجاز، وأطرافه عامة على ما خص به طرفاً دون طرف: «اعلم أن المجاز یقسم باعتبار طرفیه أربعة أقسام، وطرفاه المسند والمسند إلیه، الأول أن یکون طرفاه حقیقتین، الثانی أن یکونا مجازین، الثالث أن یکون المسند إلیه مجازاً والرابع أن یکون المسند مجازاً»([20]).

وفی مجال التدرج التعلیمی انتقال الشیخ من الکل إلى الجزء، وذلک فی کل ناحیة من نواحی کتابه، فنراه یخلص من الفصاحة والبلاغة إلى علم المعانی وهو الأعم والأشمل من علوم البلاغة ثم إلى علم البیان وأخیراً إلى علم البدیع([21])، وهو فی کل ذلک یحقق قاعدة الانتقال والتدرج من الکل إلى الجزء([22])، ففی علم المعانی بدأ بأحوال الإسناد الخبری عامة ثم أحوال المسند إلیه، فأحوال المسند، فأحوال متعلقات الفعل([23]).

وأما تدرج الشیخ من السهل إلى الصعب، فإنک تلمسه فی کل جزئیات الکتاب، فعلم البیان مثلاً بدأه بالتشبیه، وهو الأسهل من معطیات علم البیان من مجاز واستعارة وکنایة([24])، قولاً واحداً، وهکذا دخل فی تعریفات التشبیه وأدواته وأرکانه، وکل ذلک مصحوب بالشواهد الدرسیة والقرآنیة ونحو ذلک.

هـ- إنّ ما سبق الحدیث عنه یقود إلى أساسیة جدیدة فی التعلیم، لا بدّ أن الشیخ قام علیها أصالة، فإن کان فی ذلک شیء من أن یفطن الشیخ لذلک أو لا یفطن، فإن قواعد التدرج فی التعلیم مما وقفنا علیه آنفاً تقود من غیر شک إلى هذه الأساسیة، ونعنی بها سهولة توصیل المعلومة، وتحقیق مهارة التواصل مع الآخرین، فکیف إذا أضیف إلى ذلک تنبیهاته التی تأتی تباعاً فی کل صفحات المخطوطة، وهی تنبیهات تقوى بها اللغة ویمیل المُخاطب من خلالها إلى الفهم وتأکید المعنى وغرسه فی النفس، ومثال ذلک ما ذکره فی باب أحوال الإسناد الخبری، فتراه یقول: «تنبیه اعلم أن المخبر یلزم أن یقصده بخبره إفادة المخاطب لأحد أمرین لا ثالث لهما»([25]) فکلمة (اعلم)، هنا، لا یُراد بها فعل الأمر القسری، وإنما المراد أوسع من ذلک أی لیعلم، ولیکن منک علم بهذا الأمر وحدوده، ونحو هذا قوله فصل فی انقسام الإسناد: (اعلم أن الإسناد ینقسم إلى حقیقة عقلیة وإلى مجاز عقلی...»([26]) وقد یأتی التنبیه مجرداً من الفعل اعلم، کقوله: "تنبیه: المجاز العقلی یجری إسناده فی الإضافة والإیقاع، کما یجری فی الفعل للملابسة إذ لا بد من اعتبارها، مثاله فی الإضافة أعجبنی إنبات الربیع البقل، وأعجبنی جری النهر)([27]) والمهم فی ذلک هذه العلائق التی أقامها المؤلف مع المتلقی، وحفاظه بقوة على إیصال المعلومة إلیه بشکل واضح جید جلی محبب.

و-ولعل الأساس الرئیس فیما سبق کله (اللغة) بکل ما تعنیه هذه الکلمة من آلیة التواصل بین المرسل والمتلقی، وکذلک الرسالة بما تحمله من تأثیرات المرسل لتصبح أهلاً للقبول والتلقی عند السامع والمتلقی، فالمراد من ذلک واضح بیّن، وهو استعمال اللغة المألوفة، والمفهومة الواضحة، وهو ما سنراه على أحسنه وتمامه فی استعمال الشیخ اللغة التی سار علیها.

ومما یمکن الإشارة إلیه فی هذا المجال من أهمیة اللغة وضرورتها فی العملیة التعلیمیة أن اللغة تمثل جزءاً أساسیاً فی أی مجتمع، فهی إذن نوع من المألوف یتم اکتسابها کأی مادة أخرى فی حیاتنا الیومیة، وهذا المفهوم کان سائداً فی مطلع هذا القرن بحیث ینظر إلى اللغة على أنها مجموعة من الحقائق، على المعلم أن یلقنها للمتعلم تلقیناً، وأن یحفظها الأخیر عن ظهر غیب، وبقدر هذا الحفظ یعد متمکناً من اللغة([28]).

وتلعب الممارسة والتکرار دوراً أساسیاً فی اکتساب المهارة اللغویة أو العلمیة أیاً کانت، فإذا کان الطالب یتعلم قاعدة نحویة معینة، فإنه لا یکفی أن یحفظها ویعیدها تکراراً آلیاً بل لا بد من ممارستها فی مواقف الحیاة بصورة طبیعیة([29]).

ولو أننا مضینا ننظر إلى علم البلاغة بفروعه المختلفة النظرة المشار إلیها إلى اللغة، ولا مانع من ذلک قطعاً، بل إن الطالب الناشئ على تعلم العربیة نحواً وصرفاً، لغة وأدباً لن یضیره أبداً أن یتلقف علوم البلاغة بطرائق تعلم العربیة نفسها، بل هو أدعى لقبولها وثباتها عنده، ولاسیما إذا نظر إلیها عادة من العادات السلوکیة، وأمکنه اکتسابها بالممارسة والتکرار والعودة إلیها حیناً بعد حین.

وفی نظرة شاملة للمخطوطة من أولها إلى آخرها نرى هذا التوجه العلمی الذی لا یفرق بین أن یکسب الطالب اللغة عامة أو یتمرس فی فرع من فروعها، وربما زاد من سرعة اکتسابه علوم البلاغة أنه فی الأصل مکتسب للغة، وهنا، وفی أجزاء المخطوطة کاملة التوجه لاکتساب هذا العلم بکل ما یمثله من فنون وعلوم.

وفی التدلیل على ما ذهبنا إلیه من أن الشیخ أفاد من اللغة وطوعها لما یبتغیه من تألیف بلاغی یفید فیه الطالب المملى علیه أو المتلقی فیما بعد، أو السامع أیاً کان شأنه، فیمکننا أن نفتح صفحات المخطوطة من غیر ما اختیار أو انتقاء، وعلى أی صفحة نقع فإننا نجد تلک الألفة والموالفة بین اللغة والبلاغة، فکأنهما صهرا من بوتقة واحدة، فاللغة هی البلاغة، والبلاغة بعلومها مجتمعة أو متفرقة هی اللغة.

ومن الأمثلة لما ذکرناه دونما حصر –کما مرت الإشارة- أن نقرأ فی إحدى صفحات المخطوط قوله: «ومن خلاف مقتضى الظاهر التعبیر بالمفرد عن المثنى، والتعبیر بالمثنى عن المجموع، والتعبیر بالمفرد عن المجموع... فمثال الأول قول الشاعر (الوافر):

فرجّی الخیر وانتظری إیابی        إذا ما القارظ العنزی آبا

   فعبر بالقارظ، وهما قارظان، وقوله جل وعلا: "والله ورسوله أحق أن یرضوه" [التوبة: 62]، وأصله أن یرضوهما، ومثال الثانی قوله تعالى: "ثم ارجع البصر کرتین" [الملک: 4] أی کرات، وقول الملبی: «لبیک وسعدیک، أی تلبیة بعد تلبیة، وإسعاد بعد إسعاد، ومثال الثالث: وذبیانة قد ذلت بأقدامها النعل، وأراد به النعال([30]).

         ولو أننا فتحنا المخطوطة مرة ثانیة لوجدنا، وتحت عنوان (المحسنات اللفظیة) باب: (هذا الباب یتضمن أنواع البدیع اللفظی، وسنذکرها مرتبة إن شاء الله تعالى، فصل: من أنواع البدیع اللفظی یسمى الجناس والمجانسة والتجنیس، وهو ثمانیة أنواع، النوع الأول: الجناس التام، وهو أن یتفق اللفظان فی أعداد الحروف وفی أنواعها وتوفیقها([31])، وفی هیئتها وهذا النوع أقسام: القسم الأول، ویسمى المماثل، وهو أن تکون الکلمات من نوع واحد بأن تکونا اسمین أو فعلین أو حرفین، فالاسمان قوله تعالى: وَیَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ یُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَیۡرَ
سَاعَةٖۚ کَذَٰلِکَ کَانُواْ یُؤۡفَکُونَ ٥٥ [الروم/55] وقوله تعالى: «یَکَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ یَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ ٤٣یُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِی ٱلۡأَبۡصَٰرِ٤٤» [النور/ 44،43] وقوله صلى الله علیه وسلم: «من أمر بمعروف فلیکن أمره بمعروف»([32]).....)                                                                                        

ز- ویتبع أساسیة اللغة المألوفة والمفهومة الواضحة شرح المفردات الغریبة وتوضیحها، وهو مما یساعد المتلقی على الفهم، وقد حقق الشیخ هذا العنصر التعلیمی فیما ذهب إلیه من تألیف، والأمثلة کثیرة، وقد بدأها الشیخ منذ اللحظة الأولى للتألیف، ها هو ذا یبین عن ضبط کلمة المقدمة وما تستعمل له، فیقول: «اعلم أن لفظ المقدمة یجوز فی الدال الفتح والکسر والمقدمة على قسمین: مقدمة علم، ومقدمة کتاب، فالأول اسم للمعانی المقصودة من العلم المراد، والثانی اسم للألفاظ الموضوعة فی ذلک الکتاب»([33]).

على أن الشروح لدى الشیخ لم تقتصر على الکلمات، بل تناولت المعانی فی الشعر وفی الرجز أیضاً، ونمثل لذلک بما اشترطه للفظ لیکون فصیحاً، فقال: «والثانی: أن یکون سالماً من الغرابة، والمراد بالغرابة کون الکلمة وحشیة خفیة المعنى غیر مأنوسة فی لسان العرب، کقول العجاج (الرجز):

ومقلة وحاجبا مزججا                وفاحماً ومِرسنا مسرَّجا([34])

فالمرسن (الأنف) والمسرجُ (السیف السروجی) المنسوب إلى سروج وهو حداد یعمل السیوف، وإلیه تنسب السروج السروجیة، فالغرابة فی کلمة مسرجا؛ لأنه لا یفهم ما مراده بتشبیه الأنف هل هو بالسیف السروجی فی الدقة والاستواء أو فی الصفاء واللمعان بالسرج؟ وتحقیق الغرابة فیه أن النسبة إلى الشیء لا تفید التشبیه به»([35])

وقد یأتی الشیخ بالمعنى یشرحه بما یوافق علم البلاغة أکثر من التفاته إلى اللغة وإن وافق إحدى وجوهها، ومثال ذلک شرحه البدیع، قال: (البدیع فی اللغة: الغریب، وفی الاصطلاح هو الغریب المستحسن لا مطلق الغریب»([36])، وقد تناول المحقق الکلمة من وجهة لغویة محضة، فقال فی حاشیته: «بدع: البدع: إحداث شیء لم یکن له من قبل خلق ولا ذکر ولا معرفة، والله بدیع السماوات والأرض، أی ابتدعهما ولم یکونا من قبل ذلک شیئاً)([37]). وفی معرض شرحه لألفاظ من القرآن الکریم قوله: (وأما (أنّى) فإنها تکون تارة بمعنى کیف ویجب أن یلیها الفعل نحو: « فَأۡتُواْ حَرۡثَکُمۡ أَنَّىٰ شِئۡتُمۡۖ [البقرة/223] أی کیف شئتم على أی حالة من الحالات، إذا کان المأتی واجداً، وتارة تکون بمعنى من أین، نحو: «قَالَ یَٰمَرۡیَمُ أَنَّىٰ لَکِ هَٰذَاۖ
٣٧» [آل عمران/37]، أی هذا الرزق الذی یأتیک کل یوم وبعضه فی غیر أوانه)([38]) .

ح- ومن أساسیات التعلیم أیضاً، ومن منهجه المصیب الذی یحقق التکاملیة العلمیة رابطاً بین المادة النظریة والتطبیقیة تنوع أسالیب الاستشهاد للمادة النظریة ما بین قرآن کریم، وحدیث نبوی شریف، وأمثال وکلام عربی أصیل، وأشعار وأرجاز على مر الأزمنة والعصور العربیة.

فمن شواهده القرآنیة ما مرّ بنا ذکره فی أکثر من موضع، ومنه أیضاً فی معرض الحدیث عن خلاف مقتضى الظاهر فی الاستعمال العربی لضرورة ما ظاهرة أو خفیة (قوله تعالى عن قول الکفار:« ذَٰلِکَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَیۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ  »[البقرة/275]، وأصله إنما الربا مثل البیع، فافهم، أرادوا تشبیه الربا بالبیع، لا البیع بالربا، وإنما قلبوا حکم دعواهم فی إباحته وتحلیله زیادة فی غلوهم وکفرهم بالإفراط فی مجاهرتهم حتى جعلوه الأصل لمساواته للبیع)([39])، ویتابع الشیخ استشهاداته التوضیحیة من القرآن الکریم فیأتی (بقوله تعالى رداً على الکافرین وتبکیتاً لزعمهم« وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَیۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ»[البقرة/275])([40])، ویقول أیضاً وقد خرج إلى بسط المعتقد، وعرض الرأی الإسلامی کاملاً فی الربا المحرمة، یقول: (ولم یتوعد سبحانه وتعالى أحداً بمثل ما توعد به آکلی الربا بقوله:« فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ
فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ »[البقرة/279])([41]).

وهکذا تنوعت الشواهد القرآنیة وتعددت فی کل مبحث من مباحث الکتاب حتى بلغ ما استشهد به الشیخ رحمه الله تعالى (352) ثلاثمئة واثنین وخمسین شاهداً قرآنیاً.

وأما الحدیث النبوی فلم یقصر باع الشیخ عن الاستشهاد به والتدلیل به على القاعدة والفکرة تطبیقاً وإیضاحاً وتفسیراً، والشواهد کذلک تملأ الکتاب، وللاستئناس بذلک نورد موضعاً أو موضعین من هذا الاستشهاد، ففی حدیث الشیخ عن التوشیع من مقامات الإطناب، قول: (التوشیع لغة: القطن المندوف أی المجرود، وفی الاصطلاح: أن یأتی المتکلم بلفظ مثنى یفسره بعده باسمین ثانیهما معطوف على الأول کقوله صلى الله علیه وسلم: «یکبر ابن آدم ویکبر معه خصلتان: الحرص وطول الأمل»([42])، وقوله: «اقتدوا باللذین من بعدی أبی بکر وعمر»([43])، وقوله: «للمرأة ستران القبر والزوج»([44]))([45]) وعلى هذا النحو فی أکثر مباحث الکتاب الاستشهاد بالحدیث النبوی حتى بلغ ذلک (93) استشهاداً نبویاً کریماً.

وفی مجال الشعر والاستشهاد على المعطیات البلاغیة المختلفة یمکننا أن نذکر ببعض الشواهد وکیف جاء بها، على أنه یحسن التذکیر أولاً أن عدد استشهادات الشیخ بأبیات الشعر والرجز بلغت (275) خمساً وسبعین ومئتی شاهد شعری، من غیر أنصاف الأبیات، وجاء الشعراء المستشهد بهم من عصور الأدب العربی کله، من نحو زهیر بن أبی سلمى ص296، وبشر بن أبی خازم ص102، والنابغة الذبیانی ص288، وعلقمة بن عبدة ص98، وأبی الطمحان القینی ص83، وغیرهم من الجاهلیین، ومن الإسلامیین نذکر: الخنساء ص215، والعرجی ص76، 291، وذو الرمة ص190، وقیس بن دریح ص280، وغیرهم، ومن العباسیین وسائر العصور الإسلامیة نذکر ابن خفاجة (الأندلسی) ص218، والمتنبی ص44، 179، 216، 286، وابن المعتز ص207، 232، وأبا فراس ص204، وأبا العلاء المعری ص89، وبشار بن برد ص219، وأبا العتاهیة ص274، وابن الرومی ص300، وأبا مسلم البهلانی (العُمانی) ص283، وسوى ذلک کثیر، وإنما ذکرت ما ذکرته تمثیلاً لا تأصیلاً.

وأما کیف کان الشیخ یورد الشاهد الشعری مستعیناً به على الشرح البلاغی فنورد النص الآتی فی مقام حدیث الشیخ عن أنواع من البدیع المعنوی ونعنی به (مراعاة النظیر)، یقول: (ویسمى التناسب والتوفیق والائتلاف والمؤاخاة، وضابطه، أن تجمع أمراً فی کلام وتذکر ما یناسب لا بالتضاد.

أثافی سفعاً فی معرّس مرجــل 

ونؤیاً کجذم الحوض لم یتثلــــم

فلمـــا عرفت الدار قلت لربعها

ألا عم صباحاً أیها الربع واسلم

وهذا النوع أصناف: الصنف الأول أن یکون التناسب فی اللفظ والمعنى، کقول زهیر (الطویل).

فإنه أتى فی البیت الأول بألفاظ غریبة غیر مستعملة، ثم أتى فی البیت الثانی بألفاظ معروفة مستعملة..)([46]).

أما وقد أتینا على المنهج التعلیمی للعلامة الشیخ منصور الفارسی غیر مستأنسین لحدیث من غیر هذا المنهج ودلالاته المختلفة، من نحو ملاءمة العنوان للموضوع، وعدم الاستطراد المخل، ومحاولة التوازن بالأقسام من غیر ما تفرضه طبیعة الموضوع، ومن نحو التدرج فی التعلیم من العام إلى الخاص، ومن الکل إلى الجزء، ومن السهل إلى الصعب، ومن نحو سهولة توصیل المعلومة واستعمال اللغة المألوفة والمفهومة والواضحة، وما تبع هذا من شرح المفردات الغریبة وتوضیحها، وما حققه الشیخ من عناصر الاتصال والتی توازی المرسل والمرسل إلیه والرسالة الجیدة، والأداة فی ذلک کله اللغة، ناهیک بما وقفنا عنده من تنوع أسالیب الشیخ ولا سیما فی استشهاداته على المادة النظریة فی الکتاب بالمادة التطبیقیة کاستشهاده بآیات القرآن الکریم، والحدیث النبوی الشریف، والشعر العربی فی العصور العربیة المختلفة بدءاً من الجاهلیة إلى أیام الشیخ نفسه. فهذا رکن البحث ومادته الأصلیة، وأما رکنه الثانی والمزمع الوقوف علیه أننا سنلتقط من هذا المنهج ومن سواه مما کتبه الشیخ وأبدع به ملامح التجدید، إذ لم یکن الشیخ على ما بیناه مجرد ناقل أو متبع، بل کان نبراساً فی منهجه التعلیمی ومحاولته المجیء بالجدید على ما سنأتی علیه إن شاء الله تعالى فی الصفحات الآتیة:

ثالثاً: ملامح التجدید فی مخطوطة تقریب الأذهان:

  لیس المراد بملامح التجدید فی هذه المخطوطة أننا نطلب من الشیخ أن یکون مجدداً لعلم البلاغة، وهو العلم الذی أخذ صورة تقلیدیة بعدما أثمر کل الإثمار على ید عبدالقاهر الجرجانی ومن سبقه من النقاد والبلاغیین العرب، ولکننا نحاول فی هذه العجالة تبین ما توجه إلیه الشیخ من تجدید وما احتواه عمله العلمی من تفتح باتجاه المفید والجدید مما یمکن استثماره لدى الواردین على هذا العلم وتنمیته؛ لیصبح صرحاً علمیاً تتفتح مادته النظریة وتطبیقاته العملیة بالخیر والعطاء.

أ- فمن ذلک أنک تلحظ فی المخطوطة خطتها وبرنامجها وکثیر من تطبیقاتها العملیة حیازة الشیخ على معطیات علمیة حدیثة، فإذا کان بلوم وزملاؤه قدموا فی أواخر القرن الماضی تصنیفات مهمة للأهداف التعلیمیة السلوکیة فی المجالات المعرفیة والوجدانیة والمهاریة([47])، على أنهم أرادوا بالمجال المعرفی: الأهداف التی تتعلق بالمعرفة والمهارات والقدرات العقلیة، إن الشیخ وإن لم یعین أهدافاً أو یجدد على طرائق المحدثین، ولکنک واجد ذلک من خلال المعارف التی یعج بها الکتاب، ونحو ذلک غرس المهارات بما یثیره من حوارات فی کل مبحث من مباحثه، ومن خلال التنبیهات المتعددة التی لا تغادر أی صفحة من صفحاته فکأنه یرید بقارئه ومتلقیه أن یحصل على هذه المهارة العلمیة ویتقنها أیما إتقان.

ب- وأما عن المجال الوجدانی فحدث ولا حرج وقد مر بنا آنفاً کیف أن الشیخ کان فی طرحه العلمی لقضیة جریان الکلام على خلاف مقتضى الظاهر محتاجاً لشاهد واحد مثلاً من القرآن الکریم، وهو قوله تعالى حکایة عن قول الکفار: "ذلک بأنهم قالوا إنما البیع مثل الربا" ]البقرة: 275[ وأصله إنما الربا مثل البیع فإذا بالشیخ یشبع الموضوع دراسة وعلماً وشواهد جدیدة تشع منها لغة العاطفة الصادقة والأحاسیس المتقدة لحمل القارئ على فهم أحکام الربا کاملة والأخذ بها بعیداً عن الوقوع ضمن دائرة الذین حاربهم الله لتوغلهم فی مثل هذا الأمر وإعراضهم عن تنفیذه، وهو قوله تعالى: "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"]البقرة: 279[ ([48]) ونحو ذلک لما عرض لقضیة التوشیع من باب الإطناب واستشهد له بحدیث نبوی وهو قوله علیه الصلاة والسلام: «یکبر ابن آدم ویکبر معه خصلتان: الحرص وطول الأمل»([49]) أردفه بستة أحادیث وبعضها ما أسنده إلى راویه کابن عباس وبعضها الآخر ذکر تخریجه عن الترمذی والطبرانی وکان یغنیه عن ذلک ذکر الحدیث لولا الوجدانیات والأحاسیس التی طفحت بها روحه فأعطت هذا المد من الأحادیث النبویة الشریفة، وکل منها فی معنى من المعانی الأخلاقیة الرفیعة والتجربة الإنسانیة الفریدة.

ج- ولو أننا عاودنا الکرة إلى الأهداف المعرفیة مما خطه بلوم من نحو (التذکر) والمعنی به القدرة على تذکر واسترجاع وتکرار المعلومات دون تغییر یذکر، فالمخطوطة وسعت هذا التذکر واسترجاع المعلومات وتکرارها وبناء الشیء على ما سبقه، ومن نحو (الفهم) وهو القدرة على تفسیر أو إعادة صیاغة المعلومات التی حصلها الطالب، فالمخطوطة کذلک أعید فیها الکثیر من المعلومات القدیمة بصیاغة جدیدة ولغة جدیدة وکأنها لغة الطالب نفسه، ومن نحو التطبیق، وهو القدرة على استعمال وتطبیق المعلومات والنظریات والمبادئ والقوانین فی موقف جدید، والمخطوطة کذلک إنما تعبر عن قدرة الشیخ على استعمال علوم البلاغة السابقة فی موقفه التألیفی الحالی وهو المخطوطة، وقس على ذلک التحلیل الذی یعنی القدرة على تجزئة أو تحلیل المعلومات والمعرفة المعقدة إلى أجزائها، وکذلک الترکیب وهو القدرة على جمع عناصر أو أجزاء؛ لتکون کلاً متکاملاً، وکذلک (التقویم) وهو القدرة على إصدار أحکام قیمة حول الأفکار والأعمال وهو مما کان یدأب علیه الشیخ فی إکمال المعنى والإلمام به وحث الطالب على الفهم والمعرفة([50]).

    على أن هذه المعلومات وإن کان مما یجب أن یتقنها الطالب نفسه فإن تطبیقها على مُؤلَّف الشیخ ومخطوطته لا یضر أبداً؛ لأن أمثال هذه المعانی إذا کانت قائمة فی نفس الشیخ وخلده فإن ذلک سینتقل بالضرورة إلى الطلاب وشداة العلم.

د- ومن ملامح التجدید الربط العضوی والاتصال والوثیق بین ما علیه الشیخ من سلوکیات إیمانیة ومعتقدات توحیدیة تدفع إلى العنایة الشدیدة بکتاب الله عز وجل وبین ما هو واقع فی التألیف، وما کتبه إلى الطلبة إذ فیه مثل هذا التوجه إلى طرح الفکر الإیمانی فی العملیة التعلیمیة، فلا شیء یعلو على کتاب الله، وإلى هذا الهدف ترى سعی الشیخ دائماً، ومثل هذا الربط بین العالم الداخلی للإنسان والحقائق العلمیة التی یدلی بها هو مما یجعل المتلقی قابلاً لهذا العلم ومقبلاً علیه بکل جوارحه، وخفایا نفسه وفکره، انظر إلى الشیخ وقد هاله من الشاهد الشعری توالی ثلاث إضافات وهو قول الشاعر (الطویل):

حمامةَ جرعى حومةِ الجندلِ اسجعی                 فأنت بمرأى من سعاد ومسمعِ

یقول: (فجرعى مضاف إلى حمامة، وحومة مضاف إلى جرعى، والجندل مضاف إلى حومة، هذا راجع إلى الثقل والتنافر)([51])، لکنه من طریق آخر یحلی ذلک فی ذهن السامع ویحمله على الإذعان لکلام رب العالمین، وقد تتالت فیه الإضافات من غیر ما بأس أو إخلال بالفصاحة، یقول: (وتتابع الإضافات غیر مخل بالفصاحة لورود ذلک فی القرآن العظیم، نحو قوله تعالى: (فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَکَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا
١٠ )[الشمس:8-10]. وبما یوافق مقام الحال فی الألفاظ ومثیلاتها ومراعاة کل کلمة مع مجاوراتها التی ارتبطت بها استشهد بقوله تعالى: (فِیهَا سُرُرٞ مَّرۡفُوعَةٞ ١٣ وَأَکۡوَابٞ
مَّوۡضُوعَةٞ ١٤ وَنَمَارِقُ مَصۡفُوفَةٞ ١٥ وَزَرَابِیُّ مَبۡثُوثَةٌ ١٦ ) ]الغاشیة: 13-16[ فإن مراعاة المرفوعة للسرر والموضوعة للأکواب، والمصفوفة للنمارق، والمبثوثة للزرابی أمر یقتضیه الحال... إلى أن یقول منهیاً شرحه وتعلیقه: وبهذا المعنى الذی قررناه صار إعجاز القرآن فی أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة حتى أعجز جمیع الخلق بأن یأتوا بمثل آیة منه)([52]) أفلا یدل هذا على جدید ومحاولة بث التجدید فی مناحی هذا التألیف؟!.

هـ- على أن هذا التنویع الذی رأیناه فی الأسالیب والاستشهادات مما یحسب للشیخ ویعد من ملامح تجدیده کذلک، ولاسیما أنه لا یفرضه فرضاً، بل تراه ینتقل من أسلوب إلى أسلوب بشکل عفوی محض، فإذا لم یرق للسامع أسلوب الشعر ورأى فیه غضاضة فإن القرآن الکریم سیقع من نفسه موقع الإیمان والتسلیم، إنه الکلام العربی المعجز إلى یوم یبعثون.

و- ومما جدد به أیضاً أنه فی تألیفه عمد إلى الحوار والاستقراء مع ما یلزم من العرض، والحوار والاستقراء من أهم ما توجهت إلیه التربیة الحدیثة فی التعلیم والتدریس المعاصر([53]) یبین الشیخ مثلاً أن المجاز یصح وروده فی القرآن؛ لأنه لیس بکذب باعتبار القرینة الدالة علیه، غیر أنه یسلک لذلک سبیل الإقناع والاستقراء بالآیات القرآنیة واحدة تلو أخرى: (فمن ذلک قوله تعالى"وإذا تلیت علیهم آیاته زادتهم إیماناً" ]الأنفال: 2[أسند زیادة الإیمان إلى الآیات مجازاً والزائد هو الله لا غیره، والآیات سبب للزیادة وقوله تعالى:( یُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ)  [القصص/4] أُسند إلى فرعون مجازاً، والتذبیح واقع من أعوانه، وإنما فرعون سبب أمر به)([54]) وتتوالی الآیات ویتابع الشیخ الاستقراء والحوار لیصل بالقارئ إلى بر السلامة والإقناع.

ز- وما أوردناه یشتمل على ملمح تجدیدی کبیر، فالمؤلف وضع الطالب المتعلم فی مشکلة، وطلب منه أن یبدأ فی حلها أو أن یعطی الحلول اللازمة، ألم یذکر له قضیة عدم ورود المجاز فی القرآن؛ لأنه لا حقیقة له، وهذا مما یخل بالاعتقاد ویهزه ریثما یظهر المراد، ثم یأتی إلى الحل کما بینا تباعاً وفی آیات کثیرة محاولاً إقناع المتلقی بقوة أن القرینة الدالة على المجاز تعنی وتفید الصدق([55]).

ح- ولا تستبعد أن ترى من خلال نصوص المخطوط المتوالیة التوجه إلى (العصف الذهنی) ونعنی به طرح الأسئلة وإثارة فکر المتلقی وعقله ودفعه لیفکر فی الجواب الصحیح اللازم إزاء القضایا المطروحة عبر هذا المؤلَّف.

ط- وأخیراً، ولأهمیة الحوار فی التعلیم وکونه ملمحاً تجدیدیاً لا غبار علیه، لا فی قدیم العلم والتعلم، ولا فی حدیثهما نورد هذا المثال لما کان الشیخ یحاور به متخذاً من نفسه محاوراً یبث أسئلته للطالب ویحمله على التفکیر مما مر آنفاً، ثم یأتی بالجواب الناصع المفید: (تنبیه: تذکر من أدوات الشرط (إن) و(إذا) و(لو)... فأما إن فهی حرف دال على الاستقبال من الزمان ومعناه یقتضی الشک، والمراد بالشک الظن من المتکلم، والتوهم بوقوع جزائه، وعدم الجزم بوقوعه، فإن قلت ما تقول فی قول المتکلم الموصی: إن مت فافعلوا کذا، مع أن الموت مجزوم بوقوعه عند التکلم، قلت: لما کان وقوع الموت غیر معلوم وقت وقوعه عومل معاملة المشکوک فیه، فإن قلت: فإن الشرطیة فی کلام الله عز وجل ماهی؟ قلت: لا تقع إن من الله جل وعلا فی الأصل على معناها، بل إن جاءت من الله إما على الحکایة أوردها جل وعلا، وإما على معنى مؤول بما یلیق بالمقام)([56]).

الخاتمة:

بقی بعد هذه الجولة فی المنهج التعلیمی وملامح التجدید فی مخطوطة «تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان» أن ننهیها بشیء من النتائج والتوصیات لما تمخض عنه البحث فی معطیاتها المتنوعة على النحو الآتی:

-                    حافظت المخطوطة على توازنها فی کل أقسامها على الرغم من کثافة المادة العلمیة، فلا یرى الباحث فیها إطناباً مملاً، ولا إیجازاً مخلاً.

-                    مما میز المخطوطة تدرجها العلمی من السهل إلى الصعب، ومن الکل إلى الجزء، ومن الجزء إلى الکل، وکل ذلک مع التطبیقات اللازمة للمادة النظریة المطروحة.

-                    حققت المخطوطة سهولة توصیل المعلومة، ومهارة التواصل مع الآخرین بسبب اللغة التی اعتمدها المؤلف، فلا تقعر ولا تکلف، وإنما الألفاظ والتراکیب فی خدمة الشروح وتوضیحها.

-                    حققت المخطوطة أیضاً المنهجیة التکاملیة بربطها بین المادة النظریة والتطبیقیة وتنوع أسالیب الاستشهاد من قرآن کریم وحدیث نبوی شریف وأشعار وأرجاز.

-                    لم یصرح المؤلف بالتجدید، ولکنه سار علیه بتحقیقه للأهداف التعلیمیة السلوکیة فی المجال المعرفی والوجدانی والمهاری، على ما هی علیه معطیات التعلیم عند بلوم وزملائه.

-                    من وسائل تحقیق الشیخ للجوانب المهاریة إثارته الحوارات فی کل مبحث من مباحثه مع ما رافق ذلک من تنبیهات.

-                    یعد هذا التألیف صیغة متقدمة لکل باحث یحاول المزج المعرفی والوجدانی، وذلک من خلال التوجهات البلاغیة القرآنیة التی أثراها المؤلف بفیض من وجدانیاته ونبض إیمانه وتوحیده.

 

التوصیات:

-                    أن تخصّ أقسام منه بالدراسة فی الکلیات والمعاهد الشرعیة، وأن یقتبس منه بعض المؤلفین للکتب المدرسیة موضوعات وتطبیقات مناسبة.

-                    أن یستفید منه أرباب الوجدانیات الدینیة بما اشتمل علیه من تفسیرات للشواهد البلاغیة تعزز المعانی القرآنیة إلى حد بعید.

 

([1]) حققها الباحث حمید بن علی بن خلفان الشهومی عام 2015م، إلا أنها لم تنشر بعد، ووزعت مطبوعة لأول مرة أیام المؤتمر برعایة الشیخ ناصر الفارسی ابن الشیخ منصور رحمه الله.

([2]) الجبوری، یحیى وهیب: منهج البحث وتحقیق النصوص، ط2، دار الغرب الإسلامی، تونس، 2008م، ص158 وما بعدها.

([3]) الجبوری، یحیى وهیب: منهج البحث وتحقیق النصوص، مرجع سابق، الصفحة السابقة.

([4]) الدینوری، عبد الله بن مسلم بن قتیبة: الشعر والشعراء، تح: وشرح أحمد محمد شاکر، دار الحدیث، القاهرة، 1423هـ، المقدمة، ص63، وثمة رأی ابن قتیبة النقدی فی رفضه تقدیم القدیم لقدمه وحسب.

([5]) درویش، أحمد: مدخل إلى دراسة الأدب فی عُمان، دار الأسرة للطباعة والنشر، مصر، 1992م، وثمة رأیه بأن عصر الضعف اللغوی فی الوطن العربی قابله فی عُمان عصر قوة اللغة النباهنة، وقوة النثر الأدبی الیعاربة، ص121 وما بعدها، ص142.

([6]) یُنظر: الذهلی، حمد بن سالم: الجهود النحویة فی عُمان، ط1، مؤسسة الانتشار العربی، 2009، التمهید، وتنظر النسخة المحققة، جامعة نزوى، المقدمة.

([7]) یُنظر: الخلیلی، سعید بن خلفان بن أحمد 1287هـ: سمط الجوهر الرفیع فی علم البدیع، تح: محمد بن یحیى بن سفیان الراشدی، ط1، ذاکرة عُمان، مسقط، 2015م، مقدمة التحقیق.

([8]) ینظر: السکاکی، یوسف بن أبی بکر بن محمد بن علی السکاکی: مفتاح العلوم، ضبطه وکتب هوامشه نعیم زرزور، ط2، دار الکتب العلمیة، بیروت، لبنان، 1470هـ-1987م.

([9]) ینظر: القزوینی، الخطیب جلال الدین أبو عبد الله محمد بن قاضی القضاة: الإیضاح فی علوم البلاغة، المعانی والبیان والبدیع، مختصر تلخیص المفتاح، دار الجیل، بیروت.

([10]) الرکیک، هنا بمعنى القلیل، ورجل رکیک العلم: قلیله، اللسان رکک.

([11]) المخطوطة المحققة، جامعة نزوى، ص38.

([12]) تنظر المخطوطة المحققة، ص39.

([13]) المخطوطة المحققة، جامعة نزوى، ص38.

([14]) المخطوطة المحققة، جامعة نزوى، ص246، 335.

([15]) المخطوطة المحققة، المقدمة، ثبت المحتویات.

([16]) مصاروة، نادر: طرائق تدریس اللغة العربیة فی ضوء التربیة الحدیثة، مجلة جامعة إلکترونیة، أکادیمیة القاسمی، فلسطین، العدد7، ص305.

([17]) المخطوطة المحققة، ص40.

([18]) المخطوطة المحققة، ص41.

([19]) المخطوطة المحققة، ص42.

([20]) المخطوطة المحققة، ص66

([21]) المخطوطة المحققة، ص54، 193، 246.

([22]) قد یکون التدرج أیضاً من الجزئی إلى الکلی، ولیس من الضروری أن یکون من الکل إلى الجزء، ینظر طرائق تدریس اللغة العربیة فی ضوء التربیة الحدیثة، مرجع سابق، ص306.

([23]) المخطوطة المحققة، ص54، 129.

([24]) المخطوطة المحققة، ص194.

([25]) المخطوطة المحققة، ص54.

([26]) المخطوطة المحققة، ص61، 63.

([27]) المخطوطة المحققة، ص64، وانظر من هذا القبیل من وجوه إیصال المعلومة بسهولة: ص72، 73، 197، 198.

([28]) طرائق تدریس اللغة العربیة فی ضوء التربیة الحدیثة، مرجع سابق، ص307.

([29]) المرجع السابق، ص308.

([30]) المخطوطة المحققة، ص103 ص104.

([31]) لعله قصد ترتیبها المحقق.

([32]) أخرجه الدیلمی عن عبدالله بن عمرو. الفردوس بمآثر الخطاب 3/585 المحقق.

([33]) المخطوطة المحققة، ص40.

([34]) العجاج، دیوانه، تح: الدکتور عبد الحفیظ السطلی، مکتبة أطلس، دمشق، 1971م، ص34.

([35]) المخطوطة المحققة، ص43.

([36]) المخطوطة المحققة، ص247.

([37]) ینظر: کتاب العین بدع 1/121 المحقق.

([38]) المخطوطة المحققة، ص145.

([39]) المخطوطة المحققة، ص102.

([40]) المخطوطة المحققة، الموضع السابق.

([41]) المخطوطة المحققة، ص103.

([42]) أخرجه البخاری عن أنس بن مالک فی باب الرقاق، والحدیث فی الصحیح بلفظ: یکبر ابن آدم ویکبر معه اثنان: حب المال وطول العمر، ینظر صحیح البخاری 8/90، المحقق 183.

([43]) أخرجه الترمذی فی سننه، والکتاب من تحقیق وتعلیق أحمد محمد شاکر، ومحمد فؤاد عبد الباقی، وإبراهیم عطوة عوض، ط2، طبع مصر، البابی الحلبی، 1395هـ، ج2، 609، وتنظر المخطوطة المحققة، ص183.

([44]) أخرجه الطبرانی عن ابن عباس، وجاء الحدیث فی معجمه بلفظ آخر الزوج والقبر، المعجم الصغیر، تحقیق محمد شکور محمود، ط1، المکتب الإسلامی، دار عمار، بیروت 1405هـ، 2/280، وتنظر المخطوطة المحققة، ص183.

([45]) المخطوطة المحققة، ص183.

([46]) المخطوطة المحققة، ص254.

([47]) الکبیسی، فجر: اشتقاق الأهداف السلوکیة، ورشة عمل، مکتب معاییر المناهج، هئیة التعلیم: www.edu.gov.qa

[48] ) المخطوطة المحققة، ص102 ص103.

([49]) المخطوطة المحققة، ص183.

([50]) اشتقاق الأهداف السلوکیة، مرجع سابق.

([51]) المخطوطة المحققة، ص49.

([52]) المخطوطة المحققة، ص51.

([53]) ینظر: طرائق تدریس اللغة العربیة فی ضوء التربیة الحدیثة، مرجع سابق، ص322، 324.

([54]) المخطوطة المحققة، ص68.

([55]) تنظر المخطوطة المحققة، ص67 ص68.

([56]) المخطوطة المحققة، ص109.
 

1)           البخاری، محمد بن إسماعیل: صحیح البخاری، تحقیق محمد زهیر بن ناصر الناصر، ط1، دار طوق النجاة ، 1422هـ.

2)           الترمذی، محمد بن عیسى: سننه، تحقیق وتعلیق أحمد محمد شاکر، ومحمد فؤاد عبد الباقی، وإبراهیم عطوة عوض، ط2، طبع مصر، البابی الحلبی، 1395هـ.

3)           الجبوری، یحیى وهیب: منهج البحث وتحقیق النصوص، ط2، دار الغرب الإسلامی، تونس، 2008م.

4)           الخلیلی، سعید بن خلفان بن أحمد: سمط الجوهر الرفیع فی علم البدیع، تح: محمد بن یحیى بن سفیان الراشدی، ط1، ذاکرة عُمان، مسقط ، 2015م.

5)           درویش، أحمد: مدخل إلى دراسة الأدب فی عُمان، دار الأسرة للطباعة والنشر، مصر، 1992م.

6)           الدینوری، عبدالله بن مسلم بن قتیبة: الشعر والشعراء، تحقیق وشرح أحمد محمد شاکر، دار الحدیث، القاهرة، 1423هـ.

7)           الذهلی، حمد بن سالم: الجهود النحویة فی عُمان، ط1، مؤسسة الانتشار العربی ، 2009م.

8)           السکاکی، یوسف بن أبی بکر بن محمد بن علی السکاکی: مفتاح العلوم، ضبطه وکتب هوامشه نعیم زرزور، ط2، نشر دار الکتب العلمیة، بیروت، لبنان، 1470هـ- 1987م.

9)           الطبرانی، سلیمان بن أحمد بن أیوب: المعجم الصغیر، تحقیق محمد شکور محمود، ط1، المکتب الإسلامی، دار عمار، بیروت 1405هـ.

10)      العجاج، دیوانه، تحقیق الدکتور عبد الحفیظ السطلی، مکتبة أطلس، دمشق، 1971م.

11)      الفارسی، الشیخ منصور: تقریب الأذهان إلى علمی المعانی والبیان، تح: حمید بن علی بن خلفان الشهومی، 2015م، جامعة نزوى، د. ن.

12)      القزوینی، الخطیب جلال الدین أبو عبدالله محمد بن قاضی القضاة: الإیضاح فی علوم البلاغة، المعانی والبیان والبدیع، مختصر تلخیص المفتاح، دار الجیل، بیروت.

13)      الکبیسی، فجر: اشتقاق الأهداف السلوکیة، ورشة عمل، مکتب معاییر المناهج، هئیة التعلیم: www.edu.gov.qa

14)      مصاروة، نادر: طرائق تدریس اللغة العربیة فی ضوء التربیة الحدیثة، مجلة جامعة إلکترونیة، أکادیمیة القاسمی، فلسطین، العدد7.