منطلقات دراسة اللهجات العمانیة؛ الأمثال الشعبیة أنموذجا

الباحث المراسلد. عبدالله بن سعید السعیدي وزارة التربية والتعليم

Date Of Publication :2022-11-10
Referral to this Article   |   Statistics   |   Share  |   Download Article

 

یثیر موضوع اللهجات العربیة عامة واللهجات العمانیة خاصة عدداً فی الإشکالیات التی لا بد من معالجتها بشکل علمی منهجی من خلال تحدید مفهومها ودراستها موضوعیا، وهذا سیقلل من الاشکالیات ویضیف إلى الدرس اللهجی قیمة موضوعیة. ویمکن أنْ یجد الباحثون منطلقات عدة لدراسة هذه اللهجات سواء الألفاظ المعجمیة أم الأمثال الشعبیة والحکایات والقصص الشعبیة المرویة؛ وذلک تحدده أهداف الدراسة کلا على حده، وعلیه اختار الباحث أن یکون منطلق دراسة اللهجات العمانیة الأمثال الشعبیة لما تحمله هذه الأمثال من مخزون ثقافی ولغوی، ولما تتمیز به من ثبات جعلها تقف زمنا طویلا بإزاء الثقافات المجاورة؛ لذا جاءت الدراسة فی مقدمة ومبحثین وخاتمة کالآتی: المبحث الأول فیه: مفهوم المثل وسماته، ثم خصائص الأمثال العامیة وقیمتها الثقافیة، المبحث الثانی فیه: الخصائص الصوتیة للهجة العُمانیة من الأمثال العامیة وصفاتها الصرفیة.

  و هناک کتب عدة اعتنت بتدوین المثل العامی ککتاب: (العمانیون حکمهم وأمثالهم الشعبیة) للفتنانت کولونیل می. أس. جی. جایاکا(([1]))، وکتاب (أقوال عمان لکل الأزمان) لخلیفة بن عبدالله الحمیدی(([2]))، و(موسوعة الأمثال العمانیة) لمحمود حسن عبد الفتاح(([3])).  بید أن الباحث اختار (معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة) لسالم ابن محمد الرواحی لما وجد فیه من اختیار حسن من  مؤلفه ولما فیه من تنوع یثری الباحثین، وإن الباحث وقف عند  بعض الأمثال لاختلاف روایتها فی البیئة العمانیة، ذلک مرده التنوع اللهجی فی عمان. وتکمن أهمیة الموضوع لأنه فی الدراسات النادرة التی اتخذت الأمثال العامیة منطلقا لها.
المبحث الأول: مفهوم المثل وسماته.

1. مفهومه.

م. ث. ل. مثل کلمة تسویة یقال: هذا مِثله ومَثَله کما یقال شِبْه وشَبَههُ بمعنى، والمِثْل: الشِّبْه یقال: مِثْل ومَثَل و شِبه وشَبَبه بمعنى واحد(([4])). ویعرفه أبو إبراهیم إسحاق بن إبراهیم الفارابی (ت339هـ/951م) فی کتابه دیوان الأدب بقوله: "المثل ما ترضاه العامة والخاصة فی لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فیما بینهم، وفاهوا به فی السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدرر، ووصلوا به إلى المطالب القصیة، وتفرجوا به عن الکرب المکربة، وهو من أبلغ الحکمة لأن الناس لا یجتمعون على ناقص أو مقصر فی الجودة، أو غیر مبالغ فی بلوغ المدى فی النفاسة"(([5])) ویقول الزمخشری (ت538هـ/1143م): "والمثل فی لغة العرب بمعنى المِثل کالشَبِه والشِبه ونظیرهما"(([6])).

    ویقول محمد رضا الشبیبی فی تقدیمه لکتاب الأمثال البغدادیة: "الأمثال فی کل قوم خلاصة تجاربهم ومحصول خبرتهم. وهی أقوال تدل على إصابة المحز وتطبیق المفصل. هذا من ناحیة المعنى، أما من ناحیة المبنى فإن المثل الشرود یتمیز من غیره من الکلام بالإیجاز ولطف الکنایة وجمال البلاغة. والأمثال ضرب من التعبیر عما تزخر به النفس من علم وخبرة وحقائق واقعیة بعیدة کل البعد عن الوهم والخیال، ومن هنا تتمیز الأمثال عن الأقاویل الشعریة"(([7])).

2. سمات المثل.

وتتمیز نصوص الأمثال من غیرها بما یأتی:

أ. الإیجاز:  

هو أبرز سمات الأمثال وأخص خصائصها، وبه تمتاز على ما عداها من فنون الأدب. والإیجاز یعمل على إشباع المعنى وهذا ما نلمسه فی قول الزمخشری (ت538هـ/1143م)"..أوجزت اللفظ فأشبعت المعنى وقصرت العبارة فأطالت المغزى، ولوحت فأغرقت فی التصریح، وکنّت فأغنت عن الإیضاح"(([8])).

ویقول القلقشندی (ت820هـ/1418م): "وأما الأمثال الواردة نثرا، فإنها کلمات مختصرة، تورد للدلالة على أمور کلیة مبسوطة.. ولیس فی کلامهم أوجز منها، ولما کانت الأمثال کالرموز والإشارة التی یلوح بها على المعانی تلویحا صارت من أوجز الکلام وأکثره اختصارا"(((([9].

ب. إصابة المعنى:

تعد الأمثال من الأشکال الأدبیة التی تعبر عن الواقع بشکل یقترب من الصدق؛ لأنها تعد نتاج فکر وأحداث وتجارب للحیاة الیومیة، حیث ینقل المثل المعنى من الصورة الحقیقیة الأولى التی قیل فیها بدایة إلى کل معنى فی یقال فی المستقبل.

ت. حسن التشبیه :

من سمات المثل التشبیه، بل إن المادة (م ث ل) تدل على المشابهة، ومن ثم جعل بعض العلماء التشبیه سمة أساسیة فی المثل. فللتشبیه مکانته فی کلام العرب، یقول قدامة بن جعفر(ت337هـ/948م): "وأما التشبیه فهو من أشرف کلام العرب، وبه تکون الفطنة والبراعة عندهم"(([10])). ویشرح عبد القاهر الجرجانی(471هـ/1078م) وظیفة التشبیه فی قوله: "... وهل تشک فی أنه یعمل عمل السحر فی تألیف المتباینین حتى یختصر ما بین المشرق والمَغْرِب، ویجمع ما بین المشئم والمعرق، وهو یریک للمعانی الممثلة بالأوهام شبها فی الأشخاص الماثلة، والأشباح القائمة، ینطق لک الأخرس، ویعطیک البیان من الأعجم، ویریک الحیاة فی الجماد، ویریک التئام عین الأضداد، فیأتیک بالحیاة والموت مجموعین، والماء والنار مجتمعین"(((([11].

وإذا کان التشبیه بجمیع صوره وأشکاله من أسالیب البیان المتفق على بلاغتها، فإنه فی الأمثال یبلغ قمة البلاغة، ویحتل ذروتها، ذلک أن مضارب الأمثال تکون عادة من المعانی المعقولة التی قد یصعب تصورها واستکناه حقیقتها، ومن ثم یلجأ الناس إلى ضرب الأمثال لها بأمور حسیة، وأحداث واقعیة، فلا تلبث هذه المعانی المعقولة أن تبرز من الخفاء حتى تکون فی متناول الحواس الظاهرة.

وتوضیحا لسمة التشبیه فی الأمثال نسوق هذا المثل (قبل الرماء تملأ الکنائن)(([12]))؛ فهو یضرب فی الاستعداد للأمر قبل حلوله، وهو معنى معقول شبه بحالة حسیة، هی حالة الرجل یستعد للرمی قبل أوانه، فیملأ جعبته سهاما؛ فالمضرب هنا وهو المراد أمر معقول لا یدرک إلا بالفکر والنظر، وهذا یعنی أن العرب لجأوا إلى صورة حسیة منتزعة من البیئة، فشبهوا بها تلک المعانی المعقولة، وأخرجوها بهذا التشبیه من الخفاء والإبهام إلى الوضوح والجلاء.

ث. الکنایة والتعریض:

إنَّ أسلوب المثل یتسم بجودة الکنایة والتعریض؛ لأنَّ المتمثل به لا یصرح بالمعنى الذى یریده وهو مضرب المثل ولا یعبر عنه بالألفاظ الموضوعة له فی اللغة، إنما یُخفی هذا المعنى ویعبر عنه بألفاظ أخرى هی ألفاظ المثل، وهذا هو معنى الکنایة والتعریض لغویا ، نقل ابن منظور (ت710هـ/1311م): "والکنایة أن تتکلم بشیء وترید غیره وکنى عن الأمر بغیره یُکنی کنایة، یعنی أن تتکلم بغیره مما یستدل به علیه ..وکُنّی الرؤیا هی الأمثال التی یضربها ملک الرؤیا، یُکنی بها عن أعیان الأمور، ویقول فی موضع آخر: والتعریض خلاف التصریح والمعاریض التوریة بالشیء عن الشیء والتعریض قد یکون مضرب الأمثال، وذکر الألغاز فی جملة المقال"(([13])).

وقیل: الکنایة أن یرید المتکلم إثبات معنى من المعانی فلا یذکره باللفظ الموضوع له فی اللغة ولکن یجیء إلى معنى هو تالیه وردفه فی الوجود فیومئ به إلیه، ویجعله دلیلا علیه مثل (طویل النجاد)؛ أی طویل القامة(([14])).

ج. الذیوع والانتشار:

لعل السمات التی یتسم بها المثل من الإیجاز والوضوح وإصابة المعنى وقمة البلاغة وغیرها، "هی وشی الکلام، وجوهر اللفظ، وحل المعانی، والتی تخیرتها العرب، وقدّمتها العجم ونُطِق بها فی کل زمان، وعلى کل لسان فهی أبقى من الشعر، وأشرف  من الخطابة، لم یَسر شیء سیرها، ولا عمّ عمومها حتى قیل(أَسْیَرمن مثل)(((([15]. هذا وقد نوّه مدونو الأمثال إلى هذه السمة، فمثلا یقول الزمخشری: "ولأمر ما سبقت أراعیل الریاح وترکتها کالراسنة فی القیود، بتدارک سیرها فی البلاد، مصعدة ومصوبة، واختراقها الآفاق، مشرقة ومغربة حتى شبهوا بها کل سائر أمعنوا فى وصفه وشارد لم یألوا فی نعته"(([16])).

ووصف ابن عبد ربه(ت329هـ/940) الأمثال بأنها "وشی الکلام، وجوهر اللفظ، وحُلی المعانی تخیرتها العرب وقدمتها العجم، ونُطق بها فی کل زمان، وعلى کل لسان، فهی أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم یسر شیء سیرها، و لا عمَّ عمومها"(((([17].

ح. الثبـات:

من سمات المثل الثبات؛ لأن من شرط المثل ألا یغیر عما یقع فی الأصل علیه(([18]))، فقولهم (الصیف ضیعت اللبن)(([19])) لما وقع فی الأصل للمؤنث لم یغیر من بعد، وإن ضرب للمذکر(((([20]. ویعلق التبریزی على المثل الأخیر بقوله: "الصیف ضیعت اللبن مکسورة التاء، إذا خُوطِب بها المذکر والمؤنث والاثنان والجمع؛ لأن أصل المثل خُطِبت به امرأة، وکذلک قولهم (أطرى فإنک ناعلة)(([21])) یضرب للمذکر والمؤنث والاثنین والجمع على لفظ التأنیث"(((([22].

ویفصح الزمخشری عن السر فی المحافظة على ألفاظ المثل وحمایته من التغییر؛ بأنه متمثل فی نفاسة المثل وغرابته؛ فیقول: "ولم یضربوا مثلا، ولا رأوه أهلا للتسییر، ولا جدیرا بالتداول والقبول إلا قولا فیه غرابة من بعض الوجوه، ومن ثم حوفظ علیه، وحُمی من التغییر"(([23])).

ومن أسرار دیمومة الأمثال لأنها تأتی من قبیل الحکایة، فنرى العسکری(ت395هـ/1005م) یقول: "ویقولون: الأمثال تُحکى، یعنون بذلک أنها تضرب على ما جاء عن العرب، ولا تغیر صیغتها، فتقول: (الصیف ضیعتِ اللبن)، فتکسر التاء؛ لأنها حکایة"(((([24].

ولا بد من الحفاظ على صیغة المثل وعلى ألفاظه کما وردت دون تغیر وأن یبقى على ما جاء علیه مهما اختلفت المضارب والأحوال؛ لأن المساس به یخل بمدلوله، ویخرجه من باب الاستعارة وجودة الکنایة من ناحیة، ومن ناحیة أخرى تفقد الأمثال کثیرا من قیمتها الأدبیة واللغویة والتاریخیة، إذا تعرضت للتغییر، ومن ثم أجازت العرب لضارب المثل الخروج فیه على قواعد اللغة بدعوى الضرورة کالشعر؛ لأنه قد یصدر شعرا أو سجعا، وقد یصدر عن أفواه أناس لا یبالون بالقواعد(((([25]؛ ولأنه لا تُغیر صورته مهما کان مخالفا لقواعد اللغة؛ حفاظا على سمة الثبات.  

المبحث الثانی: الخصائص العامة على الأمثال وقیمتها الحدیثة

أولا. الملاحظات العامة:

هناک بعض الملاحظات عن الأمثال التی لها أهمیة بمکان فی کشف بعض جوانب الدراسة ومنها((26)):

1. لا یخفى أن کثیرا من هذه الأمثال قیل فی أزمان مختلفة، متقاربة حینا، متباعدة أحیانا، ولا یعرف بالضبط تحدیدا الزمن الذی قیلت فیه هذه الأمثال أو تلک، ولم یکن إرجاع المثل إلى زمنه الذی ولد فیه إلا فی القلیل النادر، کما أنَّ هذه الأمثال قد ولدت فی بیئات مختلفة متباعدة، ویتعذر معرفتها بالدقة، وقد یمکن معرفة ذلک من خلال المثل، ومن خلال کلماته التی تکون مستعملة فی زمن أو بیئة معروفة بذلک.

2. هنالک أمثال تختلف من منطقة لأخرى بمعنى أن لکلّ منطقة  أمثالا خاصة بها حسب خصوصیات البیئة وأحوال العادات المتبعة، وهنالک أمثال عامة تشترک فیها أکثر من منطقة، کما أنَّ هنالک أمثالاً خاصة بأهل البادیة وأخرى خاصة بأهل الحاضرة نظرا للفروق الحاصلة فی طبیعة الحیاة والمعیشة بین البادیة والحاضرة وکذلک أهل البحر وأهل المناطق الجبلیة الوعرة، فإنَّ هؤلاء وهؤلاء لهم أمثال خاصة بهم والنابعة من الجو المحیط بهم.

3. قد تکون هناک أمثال مستعملة فی عُمان أو فی بعض مناطقها وفی الوقت نفسه تکون أیضا مستعملة فی بعض البلدان العربیة الأخرى... ومن غیر المعروف أهذه الأمثال مما أخذه أحد الطرفین عن الآخر، أم أنها حصلت من باب توارد الخواطر والاتفاق؟.

4. أیضا هنالک أمثال متعددة سیقت بألفاظ مختلفة، ولکن مدلولها ومعناها واحد.

5. هناک أمثال تأتی وتقال لعدة أغراض.

6. هنالک أمثال أقرب إلى الحکمة منها إلى المثل.

وبهذا تأتی دراسة الأمثال العامیة فی اللهجة العُمانیة لرصد البنى الترکیبیة للأمثال العامیة من ناحیة ومدى تحقق السمات اللغویة التی ذکرناها مسبقا والعلاقات التی تجمع بین العامیة والفصحى قربا أو بعدا.

وبما "إن الوصف المتکامل لخصائص لهجة ما، یقتضی دراسة العناصر الأساسیة التی تکوّن اللهجة، أی: الصوت، والکلمة، والجملة، والمعنى.

ولما کانت دراسة کل عنصر من هذه العناصر تخضع لمنهج علمی مستقل، فإن دراسة اللهجة تتم وفق المستویات الأربعة الآتیة(((([26]:

-      مستوى الأصوات: ویشمل ما یدخل فی نطاق علم الأصوات العام أو الفوناتیک وعلم التشکیل الصوتی أو الفونولوجی.

-         مستوى بنیة الکلمة، أو الصرف.

-         مستوى نظام الجملة، أو النحو.

-         مستوى المعنى، أو الدلالة.

   وستقتصر هذه الدراسة على نماذج من الأمثال العمانیة التی تتحقق فیها بعض المستویات السالفة الذکر، وهذا ما ستبینه الدراسة فی المطلب الثانی.

ثانیا. قیمة الأمثال العامیة الحدیثة:

تکمن قیمة الأمثال العامیة الحدیثة فیما تحمله من ظواهر لغویة باقیة عن اللهجات العربیة القدیمة، فمن خلال الأمثال العامیة الحدیثة یمکن دراسته هذه الظواهر سواء صوتیة، أم صرفیة، أم نحویة، و ترکیبیة، فـ"إذا کانت الأمثال العربیة القدیمة مصدرا من مصادر اللهجات العربیة، فإن الأمثال العامیة الحدیثة تعد معینا صافیا للهجات العربیة القدیمة أیضا... لذلک کان على الباحث أن یتلمس خصائص اللهجات العربیة القدیمة- فی أمثالنا العامیة، وأحادیثنا العادیة لأنها جمیعها تحمل بذورا للهجات القدیمة، وکانت دلالة الأمثال العامیة- على اللهجات العربیة القدیمة- طبیعیة لا تکلف فیها ولا التواء"(([27])).

    المبحث الثانی

    الصفات الصرفیة والخصائص الصوتیة للهجة العُمانیة

أولاً. الصّفات الصرفیّة:

تختلف اللهجات العربیة فیما بینها باختلاف بنیة الکلمة وما یطرقها من تغیر وتبدیل وفی هذا السیاق نستقری مجموعة من الملاحظات على اللهجة العُمانیة عامة وهی:

1. یزداد حرف الباء أو الهاء أو الهمزة عوضا عن الهاء فی أول الفعل المضارع فمثلا: (أسیر) تلفظ (باسیر) وأکتب ( بَکْتب) و(هَکْتِب) و(هَسِیر) مثل (بذُرْ...أَ تِحْصُدْ)[28].

   کسر حرف المضارعة فی الفعل المضارع مثل(([29])): " بَاغِی یِکْحَلْهَا قَلَعْ عِینْهَا"، و " البَعْرَةْ مَا تِنقْلِبْ جُوهَرَةْ" و مثل: "یِزیدْ البَحَرْ جَحْلَةْ"

3. حذف الهمزة(([30])) فی بعض الأسماء المؤنثة (سوداء) (سودَه) (بیضاء)    ( بیضَه)، یعلل الدکتور إبراهیم أنیس هذه الظاهرة بقوله: یحذف آخر الکلمة بسبب امتداد النفس بما قبلها من صوت لین قصیر وهی(الفتحة) فی المثل (إذا جا القدر عمى السمع البصر)(([31])) .

4. زیادة الهاء على بعض الأسماء (هَلحین) (الحین) (هَسَّاعة) (الساعة).

5. اللهجة العُمانیة تمیل إلى حذف الهمزة أو إبدالها للتسهیل فی الحدیث وکما فی الأمثلة الآتیة:

أ‌.  تحذف الهمزة فی بدایة الکلمة (مره) (مرأة). مثل" المَرَه ولاّ الحْمَارَةْ"(([32]))، أی "المرأة ولا الحمارة" وهذه کتابة أخرى للمثل.

ب. تحذف الهمزة إذا وقعت بعد حرف عطف (ونا قلت) (وأنا قلت) مثل: "باقی النَّاسْ سَدّهُمْ سجرجة ونْتَ ترست السطح والدرجة"(([33])).

جـ. تحذف الهمزة فی بدایة الفعل الأمر، مثل "صنَعْ جَمَلْ ولا تِجْلِسْ بَطَّالْ"[34]

ثانیا. الخصائص الصوتیة:

لقد جمعت اللهجة العُمانیة کثیرا من الخصائص الصوتیة فی اللهجات العربیة القدیمة. وهذه بعض الخصائص التی شملتها الدراسة أثناء استقراء الأمثال العُمانیة.

أ. الخصائص العامة:

1. الکشکشة: وهی قلب الکاف شینا وهذه الصفة الصوتیة من خصائص لهجة بنى أسد وفی بعض تمیم وبکر بن وائل.(علیش) بمعنى (علیک) وقد وردت هذه اللغة فی کلام العرب، ویرى بعض اللغویین لتمیم أو ربیعة أو بکر بن وائل أو أسد، کما عزاها السیوطی فی ربیعة ومضر(([35])) فی قول قیس بن الملوح:

فَعَیناشِ عَیْنَاهَا وَجِیدشِ جِیدُها ولکنَّ عظمَ السَّاقِ مِنْشِ دَقیقُ(([36]))

   قلب (القاف کافا) وهما حرفان من أصوات أقصى الحنک، ویتبادلان النطق فینطق القاف کنطق الجیم القاهریة، أو الکاف الفارسیة. (قلبی) (کلبی). وهذه من خصائص لهجة بنى تمیم فإنهم یلحقون القاف باللهاة حتى تلفظ، وهذه الصفة الصوتیة تشمل لهجة البدو(((([37].

3. قلب القاف جیما(([38])): فی بعض الألفاظ (شرق) (شرج)، (وجام من قام).

4. قلب الجیم یاء(((([39] (ریال) (رجال) (حیر) (حجر)، وهذه الصفة الصوتیة وردت فی بعض کلام تمیم. واستدلوا على ذلک من بیت شعر قالته أم الهیثم  لأبی حاتم حین سألها: هل تبدل العرب من الجیم یاء. فقالت: نعم وأنشدت(الطویل).

              إذا لم یکن فیکُنَّ ظِلٌّ ولا جَنًى ... فأبْعَدَکُنَّ اللّه من شِیرَاتِ

أی (شجرات). ومن الأمثال العمانیة: (صبُر على مینونک لا یک أین منه)، وقد دونها صاحب الکتاب( صبر على مجنونک لا یجیک أجن منه)(([40]))

5. صور قلب الهمزة:

أ‌.    قلب الهمزة عینا(((([41]. (جراعة) (الجراءة)، (العرض من الأرض) وهذه الصفة الصوتیة وردت فی کلام قبیلة تمیم[42]. والمثل العُمانی یقول: "کَمَا بُو یِنَادِی أَ بُوشْ حَرَامْ"(([43]))؛ أی مثل الذی  ینادی على جِمال حرام.

ب‌.   قلب الهمزة (واو) (أکد) (وکد) (فؤاد) (فواد). وقد وردت هذه الصفة فی بعض کلام قریش فی الجاهلیة[44]. وفی المثل: "فُوَادُهْ فُوَادْ حُرْمَةْ"(([45])).

ج. قلب الهمزة هاء(([46]))، "شَرْقَا مِضَرَةْ وغَرْبَا عِینْ ویَا لْمِعْوَلِی هِینْ عَافِیتِکْ"، هین بمعنى أین(((([47].

د. قلب الهمزة یاء(([48]))، وذلک مما روی من أن تمیم تقلب الهمزة من جنس حرکتها(([49])) وهذا ما نلمسه فی اللهجة العُمانیة بوضوح فی کلمة (بیر من بئر، وراس من رأس)، ویقول المثل: "کَمَا فَارْ سِکْرَانْ"(([50])).

6. تفخیم السین وقلبها إلى صاد العکس. (فصخ الملابس) (فسخ الملابس) (وصخ) (وسخ) وهذه الصفة الصوتیة موجودة فی لجهة بنى العنبر من بنى تمیم ویعلل الدکتور أحمد علم الدین الجندی فی کتابه (اللهجات فی التراث العربی) ذلک بقوله: "أما السبب الذی جعل بن العنبر تقلب السین صادا فیرجع إلى عامل المماثلة(([51])). کما أن عامل الصفة المشترکة بین السین والصاد والتی هی الصفیر سبب آخر من أسباب القلب، مثل: "لا تبذر فی أرض سبخة"(([52])).

7. قلب الفاء ثاء (فمک) (ثمک)(([53]))، الحرفان من الأصوات الشفویة الأسنانیة والعلاقة بینهما تسمح بانتقال أحد الصوتین إلى الآخر، فالفاء رخو مهموس والثاء کذلک وهما متقاربان مخرجا وصفة، وفی المثل: "بُو یِفِکْ ثِمُهْ یِدْخلُهْ الذّبَابْ"(([54])).

ب. نطق بعض الحروف فی اللهجة العُمانیة وخصائصها:

1. صفات النطق: هناک صفات خاصة لبعض الحروف فی اللهجة العمانیة یمکن أن تکشفه دراسة الأمثال العامیة، ومنها:

-      حرف الجیم

حرف الجیم(([55]))، هو صوت مجهور مرقق، یجمع بین الشدة والرخاوة، و یلفظ هذا الحرف على صور مختلفة فی اللهجة العُمانیة، وله أیضا صور أخرى فی لهجات العرب. فیلفظ حرف الجیم على ثلاث صور لکن أشهر هذه الصور هی التی یلفظ حرف الجیم مقلوبا یاء: (رجل) (ریال) (جاهل) (یاهل)، وقد ذکرت الدراسة من قبل أن قلب الجیم یاء قد ورد عند العرب القدماء وخاصة فی تمیم(((([56].

- حرف السین مثل: سُمْر وهو نوع من أنواع شجر الصحراء، وقد نطقوا هذا الحرف فصیحا أیضا، فقد سُمع المثل بروایتین حسب النطق العامی "صُغُّرها مَا تِکْبَرْ"(([57] ))، و"سُغُّرهَا مَا تِکْبَرْ".

- حرف الصاد:

لا إشکال فی نطق الصاد فقد ورد فصیحا ولکنهم أحیانا یقلبون السین(([58])) صادا کما ذکرنا وخاصة فی بعض الألفاظ مثل (صطل)، فی (سطل) عند الحدیث عن تفخیم السین.

- حرف الضاد:

وصف سیبویه (ت180هـ/796) صوت الضاد الفصیحة بأنه یخرج من بین أول حافة اللسان وما یلیه من الأضراس(([59]))، وذکر ابن جنی (ت392هـ/9002م) أنها للعرب ولا توجد فی کلام العجم إلا القلیل(( (([60]. وتسمع الضاد فی بعض الأقطار العربیة ینطقون الضاد ظاء سُمیت لغة العرب بلغة الضاد نظرا لأن الأعجمی لا یستطیع نطق الضاد العربیة(([61])) ویقول ابن منظور فی لسان العرب(((([62]:"الضاد حرف هجاء وهو حرف مجهور وهو أحد الحروف المستعلیة، یکون أصلا لا بدلا ولا زائدا"، والحقیقة أن نطق حرف الضاد الفصیحة من مخرجه الصحیح یصادف صعوبة عند معظم العرب ولذا نجد أنَّ معظم اللهجات العربیة تخرج حرف الضاد من مخرج حرف الظاء(((([63]، وخاصة فی الخلیج العربی(((([64] ومنه عُمان، وفی الأمثال العُمانیة نرى أغلبها مکتوبة بحرف الضاد الفصیحة ولکن عند سماعها من أفواه أصحابها فإنک سوف تستمع ظاء ولیس ضادا وهذا مأخذ على کتّاب المثل العامی؛ لأنهم یفرضون لغتهم الخاصة على الکتابة وکان الأجدر أن یکتب المثل کما سُمع مثل: ظرب: ضرب، ظرس: ضرس، ظحک: ضحک. مثل: "ظُرْسِکْ سِکِینِکْ کُرْشُکْ مِحِصِینکْ"[65]، ومثل: "الظَاحِکْ مِتْهُومْ"(([66])).

-        حرف العین نطق هذا الحرف فصیحا، مثل: عهد: أهد. کما أنه یقلب همزة مثل قولهم: (کَمَا یِنَادِی أَ بُوشْ حَرَامْ)[67]، أی ینادی على بوش حرام.

-      حرف الفاء: ورد نطقه فصیحا إلا أنه قد یقلب إلى ثاء فی ألفاظ معدودة. مثل فم، ثم (الفم)، وقد تحدثت الدراسة سابقا.

   حرف الکاف وظاهرة الکشکشة:

  حرف الکاف من الحروف العربیة التی وردت فصیحة فی اللهجة العمانیة، ولکن هذا الحرف قد یقلب شینا کما فی لهجة أسد، فقد قال الصاحبی: "أما الکشکشة(("(([68] التی فی أسد، فقال قوم أنهم یبدلون الکاف شینا فیقولون علیش بمعنى علیک(((([69]. وینشدون(الطویل):

فَعَیناشِ عَیْنَاهَا وَجِیدشِ جِیدُها ولکنَّ عظمَ السَّاقِ مِنْشِ دَقیقُ(([70]))

وفی ویقلب حرف الکاف فی لهجة عمان إلى صوتین:

صوت الجیم الفارسیة أو (CH) الإنجلیزیة، وهو ما سُمی قدیما بالشنشنة(([71]))، وهذا ما نطقت به قبائل ربیعة وقبائل الیمن. مثل: بیتک: بیتج، کیف حالک: کیف حالج.

-    یقلب حرف الکاف شینا کما نطقت به قبیلة أسد، وخاصة فی خطاب المؤنث: یدک: ایدش، علیک: علیش، عینک: عینش، وهی ما تسمى بالکشکشة؛ لذا یمکن تحدید هذا النطق للکاف الذی نسمیه الکشکشة فی سلطنة عُمان بصورتین أیضاً:

-    کاف الخطاب للمفردة المؤنثة فی جمیع مواقعها وتکون الحرکة قبلها کسرة مثل: (یدک: یدش، علیک: علیش)

-    الکاف التی یسبقها أو یلحقها صوت من أصوات اللین وهی الکسرة ویاء المد أو الفتحة وألف المد فی غیر حالة التفخیم، وهناک ألفاظ تنطق بالکاف بسبب مجاورة الکاف للفتحة أو ألف المد مثل: کذاب: جذاب، کبد: جبد، وهذا قلیل إلا فی المناطق الشمالیة من السلطنة.

   التفسیر الصوتی لظاهرة الکشکشة:

الکاف من الحروف العربیة ومخرجها من أقصى الحنک وهو صوت مهموس شدید، وینطق فی لهجة عُمان على هذه الصفة، إلا فی حالات خاصة حیث یختلف نطقه وهذه الحالات هی مجاورة الکاف لحرکة أمامیة، مثل الکسرة أو الیاء أو فتحة أو ألف فی غیر حالة التفخیم. وهذه الحرکات الأمامیة تجذب مخرج الکاف إلى الأمام فتخرج من وسط الحنک بدلا من خروجه من أقصاه ووسط الحنک هو مخرج الجیم والشین والیاء، فتنطق الکاف فی هذه الحالة صوتا بین هذه الأصوات الثلاثة السالفة الذکر. وهذا ما عُرف بالکشکشة. وقد ذکرت أنَّ الکشکشة کانت فی لهجة أسد، وقد ذکر سیبویه فی الکتاب نسبتها إلى تمیم وجماعة من أسد(((([72] وتمیم وأسد من القبائل التی سکنت وسط الجزیرة وشرقها، وقال سیبویه فی الکتاب(([73])): "هذا باب الکاف والکاف التی هی علامة المضمر: اعلم أنها فی التأنیث مکسورة وفی المذکر مفتوحة وذلک کقولک للمرأة رأیتکِ، وللرجل رأیتَکَ. فأما ناس کثیر من تمیم ومن أسد فإنهم یجعلون مکان الکاف للمؤنث الشین".

وقد اتفق کثیر من العلماء على نسبة الکشکشة إلى أسد وتمیم ومن هؤلاء، ابن فارس  فی الصاحبی، وابن جنی فی الخصائص، وسر صناعة الاعراب والمزهر للسیوطی. وقد أطلقوا جمیعا على هذه الظاهرة بالکشکشة و یحاول البحث إثبات أن الکشکشة فی لهجة عُمان إنما هی عادة لهجیة قدیمة عند قبائل العرب القدماء، وأن هذه الظاهرة منسوبة إلى قبائل عربیة(((([74].

ونمثل على ذلک من الأمثال العمانیة:

-      خُطْفِی یَا حِرَّةْ مَا عَلِیشْ مِضَرَةْ(([75])).

- قالِت عَلِیکْ بِالصُّوفْ. قِلتْ (جَعْدِشْ)(([76])).

   4.  بعض الخصائص الصوتیة للحروف:

تمتاز اللهجة العمانیة بخصائص صوتیة لبعض الحروف المستخدمة منها:

أ. خصائص أصوات الحلق(((([77]:

أصوات الحلق فی اللغة العربیة، ستة أصوات، مخرج کل منها الحلق. فحرفا الغین والخاء مخرجهما أدنى الحلق، أما العین والحاء فمخرجهما وسط الحلق، والهمزة والهـاء مخرجهما أقصى الحلق(([78]))، وإلیک الظواهر الصوتیة فی حروف الحلق:

- تحذف الهمزة الواقعة فی أول الکلمة إذا کان بعدها فتحة وصوت حلقی، مثل: أحمر، أصفر، حمر، صفر.

- تحریک صوت الحلق الساکن بالفتحة إذا کان فی کلمة على وزن فعلة(((([79] مثل: بقرة، ضحکة، حیث تنطقان فی اللهجة بسکون الأول وتحریک الثانی.

ب. خصائص أصوات اللین(((([80] :

- الفتحة المرققة، القصیرة تکثر مثل: تبى، یعنى، تبغی. "بُو تِبِغی تِلْدَغْ مَا تِفِحْ"

- الفتحة المرققة القصیرة الممالة إمالة خفیفة نحو الکسرة. مثل، "بُو تِثمِرْ فِی الغِرَابْ یِعِدّ لَهِا سَبع عَسْقِاتْ جِرَابْ"(([81])).

       - الفتحة المفخمة مثل: "البَقَرْ مَا یِطَلعِنْ السَّطْحْ"(([82])).

- الضمة المتأثرة بأصوات التفخیم مثل: کُمر فی قمر، وهو نطق بین الکاف والجیم.

د. کسر بعض الألفاظ مع أنها مضمومة فی الفصحى، وتنتشر هذه السمة من خلال الأمثال العامیة فی کثیر من الألفاظ الفصیحة مثل: دِهن، دُهن، دِکان، دُکان، جِدام، قُدام، رِحت، رُحت، یکَط، یُقط. والتفسیر الصوتی لتطور الضمة إلى الکسرة، هو أنَّ کلا من هذین الصوتین من أصوات اللین الضیقة، ویبلغ اللسان معهما أقصى ما یمکن أن یصل إلیه من صعود نحو الحنک، والفراغ بینهما أضیق ما یمکن أن یصل إلیه للنطق بصوت لین(([83])). فتطور أحدهما إلى الآخر أمر تقره القوانین الصوتیة، وقد جاء فی القرآن الکریم أفعال مضارعة مکسورة العین أی من باب ضرب یضرب وذکرت المعاجم اللغویة أنها تجئ مضمومة العین أیضا أی من باب نصر ینصر، مثل: یعقل، یقدر، یبطئ، وقد نسبت ظاهرة الکسر إلى الحجازیین بینما نسب المیل إلى الضم إلى بنى تمیم(((([84].

   حذف الهمزة الموجودة فی أداة التعریف (أل):

إذا أدخلت على الأسماء التی تبدأ بصوت ساکن. مثل: لشیرة أی الشجرة، لبدوی أی البدوی، لحضری أی الحضری، وکذلک تحذف (أل) جمیعها نحو الکتاب، کتاب.

فإن همزة (أل) تحذف فی هذه الألفاظ وتبقى اللام وحدها محرکة بالکسر، وبعدها صوت ساکن لا تلیه حرکة، أی کما کان قبل دخول (أل) على الاسم. والحقیقة أنَّ ظاهرة البدء بالساکن فی اللهجة العمانیة غیر موجودة کما فی اللغة العربیة الفصحى؛ حیث لا یبدأ فیها بساکن، بل یتوصل إلى النطق به إن وجد بهمزة الوصل مثل: امرأة، اثنان، فی حین نجد کثیرا من اللهجات العربیة الحدیثة تبدأ بالحرف الساکن، غیر أن همزة  (أل) فی اللهجة العمانیة تحذف بصورة عامة  مثل:

-      شرب ولا لعصا(([85])).

-      لبخیل یصبح یداور على لنخیل(([86])).

لکن الملاحظ فی کتب الأمثال العامیة أن الکاتب یفرض لغته عند کتابة المثل فیثبت همزة (أل) دون الإشارة إلى خلو المثل منها عند النطق، وهذا ما یآخذ علیه کتَّاب الأمثال العامیة بصفة عامة.

   التفخیم والترقیق:

من الظواهر الصوتیة التی تمیز لهجة عن لهجة بشکل عام العمانیة بشکل خاص التفخیم والترقیق(((([87] فی الأصوات، والتفخیم ذلک حین نستقری الأمثال العامیة بشیء من الدقة کما نجد أن الترقیق والتفخیم  یکون عنصرا أساسیا فی نطق الصوت. فنجد فی اللهجة یفخمون حرف السین فیقولون: وصخ من وسخ، وکذلک فصخ ثیابک، وفلان مصخن من فلان مسخن.

وقد ذکرت الدراسة سابقا أنَّ هذا التفخیم فی حرف السین یفخم إلى الصاد(((([88] . وقد نطقت بذلک قبائل بنی العنبر من تمیم(((([89]، والتفسیر الصوتی لهذه الظاهرة أی تفخیم السین وقلبها إلى صاد هو أن السین وقعت قبل صوت الخاء، والخاء من الأصوات المستعلیة أی أنَّ مؤخر اللسان یستعلا عند النطق بها، ومن صفات هذه الأصوات التفخیم، ولما کانت السین قبل الخاء فی کلمة واحدة قد مالت إلى التأثر بها وفقا لظاهرة صوتیة سماها سیبویه "مضارعة الحرف بالحرف"(((([90]، وسماها ابن جنی "تقریب الصوت من الصوت"(([91]))، والحقیقة حین تفخم السین وتقلب الصاد وکلاهما حرف مطبق وکلاهما من مخرج واحد وکلاهما صوت رخو مهموس ولا فرق بینهما إلا أنَّ السین مرققة والصاد مفخمة فمن السهل النزول من الاستعلاء إلى الاستفال مما یجعل التبادل بین الحرفین أمرا واردا ومستساغا صوتیا. ومن الأمثلة العمانیة: (صُغرها ما تکبر)(([92]))، وعند الترقیق یقولون: سغرها ما تکبر.


خاتمة

   للأمثال الشعبیة أهمیتها فی تسجیل التراث غیر المادی لأی مجتمع من المجتمعات فلا بد من العنایة به للمحافظة علیه ولما یختزنه من أبعاد ثقافیة وتاریخیة تمکن الدارسین من إنتاج حراک ثقافی به.
   من خلال استقراء مجموعة کبیرة من الأمثال العمانیة وجدت أنها تحمل الکثیر من الألفاظ الفصیحة التی حافظت علیها.
   نوجه عنایة المهتمین لکتابة الأمثال العمانیة بالطریقة التی سُمعت من أصحابها دون تحریف.

الهوامش                          

1-        لفتنانت کولونیل می.أ س. جی. جایاکا، العمانیون حکمهم وأمثالهم الشعبیة، ط3، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 2002م.

2-       الحمیدی، خلیفة بن عبدالله، أقوال عمان لکل زمان، ط1، مسقط، 1986م.

3-                     عبد الفتاح، محمد حسن، موسوعة الأمثال العمانیة، د.ط، مرکز الرایة والنشر والإعلام، القاهرة، 2012م.

 

[4] -  ابن منظور، جمال الدین الأنصاری، لسان العرب، ط6، دار الصادر، بیروت، 2008م، مادة مَثَلَ.

[5] - الفارابی، أبو إسحاق إبراهیم، دیوان الأدب، تحقیق: أحمد مختار عمر، مجمع اللغة العربیة القاهرة، 2003م، ص74.

[6] - الزمخشری، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر، المستقصی فی الأمثال، ط2، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1397هـ-1977م، مقدمة الکتاب.

[7] - حنفی، جلال الأمثال البغدادیة، ط1، مطبعة أسعد، بغداد، 1962م، ص3.

[8]- المستقصی فی الأمثال ، المقدمة.

[9]- القلقشندی، أبو العباس أحمد بن علی صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، شرحه وعلق علیه: محمد حسین شمس الدین، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1987م، ج1، ص295.    

[10]- ابن جعفر، أبو الفرج قدامه، نقد النثر، ط2، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1980م، ص58.        

[11]- الجرجانی، عبد القاهر،  أسرار البلاغة، تحقیق محمد الفاضلی، د. ط، المکتبة العصریة، بیروت، 1420هـ 1999م، ص99.

[12] - المستقصى فی أمثال العرب، ج2، رقم المثل629، ص116.

[13] - لسان العرب، مواد: کنى - عرض.      

[14] - الجرجانی، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، تحقیق: محمود شاکر، مکتبة الخانجی، القاهرة، 1999م، ص52.  

[15] - ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفرید، شرح: إبراهیم الأبیاری، د.ط، دار الناشر العربی، بیروت، د.ت، ج3، ص66.

[16] - المستقصی فی الأمثال، المقدمة.        

[17] - العقد الفرید، (مقدمة الجوهرة)، ج3، ص67.

[18] - السیوطی، عبدالرحمن بن أبی بکر، المزهر فی علوم اللغة العربیة وأنواعها، د.ط، المکتبة العصریة، بیروت، 2009م.ج1، ص ص487 488.

[19] - أمثال العرب، المفضل بن محمد الضبی، قدم له وعلق علیه: إحسان عباس، ط1، دار الرائد العربی، بیروت، 1981م، ص51.

[20] - المزهر فی علوم اللغة العربیة وأنواعها، ج1، ص ص487 488.

[21] - المیدانی، أبو الفضل أحمد بن محمد المیدانی، مجمع الأمثال، تحقیق: محمد محی الدین عبد الحمید، د. ط، دار المعرفة، بیروت، د.ت، رقم المثل 2266، ص430.

[22] - المزهر فی علوم اللغة العربیة وأنواعها، ج1، ص ص487 488.

[23] - الکشاف، ج1، ص38.

[24] - العسکری، أبو هلال، ابو هلال، تحقیق: أحمد عبد السلام وآخرون، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1988م، المقدمة.

[25] - المفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام، جواد علی، ط4، دار السقا، القاهرة، 2011م، ج8، ص359.

[26]- مطر، عبد العزیز، الأصالة العربیة فی لهجات الخلیج، عالم الکتب، ریاض، 1985م، ص18.

[27] - الجندی، أحمد علم الدین اللهجات العربیة فی التراث، د.ط، الدار العربیة للکتاب، تونس، 1978م، ج1، ص126.

[28] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 124، ص25.

[29] - السابق، رقم المثل 1482، ص226.

[30] - - أنیس، إبراهیم، فی اللهجات العربیة، ط2، المطبعة الفنیة الحدیثة، القاهرة، د.ت ، ص118.

[31] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل25، ص12.

[32] - السابق، رقم المثل1215، ص188.

[33] - السابق، رقم المثل140، ص27.

[34] - السابق، رقم المثل608، ص102.

[35] - اللهجات العربیة فی التراث، ص ص359 360.

36- الملوح، قیس، دیوان قیس بن الملوح، دراسة وتعلیق یسری عبد الغنی، ط1، دار العلمیة، بیروت، 1999م، ص45، کما ینظر: معجم لسان العرب، ج8، ص223.

[37] - اللهجات العربیة فی التراث، ص ص462 465.

[38] - السابق، ص464.

[39] - القالی، أبو علی إسماعیل بن القاسم القالی البغدادی، الأمالی فی لغة العرب، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1978م، ج2، ص214.  

[40] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 594، ص100.

[41] - تیمور، أحمد، لهجات العرب، د. ط، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 1973م، ص39.

[42] - فی اللهجات العربیة، إبراهیم أنیس، ص98.

[43] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل902، ص 149.

42- اللهجات العربیة فی التراث، ج1، ص321.

[45] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة ، رقم المثل783، ص132.

[46] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص613.

[47] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة ، رقم المثل 572، ص95.

[48] - اللهجات العربیة فی التراث، ج1، ص329.

[49] - فی اللهجات العربیة، ص67.

[50] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل952، ص154.

[51] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص ص 443-451.

[52] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 1022، ص165.

[53] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص417.

[54] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، سالم الرواحی، رقم المثل197، ص33.

[55] - الموسوی، د. مناف مهدی محمد، علم الأصوات اللغویة، ط1، عالم الکتب، بیروت، 1998م، ص78.

[56] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص458.

[57] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل603، ص101.

[58] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص443.

59-  سیبویه، عمرو بن عثمان بن قنبر، الکتاب، تحقیق: عبد السلام هارون، الهیئة المصریة للکتاب، 1975م، ج4، ص433.

[60]- ابن جنی، أبو الفتح عثمان، سرّ صناعة الإعراب، تحقیق: حسن الهنداوی، ط2، دار القلم، (بیروت، دمشق، سوریا)، 1993م، ج1، ص214.

[61] - أنیس، إبراهیم، الأصوات اللغویة، د.ط، مکتبة نهضة مصر، د.ت، ص63.

63- لسان العرب، باب الصاد.

[63]- الأصوات اللغویة، ص63.

[64]- السابق، ص63.

[65] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل618، ص105.

[66] - السابق، رقم المثل 611، ص104.

[67] - السابق، رقم المثل 902، ص149.

[68] - لهجات العرب، ص ص61 79.

69- ینظر: اللهجات العربیة فی التراث، ص ص359 361.

70- السابق، لهجات العرب، ص ص61 79.

71- ینظر هامش37 من الدراسة، کما ینظر: لسان العرب، مادة روع ونسبه لقیس بن الملوح العامری، بلفظ،  فَعَیناشِ عَیْنَاهَا وَجِیدشِ جِیدُها            سوى أنَّ عظمَ السَّاقِ مِنْشِ دَقیقُ، کما ینظر: فی مادة کشش.

72- لهجات العرب، ص ص122 123.

73- الکتاب، ج2، ص295.

74- السابق، ج2، ص295.

75 - لهجات العرب، ص ص61 79.

76 - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 838، ص62.

[76] - السابق، رقم المثل 796، ص136.

[77] - الأصوات اللغویة، ص ص 74 79.

79- اللهجات العربیة فی التراث، ص466.

80- الکتاب،ج2، ص405. وینظر: الأصوات اللغویة، ص ص38 45.

 

[81] - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 159، ص29.

[82] - السابق، رقم المثل141، ص27.

84- الأصوات اللغویة، ص37.

85- المزهر فی علوم اللغة، ج2، ص276.

86 - معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل 563، ص94.

87 - السابق، رقم المثل119، ص25.

88- الأصوات اللغویة، ص ص24 25.

[88] - سبق ذکره فی حرف السین.

[89] - اللهجات العربیة فی التراث، ج2، ص ص443 451.

91 - الکتاب، ج4، ص594.

[91]- ابن جنی، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقیق: محمد علی النجار، ط1، دار الهدى للطباعة والنشر، بیروت، د.ت، ج1، ص9.

92- معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، رقم المثل603، ص101.

 

  • ابن جعفر، أبو الفرج قدامه، نقد النثر، د.ط، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1980م.    
  • ابن جنی، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقیق: محمد علی النجار، ط1، دار الهدى للطباعة والنشر، بیروت، د.ت.
  • ابن جنی، أبو الفتح عثمان، سر صناعة الإعراب، تحقیق: حسن الهنداوی، ط2، دار القلم، بیروت، دمشق، 1993م.
  • ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفرید، شرح: إبراهیم الأبیاری، د.ط، دار الناشر العربی، بیروت، د.ت.
  • ابن منظور، جمال الدین الأنصاری، لسان العرب، ط6، دار صادر، بیروت، 2008م.
  • الضبی، المفضل بن محمد، أمثال العرب، قدَّم له وعلق علیه: إحسان عباس، ط1، دار الرائد العربی، بیروت، 1981م.
  • أنیس، إبراهیم، الأصوات اللغویة، د. ط، مکتبة نهضة مصر، د.ت.
  • أنیس، إبراهیم، فی اللهجات العربیة، ط2، المطبعة الفنیة الحدیثة، القاهرة، مصر، د.ت.
  • تیمور، أحمد، لهجات العرب، د.ط، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 1973م.
  • الحمیدی، خلیفة بن عبدالله، أقوال عمان لکل زمان، ط1، مسقط، 1986م.
  • الجرجانی، عبد القاهر،  أسرار البلاغة، تحقیق محمد الفاضلی، د.ط، المکتبة العصریة، بیروت، 1420هـ 1999م.
  • الجرجانی، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، تحقیق: محمود شاکر، مکتبة الخانجی، القاهرة، 1999م.
  • الجندی، أحمد علم الدین اللهجات العربیة فی التراث، د.ط، الدار العربیة للکتاب، تونس، 1978م.
  • الرواحی، سالم بن محمد بن سالم، معجم الأمثال العُمانیة الشعبیة، ط1، مکتبة الضامری، مسقط، 2013م.
  • الزمخشری، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر، المستقصی فی الأمثال، ط2، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1397هـ-1977م.
  • سیبویه، عمرو بن عثمان بن قنبر،  الکتاب، تحقیق: عبد السلام هارون، الهیئة المصریة للکتاب، 1975م.
  • السیوطی، عبدالرحمن بن أبی بکر، المزهر فی علوم اللغة العربیة وأنواعها، د.ط، المکتبة العصریة، بیروت، 2009م.
  • عبد الفتاح، محمد حسن، موسوعة الأمثال العمانیة، د.ط، مرکز الرایة والنشر والإعلام، القاهرة، 2012م.
  • العسکری، أبو هلال، تحقیق: أحمد عبد السلام وآخرون، ط 1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1988م.
  • الفارابی،  أبو إسحاق إبراهیم، دیوان الأدب، ، تحقیق: أحمد مختار عمر، مجمع اللغة العربیة، القاهرة، 2003م.
  • القالی، أبو علی إسماعیل بن القاسم القالی البغدادی، الأمالی فی لغة العرب، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1978م.
  • القلقشندی، أبو العباس أحمد بن علی صبح الأعشى فی صناعة الإنشاء، شرحه وعلق علیه: محمد حسین شمس الدین، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1987م.
  • لفتنانت کولونیل می. أس. جی. جایاکا، العمانیون حکمهم وأمثالهم الشعبیة، ط3، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 2002م.
  • المفصَّل فی تاریخ العرب قبل الإسلام، د. جواد علی، ط4، دار السقا، القاهرة، 2011م.
  • الموسوی، د. مناف مهدی محمد، علم الأصوات اللغویة، ط1، عالم الکتب، بیروت، 1998م.
  • المیدانی، أبو الفضل أحمد بن محمد المیدانی، مجمع الأمثال، تحقیق: محمد محی الدین عبد الحمید، د.ط، دار المعرفة، بیروت، د.ت.