الفعل المکرر ومشتقاته في القرآن الکریم (دراسة صرفیة دلالیة)

الباحث المراسلد. مرتضى فرح علی وداعة جامعة ظفار
د. أحمد عبد الرحمن بالخیر جامعة ظفار

تاريخ نشر البحث :2022-11-14
الإحالة إلى هذه المقالة   |   إحصائيات   |   شارك  |   تحميل المقال

 

تعد هذه الدراسة من الدراسات التی تربط البناء الصرفی بالدلالة اللغویة من طریق النص القرآنی، وهی لیست دراسة تطبیقیة على القرآن الکریم بقدر ما هی دراسة تسعى لمعرفة أسرار أبینة بعض الکلمات التی وردت فی النص القرآنی، وکشف العلاقة التی تربط هذه الأبنیة بالدلات اللغویة التی تتضمنها.

 من ناحیة أخرى، فإن الفعل فی اللغة العربیة ینقسم من حیث البناء الصرفی إلى: ثلاثی، ورباعی، والفعل الرباعی فی اللغة العربیة له وزن واحد، هو (فَعْلَلَ). وهذا الفعل قد یکون من غیر تضعیف، مثل: طمأن، وقد یکون بالتضعیف(التکرار)، مثل: زَلْزَلَ، حَصْحَصَ، زَحْزَحَ، وغیرها. والثانی عدّه بعضهم من الثنائی؛ إذ یرون أن الأصل فیه حرفان، ثم کُررا، وأطلقوا علیه مصطلح (الفعل المکرر).

ولم تلتفت کتب النحو والصرف إلى التفصیل حول هذا النوع من الأفعال، وإنّما أشارت فحسب من لدن کتاب سیبویه، ولم تفرد له بابا بذاته، ولکن یرد من طریق الحدیث عن الفعل الرباعی، أو باب المضعّف، ویکون الحدیث عنه بضرب الأمثلة علیه لا غیر، کما أن الحدیث عنه ما هو إلا تکرار یأخذه اللاحقون عن السابقین؛ مما حفزّ البحث عنه، واکتناه أسراره.

وقد ورد هذا النوع من الأفعال فی القرآن الکریم فی أکثر من موضع، وقد یرد الفعل فقط فی بعض الآیات، وقد یرد الفعل وبعض مشتقاته.

علیه، کان عنوان هذه الدراسة:

الفعل المکرر ومشتقاته فی القرآن الکریم (دراسة صرفیة دلالیة)

وتتمحور مشکلة الدراسة فی الربط بین بعض الأبنیة ودلالاتها اللغویة من طریق ورودها فی القرآن الکریم، وهی الأبنیة ذات التکرر فی الأصل، وهو ما اصطلح علیه فی هذه الدراسة بـ(الفعل المکرر). 

علیه یطرح الباحثان السؤال الآتی:

-  ما الأفعال المکررة ومشتقاتها فی القرآن الکریم، وما دلالتها اللغویة؟

وهذا السؤال یمکن تفریعه إلى الأسئلة الآتیة:

-  ما الأفعال المکررة الواردة فی القرآن الکریم؟

-  ما المشتقات ذات الأصل المکرر فی القرآن الکریم؟

-  ما دلالة الأفعال المکررة، ومشتقاتها؟

- ما الذی یربط بین هذه الأبنیة، ودلالاتها اللغویة؟

وتسعى الدراسة للإجابة عن هذه الأسئلة بغیة الوصول إلى نتائج توصف بالدقة والعلمیة.

وهدف هذه الدراسة أنها تحاول تقصی هذه الأفعال فی القرآن الکریم، ومعرفة البناء الصرفی الخاص بهذه الأفعال ومشتقاتها، ومعرفة الدلالات اللغویة التی وردت فیها، ثم الکشف عن العلاقة بین البناء الصرفی لکل فعل من هذه الأفعال، أو ما اشتق منها من أبنیة.

وتبرز أهمیة هذه الدراسة من طریق ارتباطها بالقرآن الکریم من ناحیة، وبأنها تحاول الکشف عن جانب لم یطرق بوضوح فی الدراسات الصرفیة، والدراسات المتعلقة بالإعجاز القرآنی المتعلق بالتکرار، ولعل هذا ما جعل الدراسات السابقة شبه منعدمة- على حسب علم الباحثین.

واقتضت طبیعة الدراسة اتباع المنهج الوصفی التحلیلی؛ وذلک لوصف وتحلیل ما یتعلق بهذا النوع من الأفعال، والأحکام الصرفیة المتعلقة به ومشتقاته، والدلالات القرآنیة التی وردت فیها.

وعلیه، ستتناول هذه الدراسة التعریف بالفعل المکرر وما یتعلق به، ثم ستتبع الآیات الکریمة حسب ترتیبها ببدایات أفعالها هجائیا مع مراعاة تکرر الفعل أو أحد مشتقاته تفادیا للتکرار؛ لاستنباط ما یتعلق بها من الجانب الصرفی، والدلالات التی تدل علیها من طریق ورودها فی النص القرآنی، وهی على الترتیب الآتی: حَصْحَصَ، دَمْدَمَ، ذَبْذَبَ، زَحْزَحَ، زَلْزَلَ، صَرْصَرَ،عَسْعَسَ، کَبْکَبَ، ووَسْوَسَ.

الفعل المکرر: کرَر فی اللغة من الأصل (کر) وهو أصل صحیح یدل على جمع وتردید، ومن ذلک کررتُ، أی رجعت إلیه بعد المرة الأولى(1) ولفظة التکرار ومشتقاتها تدور فی اللغة حول معنى الرجوع إلى الشیء مرة أخرى ، أو الإتیان به مرة بعد مرة(2).

علیه، فالشیء المکرر هو المعاد مرة أخرى، أو أکثر، ولعل هذا هو المعنی به فی هذه الدراسة؛ حیث إن هذه الأفعال کما یرى الباحثان من الأصل الثنائی، ثم کررت فأصبحت من الرباعی.

ومن ناحیة أخرى فإن الفعل فی اللغة العربیة من ناحیة البناء، فإنه ینقسم إلى صحیح ومعتل، والصحیح منه ما هو مضعّف، والمضعف إما أن یکون عینه ولامه من جنس واحد، مثل: رَدَّ، وفَرَّ، وکَرَّ. والقسم الثانی: هو بتکرار الفاء والعین، مثل: زَلْزَلَ، وَسْوَسَ؛ حیث کررت الزای واللام فی الأول، والواو والسین فی الثانی، وعلى ذلک یکون قیاسه. ویعده الصرفیون من مضعف الرباعی، کما یسمى مطابقا، ولعدم تجاوز الحرفین المتجانسین فیه کان مثل السالم فی جمیع أحکامه(3).

یؤخذ هذا النوع من أسماء الأصوات کثیرا بتکریر الصوت، نحو: سَأْسَأَ، وشَأْشَأَ، وصَرْصَرَ، وبَأْبَأَ، وهَأْهَأَ، وقَهْقَهَ، وبَسْبَسَ.وقد لا یدل على صوت فلا یؤخذ من أسماء الأصوات، مثل: عَسْعَسَ، وحَصْحَصَ، وغیرهما.

ولعل المصطلح السائد هو الفعل المضعّف، غیر أنّ الباحثینِ عمدا لهذا المصطلح للتمیز بین المضعّف عموما وهذا النوع منه؛ رجوعا إلى الرأی القائل بأن الأصل فی هذا النوع من الأفعال الثنائیة ثم کرر، کما أن بعض اللغوین قد أطلق علیه هذا الاصطلاح، ومن ذلک قول السرقسطی(ت400هـ): "المکرر منه: حَقْحَقَ... حَقْحَقَ فی السیر حَقْحَقَةً: إذا اجتهد فیه ودأب"(4). وقول الأزهری(370هـ) نفسه إذ یقول: "حَزْ، زَحْ: مستعملان فِی الثنائی والمکرر"(5).

أما الأحکام الصرفیة المتعلقة بهذا النوع من الأفعال فهی أحکام الفعل السالم؛ إذ لا یعتری البناء الصرفی له أیّ تغییر سوى تغیر الحرکات فی آخره عند إسناده إلى الضمائر المتنوعة شأنه شأن الفعل الصحیح السالم فی ذلک، فیکون آخره ساکنا مع ضمائر الرفع المتحرکة، مثل: زللْتُ، ومضموما مع واو الجماعة، مثل: زَلْزَلُوا، ومفتوحا حال توکیده مع المضارع، مثل: یُزَلزِلَنَّ، وغیرها.

والتکرار فی العربیة یکون للتوکید فی الأساس، وهو تکرار الکلمة والجملة وهذا هو الأکثر والسائد، وقد یخرج لأغراض أخرى، من أبرزها: الانتباه، والتهویل، والتعظیم، وتشترک فیه کل أضرب التکرار على حسب ما یقتضیه السیاق(6).

هذا، وقد یکون التکرار بالصور التی تم ذُکرت، وهو التکرار المفید، وقد یکون التکرار غیر مفید، کما ذکر العلماء الکثیر من الأمثلة علیه، لکن الشیء الذی یتم التنبیه علیه أن کل تکرارات القرآن لا یمکن وصفها بعدم الفائدة، بل إن فائدتها تزداد عظمة، وهی غایة الفائدة سواء کان لغویة أم بلاغیة.

واللافت للنظر إن ممن تناول التکرار فی العربیة، وهو فی معظمه متعلق بالإعجاز القرآنی ،ومن أبرزهم  الکرمانی: فی(أسرار التکرار فی القرآن)، ومن لفَّ لفه لم یقفوا على التکرار فی بناء الأفعال ومشتقاتها، بل کان الاهتمام بتکرار الکلمات، مثل: تکرار کلمة (إیّاک) فی قوله تعالى: (إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِینُ) (الفاتحة: 5)، أو تکرار الجملة کما هو الحال فی تکرار قوله تعالى: (فَبِأَیِّ آلَاءِ رَبِّکُمَا تُکَذِّبَانِ)(الرحمن:13)، مع أن التکرار فی بناء الکلمة له دلالات واضحة، ویحقق غرضًا مهما من أغراض النص القرآنی. ولعل العلاقة ما بین المبانی ودلالتها متلازمة تماما، وهذا ما أشار إلیه السامرائی بقوله: "ولاشک أنه لو لم یختلف المعنى لم تختلف الصیغة؛ إذ کلُّ عدول من صیغة إلى أخرى لابدَّ أن یصحبه عدول عن معنى لآخر"(7)، وهذا یظهر تماما فی الفعل المکرر، ومشتقاته، فبناء: حَص، یختلفُ عن حَصْحَصَ، وبناء زَلْ یختلف عن زَلْزَلَ؛ لذا تختلف الدلالة، ومثله بقیة الأفعال ومشتقاتها التی هی موضوع الدراسة.

حَصْحَصَ: ورد هذا الفعل فی قوله تعالى: (قَالَ مَا خَطْبُکُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ یُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَیْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِین)(یوسف:51). ورد الفعل هنا على صورة الفعل الماضی المبنی للمعلوم.

من الناحیة الصرفیة یرى الخلیل (175هـ) أن أصله من الفعل الثلاثی (حَصَصَ)، ومعه آخرون، مثل الجوهری (393هـ)(8).

ویبدو أن الراجح أصله من الثنائی (حَصْ)؛ حیث جعله السرقسطی(ت400هـ) من المکرر(9). ویرى الطبری (ت310هـ) أن فیه مخالفة صوتیة؛ بمعنى أن الأصل (حَصَّص) فتحولت الصاد الثانیة إلى حاء؛ إذ یقول: "وأصل حَصْحَصَ: حَصَّ، ولکن قیل: حَصْحَصَ"(10) وبذلک یذهب إلى أن أصله من الثلاثی، ثم زیدت علیه الصاد الثالثة.

ویرى الخلیل (ت175هـ) أنه من الأفعال التی تکون مبنیة للمعلوم، ولا تبنى للمجهول؛ إذ یقول: "ولا یُقال حُصحِص الحق"(11). وهذا ترده القراءة؛ لأنه قد قرئ الفعل بالبناء للمجهول(12). قال الدمیاطی(ت1117هـ): "وعن الحسن (حُصحِصَ) بضم الحاء الأولى، وکسر الثانیة مبنیا للمفعول"(13).

علیه، فهذا الفعل قد یکون مبنیا للمعلوم والمجهول، ولکن ما یجب التنبیه إلیه قد یکون إتیانه مبنیا للمجهول قلیل؛ ولعل هذا ما جعل الخلیل یقول إنه لا یأتی مبنیا للمجهول.

ومن الناحیة الدلالیة له العدید من المعانی، غیر أن ما یرتبط منها بالآیة القطع، والبیان والظهور، ویربط الطبری (ت310هـ) بین المعنیین بما ورد فی الآیة الکریمة قائلا: "وأصل(الحَصّ): استئصال الشیء، یقال منه:حَصَّ شعره، إذا استأصله جزًّا. وإنما أرید فی هذا الموضع بقوله:حَصْحَصَ الحق. ذهب الباطل والکذب فانقطع، وتبین الحق فظهر"(14).

هذا، والحَصْحَصَةُ تدل على الحرکة، ثم الثبات أو الاستقرار(15)، وکأن حالهم لتبین الحقیقة تضمن حرکة الشهود والاستنطاق، ولکن استقر الأمر باعتراف امرأة العزیز فاستقر الأمر ببیان الحق ووضوحه وجلائه. وفی هذا تضمین سکوت یوسف؛ لأنه موقن ببراءته فلم یکن مضطربا، وعلى العکس امرأة العزیز، لذلک قالت: حَصْحَصَ، لما فیه من اضطراب، ثم انتهاء بالاستقرار. یقول ابن عاشور: "حَصْحَص ثبت واستقرّ...والحق هو براءة یوسف- علیه السلام... وإنما ثبت حینئذٍ؛ لأنه کان محل قیل وقال وشک، فزال ذلک باعترافها"(16). ویتضح أن التکرار یتماشى مع القیل والقال هل هو مذنب، أم لا ثم بعد ذلک استقر الأمر ووضح.

ثمت سؤال یطرح نفسه، وهو: لماذا جاء الفعل (حَصْحَصَ) فی صورة الماضی، مع أن البراءة لم یمض زمنها؟ یقول ابن عاشور: "والتعبیر بالماضی مع أنه لم یثبت إلّا من إقرارها الذی لم یسبق؛ لأنه قریب الوقوع، فهو لتقریب زمن حال المضی"(17).

 ویبدو أن  ابن عاشور لم یوفق فیما قال، فالفعل إذا جاء فی صورة الماضی وزمنه کان فی الحال أو الاستقبال، فهو من باب التأکید؛ فالسبب إذن أن براءة یوسف محققة مؤکدة لا محال.

والغرض من التکرار هنا هو التنبیه على عظم جرم امرأة العزیز، وبراءة یوسف -علیه السلام-، وبعد تکرار فی التحقیق، وما تبعه من سجن؛ لذلک کان التکرار فی (حَصْحَصَ) ولما اقترن بـ(الآن) یکون الحق قد وضح، فالتکرار فیه إشارة لتکرار الأفعال الساعیة لإثبات الحق.

دَمْدَمَ: ورد هذا الفعل مرة واحدة فی قوله تعالى: (فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا)(الشمس:14).

من الناحیة الصرفیة فقد جاء الفعل: دَمْدَمَ ماضیا مبنیا للمعلوم، وبالنسبة لأصله الاشتقاقی، ففیه مذاهب، وهی:

-  أن أصله ثنائی، وهذا مذهب ابن فارس(ت395هـ)؛ حیث بوبه فی مادة (دم)، وجعل الدال والمیم أصل واحد فقط(18).

-   أن أصله الثلاثی: دَمَمَ، وعلیه الخلیل (ت 175هـ)، وعلیه بوّب ابن منظور(ت711هـ) المادة المعجمیة لهذا الفعل.

-  أن أصله: دَمْمَمَ، أی بتضعیف المیم، وقد ذکره الجوهری (ت393هـ) مبوبا علیها المادة اللغویة(19)، وهنا یکون الفعل دَمْدَمَ نتج من طریقة المخالفة الصوتیة إذا أخذنا بهذا الرأی.

الذی یُرجّح أنه من الأصل الثنائی، وقد کُرِّر؛ وذلک أن المصدر منه دَمْدَمَةٌ، یظهر فیه التکرار، وقد بوبه السرقسطی(ت400هـ) ضمن المکرر من فَعْلَلَ(20).

أما من الناحیة الدلالیة: فالفعل (دَمْدَمَ) یدل على عدد من المعانی فی اللغة، من أبزها: دَمْدَمْتُ الشیء ألزقته بالأرض وطَحْطَحْتُهُ، والغضب، والکلام حال الغضب، والإهلاک(21).

وما ورد فی الآیة الکریمة فیعمموه على الإهلاک، أی أن الله عزّ وجلّ أهلک ثمود لکفرهم به وتکذیبهم نبیه صالحا -علیه السلام- سواء بالصیحة، أم بزلزلة الأرض وتسویتها علیهم، أو بالعذاب مطلقا(22).

والذی یمیل إلیه الباحثان أن الإهلاک کان بإطباق العذاب وإرجاف الأرض على مراحل؛ وذلک لأنه إذا کررتَ الإطباق قلتَ دَمْدَمْتُ علیه(23)، ودَمْدَمَ مکرر دمّمَ للمبالغة، مثل کَبْکَبَ(24)، وهذا ما وضّحه ابن عطیة؛ إذ یقول: "ودَمْدَمَ معناه نول العقاب مقلقا لهم مکررا ذلک، وهی الدّمْدَمَةُ"(25).

والغرض من التکرار هنا التهویل والتعظیم؛ لأن العقاب کان جسیما، وهو الهلاک بعد القلق، کما أنّ التهویل والتخویف لمن یأتی بعده حتى یتعظ من سوء العاقبة التی حلت بهم، ولا یقع فیها.

ذَبْذَبَ: ورد مشتقاً فی قوله تعالى:(مُّذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذَٰلِکَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن یُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِیلً)(النساء :143)

من الناحیة الصرفیة: مُذَبْذَبِینَ جمع مذکر سالم لاسم المفعول مُذَبْذَبٍ، وهو من الفعل ذَبْذَبَ، وقد اُختلف فی أصله الاشتقاقی ما بین الثلاثی والثنائی:

ذهب الخلیل (ت175هـ) وابن منظور (ت711) والجوهری (393هـ)، وغیرهم إلى أن أصله: ذَبَبَ( 26).

ذهب ابن فارس (ت395هـ) والسرقسطی (ت400هـ)، وغیرهما أن أصله الثنائی (ذَبْ)( 27).

ویرجح الباحثان الرأی الثانی؛ وذلک لما یأتی:

-  ارتباط البناء بالدلالة یدل على الأصل الثنائی، وهذا یقول به أصحاب الرأی الأول أنفسهم؛ إذ یقول ابن منظور (ت711هـ): "والتّذَبْذُبُ التحرک، وتَذْبْذَبَ الشیء ناس واضطرب"(28).

-  ذَبّبَ وذَبْذَبَ من أصل واحد کما ورد فی (اللسان) و(الصحاح)(29)، وهی من المخالفة الصوتیة، فالأصل: ذَبْ، ثم أضیفت إلیه الباءات حتى یکون على فعلل، ثم خالفت الباء الثانیة، فأصبح الفعل ذَبْذَبَ.

- التبریر المقنع من ابن فارس (ت395هـ)؛ إذ یقول: "الذال والباء فی المضاعف أصول ثلاثة...والثالث الاضطراب والحرکة"(30)، و وافقه فی هذا التبریر السرقسطی (ت400هـ) حیث بوبه ضمن الفعل المکرر(31).

أما من الناحیة الدلالیة، فالمعنى العام أنهم؛ أی المنافقون مترددون، ومضطربون لا إلى المسلمین ولا إلى الکفار، فـ"رجل مُذَبْذَبٌ، ومُتَذَبْذِبٌ، أی: متردد بین أمرین"(32). وهذا ما عبر عنه الطبری(ت310هـ) بقوله: "وأصل التّذَبْذُبِ، التحرک والاضطراب... وإنما عنى الله بذلک: أن المنافقین متحیِّرون فی دینهم، لا یرجعون إلى اعتقاد شیء على صحة، فهم لا مع المؤمنین على بصیرة، ولا مع المشرکین على جهالة، ولکنهم حیارَى"(33).

والعلاقة بین البناء الصرفی والمعنى لا تخفى على أحد؛ لأن الذال والباء تعنى الحرکة والاضطراب، وتکرارهما یدل على تکرار الاضطراب. یقول الدرویش: "وفی الذَّبْذَبَةِ تکریر لیس فی الذّبِّ، کأن تکریر الحروف إشعار بتکریر المعنى"(34).

وتَذْبْذُبُ المنافقین هنا یتماشى مع البناء (مُذَبْذَبِینَ) الذی یحمل دلالة الاستمرار فی الفعل؛ فهم فی الظاهر مع المسلمین، وفی الباطن مع الکافرین، أی أن الأمرین متلازمین فی وقت واحد، فهم فی شدٍّ وجذب؛ لذلک کان قوله تعالى: )لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ((النساء :143).

زَحْزَحَ: ورد اسم الفاعل منه فی قوله تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَیَاةٍ وَمِنَ الَّذِینَ أَشْرَکُوا ۚ یَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ یُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن یُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِمَا یَعْمَلُونَ)(البقرة: 96)

   ورد فی هذه الآیة اسم الفاعل (مُزَحْزِح) وهو من الفعل الرباعی (زَحْزَحَ)؛ وذلک لأنه یؤتى بالمضارع (یُزَحْزِحُ)، ثم یحول حرف المضارعة میما، ویضم الأول ویکسر ما قبل الآخر، فیکون (مُزَحْزِح) على وزن: مُفعْلِل. وورد الفعل مبنیا للمجهول فی قوله تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)(آل عمران: 185)، وهو ماضٍ مبنی للمجهول ووزنه: فُعْلِلَ.

أما من الناحیة الصرفیة، ففی أصله ثلاثة أقوال:

من الثنائی (زَحْ) وهو رأی الخلیل (ت175هـ)، وابن فارس (ت395هـ)، وغیرهما ممن أخذ برأیهما(35).

- من الثلاثی (زَحَحَ)، وقد قال به ابن منظور (ت711هـ)(36)، ولعل التغییر فیه إلى زَحْزَحَ ناتج عن طریق المخالفة الصوتیة؛ إذ الأصل: زَحَّحَ، ثم خالفت الحاء الثانیة إلى زای فأصبح الفعل: زَحْزَحَ.

-  من الفعل المعتل (زَاحَ، وزَوَحَ) وهو مکرر، وقد ذکره الأزهری (ت370هـ)؛(37) ولا ندری بأی حجة أخذ هؤلاء؛ حیث لا علاقة بین الحرف المعتل (الألف) والصحیح (الحاء).

-  مقلوب الفعل: حَزْحَزَ، یقول ابن منظور(ت711هـ): "وتَزَحْزَحْتُ عن المکان وتَحَزْحَزْتُ بمعنى واحد"(38). وقد یکون هذا الوجه جائزا؛ لأن القلب موجود فی العربیة، مثل: أَیِسَ، یَئِسَ.

هذا، ویُرجّح الرأی الأول، فهو من الثنائی (زَحْ) ثم کرر، وقد عنون به الأزهری(ت370هـ) نفسه، إذ یقول: "حَزْ، زَحْ: مستعملان فِی الثنائی والمکرر"(39). وکذلک السرقسطی(ت400هـ) حیث بوبه تحت عنوان المکرر منه( 40). ولعل ما جاءت به الآیتان یؤید هذا، إذ جاء اسم الفاعل بظهور (زَحْزَحَ) کلها و(مُزَحْزِح) وکذلک عند البناء للمجهول.

ومن الناحیة الدلالیة فإن (مُزَحْزِحَهُ) بمعنى مبعده، وزَحْزَحَ بمعنى بعد، ومنه قوله ﷺ: "من صام یوما فی سبیل الله زَحْزَحَهُ الله عن النار سبعین خریفا" (41)، وهذا الحدیث تفسره أحد روایاته: "من صام یوما فی سبیل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعین خریفا"(42)حیث جاء الفعل (بعّد) بدلا من (زَحْزَحَ)، ومنه قول ذی الرمة (البسیط)(43):

یَا قابضَ الروحِ عنْ جسمٍ عصى زمنًا** وغافرَ الذنبِ زَحْزِحْنِی عنِ النَّارِ

أی: باعد بینی وبین النار؛ وهذا لا یتأتى إلا بعد غفران الذنب، ولا یخلو من التکرار؛ لأن الإنسان یذنب، ثم یغفر الله له، ولعل هذا هو معنى الزَّحْزَحَةِ.

وفی قوله تعالى: (بمُزَحْزِحِهِ) بمعنى: بمبعده ومنجیه، أی: أن طول العمر ما بمبعده ولا منجیه من العذاب(44). وقوله: (فمن زُحْزِحَ) بمعنى: نُحیَّ عن النار وأبعد منها(45).

ویبدو أن هناک تناسب بین الترکیبین الصرفی والدلالی؛ إذ إن الزَّحَّ فقط تعنی: جذب الشیء فی العجلة، أما الزَّحْزَحَةُ فتعنی التنحیة(46). فالزّحْزَحَةُ فیها تکرار الفعل وتدرجه.

هذا، وقوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ)(البقرة: 96) یتطلب فی الدلالة تضمین المعنى أن هناک من طال عمره فزحزح من العذاب؛ لأنه قضاه فی صالح الأعمال، وقوله: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران: 185)، کذلک یتضمن أن هناک من یُزَحْزَحُ عن النار فیدخل الجنة.

ویلاحظ التنویع فی البناء ما بین اسم الفاعل، والبناء للمجهول وهذا ما یقود المتلقی إلى الغرض من التکرار وهو التنبیه؛ إذ إن طول العمر وتکرار الصالحات یُزَحْزِحُ الإنسان عن النار، ومنه یکون الفوز، وفی المقابل أن طول العمر وتکرار السیئات لا یُزَحْزِحُ عن النار، ولذلک جاء البناء على صیغة اسم الفاعل ( مُزَحْزِح) ثم أضیف إلى الهاء؛ حتى یفهم الإنسان إن تکرار العمل هو الذی یُزَحْزِحُ أو لا.

زَلْزَلَ: ورد هذا الفعل مبنیا للمجهول فی قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا یَأْتِکُم مَّثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِن قَبْلِکُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ یَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِیبٌ)(البقرة:214).

وجاء المصدر منه فی قوله تعالى: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْءٌ عَظِیمٌ)(الحج:1). وجاء منه الفعل الماضی المبنی للمجهول والمصدر فی قوله تعالى: (هُنَالِکَ ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِیدًا)(الأحزاب:11). وفی قوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)(الزلزلة:1).

من الناحیة الصرفیة: الفعل (زَلْزَلَ) فیه مذاهب من ناحیة أصله الذی اشتق منه، وهی:

-   من عده من الثنائی، وعلى رأسهم الخلیل (ت175هـ)، وابن فارس (ت395هـ)؛ إذ جعلاه فی باب: (زَلْ)(47).

-  من عده الثلاثی الملحق بالرباعی، وهو سیبویه (ت180هـ)؛ إذ یقول: "وکذلک کل شیء ألحق من بنات الثلاثة بالأربعة، وذلک نحو: دَحْرَجْتُهُ دَحْرَجَةً وزَلْزَلْتُهُ زَلَزَلةً"(48). وقد وهم ابن عطیة الأندلسی (ت541هـ) إذ قال إن سیبویه (ت180هـ) قد جعله من الرباعی(49).

-  وهناک مَن عده من الثلاثی من غیر تفصیل، ومنهم الجوهری (ت393هـ) إذ جعل أصله: زَلَلَ(50). وهنا التکرار یأتی عن تضعیف اللام الأولى فیصبح: زَلَّلَ، ثم المخالفة الصوتیة فیصبح: زَلْزَلَ.

ویُرجّح أن أصله ثنائی؛ وذلک لما یأتی:

-  ما قاله ابن فارس (ت395هـ): "الزای واللام أصل مطرد منقاس فی المضاعف"(51). وهذا یعنی أن الأصل (زَلْ) ثم ضوعف، أی کرر.

-  ما قال به الزجاجی (ت340هـ): "هو تضعیف فی زَلْ"(52).

لقد عنونه السرقسطی (ت400هـ) تحت عنوان المکرر، والتکرار یکون لـ(زَلْ)(53).

وقد جاء الفعل مبنیا للمجهول وهو على صورة الماضی ( زُلْزِلُوا) و(زُلزِلَتْ)، أمّا زَلْزَلَة، وزِلْزَالًا، وزَلْزَالَهَا، فهی مصادر للفعل (زَلْزَلَ)؛ لأن المصدر إما یکون على فِعْلال بالکسر، فإن کان بالفتح فهو اسم(54). وإما یکون بالفتح والتاء التی هی عوضا من الألف قبل الحرف الأخیر فی زَلْزَال(55). فإن کان بالفتح فهو اسم.

أمّا من الناحیة الدلالیة فیمکن تقسیمها إلى قسمین، هما:

-  قسم یتعلق بما وقع فی الحیاة الدنیا، وهو قوله تعالى: (وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ یَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ)(البقرة:214). وقولــه تعالى: (هُنَالِکَ ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِیدًا)(الأحزاب:11)، فی کلا الموضعین جاء الفعل على صورة الماضی؛ لانتهاء الزّلْزَلَةِ. وفی الموضع الثانی جاء المصدر مخصصا؛ لأن نوعه اتسم بالشدة، والمراد فی کلیهما الانزعاج والاضطراب والذعر الذی أصاب المؤمنین یوم الخندق؛ لأن الأعداء فاقوهم عددا وعدة، ونتیجة لهذه الزلزلة استبطأوا النصر(56) حتى استعجله الرسول الکریم ﷺ، ومجیء قول الرسول مسبوقا بحتى فیه دلالة على أن الزلزلة والاضطراب فی صفوف المسلمین قد بلغ غایته.

-  وقسم سیقع فی الآخرة، وهو قوله تعالى: (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْءٌ عَظِیمٌ)(الحج:1). وقوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)(الزلزلة:1)؛ أی: ما یرتبط بیوم البعث فهی حرکة هائلة شدیدة، المقصود بها أحد أشراط الساعة أو الساعة نفسها(57) لکن المعنى أن الأرض تتحرک وتضطرب حتى یذهل الإنسان.

وعلیه، فورود الزَّلْزَلَةِ، وزِلْزَال، وزِلْزِالَها کله یدل على المبالغة والتهویل، ولا سیما فیما یتعلق بیوم القیامة؛ ولذلک أخبر الله سبحانه وتعالى بلفظ (شیء) لزیادة التهویل. یقول ابن عاشور: "والإتیان بلفظ (شیء) للتهویل بتوغله فی التنکیر؛ أی: زلزلة الساعة لا یعرف کنهها إلا بأنها شیء عظیم"(58).

ومن ناحیة أخرى فإن "التضعیف فیه دال على تکرار الفعل"(59)، فـ" لمّاعنوا شدة الزلل ضاعفوا الفعل للدلالة بالتضعیف على شدة الفعل کما قالوا: کَبْکَبَهُ، أی کَبّهُ"(60).

ویلاحظ أن ورورد هذا الفعل جاء متنوع الأبنیة؛ فقد جاء فعلا لارتباطه بدلالة الزمان، وجاء مصدرا دالاً على الحدث، وقد جاء الفعل مبنیا للمعلوم، ومبنیا للمجهول؛ لأن الفاعل معلوم، وهذا یقوی معنى الزَّلْزَلَة التی هی بیده عزّ وجل، کما أن عدم ذکره یجعل العمل به عند الجمیع محتوم.

ولعل الزَّلْزَلَة کلها متضمنة تکرار الانزعاج، وهو أمر فیه تخویف وتهویل، وتعظیم، سواء کان ذلک مرتبطا بأمر الحرب ومخافة الهزیمة، أم کان مرتبطا بیوم القیامة، ولعل هذا مبرر کافٍ لتکرار الأصل.

صَرْصَرَ: ورد هذا الفعل مشتقاً فی قوله تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ رِیحًا صَرْصَرًا فِی أَیَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِیقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا یُنصَرُونَ)(فصلت:16). وقوله تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِکُوا بِرِیحٍ صَرْصَرٍ عَاتِیَةٍ)(الحاقة:6).

من الناحیة الصرفیة: صَرْصَرَ اسم من الفعل: صَرْصَرَ، والذی اختلف فی أصله هل هو ثلاثی، أم ثنائی:

-  ذهب الخلیل (ت175هـ)، والجوهری (393هـ)، وابن منظور (ت711هـ)، والسرقسطی (ت400هـ)، ومن تبعهم إلى أن أصله ثلاثی؛ إذ یرى الثلاثة الأوائل أنه من (صَرَرَ) بینما جعل السرقسطی أصله مضعف اللام هکذا (صَرَّ) ولم یعده من المکرر کمذهبه فی بقیة الأفعال المشابهة(61).

-   ذهب ابن فارس (ت 395هـ) أن أصله الثنائی (صَرْ)؛ إذ جعل الصاد والراء أصلا لعدد من المعانی(62).

ویرجح الباحثان ما ذهب إلیه ابن فارس (ت395هـ)؛ وذلک لما یأتی:

-  یذهب أصحاب الرأی الأول إلى أنک إذا أردت التکریر قلت: صَرْصَرَ وقد ذکر ذلک الخلیل(63)، وابن منظور، فهما یقران التکرار، والتکرار لا یکون إلا للأصل الموجود، وعلیه یکون الأصل الثنائی: صَرْ.

-  کما یذهبون أن الأصل فی صَرْصَرَ صَرّرَ، ثم أبدلت الراء الوسطى صادا(64). وهذا من باب المخالفة الصوتیة، ولکن هذه الراءات الثلاث لا تتکرر فی أصل واحد.

وعلیه فهی زائدة؛ مما یقرب القول إلى أن الأصل (صَرْ) فزیدت الراءات، ثم حدثت المخالفة.

أمّا من الناحیة الدلالیة: فقد تدل الریح الصَّرْصَرِ على الریح شدیدة البرد، أو شدیدة الصوت(65). وهی الریاح الشدیدة عموما، ویبدو أن شدة الصوت هی کالصَّرِیرِ؛ لذلک سُمّیت بالصَّرْصَرِ(66). ویؤید ذلک ما ذهب إلیه مجاهد ورجحه الطبری (ت310هـ)، إذ یقول: "وأولى القولین فی ذلک بالصواب قول مجاهد؛ وذلک أن قوله صَرْصَرًا إنما هو صوت الریح إذا هبت بشدة، فسمع لها کقول القائل: صَرّر، ثم جعل ذلک من أجل التضعیف الذی فی الراء"(67).

یبدوا أن ما قاله الطبری (ت310هـ) فیه إشارة للربط بین البناء والدلالة، ویربط الخلیل (ت175هـ) بینهما من طریق قوله: "وکل صوت شبه ذلک فهو صَرِیرٌ إذا امتد، فإذا کان فیه تخفیف وترجیع فی إعادة ضوعف، کقولک: صَرْصَرَ الأخطب صَرْصَرةً"(68). وکذلک ابن منظور (ت711هـ) إذ یقول: "إذا سمعت صوت الصَّریرِ غیر مکرر قلت: صَرَّ وصَلَّ، فإذا أردت أن الصوت تکرر قلت صَلْصَلَ وصَرْصَرَ"(69).

ویمکن القول فی وصف الریح بـ(صَرْصَرٍ) لتکرر عزیفها، وتکرر شدتها من فترة لأخرى.

والتکرار هنا بغرض التخویف والتهویل، فالله بقدرته یوضح أنه یسخر مخلوقاته لردع من یعصیه، فهؤلاء سخر علیهم الریح الصرر، أی المکررة فترة بعد أخرى، وتکرار عزیفها حتى أهلکتهم وجعلتهم عبرة لم یأتِ بعدهم.

عَسْعَسَ: ورد الفعل مرة واحدة فی قوله تعالى: )وَاللَّیْلِ إِذَا عَسْعَسَ((التکویر:17).

من الناحیة الصرفیة: عَسْعَسَ فعل ماض مبنی للمعلوم، وأصله الاشتقاقی فیه خلاف، یمکن تلخیصه فیما یأتی:

-   الثنائی (عَسْ) وهو مذهب الخلیل (ت175هــ)، والجوهری (ت393هـ)، ومن تبعهما(80).

-   الثلاثی (عَسَسَ)، وعلیه بوب ابن منظور(81)(711هـ). وهنا یکون عَسْعَسَ حدث عن طریق المخالفة الصوتیة.

-  رباعی بالوضع، وهو مذهب السرقسطی (ت400هـ)؛ إذ بوّبه ضمن الرباعی، ولم یبوبه ضمن المکرر، ولم یبرر لهذا التبویب(82).

-  ویرى بعضهم أنه مقلوب: سَعْسَعَ، وهو من الثلاثی: سَعَّ، وینفی ابن فارس (ت395) أنه من الثنائی، فبعد أن یقول: "عَسَّ: العین والسین أصلان متقاربان: أحدهما الدنو من الشیء وطلبه، والثانی خفّة فی الشیء"(83) یعود ویقول: "فأما قولهم عَسْعَسَ اللیل؛ إذا أدبر فخارج عن هذین الأصلین. والمعنى فی ذلک أنه مقلوب من سَعْسَعَ، إذا مضى، وقد ذکرناه. فهذا من باب سَعَّ"(84).

هذا، ویشیر الطبری (ت310هـ) إلى أن سَعْسَعَ، وعَسْعَسَ هی ظاهرة لهجیة؛ إذ یقول: "هذه لغة من قال: سَعْسَعَ، وأما لغة من قال: عَسْعَسَ، فقول علقمة بن قُرْط:

حتى إذَا الصُّبْحُ لَهَا تَنَفَّسا** وانْجابَ عَنْها لَیْلُها وَعَسْعَسا

یعنی أدبر"(85).

ویبدو أن الراجح هو الأصل الثنائی؛ قیاسا على الأفعال الواردة فی هذا الباب، فضلا عن تبویب بعضهم له ضمن الثنائی. وأن المصدر منه على: عَسْعَسة، وعَسْعَاسًا (بالفتح)؛ حیث یظهر التکرار للثنائی.

أمّا من الناحیة الدلالیة فـ: عَسْعَسَ اللیل قیل: أدبر، وقیل: أقبل، وقیل: أقبل وأدبر معا.(86) وقیل: عَسْعَسْتُهُ وقت السحر(87). الذی یظهر من طریق قوله تعالى: (واللَّیْلِ إِذَا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ)(التکویر: 17-18)، أنه تناهى لیتلوه الفجر، أو انتهى النهار لیبدأ اللیل، وهذا ما ذکره الزجاج (ت311هـ) فی قوله: "عَسْعَسَ اللیل إذا أقبل وعَسْعَسَ إذا أدبر، والمعنیان یرجعان إلى شیء واحد وهو ابتداء الظلام فی أوله وإدباره فی آخره"(88).

والتکرار فی بناء الفعل یناسب تعاقب اللیل مع الضیاء، فقد یکون أدبر اللیل لیعقبه الصبح، أو أدبر اللیل بعد الضیاء؛ ولذلک قیل أقسم الله بإقباله وإدباره(89). وقد عبر عن ذلک ابن عاشور بقوله: "وبذلک یکون إیثار هذا الفعل لإفادته کلا الحالین الصالحین للقسم به فیهما؛ لأنهما من مظاهر القدرة إذ یعقب الظلام الضیاء، ثم یعقب الضیاء الظلام، وهذا إیجاز"(90).

لعل الغرض من التکرار التنبیه إلى عظمة الله فی مخلوقاته، فالنهار، واللیل یتعاقبان فی صورة بدیعة، ولتکرار هذا التعاقب کان الفعل (عَسْعَسَ). ولعل مجیئه فی صورة الماضی دلیل على استمراه بصورة ثابتة، فیتحتم وقوعها یومیا؛ لذلک أخذت حکم المضی؛ ومما یزید التنبیه إلى عظمة الخالق فی مخلوقاته هو القسم بها؛ إذ یقول تعالى: (واللَّیْلِ إِذَا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ)(التکویر: 17-18).

کَبْکَبَ: ورد هذا الفعل فی قوله تعالى: (فَکُبْکِبُوا فِیهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ)(الشعراء:94). والفعل مبنی للمجهول ومسند لواو الجماعة.

من الناحیة الصرفیة فقد ذهب بعضهم إلى أنه من الثنائی (کَبْ)، وعلى رأسهم الخلیل بن أحمد (ت175هـ)، وابن فارس (ت395هـ)(91). بینما ذهب آخرون إلى أن أصله من الثلاثی (کَبَبَ)، ومنهم ابن منظور (ت711هـ)(92). ویقول الطبری (ت310هـ): "وأصل کُبْکِبوا: کُبِبُوا، ولکن الکاف کرّرت"(93) ؛أی أن الأصل عنده: کَبَّ بالتضعیف، وهذا ما ذهب إلیه السرقسطی (ت400هـ)(94).

ویبدو أن الأصل الثنائی هو الأرجح؛ وذلک لما یأتی:

-  أن الکاف والباء أصل صحیح وحده، ثم کُرِّرَ.

-  القیاس على سابقاته (زَحْزَحَ، حَصْحَصَ).

أما من الناحیة الدلالیة فـ(کَبْکَبَ) تعنی: "أن یتدهور الشیء إذا ألقی فی هوة حتى یستقر فکأنه تردد فی الکَبِّ"(95) أی: تکرر الکَبُّ. وهذا هو حال من کان مصیرهم النار. یقول الطبری (ت310هـ): "فرمی ببعضهم فی الجحیم على بعض، وطرح بعضهم على بعض مُنْکَبِینَ على وجوههم"(96).

وتکرار الکاف والباء یدل على تکرار الفعل وهو الکَبُّ فی النار، ویؤید هذا قول ابن عاشور: "ومعنى (کُبْکِبُوا) کُبُّوا فیها کَبًّا بعد کَبٍ فإنّ (کُبْکِبُوا) مضاعف کُبّوا بالتکریر وتکریر اللفظ مفید فی تکریر المعنى"(97).

یبدو أن الغرض من التکرار هنا التهویل والتعظیم والتخویف؛ لأن الأمر مرتبط بیوم القیامة، وکیف یکب الناس فی النار؛ فتأتی کل طائفة فتکب، ثم تأتی التی تلیها فتکب، وهکذا یکون(الکَبُّ) متکررا، وهذا ما جعل استعمال (کُبْکِبُوا) بالتکرار أنسب من استعمالها من غیر تکرار، ویبدو أن سبب ورود الفعل مبنیا للمجهول هو العلم بالفاعل، وهم زبانیة النار.

وسْوَسَ: ورد فی قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطَانُ لِیُبْدِیَ لَهُمَا مَا وُورِیَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاکُمَا رَبُّکُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَکُونَا مَلَکَیْنِ أَوْ تَکُونَا مِنَ الْخَالِدِینَ)(الأعراف: 20). وقوله تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَیْهِ الشَّیْطَانُ قَالَ یَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّکَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْکٍ لَّا یَبْلَىٰ) (طه: 120)، وهو فعل ماضٍ مبنی للمعلوم. وفی قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ)(ق:16). وهو مضارع مبنی للمعلوم. وفی قوله: (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ)(النّاس: 4-5) مرتین: الأولى اسم معرف بأل (الوَسْوَاسِ). والثانیة مضارع مبنی للمعلوم (یُوَسْوِسُ).

من الناحیة الصرفیة فأصل الفعل (وَسْوَسَ) یرى بعضهم أنه من الثلاثی: وَسَسَ، وعلى رأسهم الخلیل (ت175هـ)، بینما یرى بعضهم من الأصل الثنائی: وَسْ، ومنهم ابن فارس (ت395هـ)(98)، ولعل هذا هو الأرجح؛ وذلک لأنه عُدَّ من الفعل المکرر والمضعف، والتضعیف ضمن الزیادة فی البناء الصرفی، ولما عد کذلک فالتکرار یکون للأصل (وَسْ). ومما یقوی ذلک: "أن من جعل هذا الرباعی بمعنى الثلاثی المضاعف لم یصب؛ لأن الثلاثی لا یدل على تکرار بخلاف الرباعی المکرر"(99). فـرَصَّ بخلاف رَصْرَصَ، ورَضّ بخلاف رَضْرَضَ، وکَفَّ بخلاف کَفْکَفَ(100).

جاء الفعل فی الآیات على صورة الماضی (وَسْوَسَ) مرتین، کما جاء على صورة المضارع مرتین؛ إلا أن المرة الأولى بدأ بالتاء (تُوَسْوِسُ) لأنه أسند للنفس، بینما جاء فی المرة الثانیة (یُوَسْوِسُ)؛ لأنه أسند للضمیر (هو). وقد جاء اسما معرفا بـ(ال) فی (الْوَسْوَاسِ) مرة واحدة؛ فاسمیّته جاءت على أنه کان بالفتح. وإن کان بالکسر فهو المصدر(101). وهو اسم فاعل کما یرى ابن عاشور(102). ویرى ابن قیم الجوزیة أنه وصف للشیطان؛ لأن القیاس فی اسم الفاعل فیه (مُوَسْوِسٌ)(103). وفی نظر الباحثین أن اسم الفاعل نوع من الوصف؛ لذلک یمکن القول إنه اسم فاعل معدول عن (مُوَسْوِسٍ) لقیامه بالْوَسْوَسَةِ ولیست اتصافه بها فقط.

ومن الناحیة الدلالیة فالفعل وَسْوَسَ یدل عموما على الصوت الخفی، وحدیث النفس(104)، وفی الآیات الکریمات ترتبط الدلالة بالسیاق، ففی قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطَانُ)(الإعراف: 20)؛ أی ألقى حدیثه فی قلبیهما. یقول البغوی (ت516هـ): "أی: إلیهما، والْوَسْوَسَةُ: حدیث یلقیه الشیطان فی قلب الإنسان"(105). والمعنى ذاته فی (فَوَسْوَسَ إلیه). وفی قوله تعالى: (مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ)(ق:16)؛ أی ما یکون من حدیث النفس و"وَسْوَسَةُ النفس: ما یخطر ببال الإنسان، ویهجس فی ضمیره من حدیث النفس"(106). وقد جاء الفعل على صیغة المضارع؛ لأن حدیث النفس ملازم لها. والمضارع (یُوَسْوِسُ) یرجع للشیطان بالمعنى ذاته فی (وَسْوَسَ) غیر أن هنا الدلالة الزمنیة على الاستمرار؛ ولذلک کان الفعل على صورة المضارع، وفی قوله تعالى: (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ)(النّاس: 4)؛ أی الشیطان لاتصافه بصفة الوسوسة للإنسان. وتشرح الآیة الآتیة فی قوله تعالى: (الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ)(النّاس:5). ویمکن أن یطلق کذلک على الذین یُوَسْوِسُونَ خفیة فی تدبیر المکائد والضلالات(107).

والفعل (وَسْوَسَ) من المکرر؛ لذلک هذا التکرار أصبح عموما یدل على تکرار الْوَسْوَسَةِ؛ لأنه: "أصل الْوَسْوَسَةِ الحرکة"(108). وهذا یعلله مجیء الفعل (توسوس) و(یوسوس) دالین على الاستمرار والتکرار، ویدعم ذلک قول ابن قیم الجوزیة (ت751هـ): "لو ما کانت الْوَسْوَسَةُ کلاما یکرره المُوَسْوِسُ ویؤکده عند من یلقیه إلیه، کرروا لفظها بإزاء تکریر معناها، فقالوا: وَسْوَسَ وَسْوَسَةً. فراعوا تکریر اللفظ لیفهم منه تکریر مسماه"(109).

والغرض هو التنبیه من وساوس الشیطان والنفس؛ لما تؤدی إلیه من عواقب وخیمة، ولما کانت الوسوسة تکون فی فترات متتابعة، کان التکرار فی البناء مکررا. وقد جاء الفعل فی قصة آدام على صورة الماضی؛ لأن الوسوسة من الشیطان قد انتهت، ثم جاء الفعل على صورة المضارع (تُوَسْوِسُ)؛ لأن النفس تُوَسْوِسُ لصاحبها فی کل یوم، ثم جاء المشتق منه على صورة اسم الفاعل (الْوَسْوَاس)؛ لأن الشیطان هنا هو من یقوم بالوسوسة على صورة متکررة، وجاء الفعل الماضی (یُوَسْوِسُ) مضارعا؛ لیدل على استمرار الشیطان فی وسوسته لبنی آدم.

والتنوع فی أبنیة الفعل المکرر ما بین الماضی والمضارع، أو ما بین البناء للمعلوم والمجهول، أو تنوع المشتقات؛ ذو دلالة واضحة فی التکرار، والغرض الذی یرمی إلیه.

الخاتمة:

     فی ختام هذه الدراسة نعرض أبرز النتائج التی توصّل إلیها البحث، وهی:

-         وردت الأفعال: حَصْحَصَ، دَمْدَمَ، وعَسْعَسَ کل فعل مرة واحدة، وفی صورة الماضی المبنی للمعلوم، وسبب ذلک للتأکید.

-         الفعل (کَبْکَبَ) ورد مرة واحدة فی صورة الماضی المبنی للمجهول؛ وذلک بغض التأکید حال المضی، والعلم بالفاعل حال البناء للمجهول.

-         الفعل (زَحْزَحَ) ورد مرة واحدة فی صورة الماضی المبنی للمجهول، وذلک للعلم بالفاعل،  کما جاء منه اسم الفاعل مرة واحدة؛ وذلک للدلالة على استمرار عملیة الزحزحة.

-         الفعل (ذَبْذَبَ) ورد منه اسم الفاعل مرة واحدة؛ وذلک للدلالة على استمرار عملیة التذبذب، وتکرارها.

-         الفعل (صَرْصَرَ) جاء منه الاسم فقط مرة واحدة؛ ذلک لأن صفة الصریر من الصفات الملازمة للریاح، فالاسم أکثر ثباتا من الفعل، علیه جاء التوضیح بالاسم ولم یأتِ بالفعل.

-         الفعل (زَلْزَلَ) جاء فی صورة الماضی المبنی للمجهول ثلاث مرات، لتأکید الزلزلة، والعلم بفاعلها، کما جاء فی صور المصدر مثلها بغرض التأکید، إلا إنه ورد مرة واحدة على وزن فعللة، ومرتین على وزن فعلال.

-         الفعل (وَسْوَسَ) ورد مرتین فی صورة الماضی المبنی للمعلوم؛ لأن عملیة الوسوسة ثابتة فالتعبیر عنها بالماضی یفید ثبات وقوعها، کأنها حدثت، ومثلها فی صورة المضارع المبنی للمعلوم مرة أسند للمؤنث وأخرى لمذکر؛ وذلک لاستمرار الوسوسة سواء من الشیطان أم النفس، وورد مرة واحدة فی صورة الاسم؛ لأن سمة الوسوسة أصبحت ملازمة له، فعبر بالاسم للدلالة على الثبات.

-         الراجح فی أصل هذه الأفعال أنها من الثنائی، ثم کرر الأصل.

-         التکرار فی الأصل انبنى علیه التکرار فی الدلالات اللغویة لها.

-         تنحصر أغراض التکرار فی هذه الأفعال ومشتقاتها فی التهویل والتعظیم والتخویف فی معظمها، والتنبیه فی بعضها.

 

الهوامش والإحالات:

 

(1) ابن فارس، أحمد بن فارس بن زکریا، مقاییس اللغة، تح: عبد السلام محمد هارون، د.ط، دار الفکر، بیروت، 1399هـ-1979م، ج5، ص126.

(2) الخلیل، الخلیل بن أحمد الفراهیدی، الــــعین، تح: عبد الحمید هندوای، ط1، دار الکتب العلمیة، 1424هـ-2003م، ج4، ص19.

(3)عبد الحمید، محمّد محی الدین، دروس فی التصریف، ط1، المکتبة العصریة، بیروت، 1416هـ-1995م، ص143.

(4) السرقسطی، أبو عثمان سعید بن محمد المعافری، کتاب الافعال، تح: حسین محمد محمد شرف، د.ط، الهیئة العامة للمطابع الأمیریة، 1398هـ، ج1، ص426.

(5) الأزهری، محمد بن أحمد، تهذیب اللغة، تح: محمد عوض، ط1، دار إحیاء التراث، بیروت، 2001م، ج3، ص276.

(6) شیخون، محمد، أسرار التکرار فی القرآن الکریم، ط1، الکلیات الأزهریة، القاهرة، 1983م، ص11.

(7)السامرائی، صالح فاضل، معانی الأبنیة فی العربیة، ط2،  دار عمار، عمّان،  1428هـ- 2007م، ص6.

(8) العین،ج1، ص323؛ والجوهری، إسماعیل بن حماد، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربیة)، تح: أحمد عبد الغفور عطّار، ط1، دار العلم للملایین، بیروت، 1990م، ص 1032.

(9) کتاب الأفعال، ج1، ص427.

(10) الطبری، أبو جعفر محمد بن جریر، تفسیر الطبری (جامع البیان عن تأویل آی القرآن)، تح: عبد الله بن عبد المحسن الترکی، ط1 دار هجر، الجیزة، 1422هـ-2001م، ج13، ص205.

(11) العین، ج1، ص323.

(12) أبو حیان الأندلسی، محمد بن یوسف، البحر المحیط، تح: زهیر جعید، د.ط، دار الفکر، بیروت، 1431هـ-2010م، ج6، ص288.

(13) الدمیاطی، أحمد محمد البناء، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر، تحقیق: شعبان محمد إسماعیل، ط1، عالم الکتب، بیروت، مکتبة الکلیات الأزهریة، القاهرة، 1407هـ-1987م، ج2، ص149.

(14) تفسیر الطبری، ج13، ص205.

(15) الصحاح، ص1033.

(16) ابن عاشور، محمد طاهر، التحریر والتنویر، د.ط، الدار التونسیة، تونس، د.ت، ج12، ص191.

(17) نفسه.

(18) مقاییس اللغة، ج2، ص260.

(19) الصحاح، ص1921.

(20) کتاب الأفعال، ج3، ص346 ص347.

(21) ابن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، د.ط، دار صادر، بیروت، د.ت، ج12، ص208 ص209.

(22) الفخر الرازی، محمد الرازی فخر الدین، تفسیر الفخر الرازی؛ التفسیر الکبیر، ط1، دار الفکر، بیروت، 1401هـ-1981م، ج13، ص169 ص170.

(23) لسان العرب، ج12، ص209.

(24) التحریر والتنویر، ج30، ص375.

(25) ابن عطیة الأندلسی، عبد الحق بن غالب، تفسیر بن عطیة (المحرر الوجیز فی تفسیر الکتاب العزیز)، ط1، تح: عبد السلام عبد الشافی، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1422هـ- 2001م، ج5، ص489.

(26) العین، ج2، ص65؛ والصحاح، ص126؛ ولسان العرب، ج1، ص380.

         (27) مقاییس اللغة، ج2، ص438؛ وکتاب الأفعال، ج3، ص609.

(28) لسان العرب، ج1، ص384.

(29) نفسه، والصحاح، ص 126 ص127.

(30) مقاییس اللغة، ج2، ص348.

(31) کتاب الأفعال، ج3، ص906.

(32) العین، ج2، ص66.

(33) تفسیر الطبری، ج7، ص614.

(34) الدرویش، محی الدین بن محمد بن مصطفى ، إعراب القرآن الکریم وبیانه، ط3، دار الیمامة، دار ابن کثیر، دمشق، بیروت، 1412هـ-1992م، ج2، ص 360.

(35) العین، ج3، ص18؛ مقاییس اللغة، ج3، ص7.

(36) لسان العرب، ج2، ص468.

(37) تهذیب اللغة، ج3، ص267.

(38) لسان العرب، ج2، ص468.

(39) تهذیب اللغة، ج3، ص276.

(40) کتاب الأفعال، ج3، ص486.

(41) الترمذی، أبو عیسى محمد بن عیسى، جامع الترمذی، د.ط، دار الأفکار، الریاض، د. ت، رقم 1622، ص283، رقم 1622.

(42) البخاری، محمد بن إسماعیل، صحیح البخاری؛ الجامع الصحیح، ط1، دار ابن کثیر، دمشق، بیروت، 1423هـ-2002م، رقم2840، ص702.

(43) ذو الرمة، غیلان بن عقبة بن مسعود، دیوان ذی الرمة، تقیم وشرح: أحمد حسن بسج، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1415هـ-1995م، ص130.

(44) جامع البیان، ج2، ص281.

(45) السابق، ج6، ص 288.

(46) العین، ج2، ص176.

(47) السابق، ج2، ص191؛ ومقاییس اللغة، ج3، ص5.

(48) سیبویه، عمرو بن عثمان بن قنبر، الکـــتاب، تح: عبد السلام محمد هارون، ط2، مکتبة الخانجی، القاهرة، ودار الرفاعی، الریاض، 1402هـ-1982م، ج4، ص85.

(49) المحرر الوجیز، ج1، ص287.

(50) الصحاح، ص 1717.

(51) مقاییس اللغة، ج3، ص4.

(52) المحرر الوجیز، ج1، 287.

(53) کتاب الأفعال، ج3، ص386.

(54) الصحاح، ص 1717.

(55) الکتاب، ج4، 85.

(56) جامع البیان، ج3، ص636.

(57) البغوی، الحسین بن مسعود، تفسیر البغوی؛ معالم التنزیل، تح: محمد عبد الله النمر وآخرین، د.ط، دار طیبة، الریاض، 1409هـ-1989م، ج5، ص363.

(58) التحریر والتنویر، ج17، ص187.

(59) السابق، ج2، ص216.

(60) السابق، ج30، ص490.

(61) العین، ج2، ص390؛ والصحاح، ص710؛ ولسان العرب، ج4، ص450؛ وکتاب الأفعال، ج3، ص383.

(62) مقاییس اللغة، ج3، ص282.

(63) العین، ج2، ص390.

(64) الصحاح، ص712؛ ولسان العرب، ج4، ص450.

(65) نفسه.

(66) التحریر والتنویر، ج29، ص116.

(67) جامع البیان، ج20، ص398.

(68) العین، ج2، ص390.

(69) لسان العرب، ج4، ص450.

(70)  العین، ج2، ص402؛ ولسان العرب، ج9، ص194.

(71) مقاییس اللغة، ج3، ص275.

(72)  کتاب الأفعال، ج3، ص654.

(73) العین، ج2، ص401.

(74) مقاییس اللغة، ج3، ص275.

(75) الأعشى، میمون بن قیس، دیوان الأعشى الکبیر، تح: محمد حسین، د.ط، مکتبة الآداب، الجمامیز، د. ت، ص73.

(76) لسان العرب، ج9، ص196.

(77) جامع البیان، ج16، ص163.

(78) التحریر والتنویر، ج16، ص307.

(79) المحرر الوجیز، ج4، ص64.

(80) العین، ج3، ص153؛ والصحاح، ص949.

(81) لسان العرب، ج6، ص139.

(82) کتاب الأفعال، ج1، ص321.

(83) مقاییس اللغة، ج4، ص42.

(84) السابق، ج4، ص43.

(85) تفسیر الطبری، ج24، ص161 ص162.

(86) نفسه.

(87) لسان العرب، ج6، ص441.

(88) السابق، ج6، ص139.

(89) المحرر الوجیز، ج5، ص444.

(90) التحریر والتنویر، ج30، ص 154.

(91) العین، ج5، ص284، ومقاییس اللغة، ج5، ص124.

(92) لسان العرب، ج2، ص695.

(93) تفسیر الطبری، ج17، ص597.

(94) کتاب الأفعال، ج2، ص146.

(95) مقاییس اللغة، ج5، ص124.

(96) جامع البیان، ج17، ص597.

(97) التحریر والتنویر، ج19، ص152.

(98) العین، ج4، ص369، ومقاییس اللغة، ج6، ص76.

(99) ابن قیم الجوزیة، محمّد بن أبی بکر، بدائع التفسیر، تح: یسری السید محمد، ط1، دار الجوزی، الریاض، 1427هـ، ج3، ص442.

(100) نفسه.

(101) لسان العرب، ج6، ص254.

(102) التحریر والتنویر، ج30، ص633.

(103) بدائع التفسیر، ج3، ص444 ص445.

(104) الصحاح، ص988.

(105) تفسیر البغوی، ج3، ص219.

(106) الزمخشری، محمود بن عمر، الکشّاف، ط1، مکتبة العبیکان، الریاض، 1418هـ- 1998م، ج5، ص591.

(107) التحریر والتنویر، ج30، ص633.

(108) التهذیب، ج3، ص267.

(109) بدائع التفسیر، ج3، ص42.

 

قائمة المصادر والمراجع:

 

1- القرآن الکریم.

2- الأزهری، محمد بن أحمد، تهذیب اللغة، تحقیق: محمد عوض، ط1، دار إحیاء التراث، بیروت،2001م.

3- الأعشى، میمون بن قیس، دیوان الأعشى الکبیر، تحقیق: محمد حسین، د.ط، مکتبة الآداب، الجمامیز، د.ت.

4- البخاری، محمد بن إسماعیل، صحیح البخاری؛ الجامع الصحیح، ط1، دار ابن کثیر، دمشق، بیروت، 1423هـ-2002م.

5- البغوی، الحسین بن مسعود، تفسیر البغوی؛ معالم التنزیل، تحقیق: محمد عبد الله النمر وآخرین، د.ط، دار طیبة، الریاض، 1409هـ-1989م.

6- الترمذی، أبو عیسى محمد بن عیسى، جامع الترمذی، د.ط، دار الأفکار، الریاض، د. ت

7- الجوهری، إسماعیل بن حماد، الصحاح؛ تاج اللغة وصحاح العربیة، تحقیق: أحمد عبد الغفور عطّار، ط1، دار العلم للملایین، بیروت، 1990م.

8- أبو حیان الأندلسی، محمد بن یوسف، البحر المحیط، تحقیق: زهیر جعید، د.ط، دار الفکر، بیروت، 1431هـ-2010م.

9- الخلیل، الخلیل بن أحمد الفراهیدی، الــــعین، تحقیق: عبد الحمید هندوای، ط1، دار الکتب العلمیة، 1424هـ-2003م.

10- الدرویش، محی الدین بن محمد بن مصطفى، إعراب القرآن الکریم وبیانه، ط3، دار الیمامة، دار ابن کثیر، دمشق، بیروت، 1412هـ-1992م.

11- الدمیاطی، أحمد محمد البناء، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر، تحقیق: شعبان محمد إسماعیل، ط1، عالم الکتب، بیروت، مکتبة الکلیات الأزهریة، القاهرة، ط1، 1407هـ-1987م.

12- ذو الرمة، غیلان بن عقبة بن مسعود، دیوان ذی الرمة، تقیم وشرح: أحمد حسن بسج، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1415هـ-1995م.

13- الزمخشری، محمود بن عمر، الکشاف، ط1، مکتبة العبیکان، الریاض، 1418هـ- 1998م.

14- السامرائی، صالح فاضل، معانی الأبنیة فی العربیة، ط2، دار عمار، عمّان، 1428هـ- 2007م.

15- السرقسطی، سعید بن محمد المعافری، کتاب الافعال، تحقیق: حسین محمد محمد شرف، د.ط، الهیئة العامة للمطابع الأمیریة، 1398هـ.

16- سیبویه، عمرو بن عثمان بن قنبر، الکـــتاب، تحقیق: عبد السلام محمد هارون، ط2، مکتبة الخانجی، القاهرة، ودار الرفاعی، الریاض، 1402هـ-1982م.

17- شیخون، محمد، أسرار التکرار فی القرآن الکریم، ط3، الکلیات الأزهریة، القاهرة، 1998م.

18- الطبری، أبو جعفر محمد بن جریر، تفسیر الطبری؛ جامع البیان عن تأویل آی القرآن، تحقیق: عبد الله بن عبد المحسن الترکی، ط1، دار هجر، الجیزة، 1422هـ-2001م.

19- ابن عاشور، محمد طاهر، التحریر والتنویر، د.ط، الدار التونسیة، تونس، د.ت.

20- عبد الحمید، محمّد محی الدین، دروس فی التصریف، ط1، المکتبة العصریة، بیروت، 1416هـ-1995م.

21- ابن عطیة الأندلسی، عبد الحق بن غالب، تفسیر بن عطیة؛ المحرر الوجیز فی تفسیر الکتاب العزیز، تحقیق: عبد السلام عبد الشافی، دار الکتب العلمیة، بیروت، ط1، 1422هـ- 2001م.

22- ابن فارس، أحمد بن فارس بن زکریا، مقاییس اللغة، تحقیق: عبد السلام محمد هارون، د.ط، دار الفکر، بیروت، 1399هـ-1979م.

23- الفخر الرازی، محمد الرازی فخر الدین، تفسیر الفخر الرازی؛ التفسیر الکبیر، ط1، دار الفکر، بیروت، 1401هـ-1981م.

24- ابن قیم الجوزیة، محمّد بن أبی بکر، بدائع التفسیر، تحقیق: یسری السید محمد، ط1،  دار الجوزی، الریاض، 1427هـ.

25- الکرمانی، محمود بن حمزة، أسرر التکرار فی القرآن، تحقیق: عبد القادر أحمد عطاء، د.ط، دار الفضیلة، د.ت.

26- ابن منظور، محمد بن مکرم ، لسان العرب، د.ط، دار صادر، بیروت، د.ت.