الخصائص الأسلوبیة في رسائل الإمام جابر بن زید الأزدي ( ت: 93هـ)

الباحث المراسلزکریا بن ثانی بن سعید الحسنی وزارة الأوقاف والشؤون الدينيَّة

تاريخ نشر البحث :2022-11-13
الإحالة إلى هذه المقالة   |   إحصائيات   |   شارك  |   تحميل المقال

 

تُعد رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی العمانی -t- الذی عاش فی البصرة فی القرن الأول الهجری، ورسائله التی کان قد أرسلها إلى مجموعة من طلابه أو أصدقائه باکورة التألیف والکتابة العربیة التی یجب دراستها والتوقف کثیرا أمام تراکیبها، وتسلیط الضوء على خصائصها وسماتها؛ لأنها بمثابة سابقة أدبیة وعلمیة.

ولم أطلع -فیما توفر لدی من مصادر- على دراسة أدبیة لغویة تناولت رسائله قیدَ الدراسة، سوى ما قام به المحقق فی مقدمته([i]) من تسلیط الضوء على العنصر الشکلی للرسائل.

وقد قسمت البحث إلى مبحثین: الأول یدرس الخصائص الخارجیة، والثانی یدرس الخصائص الداخلیة.

تناولت فی الخصائص الخارجیة البناء الخارجی للرسائل، وعناصرها الثابتة التی تکررت فی کل الرسائل أو معظمها. وحاولت تحلیل کل عنصر من عناصرها مع ذکر المثال الوارد فی النص المدروس، ثمَّ عرَّجت على الطابع العام للرسائل من حیث وضوح الألفاظ، أو غموضها، وجمال الأداء وروعة العرض، والخصائص الترکیبیة، والسمات الأسلوبیة، واختتمت المبحث الأول بمواضع الاقتباس الواردة فی النص.

ودرست فی المبحث الثانی الخصائص الداخلیة للرسائل، فابتدأت بالأسالیب اللغویة الشائعة فی الرسائل، مع ذکر موضع کل أسلوب ومحاولة معرفة الدوافع النفسیة خلف هذه الأسالیب، وتطرقت إلى عنصری العاطفة والإحساس الواردین فی الرسائل وذکر مواضعهما وتحلیل بعض ألفاظهما.

ولا أدَّعی الإحاطة الشاملة بالخصائص الأسلوبیة الواردة فی الرسائل، وإنما هی محاولة علمیة تفتح الباب أمام الباحثین لدراسات أخرى.

تمهید:

اسمه ونسبه: هو الإمام أبو الشعثاء جابر بن زید الیحمدی الأزدی الجوفی البصری العُمانی، وُلِد فی منطقة فرق بمدینة نزوى العمانیّة. ولا تُعرف السنة التی ولد فیها على وجه التحدید. وتُعطی المصادر تواریخ مختلفة إلا أنها کلها محصورة بین عامی 18 و22ه‍، ولا تذکر المصادر المتوفرة أیضاً تاریخاً لقدومه إلى البصرة، ویبدو أنه جاء فی وقت مبکر من حیاته طلباً للعلم؛ إذ کانت البصرة آنذاک أهم مرکز فکری فی العالم الإسلامی، أو کما یقال: کعبة العلم والعلماء، واستقر بین أقاربه من الأزد الذی سکنوا أحد أحیاء البصرة([ii]).

عاش أغلب حیاته فی البصرة یأخذ العلم من الصحابة والتابعین، وکان لا یتخلف عن موسم الحج، "وقد أخذ علمه عن عدد کبیر من الصحابة إذ یروی عن نفسه: "أدرکت سبعین بدریا فحویت ما عندهم إلا البحر"([iii]) یقصد: ابن عباس. وهذه المکانة العلمیة أکسبته مکانة ومرجعیة مهمة فی البصرة خصوصا.

الحالة السیاسیة:

بعد وفاة الرسول -ﷺ- والخلفاء الراشدین، ظهرت بعض الفتن التی ألهبت العالمین العربی والإسلامی، وکان الإمام جابر بن زید یمثِّل المجموعة التی تعترض على خلافة بنی أمیة، ولم یستطع إظهار اعتراضه أو الخروج علیهم؛ لشدة ظلمهم وبطشهم بمعارضیهم؛ ولذلک اشتغل الإمام فی الخفاء من أجل تأسیس المذهب الإباضی وإرساء قواعده الفقهیة والأصولیة، "وتشیر المصادر عندما تترجم للأئمة الأول إلى حوادث تدل دلالة واضحة على أن جابر بن زید کان واضع أسس التنظیم السرّی الذی آتى أکله بعد وفاته فی آخر عهد الخلافة الأمویة"([iv]).

واستطاع الإمام بذکائه أن یسلم من بطش الحجاج بن یوسف الثقفی، رغم شکوک الأخیر فیه، إلا أن الإمام کانت تربطه علاقة قویة مع کاتب الحجاج یزید بن أبی مسلم، الذی کان یهوِّن أمر جابر لدیه، وقد جمع بینهما، فاقترح علیه القضاء فرفض([v]).

وعاش الإمام فی فترة سیاسیة حرجة، ومرحلة انتقالیة مهمة لصنع شخصیة قیادیة على مستویات عدة: فقهیة، وسیاسیة، وعقدیة.

مؤلَّفه، ووفاته:

کان الإمام جابر بن زید من أوائل من ألَّف فی الإسلام، وله ما یعرف بدیوان الإمام جابر، فی العقیدة والحدیث والفقه، إلا أنه فُقِد، وقیل: لم توجد له إلا نسخة ببغداد فنیت عند غزو المغول، ونسخة ببلاد المغرب الإسلامی فقدت بسبب التنازع الإباضی هناک([vi]). وعُرف له طلاب کثیرون، منهم أبو عبیدة مسلم بن أبی کریمة التمیمی، والربیع بن حبیب الفراهیدی، وعبدالله بن إباض التمیمی، وتوفی سنة 93هـ.

المبحث الأول: البناء الشکلی

المطلب الأول: شکل الرسائل العام

یتبع الإمام جابر بن زید نسقا خاصًّا فی البناء الخارجی لرسائله، وهذا النسق ظاهر فی أغلبها عدا بعضها التی قد تختلف فی الألفاظ، أو الحذف؛ مما أمکن أن نضع لها تصورا شکلیا عاما، وهذا النسق فی الحقیقة یعکس مدى المنهجیة الکتابیة التی سار علیها الإمام وهو فی القرن الأول الهجری، وکأنه یضع خطة بحث متعارف علیها فی العصر الحدیث، لا یخرج عنها إلا فی بعض الرسائل على سیاق مختلف، کما هو موضح فی المخطط الآتی:

الشکل رقم (1) یوضح طریقة تخطیط الإمام لرسائله

مقدمة الرسائل: وتتکون المقدمة من عناصر محددة ومتشابهة، فتبدأ کل الرسائل (بالبسملة) عدا الرسالة الثالثة. وواضح أنها سقطت من الناسخ کما یقول المحقق([vii])، أما العنصر الثانی من عناصر المقدمة فیحتوی على اسم المرسِل والمرسَل إلیه، وهو أیضا نسقٌ مضى علیه فی کل الرسائل، عدا الرسالة الأولى التی ظهر فیها السقط واضحا، فکانت بدایتها: "والذی... بدراهم ضخمة"([viii])، وهذه البدایة تبدو واضحة فی غیر مناسبة للبدایات السابقة، وعدم تناسب ابتداء المعنى منها؛ مما یؤکد وجود سقط فی بدایتها.

وأما العنصر الثالث من عناصر المقدمة، فیحتوی على صیغة السلام (سلام علیک) بصیغة التنکیر، ویتبعها (فإنی أحمد إلیک الله الذی لا إله إلا هو)، عدا الرسالة الثامنة التی اختلط فیها الحمد والسلام، فقال: (فإنی أحمد إلیه الله -بعد السلام- الذی لا إله إلا هو)، فجعل السلام جملة اعتراضیة بین صیغة الحمد، وهو أمر تعجب منه المحقق، ولا یعرف له جوابا -کما یقول- ولعله أملاها متأخرا فلم یرد أن یمحو ما کتبه، فجعلها اعتراضیة بین الحمد([ix]).

الوصایا: هذا العنصر من العناصر الشکلیة فی الرسائل مهم وجادٌّ للغایة، فقد کان یعنی للإمام شیئا مهما یحاول تأکیده، ولا یمکن التنازل عنه؛ لدرجة أن الوصایا قد تفوق الجواب أو الغرض الأساس من الرسالة، فحینما یرد إلیه سؤال فقهی، ثم یبتدئ بالمقدمة ویعرِّج على جملة من الوصایا قد تفوق کلماتها ضعف أو أضعاف الجواب الفقهی، فهذا یؤکد أهمیة هذا العنصر بالنسبة إلى الإمام جابر بن زید.

وتتحدث الوصایا کلها عن المواعظ والتذکیر بالدار الآخرة، وأهمیة التقوى، ومکانة الإخلاص لله تعالى، والتحذیر من النفاق والشقاق، ففی هذا العنصر محاولة من الإمام جابر بن زید الترکیزَ على الجانب الوعظی والإیمانی، وتنبیه السائل إلى أن هذه المسائل أهمّ من أفعال الصلاة أو الحیض أو الطلاق، فهذه المواعظ هی منطلق العمل والدعوة والفقه والعقیدة، وإذا حاولنا أن نمزج بین وظیفة الإمام فی الفقه الإباضی، وهی التنظیر والتأسیس، فسنجد أن هذه الوصایا کانت تمثل بالنسبة إلیه نواة یودُّ بثَّها عبر جواب فقهی.

الاطمئنان على السلامة والصحة: ولهذا العنصر مکوِّنٌ أساسٌ من المکونات الخارجیة للرسائل، فبعدما ینتهی الإمام من بثِّ وصایاه الإیمانیة یدخل بعبارة: فإنا نخبرک مِن خبرِنا أنا سالمون صالحون، وتتکرر هذه العبارة فی معظم الرسائل، وأحیانا ترد عبارة أخرى بالمعنى نفسه، فقد وردت فی الرسالة السابعة: أما بعد، فإنا وربنا محمود، ونحمده إلینا فی أمرنا کله کالذی تُحبُّ من العافیة والسلامة، وأحیانا عبارة: فإنا کتبنا إلیک ونحن بخیر من الله ونعمه متظاهرة لا یحصى عددها، ولا نبلغ شکرها، فی الرسالة الثامنة، ووردت فی الرسالة التاسعة: فإنا بخیر وعافیة من الله، وفی الرسالة العاشرة: فإنا نحمد إلیک الله فی حسن الثناء علیه فی طلب منا وإلینا، وفی الرسالة العاشرة قریب من التی سبقتها.

وهکذا انتهج المعنى نفسه، إلا فی رسالتین: الخامسة عشرة، والثامنة عشرة، إذ لم تکتب فیها مثل هذه العبارات، ولعلَّ الإمام جابر بن زید ینتهز فرصة الجواب على المسائل الفقهیة فی تضمینها حالة الأوضاع الشخصیة من صحة ومال وسیاسة، فجعله مکوِّنا أساساً من مکونات الرسائل([x]).

الجواب الفقهی: وهذا هو موضوع الرسائل أساسا، وفیه یبسط الإمام جابر جوابه الفقهی على ما ورد إلیه من أسئلة، ونلاحظ أن الإمام یتبع نسقا واحدا فی الإجابة على الأسئلة، وهو نسق التفریع بالأداة أمَّا: وهو حرف شرط وتفصیل وتوکید یتضمن معنى الجزاء، وتلزم الفاء فی جوابه، وهذه الأداة -فیما یبدو- أکثر دقة ووضوحا، وقد استعمل القرآن أسلوب التفصیل هذا  فی الإجابة على التساؤلات، کما جاء فی سورة الکهف: ﭧ ﭨ ﭽ ﮓ   ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ            ﮚ  ﮛ  ﮜ     ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ    ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ   ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ   ﯚ  ﯛ  ﯜ       ﯝ  ﯞ  ﯟ   ﯠ  ﯡ  ﯢ    ﯣ  ﯤ     ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ      ﯭ  ﯮ  ﯯ     ﯰ  ﯱ  ﯲﯳ  ﯴ  ﯵ   ﯶ  ﯷﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ     ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﭼ )الکهف: ٧٩ - ٨٢ (. وقد یطول هذا الأسلوب أو یقصر على حسب المسائل الواردة، إلا أنه لا یطیل فیها الوقوف کما یطیل فی الوصایا.

ویشکل هذا الأسلوب لونا أدبیا جمیلا، فهو مرادف فی الحقیقة لمعنى الدقة، فالإمام دقیق فی عرض فکرته من خلال هذا الأسلوب التفریعی. وتعدُّ الدقة سمة من سمات البلیغ؛ لأنها تعنی استیفاء الصورة للمعنى لدیه، بحیث لا تجد خللا فیه أو نقصا فی جوانب المعنى المراد إیضاحه من خلاله.

خاتمة الرسائل والوصایا: ویجعل الإمام خاتمة رسائله صیغة (السلام علیک)، وأحیانا یسبقها بعض الجمل العاطفیة کما فی قوله: (اکتب إلیَّ بحالک، واعلم أنک ممن یعجبنی صلاحه وعافیته.... والسلام علیک)، وهذه الصیغة قد تخلو منها بعض الرسائل، و یکتفی منها بالسلام، أما الرسائل التی خلت من خاتمة السلام مطلقا، فهی الأولى والسادسة فقط.

ویرى الباحث أن هذا البناء المتماسک من الشکل الخارجی للنص یقودنا إلى النواة الأولى للمنهجیة العلمیة فی الکتابة الأدبیة، وأن العقلیة التی کتبت وأملت لم تکن إلا انعکاسا لقدرته على التخطیط والتنظیم.

المطلب الثانی: الألفاظ بین الوضوح والغموض.

امتازت الرسائل بالوضوح فی العرض، ویعرف الوضوح بـ "سهولة الوصول إلى ما یریده الکاتب وسرعة فهم مراده، وعدم تعثر العقل فی إدراک مرامیه، وهذا ما یعنیه الأقدمون بقولهم: أن یقع المعنى فی النَّفْسِ فی نفس الوقت الذی یطرق المبنى الأذن"([xi])، وعلیه یکون فی الاتجاه المقابل الغموض، ویختلف الهدف من هذه السمات بحسب مراد الکاتب، فأحیانا یکون الغموض صورة فنیة رائعة یستطیع الباحث توظِّیفها فی خدمة نصِّه، وأحیانا یکون عیبا قادحا لا یمکن أن یخدم النص، وهذا ما یحدده المقام أو السیاق.

وفی رسائل الإمام جابر لا یلبث القارئ کثیرا فی قراءة وفهم نص یعود إلى القرن الأول الهجری، فألفاظه مفهومة وواضحة، عدا ما سقط من خطِّ الناسخ، أو غمض على محققه نقله، وینتقی الإمام کلمات سهلة على المتلقی، ولا نستطیع بحال إحصاء الکلمات السهلة والواضحة؛ لأن الرسائل کلها على نسق متشابه من الألفاظ، لکننا سنورد بعض الألفاظ التی نراها غامضة شیئا ما، رغم أنها قلیلة جدا، وهی:

یهرق: وقد وردت فی قوله: "وأما ما ذکرت من رجل یحرِّک ذکره حتى یهرق.."([xii])، وجاء فی المعاجم: "وأَصل هَراق أَراقَ یُرِیقُ إراقَةً، وهو صب الماء"([xiii]).

غب: وقد وردت فی قوله: "وعند ذلک عرف المتقون غَبَّ التقوى وعاقبتها..."([xiv])، وجاء فی المعجم: "غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه: عاقبتُه وآخِرُه. وغَبَّ الأَمرُ: صارَ إِلى آخِرِهِ"([xv]).

ذلیقة: وقد وردت فی قوله: "فإن الله جعل أولائک ألسنة ذلیقة یستنطقها الله..."([xvi])، وفی المعجم: "یقال: لسان ذَلِقٌ: أی حدید، وفی لسانه ذَلَقٌ وذَلَاقةٌ: أی حدة"([xvii]).

الفساطیط: وقد ورد فی قوله: "وأما ما ذکرت من الإذن والتسلیم فی الفساطیط والأخبیة.."([xviii])، وجاء فی المعجم: "والفُسْطاط: ضربٌ من الأبنیة، والجمیع: الفَسَاطِیط"([xix]).

یخلب: وقد ورد فی قوله: "فإن الله لا ینخدع للناس، ولا یخدع ولا یخلب"([xx])، وجاء فی المعجم: "هی من المُخَادَعَة، وَقِیلَ: الخَدیعَة باللسانِ"([xxi]).

ویرى الباحث أن هذه الألفاظ، رغم ندرتها أمام الکمِّ الهائل من الکلمات الواضحة الجلیة فی الرسائل، إلا أنها لا تعد مشکلة، ولم تکن غامضة فی القرن الأول الهجری، فهی مستعملة کثیرا وشائعة الاستعمال فی زمانه، وحتى بعده.

ولعل المقصد من شدة وضوح ألفاظ الرسائل هو مقامها الفقهی والوعظی، فالإمام لیس بصدد إبراز قصیدة شعریة أو مقامة أدبیة، وإنما کانت رسائله تحمل طابعا فقهیا واجتماعیا، وأحیانا یکون سیاسیا، وهذا المقام یتطلب منه الوضوح وإبراز المعانی فی قالبها المعروف، لا سیما إذا أضفنا إلى هذه الغایة علمَه أن رسائله قد تُقرأ على العامة والخاصة، فهی بمثابة فتوى یعمل بها الناس.

المطلب الثالث: الممیزات الجمالیة

لم تکن الکتابات القدیمة متکلفة فی الصنعة، وهذا راجع إلى طبیعة الکاتب أو المملی، فهو یکتب على طبیعته وسجیته من غیر تکلف أو شقاق فی الألفاظ أو الأسالیب؛ ولذلک اکتسبت النصوص القدیمة؛ لکونها فی الفتوى وتخاطب العامة، فهی تنزل إلى مستویاتهم فی الخطاب، وهذا مما تفرد به الإمام؛ لأنه على ذِکْرٍ من مستویات من یخاطب.

وقد تمیزت رسائل الإمام جابر بن زید بکمٍّ کبیر من:

1)   الروعة فی الأداء.

2)   القدرة على توصیل المعلومة بأقل جهد لغوی.

3)   الولوج إلى قلب القارئ أو السامع من خلال تلک الأسالیب.

وفیما یأتی نماذج منها:

1-   تلطیف فعل الأمر بالجمل الاعتراضیة، کما فی قوله: "واعلم أنک -أصلحک الله- بأرض أکره أن تذکر لی فیها اسما، فلا تروِ شیئا مما کتبت به إلیک، واکتب إلیَّ بما کانت لک من حاجة إلیَّ..."([xxii])، وهو أسلوب یستطیع من خلاله الوصول إلى القلب من خلال الدعاء بصیغة المخاطب، وإفهام القارئ بالفکرة المطلوبة من خلال عرضها بهذا الأسلوب الشائق المحبب إلى النفس.

ومن المواضع التی جمُلَ فیها الأداء والعرض قوله: "واعلم أن العبد لم یمانع مثل الله استنصاحا، ولا أشدَّ حیطة، ولا أعظم مجازاة، ولا أقلَّ مؤونة ومرزیة، وذلک بأن الله له الدنیا والآخرة ومن فیها ومن علیها، فبلغ من غناء الرب العظیم أن أعطى عباده من دنیاه ثم استقرضهم شیئا أعطاهم لیبلو بذلک أخبارهم، وینظر کیف یصنعون فیما آتاهم من فضله"([xxiii])، فلاحظ کیف تعددت جمل العطف فی بدایة الفقرة، وکانت جملا قصیرة، ومعانیها واضحة؛ مما یبعث فی النفس راحة وقبولا من نغمة ألفاظها، وتعدد معطوفاتها، ثم نبصر کیف استطاع ببراعته اللغویة أن یمزج مع النص کلمات مستوحاة من القرآن الکریم: استقرضهم، لیبلو أخبارکم، ینظر کیف تصنعون؛ فتداخل هذه الصور والنصوص أعطى النص روعة وحسنا فائقا فی الأداء، وهو ما یعرف بالاقتباس.

ومن الصور التی جمُلَ فیها الأداء وحسُن قوله: "فإن استطعت ألا تشتغل عن الله وحاجته بحاجة من ضرُّه أقرب من نفعه فافعل، فإنه من یکن فی حاجة الله یکن الله فی حاجته یحفظها کلها، ولا یضیع من حفظه الله، وحسبک الله کافیا"([xxiv])، فانظر کیف امتزج أسلوب الخطاب المباشر، مع فعل الأمر مع النصوص القرآنیة ﭧ ﭨ ﭽﯤ  ﯥ     ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ   ﯯ   ﭼ (الحج: ١٣).

مع کلمات من الحدیث النبوی الشریف: {المُسلمُ أخُو المُسلم لا یظلمُهُ، ولا یُسلمُهُ، من کان فی حاجة أخیه کان اللهُ فی حاجته ومن فرّج عن مُسلمٍ کُربةً فی الدُّنیا، فرّج اللهُ عنهُ بها کُربةً من کُرب یوم القیامة ومن ستر مُسلمًا سترهُ اللهُ یوم القیامة}([xxv])، فشکَّل امتزاج هذه النصوص والأفکار لُحْمة لغویة متماسکة ساعدت على حسن أدائها وبراعة عرضها، فقد اشتملت عبارته على التضاد الوارد فی الضر والنفع، ضمن أسلوب الشرط المبدوء بـ (إن) التی تفید الشک، واستعمالُ الفعل استطاع الدال على مزید بذل، والتوکیدُ الذی أعقب الشرط بالشرط، فمکَّن لفعل الاستطاعة فی القلب، واستعمل الجمل المضارعة المنفیة، وختام الرسالة باسم الفعل حسبک، والتمییز کافیا، فإن الحسب یعنی الاکتفاء والکفایة، فأکَّده بالتمییز.

المطلب الرابع: الاقتباس القرآنی

ومعنى الاقتباس: "هو أن یضمن الکلام شیئا من القرآن أو الحدیث لا على أنه منه"([xxvi])، وهذا یعنی قدرة الکاتب على التسلل إلى أعماق نصه إلى نصوص قرآنیة أو أحادیث نبویة ویوظِّفها توظیفا جیدا فی خدمة النص.

وقد استعمل الإمام جابر بن زید هذا الأسلوب فی مواضع عدة، نوجزها فیما یأتی:

1-              قوله: "حتى یحمل لنا مغفرة الذنوب قبل اللزام والتناوش"([xxvii])، ولفظة التناوش مأخوذة من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ   ﭿ  ﮀ  ﮁ  ﭼ (سبأ: ٥٢).

2-               قوله: "ولا تکن منه على حرف"([xxviii]) وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﮖ  ﮗ     ﮘ  ﮙ     ﮚ  ﮛ  ﮜﮝ  ﯓ  ﭼ (الحج: ١١).

3-               قوله: "فإن الله موفی الصابرین أجرهم بغیر حساب"([xxix])، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﰒ  ﰓ   ﰔ   ﰕ  ﰖ  ﰗ  ﰘ  ﰙ   ﭼ (الزمر: ١٠).

4-               قوله: "والذی اطلع على ما یضمر قلبک، وما تختان عیناک، وما تبدی أو تخفی نفسک، وهو أقرب إلیک من حبل الورید"([xxx])، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ ﭽ ﭚ  ﭛ  ﭜ        ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭼ (ق: ١٦).  وفی هذا الموضع استعمل الإمام الفعل تختان المأخوذ من قول الحق -تبارک وتعالى-: ﭧ ﭨ  ﭽﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ       ﭤ   ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩﭪ  ﮚ  ﭼ (البقرة: ١٨٧)، مع أن الاستعمال العام تخون؛ إلا أن الإمام ترشح ألفاظه بالاستعمال القرآنی، فاستعمل اللفظ الوارد فیه.

5-               قوله: "حتى یدخلنا به جنات النعیم إخوانا على سرر متقابلین"([xxxi])، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ ﭽ ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ   ﯨ   ﯩ  ﭼ (الحجر: ٤٧).

6-               قوله: "فإن الله نازل من الناس على ظنهم به، فالظانون به ظن السوء علیهم دائرة السوء"([xxxii])، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ ﭽﮗ   ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ      ﮝ  ﮞ  ﮟﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣﮤ  ﮯ  ﭼ (الفتح: ٦).

7-               قوله: "فاعرف منزلتک من الله بما تعرف من نفسک، فإن الإنسان على نفسه بصیرة"([xxxiii])، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﯮ  ﯯ      ﯰ  ﯱ    ﯲ  ﯳ  ﭼ (القیامة: ١٤).

8-               قوله فی جواب عن مسألة فی الصیام: "فافطر حتى ترجع إلى دارک التی فیها قرارک، فإن الله یرید بکم الیسر، ولا یرید بکم العسر"([xxxiv])، وهو مقتبس من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ   ﯛ  ﯜ  ﯝ   ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ   ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﭼ (البقرة: ١٨٥).

 

9-               قوله: "فلا نعلم فیه زکاة وإن کثر ثمنه، إلا ما أرید به التجارة، وما تفعلوا من خیر یعلمه الله"([xxxv])، وهو مقتبس من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ   ﭦ  ﭧﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭﭮ  ﭯ   ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭼ (البقرة: ١٩٧).

10-          قوله: "فإنه إن یتق الله یجعل له نورا یمشی به فی الناس، ویکفر عنه سیئاته ویعظم له أجرا"([xxxvi])، وهو مقتبس من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ   ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ   ﮡ  ﮰ  ﭼ (الأنعام: ١٢٢)، وقوله تعالى: ﭧ ﭨ   ﭽﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ       ﰅ  ﰆ  ﰇ  ﰈ  ﰉ   ﭼ (الطلاق: ٥).

11-          قوله: "حتى عرفت الملائکة ومن سواهم من العباد أنْ قد بدا لهم من الله ما لم یکونوا یحتسبون"([xxxvii])، وهو مقتبس من قوله تعالى: ﭧ ﭨ  ﭽ ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ   ﯭ  ﯮ  ﯯ    ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ     ﯸ  ﯹﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ   ﭼ (الزمر: ٤٧).

وأما الاقتباس من الحدیث الشریف، فقد استعملها فی مواضع کثیرة، منها الموضع الآتی:

1-               قوله: "فاقبل ما ترکوا من الدیة وإلا فأوفهم دیَّتهم، فذر ما یریبک إلى ما لا یریبک، والسلام علیک ورحمة الله"([xxxviii])، وهو مقتبس من قول الرسول ﷺ: [دعْ مَا یُرِیبُکَ إِلَى مَا لَا یریبک]([xxxix]).

إذن نحن أمام عدد کبیر من الاقتباسات القرآنیة، وهذا یعکس مدى تشرِّب الإمام جابر من معین القرآن، وتمکنه فی الوصول إلى أخذ مراده من ألفاظه وآیاته وتوظیفها التوظیف المناسب ونصَّه.

المبحث الثانی؛ البناء الداخلی:

المطلب الأول:

أ‌.       الأسالیب اللغویة.

تتنوع الأسالیب اللغویة المستعملة فی الرسائل ومن جملتها:

1-               الجمل الشرطیة: لا یمکن حصر الجمل الشرطیة الواردة فی الرسائل؛ لکثرتها وشیوعها، وسنورد بعض الأمثلة علیها، ثم نشرح أثرها الدلالی على المعنى:

قوله: "فإنا نخبرک من خبرنا أنا سالمون صالحون إن سلمنا وصلحنا من الذنوب.."([xl])، وکذلک مثل قوله: "فإن أتى صاحبک بطعام أجود من غیر أن تشترک على صاحبک فلا بأس بذلک"([xli])، والحقیقة أن أسلوب الشرط وارد أکثر ما یکون فی طیات أجوبته الفقهیة، وهذا التردد الشرطی یعکس صورتین:

الأولى: الدقة فی الجواب والوضوح، فأسلوب الشرط یختصر مسافات الغموض الدلالی، ویعطِی الجواب وضوحا لا لَبْسَ فیه، فیجد القارئ نفسه بین خیارات محدودة لا تردد فیها.

الثانیة: مطلب الاختصار فی الجواب، فالإمام جابر بن زید یجیب على أسئلة وردت إلیه، ومقامه السیاسی أو الاقتصادی لا یسمح له أن یترک أجوبة مفصلة فی المسألة معطیا القارئ احتمالات عدیدة، فهذا لیس مقام تألیف وبحث، وإنما هو مقام فتیا، والفتیا تتطلب الوضوح والاختصار، وهذه الغایة یخدمها أسلوب الشرط بشکل کبیر، لما یتطلبه من أرکانه المعروفة: فعل الشرط وجوابه وأداته.

ومن هذا الأسلوب أیضا: أنموذج الترکیب الشرطی: (إن استطعت... فإن).

وهذا الأسلوب یلتقی مع أسلوب الشرط فی تحقق الفعل وجوابه، إلا أن الملاحظ على هذا الأسلوب هو إضافة الفعل استطعت، وهو فعل تحقق فیه قدرة الاستطاعة، وتاء المخاطب؛ مما یعطی القارئ خصوصیة ودلالة وجلبا للانتباه.

والملاحظ أن هذا الأسلوب تکرر فی العنصر الثانی من عناصر الرسائل الشکلیة، وهو الوصایا، فأثناء الوعظ والتذکیر بالله تعالى یدخل الإمام هذا الفعل المقترن بتاء المخاطب، وتسبقه إن الشرطیة من أجل جلب الانتباه وإحداث نوع من الفضول لدى القارئ؛ لیعرف الاستطاعة المقصودة، ومن أمثلة هذا الأسلوب: "فإن استطعت ألا تشتغل عن الله وحاجته بحاجة مَنْ ضرُّه أقرب من نفعه فافعل.."([xlii])، وقوله: "فإن استطعت ولم تملک ذلک إلا بالله، ألا تموت إلا وأنت مسلم فافعل..."([xliii])، وقد تکرر هذا الأسلوب فی صفحات عدة من الرسائل[xliv]، هذا عدا الأفعال الأخرى التی اقترنت بها أداة الشرط، ولعلَّ تفردَّ هذا الأسلوب فی العنصر الوعظی من الرسائل؛ لأن هذا العنصر فی حقیقته إضافة من الإمام على الجواب، ولیس هو العنصر الرئیس من کتابته للرسالة، فأراد الإمام أن یقترب بها إلى قلوب قارئیها بفعل الاستطاعة الشرطی الواضح.

2-               أسلوب الخطاب: أسلفنا الذکر سابقا عن وضوح الألفاظ والخطابات والأسالیب المستعملة فی الرسائل، وهذه المرة نتحدث عن أسلوب المخاطب الذی جاءت به الرسائل کلها، فرسائل الإمام بکل عناصرها الشکلیة قائمة على أسلوب الخطاب المباشر، سواء أکان باستعمال تاء المخاطبة أم میم الجماعة المخاطبة، أم فعل الأمر المباشر: اعلم، اتق، افعل، اذکر.. وغیرها من أسالیب الخطاب، وهذا یعنی وضوح الرسائل وترکیزها المباشر على المخاطب، فلا وجود للضمائر المستترة، أو أفعال مجهولة، فهی تتضافر مع الأسالیب السابقة فی خدمة النص المباشر.

ویمکن القول إنه یستعمل ثلاثة أسالیب عند الإفتاء، هی: جِدِّیة الرسائل ووضوحها ودقتها.

المطلب الثانی:

ب‌.   العاطفة.

من الملامح الأسلوبیة الفنیة التی اتسمت بها المکاتبات إبان هذا العصر هی صدق الإحساس وحرارة العاطفة، وهو ما یسمى بــ: تصویر الدلالات والتصویر النفسی، وهو: "استدعاء الکلمة خلال تلقیها لمعان إضافیة إلى معناها الحرفی، وبعبارة أخرى: أن یستدعی دالٌّ واحد أکثر من مدلول واحد؛ فی سیاق معین"([xlv])؛ و"ذلک لأن بعض الکلمات تتحمل شحنة عاطفیة غامرة تستشفها منها النفس إلى جانب ما یفهمه منها الفکر"([xlvi])، ولم تکن رسائل الإمام جابر بن زید بعیدة عن هذا العنصر، فقد مزج الإمام رسائله بشحنات عاطفیة مؤثرة وغالبة على جانبه السیاسی والاجتماعی، ومنها ما یأتی:

1-               قوله: "اکتب إلیَّ بحالک، واعلم أنک ممن یعجبنی صلاحه وعافیته"([xlvii]).

2-               قوله: "اکتب إلیَّ بما کانت لک من حاجة، واعلم أنه حبیب إلیَّ توفیقک الرشد، وما ذاک إلا بالله الکبیر"([xlviii]).

3-               "اکتب إلیَّ بما کانت لک من حاجة"، ووردت هذه العبارة ست مرات([xlix]).

4-               "وأما الذی ذکرت تقسم علیَّ أن أکتب إلیک بحاجتی وتخبرنی أنک بها مسرور، فزادک الله من فضله وأوفاک.."([l]).

5-               "واکتب إلیَّ بما کانت لک من حاجة فإنی أحب رضاک راغب فیه.."([li]).

والمتأمل فی هذه العبارات یجدها مشحونة بحرارة العاطفة، ولا تخلو من إحساس مرهف، فالإمام یذَیِّل خاتمة رسائله بطلب المکاتبة مرة أخرى، وکأنه یحاول مَدَّ حبال الوصل بین المرسِل والمرسَل إلیه، وهذه الطلبات عادة لا تتم إلا إذا کان الطرفان یحملان لبعضهما الود والإخاء.

إن المعانی فی الصور الإیحائیة تخاطب الحسّ والوجدان، وتلج إلى القلب من منافذ شتَّى؛ وبذلک تتحقق "وظیفة الفن الأولى، التی هی إثارة الانفعالات الوجدانیة"([lii]). وبما أن الإمام لیس فی مجال نظم الشعر لیستعمل أداة الوزن -مثلا- فی تأثیر العاطفة، فقد استعمل فی نثره أداة أخرى، هی دلالة الألفاظ.

فالألفاظ السابقة حملت ألفاظا عاطفیة مؤثرة، مثل: یعجبنی، حبیب، مسرور، أحب. وما یتبع هذه الألفاظ من أدعیة بالتوفیق والرشد هی دلالات عاطفیة یبثُّها الإمام جابر بن زید عبر هذه الأجوبة، وإذا أضفنا الغربة التی یعیشها الإمام فی البصرة، وحاله السیاسی المکبوت سنفهم مدى صدقه العاطفی فی مراسلة من یحب، وکذلک حرصه الشدید على سریة هذه المحادثات، فهو مثلا یخاطب طریف بن خلید قائلا: "واعلم أنه لا یعجبنی أن تترک لی عندک کتابا إلا محوته، ولا تروِ عنی شیئا مما أکتب به إلیک"([liii]) وقوله: "انظر -أمتع الله بک وغفر لنا ولک- ما کتبت إلیک من کتاب فامحه"([liv])، فهذه العبارات تحمل إحساسا مکبوتا غیر قادر على الظهور أو الإعلان عن مکاتباته.

المبحث الثالث؛ التحلیل اللغوی:

اخترت رسالة واحدة بأرکانها لتمثل أنموذجا؛ لأن الإمام سار على المنهج نفسه فی أغلب رسائله.

مقدمة الرسالة: قال الإمام فی الرسالة الثالثة: "سلام علیک... فإنی أحمد إلیک الله الذی لا إله إلا هو، وأوصیک بتقوى الله العظیم، واطلب بها حاجتک إلى الله، فإن العباد لم یصیِّبوا النجاح لما طلبوا من قبل الله بمثل التقوى..."[lv].

ابتدأ الإمام الرسالة بصیغة السلام: سلام علیک، وقد جاءت الصیغة منکَّرة تدلُّ على الدعاء، وهذا هو مسوِّغ الابتداء بها، وکأن الإمام یحاول أن یجعل البدایة عامة للجمیع، ولیست جوابا للسائل فقط، فالسلام شامل کامل جامع مانع.

وهو یعرف أن جوابه هذا سیصل إلى شریحة کبیرة من الناس، والحقیقة أن صیغة التنکیر فی السلام واردة کثیرا فی القرآن، منها سلام الله للمؤمنین: ﭧ ﭨ  ﭽ ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭼ (یس: ٥٨)،  وکذلک سلام الملائکة للمؤمنین: ﭧ ﭨ  ﭽﯕ  ﯖ   ﯗ  ﯘﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ     ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﭼ (النحل: ٣٢)، وکذلک سلام المؤمنین لأنفسهم: ﭧ ﭨ   ﭽ ﯟ  ﯠ   ﯡ  ﯢ  ﯣ   ﯤ   ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ        ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬﯭ  ﯮ   ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﭼ (إبراهیم: ٢٣)، ونحو ذلک، فهو أسلوب قرآنی یُنزلُ السکینة التامة على قلوب من یتلقاها.

ثمَّ تابع الإمام قوله بعد السلام بــ: فإنی أحمد إلیک الله الذی لا إله إلا هو، وبدایته بـ إنَّ المؤکدة مع یاء المتکلم تدل على تخصیص الإمام واهتمامه الشخصی بمقام من یکاتبه ومنزلته، ثم استعمل الإمام الفعل المضارع أحمدُ؛ للدلالة على التجدد والاستمرار، وأن الحمد متواصل مستمر، وعَدَّاها بحرف الجرِّ إلیک المتصل بکاف الخطاب، وهو تخصیص الحمد لله -تعالى- لیصل إلى الشخص الذی یکتب إلیه، فکأنه یرسل حمدَ الله -تعالى- إلى من یعزُّه، ففی ذلک دلالة على رفعة مکانته، وعلوِّ منزلته، وهکذا کانت بدایته فی الرسالة تدل على الفخامة والرقی فی الخطاب، فهی دعاء یراد منه التعمیم فی زمان ومکان، ثمَّ تخصیص فی الخطاب؛ لبیان رفعته ومکانته، ثمَّ تلطُّف بالدعاء، وورد فیه جملة التوحید: الجملة الاسمیة المصدرة بـ لا النافیة للجنس؛ لما فیها من نفی وإثبات، التی تدل على قدرة الله الذی بیده کل شیء، والسلام کله، ثم أوصاه، ووردت الوصیة بالفعل المضارع الذی یفید فی أصل وضعه الاستمرار، المفضی إلى استحضار التقوى دائما، إذا أرادوا نجاح أعمالهم، وإنجاز مهماتهم، وأنه لا مدخل لإصابة الأهداف وتحقیق المنى والآمال إلا من طریق واحدة، تقوى الله -U.

وقد استعمل فی ترسیخ هذا الفهم وذاک المضمون أسلوبَ القصر، إذ قصر تحقیق تلک المقاصد لتحقیق التقوى أولا، وهو تعلیمٌ فرید لکل سائل ومستفتٍ.

الوصایا: مما قاله الإمام فی هذا الرکن من الرسائل: "... وکلُّ الذی یُصنَع به صغیر فیما یصیب بعد إفضائه إلى ربه الساخط علیه غیر لم یُؤخذ أخذه أحد، ولم یوثق وثاقه أحد، فینسیه الذی لقیَ فی مضجعه ما أصابه عند الموت، وینسیه الذی أصابه من الهوان فی مرقده الذی أصابه عند مبعثه، وینسیه کل الذی سبق إلیه من نار الله الکبرى إن وقف به فی النار أسیرا: یداه إلى عنقه فی الأغلال، ورجلاه موثوقتان إلى ناصیته، علیه کسوة یأکل بعضها بعضا على جلد لا یتمالک الذی یصیبه من الحریق أن یحترق، فیُکسى جلدا غضًّا رقیقًا مع مزید فی الذی ذکر اللهُ وما لم یذکر، وکفى بالذی ذکرَ شقاءً وعذابًا..."([lvi]).

وهذا النص مکتنز بالمعانی الدلالیة والصور البلاغیة والجمال اللغوی فی الصیاغة والتأثیر، فالنصُّ الذی حذفنا منه کثیرا -بسبب طوله- یتکوَّن من جمل متماسکة لغویا سبکًا وحبکًا، تربطها أدوات العطف: الواو والفاء، وکأنه یصنع لُحْمة واحدة یوصلها إلى القارئ بکل یُسْر ووضوح، کما أنه استعان بألفاظ وبنصوص قرآنیة أعطت عُمقًا معنویا کبیرا کما فی: لم یُؤخذ أخذه أحد، ولم یوثق وثاقه أحد، واحتوى النصُّ على کلمات کانت رابطة لفظیا تربط بین جُمَلِها، وتجعلها متناغمة شدیدة الترابط، مثل: یُنْسِیه، التی تکررت ثلاث مرات فی جُمَل متتابعة، ثمَّ أبدع الإمام فی إعطاء صورة بشعة من خلال تصویر العذاب فی داخل جهنم -والعیاذ بالله- إذ ابتدأ بالجملة الاسمیة: یداه إلى عنقه فی الأغلال..؛ للدلالة على الثبوت ولزوم العذاب واستمراره، کما أنه نص مقتبس من القرآن: ﭧ ﭨ   ﭽ ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ   ﭼ (غافر: ٧١)، فهو یوضح تفسیر الآیة فی أسلوب الضمیر الغائب، کما وردت فی الآیة بضمیر الغائب.

وفی هذا دلالة على ضرورة الاستعاذة من النار، والابتعاد عنها حتى فی الخطاب اللغوی وطریقة الحدیث، ثم اختتم الإمام النص بالتمییز: وکفى بالذی ذَکر شقاء وعذابا؛ لما فی التمییز من دلالة أقرب للمعنى، وأوضح للمبنى، وأشمل للدلالة.

ذکرُ السلامة والعافیة: قال الإمام: "أما بعد، فإنا سالمون صالحون إن اتقینا الله بحقه، وقد أتانی کتابک تذکر فیه أنی من أهل ودّک وصنیعتک ومناصحتک لما جعل الله بیننا وبینک من الإسلام، فهو أفضل النسب، وأفضل ما تواصل الناس به وتشبَّث حبلهم بحبله"([lvii]).

ابتدأ هذا الرکن من الرسائل بجملة: أما بعدُ، وهی عبارة عن (أمَّا) الشرطیة التفصیلیة، و(بعدُ) الظرفیة، وهذا الأسلوب عادة یأتی بعد المقدمة فی الرسائل أو الخطب، وهو یأتی قبل مباشرة الخطاب الأساسی للموضوع؛ لذلک سموها بــ فصل الخطاب، وقد أتى بعد ذکر الوصایا لیشرع فی تفصیل ما کُتِبَ لأجله الرسالة.

ثم ذکر الإمام: إنا سالمون صالحون إن اتقینا الله بحقه، وهی جملة اسمیة مؤکدة بــ (إن) المتصلة بالضمیر (نا)، الذی یفید الاعتزاز بذلک، وأنهم ذوو قدم راسخة فی السلامة والصلاح، وقد حملوا النیة فی ذلک، على اعتبار أن اسم الفاعل یحمل النیة، کما فی قوله تعالى: (الذین هم للزکاة فاعلون).

ونلاحظ أن ذکر السلامة جاء مقیَّدا بجملة الشرط: إن اتقینا الله بحقه، وفی ذلک تعبیر قوی عن حقیقة السلامة والصحة فی أنها فی الحقیقة هی المرتبطة بالتقوى، فهو یشترط حصولها حتى یُعَدَّ سالما، وإلا فلا مکانة للسلامة والصحة دون تحقق التقوى؛ ولذلک استعمل اسم الفاعل: سالمون، صالحون؛ للدلالة على أنَّ تقریر السلامة والصحة متقرِّرٌ بیده، وقوام ذلک التقوى.

ثم عطف الإمام الجملة بقوله: وقد أتانی؛ مستعملا (قد) التحقیقیة المرتبطة بالفعل الماضی، وهی تفید تأکید وصول الکتاب، ونلاحظ أن الإمام استعمل ضمیر الخطاب (الکاف) فی هذه الفقرة القصیرة خمس مرات، وکذلک استعمل ضمیر المتکلم خمس مرات، وهو تکافؤ فی حسن الحدیث وتناغم الخطاب، مع ذکر صیغة التفضیل (أفعل) مرتین برهانا على مکانة الإسلام فی وصل الأنساب، وتقویة حبال الود ووشائج الإخاء.

الجواب الفقهی: قال الإمام فیهذا الرکن: "أما الذی ذکرت من رجل لا یعرف له وارث إلا أم له مملوکة فعتقت قبل أن تقسم المیراث فإن والدته ترثه إن لم یکن أحد أحرز المیراث لحقه..."([lviii]).

یمضی الإمام فی أجوبته الفقهیة بهذا الأسلوب المحتوی على أما التفصیلیة التی تتطلب حوابا مرتبطا بالفاء، وهو أسلوب واضح یجعل المخاطب أمام جواب محکم ومقیَّد بکلمات مختصرة، کما أنه یجعل کل مسألة فی فقرة قصیرة مبدوءة بــ (أما) التفصیلیة، وهو تنظیم مثالی فی الجواب، یجعله مفهوما، یرسخ فی الذهن والعقل، ویُتذکر کلما عاود السائلَ أو المستفتی.

الخاتمة: قال الإمام فی ختام الرسالة: "واکتب إلیَّ بما کانت لک من حاجة، واعلم أنه حبیب إلیَّ توفیقک الرشدَ، وما ذاک إلا بالله الکبیر. نسأل الله الکبیر المتعال أن یوفقنا وإیاک للتی هی أحسن حتى یرضى بذلک عنا، والسلام علیک ورحمة الله"([lix]).

تتکون الخاتمة عادة من ذکر السلام، فکأن الرسالة تقع بین مفتاح السلام، وقُفْل السلام، وهو مطلعٌ رائق یرشح عنه تأثر الإمام کثیرا بحقیقة السلام والصحة والعافیة التی تتکرر کثیرا فی کل رسائله من مطلعها مرورا بوسطها، وانتهاء بخاتمتها.

وکانت بدایة فقرة الختام بواو العطف للربط بین الجواب والخاتمة، وکذلک استعماله فعل الأمر: اکتب إلیَّ، المتعلق به یاء المتکلم، أی: اکتب إلیَّ ما ترید، وأرسل به إلیَّ أُجبْک، وفیه کنایة عن سعة العلم والتبحر فیه، وأن السائل عندما یرتکن فی سؤاله یرتکن إلى رکن شدید وعلم أکید، وفی ذلک تخصیص واستعراض رغبة الإمام شخصیا فی خدمة مَنْ کتب إلیه بحاجاته، وأنه واجدٌ ظهرا قویا، وسندا صفیًّا، مستعملا الصفة المشبهة حبیب المتعلق بها یاء المتکلم، وکذلک استعمال المصدر توفیقک فاعلا للخبر حبیب متعدیا إلى مفعول به الرشدَ، وهذه الجملة: واعلم أنه حبیب إلیَّ توفیقک الرشدَ؛ تعد غایة فی التداخل النحوی والتعلق اللفظی، فوقوع حبیب خبرا لـ (أنَّ)، ورورد توفیقک مصدرا مضافا إلى فاعله ناصبا مفعوله على شاکلة قوله -تعالى-: ﭧ ﭨ  ﭽ ﮥ   ﮦ  ﮧ    ﯫ   ﭼ (المائدة: ١٣)،  وکما تقول: یسرنی احترامک والدیک، أی: توفیقک إلى الرشد وصواب الطریق.

فقد عملت الصفة المشبهة حبیب فی المصدر بعدها فاتخذته فاعلا لها، وهو فاعل مضاف -کما سبق- إلى فاعله ناصب لمفعوله، وفی الجملة: فهو أمر یجعل ختام الکلام أشبه بدعاء أن یوفق إلى الرشد، وثبات القلب على الطریق المستقیم، فبدأت بالسلام، وختمت بالدعاء، وبینهما الجواب مختصرا، وهو منهج قویم فی الفتیا یدفع إلى الاستقامة والرضا والعود الصادق إلى الطاعة وحسن الالتزام.

الخاتمة ونتائج البحث:

لم تکن رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی رسائل فقهیة عادیة، أو أجوبة مختارة فحسب، وإنما کانت رسائل تحمل فی طیَّاتها سمات وخصائص أدبیة ولغویة، فعندما یخرج نص فی القرن الأول الهجری بهذه القوة من التماسک والمنهجیة الثابتة فی صیاغته وکتابته، فهذا یُنبِئ عن عقل واع مفکر، ودربة لغویة قادرة على اختیار المنهجیة الواضحة؛ ولذلک کان الشکل الخارجی للرسائل ثابتا وقویا حتى نستطیع القول بوجود خطة بحث یمشی علیها فی الکتابة والتألیف.
اتبَّع الإمام جابر بن زید أسلوب التفریع فی الإجابة على الأسئلة الفقهیة، وهو أسلوب قرآنی یتمیز بوضوحه فی إزالة اللبس، ورفع الإشکال عن السائل.
اعتمد الإمام أسالیب الخطاب المباشر، وأکثر من أفعال الأمر وکاف الخطاب؛ لأجل التأثیر، وخلْق أسلوب القُرْب النفسی والذهنی، وهذا أسلوب یجذب الأذهان، ویقرِّب الأفهام، ویمنع زوال العقل فی شیء غیر المکتوب أمامه.
أکثر الإمام جابر بن زید من استعمال أسلوب الشرط فی رسائله، وخصص الفعل استطعت فی أسلوب الشرط کثیرا؛ لأجل مزج الشرط بالخطاب، ومزج الخطاب المباشر بالاستطاعة.
تشبَّع الإمام بجمل وتراکیب البنیة والأسالیب القرآنیة، حیث استعمل البنیة الصرفیة القرآنیة کثیرا کما فی: تختان، والتراکیب اللغویة، والاستعمالات التی تنتشر فی القرآن الکریم، ووظَّفها سیاقیا.
استعمل الإمام ألفاظ التأثیر العاطفی کثیرا؛ للإشارة إلى بعض الأوضاع الاجتماعیة والسیاسیة التی تمر بها تلک الحقبة الزمنیة، کما أنها تعکس جانبا من شخصیته القیادیة.
تمیَّزت الرسائل بروعة العرض، وجمال الأداء، وقدرته اللغویة على التأثیر النفسی، لا سیما فی العنصر الثانی؛ أی الوصایا، واستغلَّ إثارة العاطفة فیها، وهذا یعکس حضور الإیمانیات لدیه، ووجوب ربطها بکل علم سواء أکان فقهیا أم عقدیا أم غیره.

([i]) ینظر: الجعبیری، فرحات بن علی، مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، مکتبة الضامری، ط1، 1434هـ-2013م، الصفحات: ص39 ص44.

([ii]) ینظر: خلیفات، عوض، نشأة الحرکة الإباضیة، عمَّان، 1978م، ص86.

([iii]) ینظر: بکُّوش، یحیى محمد، فقه الإمام جابر بن زید، دار الغرب الإسلامی، بیروت، 1407هـ-1987م، الصفحات: ص9 إلى ص77.

([iv]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص24 ص25.

([v]) ینظر: الدرجینی، أحمد، طبقات مشائخ المغرب، تح: إبراهیم طلای، مطبعة البحث، قسنطینة، الجزائر، ج2، ص211.

([vi]) البطاشی، سیف، إتحاف الأعیان فی تاریخ بعض علماء عمان، ط3، 1431هـ- 2010م، ج1، ص79.

([vii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص27.

([viii]) نفسه، ص74.

([ix]) نفسه، ص27.

([x]) نفسه، الصفحات: ص137 ص156.

([xi]) شعیب، محمد عبدالرحمن، الفکرة فی الأدب، دار التألیف، القاهرة، 1975م، ص138.

([xii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص76.

([xiii]) ابن منظور، لسان العرب، ج10، ص366 (هرق).

([xiv]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص82.

([xv]) ابن منظور، لسان العرب، ج1، ص636 (غبب).

([xvi]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص103.

([xvii]) الحمیری، نشوان بن سعید، شمس العلوم، ج4، ص2290 (ذلق).

([xviii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص108.

([xix]) شمس العلوم، ج5، ص5186 (فسط).

([xx]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص124.

([xxi]) ابن منظور، لسان العرب، ج1، ص363 (خلب).

([xxii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص102.

([xxiii]) نفسه، ص106.

([xxiv]) نفسه، ص83.

([xxv]) الطبرانی، سلیمان بن أحمد بن أیوب بن مطیر اللخمی الشامی، المعجم الکبیر، تح: حمدی عبدالمجید، ط2، مکتبة ابن تیمیة، القاهرة، 1994م، رقم13137، ج12، ص287.

([xxvi]) القزوینی، جلال الدین أبو عبدالله محمد بن سعد الدین بن عمر القزوینی، الإیضاح فی علوم البلاغة، دار إحیاء العلوم، بیروت، ط4، 1998م، ص381.

([xxvii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص78.

([xxviii]) نفسه، ص91.

([xxix]) نفسه، ص97.

([xxx]) نفسه، ص111.

([xxxi]) نفسه، ص121.

([xxxii]) نفسه، ص124.

([xxxiii]) نفسه، ص130.

([xxxiv]) نفسه، ص141.

([xxxv]) نفسه، ص148.

([xxxvi]) نفسه، ص150.

([xxxvii]) نفسه، ص151.

([xxxviii]) نفسه، ص142.

([xxxix]) رواه ابن حبان فی صحیحه رقم722، تح: شعیب الأرنؤوط، مکتبة الرسالة، بیروت، ط1، 1408هـ- 1998م، ج2، ص498، والترمذی رقم2518، تح: أحمد محمد شاکر وآخرون، دار إحیاء التراث العربی، بیروت، ج4، ص668.

([xl]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص78.

([xli]) نفسه، ص135.

([xlii]) نفسه، ص83.

([xliii]) نفسه، 104.

([xliv] ) وردت فی الصفحات الآتیة: (83، 92، 93، 103، 104، 111، 118، 124، 128، 130).

([xlv]) محمد، الولی، الصورة الشعریة فی الخطاب البلاغی، المرکز الثقافی العربی، بیروت، ط1، 1990م، ص184.

([xlvi]) شعیب، محمد عبدالرحمن، فی النقد الأدبی الحدیث، دار التألیف، القاهرة، ط1، 1967م، ص201.

([xlvii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص81.

([xlviii]) نفسه، ص90.

([xlix]) نفسه، الصفحات: (96، 102، 114، 117، 119، 136).

([l]) نفسه، ص112.

([li]) نفسه، ص136.

([lii]) ینظر: قطب، سید، النقد الأدبی أصوله ومناهجه، دار الشرق، (بیروت-القاهرة)، ط5، 1403هـ- 1983م، ص131.

([liii]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص126.

([liv]) نفسه، ص136.

([lv]) نفسه، ص82.

([lvi]) مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید الأزدی، ص85.

([lvii]) نفسه، ص85 ص86.

([lviii]) نفسه، ص86.

([lix]) نفسه، ص90.
 

البطاشی، سیف، إتحاف الأعیان فی تاریخ بعض علماء عمان، ط3، 1431هـ-2010م.
ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التمیمی (المتوفى: 354هـ)، الإحسان فی تقریب صحیح ابن حبان، تحقیق: شعیب الأرنؤوط، مکتبة الرسالة، ط1، بیروت، 1408هـ-1998م.
ابن منظور، محمد بن مکرم بن منظور الأفریقی المصری، لسان العرب، ط1، دار صادر، بیروت.
الأزهری، أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر، تهذیب اللغة، تحقیق: أحمد البردونی، الدار المصریة للترجمة والتألیف.
بکُّوش، یحیى محمد، فقه الإمام جابر بن زید، دار الغرب الإسلامی، بیروت، 1407هـ-1987م.
الترمذی، محمد بن عیسى أبو عیسى الترمذی السلمی، تحقیق: أحمد محمد شاکر وآخرون، دار إحیاء التراث العربی، بیروت.
الجعبیری، فرحات، مقدمة تحقیق رسائل الإمام جابر بن زید، مکتبة الضامری، ط1، 1434هـ- 2013م.
الحمیری، نشوان بن سعید الحمیری الیمنی (ت: 573هـ)، شمس العلوم ودواء کلام العرب من الکلوم، تحقیق: د حسین بن عبد الله العمری ومطهر بن علی الإریانی و د. یوسف محمد عبد الله، ط1، دار الفکر المعاصر، بیروت، دار الفکر، دمشق، 1420 هـ-1999م.
خلیفات، عوض، نشأة الحرکة الإباضیة، عمَّان، 1978م.
الدرجینی، أحمد، طبقات مشائخ المغرب، تحقیق: إبراهیم طلای، مطبعة البحث، قسنطینة، الجزائر.
شعیب، محمد عبدالرحمن، الفکرة فی الأدب، دار التألیف، القاهرة، 1975م.
شعیب، محمد عبدالرحمن، فی النقد الأدبی الحدیث، ط1، دار التألیف، القاهرة، 1967م.
القزوینی، جلال الدین أبو عبدالله محمد بن سعد الدین بن عمر القزوینی، الإیضاح فی علوم البلاغة، ط4، دار إحیاء العلوم، بیروت، 1998م.
قطب، سید، النقد الأدبی أصوله ومناهجه، ط5، دار الشرق، (بیروت، القاهرة)، 1403هـ- 1983م.
محمد، الولی، الصورة الشعریة فی الخطاب البلاغی، ط1، المرکز الثقافی العربی، بیروت، 1990م.
الطبرانی، سلیمان بن أحمد بن أیوب بن مطیر اللخمی الشامی، المعجم الکبیر، تحقیق: حمدی عبدالمجید، ط2، مکتبة ابن تیمیة، القاهرة، 1994م.