منهج العلامة الشیخ منصور بن ناصر الفارسي في العقیدة والأصول والفقه والسلوک: کتابه (عنوان الآثار) ورسالته (الدلیل الواضح في حط الجوائح) أنموذجاً

الباحث المراسلأ.د. محمود مصطفى عبود آل هرموش جامعة الجنان بطرابلس لبنان

تاريخ نشر البحث :2022-11-10
الإحالة إلى هذه المقالة   |   إحصائيات   |   شارك  |   تحميل المقال

 

بسم الله الرحمن الرحیم، والحمد لله ذی السلطان القدیم والعرش العظیم، وأفضل الصلاة وأتم التسلیم على النبی الرؤوف الرحیم، سیدنا محمد وعلى آله الطیبین وصحبه المیامین والسائرین على صراطهم المستقیم، وبعد:

   فإن الله قد أخذ على العلماء العهد والمیثاق بأن یقوموا بنشر العلم وتبلیغه لأهله ولا یکتموا منه شیئاً، قال تعالى: }وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَکْتُمُونَهُ{ (آل عمران: 187).

فکان الناس إزاء ذلک طوائف ثلاثاً:

-       طائفة تعلَّمت العلم وعمِلَت به وعلَّمَتْه.

-       وأخرى تعلَّمَته وعلَّمَتْه ولم تعمَل به.

-       وثالثةٌ تعلَّمَته ولم تُعَلِّم ولم تعمَل.

    وقد أشار النبی صلى الله علیه وسلم  إلى ذلک بقوله: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِی اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ کَمَثَلِ غَیْثٍ أَصَابَ الْأَرْضَ، فَکَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْکَلَأَ وَالْعُشْبَ الْکَثِیرَ، وَکَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ قَدْ أَمْسَکَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَرَعَوْا وَسَقَوْا، وَأَصَابَتْ طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِیَ قِیعَانٌ فَلَا تُنْبِتُ کَلَأً، کَذَلِکَ مَثَلِی وَمَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِی دَیْنِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِی اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ یَرْفَعْ بِذَلِکَ رَأْسًا وَلَمْ یَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِی أُرْسِلْتُ بِهِ»([1]).

    ونحسب الشیخ الفارسی من الطائفة الأولى التی تلقت العلم وبذلته للناس وعملت به، فنفع الله به العباد والبلاد، رحمة الله تعالى علیه.

منهج الفارسی رحمه الله فی («عنوان الآثار» ورسالة الجوائح)

     لم یتیسر لی الاطلاع على مؤلفات العلامة منصور بن ناصر الفارسی سوى کتاب ورسالة، أما الکتاب فهو: «عنوان الآثار»، والرسالة هی: «الدلیل الواضح فی حط الجوائح»، وقد تبین لی مسلکه ومنهجه من خلال هذین المصدرین، وسوف یدور الکلام على المحاور التالیة:

1-  المحور الأول: فی العقیدة.

2- المحور الثانی: فی ورعه وزهده.

3- المحور الثالث: فی إیراده القواعد الفقهیة.

4- المحور الرابع: فی استعماله القواعد الأصولیة.

5- المحور الخامس: فی موقفه من مسألة حط الجوائح.

المحور الأول: العقیدة

    تمیزت کتب الإباضیة بمیزة فریدة لا سیما کتب المجامع منها بتخصیص مقدمة أو باب أو فصل فی مسائل العقیدة کما تلحظ ذلک فی کتاب «قاموس الشریعة» للعلامة جمیل السعدی، وکتاب «بیان الشرع» للعلامة محمد بن إبراهیم الکندی، وکتاب «المصنف» للعلامة أحمد بن عبد الله الکندی، وکتاب «الجامع» لابن برکة، وکتاب «معارج الآمال» للعلامة السالمی.

   وکانت الغایة أن یواکبوا فی التصنیف بین الفقه الأکبر وهو علم العقیدة والفقه الأصغر وهو معرفة الأحکام الشرعیة وطرق استنباطها من الأدلة الجزئیة.

-       أهم المسائل التی تطرق إلیها العلامة منصور الفارسی:

1-  المسألة الأولى: دلائل معرفة الله تعالى

     قال: ومن الأثر قیل: (جاء رجل إلى جعفر بن محمد فقال له: هل رأیت الله مذ عبدته؟ فقال له: ما کنت أعبد شیئا لم أره. فقال له: کیف رأیته؟ فقال له: لا تراه الأبصار بشهادة الأعیان، ولکن رأته القلوب بحقائق الإیمان، لا یدرک بالحواس، ولا یقاس بالناس، معروف بالآیات، وموصوف بالعلامات، ولا یجور فی أقضیته، هو الله الذی لا إله إلا هو)([2]).

   فانظر کیف فهم جعفر الصادق علیه السلام قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﱠ (الحشر: 22) تنزیهه عن الأنداد والأشباه والأمثال. وقوله: «لا تراه الأبصار بشهادة الأعیان»، وقوله: «رأته القلوب بحقائق الإیمان»، دلیل على تقریر العلامة الفارسی عقیدة التوحید القائمة على التنزیه البعیدة عن التشبیه والتجسیم، وکأنه یرید أن یقدم لطالب العلم جرعة إیمانیة فی أول مناسبة فی هذا الکتاب النافع.

    ثم ذکر أثرًا یروى عن العالم الربانی شقیق البلخی رحمه الله، یقول شقیق: «لو أن رجلًا عاش مائتی سنة، ولا یعرف هذه الأربعة أشیاء، فلیس شیء أحق به من النار، أولهن: معرفة الله تعالى، والثانی: معرفة العمل لله تعالى، والثالث: معرفة نفسه، والرابع: معرفة عدو الله ومعرفة عدو نفسه». فأما معرفة الله تعالى فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذی تحق له العبادة فإنه لا معطی غیره ولا مانع سواه. وأما معرفة العمل لله تعالى: فأن یعرف ما تعبّده الله به، وأنه لا یقبل من عمله إلا ما کان خالصًا لوجهه. وأما معرفة نفسه: فأن یعرف ضعفه، وأنه لا یستطیع رد شیء مما یقضی الله به علیه. وأما معرفة عدو الله وعدو نفسه: «فهی أن یعرفه فی السر فیحاربه بالمعرفة حتى یکسره»([3]). وفی هذا النص تربیة للمرید على السلوک الإیمانی الذی یحصن طالب العلم عن الهوى ومسالک الشیطان؛ لیکون عبدًا لله تعالى، وهذه التربیة السلوکیة هی ما یمتاز بها الفقه الإباضی.

2-  المسألة الثانیة: مسألة الاختلاف من عبد الاسم دون المسمى.

    قال: ومن جواب الإمام العلامة سعید بن خلفان الخلیلی رحمه الله: «ویوجد فی بعض الآثار، قیل: إنما یعبد الله من یعرف ما الله، وأما من لا یعرف ما الله فإنه یعبد غیر الله، ومن عبد غیر الله فقد أشرک بالله، لا یدرک بعقد ضمیر ولا بإحاطة تفکیر. وقیل: من عبد الله بتوهم القلب فهو مشرک، ومن عبد الاسم دون الصفة فقد أحال على غائب، ومن عبد المعنى بحقیقة المعرفة فهو مؤمن».

    ومن ضمن الجواب: (أما قوله: لا یعبد الله من لا یعرف الله فلیس بصحیح ولا یجوز لأحد أن یدعی أنه یعرف ما الله، وأما قوله: ومن عبد الله بتوهم القلب بأن توهمه صورة یتخیلها فعبد ذلک الخیال الوهمی فهو مشرک کما ذکر. قال: ومن عبد الاسم فقد أحال على غائب؛ لأن حقیقة الاسم غیر المسمى إلا إذا أراد بالاسم نفس الکلمة والحروف المقطعة والصوت المسموع فهو غیر الله تعالى، قال: ومن عبده بحقیقة المعرفة أی عبد المسمى وهو الله بحقیقة المعرفة فهو مؤمن)([4]). قلت: ومسألة: «هل الصفة عین الذات أو غیر ذات متعلقة بالذات؟» اختلف فیها کبار العلماء، بل اختلف فیها الأشاعرة أنفسهم، منهم من وافق الشیخ الفارسی، ومنهم من قال هی لیست نفس الذات ولا غیر الذات ولکنها متعلقة بالذات، وهی من أغمض المسائل المشکلة فی علم الکلام، فقد ذکر شیخ الإسلام العز بن عبد السلام أن الله یعذر فیها وفی مثلها العوام([5])، فاجتزى منهم عدم معرفة دلائلها، ولم یطالبهم فی الخوض فیها، فیکفی المؤمن أن یعتقد أن الله هو الواحد الأحد المعبود بحق، والذی اتصف بکل صفات الکمال، وتنزه عن کل صفات النقص .لکن الذی یتوهم ویتخیل جسمًا أو خیالًا أو صورةً فهو عابد صنم.

3- المسألة الثالثة: عدم الخوض فی حقیقة الذات والصفات

    قال رحمه الله: «وقالوا: اتصف الله بأنه قادر مرید، وسکتوا فی حقیقة معانی هذه الصفات کما اقتصروا على معرفة وجود الذات عن معرفة حقیقتها»([6]).

    هذه القاعدة تمثل عقیدة الصحابة والتابعین وتابعیهم بإحسان إلى یوم الدین، فقد آمن السلف الصالح بصفات الله، ولم یبحثوا فی معانیها؛ لأن الصفة تابعة للموصوف وهو الله وذاته غیر معروفة وکذلک صفاته. وباب الصفات باب متشابه، والمتشابه هو ما استأثر الله بعلمه، فنؤمن بصفات الله على مراد الله تعالى، قال اللقانی فی الجوهرة:  

  وکل نص أوهم التشبیها          أوله أو فوض ورم تنزیها

    ولما ذکر الذهبی رحمه الله قول ابن خزیمة: «من لم یؤمن أن الله على عرشه فوق سبع سماواته فهو کافر، حلال الدم وکان ماله فیئًا»، علق علیه بقوله: «وَلابْنِ خُزَیْمَةَ عَظَمَةٌ فِی النُّفُوْسِ، وَجَلاَلَةٌ فِی القُلُوْبِ؛ لِعِلمِهِ وَدِینِهِ وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ. وَکِتَابُه فِی (التَّوحیدِ) مُجَلَّدٌ کَبِیْرٌ، وَقَدْ تَأَوَّلَ فِی ذَلِکَ حَدِیْثَ الصُّورَةِ([7]).فَلْیَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا السَّلَفُ، فَمَا خَاضُوا فِی التَّأْوِیْلِ، بَلْ آمَنُوا وَکَفُّوا، وَفَوَّضُوا عِلمَ ذَلِکَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه، وَلَوْ أَنَّ کُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِی اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِیْمَانِهِ، وَتَوَخِّیْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ یَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِیْعَ بِمَنِّهِ وَکَرَمِهِ»([8]). فما أحسن هذا الکلام! وهذا تمام ما نص علیه العلامة منصور الفارسی رحمه الله.

4 - المسألة الرابعة: مسألة خلق القرآن

     ذکر العلامة منصور بن ناصر الفارسی عن الشیخ سعید بن خلفان أنه سئل هل القرآن مخلوق أو غیر مخلوق؟  ثم ذکر جوابه فقال: «القرآن کلام الله ووحیه وتنزیله وهذا الاعتقاد کاف فیه»  قلت: وهذا الکلام لم یعلق علیه الشیخ الفارسی، وهو دلیل على أنه رضیه وهو کلام نفیس. ویکفی العامی أن یعتقد هذا القدر فی کتاب الله، وقد اختلف أهل الإسلام فی کلام الله تعالى وجاءت مذاهبهم على طرفین وواسطة:

الطرف الأول: أنکر أن یکون لله کلام قدیم([9])، وهم المعتزلة وهم غلاة النفاة.

الطرف الثانی: ذهب إلى أن القرآن قدیم حتى الورق والجلد والعلاقة، وهم غلاة المثبتة.

والواسطة فرقوا بین صفة الکلام القائمة بذات الله، وبین القرآن المکتوب فی المصاحف والمقروء بالأصوات، فقالوا: هذا مخلوق ولو کان قدیما لما صح أن یقوم بالمخلوق وهو المصحف، لذلک قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق، وهذا مذهب صحیح، فإن ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وکذلک الحروف التی کتب بها القرآن وهذا قول الإباضیة، وفریق کبیر من الأشاعرة والفقهاء والمحدثین. وأثبت الفریق الآخر الکلام النفسی لله تعالى، وبکل حال فإن هناک فریقًا من العلماء آثروا التوقف فی هذه المسألة من الإباضیة کالشیخ ماجد بن خمیس العبری، والشیخ سعید بن خلفان الخلیلی، وصاحب قاموس الشریعة الشیخ خمیس بن جمیل رحمهم الله تعالى؛ لأنهم رأوها من فضول علم الکلام، ولیست من أصول الدین ولا فروعه. لذلک فقد قال الإمام الشوکانی رحمه الله: «بل مسألة الخلاف فی کلام الله سبحانه، وإن طالت ذیولها، وتفرق الناس فیها فرقاً، وامتُحِن بها من امتُحِن من أهل العلم، وظنّ من ظنّ أنها من أعظم مسائل أصول الدین، لیس لها کبیر فائدة، بل هی من فضول العلم، ولهذا صان الله سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعین وتابعیهم عن التکلم فیها»([10]). لذلک یکفی الإنسان أن یعتقد أن القرآن کلام الله ووحیه إلى نبیه، للعمل بمحکمه، والإیمان بمتشابهه.

5 -المسألة الخامسة انقسام الناس یوم القیامة:

    عقد العلامة منصور رحمه الله مسألة عقدیة حول انقسام الناس یوم القیامة فقال: هم فریقان لا ثالث لهما قال تعالى: ﱡ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ  ﲕ ﱠ (الشورى: 7).

    قال: والأعراف لیس منزلة ثالثة ولا هی محل ولا مسکن ولا مقام یدوم لمن هم علیه، وإنما یمکن أن یکونوا علیه حینًا من الزمان، ینظرون إلى من یقضى له بالجنة أو یقضى علیه بالنار، ثم یرجعون إلى منازلهم ومقاماتهم، قال: «ولا نعلم أن أحدا یدعی فی أهل الأعراف أنهم أهل منزلة ثابتة لهم هنالک، فتکون فرقة من الناس لا فی الجنة ولا فی النار»([11]).

    وفی هذه القاعدة المهمة رد على المعتزلة فی اعتقادهم منزلة بین منزلتین([12]) وظاهر القرآن مع قول الشیخ الفارسی، فإن الله تعالى قال: ﱡ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ  ﲕ ﱠ  (الشورى: 7).

    ومن هنا نرى أن الشیخ الفارسی حرص فی تقریر العقائد على موافقة المنقول والمعقول، ولم یکن ذلک المقلد الذی یتبع المذهب فی جمیع تفاصیل عقیدته، فظهرت شخصیته المستقلة فی بحثه العقدی، وکان یمیل إلى التفویض وعدم البحث وراء ما یفیده النص الشرعی، وهو بذلک ینهج منهجاً وسطیاً بین غلاة أهل الأثر والنقل، وغلاة أهل النظر والعقل.

المحور الثانی: فی ورعه وزهده وفقه نفسه:

     اتصف العلامة منصور بن ناصر رحمه الله تعالى بالورع، وفقه النفس، وهذه السمة موجودة عند أئمة الإباضیة عمومًا، وهی من أهم ما یتمیز بها العلماء الربانیون. والمستقرئ لکتاب «عنوان الآثار» یقف على کثیر من الأمثلة على ذلک، وقد ذکر الشیخ آثاراً وأقوالاً فی فضل الورع، منها: «لکل شیء وعاء ووعاء العلم الورع»([13]).

     ومن فقه النفس عند الشیخ رحمه الله: ترکیزه على العمل بالعلم، فقد روى فی ذلک حدیثا عن النبی صلى الله علیه وسلم: «ویل لمن لم یعلم مرة، وویل لمن یعلم ولا یعمل مرتین»([14]).

    قال: وعنه صلى الله علیه وسلم: «من تعلم العلم لیباهی به العلماء أو یماری به السفهاء، لقی الله یوم القیامة وهو علیه غضبان»([15])، وفی روایة أخرى: وهو «خائب من الحسنات»([16])، ومن فقه النفس عنده إخلاص العمل کله فی علم وغیره لله تعالى. قال رحمه الله: «ولا ینفع العبد من علم ولا غیره من جمیع الأعمال إلا ما کان خالصًا لوجه الله، وذلک معنى قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحَىٰ إِلَیَّ أَنَّمَا إِلَٰهُکُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ کَانَ یَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﱠ (الکهف: 110)»([17]).

    وتکلم عن ذکر الله تعالى، وعن تلاوة القرآن الکریم، وحضور القلب وخشوعه([18]). وتحدث عن فضل العزلة، ومتى تکون أفضل من الخلطة، ومتى تکون الخلطة أفضل من العزلة، ورکز على مخالطة العلماء.([19])

     ومن فقه النفس تشدده فی الفتوى، فقد روی من طریق الإمام جابر بن زید رضی الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: «من أفتى فی مسألة أو فسر رؤیا بغیر علم کان کمن وقع من السماء إلى الأرض فصادف بئرًا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق»([20]).

    قلت: وقد نص الأصولیون على أنه من فقد آلة الاجتهاد لا یصح له الاجتهاد حتى لو أصاب الحق؛ لأن إصابته للحق من جرأته على دین الله، ولیس عن معرفة دلیل. ومن فقه النفس: الزهد فی الدنیا، فقد ذکر مسألة فی المبتلى بحدیث النفس فیما یأتی من أمور الدنیا، فقال: «کل من ابتلی بهذا فلا علاج له إلا الزهد فی الدنیا والتفرغ للآخرة؛ حتى لا تکون الدنیا منه على بال، وهذه خصلة نحن لم نبلغها ولله رجال! ونستغفر الله تعالى من جمیع التفریط والتقصیر، ونسأله اللطف والمغفرة»([21]).

    وهذا من أدبه وتواضعه، وهو مثال عملی على فقه نفسه وورعه وأدبه.

المحور الثالث: فی إیراد القواعد الفقهیة

   من استقرأ کتاب عنوان الآثار وقف على عشرات القواعد الفقهیة، أذکر طرفا منها:

   الضمان بالتفریط([22]).
   لا تقیة فی الصلاة([23]).
   یرتکب أهون الضررین([24]).
   فی المعاریض مندوحة من الکذب([25]).
   عند الشک یصار إلى الیقین([26]).
   یقدم حق العبد على حق الرب، لأن حق الرب مبنی على المسامحة وحق العبد مبنی على المشاحة([27]).
   النیة تغیر الحکم([28]).
   الأعمال بالنیات أو الأمور بمقاصدها([29]).
   الخطأ فی النفس والأموال مضمون([30]).
   العجماء جرحها جبار([31]).
   لا ضرر ولا ضرار([32]).
   المعاریض خیر من الکذب([33]).
   الورع خیر لمرید الآخرة([34]).
   إذا ضاق الأمر اتسع([35]).
    ترتکب المفسدة الصغرى لدفع المفسدة الکبرى([36]).
   الخطأ فی الصلح یوجب الضمان([37]).
   القلیل عفو فی الشرع([38]).
   لا ضمان على المحتسب([39]).
   ضمان الصبی من خطاب الوضع لا التکلف([40]).
    البینة على المدعی([41]).
   المفلس لا یحبس([42]).
   عقد النکاح قائم على الرضا([43]) فإذا عیب الرضا انفسخ.
   الأعمى والبصیر فی الذمم سواء([44]).
   الخطأ مرفوع أی الإثم([45]).
   التأسیس أولى من التوکید([46]).
   المعول على المقاصد([47]) وهی فی معنى الأمور بمقاصدها.
   المشقة تجلب التیسیر([48]).
   أمر الفروج على التشدید([49]).
   الخروج من شبهة الخلاف أولى([50]).
   لکل نازلة حکم([51]).
   شهرة الحق مقبولة([52]).
   الشهرة فی النسب والموت([53]) وقیل فیما سوى ذلک الشهادة.
   بیع ما لا یملک حرام([54]).
   لا یصح بیع وشرط([55]).
   لا یثبت بیعان فی بیع([56]).
   إذا لزم من الأمرِ بالمعروف، والنهیِ عن المنکر، والإصلاحِ بین الناس فتنةٌ ومخاطرةٌ بالنفس والدین؛ فترکه عین الصلاح، وما لا تقدر علیه إلا بالمخاطرة على الدین؛ فالسلامة منه أسلم، وترکه عین الصلاح([57]).

     وهذه قاعدة فی الحسبة، وفیها فقه عظیم یعیش المسلمون مفاعیله ومصادیقه فی هذه الأیام التی سالت فیها دماء محرمة، وکثر فیها الهرج والمرج، وهدمت صوامع وبیع باسم الثورة تارة، وتغییر المنکر تارة، وبإقامة دولة الاسلام تارة، ولله المشتکى.

    هذه القواعد ذکرت فی مناسبات تعلیل الأحکام، ولو ذکرت المناسبات التی قیلت فیها لطال الکلام أضعافًا مضاعفة، وهی تدل على سعة علم هذا الشیخ رحمه الله رحمة واسعة.

المحور الرابع: القواعد الأصولیة عند العلامة الفارسی رحمه الله

     أصول الشیخ هی أصول الإباضیة بعامة، وأصول الإباضیة هی أصول المذاهب الإسلامیة المتبوعة، کالحنفیة والمالکیة والشافعیة والحنابلة.

    فالأصول المتفق علیها مثل: الکتاب والسنة والإجماع والقیاس؛ هی أصوله، والبحث فیها من باب تحصیل الحاصل. وأما المصادر الخلافیة أو الأدلة الخلافیة فهی:

1- عمله بالعرف:

    فإننی وجدته یأخذ بالعرف؛ ذکر ذلک فی حکم لقط الثمار أو التمر من أموال الناس بعد جذاذه إذا کان فی ذلک عرف بین الناس([58])، وفی مباحث النفاس والحیض([59])، وغیرها...

2- الأخذ بالأقل:

  والأخذ بأقل ما قیل فی المسألة قاعدة أصولیة احتج بها الشافعی وعدد من الأصولیین فی أسنان الإبل ودیة المجوس وغیرها.. إذ الأقل معتضد بالإجماع والاستصحاب، وقد اختلف الأصولیون فی دیة الیهودی أو المجوسی، فقال قائل: هی مثل دیة المسلم، وقال قائل: هی نصف دیة المسلم، وقال قائل: هی ثلث دیة المسلم، فالثلث مجمع علیه، فالزیادة خلاف الأصل، فقال الإمام الشافعی رحمه الله بالثلث. وقد أخذ العلامة منصور الفارسی رحمه الله بالأقل فی الوصیة للأقربین غیر الوارثین، فقال: منهم من قال: «على ربع درهم، ومنهم من قال دانقین، ومنهم من قال قطعها على دانق ونصف، ومنهم من قال على دانق. قال: نقطع فی وصیة الأقربین على أقل ما قیل وهو دانق واحد»([60]).

3- أخذه بالاحتیاط:

    وهو أصل أصیل عند الإباضیة، وتمسک به جمهور الأصولیین عند الکلام على الخروج من الخلاف. وقد فرّع الشیخ الفارسی رحمة الله علیه مسائل کثیرة، منها:

         أ‌- الضمان المجهول المقدار لشخص میت له ورثة.

      ب‌- ومنها ما ذکره عند الکلام على الحمرة والصفرة بعد غسل الجرح، قال: من جرح أمر بغسل جرحه ولا ینظر فی ذلک الجرح، قال: والنظر أحوط([61]).

ج‌- ومنها ما ذکره عند کلامه على تلف المال قبل إخراج الزکاة منه أو قبل دفعها لمستحقیها، حیث ذکر أن وقتها وقت الجذاذ والتعجیل أحوط([62]). وفی مناسبات أخرى کثیرة.

4- عمله بالمصلحة:

   وقد عمل الشیخ بالمصلحة فی مواطن کثیرة منها الحجر على الصبی([63]) للمصلحة، وفی مسألة حکم تأجیر سوق البلاد لمصالح البلد([64]) وفی مواضیع أخرى.

5-عمله باستصحاب الحال:

   ذکر ذلک فی مباحث الأمانة والدین أثناء کلامه على وجوب إقامة البینة على المدعی؛ لأنه یدعی خلاف الأصل، والأصل براءة الذمة، وذکره فی زکاة المال المشکوک فی بلوغه النصاب([65]).

   وأما قواعد الاستنباط وعوارض الأدلة؛ فقد تمثلت فی شخصه خیر تمثیل، یتضح ذلک من خلاله مناظراته مع علماء عصره فی مسألة حط الجوائح، فقد تصرف فی العموم والخصوص والتعارض والترجیح والنسخه وغیر ذلک تصرف الخبیر.

المحور الخامس: موقفه من مسألة حط الجوائح

    وهذه الواقعة وقعت فی مدینة نزوى سنة 1363هـ فی عهد الامام الخلیلی رحمه الله وملخصها ما یلی: لما وقعت الجائحة فی نزوى بسبب السیول الجارفة کثرت الشکوى فی الأثمان والحط منها، وترافعوا لقضاة الإمام الخلیلی فاختلفت اجتهاداتهم، وأُلفت عدة رسائل، منها رسالة الشیخ سلیمان بن راشد الجهضمی، ورسالة الشیخ عیسى بن صالح الحارثی، وجواب الشیخ سیف بن حمد الأغبری، وکان رأیه من رأی  الفارسی فی أن یحط من الثمار بقدر الخمس، فانتدب الامام الخلیلی للحکم فی القضیة فأعلمه بأنه سیحکم بالحط، فقال له الامام: احکم.

    فلما حکم بالحط وطار الخبر فی أرجاء عمان، ثارت ثائرة کثیر من العلماء بین مؤید ومعارض، ومنها کتاب شدید اللهجة للشیخ عیسى بن صالح الحارثی جاء فیه: متى تزببت وأنت حصرم؟ وکان الشیخ عیسى معروفاً بتصلبه فی اتباع المذهب، فلطّف الإمام الخلیلی رحمه الله الأجواء واعتذر للعلامة منصور عن شدة الشیخ الحارثی.

    ملخص رد الفارسی على کتاب الشیخ عیسى بن صالح الحارثی: بعد السلام والتحیة قال:  وذکرت أنه یسعنی السکوت ونحن فی القرن الرابع عشر، فأقول: وأما السکوت فیسع قبل أن نبتلى، أما وقد ابتلینا فلا بد من القضاء، ولا یسعنا السکوت بعد وقوع البلاء([66]).

    ومن الأدلة التی اعتمدها العلامة الفارسی بما رواه مسلم فی کتاب المساقاة فی باب وضع الجوائح([67]) وفیه: «بم یستحل أحدکم مال أخیه». أی: لو تلفت الثمرة لا یبقى فی مقابله شیء، فکیف یأکله بغیر حق؟

    والحدیث فی مسلم عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: «لو بعت من أخیک ثمراً فأصابته جائحة فلا یحل لک أن تأخذ منه شیئاً، بمَ یأخذ أحدکم مال أخیه بغیر حق؟»([68]).

ثانیاً: ما رواه مسلم والنسائی عن جابر مرفوعاً: «من ابتاع ثمرة فأصابتها جائحة فقد وجب أن یوضع عنه»([69]).

   ثالثاً: وفی روایة عن جابر رضی الله عنه: «أمر رسول الله صلى الله علیه وسلم بوضع الجوائح»([70]).

   رابعاً: وفی حدیث من غیر طریق جابر: «إذا أصیب ثلث الثمرة فقد وجب الحط»([71]).

   خامساً: ما ذکره قطب المغرب أطفیش: «إذا أصیب ثلث الثمرة فصاعداً فقد وجب على البائع الوضیعة»([72]).

   فقال: هذه الأحادیث کلها نص فی وضع الجوائح، فهی أدلة صریحة أن الجوائح إذا أصابت ثمرة فیجب على البائع الحط عن المبتاع ثم ذکر أن الجوائح خمس، ثم أورد حدیث النبی صلى الله علیه وسلم: «الجوائح خمس: السیل، والجراد، والبرد، والجیش، والریح»([73]).

   قال: «وحدیث جابر لا ینکره أحد من أصحابنا ولا من غیرهم»([74]). ثم ذکر دلیل الحط من القیاس، قال: فالقیاس یوجب إذا اجتیحت الثمرة قبل تمکن المشتری من جذاذها فی حال أذن له الشرع ببقائها للاستمتاع أن یحط البائع عن المشتری، فیکون بیع الثمرة کالمستثنى من البیوع التی تکون فی ضمان المشتری إذا قبضها وتلفت، فلا یقال: إن قبضها هو تخلیة البائع لها للمشتری فإنا نقول: إن النماء بالسقی مستمر، فلا ینقطع هذا الاستمرار إلا بقطع الثمرة.

    ووجه القیاس أن الثمرة فی مدة تعهدها بعد زهوها للتمتع تکون فی ضمان بائعها إلى حین القطع فالجائحة تکون علیه.

   قال: وقد أخذ بالحط مالک والشافعی وأحمد، وقد حکم به إمام المسلمین الخلیلی، وقد حطّ مقدار الخمس، وقد قیل: یحطّ النصف، وقیل: الثلث، وقد أخذ بالأقل وهو الخمس([75]).

  وقد قال بالحط من علماء عصره من الأصحاب الشیخ سیف بن حمد الأغبری، والشیخ الرقیشی محمد بن سالم، وسفیان بن محمد الراشدی([76]).

-       حجة القائلین بالمنع من الحط:

    احتج المانعون بما روی عن أبی سعید الخدری رضی الله عنه قال: اجتیح رجل فی عهد رسول الله صلى الله علیه وسلم فی ثمار ابتاعها، فقال رسول الله لأصحابه: تصدقوا علیه، فلم یفِ، فباع ما وجد عنده فلم یفِ، فقالوا: بعنا إیاه، فقال: لا سبیل لکم علیه، خذوا ما وجد ثم لیس لکم إلا ذلک([77]).

    وجه الدلالة: لو کان الحط واجباً لحطّ النبی صلى الله علیه وسلم عنه.

    المناقشة:

    وقد أجاب الشیخ منصور عنه بأنه لیس فی حدیث أبی سعید الخدری رضی الله عنه دلیل على عدم الحط؛ لأنه روی عن أبی سعید من ثلاث طرق:

    الأولى بلفظ: أصیب رجل فی عهد رسول الله صلى الله علیه وسلم فی ثمار ابتاعها.

    والثانیة: اجتیح رجل فی عهد رسول الله صلى الله علیه وسلم.

    والثالثة: أصاب رجلاً خسارةٌ فی عهد رسول الله صلى الله علیه وسلم فی ثمار ابتاعها.

   فلفظ الخسارة تفسیر لما أصابه، لا یقبل الا فی السعر لا فی الجوائح، وهذا المتبادر من ظاهر لفظه، وتؤیده روایة «أصیب رجل فی ماله»، ولم تتعدد هذه القصة بل هی قصة واحدة، والرجل المصاب هو معاذ بن جبل، فإن قلنا: إن لفظة الخسارة مفسرة لروایة اجتیح وأصیب، فهی صریحة فی المطلوب.

   قال المعترض: یحتمل أن یراد بالخسارة هنا الجائحة، أی أصابته خسارة بسبب جائحة فی ثمار ابتاعها.

   قال الفارسی: «قلنا هو احتمال مرجوح فلا یحتج به فی عدم الحط».

   قال المعترض: یدل على عدم الحط قوله: اجتیح.

   قال الفارسی: نرده بقوله: أصابت رجلاً خسارة، وبقوله: أصیب رجل، فیحتمل أن یکون الدین من غیر الثمار، وأصابه خسارة فی بیعها، ویحتمل: أصیب بجائحة، وتؤیده روایة اجتیح، وقوله: تصدقوا علیه، لعموم الناس لا لغرمائه، ویدل للعموم قوله: فتصدق علیه الناس، فإن صح الاحتمال لهذا وهذا وکان کل فریق یحتج به وبما أوله علیه لم یصح أن یکون دلیلاً یعتمد علیه لأحد الفریقین، بل یجب أن یرجع کل فریق إلى دلیل آخر یصلح للاحتجاج به مما لا احتمال فیه.

   والأحادیث التی احتججنا بها هی أحادیث منصوصة فی وضع الجوائح، لا سیما الحدیث الذی ذکره القطب فی شرح النیل([78]) بلفظ: یجب على البائع الوضیعة، فلو ترکنا تلک الأحادیث التی تدل على وضع الجوائح لکان هذا الحدیث کافیاً فی وجوب الحط بدلالة قاطعة لا احتمال فیه، ولا سبیل للقول بالاستحباب مع التصریح بالوجوب فی الأحادیث([79]).

   قال المعترض: هذه الأحادیث محمولة على بیع الثمار قبل بدو الصلاح.

   الجواب: أجاب الشیخ بأن هذا التأویل لیس له وجه صحیح؛ لأن ما بیع قبل بدو الصلاح من البیوع الفاسدة التی نهى النبی صلى الله علیه وسلم عنها، فقد ورد فی السنة نهیه صلى اللهُ علیهِ وسلم عن بیع الثمرة قبل أن تزهو، قیل: ما تزهو؟ قال: حتى تحمارّ أو تصفار وتؤمن العاهة([80])، وفی روایة: قبل أن یبدو صلاحها، وهذا النوع من البیوع الفاسدة فلیس لها وجه یتجه فی باب الحط لا من لفظها ولا من فحواها حتى یسوغ حمل أحادیث الحط علیها.

   وبیع الثمار قبل بدو الصلاح منهی عنه، والنهی للتحریم عند الأصحاب، فلا ینعقد بیعاً أصلاً حتى تحمل علیه أحادیث الحط، ولو سلم فهو احتمال لا یقاوم القطع([81]) .

   قال المعترض: إن حدیث أبی سعید تاریخه فی السنة التاسعة، وقال جابر: غیر معروف التاریخ، فیکون منسوخاً.

   قال الفارسی: «قلنا: النسخ لا یثبت إلا إذا علم تاریخ الحدیثین معاً أو علم بالدلالة، یعنی کالتصریح بأن هذا ناسخ لهذا، وحدیث جابر باق على أصله لم ینسخ».

   قال: «الحدیثان متعارضان فیتساقطان کلاهما، فلا یستدل بهما ولا بأحدهما، فیسقط القول بالحطّ وبقی بیع الثمر بعد دراکها ماضیاً، وإذا أصیب بجائحة فمن مال المشتری».

  أجاب الفارسی بقوله:» قلنا لا تعارض بین الحدیثین، فإن حدیث جابر صریح فی الوضع بالجوائح التی نحن بصددها، وإن قلنا بالاحتمال فیها وفی غیرها، فالتعارض فی روایات أبی سعید فیما بینها فقط، لا فیما بینها وبین أحادیث الباب».

   ووجه التعارض بینها أنه روی عنه بلفظ: «اجتیح رجل»، وفی روایة عنه بلفظ: «أصیب رجل»، وفی روایة أخرى: «أصابت رجلاً خسارةٌ»، فقد تعارضت الروایات فی حدیث أبی سعید فی حین أن أحادیث الباب التی استدل بها على الحط لم تتعارض.

   قال المعارض: إن أصحابنا لم یعملوا بالوضع، ولهم الحجة على غیرهم، واتباعهم أولى والاقتداء بآثارهم أجدر.

   أجاب: قلنا: نحن باتباعهم دائنون، وبآثارهم مقتدون، ولا نخالفهم فیما لا تجوز مخالفته، والعلم ضالة المؤمن یأخذها حیث وجدها، والتعصب للمذهب بغیر بیان ولا برهان حرام، والتقلید بلا حجة باطل مذموم، والحق قائم بنفسه نقبله ممن جاء به حبیباً کان أو بغیضاً، قریباً أو بعیداً، مع أنا لا نقول: إن ما قلناه دین ندین به ونخطئ من خالفنا، ولو أن حاکماً من حکام المسلمین ابتلی بمثل ما ابتلینا به، وحکم بغیر ما حکمنا والقصة واحدة، ورأى أن الحق والصواب غیر الحط فحکمه قاضٍ ورأیه صواب، وعلى المسلم أن یقبل الحق إذا رآه وعرفه، واذا لم یره ولم یعرفه فیحسن الظن بالمسلمین خیراً.([82])

نظرات فی هذه المناظرة:

    من یمعن النظر فی هذه المناظرة یرى فیها شخصیة المجتهد الذی اکتملت لدیه آلة الاجتهاد، یدل على ذلک أمور:

١-  إنه یرى أن الحاکم أو القاضی عند النوازل یجب علیه التصدی للنازلة ولا یسعه السکوت وإلا فإنه یأثم لذلک، وقد سأل أبو حنیفة قتادة لما دخل الکوفة عن شیء لم یقع، فقال قتادة: ویحک أوقعت هذه المسألة؟ قال لا، قال: فلم تسألنی عما لم یقع؟ قال أَبُو حنیفة: «إنا نستعد للبلاء قبل نزوله، فإذا ما وقع عرفنا الدخول فیه والخروج منه»([83]). ومن هنا وجد ما یسمى بالفقه التقدیری أو فقه التوقع. وعالمنا لم یتعرض للبلاء قبل وقوعه، وإنما بعد وقوعه، لذلک لمّا لامه علماء عصره قائلین له: وکان یسعک السکوت، فقال لهم: یسعنی ذلک قبل نزول النازلة، أما وقت نزلت فلا سبیل إلى السکوت([84]).

٢-  الأمر الثانی: أنه یقدم حدیث رسول الله صلى الله علیه وسلم إذا صح عنده على المذهب؛ لأن الدلیل کاشف للحق، والمذهب طریق من طرق إثبات الحق، وهذا دأب الأئمة المجتهدین والعلماء الراسخین، وکان الشافعی رحمه الله یقول: «اذا صح الحدیث فهو مذهبی»([85]). وبهذا قال مالک وأحمد وأبو حنیفة رحم الله الجمیع.

٣-  تصرفه فی فهم النصوص تصرف العالم الخبیر، کقوله: إن الدلیل إذا تطرق إلیه الاحتمال سقط به الاستدلال، وکترجیحه دلالة النص على دلالة الظاهر. وکاشتراطه فی النسخ أن یعلم تاریخ ورود الدلیلین معاً وتحقق المعارضة، فإذا أمکن الجمع فلا یصح النسخ. وکتفسیره المجمل بالمبین، وذلک حین فسر الجائحة بالخسارة المالیة کما فی حدیث أبی سعید: «أصابت رجلاً خسارةٌ فی ماله» فسّر بها روایة: «اجتیح رجل فی ماله»، وتمتعه بعلم آداب البحث والمناظرة، کالممانعة والقول بالموجب وغیر ذلک، واستعماله القیاس، وتتبع طرق الأحادیث وترجیح بعضها على بعض بأسلوب الواثق الرصین، ومعرفة العموم والخصوص وغیر ذلک..

٤-  استعماله فن القواعد الفقهیة والأصولیة کما یتضح ذلک فی کتاب: «عنوان الآثار».

٥-  قدرته على توجیه دلیله أو دلیل خصمه وتأویله بما یصحح به مذهبه أو یبطل به مذهب خصمه کما فعل بحدیث أبی سعید، حیث أوّل الجائحة بالخسارة المالیة، کما فسّر فی روایة من روایاته.

٦-  اطلاعه الواسع على کتب المخالفین والموافقین من مغاربة ومشارقة.

٧-  أدبه الجم، وخفض جناحه، ورقة عبارته التی تدل على رقة طبعه ودماثة أخلاقه.

  الخاتمة:

الحمد لله الذی بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على رسول الله رفیع الدرجات، وعلى آله وصحبه فی جمیع الحالات، وبعد:

   لقد تبیّن من خلال هذه الجولة فی تراث الشیخ منصور بن ناصر الفارسی أبرز ملامح شخصیته، فقد وجدناه عالماً راسخاً، وقاضیاً بالحق لا یخشى فی إظهاره والحکم به لومة لائم، سالکاً مسلک أئمة الزهد والورع والسلوک.

   وهو مع ذلک فقیه أصولی یستدل بقواعد أهل الأصول، ویحسن الاستنباط من نصوص الشارع، ویناقش ویوجه الدلیل أحسن توجیه، کما رأینا ذلک فی مسألة حط الجوائح، فکان من القلائل الذین جمعوا بین سعة العلم والفهم، وبین شدة الجرأة والورع والزهد.

   رحم الله الشیخ منصور بن ناصر الفارسی وأسکنه فسیح جناته والحمد لله رب العالمین.

([1]) الأصبهانی، أبو الشیخ، عبدالله بن محمد بن جعفر بن حیان الأنصاری: الأمثال فی الحدیث النبوی، تح: د. عبد العلی عبد الحمید حامد، ط2، الدار السلفیة - بومبای – الهند، 1408 - 1987م، برقم: 326، ص 378.

([2]) الفارسی: عنوان الآثار، ص 62.

([3]) المصدر السابق، ص 63.

([4]) الفارسی: عنوان الآثار، ص63.

([5]) یُنظَر: السلمی الدمشقی، أبو محمد عز الدین عبد العزیز بن عبد السلام: قواعد الأحکام فی مصالح الأنام، تعلیق ومراجعة: طه عبد الرؤوف سعد، د.ط، مکتبة الکلیات الأزهریة – القاهرة، ج1، ص201 ص202.

([6]) الفارسی: عنوان الآثار، ص 65.

([7]) أی حدیث: خلق الله آدم على صورته. رواه الإمام أحمد فی مسنده، برقم: 7323.

([8]) الإمام الذهبی: سیر أعلام النبلاء، ط3، مؤسسة الرسالة، بیروت- لبنان، سنة 1405هـ/ 1985م، ج14، ص374 ص 375.

([9]) الهمذانی، القاضی عبد الجبار بن أحمد المعتزلی: المغنی فی أبواب العدل والتوحید، ط1، دار الثقافة والإرشاد، مطبعة دار الکتب، سنة 1380هـ/ 1960م، ج7، ص 84.

([10]) الشوکانی، محمد بن علی بن محمد الیمنی: إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق من علم الأصول، تح: أحمد عزو عنایة، ط1، دار الکتاب العربی، بیروت - لبنان، سنة 1419 هـ / 1999م، ج1، ص 39.

([11]) الفارسی: عنوان الآثار، ص 95.

([12]) الهمذانی، القاضی عبد الجبار بن أحمد المعتزلی: شرح الأصول الخمسة، ط1، مکتبة وهبة، سنة 1384هـ/ 1965م، ص 697.

([13]) ذکره الامام نور الدین السالمی فی بهجة الأنوار، ج1، ص 4 و 39، ترقیم المکتبة الشاملة الإباضیة.

([14]) رواه الربیع فی مسنده ضمن مقاطیع جابر بن زید بلفظ: "ویل لمن یعلم ولم یعمل سبع مرات، وویل لمن لم یعلم ولم یعمل مرة واحدة"، کتاب الأیمان والنذور، برقم: 838. وللحدیث شواهد بألفاظ مختلفة.

([15]) رواه ابن ماجه فی سننه بلفظ: "مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِیُبَاهِیَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَیُجَارِیَ بِهِ السُّفَهَاءَ، وَیَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَیْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ"، کتاب: الإیمان وفضائل الصحابة والعلم، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به، ج1، ص96، برقم: 260.

([16]) رواه الربیع فی مسنده عن أنس رضی الله عنه مرفوعاً، رقم: 35.

([17]) الفارسی: عنوان الآثار، ص 67.

([18]) المصدر نفسه، ص 78.

([19]) المصدر نفسه، ص80.

([20]) مسند الربیع بن حبیب، برقم (37).

([21]) المصدر نفسه، برقم: 37.

([22]) الفارسی: عنوان الآثار، ص 260. هرموش، محمود عبود: القواعد الفقهیة الإباضیة (دراسة مقارنة بالمذاهب الفقهیة الإسلامیة: الحنفی – المالکی – الشافعی – الحنبلی – الزیدی)، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة، سلطنة عمان، سنة 1435 هـ / 2014 م، ج2، ص 464.

([23]) المصدر نفسه، ص 241. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج2، ص 255.

([24]) عنوان الآثار، ص 159. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج4، ص395.

([25]) عنوان الآثار، ص 259. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج،4 ص258.

([26]) عنوان الآثار، ص 266، 267. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص11.

([27]) عنوان الآثار، ص 318. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج2، ص 447.

([28]) عنوان الآثار، ص 352. فتح الباری لابن حجر، ج2، ص 258، بلفظ: المقاصد تغیر أحکام الفعل.

([29]) عنوان الآثار، ص 358. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص11.

([30]) عنوان الآثار، ص 386. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج3، ص193.

([31]) عنوان الآثار، ص 389. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص 381.

([32]) عنوان الآثار، ص 398. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص 21.

([33]) عنوان الآثار، ص 398. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص 21.

([34]) عنوان الآثار، ص 394.

([35]) القواعد الفقهیة الإباضیة، ج1، ص 111.

([36]) عنوان الآثار، ص 406.

([37]) المصدر نفسه، ص 408.

([38]) المصدر نفسه، ص 412.

([39]) المصدر نفسه، ص 422.

([40]) المصدر نفسه، ص 431.

([41]) المصدر نفسه، ص 434. القواعد الفقهیة الإباضیة، ج2، 92.

([42]) عنوان الآثار، ص 436.

([43]) المصدر نفسه، ص 439.

([44]) المصدر نفسه، ص 445.

([45]) المصدر نفسه، ص 451.

([46]) المصدر نفسه، ص 465.

([47]) المصدر نفسه، ص 469.

([48]) المصدر نفسه، ص 474.

([49]) المصدر نفسه، ص 478.

([50]) المصدر نفسه، ص 482.

([51]) المصدر نفسه، ص 486.

([52]) المصدر نفسه، ص 507.

([53]) المصدر نفسه، ص 509.

([54]) المصدر نفسه، ص 518.

([55]) المصدر نفسه، ص 520 و534 و544.

([56]) المصدر نفسه، ص 524.

([57]) المصدر نفسه، ص 605.

([58]) المصدر نفسه، ص 423.

([59]) المصدر نفسه، ص 478.

([60]) المصدر نفسه، ص 373.

([61]) المصدر نفسه، ص 352.

([62]) المصدر نفسه، ص 261.

([63]) المصدر نفسه، ص 505.

([64]) المصدر نفسه، ص 505.

([65]) المصدر السابق، ص 265.

([66]) یُنظر: الفارسی، منصور بن ناصر: الدلیل الواضح فی حط الجوائح. والحارثی، عیسى بن صالح: الحق اللائح فیما یصیب الثمار من الجوائح. والأغبری، سیف بن حمد بن شیخان: أجوبة فی حط الجوائح. قام بجمعها أحد الإخوة العمانیین، وقد وصلتنی إلکترونیا من دون ذکر دارِ طباعةٍ ونشرٍ، ص 6.

([67]) النووی، یحیى بن شرف: المنهاج شرح صحیح مسلم بن الحجاج، ط2، دار إحیاء التراث العربی، بیروت – لبنان، سنة 1392هـ، باب: فضل الغرس والزرع، ج3، ص1190، برقم (1555).

([68]) صحیح مسلم، برقم: 1554.

([69]) لم أجده بهذا اللفظ، وما ورد فی مسلم والنسائی هو الحدیث الذی قبله، وهو فی معناه.

([70]) صحیح مسلم، برقم: 1554.

([71]) لم یثبت مرفوعاً إلى النبی صلى الله علیه وسلم، وانما هو قول الإمام مالک وأهل المدینة، یُنظر: ابن عبدالبر: التمهید، تح: مصطفى بن أحمد العلوی ومحمد عبد الکبیر البکری، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامیة – المغرب، سنة1387هـ، ج2، ص 196.

([72]) شرح النیل: ج8، ص 10.

([73]) شرح النیل: ج8، ص 11.

([74]) الدلیل الواضح، ص 11.

([75]) المصدر نفسه، ص 11 – 12.

([76]) المصدر نفسه، ص 12.

([77]) صحیح مسلم، کتاب: الطلاق، باب: استحباب الوضع من الدین، ج1، ص1191، برقم: 1556.

([78]) شرح النیل: ج8، ص 12.

([79]) الدلیل الواضح: ص 13 – 14.

([80]) مستخرج أبی عوانة، کتاب الحج، باب: ذکْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى حَظْرِ أَخْذِ ثَمَنِ الثَّمَرِ الَّذِی بِیعَ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، برقم: 5204.

([81]) یُنظَر: الدلیل الواضح، ص 14 – 15.

([82]) یُنظر: الدلیل الواضح، ص 15 – 16، وهذه المناظرة مختصرة من هذه الرسالة.

([83]) البغدادی، الخطیب: تاریخ بغداد، تح: مصطفى عطا، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت –لبنان، سنة 1417هـ، ج13، ص 348.

([84]) الدلیل الواضح، ص 6.

([85]) النووی، محی الدین یحیى بن شرف: المجموع شرح المهذب، د.ط، دار الفکر، بیروت - لبنان، ج1، ص 92.
 

1-  ابن عبد البر: التمهید لما فی الموطأ من المعانی والأسانید، تحقیق: مصطفى بن أحمد العلوی ومحمد عبد الکبیر البکری، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامیة – المغرب، سنة1387هـ

2-  ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن یزید القزوینی: سنن ابن ماجه، تح: شعیب الأرناؤوط - عادل مرشد - محمَّد کامل قره بللی - عَبد اللّطیف حرز الله، ط1، دار الرسالة العالمیة، سنة 1430 هـ - 2009م.

3-  الإسفرایینی، أبو عوانة یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم النیسابوری: مستخرج أبی عوانة، تح: أیمن بن عارف الدمشقی، ط1، دار المعرفة – بیروت، سنة 1419 هـ - 1998م.

4-  الأصبهانی، أبو الشیخ، عبدالله بن محمد بن جعفر بن حیان الأنصاری: الأمثال فی الحدیث النبوی، تح: د. عبد العلی عبد الحمید حامد، ط2، الدار السلفیة - بومبای – الهند، 1408 - 1987م

5-  اطفیش، محمد بن یوسف: شرح کتاب النیل وشفاء العلیل، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة – سلطنة عمان.

6-  البغدادی، أبو بکر أحمد بن علی بن ثابت الخطیب: تاریخ بغداد، تح: مصطفى عطا، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت –لبنان، سنة 1417هـ.

7-  الذهبی، شمس الدین أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَایْماز: سیر أعلام النبلاء، تح: مجموعة من المحققین بإشراف الشیخ شعیب الأرناؤوط، ط3، مؤسسة الرسالة، بیروت - لبنان، سنة 1405 هـ / 1985م.

8-   السالمی، نور الدین عبد الله بن حمید، بهجة الأنوار شرح قصیدة أنوار العقول، ترقیم الشاملة الإباضیة.

9-  السلمی الدمشقی، أبو محمد عز الدین عبد العزیز بن عبد السلام: قواعد الأحکام فی مصالح الأنام، تعلیق ومراجعة: طه عبد الرؤوف سعد، د.ط، مکتبة الکلیات الأزهریة – القاهرة.

10-                      الشوکانی، محمد بن علی بن محمد الیمنی: إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق من علم الأصول، تح: أحمد عزو عنایة، ط1، دار الکتاب العربی، دمشق - سوریا، سنة 1419 هـ / 1999م.

11-                     الشیبانی، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال: مسند الإمام أحمد بن حنبل، تح: شعیب الأرناؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن الترکی، ط1، مؤسسة الرسالة، بیروت، سنة 1421هـ - 2001م.

12-   الفارسی، منصور بن ناصر: الدلیل الواضح فی حط الجوائح، وقد طُبعت مع مجموعة من رسائل علماء عصره فی مسألة الجوائح.

13-   الفارسی، منصور بن ناصر: عنوان الآثار تح: سعود الفارسی، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة، سلطنة عمان، سنة 1437هـ.

14-   الفراهیدی، الربیع بن حبیب: الجامع الصحیح مسند الربیع، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة، ط1، 1432 هـ - 2011 م.

15-   النووی، أبو زکریا محیی الدین یحیى بن شرف: المنهاج شرح صحیح مسلم بن الحجاج، ط2، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، سنة 1392هـ.

16-   النووی، محی الدین یحیى بن شرف: المجموع شرح المهذب، د.ط، دار الفکر، بیروت – لبنان.

17-   النیسابوری، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشیری: المسند الصحیح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم المعروف بصحیح مسلم، تح: محمد فؤاد عبد الباقی، د. دار إحیاء التراث العربی – بیروت.

18-   هرموش، محمود عبود: القواعد الفقهیة الإباضیة (دراسة مقارنة بالمذاهب الفقهیة الإسلامیة: الحنفی – المالکی – الشافعی – الحنبلی – الزیدی)، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة، سلطنة عمان، سنة 1435 هـ / 2014 م.

19-   الهمذانی، القاضی عبد الجبار بن أحمد المعتزلی: المغنی فی أبواب العدل والتوحید، ط1، دار الثقافة والإرشاد، مطبعة دار الکتب، سنة 1380 هـ - 1960 م.

20-    الهمذانی، القاضی عبد الجبار بن أحمد المعتزلی: شرح الأصول الخمسة، ط1، مکتبة وهبة، سنة 1384 هـ - 1965 م.