المقدمة

تنال المدرسة الاهتمام جميع المجتمعات في العالم؛ بوصفها مؤسسة رائدة تربويًا وثقافيًا واجتماعيًا؛ فهي تضطلع بدور هام في تنمية شخصيات الأفراد وتزويدهم بفيض من المعارف والمعلومات المتنوعة وإكسابهم القيم والممارسات الإيجابية لتحسين سلوكهم والارتقاء به، وتقوم المدرسة بتربية الأبناء وإعدادهم لتحمل المسؤوليات والواجبات المستقبلية تجاه وطنهم ومجتمعهم  (الشهومي والحدابي، 2020). 

وتعتمد المدرسة في تحقيق أهدافها وغايتها بالدرجة الأساسية على العنصر البشري (المعلم)، لذلك ينبغي على المدارس العمل على تطوير ذلك العنصر أكثر من تركيزها على اللوائح والتعليمات والقوانين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سير عمل المدارس وضمان جودة مخرجاتها هو المعلم. واليوم، أصبح على المدارس التي تريد تحقيق أهدافها أن تتعامل بحساسية مع المعلمين؛ باعتبارهم العنصر ا المهم والأساسي في نجاح النظام التعليمي أو فشله (Yıldız, 2018). 

وفي إطار سعي المدارس نحو تحقيق أهدافها ورسالتها، فهي تعمل على إتباع مجموعة من السياسات والاستراتيجيات لتحقيق ذلك من بينها توفير بيئة عمل منسبة ومحفز ة، لما لها من دور حيوي في التأثير على كثير من المظاهر السلوكية للمعلمين، مما يدفعهم للعطاء والعمل على أكمل وجه داخل المدرسة، ومنها: تحقيق الرضا والالتزام والولاء والتعاون، وصولًا إلى تحقيق إدراك المعلمين لمكانتهم المرتبطة بالمدرسة، وهو ما يسمى بالتماثل التنظيمي (مصباحي وبوبيدي، 2021). 

يعد التماثل التنظيمي من المواضيع المهمة التي تهتم بها مختلف المؤسسات العامة والخاصة، إذ إن للتماثل التنظيمي تبعات ونتائج مهمة تؤثر في مستوى أداء الموظفين وإنتاجيتهم، كما وأنها تؤثر في استقرارهم وبالتالي استقرار المؤسسة ككل وزيارة فرص تقدمها، فكلما كان مستوى تماثل الموظفين لمؤسستهم مرتفعًا كان هناك أداءً أفضل ومستويات عالية من الولاء والرضا الوظيفي (عبد الله ومحمد وعمر، 2019). 

ويعتبر  العالم فوت (FOOT) أول من استخدم مفهوم التماثل التنظيمي في عام (1951)، واعتبر (FOOT) التماثل التنظيمي ركن رئيسي في تشجيع الأفراد وتحفيزهم، كما اعتبر التماثل بمثابة رؤية الفرد ونظرته لنفسه في المؤسسة؛ أي معرفة الفرد موقعه ومكانته في المؤسسة التي يعمل بها، مما يدفع ذلك بالفرد للعمل نيابة عن المؤسسة (العاني والصراف، 2019). وتؤكد الأدبيات التربوية إلى أن مفهوم التماثل التنظيمي يعود في جذوره إلى النظرية السياسية والتي ركزت على تماثل الجماهير، ففي عام (1965) فقد تبنى العالم هارلود لاسويل (Lasswell Harold)  من نظرية التحليل النفسي، حيث حاول تحديد طبيعة العلاقة الدوافع الشخصية (اللاشعوية)، واستخدام مفهوم التماثل التنظيمي ليعني اتحاد الفرد مع شخص آخر أو مجموعة أشخاص أو فكرة معينة (بوسعدة وديداوي، 2021). 

ويعرف التماثل لغة بأنه: التشابه والتطابق، ومصدرها تماثل: أي  تشابه أو مماثلة الشيء، فنقول: يماثل أستاذه في العلم والمعرفة، وماثلت أخي بأحد أصدقائه، والتماثل يعني: اشتراك الأشخاص الموجودين في جميع الصفات والخصائص (عطية، 2021). أما اصطلاحًا، فإن التماثل يشير إلى مقدار التشابه بين الأفراد والمؤسسات من حيث القيم والأهداف والرغبات (موسى، 2021). 

تبرز أهمية التماثل التنظيمي في جوانب كثيرة، منها:  تطوير وتحسين مكانة المؤسسة في المجتمع ورفع مقدرتها التنافسية، حيث إن المعلم الذي ينسجم ويتماثل مع مدرسته يسهم في جعل طلبتها (مخرجاتها) تمتاز بالجودة والمقدرة على التنافس (عاجل، 2022). وتنمية روح الانتماء والإخلاص لدى المعلم للمدرسة التي بعمل فيها، وبالتالي تنمية روح الإبداع والابتكار  والتعلم المستمر، والتعاون ومساعدة الزملاء الآخرين في المدرسة (عبد الله وآخرون، 2019). وتحقيق الالتزام والدافعية والولاء لدى المعلمين، والتحقيق من الصراع والتصادم بينهم، بالإضافة إلى إن التماثل التنظيمي عامل مهم في استقرار المدرسة وبقاء المعلمين فيها (الشملة، 2018). وتقديم أهداف المدرسة ومصلحتها العامة على المصالح الفردية والشخصية، وقبول المعلمين المتمثلين لمدرستهم التغيير والتطوير بكل صدر رحب وسهولة (عبد الله وآخرون، 2019). والتأثير في مشاعر المعلمين واتجاهاتهم، مما ينعكس ذلك إيجابًا على جميع سلوكياتهم في العمل، وتصبح المدرسة مرشدة للمعلمين في إحساسهم ومشاعرهم ومعتقداتهم وتصرفاتهم (محمد، 2020). وقبول المعلمين القرارات والعمل على تنفيذها بكل كفاءة واقتدار ((Celick, et al, 2020.

ويرتكز التماثل التنظيمي على ثلاثة أبعاد: أولها: الولاء: ويقصد بهوعي ذهني بالتوحد مع الدراسة، واستنباط القيم والنوايا السلوكية والتأثير الإيجابي، والمتمثل في الارتباط بالمدرسة والإخلاص لها ولأهدافها، مع الحرص على البقاء فيها من خلال تكثيف الجهود وبذلها بما يكفل تميزها ونجاحها وتفوقها على مثيلاتها من المدارس الأخرى (ملص، 2022).  وثانيها؛ العضوية/ الانتماء:أي قبول المعلم لأهداف المدرسة وقيمها، ورغبته الواضحة في بذل أكبر قدر ممكن من العطاء، مع الرغبة القوية في البقاء والاستمرارية في عضوية المدرسة وعدم الخروج أو الانتقال منه (العمري، 2015). ويقصد بالانتماء: مستوى الارتباط الحقيقي للمعلم بالمدرسة التي يعمل فيها، نتيجة وعيه بذاته ومعرفته بمكانته وعضويته في المدرسة، ومدى راحته النفسية والتصاقه بها (المواضية، 2018). وثالثها؛ التشابه: إدراك المعلم وجود مجموعة من الخصائص والسمات المشتركة (المتشابهة) في الثقافة التنظيمية مع المعلمين الأخرين في نفس المدرسة التي يعمل فيها (عاجل، 2022). ويقصد به أيضًا: قبول وتماشي المعلم مع المعتقدات والأفكار الأكثر تشابهًا مع المعلمين الآخرين (عطية، 2021). 

وفي ضوء العرض السابقة وانطلاقًا من أهمية التماثل التنظيمي في استقرار نجاح المدارس وضمان استقرارها واستقرار المعلمين والعاملين فيها، جاءت هذه الدراسة لقياس مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة 

مشكلة الدراسة وأسئلتها 

نتيجة التطورات السريعة والمتلاحقة في شتى مجالات الحياة، ظهرت مجموعة من المفاهيم الإدارية والتنظيمية الحديثة والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأبجديات العمل المؤسسي وإدارته. ويعد التماثل التنظيمي من أشهر المصطلحات الإدارية شيوعًا وانتشارًا في العقد الأخير من القرن المنصرم. 

يرتبط التماثل التنظيمي بمدى التطابق والارتباط الانفعالي (النفسي) والاجتماعي بين المعلم ومدرسته، ودافعيته الكاملة واستعداده في بذل قصارى جهده لتحقيق رسالة المدرسة وأهدافها، والمحافظة على مكانتها وقيمتها التربوية والاجتماعية، والدفاع عنها. 

أشارت العديد من الأبحاث والدراسات مثل دراسة (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛  ودراسة الشهومي والحدابي (2021)؛ ودراسة الوزان ودراسة الشايع (2021)؛ ودراسة المواضية (2018) إلى أن تراجع مستوى التماثل التنظيمي وضعفه لدى المعلمين يؤدي إلى ظهور سلوكيات تنظيمية ذات تأثير سلبي، منها: التذمر، وغياب المعلمين، والرغبة في ترك المدرسة والانتقال إلى أخرى، وتدني مستوى الرضا الوظيفي، وضعف في المخرجات التعليمية، وضعف الولاء، والصراع، وحدوث الأزمات. 

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم من أجل توفير بيئة عمل مناسبة وجاذبة وتلبي احتياجات المعلمين في المدارس، الأمر من شأنه الوصول إلى مستوى مرتفع من التماثل التنظيمي بين المعلمين ومدارسهم، إلا أنه ومن خلال عمل الباحث – معلمًا في إحدى المدارس الحكومية في لواء بني كنانة -، فقد لاحظ تفاوتًا في مستوى بعض المعلمين نحو مستوى تماثلهم التنظيمي لمدارسهم. وهذا بدوره حفز الباحث لإجراء الدراسة الحالية، والتي تطرقت إلى تحديد مستوى الصمت التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والحكومية في لواء بني كنانة. وفي ضوء ذلك، تتمثل مشكلة الدراسة الحالية في محاولتها الإجابة عن السؤالين الآتيين:

1- ما تقدير مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة؟.

2 – هل توجد اختلافات إحصائية عند مستوى الدلالة ((α=0.05 بين تقديرات مستوى التماثل التنظيمي لدى الأفراد المشاركين في هذه الدراسة تعزى إلى متغيراتهم الشخصية (النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة، ومستوى المدرسة)؟ 

أهداف الدراسة 

تهدف الدراسة إلى تحديد مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة، وإظهار الاختلافات ذات الفروق الإحصائية بين ردود استجابات أفراد العينة تبعًا لمتغيرات الدراسة. وكذلك تقديم أبرز التوصيات والمقترحات الضرورية التي تصب في مصلحة تحسين مستوى التماثل التنظيمي لدى المستجيبين لهذه الدراسة. 

أهمية الدراسة 

تنبع أهمية الدراسة الحالية من جانبين:

* الجانب الأول؛ الأهمية النظرية:  يستمد هذا الجانب أهميته من خلال الموضوع الذي تتناوله الدراسة الحالية؛ حيث بات موضوع التماثل التنظيمي من المواضيع الغنية والخصبة في مجال علم الإدارة؛ باعتباره من السلوكيات الإيجابية التي لها تأثير مباشر على مصلحة المدرسة ومصلحة المعلمين والموظفين العاملين في المدرسة، كما أن الدراسة الحالية تتناول شريحة من معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة والتي لم تنل نصيبها من البحث حول مستوى التماثل التنظيمي لديهم. وتتجلى الأهمية النظرية لهذه الدراسة في أنها تعتبر مرجعًا ومرشدًا للباحثين لدراسة موضوع التماثل التنظيمي وبمتغيرات ومحددات مختلفة. 

* الجانب الثاني؛ الأهمية العملية: والتي تتمثل في تقديم الدراسة الحالية نتائج تحدد مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة (معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة) وتزويد متخذي القرار في وزارة التربية والتعليم بمستوى التماثل التنظيمي لدى الفئة المستهدفة للاستفادة منها في وضع الخطط والإجراءات المناسبة لتعزيز ذلك المستوى. 

حدود الدراسة 

تنحصر الدراسة الحالية في الحدود الآتية:

- الحدود الموضوعية: الكشف عن مستوى التماثل التنظيمي لدى المعلمين العاملين في المدارس الحكومية بمراحلها الأساسية والثانوية والتابعة لمنطقة بني كنانة التعليمية. 

- الحدود الزمانية: الفصل الأول (2024/2023).

- الحدود المكانية: المدارس الحكومية (الأساسية والثانوية) الواقعة ضمن نطاق حدود مديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة، محافظة إربد.

- الحدود البشرية: عينة ممثلة من المعلمين (الذكور، والإناث) الذين يدرسون في المدارس الأساسية والثانوية الحكومية التابعة للواء بني كنانة. 

مصطلحات الدراسة والمفاهيم الإجرائية 

اشتملت هذه الدراسة على المصطلحات والمفاهيم الإجرائية الآتية: 

- مستوى التماثل التنظيمي: مجموع الدرجات الكلية التي سيقدمها أفراد عينة الدراسة في استجابتهم لفقرات ومجالات استبانة التماثل التنظيمي (الولاء، والعضوية، والتشابه)، 

- التماثل التنظيمي: شعور الموظفين بالتكامل والانسجام والتوافق النفسي للموظفين وارتباطهم وولائهم للمؤسسة التي يعملون فيها، ويتأتى ذلك من خلال وجود روابط وقيم مشتركة بين الموظفين ومؤسستهم (Akman, 2017). ويعرف إجرائيًا بأنه: إحساس وشعور معلمي ومعلمات المدارس الحكومية في لواء بني كنانة بتشابه أهدافهم وقيمهم وغاياتهم مع أهداف المدرسة وقيمها وغاياتها، والشعور بالاندماج مع الزملاء الآخرين والعاملين في المدرسة، والعمل معًا بروح الفريق لتحقيق الأهداف المشتركة للمدرسة. 

-- معلمو ومعلمات المدارس: هم الأفراد الذي تقوم وزارة التربية والتعليم بتعيينهم حسب تعليمات وشروط نظام الخدمة المدنية لإشغال وظيفة معلم، والذي يدرسون جميع المناهج والكتب الدراسة ولجميع المراحل الأساسية والثانوية الحكومية، والموزعة حسب مناطق مديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة.

الدراسات السابقة 

قام الباحث بمراجعة الأدبيات التربوية والدراسات السابقة ذات الارتباط بموضوع التماثل التنظيمي، وبعدها تم حصر أهم تلك الدراسات وتضمينها في الدراسة الحالية، وقد روعي في عرض تلك الدراسات تسلسلها الزمني من الأحدث إلى الأقدم. وأتيًا عرض للدراسات التي تناولت التماثل التنظيمي في البيئة المدرسية. 

 فقد قام الخزاعي (2022) بدراسة للتعرف على مستوى التماثل التنظيمي لدى مديري المدارس الحكومية بمكة المكرمة من وجهة نظرهم، اعتمد في الدراسة الاستبانة والتي طبقت على عينة بلغت (322) مديرًا ومديرة، وأفاضت النتائج إلى أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة قد كان بدرجة كبيرة وفي جميع المجالات (الولاء، والعضوية، والتشابه)، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية لصالح متغيري النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة. 

وقام يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022) بدراسة هدفت إلى تعرف تصورات المعلمين في منطقة كهرمان مرعش التركية حول مستوى التماثل التنظيمي وعلاقته بالعمل الهادف، طبقت استبانة على عينة بلغت (330) معلمًا ومعلمة، وقد أشارت النتائج إلى أن مستوى التماثل التنظيمي لدى المعلمين في منطقة كهرمان مرعش جاء بدرجة كبيرة وأن هناك علاقة إيجابية بين مستوى التماثل التنظيمي والعمل الهادف حسب تصورات أفراد عينة الدراسة. 

أجرى الوزان والشايع (2021) دراسة هدفت إلى تقدير مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمات المدارس الثانوية الحكومية في منطقة بريدة من وجهة نظرهن، وتحقيقًا لأهداف الدراسة طبقت استبانة مكونة من ثلاثة مجالات (العضوية، والولاء التنظيمي، والتشابه) على عينة مؤلفة من (296) معلمة، وتوصلت النتائج إلى أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة جاء بدرجة متوسطة وفي جميع المجالات، وأشارت النتائج إلى أنه لا يوجد فرق إحصائي لصالح متغير سنوات الخبرة. 

كما أجرى أليف (Alevl, 2021) دراسة هدفت إلى تقدير درجة التماثل التنظيمي لدى معلمي المرحلة الابتدائية في ولاية غازي عنتاب التركية وعلاقتها بالعدالة التنظيمية والدافعية المهنية، وزعت استبانة على عينة تكونت من (368) معلمًا ومعلمة، وقد أشارت النتائج إلى أن التماثل التنظيمي لدى معلمي المرحلة الابتدائية جاء بدرجة كبيرة، وأن هناك علاقة بين دجة التماثل وكل من العدالة التنظيمية والدافعية المهنية. 

بينما هدفت دراسة دينكمان (Dincman, 2021) إلى معرفة مستوى التماثل التنظيمي وعلاقته بالالتزام التنظيمي لدى معلمي المرحلة الابتدائية في ولاية كانكايا التركية، وزعت استبانة على (391) معلمًا ومعلمة، وقد أشارت النتائج إلى أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة قد كان بدرجة كبيرة، وأن هناك علاقة إيجابية بين مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي المرحلة الابتدائية في ولاية كانكايا التركية والتزامهم التنظيمي. 

وتطرقت دراسة الشهومي والحدابي (2021) إلى تقدير مستوى التماثل التنظيمي لدى مديري مدارس التعليم الأساسي وما بعد الأساسي بمحافظة الظاهر في سلطنة عُمان، ولذلك تم توزيع استبانة على عينة شملت (74) مدير ومديرة مدرسة، وخلصت النتائج إلى أن مستوى التماثل التنظيمي لدى مديري المدارس جاء بدرجة متوسطة، هذا وقد أظهرت النتائج وجود فرق إحصائي يعزى إلى النوع الاجتماعي، بينما لم هناك فروق دال إحصائي لصالح سنوات الخبرة. 

وكذلك تناولت دراسة مصباحي وبوبيدي (2021) قياس درجة التماثل التنظيمي عند أساتذة التعليم الابتدائي، وتماشيًا مع أهداف الدراسة طبقت استبانة مكونة من ثلاثة مجالات: (الولاء، والانتماء، والتشابه) على عينة من معلمي المرحلة الابتدائية بمقاطعة قمار  في ولاية الوادي الجزائرية والبالغ عددهم (96) معلمًا، وتوصلت النتائج إلى وجود درجة مرتفعة من التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة وفي جميع المجالات.

بينما ذهبت الدراسة التي قام بها المواضية (2018) إلى تحديد مستوى التماثل التنظيمي لدى مديرات رياض الأطفال من وجهة نظر مربيات الرياض، تألفت عينة الدراسة من (492) معلمة يدرسن في مرحلة رياض الأطفال الحكومية في محافظة الزرقاء، ولجمع البيانات من عينة الدراسة تم استخدام استبانة ضمت ثلاثة مجالات (الولاء التنظيمي، والتشابه، والعضوية/الانتماء)، أظهرت النتائج أن مستوى التماثل التنظيمي لدى مديرات رياض الأطفال قد جاء بدرجة متوسطة وفي جميع المجالات. 

التعقيب على الدراسات السابقة 

قام الباحث بالتعقيب والتعليق على الدراسات السابقة التي تناولت موضوع التماثل التنظيمي وفق التقسيم الموضوعي الآتي، ومن حيث:

*الأهداف: تناولت الدراسات المعروضة أنفًا قياس مستوى/ درجة التماثل التنظيمي كدراسة الخزاعي (2022)؛ ودراسة الوزان والشايع (2021)؛ ودراسة الشهومي والحدابي (2021)؛ ودراسة مصباحي وبوبيدي (2021)؛ ودراسة المواضية (2018). في حين ذهبت بعض الدراسات الأخرى إلى تعرف مستوى التماثل التنظيمي وعلاقته بمتغيرات أخرى؛ حيث هدفت دراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022) إلى تعرف مستوى التماثل التنظيمي وعلاقته بالعمل الهادف، وذهب أليف (Alevl, 2021) في دراسته إلى تقدير درجة التماثل التنظيمي وعلاقته بالعدالة التنظيمية والدافعية المهنية، وهدفت دراسة دينكمان (Dincman, 2021) إلى تعرف  التماثل التنظيمي وعلاقته بالالتزام التنظيمي.

*أداة الدراسة: استخدمت الدراسات السابقة الاستبانة أداة لجمع البيانات من أفراد عينة الدراسة. 

* عينة الدراسة:  اقتصرت عينات بعض الدراسات السابقة على فئة من المعلمين والمعلمات معًا كدراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛ ودراسة أليف (Alevl, 2021)؛ ودراسة دراسة دينكمان (Dincman, 2021). واقتصرت بعض الدراسات السابقة على عينات من المعلمات فقط كدراسة الوزان والشايع (2021)؛ ودراسة المواضية (2018). وبعضها الآخر اقتصر على المعلمين الذكور فقط كدراسة مصباحي وبوبيدي (2021). بينما كانت عينة بعض الدراسات السابقة من مديري ومديرات المدارس كدراسة الخزاعي (2022)؛ ودراسة الشهومي والحدابي (2021)

* أوجه التشابه والاختلاف بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة

تتشابه الدراسات الحالية كليًا مع الدراسات السابقة في تناولها موضوع قياس مستوى التماثل التنظيمي في البيئة التعليمية الخزاعي (2022)؛ ودراسة الوزان والشايع (2021)؛ ودراسة الشهومي والحدابي (2021)؛ ودراسة مصباحي وبوبيدي (2021)؛ ودراسة المواضية (2018)؛ وتتشابه جزئيًا مع الدراسات السابقة كدراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)، ودراسة أليف (Alevl, 2021)؛ و دراسة دينكمان (Dincman, 2021) والتي تناولت متغير التماثل التنظيمي، إلا أن الدراسة الحالية تختلف معها في تناول هذه الدراسات دراسة أثر المتغير التنظيمي على متغيرات أخرى. 

تتفق الدراسات الحالية بشكل مباشر مع الدراسات السابقة التي ضمت عينة من المعلمين والمعلمات معًا كدراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛ ودراسة أليف (Alevl, 2021)؛ ودراسة دراسة دينكمان (Dincman, 2021). كما أنها تتفق جزئيًا مع الدراسات التي اقتصرت عينتها على المعلمات كدراسة الوزان والشايع (2021)؛ ودراسة المواضية (2018). وتتفق جزيئًا أيضًا مع مدراسة مصباحي وبوبيدي (2021) التي اقتصرت عينتها على المعلمين. ولكن تختلف الدراسة الحالية مع دراسة الخزاعي (2022)؛ ودراسة الشهومي والحدابي (2021) التي اقتصرت عينتها على مديري ومديرات المدارس. 

تتفق الدراسة الحالية مع الدراسات السابقة في استخدامها الاستبانة أداة لتحقيق أهداف الدراسة. 

تمتاز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة في أنها من الدراسات المحلية القليلة والأولى من نوعها التي تناولت مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة – وفي حدود علم الباحث ومعرفته -

*أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة

تم الاستفادة من الدراسات السابقة في إثراء أدبيات الدراسة الحالية، وتحديد المشكلة وأسئلتها، وإعداد استبانة الدراسة وفقراتها ومجالاتها، وتحديد الأساليب والمعالجات الإحصائية المناسبة لسؤالي الدراسة، إضافة إلى مناقشة النتائج والخروج بالتوصيات المناسبة. 

الطريقة والإجراءات

منهج الدراسة 

استخدم في هذه الدراسة المنهج الوصفي المسحي؛ لانسجامه مع خصوصية هذه الدراسة وطبيعتها. 

مجتمع الدراسة 

تألف مجتمع الدراسة من جميع معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية في مديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة خلال الفصل الأول من العام (2024/2023) والبالغ عددهم (3000) معلمًا ومعلمة. 

عينة الدراسة 

تم اعتماد الطريقة العشوائية الطبقية في اختيار أفراد عينة الدراسة، وقد روعي في الاختيار أن تكون العينة ممثلة للمجتمع، إذ بلغت العينة (1380) معلمًا ومعلمة أي ما نسبته (%46) من مجتمع الدراسة. والجدول (1) يبين توزيع أفراد العينة حسب متغيراتها. 

جدول (1) توزيع أفراد عينة الدراسة حسب متغيرات (النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة، ومستوى المدرسة).

أداة الدراسة

تم تطوير استبانة لغايات تحقيق أهداف الدراسة الحالية وجمع البيانات من أفراد العينة، وجاء تطوير الاستبانة بعد الاطلاع على الأدب التربوي والدراسات السابقة المتعلقة بموضوع التماثل التنظيمي، والاستفادة ما أمكن من استباناتها في صياغة فقرات ومجالات استبانة الدراسة الحالية، ومن بين الدراسات التي تم الرجوع والاستفادة منها في تطوير الاستبانة بصورتها الأولية دراسة. الخزاعي (2022)؛ ودراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛ ودراسة يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛ ودراسة مصباحي وبوبيدي (2021)؛ ودراسة المواضية (2018).  وبعد ذلك، صيغت فقرات ومجالات استبانة التماثل التنظيمي بشكلها الأولي، حيث تكونت من قسم خاص بالمتغيرات المستقلة لأفراد العينة (النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة، ومستوى المدرسة)، وقسم آخر شمل (30) فقرة موزعة على ثلاثة مجالات تقيس مستوى التماثل التنظيمي. 

 صدق الأداة

عرض الباحث الاستبانة في صيغتها الأولية على (13) محكمًا من أهل الخبرة والاختصاص في المجالات التربوية وتحديدًا في مجال القيادة والإدارة التربوية ومجال القياس والتقويم؛ وقد قام هؤلاء المحكمون بقراءة فقرات الاستبانة ومن ثم تقديم أهم الملاحظات والتعديلات، وبعد التحكيم أخذ الباحث بجميع المقترحات التي أجمع عليها المحكمون وبنسبة (%80)، حيث تم حذف (6) فقرات وتعديل فقرات أخرى، وبذلك أصبحت الاستبانة بشكلها النهائي تتكون من (24) فقرة مقسمة على ثلاثة مجالات: (مجال العضوية، ومجال الولاء، ومجال التشابه).  وقد استخدم سلم ليكرت الخماسي للإجابة عن فقرات الاستبانة (5 كبيرة جدًا، 4 كبيرة، 3 متوسطة، 2 قليلة، 1 قليلة جدًا).

ثبات الأداة 

طبق الباحث الاستبانة على عينة استطلاعية من خارج عينة الدراسة وتم اختيار بالطريقة العشوائية والبالغة (30) معلمًا ومعلمة، وبعد مرور  أسبوعان تم إعادة التطبيق مرة أخرى على العينة نفسها وذلك حسابًا لمعامل ثبات الإعادة بالاعتماد على معامل ارتباط بيرسون. وكانت قيم معامل ثبات الإعادة بين التطبيقين على النحو الآتي: (مجال العضوية (0.89)ــ ومجال الولاء (0.91)، ومجال التشابه (0.87)، بينما بلغت القيمة الكلية للاستبانة (0.86). والجدول (2) يبين قيم معاملات ثبات الإعادة لمجالات أداة الدراسة والأداة ككل. 

جدول (2) قيم معامل ثبات ارتباط بيرسون بين التطبيقين

يلاحظ من الجدول (2) بأن قيم معامل ثبات الإعادة لكل من فقرات مجال العضوية بلغت (0.89)، وبلغت (0.91) لفقرات مجال الولاء، وبلغت (0.87) لمجال التشابه.  بينما حصلت الاستبانة ككل على (0.86). وفي ضوء القيم المحسوبة لمعامل ثبات الإعادة لفقرات مجالات الاستبانة والاستبانة ككل، فإن الاستبانة تتمتع بدرجة عالية من الثبات، وبالتالي فهي صالحة للتطبيق ولغايات الدراسة  الحالية.   

وباستخدام معادلة كرونباخ ألفا تم التحقق من ثبات الاتساق الداخلي لمجالات أداة الدراسة  والأداة الكلية، فقد تم التحقق من ثبات الاتساق الداخلي لمجالات أداة الدراسة والأداة الكلية. والجدول (3) يظهر قيم الثبات. 

جدول (3) قيم معامل ثبات الاتساق الداخلي لكل مجال من المجالات والأداة الكلية.

يلاحظ من الجدول (3) بأن قيم معامل ثبات الاتساق الداخلي وفق معادلة كرونباخ ألفا لكل من فقرات مجال العضوية بلغت (0.94)، وبلغت (0.96) لفقرات مجال الولاء، وبلغت (0.97) لمجال التشابه.  بينما حصلت الاستبانة ككل على (0.96). وفي ضوء القيم المحسوبة لمعامل ثبات الاتساق الداخلي لفقرات مجالات الاستبانة والاستبانة ككل، فإن الاستبانة تتمتع بدرجة عالية من الثبات، وبالتالي فهي صالحة للتطبيق ولغايات الدراسة  الحالية. 

متغيرات الدراسة 

*المتغيرات المستقلة: تمثلت المتغيرات المستقلة في الخصائص الشخصية لأفراد عينة الدراسة، وهي: متغير النوع الاجتماعي (ذكور، وإناث)، ومتغير سنوات الخبرة (4 – 1 سنوات، 9 – 5 سنوات، 10 سنوات فأكثر)، ومتغير مستوى المدرسة (أساسية، وثانوية). 

* المتغيرات التابعة: وتمثلت في متغير واحد فقط، وهو: مستوى التماثل التنظيمي (العضوية، والولاء، والتشابه) لدى المستجيبين من أفراد عينة الدراسة (المعلمين والمعلمات) في المدارس الأساسية والثانوية والموزعة حسب الحدود الجغرافية لمديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة. 

المعالجات الإحصائية 

لغاية تحليل إجابات أفراد عينة الدراسة على فقرات ومجالات الاستبانة ووصولًا إلى نتائج الدراسة تم استخدام المعالجات والأساليب الإحصائية المناسبة؛ حيث استخدمت المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للإجابة عن السؤالين: الأول والثاني، وكذلك تحليل التباين المتعدد لاختبار مدى وجود تباين إحصائي بين المتغيرات المستقلة لأفراد العينة، واختبار شفيه للمقارنات البعدية.   

المعيار الإحصائي

تم اعتماد المعادلة الآتية (القيمة العليا – القيمة الدنيا/عدد المستويات؛ أي (1 – 5/5=0.80)؛ لتحديد  مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة. وبناء على تلك المعادلة، كان المعيار الإحصائي للحكم على درجة المستوى (1.80 -1.00 قليلة جدًا، 2.60 – 1.81 قليلة، 3.40 – 2.61 متوسطة، 4.20 – 3.41 كبيرة، 5.00 – 4.21 كبيرة جدًا).

إجراءات الدراسة

- العودة إلى الأدب التربوية والدراسات السابقة ذات العلاقة بموضوع الدراسة الحالية، وتطوير  أداة الدراسة في صورتها الأولية، ومن ثم التحقق من صدقها وثباتها. 

- توزيع الاستبانة بصورتها النهائية على عينة الدراسة وبعد أخذ الموافقة الرسمية من مديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة. 

- تفريغ البيانات المسترجعة من إجابات المعلمين والمعلمات في ملف (Excel)، ومعالجتها إحصائيًا باستخدام برنامج SPSS))، واستخدام المعالجات والأساليب الإحصائية المناسبة لأسئلة الدراسة وبياناتها. 

- تحليل النتائج ومناقشتها، والخروج بمجموعة من التوصيات. 

نتائج الدراسة ومناقشتها 

** نتائج السؤال الأول ومناقشتها: " ما تقدير مستوى التماثل التنظيمي لدى معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة؟".

للإجابة عن هذا السؤال، تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقديرات مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد العينة المستهدفة في الدراسة الحالية. والجدول (4) يبين ذلك.

جدول ((4  المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقدير  مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة وفق كل مجال من مجالات أداة الدراسة والأداة ككل.

يبين الجدول (4) أن المتوسطات الحسابية لتقديرات مستوى  مجالات التماثل التنظيمي قد تراوحت تنازليًا ما بين (3.09 – 3.27) وجاءت جميعها بدرجة متوسطة، واحتل المرتبة الأولى مجال الولاء وبمتوسط حسابي بلغ (3.27)، وفي المرتبة الثانية جاء مجال التشابه  وبمتوسط حسابي بلغ (3.16)، وجاء مجال العضوية في المرتبة الثالثة والأخيرة وبمتوسط حسابي بلغ (3.09). أما المتوسط الحسابي الكلي لمستوى التماثل التنظيمي وفقًا لوجهات نظر أفراد عينة الدراسة (معلمي ومعلمات المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة) فقد بلغ (3.17)؛ أي بدرجة (متوسطة). وقد يعزى ذلك إلى كثرة الوظائف والأعمال التي تسند إلى المعلمين في مدارسهم، وتوتر العلاقات بين إدارة المدرسة من جهة، والمعلمين أنفسهم من جهة أخرى، وعدم رضا أفراد عينة الدراسة عن طبيعة المكافآت والعلاوات والترقية الوظيفية، وكذلك الازدواجية التي قد يتبعها بعض مديري المدارس في التعامل مع المعلمين، والأهم من ذلك هو غياب دافعية العمل لدى المعلمين وذهاب بعضهم إلى البحث عن وظيفة أخرى أو الانتقال إلى مؤسسة أخرى لامتيازاتها المادية والاجتماعية. وهذا كله، يؤدي إلى حالة من التذمر، وعدم الرضا، وقلة الروح المعنوية، وتراجع مستوى التماثل التنظيمي لدى المعلمين. 

تتفق هذه النتيجة مع نتائج الدراسات التي بينت أن مستوى التماثل التنظيمي قد جاء بدرجة متوسطة مثل دراسة الوزان والشايع (2021)؛ و الشهومي والحدابي (2021)؛ و المواضية (2018)

بينما تختلف نتيجة الدراسة الحالية مع نتائج الدراسات التي أظهرت أن مستوى التماثل التنظيمي قد جاء بدرجة كبيرة مثل دراسة الخزاعي (2022)؛ و يلماز وكايا (Yilmaz, & Kaya, 2022)؛ و أليف (Alevl, 2021)؛ و دينكمان (Dincman, 2021)؛ و مصباحي وبوبيدي (2021)

كما تم استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لكل مجال من مجالات أداة التماثل التنظيمي كل على حده. والجداول (5 ،6 ،7 ) تبين ذلك.

المجال الأول: العضوية

جدول (5 ) المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لفقرات مجال العضوية.

يبين الجدول (5) أن المتوسطات الحسابية لفقرات المجال وفق استجابات أفراد عينة الدراسة قد تراوحت تنازليًا ما بين (1.88 – 4.20) ما بين درجة (كبيرة، وقليلة)، فقد احتلت الفقرة رقم (5) " أهتم بإخلاص بمستقبل المدرسة " المرتبة الأولى وبمتوسط حسابي بلغ (4.20 )، وجاءت الفقرة رقم (2) " سأستمر في عملي في هذه المدرسة حتى لو كان بدون مقابل " في المرتبة الأخيرة وبمتوسط حسابي بلغ (1.88). وبلغ المتوسط الحسابي الكلي لمجال العضوية (3.08) وبدرجة متوسطة. وهذا يعني أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة في المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة فيما يتعلق بمجال العضوية قد جاء بدرجة متوسطة. يرى الباحث بأن أفراد عينة الدراسة (من المعلمين والمعلمات في المدارس الأساسية والثانوية والحكومية في لواء بني كنانة) يهتمون بإخلاص بمستقبل المدرسة، إلا أنهم ليسوا فخورين بالعمل في المدرسة وهذا يعود إلى جملة من الأسباب، منها: انعزال المعلمين والمعلمات عن مجريات ما يحدث في البيئة المدرسية، واستفراد الإدارة المدرسية بصنع القرار واتخاذه دون إشراك المعلمين والمعلمات في ذلك، إضافة إلى غياب سياسة تشجيع وتحفيز المعلمين وتقدير إنجازاتهم، ونقص دافعية المعلمين نحو العمل في المدرسة، وقد يكون بعد مكان المدرسة عن مكان سكن المعلمين.

تتفق هذه النتيجة مع دراسة كل من والتي بينت أن مجال العضوية/ الانتماء قد جاء بدرجة متوسطة مثل دراسة كل من الوزان والشايع (2021)؛ و المواضية (2018)، في حين تختلف نتيجة الدراسة الحالية عن بعض الدراسات الأخرى التي أظهرت أن مجال العضوية قد جاء بدرجة كبيرة مثل دراسة كل من الخزاعي (2022)؛ ومصباحي وبوبيدي (2021).

المجال الثاني: الولاء

جدول (6 ) المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لفقرات مجال الولاء.

يبين الجدول (6) أن المتوسطات الحسابية لفقرات المجال وفق استجابات أفراد عينة الدراسة قد تراوحت تنازليًا ما بين (1.88 – 3.95) ما بين درجة (كبيرة، ومتوسطة)، فقد احتلت الفقرة رقم (11) " أنا على أتم الاستعداد لبذل أقصى جهودي لمساعدة المدرسة في تحقيق أهدافها " المرتبة الأولى وبمتوسط حسابي بلغ (3.95)، وجاءت الفقرة رقم (13) " سأكون على أتم الاستعداد لقضاء بقية خدمتي المهنية في المدرسة " في المرتبة الأخيرة وبمتوسط حسابي بلغ (1.88). وبلغ المتوسط الحسابي الكلي لمجال الولاء (3.27) وبدرجة متوسطة. وهذا يعني أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة في المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة فيما يتعلق بمجال الولاء قد جاء بدرجة متوسطة. وهنا، يتوقف الباحث قليلًا؛ حيث إن النتيجة المتوسطة لمجال ولاء المعلمين لمدارسهم بمثابة مؤشر خطير  يجب التمعن به، ومراجعة جميع العوامل المؤثرة في الولاء التنظيمي، والعمل على تحسين الواقع لزيادة مستوى التماثل التنظيمي في مجال الولاء وبقية المجالات الأخرى.  وربما تعود نتيجة الدراسة الحالية لهذا المجال إلى ضعف دافعية المعلمين نحو التعليم، ومحدودية الصلاحيات الممنوحة لهم، وعدم مناسبة العلاوات والزيادات السنوية مقارنة بالجهود التي يبذلونها، وغياب الشراكة الحقيقية بين المدرسة وممثلة بالمعلم والأسرة ومؤسسات المجتمع المدني، وتراجع اهتمام المجتمع بمكانة المجتمع ودعم دوره الحيوي في تكوين الأبناء وصقل شخصياتهم، بالإضافة إلى إحساس بعض المعلمين بالاغتراب الوظيفي وعدم انسجامه مع زملائه المعلمين؛ نظرًا لاختلاف الصفات والخصائص بينهم، بالإضافة إلى عدم رغبة المعلم بالأساس العمل أو الانتقال إلى المدرسة التي يعمل بها، ورغبته العمل في مدرسة أخرى يرى بأنه يشترك مع معلميها بمجموعة من القواسم المشتركة من الاتجاهات والاهتمامات، وقد تكون قريبة من المكان الذي يسكنه. 

تتفق هذه النتيجة مع دراسة كل من والتي بينت أن مجال الولاء/ الولاء التنظيمي قد جاء بدرجة متوسطة مثل دراسة كل من الوزان والشايع (2021)؛ و المواضية (2018)، في حين تختلف نتيجة الدراسة الحالية عن بعض الدراسات الأخرى التي أظهرت أن مجال العضوية قد جاء بدرجة كبيرة مثل دراسة كل من الخزاعي (2022)؛ ومصباحي وبوبيدي (2021).

المجال الثالث: التشابه

جدول (7) المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لفقرات مجال التشابه.

يبين الجدول (7) أن المتوسطات الحسابية لفقرات المجال وفق استجابات أفراد عينة الدراسة قد تراوحت تنازليًا ما بين (2.82 – 3.53) ما بين درجة (كبيرة، ومتوسطة)، فقد احتلت الفقرة رقم (19) " يصعب علي الموافقة على سياسات المدرسة في أمور مهمة تتعلق بي " المرتبة الأولى وبمتوسط حسابي بلغ (3.53)، وجاءت الفقرة رقم (14) " يعمل المعلمون تجاه الهدف نفسه " في المرتبة الأخيرة وبمتوسط حسابي بلغ (2.82). وبلغ المتوسط الحسابي الكلي لمجال التشابه (3.16) وبدرجة متوسطة. وهذا يعني أن مستوى التماثل التنظيمي لدى أفراد عينة الدراسة في المدارس الأساسية والثانوية الحكومية في لواء بني كنانة فيما يتعلق بمجال التشابه قد جاء بدرجة متوسطة. وهذا يدل على أن التشابه بين قيم وأهداف المعلمين وقيم المدرسة وأهدافها تتطابق بمستوى تماثل متوسط، وينعكس الأمر بالضرورة على العلاقات بين الزملاء المعلمين مع بعضهم البعض من جهة، وبينهم وبين المدرسة نفسها من جهة أخرى، حيث يرون بأن علاقتهم بالمدرسة علاقة جزئية وليست كلية. وهذا يفسر نتيجة العلاقة الضعيفة بين المعلمين والإدارة المدرسية، وغياب روح العمل والتعاون بين المعلمين، وضعف انتماء المعلمين للمدرسة، بالإضافة اختلاف وتباين الاتجاهات والاهتمامات بين المعلمين – على الرغم من أنهم قد يكونون من بيئة محلية واحدة -. 

تتفق هذه النتيجة مع دراسة كل من والتي بينت أن مجال التشابه قد جاء بدرجة متوسطة مثل دراسة كل من الوزان والشايع (2021)؛ و المواضية (2018)، في حين تختلف نتيجة الدراسة الحالية عن بعض الدراسات الأخرى التي أظهرت أن مجال العضوية قد جاء بدرجة كبيرة مثل دراسة كل من الخزاعي (2022)؛ ومصباحي وبوبيدي (2021).

** نتائج السؤال الثاني ومناقشتها: "هل توجد اختلافات إحصائية عند مستوى الدلالة ((α=0.05 بين تقديرات مستوى التماثل التنظيمي لدى الأفراد المشاركين في هذه الدراسة تعزى إلى متغيراتهم الشخصية (النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة، ومستوى المدرسة)؟ ؟".

للإجابة عن هذا السؤال، تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لبيان فيما إذا كانت هناك اختلافات إحصائية بين تقديرات أفراد عينة الدراسة تعزى إلى المتغيرات المستقلة. والجدول (8) يبين ذلك. 

جدول (8) المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لدلالة الفروق الإحصائية وفق  متغيرات الدراسة (النوع الاجتماعي، وسنوات الخبرة، ومستوى المدرسة).

يلاحظ من الجدول (8) وجود فروق معنوية بين متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة لكل مجال من مجالات أداة الدراسة والأداة الكلية تبعًا لمتغيرات الدراسة. ولبيان مصادر تلك الفروق، تم استخدام تحليل التباين المتعدد. والجدول (9) يعرض النتائج. 

جدول (9) نتائج تحليل التباين المتعدد لدلالة  أثر متغيرات الدراسة المستقلة على مجالات أداة الدراسة.

(*0.00 دال إحصائيًا).

يلاحظ من الجدول (9) ما يأتي:

- لا يوجد فرق دال إحصائيًا عند مستوى الدلالة (α=0.05) بين متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة في جميع مجالات التماثل التنظيمي (العضوية، والولاء، والتشابه) تعزى إلى متغير النوع الاجتماعي.  وهذا يدل على أن المعلمين والمعلمات (ذكورًا وإناثًا) يتفقون تمامًا في مستوى التماثل التنظيمي مع مدارسهم، وقد يرجع ذلك إلى اعتقادهم بأن مهنة التعليم لا تشكل استقرارًا وظيفيًا وأنها لا تتناسب مع اتجاهاتهم ورغباتهم مقارنة بالوظائف الأخرى والامتيازات التي تتمتع بها مقارنة بالوظائف التعليمية، وكذلك عدم رضا المعلمين والمعلمات عن جوانب العمل، وعدم رغبتهم الاستمرار والبقاء في العمل بذات المدرسة أو غيرها من المدارس الأخرى. 

تختلف هذه النتيجة مع نتيجة دراسة كل من الخزاعي (2022)؛ الشهومي والحدابي (2021) التي بينت وجود فروق ذات دلالة إحصائية لصالح النوع الاجتماعي

- يوجد فرق دال إحصائيًا عند مستوى الدلالة (α=0.05) بين متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة في جميع مجالات التماثل التنظيمي تعزى إلى متغير سنوات الخبرة. ولبيان مصادر الفروق الإحصائية تم استخدام شفيه للمقارنات البعدية. والجدول (10) يعرض النتائج. 

- لا يوجد فرق دال إحصائيًا عند مستوى الدلالة (α=0.05) بين متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة في جميع مجالات التماثل التنظيمي تعزى إلى متغير مستوى المدرسة. ويعود ذلك إلى أن المعلمين والمعلمات وعلى اختلاف مستوى مدارسهم (سواء أكانت أساسية أم ثانوية) يتشابهون إلى حدٍ كبير في البيئة المدرسية والتعليمية التي يعملون فيها. وهذا يدل على أنه لا توجد فجوة بين معلمي المدارس الأساسية والثانوية في مستوى التماثل التنظيمي، فهم يخضعون لنفس الظروف والإمكانات والبيئة المدرسية، وقوانين وتشريعات ولوائح وزارة التربية والتعليم، والثقافة والمناخ التنظيمي متشابه جدًا. 

جدول (10) اختبار شفيه للمقارنات البعدية لدلالة الفروق الإحصائية تبعًا لمتغير سنوات الخبرة.

يلاحظ من الجدول (10) بأن الفروق الإحصائية بين متوسطات استجابات أفراد عينة الدراسة في جميع مجالات التماثل التنظيمي وفق متغير سنوات الخبرة قد جاءت لصالح فئة (10 سنوات فأكثر). وتدل هذه النتيجة على أن أفراد عينة الدراسة ممن خبرتهم تجاوزت (11 سنة فأكثر) لديهم مستوى تماثل تنظيمي وارتباط أكثر بمدارسهم من المعلمين الذين تقع سنوات خبرتهم ما بين (5 – 1 سنوات، 10 – 9 سنوات). ويدل ذلك على أن أفراد عينة الدراسة من ذوي الخبرة الطويلة لديهم مستوى تماثل تنظيمي وارتباط بمدارسهم أعلى من غيرهم من ذوي الخبرة الواقعة ما بين (5 – 1 سنوات، 10 – 9 سنوات). فالمعلمون القدامى يرتبطون بمدارسهم ارتباطًا وثيقًا بحكم عملهم وخبرتهم الطويلة وامتلاكهم المقدرة على تحديد مستوى التماثل التنظيمي، وكذلك من خلال التدريب الذي خضعوا لهم خلال فترة عملهم الطويلة. فالخبرة الطويلة تلعب دورًا مهمًا في زيادة مستوى التماثل التنظيمي لدى المعلمين القدامى، وجعلهم أكثر انسجامًا بقيم المدرسة وأهدافها، وكذلك قلة رغبتهم بترك المدرسة أو النقل منها. 

تتفق هذه النتيجة مع نتيجة دراسة الخزاعي (2022) و التي أشارت إلى وجود فروق دالة إحصائيًا تعزى لمتغير سنوات الخبرة، ولكن تختلف نتيجة الدراسة الحالية مع نتيجة دراسة الشهومي والحدابي (2021)؛ ودراسة الوزان والشايع (2021) التي لم تظهر أي فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغير سنوات الخبرة.

التوصيات

في ضوء ما خلصت إلى الدراسة الحالية من نتائج، فإنه يوصى بالآتي:

1-توفير وزارة التربية والتعليم البرامج التدريبية وورش العمل ذات العلاقة بالتماثل التنظيمي وكيفية توظيفه ورفع مستواه لدى المعلمين والمعلمات في المدارس الحكومية.

2- قيام وزارة التربية والتعليم بإيلاء اهتمام كبير لموضوع الحوافز والمكافآت.

3- نشر ثقافة العمل بروح الفريق الواحد، وتشكيل فرق العمل، مما يؤدي ذلك إلى توحيد جهود المعلمين وتوجههم جمعيًا نحو تحقيق الأهداف المدرسية والمصلحة المشتركة. 

4- توفير قيادة المدارس مناخًا تنظيمًا تسوده مشاعر المحبة والثقة والاحترام المتبادل.

-5 تحديد احتياجات المعلمين وتطلعاتهم ورغباتهم، والعمل على تحقيقها. 

6- تقوية أواصر العلاقات الإنسانية بين المعلمين أنفسهم؛ لزيادة مستوى التشابه بين أفكارهم واهتماماتهم، وتحسين مكانة المعلم وعضويته في مجموعة المعلمين وزملائه في المدرسة.

7- إجراء المزيد من الدراسات المستقبلية ذات الصلة بمجال التماثل التنظيمي، وبمتغيرات مختلفة لم تتناولها الدراسة الحالية.