مدى توافر مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس

الباحث المراسلميثاء عبدالله البلوشية وزارة التربية و التعليم
د. ناصر سليّم المزيدي جامعة نزوى

تاريخ تسليم البحث :2025-02-10
تاريخ قبول البحث :2025-02-10
تاريخ قبول البحث :2025-02-10
تاريخ نشر البحث :2025-03-13
الإحالة إلى هذه المقالة   |   إحصائيات   |   شارك  |   تحميل المقال

مقدمة:

تطورت العملية التعليمية في القرن الحادي والعشرين بشكل كبير وملاحظ، ولذلك لا بد من مواكبة هذا التطور في كافة المجالات المتعلقة بالتعليم، بما في ذلك المناهج التعليمية من حيث تطويرها وتنظيمها ومواكبتها للمتغيرات المحلية والدولية، فجاءت الحاجة إلى إعادة النظر في المناهج المطبقة ومدى تمكنها من تحقيق الأهداف التربوية، بما فيها إكساب الطلبة للمعارف وربطها وتوظيفها في حياتهم، وتمكينهم من مهارات القرن الحادي والعشرين.

إن عملية تنظيم وتطوير المناهج ليست بالأمر الهين اليسير؛ لأن المناهج ترتبط بمجموعة متشابكة من القيم الفلسفية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية التي يلتزم بها المجتمع؛ لأن العملية التربوية – بصفة عامة – لها مقومات عديدة كمعرفة الطفل البيولوجية والنفسية والاجتماعية، ومناهج التعليم ومحتواه، والطرائق التربوية والوسائل التعليمية، والمعلم باعتباره أداة إنتاج، ووسائل التقويم من فحوص واختبارات، والإدارة التربوية (فضل الله، 2016، 83).

وتحظى مناهج العلوم بأهمية خاصة إذ يقع عليها العبء الأكبر في تحقيق مجموعة كبيرة من الأهداف التربوية، والتي من بينها اكتساب المتعلم الثقافة العلمية (Scientific Literacy)، وربطه بالعالم الذي يعيشه وبواقع بيئته، وبحياته اليومية واهتماماته، ليشعر بقيمة ما يتعلمه (الجهوري، والخروصي، 2010، 167)، ولذا فإن مناهج العلوم من أكثر المناهج حاجة إلى المراجعة.

وتعد رؤية عمان 2040 مرحلة جديدة للمناهج الدراسية؛ فهي رؤية معاصرة متجددة ومتنوعة، وقادرة على تنمية عناصر المنظومة التعليمية بما تتضمنه من قوى بشرية ومناهج دراسية وأنشطة ونظم تقويم، وتفعيل أدوارها وتجديد أدواتها وممارساتها العملية. فرؤية عمان 2040م رؤية ثاقبة تطورية شاملة للتعليم بسلطنة عمان، تستشرف المستقبل وتتطلع إلى المزيد من التطور وتحقيق الإنجازات وفق منظومة عمل طموحة، أسهمت في صياغتها كل شرائح المجتمع لتحديد الأهداف بدقة متناهية ورسم خارطة العمل وآليات التنفيذ والتفكير، مما يجسد رؤية بعيدة المدى والتفكير في المستقبل، وتؤسس الرؤية المستقبلية لمجتمع معرفي ممكن، إنسانه مبدع، معتز بهويته وثقافته، ملتزم بمواطنته وقيمه، ينعم بحياة كريمة ورفاه مستدام، عماده رعاية صحية رائدة وحياة نشطة، وتعليم شامل يضمن منظومة تعلم مدى الحياة؛ ليساهم في تنمية مهارات المستقبل، ويسهم في تعزيز البحث العلمي وبناء القدرات الوطنية، محققًا النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، في دولة أجهزتها مرنة ومسؤولة، وحوكمتها شاملة، ورقابتها فاعلة، وقضاؤها ناجز، وأداؤها كفؤ، وإعلامها فاعل متجدد، يعضدها مجتمع مدني، ممكّن ومشارك في مناحي الحياة كافة، وصولًا إلى مستويات متقدمة من التنمية الإنسانية ( مكتب رؤية عمان 2040، 2019).

وقد أشارت الأبعاد الاستراتيجية لرؤية عمان 2040م إلى أهمية التعليم باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة؛ وقد أشار صاحب الجلالة السلطان قابوس-رحمه الله-في دور الانعقاد السنوي للفترة الخامسة لمجلس عمان عام 2011م، إلى التركيز على أن يكتسب الطلاب مهارات الوعي والمسؤولية، وأن يتمتعوا بالخبرة والمهارة والتطلع إلى مستويات معرفية أرقى وأنفع، وضرورة مراجعة السياسة التعليمية والخطط والبرامج، وتطوير المناهج وتحديثها كي تتناسب مع المتغيرات التي يشهدها الوطن والعالم (الجابري، 2020، 81).

وتنفيذًا لتوجيهات جلالة السلطان قابوس – رحمه الله-صدر المرسوم السلطاني السامي رقم (48/ 2012) بإنشاء مجلس التعليم ليكون امتدادًا لمجلس التعليم العالي الذي أنشئ في عام 1998، والذي من مهامه الرئيسة وضع الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عمان 2040م، ورسم السياسيات التعليمية الجديدة ووضع ملامحها، وبرامجها التطويرية ومناهجها العصرية وفق متطلبات التنمية المستدامة.

مشكلة الدراسة

نبع الإحساس بمشكلة الدراسة الحالية من خلال مجموعة من الشواهد تمثلت فيما يلي:

أولا: نتائج وتوصيات الدراسات والبحوث السابقة:

فقد أشارت العديد من الدراسات والأدبيات ومنها العبدلية (2018)؛ العبدلية (2016)؛ الحمداني(2011)؛ الخروصي(2010)؛ البادري(2020) إلى ضعف تضمين محتوى كتب العلوم لمعايير الجيل القادم وأبعاد الثقافة العلمية ومهارات القرن الحادي والعشرين بصفة عامة، والتي تتضمنها وثيقة التعليم في سلطنة عمان في ضوء مفاهيم رؤية 2040م، كما أوصت هذه الدراسات بضرورة تنمية تلك المهارات لدى الطلاب لإعداد مواطن قادر على التفاعل، والتعاون مع أفراد المجتمع، ومواجهة كل الظروف والمستجدات التي تواجهه في القرن الحادي والعشرين.كما أوصت نتائج المؤتمر العلمي نحو استثمار أفضل للعلوم التربوية والنفسية في ضوء تحديات العصر (2019) إلى التأكيد على دمج المهارات الحياتية المعاصرة ومن بينها مهارات القرن الحادي والعشرين في مناهج التعليم العام.

ثانيًا: الدراسة الاستطلاعية:

قام الباحثان بإجراء مقابلات شخصية مع عدد (15) من مشرفات ومعلمات العلوم للتعرف على مدى توافر بعض المهارات اللازمة لطلاب تلك المرحلة، وبالأخص مهارات القرن الحادي والعشرين، وقد أكدت نتائج تلك المقابلات وجود ضعف لدى الطلاب في تلك المهارات. وقد لوحظ أن معظم من شملتهم تلك المقابلات يرون وجود ضعف في مستوى مهارات القرن الحادي والعشرين لدى تلاميذ الصفين الخامس والسادس، وقد يرجع هذا الضعف إلى قصور الكتب الدراسية وأدلة المعلمين لتقديمها طرق تدريس تقليدية (التلقين) أثناء التدريس، والتركيز على الجوانب المعرفية فقط. وفي ضوء ما أشير إليه من نتائج دراسة كل من: الخروصي (2010)؛ الحمداني (2012)؛ العبدلية (2016)؛ حجة (2018)؛ البادري (2020) ونتائج الدراسة الاستطلاعية يمكن صياغة مشكلة الدراسة في السؤال الآتي:

ما مدى توافر مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس؟

ويتفرع عنه الأسئلة الآتية: 

السؤال الأول: ما المهارات المتوفرة في رؤية عمان 2040م؟

السؤال الثاني: ما المهارات المتوفرة في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة الحالية للتحقق من مدى توافر مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

أهمية الدراسة:

تتضح أهمية الدراسة الحالية فيما يأتي:

الأهمية النظرية:

  • التراكم المعرفي والنمو المتزايد في المعرفة الإنسانية أدى إلى ظهور العديد من القضايا والمهارات التي نجمت عن هذا التطور في الموضوعات العلمية والسياسية والاجتماعية، مما يستوجب مواكبة تلك الموضوعات.
  • تناول مهارات القرن الواحد والعشرين يتسق ورؤية عمان2040م، والتي من أسمى مخرجاتها تخريج جيلاً جديداً قادراً على مواجهة الحياة الحديثة ليتسنى له التفاعل بوعي مع التطورات الحضارية العالمية في جميع الميادين، وتكوين الوعي الإيجابي الذي يواجه به الطلاب صنوف الحداثة والقضايا العصرية، لذا كان من الأهمية بمكان التحقق من قدرة مناهج العلوم في مواجهة القضايا المعاصرة ومستجدات التطوير والتحديث.

الأهمية التطبيقية:

  • تقديم أدوات بحثية من إعداد الباحثين تتمثل في قائمة المهارات المتوفرة برؤية عمان 2040م والواجب تضمينها في المرحلة عينة البحث الحالي.
  • قد تفتح هذه الدراسة مجالات عديدة للبحوث المستقبلية التي تهتم بالمهارات المتضمنة برؤية عمان 2040م، والتأكيد على توافر تلك المهارات في مقررات العلوم.

حدود الدراسة: 

اقتصرت حدود البحث على ما يأتي:

  • الحدود الموضوعية: اقتصرت هذه الدراسة على التعرف على مدى تضمين محتوى كتب العلوم بالصفين الخامس والسادس المهارات المتضمنة برؤية عمان 2040م.
  • الحدود الزمانية: تم تطبيق الدراسة في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي (2021-2022). 

مصطلحات الدراسة:

المهارات skills: هي الخبرات أو الموهبة اللازمة للقيام بعمل ما أو مهمةٍ ما.

وفي ضوء ذلك يعرف الباحثين مهارات رؤية السلطنة 2040م إجرائيًا بأنها: الكفاءات والقدرات ذات الصلة بمهارات القرن الحادي والعشرين، والمراد قياس نسبة توفرها في محتوى مناهج علوم كامبريدج.

رؤية عمان 2040: هي خطة تنموية حكومية عمانية، نص أمر سلطاني بإعدادها في 22 ديسمبر 2013م، وذلك في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد الذي كلّف السيد هيثم بن طارق -السلطان الحالي -برئاسة اللجنة المُعدّة لها. جاء في أمر تشكيلها: "وجوب إعداد الرؤية المستقبلية 2040 وبلورتها وصياغتها بإتقان ودقة عالية، في ضوء توافق مجتمعي واسع ومشاركة فئات المجتمع المختلفة، بحيث تكون مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي ومستشرقة للمستقبل بموضوعية؛ ليتم الاعتداد بها كدليل ومرجع أساسي لأعمال التخطيط في العقدين القادمين" (عامر، 2021).

وتعرف في الدراسة الحالية إجرائيًا بأنها: تلك المفاهيم والمهارات التي يمكن تدريب الطلبة عليها من خلال محتوى مادة العلوم في الصفين الخامس والسادس، والتي تدعمها وتمكن التلاميذ من الحياة في القرن الحادي والعشرين بفاعلية، وتساعدهم على التفكير الابتكاري والتواصل والتعاون مع الآخرين، وحل المشكلات، والثقافة المعلوماتية، والمبادرة والتوجيه الذاتي.

الإطار النظري والدراسات السابقة

المحور الأول: رؤية عمان 2040م وتطوير المناهج الدراسية:

إن إعداد رؤية مستقبلية للتنمية المستدامة تعد من أهم الاستراتيجيات التي تعتمد عليها الدول لتحقيق التقدم الشامل لمجتمعاتها، حيث لم يعد نهوض الأمم يخضع للتطور التلقائي حسب الظروف، بل أصبح يعتمد على رؤية واضحة تربط الحاضر بالمستقبل، وتعتمد على التخطيط السليم لحشد الطاقات الوطنية وتوجيهها. 

وفي هذا الإطار، تم إعداد الرؤية المستقبلية «عمان 2040م » وفق نهج علمي شمولي متعدد المحاور، ركز على المجالات الرئيسة ذات الأهمية بالنسبة لعمان في الفترة القادمة، وذلك باتباع منهجية البحث العلمية، حيث استقت الرؤية أفكارها من جميع فئات المجتمع ومن ثم تم ترتيب هذه الأفكار حسب المواضيع والمحاور والقطاعات المختلفة لاستخلاص الأنسب منها، الأمر الذي انعكس على تعزيز مضمونها، والأهم من ذلك هو إيجاد روح الانتماء والسبل الكفيلة بتحقيق النقلة النوعية المنشودة، بالإضافة إلى إيجاد رؤية واقعية قابلة للتحقيق (مكتب رؤية عمان 2040م، 2019).

ويمكننا القول أن هناك أربع سمات واضحة في منهجية إعداد رؤية عمان 2040م، أو أنها صيغت بمنهج علمي استباقي وتشاركي، فقد شارك في صياغتها أكثر من 41 ألف مشارك من فئات المجتمع المختلفة ومن كل محافظات السلطنة، من خلال المبادرات الاتصالية وزيارة المحافظات ضمن مبادرة كل عمان، كما أنها كتبت ونسجت بأيدي خبراء عمانيين في مختلفة لجان رؤية عمان 2040م، أما ثالثًا فهي بنيت على استشراف وقراءة المستقبل من خلال تنظيم ملتقى استشراف المستقبل وورشة سيناريوهات المستقبل، ورابعها أنها نصت على معايير لقياس الأداء لعام 2030 وعام 2040 من خلال 65 مؤشرًا بعضها مؤشرات محلية وبعضها مؤشرات دولية.

دور مناهج العلوم وأهدافها في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين:

إن الهدف من تعليم وتعلم العلوم ليس فقط تنمية مهارة العمليات العقلية، وحل مسائل مجردة لا تمت للواقع بصلة، كما هي دائمًا النظرة التقليدية لها، بل الهدف من تعليمها يتعدى ذلك بتنمية أساليب التفكير لدى المتعلمين، بما يضمن قدرتهم على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة في المجتمع والبيئة.

تطوير مناهج العلوم في سلطنة عمان:

اهتمت وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان بتطوير مناهج العلوم، بل وأنشأت دائرة خاصة تقوم بمهمة تطوير مناهج العلوم التطبيقية وتقوم هذه الدائرة بعدة أدوار منها إعداد وتطوير المناهج الدراسية بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، وإعداد وتطوير الكتب المدرسية، وكراسات النشاط، وأدلة المعلمين، وتجريبها. وإعداد وثائق المنهاج بما في ذلك مصفوفات المدى والتتابع للمواد الدراسية، وتطويرها، وبناء معايير المناهج الدراسية وتطويرها، والعمل على تكامل مناهج المواد المختلفة وتساويها في الجودة، واقتراح الوسائل التعليمية والتقنيات التعليمية والتجهيزات اللازمة لتنفيذ المناهج بالتنسيق مع الجهات المعنية، وإعداد المذكرات والنشرات التي تسهم في تجويد تنفيذ المناهج، و وضع المواصفات الخاصة بمختبرات العلوم المدرسية الجديدة وتطويرها في ضوء المستجدات التقنية، بالتنسيق مع الدوائر ذات العلاقة والتأكد من مطابقتها للمواصفات قبل البدء باستعمالها(وزارة التربية والتعليم، 2019).

مبررات تطوير مناهج العلوم بسلاسل عالمية -سلسلة كامبريدج-في سلطنة عمان:

                قامت وزارة التربية والتعليم بتبني سلاسل عالمية في تدريس العلوم والرياضيات لمواكبة المستجدات العالمية وحاجات المجتمع، ومتطلبات سوق العمل، وللاستفادة من الخبرة العالمية والتوجهات المعاصرة في إحداث نقلة نوعية في مناهج العلوم والرياضيات، من حيث المحتوى المعرفي والمهاري، وأسلوب العرض، وتوظيف التقانة، ورفع مستوى تدريس العلوم والرياضيات ليتوافق مع المعايير الدولية والعالمية، وللارتقاء بمستوى الإعداد المعرفي والمهاري لمخرجات التعليم العام لتلبي متطلبات الدراسة في مؤسسات التعليم العالي، ولممشاركة السلطنة في بعض المسابقات والدراسات الدولية، مثل الدراسة الدولية في الرياضيات والعلوم TIMSS ورفع مستوى أداء الطلبة فيها (وزارة التربية والتعليم ، 2019).

المحور الثاني: تحليل محتوى المناهج الدراسية:

مفهوم تحليل المحتوى: 

التحليل لغة: حلل الشيء: أرجعه إلى عناصره أي جزأه، وحلل الشيء: درسه وكشف خباياه (ابن منظور، 1999، ص 220). 

 التحليل اصطلاحًا: هو تجزئة الشيء إلى مكوناته الأساسية وعناصره التي يتركب منها، فعلي سبيل المثال نقول في تحليل الموضوع الإنشائي -التعبيري-إنه يتكون من فكرة عامة وأفكار جزئية، وشواهد قرآنية وأحاديث نبوية، وأبيات شعرية وقيم واتجاهات، ومقدمة، وعرض، وخاتمة. أما عند تحلیل القصيدة الشعرية فنقول إنها تتكون من مفردات وأفكار وعاطفة وخيال، وصور بيانية وجمالية، وقيم. إذًا فكل شيء إذا قمنا بتحليله لوجدنا بأنه يتكون من عناصر ومكونات وأجزاء، تشكل بمجموعها وعند تآلفها وتناغمها ذلك الشيء (طعيمة، 2004، ص 20).   

والمحتوى لغة: حوى الشيء حواية، تجمع، والمحتوى: بيوت الناس من الوبر مجتمعة على ما (ابن منظور، 1999، 239).   

المحتوى اصطلاحاً: من التصور اللغوي السابق ينطلق مفهوم المحتوى الاصطلاحي، ونقصد به كل ما يتضمنه كتاب من معلومات وحقائق وأفكار ومفاهيم، تحملها رموز لغوية، ويحكمها نظام معين من أجل تحقيق هدف ما، كأن يكون هذا الهدف تزويد الآخرين بالجديد في موضوع معين، أو تغيير بعض ما يعرفونه في هذا الموضوع، أو مساعدتهم على إدراك أهمية أفكار معينة، أو التعاطف مع مواقف محددة، أو المشاركة بين المؤلف وبينهم على مستوى الأفكار والحقائق، أو القيم والاتجاهات، أو المشاعر والأحاسيس.

أما التعريف الذي يعد من أشمل التعريفات وأوضحها في تحديد مفهوم تحليل المحتوى هو ما ذكره العساف، ويسمى بتعریف بیرلسون، والذي يعرف تحليل المحتوى بأنه "عبارة عن طريقة بحث يتم تطبيقها من أجل الوصول إلى وصف كمي هادف ومنظم لمحتوى معين"؛ (العساف، 2012، 22).

أهمية تحليل المحتوى وفوائده:

لقد بلغت أهمية تحليل المحتوى درجة كبيرة، فقد تعدت الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بمحتوى الكتب والبحوث، وحل بعض المشكلات المختلفة، والمساعدة في اتخاذ القرار إلى مجالات أوسع وأشمل.  ولتحليل المحتوى أهمية كبيرة في العملية التربوية، تتمثل في اكتشاف أوجه القوة والضعف في الكتب الدراسية، وتقديم أساس لتقويمها، وتقديم المساعدة للقائمين على إعداد الكتب الجديدة، وذلك بتزويدهم بمبادئ توجيهية، والإشارة إلى ما ينبغي تجنبه، وما يجب تضمينه، تسهيل تناول المهارات المعقدة، والتعرف على الفرص المتاحة لتعلم أفضل، ومساعدة المعلمين في إعداد خطط الدروس التعليمية اليومية، والفصلية بطريقة علمية سليمة، وتنفيذ التدريس، وفي تقويم مخرجات العملية التعليمية المناسبة للمحتوى التعليمي، والتعرف على أنواع المعرفة والمهارات والوجدانيات المتضمنة في المحتوى (عبد القادر، 2008، 21).

وفي مجال التربية تتحدد أهمية تحليل المحتوى (اللقاني، 2007، 29) في: 

  • مجال البحث العلمي، حيث إنه أسلوب بحثي يكشف متغيرات الدراسة والتعرف على خصائصها.
  • مجال المناهج، من خلال اختيار نتائج التعلم، وتحديد عناصر المحتوى.
  • مجال التعليم، من خلال تحديد طرق التعليم والتعلم، وتقويمها.
  • مجال التعلم، من خلال المقارنة بين ما درسه الطلبة وما تعلموه بالفعل.
  • مجال التقويم، من خلال الكشف عن مفردات الاختبار.

 خصائص تحليل المحتوى:  

    تعد بحوث تحليل المحتوى أحد أنواع البحوث الوصفية التي تندرج تحت سياق البحوث المسحية، ويطلق عليها أحيانًا بحوث تحليل المضمون أو تحليل الوثائق، ويتميز تحليل المحتوى بمجموعة من الخصائص، وهي (حويجي، 1996، 110): 

  1. تصنيف البيانات، وترتيبها بالاعتماد على مجموعة من الأبواب أو الأقسام المرتبطة بالنمط المطلوب لتحليل المضمون. 
  2. يحتوي على مجموعة من الملخصات القصيرة حول المضمون الخاص بالبحث أو النص. 
  3. يعتمد تحليل المضمون على الموضوعية، كالثبات على منهج محدد في صياغة المفاهيم، والأفكار، والنقاط التي يتكون منها البحث. 
  4. التركيز على الكلمات، والجمل، والمصطلحات، والمفاهيم التي تم تكرارها في النص، ويساهم ذلك في تحديد مدى أهمية الفقرات، والنصوص التي يتضمنها مضمون البحث.
  5. يجب أن يعتمد التحليل على نتائج صحيحة، ودقيقة، ومتوافقة مع البيانات، والمعلومات الواردة في مضمون النص. 
  6. القدرة على إعادة تحليل النص في حال وجد محلل النص، أو أي محل آخر قد فقد أو أغفل معلومة مهمة، ويجب أن يتم تضمينها في الدراسة المرتبطة بتحليل المضمون.

كما أشار (عبد القادر، 2008، 22) أن لتحليل المحتوى خصائص تتمثل في الآتي: 

  1. الموضوعية: وتعني أن تنفذ خطواته في ضوء إجراءات ذات صياغة واضحة، بحيث يستطيع فردان أو أكثر أن يحصلوا على نفس النتائج من نفس الوثائق، وذلك إذا ما استخدموا نفس تلك القواعد والإجراءات.
  2. الاتساق والتنظيم: ويعني أن يكون هناك تنظيم ثابت وميزان معين يستند إليه التحليل، بحيث يمكن أن تبوب على أساسه كل وحدات المحتوى.
  3. العمومية: وتعني أن نتائج التحليل تكون قابلة للتعميم.
  4. الحياد: وتعني عدم تدخل الباحث بأفكاره وتصوراته، وافتراضاته الذاتية المسبقة، في الدراسة.
  5. الوصف: ويعني الوصف الموضوعي للمادة التي يتم تحليلها، وذلك بتفسيرها كما هي، من خلال الاقتصار على تصنيفها إلى فئات، وتقديم تفسير موضوعي دقيق لمضمونها.
  6. أسلوب كمي: بمعنى أنه يعتمد على التقدير الأساسي لفئات الدراسة، مما يعطي مؤشر للدقة والاطمئنان على النتائج، وذلك من خلال قيام المحلل بوضع نتائج التحليل في صورة أرقام عددية، أو تقديرات كمية، أو إعطاء مدى تكرار كل فئة من فئات التحليل، بحيث تظهر في المادة موضع التحليل.
  7. أسلوب علمي: من خلال وضع قوانين لتفسير عناصر المضمون والكشف عن العلاقات التي تربط بعضها بعضًا، وهذا هو سمة التفكير العلمي ذاته، كما أن تحليل المحتوى يتصف بالموضوعية (الصدق، والثبات)، ويتناول تحليل المحتوى المادة، ويضع التعريفات المحددة لفئات التحليل، علاوة على اهتمامه بوصف وتنسيق النقاط التي تحتويها المادة موضع التحليل مما يسهل فهمها والحكم عليها.
  8. أسلوب يتعلق بظاهر النص: بمعنى أنه ليس للمحلل أن يتعمق في نوايا المؤلف للمادة المحللة، ويتتبع مقاصده، أو يقرأ ما بين السطور، حيث يجب أن يفسر المحلل محتوى المادة المحللة بالظاهر منه.

يتضح مما سبق أن الهدف الرئيس من تحليل محتوى المناهج التعليمية هو تحديد مواطن القوى والضعف في هذه المناهج، وتحديد المعايير اللازمة لتقويمها وتحسينها بما يتوافق مع الأهداف التعليمية للمنظومة، وتحديد مدى توافق هذه المناهج مع إمكانات وقدرات مختلف أنواع الطلاب، كما يتضح أن  تحليل المحتوى ينفذ وفق معايير موضوعية وأسس منهجية لجمع البيانات وتصنيفها وتحليلها، ولا يقتصر الغرض من تحليل المحتوى على الحصر الكمي للمحتوى المُراد تحليله فقط، بل يُنفذ أيضًا لتحقيق هدف مُحدد، ويُمكن للباحث استخدام تحليل المُحتوى مع أي محتوى سواء مكتوب أو مُصور.

الدراسات السابقة:

أولًا: الدراسات العربية

تعددت الدراسات التي تناولت تحليل محتوى كتب العلوم في ضوء المعايير والتوجهات العالمية المختلفة، ومنها دراسة الكحالية وشحات(2021) والتي هدفت  إلى التعرف على مدى تضمين أبعاد التنمية المستدامة في منهج العلوم المطور للصف الخامس في سلطنة عمان، وتمثلت عينة الدراسة في تحليل محتوى كتاب التلميذ والنشاط للصف الخامس للفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2020- 2021 م. ولتحقيق هدف الدراسة تم اتباع المنهج الوصفي التحليلي بأسلوب تحليل المحتوى، وتم تصميم بطاقة لتحليل المحتوى تضمنت أبعاد التنمية المستدامة (البعد البيئي، البعد الاجتماعي، البعد الاقتصادي)، وقد تم التحقق من صدقها بعرضها على مجموعة من المختصين في مجال تدريس العلوم والتنمية المستدامة. وقد أظهرت نتائج الدراسة أن محتوى الكتب المحللة تضمنت جميع أبعاد التنمية المستدامة وبنسب متفاوتة؛ حيث جاء البعد الاجتماعي بالمرتبة الأولى وبنسبة (80.07%)، يليه البعد البيئي وبنسبة تضمين (13.41%)، ثم جاء في المرتبة الأخيرة البعد الاقتصادي وبنسبة (6.52%). 

ومن الدراسات العربية التي تناولت تقويم مناهج العلوم في ضوء المعايير الدولية المختلفة دراسة أبو كميل(2021) والتي هدفت هذه الدراسة إلى تقويم كتب العلوم والحياة الفلسطينية للمرحلة الأساسية العليا (5-8) في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين، واتبع الباحثون المنهج الوصفي، وأعدوا أداة تحليل ثم طبقوها على عينة الدراسة، وهي عبارة عن كتب العلوم والحياة الفلسطينية للمرحلة الأساسية العليا، ولقد أسفرت النتائج عن قائمة بمهارات القرن الحادي والعشرين الواجب توافرها في محتوى كتب العلوم والحياة الفلسطينية في المرحلة الأساسية العليا (5-8)، وأظهرت النتائج أن أعلى تكرار للمهارات كان في الصف السادس حيث كان التكرار (815) مرة بنسبة مئوية (28.49%)، تلا ذلك الصف السابع حيث بلغ التكرار (741) مرة بنسبة مئوية (25.90%)،  ثم الصف الثامن حيث بلغ التكرارات (687) مرة بنسبة مئوية (24.01%)، تبعه الصف الخامس حيث بلغ التكرار (618) مرة بنسبة مئوية (21.60%).

ودراسة عبدالرفوع (2021) والتي استهدفت تحليل كتب العلوم للصفوف الثلاث الأولى في الأردن في ضوء معايير علوم الجيل القادم (NGSS)، ولتحقيق أهداف الدراسة تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي. تكونت أداة الدراسة من قائمة معايير (NGSS) والتي اشتملت على مجالات (الفيزياء -علوم الأرض -العلوم البيولوجية -التصميم الهندسي). تم التحقق من صدق وثبات أداة الدراسة. وأظهرت النتائج أن إدراج معايير (NGSS) في الكتب المدرسية المستهدفة كان متناقضًا؛ فقد حصلت مؤشرات معايير الفيزياء وعلوم الأحياء على نسبة عالية بلغت (٤٩,٢٢) % و(٤١,٧٤) % على التوالي، بينما كانت نسبة إدراج علوم الأرض ومعايير التصميم الهندسي منخفضة، حيث بلغت (٥,٧٤) % و (٣,٣٠) % على التوالي. أوصت الدراسة بتطوير كتب العلوم من قبل وزارة التربية والتعليم الأردنية للصفوف الثلاث الأولى في ضوء معايير علوم الجيل القادم (NGSS) وزيادة نسبة دمج معايير (NGSS) في مجال علوم الأرض والتصميم الهندسي.

كما أن هناك العديد من الدراسات التحليلية التي هدفت إلى تقويم كتب مناهج العلوم منها دراسة بغدادي(2020)، والتي هدفت إلى تقويم كتاب العلوم للصف الثالث من المرحلة المتوسطة في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين، ولتحقيق هدف الدراسة استخدم المنهج الوصفي بأسلوب تحليل المحتوى، لتحليل محتوى كتاب العلوم المقرر للفصل الدراسي الثاني طبعة 2019-2020م - المملكة العربية السعودية-؛ لتقييم مدى توافر مهارات القرن الواحد والعشرين فيها، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن مجمل تكرارات مهارات القرن الواحد والعشرين في كتاب العلوم (270)، وأن مهارات حل المشكلات تكررت (78) مرة بنسبة (28.8%)، وتكررت مهارات التفكير الناقد (70) مرة بنسبة (25.92%)، وتكررت مهارات الاتصال (66) مرة بنسبة (24.44%)، وتكررت مهارات التطور التكنولوجي (29) مرة بنسبة (10.74%)، وجاءت مهارات التطور المعلوماتي في المرتبة الأخيرة بتكرار (27) مرة وبنسبة (10%).

وكذلك دراسة الشهراني وآل محفوظ (2020) والتي هدفت إلى تقويم محتوى مناهج العلوم بالمرحلة المتوسطة في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين، واستخدم لتحقيق أهداف الدراسة المنهج الوصفي، وقد تم تطبيق عملية التقويم على عدد من الوحدات في مناهج العلوم بالمرحلة المتوسطة، باختيار وحدة دراسية من كل فصل دراسي، وبالتالي فإن عينة الدراسة تضمنت (6) وحدات من كتب العلوم للمرحلة المتوسطة، وقد تم إعداد قائمة تحليل وفق مهارات القرن الحادي والعشرين كأداة للدراسة استخدمت لغرض التحليل، وتوصلت الدراسة إلى نتائج من أهمها: أن مهارات التعلم والإبداع متوفرة في مناهج العلوم للمرحلة المتوسطة بدرجة ضعيفة، وأن مهارات الثقافة الرقمية في منهج العلوم للصف الأول المتوسط غير متوفرة، كذلك في منهج الصف الثالث المتوسط، بينما هي متوفرة في مناهج الصف الثاني المتوسط بدرجة ضعيفة، وأن مهارات الحياة والمهنة غير متوفرة بمناهج العلوم للمرحلة المتوسطة.

 

وجاءت دراسة الرشيد (2020) والتي استهدفت الكشف عن مستوى تضمين محتوى أهداف التنمية المستدامة لرؤية المملكة 2030 للعام الدراسي 2018/ 2019م في كتاب العلوم للصف الثالث الابتدائي، ولتحقيق هذا الهدف تم بناء قائمة بأهداف التنمية المستدامة لرؤية المملكة 2030 المتطلب تضمينها في كتب العلوم للصف الثالث الابتدائي، واشتملت على (124) هدفًا فرعيًا موزعًا على ثلاثة أبعاد رئيسة، هي البُعد الاجتماعي ويتضمن (68) هدفًا فرعيًا موزعًا على (8) أهداف رئيسة، والبعد الاقتصادي ويشمل (20) هدفًا فرعيًا موزعًا على هدفين رئيسين؛ والبُعد البيئي الذي يشمل (36) هدفًا فرعيًا موزعًا على (6) أهداف رئيسة، وتوصلت نتائج التحليل إلى أن بعدين فقط من أبعاد التنمية المُستدامة لأهداف رؤية المملكة 2030 يتوفران في كتاب العلوم للصف الثالث الابتدائي، وهما البُعد الاجتماعي الذي مَثّل المرتبة الأولى بتكرار (604) وبنسبة (93.8%) من المجموع الكلي للتكرارات البالغة (644) تكرارًا، وجاء البُعد البيئي في المرتبة الثانية بتكرار (40) وبنسبة (6.2%) من المجموع الكلي للتكرارات البالغة (644) تكرارًا؛ مما يشير إلى أن مُحتوى الكتاب المدرسي قد ركز اهتمامه على البُعد الاجتماعي ويليه البُعد البيئي، بينما أُهمل البُعد الاقتصادي والذي لا يقل أهمية عنهما، 

الدراسات الأجنبية:

هدفت دراسةMontebon  (2018) إلى تحديد مفهوم معلمي العلوم قبل الخدمة للتنمية المستدامة والرؤية الاستراتيجية لتحقيق تلك التنمية، وهي تنمية منهجية وطويلة الأجل للدول التي تضمن وجود علاقة قوية بين الأمن الاجتماعي والأمن البيئي مع التقدم الاقتصادي، ومن المهم أن يكون مفهوم التنمية المستدامة واضحًا للمعلمين؛ لأنه يحدد مدى فعالية تعليمهم هذا المفهوم وما يحتوي عليه من أمن بيئي واجتماعي لطلابهم، وكشفت الدراسة من خلال دراسة الحالة والاستبيانات والمقابلات والمناقشات الجماعية المركزة مع المعلمين عن المفاهيم الخاطئة لمعلمي العلوم ما قبل الخدمة حول التنمية المستدامة.

وفي دراسة أجراهاPinto & Amethler (2017) هدفت الى تحليل الكتب العلوم تتعلق بالرسوم التوضيحية والأشكال في كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، استخدم الباحثان أداتين للدراسة وهما تحليل المحتوى واستبيان موجه للمعلمين، وتوصلت الدراسة إلى وجود صعوبات يواجهها الطلاب في قراءة الرسوم؛ وذلك لاختلاف مدلولات الأشياء وعدم توحيدها، وضرورة تسمية مكونات الرسم، كما أظهرت الدراسة أن الرسومات بحاجة إلى أن تكون أوضح ليسهل قراءتها للطلبة.

أما Chiappetta& Fillman (2017) فقد أجريا دراسة هدفت إلى تحديد مدى اشتمال كتب الأحياء للمرحلة الثانوية في الولايات المتحدة الأمريكية على أربعة من أبعاد طبيعة العلم، هي العلم كجسم منظم من المعرفة، والعلم كاستقصاء، والعلم كطريقة في التفكير، والعلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع، حيث قاما بتحليل محتوى خمسة كتب من مادة الأحياء، وتمت مقارنتها مع الكتب التي حللت قبل خمسة عشر عامًا، ووجدا أنها أكثر توازنًا في عرض المحتوى العلمي لتلك الأبعاد، وتظهر الكتب المحللة وجهة نظر توجهات حركة الإصلاح للعلوم، والتي أوصت بتبني وجهات نظر أكثر صدقًا للظاهرة العلمية من تلك التي استخدمت في سنوات سابقة.

وفي دراسة قام بهاGeske  (2010) هدفت إلى تحليل محتوى الكتب العلمية في المرحلة الابتدائية في كلٍ من (لاتفيا، كازاخستان، روسيا، أوكرانيا، الولايات المتحدة الأمريكية)، ومدى تحقيقه لمتطلبات دراسة TIMSS، وتقييم تأثير الكتاب المدرسي على إنجازات الطلاب، توصلت الدراسة إلى أن تمارين العلوم للصف الرابع الابتدائي قد احتوت على نسبة أكبر بكثير من الموضوعات الفيزيائية المطلوب تحقيقها في دراسة TIMSS، وهذا يعطي مزايا لكتب الطلاب، كما أظهرت الدراسة أن كتب المدرسة اللاتفية المتاحة للطلاب والمعلمين خلال البحث في عام 2007م كانت أفضل بكثير من تلك التي كانت متاحة في 1995م، حيث كان هناك اختلاف في المحتوى، وطريقة عرض الدرس، والأنشطة الطلابية، والتخطيط.

التعليق على الدراسات السابقة:

من خلال مراجعة الدراسات السابقة يتضح عدم وجود دراسات-على حد علم الباحثين -تناولت تحليل مناهج العلوم في ضوء مهارات رؤية عمان 2040م، هناك بعض الدراسات العمانية مثل دراسة الكحالية وشحات (2021) التي تناولت جانب أبعاد التنمية المستدامة في منهج العلوم المطور، وعدم تعرض الدراسات العمانية إلى موضوع الدراسة يؤكد الحاجة إلى إجراء الدراسة الحالية، التي تسعى إلى الكشف عن مدى توافر مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

كما يلاحظ من خلال الدراسات السابقة تنوع عينة البحث لمناهج العلوم المختلفة، فقد تناولت دراسة عبدالرفوع (2021) مناهج العلوم للحلقة الأولى، بينما تناولت دراسة بغدادي (2020)، الشهراني وآل محفوظ (2020) مناهج العلوم للحلقة الثانية وهذا يعكس أهمية تناول مناهج العلوم في هذه المراحل الأولى من التعليم بما يضمن تحقيق الأهداف والرؤى الاستراتيجية والمعايير القومية.

    ومما يبرز أهمية هذه الدراسة أيضاً تميزها في تحليل مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس؛ إذ تأتي هذه الدراسة استجابة للدعوات التي تطالب بوجوب الآخذ بمبدأ التكامل ومواكبة متغيرات العصر ومتطلباته.

أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة:

أفادت الدراسات السابقة الباحثين في تدعيم الإطار النظري للبحث الحالي المتعلق بمعايير مناهج العلوم في ضوء رؤية عمان 2040 من حيث مفهومها وأهميتها وخصائصها، والتعرف على مهارات رؤية عمان 2040 اللازم توافرها في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس، للاستفادة من الإيجابيات والتغلب على السلبيات في بناء أداة تحليل المحتوى لمناهج العلوم في ضوء مهارات رؤية عمان 2040، وبناء أدوات البحث والتأكد من صدقها وثباتها؛ حيث أفاد البحث منها في التعرف على كيفية إعداد أدوات جمع البيانات الخاصة بالبحث الحالي، بالاطلاع على أدوات جمع البيانات الخاصة بالدراسات السابقة بشكل إجرائي.

الطريقة والإجراءات

منهج الدراسة:

اتبعت هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي والذي عرفه طُعيمة (2004، 75) بأنه المنهج الذي "يركز على الجوانب الوصفية سواء كانت كمية أو كيفية، ويقتصر على رصد الظواهر دون التدخل في تفسيرها" حيث إن الدراسة اتبعت هذا المنهج لتحديد المهارات المتوفرة في وثيقة رؤية عمان 2040 ولجمع البيانات من عينتها والتي تمثلت في مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس وتحليل محتواها للتعرف على مدى توافر المهارات المتضمنة في رؤية عمان 2040.

مجتمع الدراسة وعينتها:

تمثلت عينة الدراسة في مجتمعها واشتملت على مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس طبعة 2019-2020م، وهي عبارة عن كتاب الطالب وكتاب النشاط ودليل المعلم بمعدل 6 كتب لكل صف.

أداة الدراسة

لتحقيق أهداف الدراسة تم إعداد بطاقة تحليل المحتوى من خلال الاستفادة من الأدب التربوي من خلال الدراسات والبحوث السابقة والمرتبطة بالدراسة الحالية ومن ضمنها الكحالية وشحات (2021)، وكميل (2021)، وعبد الرفوع (2021)، وبغدادي (2020)، و الشهراني وآل محفوظ (2020)، والرشيد (2020)، وأبو الحمائل (2020)، وأبو الحمائل (2019)، والأحمدي (2018)، وحجة (2018)، والحربي(2018)، العبدلية (2018) والعبدلية (2016)، البادري والكندي(2013)، و Pinto & Amethler (2017) و Chiappetta & Fillman (2017) و Geske  (2017) حيث تم اعداد استمارة تحليل محتوى مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس لدراسة مدى توافر مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى هذه المناهج حيث اشتملت الاستمارة على مهارات المستقبل التي تم تحديها في الإطار الوطني العماني لمهارات المستقبل والتي انقسمت إلى (3) مهارات رئيسية موزعة إلى (14) مهارة فرعية، واحتوت البطاقة في صورتها الأولية على (80) مؤشر تم اختصارها فيما بعد إلى (34) مؤشر، وبهذا تكون قد اكتملت بطاقة التحليل في صورتها النهائية باعتبارها تمثل الإجابة على سؤاليّ الدراسة، والذي ورد ذكرهما في الفصل الأول.

وحدات وفئات التحليل

تم حصر الموضوعات المتضمنة في كل الكتب المستهدفة من عينة الدراسة، حيث تم اعتماد الموضوع كوحدة تحليل، حيث إن محتوى مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس يحتوي على فقرة بسيطة أو جملة استفتاحية أو مجموعة جمل، ثم ينتقل الموضوع مباشرة للاستقصاء أو الأنشطة أو عمل تصميم تتخلله أنشطة تقويمية ثم في نهاية الدرس توجد فقرة " تحدث عن"، "وسؤال التحدي" وأخيرا في نهاية الدرس يختم ببند " ماذا تعلمت" وهي نقاط مختصرة للموضوع ككل، كما يوجد في نهاية كل وحدة من وحدات كتاب الطالب بند "تحقق من تقدمك". كما استبعد الباحثين من وحدة التحليل كل من: مقدمة الكتاب، والفهرس، ومهارات الاستقصاء العلمي، وقاموس المصطلحات، كونها توضح المفاهيم المتعلقة داخل الدروس، والتداخل ضمن موضوعات جديدة، واسئلة تحقق من تقدمك أو أسئلة نهاية الوحدة، وماذا تعلمت أو ملخص الدرس؛ وذلك لتناولها داخل الموضوعات. كما استبعد المراجعة اللغوية والأدوات والأجهزة، والمفردات المفيدة في كتاب النشاط؛ كونها متناولة داخل التمارين وأوراق العمل، ويوضح جدول 1 عدد الموضوعات في عينة الدراسة؛ حيث يحتوي كل منهج على ثلاث كتب لكل فصل دراسي وهي كتاب الطالب وكتاب النشاط ودليل المعلم.

 

جدول 1

عدد الموضوعات في كتب العلوم للصفي الخامس والسادس للفصلين الدراسيين الأول والثاني.

الصف 

الخامس

السادس

المجموع

الفصل الدراسي 

الأول 

الثاني 

الأول 

الثاني 

 

كتاب الطالب 

21

19

23

17

80

كتاب النشاط

21

19

23

17

80

دليل المعلم

21

19

23

17

80

المجموع

63

57

69

51

240

 

يُعرف زيتون (2010) فئات التحليل بأنها عناصر رئيسية أو ثانوية يتم من خلالها وضع وحدات التحليل، وتصنف على أساسها بحيث تكون هذه العناصر مثلا أهدافا معرفية أو مستويات بلوم، وأما وحدات التحليل فتشمل كلمة، أو جملة، أو نشاط، أو موضوع، أو سطر، أو درس، أو سؤال أو شخصية واشتملت فئات التحليل على مهارات رؤية عمان 2040 ومدى توافرها في مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس للفصلين الدراسي الأول والثاني بحيث قسمت المهارات لثلاث مهارات رئيسية وهي الأساسية بمعدل 3 مهارات فرعية يحدد توافرها في مناهج العلوم بمعدل (6) مؤشرات ثم المهارات التطبيقية بمعدل (8) مهارات فرعية ويحدد توافرها بمعدل (24) مؤشر وأخيرا المهارات التقنية وتشمل على 3 مهارات فرعية وتحدد توافرها بمعدل 4 مؤشرات بحيث بلغ المجموع الكلي للمؤشرات (34) مؤشر.

صدق أداة الدراسة 

لتحقيق صدق الأداة؛ تم عرضها على مجموعة من المحكمين ذوي الاختصاص، حيث تمثلت الأداة في قائمة بمهارات رؤية عمان 2040، حيث تم الاعتماد على الصدق الظاهري للمحكمين، وفق مجموعة من المعايير، مدى مناسبة كل مؤشر لكل مهارة، ووضوح العبارة ودقتها اللفظية، وتعديل أو إضافة مقترح يراه المحكم.

وبعد الاطلاع على رأي وملاحظات المحكمين تمت مراجعة المهارات الرئيسية والفرعية ومؤشراتها، وعدلت الأداة في صورتها النهائية حيث تم تقليص عدد المؤشرات من (80) إلى (34) مؤشر كما تم أعادة صياغة بعض المؤشرات لتكون أكثر وضوحا ومن خلال ما سبق تم التوصل إلى الصورة النهائية للأداة.

ثبات أداة الدراسة

بعد الانتهاء من إعداد بطاقة التحليل بصورتها النهائية، والتأكد من ارتباط المؤشرات بالأهداف الرئيسة والفرعية، قامت الباحثة بتحليل الوحدة الأولى للصف السادس بالتزامن مع محلل أخر، ومن ثم حساب الاتساق بين نتائج التحليل التي توصلت إليها الباحثة ونتائج تحليل محلل أخر ومن ثم استخدام معادلتي كوبر (cooper) لحساب نسبة الاتفاق.

                           عدد مرات الاتفـــــــــــاق                            143       

نسبة الاتفاق = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ X 100 = ـــــــــــــــــــــــــــــــ100 X 

               عدد مرات الاتفاق + عدد مرات عدم الاتفاق              143+32

                                                                        =81.71%

 

                                           النسبة الحقيقية للاتفاق – النسبة الحقيقية لعدم الاتفاق 

حساب معامل كابا (Kappa) = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 100  

  1. النسبة الحقيقة لعدم الاتفاق

 

                                        0.8171 – 0.1829

                             = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = 0.78

                                             1 – 0.1829

وبلغت النسبة المئوية للاتفاق بين المحللين: الباحثة والمحلل الآخر (81.71%) وهي نسبة عالية، تدل على توفر درجة عالية من الثبات في التحليل، كما بلغت قيمة معامل الثبات (0.78) التي تم احتسابها من معامل كابا (Kappa) التي توفر قيمة عالية من الثبات مما يعني أن أداة الدراسة تتصف بدرجة كبيرة من الصدق والثبات يجعلها صالحة لغايات التحليل.

تطبيق أداة الدراسة

طبقت أداة الدراسة في تحليل مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس للفصلين الأول والثاني حيث تم الاعتماد على وحدة الموضوع، هناك ضوابط وإجراءات اتبعتها الباحثة في مرحلة تطبيق الأداة وقيامها بالتحليل تتمثل في: 

  1. تحليل مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس للفصليين الدراسيين الأول والثاني، وتتضمن وحدة التحليل على: الفقرة الكاملة، والصوّر، والمخططات البيانية، والأشكال، والجداول والتعليقات المتصّلة بها، وبند التحدي، وتحدث عن، كما اشتملت وحدة التحليل على مكونات كتاب النشاط وهي التمارين وأوراق العمل وكذلك اشتملت على دليل المعلم.
  2. استبعدت الباحثة من وحدة التحليل كل من: مقدمة الكتاب، والفهرس، ومهارات الاستقصاء العلمي، وقاموس المصطلحات، كونها توضح المفاهيم المتعلقة داخل الدروس، ولا تدخل ضمن موضوعات جديدة، وأسئلة تحقق من تقدمك وأسئلة نهاية الوحدة، وماذا تعلمت أو ملخص الدرس، وذلك لتناولها داخل الموضوعات، كما استبعدت المراجعة اللغوية، والأدوات، والأجهزة، والمفردات المفيدة في كتاب النشاط، كونها أيضا متناولة داخل التمارين وأوراق العمل.
  3. احتساب تكرار واحد في حالة ظهور أحد المؤشرات أكثر من مرة في الموضوع الواحد بغض النظر عن عدد التكرارات.
  4. الموضوعات في مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس للفصلين الأول والثاني مرتبطة جميعها بالتمارين الموجودة بكتاب النشاط، ولكن ليس كل الموضوعات تحتوي على أوراق عمل، فمثلا موضوعات كتاب الطالب للصف الخامس -الفصل الدراسي الثاني-والتي تحمل الأرقام (4-1، 4-3، 4-4)، جميعها لها تمارين، ولكن لا تحتوي على أوراق عمل.

 

المعالجة الإحصائية

للإجابة على سؤالي الدراسة، تم حساب التكرارات حيث تم استخلاص مجموع تكرارات كل مهارة والنسب المئوية لتكرار كل مهارة وحساب الثبات باستخدام معادلة كابا (Kappa) لحساب نسبة الاتفاق بين المحللين: الباحث والمحلل الآخر، أي لحساب معامل ثبات أداة الدراسة التي تتمثل في بطاقة تحليل المهارات المتوفرة برؤية عمان 2040م ومدى توفرها في محتوي مناهج العلوم.

 كما تم الحكم على مستوى تضمين مهارات رؤية عمان 2040 في مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس، وبعد مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة، اعتمدت الباحثان على التصنيف الرباعي ذي الفترات المتساوية الذي تم تطبيقه في دراسة السعيدي (2021) التي تناولت تحليل محتوى مناهج العُلوم المطوّرة للصفوف (5-8) في ضوء أبعاد العلم.

جدول 2

مقياس تحديد مستوى تضمين مهارات رؤية عمان 2040 في عينة الدراسة وفقا للنسب المئوية.

 

النسب المئوية

مستوى التضمين

من

إلى

0%

24.99%

منخفض

25%

49.99%

متوسط

50%

74.99%

مرتفع

75%

100%

مرتفع جدا

السعيدي (2021)

 

إجراءات الدراسة

سار تحليل مناهج العلوم للصفين الخامس والسادس للفصلين الدراسيين الأول والثاني وفق الخطوات الآتية:

  1. تحديد مشكلة الدراسة وأسئلتها وأهدافها.
  2. إعداد أداة التحليل في صورتها الأولية وهي بطاقة تحليل المحتوى المتضمنة للمهارات المتوفرة في رؤية عمان 2040م اللازم توفرها في محتوى مناهج العلوم.
  3. تحكيم أداة الدراسة من قبل أعضاء هيئة تدريسية مختصين في الجامعات العمانية والعربية.
  4. التأكد من صدق الأداة وثباتها بحيث تم اختيار منهج الصف السادس الفصل الدراسي الأول ثم اختيار محلل أخر ليقوم بالتحليل وحساب ثبات عينة الدراسة من خلال حساب معامل كابا.
  5. قراءة متأنية لعينة الدراسة (مناهج العلوم للصفي الخامس والسادس)، وتأمل كل ما جاء فيها من موضوعات بما تحتويه من أشكال وصور وأسئلة وأنشطة ورسوم بيانية. 
  6. القيام بعملية التحليل لمحتوى الكتب من دليل المعلم وكتاب الطالب وكتاب النشاط لكل صف للفصليين الدراسيين الأول والثاني.
  7. المعالجة الإحصائية لبطاقة تحليل المحتوى أداة الدراسة.
  8. الخروج بالمقترحات والتوصيات بناء على نتائج الدراسة.

نتائج الدراسة ومناقشتها

النتائج المتعلقة بالسؤال الأول: ما المهارات المتوفرة في رؤية عمان 2040م؟

وللإجابة عن هذا السؤال تم الاطلاع على وثيقة رؤية عمان 2040 والتعرف على المهارات التي تسعى لتحقيقها وهي مهارات المستقبل ومنها تم الاطلاع على الإطار الوطني العماني لمهارات المستقبل وتحديدها وهي المهارات الأساسية والتطبيقية والتقنية ووضع المؤشرات التي سيتم التحليل بالاعتماد عليها وبعد ذلك تم تطبيق بطاقة التحليل، وجدول 3 يوضح المهارات التي تم الخروج بها من رؤية عمان 2040 والدراسات السابقة ذات الصلة بعد تحكيمها من قبل المحكمين.

 

جدول 3

مهارات رؤية عمان 2040.

مهارات رؤية عمان (مهارات المستقبل)

المهارات الأساسية 

القراءة بالغتين العربية والإنجليزية.

الكتابة بالغتين العربية والإنجليزية.

الحساب (المهارات الرياضية).

المهارات التطبيقية

الإبداع والابتكار.

التفكير الناقد.

حل المشكلات.

التواصل الفعال شفهيا وكتابيا.

التعاون والعمل الجماعي.

القيادة.

المبادرة.

المرونة والتكييف.

المهارات التقنية

التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

التعامل مع البيانات والمعلومات.

التعامل مع الوسائط الإعلامية.

 

 

النتائج المتعلقة بسؤال الدراسة الثاني الذي نصه:

ما المهارات المتوفرة في محتوى مناهج علوم كامبريدج للصفين الخامس والسادس؟

للإجابة عن هذا السؤال؛ تمَّ تحليل محتوى مناهج العُلوم للصفي الخامس والسادس، في ضوء مهارات رؤية عمان 2040 وعددها (12) كتابًا للفصلين الدراسي الأول والثاني، ثم حساب تكرارات كل مؤشر من المؤشرات وكذلك النسب المئوية لهذه التكرارات، ووضعها في جداول مع مستوى التضمين لهذه المهارات، وفيما يأتي تفصيل للنتائج التي توصلت إليها الدراسة. 

أولا: النسبة الكلية لتوافر مهارات رؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

يوضح جدول 4 التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات الرئيسية لرؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس والتي تتضمن المهارات الأساسية والمهارات التطبيقية والمهارات التقنية.

جدول 4 

التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات الرئيسية (المهارات الأساسية والمهارات التطبيقية والمهارات التقنية) لرؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

م

المهارات الرئيسية 

عدد المؤشرات

ك

%

رتبة المجال

مستوى التضمين

ن=80

1

المهارات التطبيقية

24

1629

84.84%*

1

مرتفع جدا

2

المهارات التقنية

4

268

83.75%

2

مرتفع جدا

3

المهارات الأساسية

6

267

55.63%

3

مرتفع

المجموع الكلي

34

2164

79.56%

-

مرتفعة جدا

 

*النسبة المئوية للمهارة= عدد تكرارات المهارة/ (عدد المؤشرات X ن)

ن= عدد الموضوعات

يوضح جدول 4 أنَّ النسبة الكلية لتوافر مهارات رؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس هي (79.56%) بحيث ظهرت المهارات التطبيقية بنسبة (84.84%) في المرتبة الأولى بمستوى تضمين مرتفع جدا وبفارق بسيط وهو (1.01%) عن المهارات التقنية، والتي ظهرت بنسبة (83.75%) بمستوى تضمين مرتفع جدا في المرتبة الثانية، أما المهارات الأساسية ظهرت بنسبة (55.63%) بمستوى تضمين مرتفع أيضا وجاءت في المرتبة الثالثة. 

ويمكن تفسير ذلك أن مناهج العلوم في كامبريدج قائمة على الاستقصاء العلمي حيث أن مهارات الاستقصاء العلمي قائمة بشكل كبير على الطالب ولتحقيقها لابد من المرور بمهارات المستقبل القائمة على الجانب التطبيقي من تفكير ابداعي وتفكير ناقد وحل المشكلات والتواصل والتعاون وقيادة ومبادرة ومرونة وتكييف، حيث أن المهارات التطبيقية جاءت في المرتبة الأولى وبمستوى تضمين مرتفع جدا يليها بعد ذلك المهارات التقنية وبمستوى تضمين مرتفع جدا أيضا وربما يعود ذلك كون تحقيق المهارات التطبيقية يجب الاستعانة بالمهارات التقنية أيضا لتحقيقها ولمواكبة مهارات القرن الحادي العشرين يليها بعد ذلك المهارات الأساسية التي تعد مهمة وأساسية لتحقيق المهارات الأخرى إذ لا يمكن للطالب أن يكتسب المهارات الأخرى دون امتلاكه للمهارات الأساسية من قراءة وكتابة وحساب، وكون مناهج كامبريدج حققت مهارات رؤية عمان جميعها بمستوى تضمين يتراوح بين مرتفع ومرتفع جدا فهذا يعزز منها وأنها تلبي متطلبات رؤية عمان 2040 المطلوب توافرها في المناهج العمانية وهي مهارات المستقبل التي تم تضمينها ضمن الإطار الوطني العماني لمهارات المستقبل(2021)، وهى بذلك تؤهل طالب عماني يمتلك المهارات الضرورية لمستقبله القادم.

ثانيا: النتائج المتعلقة بالمهارات الأساسية

يوضح الجدول (5) التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات الأساسية في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس والتي تتضمن مهارة القراءة باللغتين العربية والإنجليزية والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية ومهارة الحساب (المهارات الرياضية).

جدول 5

التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات الأساسية لرؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

م

المهارات الأساسية

عدد المؤشرات

الصف الخامس

ن=40

الصف السادس

ن=40

 النسبة الكلية 

رتبة المهارة

مستوى التضمين

ك

%

ك

%

1

القراءة باللغتين العربية والإنجليزية

3

79

65.83%

73

60.83%

63.33%

1

مرتفع

2

مهارات الحساب (المهارات الرياضية)

1

26

65%

18

45%

55%

2

مرتفع

3

الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية

2

33

41.25%

38

47.5%

44.38%

3

متوسط

المجموع الكلي

6

138

57.5%

129

53.75%

55.63%

-

مرتفع

 

يتضح من جدول (5) أن نسبة تضمين المهارات الأساسية لرؤية عمان 2040 للصفين الخامس والسادس هي (55.63%بمستوى تضمين مرتفع حيث أن مهارة القراءة باللغة العربية والإنجليزية ظهرت في الرتبة الأولى لتوافر المهارات الأساسية بنسبة (63.33%) بمستوى تضمين مرتفع وظهرت في الرتبة الثانية للمهارات الأساسية مهارة الحساب (المهارات الرياضية) بنسبة (55%) وبمستوى تضمين مرتفع وظهرت مهارة الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية بنسبة (44.38%) بمستوى تضمين متوسط وتعتبر أقل المهارات المتوفر في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس وبذلك نجد أن مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس تتوافق مع ما جاء في الرؤية التي تدعو لضرورة اكساب الطلاب المهارات الأساسية ويتفق ما سبق مع ما جاء في دراسة البيز(2017) وهو تأكيدها على استخدام مهارات الاتصال الشفوي من خلال القراءة والكتابة، والبحث عن المعلومات من خلال الشبكة العالمية للاتصالات الدوليّة (الانترنت)، وهذا بدوره يعزز المهارات الأساسية من القراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.

ثالثا: النتائج المتعلقة بالمهارات التطبيقية:

يوضح جدول 6 التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات التطبيقية في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس والتي تتضمن مهارات الإبداع والابتكار، التفكير الناقد، حل المشكلات، التواصل الفعال شفهيا وكتابيا، التعاون والعمل الجماعي، القيادة، المبادرة، والمرونة والتكييف

 

جدول 6

التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات التطبيقية لرؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

م

المهارات التطبيقية

عدد المؤشرات

الصف الخامس

الصف السادس

النسبة الكلية

رتبة المهارة

مستوى التضمين

ك

%

ك

%

1

المرونة والتكييف

2

80

100%

69

86.25%

93.13%

1

مرتفع جدا

2

حل المشكلات

3

110

91.67%

101

84.17%

87.92%

2

مرتفع جدا

3

التفكير الناقد

4

144

90%

137

85.63%

87.81%

3

مرتفع جدا

4

التعاون والعمل الجماعي

4

148

92.5%

125

78.13%

85.31%

4

مرتفع جدا

5

التواصل الفعال شفهيا وكتابيا

2

75

93.75%

61

76.25%

85%

5

مرتفع جدا

6

المبادرة 

3

114

95%

86

71.67%

83.33%

6

مرتفع جدا

7

القيادة 

3

101

84.17%

92

76.67%

80.42%

7

مرتفع جدا

8

الإبداع والابتكار

3

96

80%

90

75%

77.5%

8

مرتفع جدا

المجموع الكلي

24

868

90.42%

760

79.17%

84.79%

-

مرتفع جدا

 

يتضح من جدول (6) أن نسبة تضمين المهارات التطبيقية (84.79%) بمستوى تضمين مرتفع جدا، ويتضح من الجدول أن جميع المهارات التطبيقية ظهرت بمستوى تضمين مرتفع جدا وبنسب ما بين (77.5% و 93.13%) بحيث ظهرت في المرتبة الأولى مهارة المرونة والتكييف بنسبة (93.13%)، يليها مهارة حل المشكلات والتفكير الناقد بفارق بسيط جدا (0.11%) حيث ظهرت مهارة حل المشكلات بنسبة 87.92% ومهارة التفكير الناقد بنسبة (87.81%)، ثم مهارة التعاون والعمل الجماعي والتواصل الفعال شفهيا وكتابيا بفارق بسيط (0.31%)، حيث ظهرت مهارة التعاون والعمل الجماعي بنسبة (85.31%)، ومهارة التواصل الفعال شفهيا وكتابيا بنسبة (85%)،وظهرت مهارة المبادرة بنسبة (83.33%)، يليها مهارة القيادة بنسبة (80.42%)، وأخيرا مهارة الابداع والابتكار بنسبة (77.5%) ويُعزى ذلك إلى أن أغلب الدروس تحتوي على أنشطة استقصائية تتطلب استخدام التفكير الناقد، وحل المشكلات حلًا إبداعيًا، واستخدام الخيال العلمي، وتطوير مهارة التواصل بين الطلبة، وتتوافق هذه النتيجة مع وثيقة الإطار العام لمعايير المناهج العُمانية (2019)؛ حيث أكّدت على ربط مخرجات التعلم بمهارات القرن الحادي والعشرين بما يتواءم مع سوق العمل، ومتغيرات الحياة، كما تتفق هذه النتيجة مع نتيجة دراسة البيز (2017) التي تمَّ فيها تحليل كتب العُلوم للصفوف العُليا من المرحلة الابتدائية في ضوء متطلبات STEM، وأظهرت نتائج دراستها اهتمام كتب العُلوم بتنمية مهارات التفكير الناقد، وتنوع الأنشطة التي تكسب الجانب الإبداعي، وتضمين مواقف التعاون والعمل الجماعي في التجارب العملية. ويتفق أيضا مع ما جاء في دراسة الكحالية وشحات (2021) بما يخص تنمية مهارات البعد الاجتماعي والذي ظهر بنسبة (80.07%).

كما تتوافق هذه النتيجة مع وثيقة الإطار الوطني العُماني لمهارات المستقبل (2021) التي أكّدت على مهارة التفكير الناقد بوصفها إحدى المهارات التطبيقية التي تهدف إلى تقديم الحجج للوصول إلى أحكام صادقة وفق أدلة مقبولة، وتتفق هذه النتيجة مع نتيجة دراسات كل من: البيز (2017) التي حصل فيها المؤشر دعم المحتوى في تنمية مهارات التفكير الناقد على مستوى تضمين مرتفع جدا، وبنسبة (87.81%) ويُمكن توضيح ذلك أن محتوى مناهج العُلوم العُمانية اهتمت بالجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، مع تنوع في الأنشطة وأوراق العمل (البلوشي، 2019)؛ لتتيح لهذه الفئة العُمرية التخطيط للتجارب بأسلوب علمي، وتسجيل النتائج وتنظيمها وتقديمها على شكل رسومات بيانية أو ملصقات أو جداول، كما تهدف إلى تعليم الناشئة كيفية محاكاة سلوك العُلماء في بناء النظريات والنماذج حول العالم الطبيعي، وتتفق هذه النتيجة مع نتيجة دراسة الحامدية (2019) التي أشارت إلى أن محتوى مناهج العُلوم (سلاسل كامبريدج) تضمن أنشطة استقصائية في كل موضوع من موضوعات العُلوم؛ فمثلًا يُطلب من الطلبة إجراء بعض التجارب كموضوع استقصاء بعض السوائل المختلفة كالأحماض والقواعد المخففة باستخدام الكاشف العام، وتسجيل النتائج وتقديمها على شكل جدول أو استقصاء خارج الغرفة الصفيّة مثلًا كاستقصاء التباين في الأوراق، وذلك من خلال جمع الأوراق ورسمها، وتنظيم النتائج وتقديمها على شكل جدول، وتتفق هذه النتيجة مع نتائج دراسات كل من: البيز (2017)، والحامدية (2019)، والبادري والكندي (2013) .

رابعا: النتائج المتعلقة بالمهارات التقنية:

يوضح الجدول (7) التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات التقنية في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس والتي تتضمن مهارة التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومهارة التعامل مع البيانات والمعلومات ومهارة التعامل مع الوسائط الإعلامية.

جدول 7

التكرارات والنسب المئوية، ومستوى تضمين المهارات التقنية لرؤية عمان 2040 في مناهج كامبريدج للصفين الخامس والسادس.

م

المهارات الأساسية

عدد المؤشرات

الصف الخامس

الصف السادس

النسبة الكلية

رتبة المهارة

مستوى التضمين

ك

%

ك

%

%

1

التعامل مع البيانات والمعلومات

2

75

93.75%

67

83.75%

88.75%

1

مرتفعة جدا

2

التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

1

27

67.5%

36

90%

78.75%

2

مرتفعة جدا

3

التعامل مع الوسائط الإعلامية

1

27

67.5%

36

90%

78.75%

2

مرتفعة جدا

المجموع الكلي

4

129

80.625%

139

86.875%

83.75%

-

مرتفعة جدا

 

يتضح من جدول (7) أن نسبة تضمين المهارات التقنية ظهرت بنسبة (83.75%) بمستوى تضمين مرتفع جدا حيث ظهرت مهارة التعامل مع البيانات والمعلومات بنسبة (88.75%) في المرتبة الأولى وبمستوى تضمين مرتفع جدا وظهرت مهارات التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومهارة التعامل مع الوسائط الإعلامية في المرتبة الثانية وبنفس النسبة وهي: (78.75%) وبمستوى تضمين مرتفع جدا وبفارق ( 10%) فقط عن مهارة التعامل مع البيانات والمعلومات، وقد يعزى ذلك أن العالم التقني أصبح ضروريا ومهما في عالم اليوم فلا يمكن أن تتماشى المناهج مع الطلبة في الوقت الحاضر بالأسلوب التقليدي القديم فالطلبة في عصرنا الحالي يتعاملوا مع التقنية بصورة مستمرة، ولجذبهم للتعلم لابد من مواكبة التطور التكنولوجي الهائل لذا كان حرّي على وزارة التربية والتعليم عند البحث عن مناهج علوم بديلة للمناهج الوطنية السابقة أن تكون حريصة كل الحرص على الاهتمام بالجانب التقني والتكنولوجي من جهة وحريصة أيضا أن تكون هذه المناهج مرتبطة بمهارات المستقبل والتي تعد المهارات التقنية أحد المهارات الرئيسية فيها حسب ما ورد في وثيقة الإطار الوطني العماني لمهارات المستقبل (2021) والتي أكّدت على استخدام الأجهزة الرقميّة، والمنصات والتطبيقات للبحث عن المعلومات المختلفة، وكذلك تتوافق هذه النتيجة مع فلسفة التعليم في سلطنة عُمان إذ اعتبرت أن التقانة مطلب أساسي في كافة نواحي التطوير وخاصة في مجال التعليم . (وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار،2021).

التوصيات

في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة، يُمكن تقديم التوصيات التالية:

  1. تعزيز مستوى تضمين مهارة الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية في محتوى مناهج العُلوم العُمانية للصفي الخامس والسادس من مستوى تضمين متوسط إلى أعلى من المتوسط؛ باعتبارها أحد المهارات التي تهدف رؤية عمان 2040 لتحقيقها، وهذا ما أكّدته التوجهات العالمية في المناهج الحديثة.
  2. تكثيف الاهتمام بتمكن الطلبة من مهارات الرؤية بحيث يكتسب الطالب المهارة كمهارة يمكن الاستفادة منها فيما بعد وفي المراحل الدراسية المختلفة كون مناهج كامبريدج عبارة عن سلسلة تتابع فيها الأهداف والمخرجات وتترابط بين المراحل الدراسية.
  3. الاهتمام بتضمين جميع مؤشرات مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج العُلوم للفي الخامس والسادس؛ لأن بعض المؤشرات لم تُضمن في المحتوى لهذه المناهج.
  4. التركيز في عملية التقويم لأداء الطلبة على قياس توافر مهارات رؤية عمان 2040 ومدى تمكن الطلبة من هذه المهارات باعتبارها ركيزة مهمة تقوم عليها رؤية 2040 حيث أن هذه لا يعتبر عبء إضافي وانما من اساسيات عملية التقويم.

المقترحات

  1. دراسة مستوى تضمين مهارات رؤية عمان 2040 في محتوى مناهج العلوم للصفوف (7-11).
  2. فعالية برنامج تدريبي مقترح لمعلمي العلوم في تنمية مهارات التدريس المرتبطة بالاستقصاء العلمي وتدريسه بالطريقة الصحيحة لضمان تفعيل جميع مهارات رؤية 2040.
  3. إجراء دراسة مقارنة تحليلية بين محتوى مناهج العُلوم العُمانية في الحلقة الأولى والحلقة الثانية في ضوء مهارات رؤية عمان 2040.