افتتاحية العدد
| الباحث المراسل | محمد حمود العامري | جامعة السلطان قابوس |
تاريخ نشر البحث :2025-01-06
افتتاحية العدد
يسر جامعة نزوى تدشين العدد الأول من مجلة الخليل لدراسات الفنون والتصميم، وهي مجلة محكمة نصف سنوية تهتم بمجالات الدراسات في الفنون والتصميم بأنماطها المختلفة والمتمثلة في الفنون الجميلة، والفنون التطبيقية، والفنون البصرية، والفنون التشكيلية، والتربية الفنية وغيرها من الفنون ذات العلاقة، والتي أصبحت اليوم مجالات متداخلة ومترادفة في كثير من المعاني المشتركة التي تجمعها مجلة الخليل في نطاق واسع بمسمى الدراسات في الفنون والتصميم. كما تتقاطع بقوة مع الدراسات البينية سواء على مستوى مجالات الفنون الأخرى مثل: الموسيقى، والمسرح، وفن السينما وصناعة الأفلام، أو غيرها من المجالات البينية ذات العلاقة بالفنون والتصميم مثل: التربية وعلم النفس، والعلاج بالفن، وعلم الاجتماع والآثار والتاريخ وعلوم الجغرافيا، والإعلام وغيرها من العلوم ذات الطبيعة المشتركة مع الفن والتصميم.
في افتتاحية العدد الأول من المجلد الأول من مجلة الخليل لدراسات الفنون والتصميم، سيجد القارئ موضوعات مهمة تناولها باحثون وفنانون من مختلف الدول العربية؛ حرصا من هيئة تحرير المجلة على إتاحة الفرص للنشر وإمداد المجلة ببحوث رصينة وحديثة في الوقت نفسه، إذ تضمن العدد الأول 5 بحوث علمية باللغة العربية تجمع ما بين البحوث الوصفية التحليلية لقضايا مهمة في مجال الفنون والتصميم، والبحوث التنظيرية لجوانب تطبيقية عملية في مجال الفنون التشكيلية، مع تقرير باللغة الإنجليزية عن الكونجرس العالمي للتربية من خلال الفن، والذي انعقد العام الماضي في الفترة من 8-4 سبتمبر بتركيا، وكان ذلك إيمانًا من المجلة بإطلاع القارئ والباحث في مجال الفنون وتعليمها بأهم المؤتمرات العلمية في مجال التخصص.
تضمن العدد الأول من مجلة الخليل لدراسات الفنون بحثا بعنوان "الواقع المعزز كمدخل تجريبي مستحدث في التصوير المعاصر: معرض ألوان الروح أنموذجاً" للباحثة الأكاديمية الفنانة نادية وهدان أحمد، هدفت من خلاله تقديم تجربة فنية غنية، معتمدة على التكنولوجيا الحديثة والواقع المعزز، فاتحةً الباب لعوالم افتراضية تفاعلية، تم دمجها مع البيئة الحقيقية من خلال الأجهزة الذكية. كما يهدف هذا البحث إلى استعراض جوانب العلاقة المتبادلة بين الفنون والثقافة والتكنولوجيا من خلال أعمال فنية تجسِّد أفكاراً عن الواقع المعاصر، والكشف عن التغيُّر في طريقة تناول الشكل الذي يتطلب فكرا جديدا ومستوى غير مألوف في الرؤية الفنية المعاصرة.
كما تضمن العدد بحثا بعنوان "إستطيقا الفارابي البصرية ومدى تأثرها بفلسفة الجمال الإغريقية: دراسة استقصائية" للباحثيْن الأكاديمييْن بدر بن محمد المعمري ونجلاء بنت سالم السعدية، وهو من البحوث الفلسفية التي تهتم بفلسفة الجمال وتلقي الأعمال الفنية. تحاول هذه الدراسة إعادة النظر في فلسفة الفارابي الجمالية من خلال استقصاء مدى تأثرها بما سبقها من النظريات والفلسفات اليونانية والرومانية وما بعدها من فكر ثوري حول فلسفة الجمال. ولقد خلُصت هذه الدراسة بتبيان الأثر المباشر للدين الإسلامي في تحديد رؤية الفارابي لمفهوم الجمال، وأن عملية الفصل بين الخطوط العريضة للفن الإسلامي وبين فلسفة الجمال للفارابي ستضر بشكل مباشر لا ريب فيه بتلك الفلسفة وإسهاماتها.
أما البحث الثالث فقد حمل عنوان "البُعد الميتافيزيقي في المشهد التشكيلي للفنان "سعد العبد": دراسة تحليلية لمعرض (ترانيم العشق)" للباحث الأكاديمي سعد السيد سعد العبد، وهو من البحوث التنظيرية التي تنظِّرُ الممارسة الفنية في إطار علمي وفني، وفق مناهج البحث والممارسة في مجال الفنون والتصميم. هدف هذا البحث إلى الكشف عن مداخل الإبداع لدى الفنان وأعماله الفنية بهذا المعرض محل الدراسة، وقد قام الباحث بتقديم تحليل نقدي وصفي لعدد (138) عملاً تصويرياً تم تصنيفها بحسب مصادر الإلهام لدى الفنان. وقد أظهرت نتائج البحث تنوع الإنتاج الفني لدى الفنان تبعاً لمصادر الإلهام، كما أظهر التحليل الوصفي للأعمال الفنية مستوى عالٍ من الجماليات الفنية والتقنية التي يمكن تبنيها في إنتاج الأعمال الفنية في التصوير المعاصر.
والبحث الرابع ذهب لتقديم تجربة تعليمية فنية حمل عنوان " فاعلية برنامج تدريبي مقترح في تصميم وإنتاج الموضة الابتكارية لطالبات برنامج تصميم الأزياء بسلطنة عُمان" وهو للباحثة رحاب رجب محمود حسان هدفت من خلاله إلى تنمية معارف ومهارات واتجاهات عيِّنة من الطالبات الفائقات والموهوبات في تخصص تصميم الأزياء بجامعة نزوى، وتحديدا في إنتاج الموضة الابتكارية في الأزياء. تضمن البحث دراسة تحليلية لمفهوم التفكير الإبداعي: مكوناته ومراحله، والطلبة الفائقون والموهوبون واستراتيجيات تعليمهم فنياً، والموضة الابتكارية وما بها من ابتكارات تخص موضة القص والحرق بالليزر، وموضة الطباعة ثلاثية الأبعاد مع اقتراح برنامج تدريبي تم تجربة وحدة دراسية تخص أعمال مصممة الأزياء الطليعية "ايرس فان هربن"، وقد أظهر البحث نتائج على المستوى العملي التطبيقي وأيضا على مستوى بحث اتجاهات الطلبة حول تجربة إنتاج الموضة الابتكارية في تصميم الأزياء وكانت النتائج إيجابية، كما خرج البحث بعدد من التوصيات المهمة لتفعيل الابتكار في مجالات الفنون وتحديدا في تصميم الأزياء والموضة الابتكارية.
أما البحث الخامس والأخير في هذا العدد للباحث شوقي الموسوي والموسوم بـ "التوظيف الجمالــي للموروث الشعبـــي في التشكيل الخليجي المعاصر" وكان هدف الباحث تقصي التوظيف الجمالي للموروث الشعبي في التجربة الخليجية المعاصرة، في محاولة من الباحث الكشف عن التطبيقات الجمالية للتراث والموروث الشعبي وآلياته الاشتغالية في الفن المعاصر بشكل عام والخليجي المعاصر بشكل خاص. استعرض الباحث عدد (62) عملاً لفنانين مختلفين من دول الخليج العربي، بالإضافة إلى تحليل وصفي معمق لعينة مكونة من (5) أعمال تصويرية عكست جماليات التوظيف الجمالي للمورث الشعبي في الفنون التشكيلية. أظهر البحث قدرة الفنان الخليجي في التعبير التشكيلي عن جماليات الموروث الشعبي بمفردات تراثية عديدة وأساليب تصويرية مختلفة اعتمدت على الذاكرة البصرية للفنان التي استقى موضوعاته من الواقع ومن مشاهداته البصرية من حوله.
شمل العدد أيضا على تقرير مختصر من إعداد الأكاديمية مارتينا ريدلر عن "مؤتمر الكونجرس العالمي لمنظمة إنسيا للتربية من خلال الفن InSEA" الذي عقد في الفترة من 4-9 سبتمبر 2023 بمدينة تشاناكالي، تركيا. تم تنظيم المؤتمر بالتعاون مع المنظمة الدولية للتربية من خلال الفن (The International Society for Education Through Art [InSEA]) وجامعة تشاناكالي أونسيكيز مارت (تركيا) وجمعية البحوث التعليمية التركية (EAB)، بالتعاون أيضا مع جمعيتين تركيتين لتعليم الفنون. "خطوط التصدع" وهو موضوع الكونغرس الرئيس المستمد من الوضع الجولوجي للموقع، مع وجود خطوط التصدع التي تمر عبرها هذه المنطقة والوعي بالتغيرات التي تمر بها المنطقة والتي تشهد تغيرًا كبيرًا في مفاهيم التغيير في التربية الفنية في القرن الحادي والعشرين، وقد وضحت الكاتبة العلاقة بين ثيمة الكونجرس وعلاقتها بتعليم الفنون بطريقة جذابة ومنطقية بحيث يبقى التسأول قائماً هل ستعمل الفنون والتربية على تعميق الصدوع في المجتمع أم أنها تصبح جسراً ومساراً لنا في القرن الحادي والعشرين؟ وكيف يمكن أن يُسهم تعليم الفنون في حل تحديات اليوم؟
جمع مؤتمر/كونجرس InSEA العالمي ما يقرب من 100 جلسة في الموقع، و27 ورشة عمل نظرية وعملية في الموقع، وأربع كلمات رئيسية تم بثها أيضًا بشكل مباشر Live، ومعرض فني رقمي محكَّم، ومعرض محكَّم في الموقع، ومعرض طلابي في معرض الفنون الجميلة بالمدينة، بالإضافة إلى التجمعات الأخرى ذات الصلة، بالإضافة إلى تقديم 130 ورقة بحثية تم عرضها في 27 جلسة افتراضية حيَّة عبر برنامج ZOOM والعديد من ورش العمل.
تم معالجة فكرة "خطوط التصدع" في الكونجرس العالمي للتربية- من خلال فنون متنوعة- من قبل الباحثين والفنانين ومربي الفن وتم تقديم وجهات نظر مختلفة من خلال العروض التقديمية، وشملت على سبيل المثال موضوعات مثل: التعلُّم من خلال الفن، ممارسة الفصول الدراسية، العدالة الاجتماعية والتغيير والإنصاف، والعنصرية والتمييز، ما بعد الحداثة والتربية الفنية، ما بعد الاستعمار والهُويَّة والغيرية، الفن والتعليم والاستدامة، الإدماج والإعاقة والفن والتعليم، إعادة صياغة مناهج تعليم الفنون، والمشاركة الاجتماعية والمجتمعية، وما بعد الإنسانية والفن. وجميع تلك الموضوعات مهمة للفنون والتصميم وأصول تدريسها وفق الواقع والاتجاهات المعاصرة في الفن والتصميم.
ترحب المجلة بالبحوث الرصينة من جميع دول العالم وتنشر باللغتين العربية والإنجليزية وتشمل البحوث الوصفية التنظيرية، والبحوث التجريبية وشبه التجريبية، والبحوث المعتمدة على الممارسة والتطبيقات الفنية للفنانين وتجاربهم وفق أصول النشر للبحوث العلمية وتوثيقها وفق نظام (APA) النسخة السابعة.
كما ترحب المجلة أيضا بالمقالات البصرية والتي تعتمد بشكل كبير على الصور والأشكال البصرية عن الكلمات والألفاظ مع وجود بناء علمي لها وفق المتعارف عليه حاليا في المجلات العالمية، وهي مقالات بصرية تنظِّر لقضية أو موضوع فني يحاول من خلاله الباحث سبر أغوار القضايا بصريًّا مع النظير لها؛ للوصول إلى حلول ومقترحات للقضايا التي تواجه العالم اليوم مثل قضايا الاحتباس الحراري، أو التلوث البيئي، أو التنمية المستدامة، والحريات، والعنصرية، والديمقراطية وغيرها من القضايا، بحيث يتم معالجتها من خلال الفن والتصميم والمجالات الفنيةالأخرى ذات العلاقة.
ترحب المجلة أيضا بالمراجعات الخاصة بالكتب الحديثة، والمؤتمرات الدولية ذات الأهمية الكبرى للفن والتصميم، كذلك ترحب المجلة بالأكاديميين الباحثين لينضموا إلى أسرة تحكيم أبحاث المجلة من خلال الاشتراك والتسجيل المباشر على الموقع بصفتهم محكمين دائمين للمجلة.
وأخيرا تتمنى أسرة تحرير مجلة الخليل لدرسات الفنون والتصميم للقارئ الاستمتاع ببحوث العدد الأول وتتمنى أيضا استمرارية وتألق المجلة وتحقيق أهدافها إلى رحاب أوسع وعالمية تصل شهرتها في جميع بقاع العالم.
رئيس تحرير المجلة:
أ. د. محمد بن حمود العامري